تنبیه : فی سرّ تکلیف الکفّار والعصاة بالفروع
وبما ذکرنا من الملاک فی الأحکام یظهر وجه ما علیه الإمامیة من کون الکفّار مکلّفین بالفروع ، کما هم مکلّفون بالاُصول ؛ ضرورة أنّ فعلیة الخطاب وکونه حجّة علی الجمیع لا یتوقّف علی انبعاث کلّ واحد ، کما ظهر وجه کون العصاة ـ بل والذی یأتی بالمتعلّق أو یترکه بلا تأثیر من تکلیف المولی فیه ـ مکلّفین بلا استثناء ؛ لأنّ الخطاب لیس متوجّهاً إلی خصوص العصاة وغیرهم .
نعم ، کلّ ذلک صحیح فی الأوامر الشخصیة المتوجّهة إلی أشخاص معیّنة ؛ لأنّ مناط الامتناع فی البعث الشخصی فی العاجز والقادر العاصی واحد ؛ وهو انتفاء
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 484 مبادئ الإرادة فی العاجز والعاصی .
فتلخّص : أنّه لابدّ من القول بالتفصیل فی عنوان البحث ـ وهو جواز أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطه ـ فیقال : إنّه إن کان الأمر شخصیاً متوجّهاً إلی شخص معیّن فالحقّ هو القول بالامتناع ؛ إذ الملاک هو احتمال انبعاثه ، وهو لا یجتمع مع العلم بانتفاء شرطه ؛ أیّ شرط کان من شرط الجعل أو المجعول ، بل مع انتفاء الاحتمال من جهة القصور أو التقصیر من المکلّف .
وأمّا الأوامر الکلّیة القانونیة المتوجّهة إلی عامّة المکلّفین فلا یجوز مع العلم بفقد عامّتهم للشرط ، وأمّا مع کون الفاقد والواجد مختلطین موجودین فی کلّ عصر ومصر ـ کما هو الحال خارجاً ـ فالتکلیف عامّ ، شامل للقادر والعاجز ، وفعلی فی حقّ العاصی والمطیع والنائم والساهی .
نعم ، للعقل الحکومة المطلقة فی تشخیص المستحقّ للعقاب من غیر المستحقّ ، فیجعل العاجز ومن أشبهه فی عداد المعذورین فی مخالفة الحکم الفعلی .
وعلیه : لا یلزم تقیید التکلیف بعنوان الواجد مثلاً ، وإلاّ یلزم تقییده بعنوان غیر العاصی وغیر الجاهل والنائم وهکذا ، وهو کما تری . وإن شئت ذکرت ما مرّ ؛ من أنّه لا یکون الخطاب العامّ خطابات مستقلّة حتّی نتطلّب لکلّ واحد غایة مستقلّة ، بل خطاب واحد وحجّة فاردة علی الجمیع بوحدته ، وله غایة واحدة ؛ وهو إمکان انبعاثهم فی الجملة ؛ فتدبّر .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 485
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 486