التحقیق فی المقام
وعلی کلّ حال التحقیق : خروج العناوین غیر الاشتقاقیة الصادقـة علی الذات بذاته ـ کالماء والإنسان ـ عن محلّ النزاع ، وقد یعلّل وجه خروجها ـ کما عـن بعض الأعاظم ـ بأنّ شیئیة الشیء بصورته لا بمادّتـه ، فإذا فرضنا تبدّل الإنسان تراباً فما هو ملاک الإنسانیة ـ وهو الصورة النوعیة ـ قد زال ، وأمّا المادّة المشترکة الباقیة ـ وهی القوّة الصرفة لإفاضة الصورة ـ فهی غیر متّصفة بالإنسانیة ، وهذا بخلاف المشتقّات العرضیة ؛ فإنّ المتّصف فیها هو الذات ، وهو باقٍ بعد انتفاء وصفه ، انتهی .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 139 لکنّک خبیر : بأنّ النزاع فی المقام لغوی لا عقلی حتّی یتشبّث بأنّ فعلیة الشیء بصورته لا بمادّته ، وحینئذٍ لا مانع من وضع الإنسان ـ مثلاً ـ للأعمّ ، بعد ما کان عنان الوضع بید الواضع ؛ إذ التسمیة لاتدور مدار هویة الشیء .
أضف إلیه : أنّ انقضاء المبدأ لا یوجب مطلقاً زوال الصورة النوعیة ـ ولو عرفاً ـ کما فی تبدّل الخمر خلاًّ ؛ فإنّهما لیسا حقیقتین مختلفتین بالفصول ، بل هما متّحدان فی الذاتیات متفارقان فی الأوصاف عرفاً ، ومثلهما الماء والثلج ؛ فإنّهما أیضاً لیسا جوهرین متباینین ، بل الاختلاف بینهما من ناحیة الوصف ؛ أعنی اتّصال أجزائهما وعدمه .
هذا ، مع أنّ النزاع لو کان عقلیاً لا یعقل صدق المشتقّ عقلاً علی ما زال عنه المبدأ ، فلا یصدق العالم علی من زال عنه العلم عقلاً بالضرورة .
والظاهر : أنّ وجه خروجها عن محطّ البحث هو اتّفاقهم علی کونها موضوعة لنفس العناوین فقط ، لا للذات المتلبّس بها ـ ولو فی زمانٍ ما ـ وهذا بخلاف المشتقّات ؛ فإنّ دخول الذات فیها أمر مبحوث عنه ومختلف فیه ، فیقع فیها هذا النزاع .
وأمّا الهیئات فی المشتقّات الاسمیة فلا ریب فی دخولها جمیعاً فی محلّ النزاع ؛ سواء کانت منتزعة من نفس الذات ـ کالموجود ـ أم لا ، وسواء کان المبدأ فیها لازماً للذات کالممکن أو مقوّماً للموضوع کالموجود بالنسبة إلی الماهیة أم لا . وکذا لو کانت منتزعة عن مرتبة الذات فی بعض مصادیقه کالعالم بالنسبة إلی البارئ دون بعض .
فجمیع ذلک داخل تحته ، ولایختصّ بما یمکن زواله عن الذات حتّی یتصوّر له الانقضاء ؛ وذلک لأنّ النزاع وقع فی عنوان عامّ ؛ أعنی هیئة المشتقّ ، ووضعها نوعی .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 140 وحیث إنّ زنة الفاعل وضعت نوعیاً لاتّصاف خاصّ ، مـن غیر نظر إلی الموادّ وخصوصیات المصادیق بطل القول بخروج الناطق والممکن ومـا أشبههما ممّا لیس لـه معنون بـاقٍ بعد انقضاء المبدأ عنه ؛ إذ قـد عرفت أنّ النزاع عنون بعنوان عامّ ، وهو کافل لإدخالها تحته ، ولا یکون وضع الهیئات باعتبار الموادّ أو الموارد متکثّراً .
وأمّا العناوین المنتزعة بعنایة دخول أمر وجودی أو عدمی ، حقیقی أو اعتباری ممّا لیس من العناوین الاشتقاقیة ، کالزوجیة والرقیة ؛ سواء کانت موضوعة وضعاً شخصیاً أم نوعیاً ، کهیئة الاسم المنسوب إلی شیء ، کالبغدادی والحمّامی ، فالظاهر دخولها فی حریم البحث .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 141