الأمر الثانی عشر فی الاشتراک
الحقّ : وقوع الاشتراک ؛ فضلاً عن إمکانه ، ومنشؤه : إمّا تداخل اللغات ، أو حدوث الأوضاع التعیّنیة بالاستعمال فیما یناسب المعنی الأوّل ، أو غیر ذلک من الأسباب .
وقد أفرط جماعة ، فذهبوا إلی وجوبه ؛ لتناهی الألفاظ وعدم تناهی المعانی .
وفیه : أنّه إن اُرید من عدم التناهی معناه الحقیقی فمردود بعدم الحاجة إلی الجمیع ـ لو سلّمنا عدم التناهی فی نفس الأمر ـ مع أنّ فیه إشکالاً ومنعاً ، وإن اُرید منه الکثرة العرفیة فنمنع عدم کفایتها مع کثرة الوضع للکلّیات .
کما فرّط آخرون ، فاختاروا امتناعه ؛ استناداً إلی أنّ الوضع عبارة عن جعل اللفظ عنواناً مرآتیاً للمعنی وفانیاً فیه . وقد یقال فی جواب ذلک : إنّ الوضع
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 129 یوجب استعداد اللفظ للمرآتیة ، وبالاستعمال تصیر فعلیاً .
والجواب : أنّ صیرورة اللفظ فانیاً فی المعنی غیر معقولة ، إن قصّرنا النظر إلیهما وقطعنا النظر عن لحاظ المتکلّم . وتوهّم : کونه فی لحاظ المتکلّم کذلک ، وأنّه یلاحظ اللفظ منظوراً به لا منظوراً فیه لایوجب امتناع جعله مرآتین .
ومن ذلک یظهر : فساد ما برهن به أیضاً علی الامتناع ؛ من أنّ الوضع عبارة عن جعل الملازمة الذهنیة بین اللفظ والمعنی أو ما یستلزمها ، فحینئذٍ یلزم من الوضع لمعنیین أن یحصل عند تصوّر اللفظ انتقالان مستقلاّن دفعة واحدة .
وأنت خبیر بما فیه ؛ إذ لم یقم البرهان علی کون الاستقلال ـ بمعنی عدم وجود انتقال آخر معه ـ من لوازم الوضع .
وإن اُرید من الاستقلال ما یکون فی مقابل الانتقال إلی معنی واحد منحلّ إلی اثنین ، کمفهوم الاثنین ؛ حیث یکون الانتقال إلی الواحد فی ضمنه ففیه ـ مضافاً إلی عدم لزومه لو استعمل فی واحد ، واُقیم قرینة علیه ـ أنّا لا نسلّم امتناعه بل هو واقع ، کما سیجیء عن قریب إن شاء الله .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 130