ضابط قیود الهیئة والمادّة
إنّ رجوع قید بحسب اللبّ إلی المادّة والهیئة لیس جزافاً وبلا ملاک ، بل القیود علی ضربین :
ضرب منها : یرجـع إلی المادّة ولا معنی لرجوعها إلی الهیئـة ؛ وهـی کـلّ
قید یکون دخیلاً فی حصول الغرض المطلق المحقّق ، مـن غیر أن یکون دخیلاً فـی تعلّق نفس الغرض ، مثلاً قـد تکون الصلاة فی المسجـد متعلّقة للغرض المطلق المحقّق للمولی ـ کان المسجد موجوداً أولا ـ فإذا أمر موالیه بالصلاة فیها لابدّ لهم من الصلاة فی المسجد ، ومع عدمـه لابدّ لهم مـن بنائـه والصلاة فیه ، کما
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 313 أنّ الطواف حول الکعبة کذلک ـ ظاهراً ـ فلابدّ للمکلّفین مـن بنائه لو انهدم والطواف حوله .
وضرب منها : ترجع إلی الهیئة لبّاً لا إلی المادّة ، وهو کلّ قید یکون دخیلاً فی تعلّق نفس الغرض ؛ بحیث لولاه لما کان للمولی غرض ، کما لو فرض تعلّقه بإکرام رجل لو ورد علیه صار ضیفاً له ، فلایکون له غرض مطلق فی إکرام الضیف حتّی یجب تحصیل عنوان الضیافة ، بل قد یکون مجیء الضیف مبغوضاً له ، لکن علی فرض مجیئه یکون إکرامه محبوباً ومتعلّقاً بغرضه ، ویکون غرضه بحسب اللبّ مشروطاً بتحقّق الضیافة ، وتکون هی دخیلة فی تحقّق الغرض وتعلّقه بالإکرام . فلا یعقل تعلّق الأمر المطلق فی هذه الصورة بضیافة الرجل ، بل یکون البعث مشروطاً بمجیء الضیف .
ثمّ إنّ للقیود الراجعة إلی الهیئة موارد اُخر :
منها : ما إذا کان المصلحة قائمة بفعل مطلقاً ویکون مطلوبه کذلک ،إلاّ أنّ هاهنا موانع عقلیة من البعث إلیه مطلقاً ، کالبعث إلی إنقاذ ابنه مع عجز العبد ؛ فإنّ المولی إذا شاهد ابنه یخوض فی اللجج یصیبه من الجزع ما یصیبه ، وهو یکشف عن أنّ الإنقاذ تمام الموضوع للبعث ؛ فلو قال لعبده : «لو قدرت انقذه» لایکون ذلک قیداً للمادّة .
ومنها : ما إذا کان المبعوث إلیه مطلوباً علی الإطلاق ، لکن فی نفس الآمر مانع من إطلاق الأمر .
ومنها : ما إذا لزم من تقیید المادّة محال ، کما فی قول الطبیب : «إن مرضت فاشرب المسهل» ، فإنّ شربـه لأجل دفع المرض ، ولا یعقل أن یکون المرض دخیلاً فی صلاح شرب المسهل بنحو الموضوعیة ؛ بحیث یرجع القید إلی المادّة ،
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 314 ومن ذلک وجوب الکفّارات فی الإفطار عمداً والظهار وحنث النذر ؛ فإنّ الأمر بها لرفـع منقصة حاصلـة مـن ارتکاب المحرّمات ، ولایعقل أن یکون ارتکابها مـن قیود المادّة .
فتلخّص : أنّ القیود بحسب اللبّ مختلفة ، فکیف یجعل جمیعها قیداللمادّة ؟ !
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 315