الثانی : فی المراد من المرّة والتکرار فی المقام
هل المراد من المرّة والتکرار هو الفرد والأفراد أو الدفعة والدفعات ؟ والفرق بینهما واضح جدّاً .
وما ذکرناه وجهاً لتحقّق الخلاف فی الأوامر والنواهی فقط یؤیّد کون النزاع فی الفرد والأفراد ؛ إذ لیس فی الأحکام ما یکون للدفعة والدفعات .
وذهب صاحب «الفصول» إلی کون النزاع فی الدفعة والدفعات ؛ مستدلاًّ بأنّه لو اُرید الفرد لکان اللازم أن یجعل هذا البحث تتمّة لما یأتی من أنّ الأمر هل یتعلّق بالطبیعة أو الفرد ؟ وعلی الثانی هل یقتضی التعلّق بالفرد الواحد أو المتعدّد أو لا یقتضی شیئاً منهما ؟ ولم یحتج إلی إفراد کلّ منهما ببحث مستقلّ ، انتهی .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 239 وأورد علیه فی «الکفایة» بأنّ الطلب ـ علی القول بتعلّقه بالطبیعة ـ إنّما یتعلّق باعتبار وجودها فی الخارج لا بما هی هی ؛ لکونها بهذه الحیثیة لا مطلوبة ولا غیر مطلوبة ، وعلیه یصحّ أن یقال : هل المأمور به هو الواحد منها أو الوجودات ؟ والتعبیر بالفرد لکون تشخّصها فی الخارج بأفرادها ، غایة الأمر أنّ لوازم الوجود والخصوصیة الفردیة علی القول بتعلّقها بالطبائع تلازم المطلوب ، وعلی القول بالفرد تقوّمه ، انتهی .
والتحقیق أن یقال : إنّه بناءً علی تعلّق الأمر بالطبیعة لایخلو إمّا أن یکون إیجادها جزء مدلول الهیئة ـ کما علیه صاحب «الفصول» ـ أو یکون من اللوازم العقلیة للإغراء والبعث إلی الطبیعة ، کما قوّیناه .
وعلی الأوّل : یکون الهیئة موضوعة لطلب إیجاد الطبیعة ، فلا محالة یکون المتعلّق نفس الطبیعة ، وإلاّ یصیر معنی الأمر بالصلاة : أوجد وجود الصلاة ، وهو کما تری . فلا محیص إذن عن جعل المتعلّق نفس الطبیعة ، خالیة عن القید .
والحاصل : أنّه بعد أخذ الإیجاد فی طرف الهیئة یصیر المتعلّق نفس الماهیة دون وجودها ، ومعه لامجری للنزاع ؛ سواء اُرید منه الفرد والأفراد أو الدفعة والدفعات ؛ ضرورة أنّها خارجة عن الطبیعة ، وأمّا مع تعلّق الأمر بالفرد فله مجال . نعم فی تصوّر النزاع فی استفادة المرّة والتکرار بالمعنیین عن الهیئة ـ بعد جعل الإیجاد مدلولاً لفظیاً ـ وجه استوفینا بیانه فی الأمر الأوّل ، فراجع .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 240 وأمّا علی الثانی ؛ أعنی عدم دلالـة الهیئة إلاّ علی البعث البحت ، وکـون لزوم الإیجاد جائیاً من قبل العقل الحاکم بأنّ الماهیة من حیث هی لیست مطلوبة ، فیکون الوجـود والإیجاد مـن اللوازم العقلیة لتعلّق البعث بالطبیعة ، لا مدلولاً للهیئـة والمادّة .
وعلیه : یصحّ النزاع بناءً علی تعلّق الأمر بالطبیعة لکن یکون عقلیاً لا لغویاً ، وهو خلاف ظاهرهم من کونه لغویاً ، فلابدّ من إجراء النزاع علی فرض تعلّق الأمر بالفرد لا الطبیعة حتّی یدفع به الإشکال . ولکن ـ مع ذلک ـ لایصیر هذا البحث من تتمّة البحث الآتی ؛ لکون الجهات المبحوث عنها مختلفة .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 241