الثانیة : فی المراد من الاقتضاء فی عنوان البحث
لیس الاقتضاء الواقع فی تحریر محلّ البحث بمعنی العلّیة والسببیة ؛ بحیث یکون إتیان المأمور به فی الخارج بحدودها مؤثّراً فی الإجزاء ـ بأیّ معنی فُسّر ـ وظنّی أنّ ذلک واضح ؛ لانتفاء العلّیة والتأثیر فی المقام ؛ سواء فسّر الإجزاء بالمعنی اللغوی ـ أعنی الکفایة ـ أم بشیء آخر من سقوط الأمر أو الإرادة .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 251 أمّا علی الأوّل : فلأنّ الکفایة عنوان انتزاعی لایقع مورد التأثّر والتأثیر . والعجب من المحقّق الخراسانی ؛ حیث جمع بین الالتزام بکون الاقتضاء بمعنی العلّیة وبین القول بأنّ الإجزاء هو الکفایة .
وأمّا علی الثانی : فلأنّ الإتیان لیس علّة مؤثّرة فی سقوط الأمر ، کما أنّ السقوط والإسقاط لیسا من الاُمور القابلة للتأثیر والتأثّر اللذین هما من خصائص التکوین .
وأمّا الإرادة فالأمر فیها أوضح ؛ لأنّ الإتیان لایصیر علّة لانعدام الإرادة وارتفاعها ، لا فی الإرادات التکوینیة ولا فی المولویة التی یعبّر عنها بالتشریعیة ؛ إذ تصوّر المراد بما أنّه الغایة والمقصود مع مبادٍ آخر علّة لانقداح الإرادة فی لوح النفس ، کما أنّه بنعت کونه موجوداً فی الخارج من معالیل الإرادة ، فلا یعقل أن یکون المعلول بوجوده طارداً لوجود علّته .
وأقصی ما یتصوّر لسقوط الإرادة من معنی صحیح عند حصول المراد هو انتهاء أمدها ؛ بمعنی أنّ الإرادة کانت من بدأ الأمر مغیّاة ومحدودة بحدّ خاصّ ، فعند وصولها إلیه لا اقتضاء لها فی البقاء ، لا أنّ لها بقاء والإتیان بالمأمور به قد رفعها وأعدمها ، کما هو قضیة العلّیة .
کما أنّ الأمر لمّا صدر لأجل غرض ـ وهو حصول المأمور به ـ فبعد حصوله ینفد اقتضاء بقائه ، فیسقط لذلک ، کما هو الحال فی إرادة الفاعل المتعلّقة بإتیان شیء لأجل غرض ، فإذا حصل الغرض سقطت الإرادة ؛ لانتهاء أمدها ، لا لعلّیة الفعل الخارجی لسقوطها .
والأولی ـ دفعاً للتوهّم ـ أن یقال : إنّ الإتیان بالمأمور به هل هو مجزٍ ، أو لا ؟
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 252