تتمیم : فی إتیان الفعل بداعی المصلحة أو الحسن أو المحبوبیة
هذا کلّه لو قلنا بأنّ المعتبر فی العبادات هو قصد الأمر ، وأمّا لو قلنا بأنّ المعتبر فیها هو إتیان الفعل بداعی المصلحة أو الحسن أو المحبوبیة ، فقد ذهب المحقّق الخراسانی إلی أنّ أخذها بمکان من الإمکان ، لکنّها غیر مأخوذة قطعاً ؛ لکفایة الاقتصار علی قصد الامتثال .
الظاهر : أنّ بعض الإشکالات المتقدّمة واردة علی المفروض ، فیقال فی تقریره : إنّ داعویة المصلحة ـ مثلاً ـ لمّا کانت مأخوذة فی المأمور به تصیر الداعویة متوقّفة علی نفسها ، وداعیة إلی داعویة نفسها ؛ لأنّ الفعل لایکون بنفسه ذا مصلحة
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 222 حتّی یکون بنفسه داعیاً إلی الإتیان ، بل بقید داعویتها . فلابدّ أن یکون الفعل مع هذا القید ـ القائم بهما المصلحة ـ داعیاً إلی الإتیان ، وهذا عین الإشکال المتقدّم .
وأیضاً لمّا کانت المصلحة قائمة بالمقیّد یکون الفعل غیر ذی المصلحة ، فلا یمکن قصدها إلاّ علی وجه دائر ؛ لأنّ قصد المصلحة یتوقّف علیها ، وهی تتوقّف علی قصدها بالفرض .
ویرد أیضاً ما قرّر هناک : من أنّ الداعی مطلقاً فی سلسلة علل الإرادة التکوینیة ؛ فلو اُخذ فی العمل الذی هو فی سلسلة المعالیل یلزم أن یکون الشیء علّة لعلّة نفسه ، فإذا امتنع تعلّق الإرادة التکوینیة امتنع تعلّق التشریعیة ؛ لأنّها فرع إمکان الاُولی .
ولک أن تذبّ عن الأوّل : ببعض ما قدّمناه فی قصد الأمر . وأضف إلیه : أنّه یمکن أن یقال : إنّ للصلاة مصلحة بنحو الجزء الموضوعی ، ولمّا رأی المکلّف أنّ قصدها متمّم للمصلحة ؛ فحینئذٍ لامحالة تصیر داعیة إلی إتیانها بداعی المصلحة ، من غیر لزوم کون الداعی داعیاً .
وبذلک یتّضح قطع الدور ؛ فإنّ قصد المصلحة ـ التی هی جزء الموضوع ـ یتوقّف علیها ، وهی لا تتوقّف علی القصد ، وبما أنّ المکلّف شاعر بأنّ هذا القصد موجب لتمامیة الموضوع وحصول الغرض فلا محالة تصیر داعیاً إلی إتیان الفعل قاصداً . نعم لایمکن قصد تلک المصلحة مجرّدة ومنفکّة عن الجزء المتمّم ، وفیما نحن فیه لایمکن التفکیک بینهما .
وأمّا الجواب عن الثالث : فبمثل ما سبق من أنّ الداعی والمحرّک إلی إتیان المأمور به بعض المبادئ الموجودة فی نفس المکلّف ، کالحبّ والخوف والطمع ، وتصیر تلک المبادئ داعیة إلی طاعة المولی ، بأیّ نحو أمر وشاء .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 223 فإذا أمر بإتیان الصلاة بداعی المصلحة تصیر تلک المبادئ المتقدّمة داعیة إلی إتیانها بداعی المصلحة ، من غیر لزوم تأثیر الشیء فی علّته . ألا تری أنّک إذا أحببت شخصاً جلیلاً ـ حبّاً شدیداً ـ فأمرک بإتیان مبغوض لک تجد فی نفسک داعیاً إلی إتیانه لأجل حبّه وإرادة طاعته وطلب مرضاته ، من غیر لزوم الدور .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 224