فی الوجوه التی استدلّ بها للأعمّ
قلنا : إنّ الأحری الإعراض عمّا استدلّ به القائل بالأعمّ ، لکن استیفاءً للبحث نشیر إلی بعضها فنقول :
منها : التمسّک بقوله تعالی : «اَلزَّانِیَةُ وَالزَّانِی فَاجْلِدُوا کُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ» وقوله سبحانه : «السَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیدِیَهُما» بتقریب أنّ الجلد والقطع ثابتان لمن صدق علیه عنوانا الزانی والسارق ، ولولا صدقهما علی من انقضی عنه مبدأهما لزم انتفاء الموضوع حین إجراء حکمهما .
وفیه : أنّ الحدّ لیس دائراً علی صدق العنوان الانتزاعی علیه ، بل علی صدور الأمر الشنیع الذی دعی الشارع أو المقنّن العرفی إلی تأدیبه وسیاسته .
وحینئذٍ فالموجب للسیاسة هو العمل الخارجی ، لاصدق العنوان الانتزاعی ؛ فالسارق یقطع لأجل سرقته ، وفی مثله یکون السارق والزانی إشارة إلی من هو
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 163 موضوع الحکم مع التنبیه علی علّته ؛ وهو العمل الخارجی لا العنوان المنتزع . فکأنّه قال : الذی صدر منه السرقة تقطع یده لأجل صدورها منه .
ومنها : ما استدلّ به الإمام علیه السلام علی بطلان خلافة من عبد الأصنام بقوله سبحانه : «لا یَنالُ عَهدِی الظالِمِینَ» من أنّه أیّ ظلم أعظم من عبادة الصنم ؟ ! وهو یتوقّف علی الوضع للأعمّ ؛ لأنّهم غیر عابدین للصنم حین التصدّی .
وفیه : أنّ الإمامة والزعامة الدینیة تستتبعان التسلّط علی نفوس الناس وأعراضهم وأموالهم وغیرها من الاُمور المهمّة العظیمة التی لا یتحمّلها مثل إبراهیم خلیل الرحمان ـ ذلک القائد الدینی الذی محّص باطنه وأظهر مکنونه ـ إلاّ بعد ابتلاء من الله وامتحان منه . فحینئذٍ فزعامة هذا خطرها وعظمتها کیف یلیق أن یتصدّی بها الظالم ؛ ولو برهة من الزمن . ومناسبة الحکم والموضوع وسوق الآیة یشهد بأنّ الظالم ـ ولو آناً ما ـ والعابد للصنم ـ ولو فی مقدار من عمره ـ غیر لائق بهذا المقام ، ولعلّ استدلال الإمام علیه السلام من هذا الباب .
أضف إلی ذلک : أنّ الظلم یشمل الظلم المتصرّم وغیر المتصرّم ؛ لکون جمیعها ظلماً بقول واحد ، ولکن منصب الإمامة أمر مستمرّ باقٍ ، کما أنّ موضوع المنصب هو ذوات الأشخاص ـ وإن کانوا متلبّسین بمثل المبادئ التی هی آنیات التحقّق ـ فمن صدر منه قتل وظلم ثمّ تاب فوراً تشمله الآیة ، فإنّه ظالم حال الصدور ، فهو غیر لائق بالمنصب الذی هو أمر مستمرّ ، فلابدّ أن یکون المقصود منها : أنّ المتلبّس بالظلم ـ ولو آناً ما ـ لایناله عهدی مطلقاً ، فتأمّل .
بقی اُمور مهمّة :
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 164