حول تبدیل الامتثال بامتثال آخر
وأمّا ما اشتهر من جواز تبدیل الامتثال بامتثال آخر فلم نقف علی معنی محصّل له ؛ إذ لا نتصوّر تعدّد الامتثال بالنسبة إلی أمر واحد ، کما مرّت الإشارة إلیه ؛ إذ الامتثال دائر أمره بین الوجود والعدم ، فلو حصل الامتثال بفعله مرّة فقد سقط أمره ، ولا موضوع للامتثال ثانیاً ، وإن لم یحصل ، کما إذا کان الأوّل فاقداً لبعض الأجزاء والشرائط لم تصل النوبة إلی امتثال آخر .
فإن قلت : ربّما یکون الغرض باقیاً مع سقوط الأمر ، کما لو أمر بإحضار
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 257 الماء ، وامتثل المکلّف ، ثمّ اتّفق هراقته ؛ فإنّ الأمر قد سقط بتمکین المولی من الماء ، إلاّ أنّ الغرض التامّ ـ وهو رفع العطش ـ باقٍ بعد ولیس له الاکتفاء بما امتثل أوّلاً بعد علمه بعدم حصول غرضه وملاکه .
قلت : إنّ ذلک خلط بین تبدیل الامتثال وبین وجوب تحصیل الغرض المعلوم للمولی ، فما هو موجب لصحّة العقوبة لیس عدم امتثاله أمره بل فوت غرضه ؛ ولو لم یکن هنا أمر .
وبالجملة : أنّ العلم بالملاک یتمّ الحجّة علی العبد بتحصیل الغرض التامّ ؛ وإن لم یکن هناک أمر ولا بعث ، کما إذا وقع ابن المولی فی هلکة وکان المولی فی غفلة عنه ، فلم یأمر عبده بإنجائه ، فیلزم علیه إنجاؤه ؛ بحیث یستحقّ العقوبة لو ترکه ؛ لأنّ الأمر وسیلة لتحصیل الغرض وآلة للبعث ولا موضوعیة له ، ولذا لو اطّلع علی غرض غیر لازم التحصیل ، وفرضنا أنّ المولی لم یأمره بتحصیله یحسن له تحصیله ، ویصیر مورداً للعنایة مع عدم کونه امتثالاً .
والحاصل : أنّه لاملازمة بین سقوط الأمر وحصول الغرض ، وما ذکر من المثال فی الإشکال لیس من باب تبدیل الامتثال بامتثال آخر . وجعله من هذا الباب مبنی علی تخیّل الملازمة بینهما ؛ حتّی یکون وجود الغرض کاشفاً عن وجود الأمر وبقائه ، وهذا ذهول عن أنّ الأمر قد سقط بإتیانه بتمام قیوده ، والداعی إلی الإتیان ثانیاً هو العلم بالملاک لاثبوت الأمر وبقاؤه .
ویرشدک إلی عدم الملازمة ـ مضافاً إلی ما عرفت ـ أنّه إذا امتثل أمر المولی بإتیان ماء للشرب ، ثمّ وقف علی مصداق آخر أوفی بغرضه فأتی به ؛ لیختار المولی أحبّهما إلیه فلا محالة یحصل الامتثال بأوّل الفعلین ، والثانی موجب لوقوعه مورداً للعنایة لإتیانه ما هو أوفی بغرضه ، ولیس من الامتثال فی شیء ، ولا من تبدیل
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 258 الامتثال بآخر منه ، ولا تفاوت فی ذلک بین عدم حصول الغرض من أصله ، کما إذا تلف الماء ، أو عدم حصول الغرض الأقصی منه لبقاء عطشه وعدم شربه .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 259