تحقیق للمقام
الثالث ـ وهو الموافق للتحقیق والارتکاز العرفی والاعتبار العقلائی ـ هو أنّ لفظ المشتقّ الاسمی القابل للحمل علی الذوات ـ کأسماء الفاعل والمفعول والزمان والمکان والآلة ـ موضوع لأمر وحدانی مفهوماً ، قابل للانحلال إلی معنون مبهم
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 167 وعنوان دون النسبة ، وأنّ المشتقّ متوسّط بین الجوامد التی هی بسائط لفظاً ودلالة ومدلولاً ، وبین المرکّبات تفصیلاً ، التی هی مرکّبات فی اللفظ والدلالة والمدلول ترکیباً تفصیلاً ، والمتوسّط بینهما هو المشتقّ ، فهی أمر وحدانی لفظاً ودلالة ومدلولاً فی النظرة الاُولی ، ولکنّه ینحلّ إلی شیئین فی المقامات الثلاث عند التحلیل والتجزئة عقلاً .
توضیحه : أنّ الصور الحاصلة من الموجودات المادّیة مثلاً فی القوّة الخیالیة : تارة یکون ذات الشیء بلا وصف عنوانی ، واُخری یکون معه . والثانی علی قسمین ؛ لأنّ الحاصل فیها قد یکون الذات مع العنوان بنحو التفصیل ؛ بحیث یتعلّق بکلّ من الذات والوصف إدراک مستقلّ ، وقد یکون الذات والعنوان مدرکین بما أنّهما الشیء المعنون الوُحدانی .
فهذه أنحاء ثلاثة ؛ فالحاکی عن الأوّل هو الجوامد کلفظ الجسم ؛ فإنّه یحکی من الذات فقط ، وعن الثانی هو اللفظ المرکّب من لفظین أو أزید نحو قولک «زید له البیاض» وعن الثالث هو المشتقّ نحو أبیض ؛ إذ هو حاکٍ لاعن الذات فقط وعن ذات وعنوان تفصیلاً ، بل عن المعنون بما أنّه مفهوم وحدانی ینحلّ إلیهما عند العقل لاعند الإطلاق .
وإن شئت قلت : لفظ الجسم بسیط دالاًّ ومدلولاً ودلالة ، فلا یدلّ إلاّ علی معنی وحدانی ، لیس فی هذه العوالم الثلاث إلاّ وحدانیاً غیر قابل للانحلال ، وقولک «جسم له البیاض» أو «شیء معنون بالأبیضیة» یدلّ بالدلالات المستقلاّت وبالألفاظ المنفصلة علی المعانی المفصّلة المشروحة ، ولفظ الأبیض دالّ علی المعنون بما هو کذلک ، لابنحو التفصیل والتشریح ، بل بنحو الوحدة .
فالدلالة والدالّ والمدلول لکلّ منها فی المشتقّ وحدة انحلالیة فی عالم
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 168 الدلالة والدالّیة والمدلولیة .
فإن قلت : إنّ الجسم ینحلّ بحسب المعنی إلی مادّة وصورة ، ضرورة ترکّبه منهما ، فکیف یکون غیر منحلّ مدلولاً أیضاً ؟ فلا فرق بین الجسم والمشتقّ بحسب المدلول ؛ بدویاً أو انحلالیاً .
قلت : انحلال الجسم إلی المادّة والصورة إنّما هو فی ذاته لابما أنّه مدلول لفظـه ، بخلاف العالم فإنّ انحلالـه إلی المعنون والعنوان انحـلال فی المدلول بما أنّـه مدلوله .
وبعبارة ثانیة : کما أنّ المادّة والهیئة فی المشتقّات کأنّهما موجودان بوجود واحد کذلک فی الدلالة ؛ فإنّ دلالتهما دلالتان فی دلالة واحدة ، والمفهوم منهما مفهومان فی مفهوم واحد ، وفی الخارج کأنّهما موجودان بوجود واحد ، والمعنون الذی هو مفهوم المشتقّ یقبل الحمل والجری علی الأفراد ؛ فزید فی الخارج متّحد الوجود مع الضارب الذی ینحلّ إلی المعنون بالضاربیة .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 169