حول تأسیس الأصل فی مقدّمة الواجب
اعلم : أنّ الملازمة الواقعة بین إرادة ذی المقدّمة وبین إرادة ما یراه مقدّمة ـ علی فرض ثبوتها ـ لیست من قبیل لوازم الوجـود ؛ لما عرفت من أنّ إرادة ذیها غیر مؤثّرة فی إرادة المقدّمة تأثیر العلّة فی المعلول ؛ لأنّ کلاًّ من الإرادتین تحتاج إلی مبادئ برأسها .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 393 کما أنّه لیس من قبیل لازم الماهیة ، وهو واضح وما یقال بل إنّه من هذا القبیل ، ویراد منه ما یکون له تقرّر وثبوت فی نفس الأمر غیر صحیح جدّاً ـ حتّی فی الحقائق الخارجیة ـ لأنّ الماهیة مع قطع النظر عن الوجود لا حقیقة لها ؛ فضلاً عن أن یکون لها لازم . ومعنی لازم الماهیة هو ما یکون تبعاً لها عند تجریدها عن کافّة الوجودات ؛ وإن کانت موجودة بهذا اللحاظ المغفول عنه ، ویری العقل حینئذٍ نفس الماهیة بلا توجّه إلی وجودها وموجودیتها مزدوجة مع لازمها ، ومن المعلوم أنّ إرادة المقدّمة لیست لازمة لإرادة ذیها بهذا المعنی .
ثمّ إنّه لا فائدة فی الأصل الجاری فی الملازمة ؛ موضوعیاً کان أو حکمیاً :
أمّا الأوّل : فلأنّ استصحاب عدم الملازمة بنحو النفی التامّ غیر واضح ؛ لکونه مثبتاً . وأمّا النفی الناقص ـ فمع کونه غیر متیقّن فی الزمان الغابر ـ غیر مجدٍ ؛ إذ المیزان فی صحّة الاستصحاب الموضوعی ـ کما سیوافیک بإذن الله فی محلّه ـ هو انطباق کبری شرعیة علی الصغری المحرزة بالأصل ، وهو هنا مفقود ؛ لعدم ترتّب حکم شرعی علی الملازمة وعدمها بلا توسّط أمر عقلی ؛ لأنّ الملازمة لم تکن موضوعة لحکم شرعی ، بل العقل یحکم بعدم الوجوب علی فرض عدم الملازمة وبتحقّقه علی فرض تحقّقها .
وأمّا الثانی : فلأنّ جریانه فرع ترتّب الأثر الشرعی ، وقد عرفت أنّه لا أثر لهذا الوجوب ولا لنفیه شرعاً .
هذا ، ولو أغمضنا عمّا ذکرنا فالأصل جارٍ ؛ حتّی لو احتملنا الملازمة
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 394 المطلقـة شأنیا وفعلیاً ؛ لأنّ المقام من مصادیق المشکوک الذی هـو محـطّ جریان الأصل ، ولایشترط إحراز إمکانه ، بل یکفی عدم العلم بامتناعه ، وإلاّ لما صحّ التمسّک بالإطلاق فی الأفراد الذی نشکّ فی تعلّق الجعل به مع احتمال عدم إمکانه ، وهو کما تری .
وما یقال : إنّ جریانه مستلزم للتفکیک بین المتلازمین ؛ لکونه من قبیل لوازم الماهیة أو الوجود غیر وجیه ولا مسموع ؛ إذ فیه ـ مضافاً إلی ما فی دعوی کونه من قبیلهما ، کما تقدّم ـ أنّه لایلزم من جریانه التفکیک الواقعی ، والظاهری منه لا إشکال فیه ، مع أنّه ـ لو سلّم ـ یلزم احتمال التفکیک ، وهو لایمنع عن جریان الأصل ؛ لعدم جواز رفع الید عن الأدلّة الشرعیة بمجرّد احتمال الامتناع .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 395