بحث وتفصیل : فی کیفیة تعلّق الأمر بالطبیعة
هل یتعلّق الأمر بنفس الماهیة أو بما هی ملحوظة مرآة للخارج باللحاظ التصوّری وإن کان اللاحظ یقطع بخلافه بالنظر التصدیقی ؟
قد یقال : إنّ محطّ البحث فی تعلّق الأمر بالطبیعة هی الطبیعة علی النحو
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 493 الثانی ، وأمّا نفس الطبیعة فلا یعقل تعلّق الأمر بها ؛ لأنّها من حیث هی لیست إلاّ هی ؛ لا تکون مطلوبة ولا مأموراً بها ، فلابدّ أن تؤخذ الطبیعة بما هی مرآة للخارج باللحاظ التصوّری حتّی یمکن تعلّق الأمر بها ، انتهی .
ولکن هذا ناشٍ من الغفلة عن معنی قولهم : الماهیة من حیث هی لیست إلاّ هی ؛ ولهذا زعم أنّ الماهیة لا یمکن أن یتعلّق بها أمر .
وتوضیح ذلک : أنّ الماهیة مرتبة ذات الشیء ، والأشیاء کلّها ـ عدا ذات الشیء ـ منتفیة عن مرتبة ذاته ، ولا یکون شیء منها عیناً لها ولا جزءً مقوّماً منها ؛ و إن کان کلّ ما ذکر یلحق بها ، ولکنّه خارج من ذاتها وذاتیاتها ، وهذا لا ینافی لحوق شیء بها .
فالماهیة وإن کانت من حیث هی لیست إلاّ هی ـ أی فی مرتبة ذاتها لا تکون إلاّ نفس ذاتها ـ لکن تلحقها الوحدة والکثرة والوجود وغیرها من خارج ذاتها ، وکلّ ما یلحقها لیس عین ذاتها ولا ذاتیاً لها بالمعنی المصطلح فی باب إیساغوجی .
فالأمر إنّما یتعلّق بنفس الطبیعة من غیر لحاظها متّحدة مع الخارج ، بل لمّا رأی المولی أنّ الماهیة فی الخارج منشأ الآثار ، من غیر توجّه نوعاً إلی کون الآثار لوجودها أو لنفسها فی الخارج فلا محالة یبعث المأمور إلی إیجادها وجعلها خارجیة ، والمولی یری أنّها معدومة ویرید بالأمر إخراجها من العدم إلی الوجود بوسیلة المکلّف .
فلحاظ الاتّحاد التصوّری مع القطع بالخلاف تصدیقاً ـ مع کونه لا محصّل له فی نفسه ـ لا یفید شیئاً . ومع الغفلة عن القطع بالخلاف منافٍ لتعلّق الأمر وتحریک
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 494 المأمور نحو الإیجاد ؛ لأنّ لحاظ الاتّحاد التصوّری ظرف حصول المأمور به عند المولی ، فلا معنی لأن یتعلّق الأمر فی هذا اللحاظ ، بل التحقیق المساعد للوجدان : أنّ الأمر متعلّق بنفس الطبیعة حین توجّه الآمر إلی معدومیتها ، والمولی یرید بالأمر سدّ باب أعدامها وإخراجها إلی الوجود بتوسّط المکلّف . علی أنّ ما قدّمناه مراراً من امتناع مرآتیة الماهیة للأفراد کافٍ فی دفعه ، فتدبّر .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 495