وأمّا البراءة الشرعیة :
فلمّا کان الظاهر من قوله صلی الله علیه و آله وسلم : «رفع عن اُ مّتی تسعة . . .» إلی آخره هو رفع الحکم فی الشبهات الحکمیة حقیقة واختصاصه بالعالمین ، ولمّا کان ذلک مستلزماً للتصویب الباطل حمل ـ لا محالة ـ علی رفعه ظاهراً بعد ثبوته واقعاً ، ووجه الرفع هو الامتنان للاُمّة وتوسیع الأمر علیهم ، فحینئذٍ إذا شکّ فی جزئیة شیء أو شرطیته أو مانعیته ، أو شکّ فی کون شیء مانعاً من جهة الشبهة الموضوعیة فمقتضی حدیث الرفع هو مرفوعیة المشکوک ظاهراً ، وجواز ترتیب آثار الرفع علیه کذلک ، ومن الآثار إتیان العبادة علی مقتضی الرفع فی مقام الفراغ عن عهدتها ، فیکون رخصة فی ترک المشکوک ، وإتیانها مع الأجزاء الباقیة .
وإن شئت قلت : إنّ الأمر قد تعلّق بعنوان الصلاة الصادق علی فاقد الجزء وواجده ، وحدیث الرفع ناظر إلی العنوان الذی قید لبّاً ، ولکن نظره لیس نظر وضع بل نظر رفع ؛ بمعنی أنّ العنوان الذی تعلّق به الأمر یجوز إتیانها بلا هذا الشرط أو هذا الجزء أو غیر ذلک ، ویکون العبد ذا حجّة فی امتثاله وترکه .
ولا معنی ـ حینئذٍ ـ للإعادة والقضاء ؛ لأنّ عنوان الصلاة منطبق علیه ، وترک القید نشأ من إذنه وإشارته إلی کیفیة امتثال أمرها فی ظرف الشکّ .
فإذا ورد قوله سبحانه : «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمسِ إِلی غَسَقِ اللَیلِ»
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 277 وفرضنا أنّ السنّة دلّت علی اعتبار أجزاء وشرائط ، ثمّ حکم الشارع ـ امتناناً ـ برفع ما لا یعلمون من الأجزاء والشرائط یفهم العرف أنّ کیفیة إطاعة الأمر فی حال الشکّ فی وجوب السورة مثلاً هو إتیانها بلا سورة ، وفی حال الشکّ فی مانعیة شیء جواز إتیانها معه . فإذا امتثله کذلک فقد امتثل قوله سبحانه «أَقِمِ الصَّلاةَ» بحکومة أدلّة الرفع علی أدلّة الجزء والشرط والمانع .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 278