مقالة المحقّق النائینی فی المقام
فالآن حان حین التنبیـه علی کلمـة صدرت عـن بعض الأعاظم وعلی ما فیه ؛ حیث قال بعد تقسیم المعانی إلی إخطاریة ـ وهی معانی الأسماء ـ وإیجادیة : إنّ معانی الحروف کلّها إیجادیة ؛ حتّی ما أفاد منها النسبة ؛ لأنّ شأن أدوات النسبـة لیس إلاّ إیجاد الربط بین جـزئی الکلام الذی لایحصل بدونها ، وبعد
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 35 إیجاد الربط یلاحظ مجموع الکلام من النسبة والمنتسبین ، فإن کان له خارج یطابقـه کان صدقاً وإلاّ فلا ، انتهی ملخّصاً .
والضعف فیه من وجهین :
الأوّل : أنّ حصول الربط فی الکلام ببرکة الحروف والأدوات أمر مسلّم ، إلاّ أنّ شأنها لیس منحصراً فیه ، والوجدان والتتبّع فی موادّ اللغات المختلفة أصدق شاهدین علی أنّ هذا متفرّع علی استعمالها فی معانیها المختلفة الآلیة ، وأنّها بلا دلالة علی معنی غیر موجدة للربط .
أضف إلی ذلک ما فی قوله : من ملاحظة مجموع الکلام ؛ إذ لا وضع لمجموعه بعد وضع مفرداته ، إلاّ أن یرجع إلی ما سنذکره من دلالة هیئات الجمل علی تحقّق النسب ، والحروف علی الإضافات التصوّریة .
الثانی : أنّـه لا تقابل بین الإخطاری ؛ بمعنی إخطار المعنی بالبال ، والإیجادی بالمعنی الذی فسّره ؛ وهو إیقاعها الربط بین أجزاء الکلام ، فإنّک إذا قصدت الحکایة عن ربط الجوهر بالعرض فی قولک «الجسم لـه البیاض» مثلاً تخطر معانیها ببالک ، وتحضر فی وعاء ذهنک لا محالة ، ویصیر أجزاء کلامک مرتبطاً بعضها ببعض .
کما أنّه لاتقابل بینه وبین الإیجادی بالمعنی الذی ذکرنا ؛ فإنّ الحروف ـ سواء کانت حاکیة عن الواقع المقرّر ، أم موجدة لمعانیها بالاستعمال ـ توجب الانتقال مـن ألفاظها إلی معانیها علی کلّ حـال . نعم إنّما یتصوّر التقابل بین الحکایـة والإیجاد .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 36 والحاصل : أنّ الحروف ـ کافّة ـ تحضر معانیها فی الذهن ، وتخطر معانیها بالبال ؛ سواء قلنا بأنّها موجدة للنسبة الکلامیة ـ کما ذکره ـ أم قلنا بأنّها توجد معانیها فی الخارج ـ کما اخترناه فی عدّة من الحروف ـ أو قلنا بأنّها تحکی عن معانیها الخارجیة ـ کما ذکرناه فی بعضها ـ فتدبّر جیّداً .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 37