نقل وبحث : فی ضابط قیود الهیئة والمادّة
یظهر من تقریرات بعض محقّقی العصر ضابط عقلی آخر فی الفرق بین نحوی القیدین ؛ وهو أنّ القیود لو کانت ممّا یتوقّف علیه اتّصاف المأمور به بکونه ذا مصلحة فی الخارج ـ کالزوال والاستطاعة بالنسبة إلی الصلاة والحجّ ـ فهو من شرائط الوجوب ، ولو کان ممّا یتوقّف فعلیة المصلحة وحصولها فی الخارج علی تحقّقها ؛ بمعنی أنّها لا تکاد تحصل إلاّ إذا اقترن الفعل بتلک القیود والشرائط ـ کالطهارة والستر ـ فهو من شروط الواجب ، انتهی ملخّصاً .
وفیه أمّا أوّلاً : فلأنّ ما ذکره فی الشقّ الأوّل غیر صحیح ؛ لا طرداً ولا عکساً .
أمّا الطرد : فلأنّ الغرض الذی یتوقّف علی حصول شیء إذا کان لازم التحصیل مطلقاً تتعلّق الإرادة بتحصیله علی نحو الإطلاق ، ویأمره بإتیانه کذلک ، وعلی المکلّف ـ حینئذٍ ـ أن یأتی به ؛ ولو بإیجاد شرطه .
فإذا کان الحجّ لا یتّصف بالصلاح إلاّ بالاستطاعة ، ولکن کان للمولی غرض مطلق لتحصیل مصلحة الحجّ فلا محالة یأمر عبده بتحصیلها بنحو الإطلاق ، فلابدّ له من تحصیل الاستطاعة ؛ لیصیر الحجّ معنوناً بالصلاح ویأتی به لتحصیل غرضه المطلق .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 315 والحاصل : أنّ القیود الموجبة لکون الشیء ذا مصلحة علی قسمین :
قسم یکون الشیء بوصف کونه صلاحاً مراداً له ومطلوباً مطلقاً ، فتعلّق به الإرادة علی نحو الإطلاق ، فیجب علیه تحصیل الصلاح بتحصیل الاستطاعة ؛ لکون الصلاح مراداً مطلقاً ، وإن کان اتّصاف المورد بالصلاح یتوقّف علی شیء آخر ، لکن لعلّة کونه مطلوباً مطلقاً یحرّکه إلی إیجاد القید أیضاً . فحینئذٍ یکون القید ـ لا محالة ـ راجعاً إلی المادّة .
وقسم یکون ما هو المصداق لقولنا إنّه ذو صلاح هو الموضوع المقیّد ، إلاّ أنّ البعث لم یتعلّق بکلا الجزئین بطور الإطلاق بل تعلّق علیه لو حصل هذا بنفسه ، فیرجع إلی الهیئة لا محالة .
فتلخّص : أنّ الجزء الموجب لکون الشیء ذا صلاح علی قسمین ، لا یتعیّن لواحد منهما إلاّ بملاحظة ضابط آخر .
وأمّا العکس : فلأنّ الاُمور التی یتوقّف الواجب علیها عقلاً ـ کالقدرة والعقل ـ ممّا تعدّ من قیود الهیئة ، مع أنّها لا توجب اتّصافه بالصلاح فی إنقاذ ابن المولی مع عجز العبد .
وأمّا ثانیاً : فلأنّه یرد علی الشقّ الثانی من الضابط أنّ قیود المادّة ـ کالطهارة والاستقبال ـ دخیلة فی اتّصاف الموضوع بالصلاح ؛ فإنّ الصلاة بدون الطهارة والقبلة لا مصلحة فیها ، فیلزم أن یکون من قیود الهیئة ؛ لأجل ما قرّر من المیزان ، مع أنّه من قیود المادّة . وبالجملة : أنّ الصلاة بدون هذین القیدین إمّا أن تکون ذات مصلحة أولا . وعلی الثانی یلزم أن یکون قیداً للوجوب علی الملاک الذی ذکره ؛ من أنّ ما یتوقّف علیه اتّصاف الفعل بکونه ذا مصلحة فی الخارج فهو قید للوجوب .
وعلی الأوّل یلزم هدم ضرورة المسلمین ؛ لأنّ الضرورة حاکیة عن أنّ الصلاة
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 316 بلا طهور وقبلة لیست فیه مصلحة ، ولیس الستر والطهارة کالآلات الفاعلیة فی إیجاد موضوع ذی صلاح بالضرورة .
فظهر : أنّ ما ذکره مخدوش من جهات ، إلاّ أن یرجع إلی ما ذکرنا وهو بعید من ظاهره .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 317