تتمیم : فی الإتیان بالموقّت خارج الوقت
الحقّ : أنّه لا دلالة للأمر بالموقّت علی وجوب الإتیان به فی خارج الوقت ، بل هذا هو الحکم فی سائر التقییدات ؛ ضرورة أنّ کلّ أمر لا یدعو إلاّ إلی ما تعلّق به ؛ إذ کلّ حکم فهو مقصور علی موضوعه ، والمفروض ، أنّ البعث علی الطبیعة المتقیّدة بالوقت ، فلو قلنا بدعوته خارج الوقت لزم کونه داعیاً إلی غیر متعلّقه .
وبالجملة : أنّ الدعوة إلی الموقّت بعد خروجه محال ؛ لامتناع إتیانه ، وإلی غیر الموقّت کذلک ؛ لعدم کونه متعلّقاً . ودعوة الأمر إلی الطبیعة فی ضمن المقیّد لا توجب دعوته إلیها مطلقة وعاریة عن القید .
وأمّا التفصیل الذی أفاده المحقّق الخراسانی : من أنّه لو کان التوقیت بدلیل منفصل ، وکان لدلیل الواجب إطلاق لکان قضیة إطلاقه ثبوت الوجوب بعد الوقت أیضاً ، فخروج من حریم النزاع ؛ إذ البحث فی دلالة نفس الموقّت بعد کونه موقّتاً فیما لم یدلّ علی البقاء دلیل اجتهادی ؛ من إطلاق أو عموم .
وربّما یتمسّک لبقاء الأمر بعد خروجه بالاستصحاب .
والتحقیق : عدم جریانه ؛ لاختلاف القضیة المتیقّنة والقضیة المشکوک فیها ، ومع اختلافهما وتعدّدهما فی نظر العرف ینهدم أساس الاستصحاب .
وتوضیح الاختلاف : أنّ مصبّ الحکم ومحطّ الوجوب فی الأحکام الشرعیة هو نفس العناوین الکلّیة مع قیودها من الزمان والمکان ، والعنوان المقیّد وذات
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 523 العنوان مختلفان فی نظر العرف ، والصلاة الموقّتة غیر نفس الصلاة عنواناً ، وغیر الصلاة بلا توقیت ، والقضیة المتیقّنة هی وجوب الصلاة الموقّتة ، والمشکوک فیها هی نفس الصلاة أو الصلاة خارج الوقت ، فإسراء الحکم من المتقیّدة إلی الخالی منها فی القضایا الکلّیة إسراء من موضوع إلی موضوع آخر .
فإن قلت : المسامحة العرفیة فی إثبات وحدة الموضوع أو اتّحاد القضیتین هو المفتاح الوحید لرفع الاختلاف وجریان الاستصحاب .
قلت : نمنع المسامحة إذا کان الحکم متعلّقاً بالعنوان ، کما فی القضایا الکلّیة ، من دون أن یسری إلی الخارج ، کما فی الأحکام الشرعیة ؛ فإنّ محطّ الوجوب هو عنوان الصلاة ، ولا یعقل أن یکون الخارج ظرف العروض ؛ لأنّه ظرف السقوط .
وفی هذا القسم یکون المطلق غیر المقیّد ، والماء المتغیّر غیر نفس الماء ، ولا یسامح ولا یرتاب أیّ ذی مسکة فی أنّ العنوانین متغایران جدّاً ، بل التغیّر ـ ولو یسیراً ـ فی القضیة المتیقّنة الکلّیة یضرّ بالاستصحاب .
وبالجملـة : أنّ القیود فی العناویـن الکلّیـة کلّها مـن مقوّمـات الموضـوع عرفـاً وعقلاً .
نعم ، فرق بین هذا القسم وبین ما لو کان الحکم مجعولاً علی عنوان ، لکن العنوان انطبق علی الخارج وسری الحکم إلیه ؛ بحیث صار الموضوع لدی العرف هو نفس المصداق الخارجی لا العنوان ، کما فی الأحکام الوضعیة ؛ فإنّ النجس و إن کان هو الماء المتغیّر إلاّ أنّه إذا انطبق علی الماء الموجود فی الخارج یصیر الموضوع عند العرف هو نفس الماء ، ویعدّ التغیّر من حالاته ، ویشکّ فی أنّه هل هو واسطة فی الثبوت أو واسطة فی العروض .
وبالجملة : فرق بینما إذا کان الموضوع أو القضیة المتیقّنة نفس العنوان
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 524 المأخوذ فی لسان الدلیل ـ کما فی الأحکام التکلیفیة ـ وبین ما إذا کان الموضوع نفس العنوان لکنّه انطبق علی الخارج وصار الخارج موضوعاً للحکم فی نظر العرف . فالمسامحة العرفیة إنّما هو فی القسم الثانی دون الأوّل .
ویترتّب علی ذلک ما لو باع فرساً عربیاً ، ثمّ ظهر کون المدفوع إلی المشتری غیر عربی ؛ فإنّ البیع تارة یتعلّق بعنوان الفرس العربی ، وحینئذٍ لا یکون المدفوع مصداقاً له ، واُخری علی هذا الفرس الخارجی بعنوان کونه عربیاً ، فیکون المدفوع مصداقاً للمبیع ، وللمشتری إعمال خیار تخلّف الشرط . وهذا مجمل ما اخترناه فی محلّه ، وسیجیء له تفصیل فی الجزء الثالث بإذن الله تعالی .
وبذلک یظهر النظر فیما یقال : إنّ المقیّد إذا وجب ینسب الوجوب إلی المهملة ، فیکون نفس الطبیعة واجبة ، فشکّ فی بقائه ؛ لأنّ متعلّق الوجوب إذا کان مقیّداً أو مرکّباً یکون موضوعاً واحداً ، فالواجب هو المقیّد بما هو کذلک ، ولیس للمهملة وجوب حتّی یستصحب .
وما قیل من الوجوب الضمنی ، لا أصل له ولا ینحلّ الوجوب إلی وجوب متعلّق بنفس الطبیعة ووجوب متعلّق بقیدها ، کما اشتهر فی الألسن . فالمتیقّن هو وجوب المقیّد ، وهو لیس بمشکوک فیه ، فلا یجری الاستصحاب بعد رفع القید .
تمّ الکلام فی المقصد الأوّل (الأوامر) وحان البحث فی المقصد الثانی (النواهی) وذلک فی شهر رجب المرجّب من شهور عام 1372 ه··· . ق. والحمد لله ربّ العالمین
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 525
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 526