نسبة موضوع المسائل إلی موضوع العلم
ثمّ إنّ ما اشتهر فی الألسن ، وتلقّاه الأعلام بالقبول ؛ من أنّ قضایا العلوم
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 12 لیست إلاّ قضایا حقیقیة ، وأنّ نسبة موضوع المسائل إلی موضوع العلم کنسبة الطبیعی إلی أفراده إنّما یصحّ فی بعض منها ، کالعلوم العقلیة والفقه واُصوله ؛ فإنّ غالب قضایاها حقیقیة أو کالحقیقیة ، والنسبة ما ذکروه فی جملة من مسائلها ، دون جمیع العلوم ؛ إذ قد یکون قضایا بعض العلوم قضایا جزئیة ـ کالجغرافیا وأکثر مسائل علم الهیئة والتأریخ ـ وتکون النسبة بین موضوع المسائل وما قیل إنّه موضوع العلم نسبة الجزء إلی الکلّ ، وربّما یتّفق الاتّحاد بین الموضوعین کالعرفان ؛ فإنّ موضوعه هو الله ـ جلّ اسمه ـ وموضوع جمیع مسائله أیضاً هو سبحانه ، ولیسا مختلفین بالطبیعی وفرده والکلّ وجزئه .
وأسوأ حالاً من هذا : ما اشتهر من أنّ موضوع کلّ علم ما یبحث فیه عن عوارضه الذاتیة ـ سواء فسّرت بما نقل عن القدماء أو بما عن بعض المتأخّرین بأنّها ما لا یکون لها واسطة فی العروض ـ إذ هو ینتقض بعلمی الجغرافیا والهیئة وما شابههما ممّا یکون النسبة بین الموضوعین نسبة الکلّ إلی أجزائه ؛ فإنّ عوارض موضوعات مسائلها لاتصیر من العوارض الذاتیة لموضوع العلم ـ علی التفسیرین ـ إلاّ بنحو من التکلّف ؛ ضرورة أنّ عارض الجزء وخاصّته عارض لنفس الجزء الذی هو قسمة من الکلّ ومتشعّب عنه ، لا لنفس الکلّ الذی ترکّب منه ومن غیره . اللهمّ إذا تشبّث القائل بالمجاز فی الإسناد .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 13 واعطف نظرک إلی علم الفقه ؛ فتراه ذا مسائل ومبادٍ ، مع أنّ البحث عنها لیس بحثاً عن الأعراض ؛ فضلاً عن کونها أعراضاً ذاتیة ؛ إذ الأحکام الخمسة لیست من العوارض بالمعنی الفلسفی ، أوّلاً . اللهمّ إلاّ أن تعمّم الأعراض للمحمولات الاعتباریة بضرب من التأویل .
ولو سلّم کونها أعراضاً فی حدّ نفسها فلیست أعراضاً ذاتیة لموضوعات المسائل ، ثانیاً . إذ الصلاة بوجودها الخارجی لاتکاد تتّصف بالوجوب ؛ لأنّ الخارج ـ أعنی إتیان المأمور به ـ ظرف السقوط بوجه لا العروض ، ولابوجودها الذهنی ؛ لظهور عدم کونه هو المأمور به ، وعدم کون المکلّف قادراً علی امتثال الصورة العلمیة القائمة بنفس المولی .
والقول بکون الماهیة معروضة لها مدفوع بأنّ الوجدان حاکم علی عدم کونها مطلوبة ، بل معنی وجوبها : أنّ الآمر نظر إلی الماهیة ، وبعث المکلّف إلی إیجادها ، فیقال : إنّ الصلاة واجبة ، من غیر أن یحلّ فیها شیء ویعرضها عارض .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 14