الفصل العاشر فی الواجب الکفائی
لا إشکال فی تقسیم الواجب إلی العینی والکفائی ، فربّما یقال بعدم الفرق فی المکلّف ـ بالکسر والفتح ـ وإنّما الفرق فی المکلّف به ؛ فمتعلّق الثانی هو نفس الطبیعة ، کما أنّ متعلّق العینی مقیّـد بمباشرة کلّ مکلّف بالخصوص ، کما أنّ بعضهم أرجع ذلک الفرق المزبور إلی جانب المکلّف ـ بالفتح ـ فإنّه فی العینی کلّ الآحاد مستغرقاً وفی الکفائی صرف وجود المکلّف .
والتحقیق : أنّ الواجب الکفائی یتصوّر علی وجوه ؛ لأنّه إمّا لا یمکن أن یوجد إلاّ مرّة واحدة ـ کقتل سابّ النبی صلی الله علیه و آله وسلم ـ أو یمکن ، وعلی الثانی فإمّا أن یکون المطلوب فرداً من الطبیعة ؛ بحیث یکون الفرد الآخر مبغوضاً أو لا مبغوضاً ولا مطلوباً ، و إمّا یکون صرف وجودها .
فنقول : إنّه لا یمکن أن یکون المکلّف کلّ الآحاد فی جمیع الصور :
أمّا الاُولی فظاهر ؛ لعدم إمکان بعثهم عرضاً إلی ما لا یتکرّر .
وأمّا الثانیة والثالثة فهما وإن أمکن انبعاث الجمیع إلاّ أنّه مع مبغوضیة ما عدا
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 519 الفرد الواحد أو عدم مطلوبیته لا یمکن تشریعاً بعث الجمیع لأدائه إلی نقض الغرض ، أو البعث إلی ما لیس مطلوباً .
وأمّا الصورة الرابعة فإمکانه وإن کان لا ینکر إلاّ أنّ لازم بعث الجمیع بنحو الإطلاق هو اجتماعهم فی إیجاد صرف الوجود ، ومع عدم اجتماعهم یکون المتخلّف عاصیاً لترک الأمر المطلق بلا عذر . وممّا ذکرنا یظهر عدم صحّة التکلیف بصرف وجود المکلّف فی بعض الصور ، کما إذا کان الزائد من الفرد الواحد مبغوضاً ، بل لا یبعد عدم الصحّة فی بعض صور اُخری أیضاً ، فلابدّ من القول بأنّ المکلّف فی الکفائی فرد من المکلّفین بشرط لا فی بعض الصور ولا بشرط فی الاُخری .
وما قیل : إنّ الفرد غیر المعیّن لا وجود له حقّ ، ولکن لو قیّد بعنوان غیر المعیّن ، وأمّا عنوان فرد من المکلّفین أو أحدهم ممّا له وجود فی الخارج ؛ فإنّ کلّ واحد منهم مصداق العنوان ، ومع ذلک لا یصحّ بعثهم جمیعاً فی عرض واحد حتّی یلزم المحذور المتقدّم ، وکذا یجوز التکلیف بالفرد المردّد بنحو التخییر ، کالتخییر فی المکلّف به .
وما ربّما یدور فی ألسنتهم : أنّ المردّد لا وجود له ولا یجوز البعث والإغراء بالنسبة إلیه فلا یصغی إلیه ؛ ضرورة صحّة التکلیف التخییری بین الفردین أو الأفراد ، وعنوان التردید لم یکن قیداً حتّی یقال : لا وجود فی الخارج إلاّ للمعیّن .
وکذا یصحّ التکلیف فیه أیضاً ، کواجب المشروط فی بعض الصور ، ویمکن فی بعض الصور أن یکون المکلّف به صرف الوجود ، وکذا المکلّف ـ بالفتح ـ ولازمه عصیان الجمیع مع ترکهم ، وإطاعتهم واستحقاقهم المثوبة مع إتیانهم عرضاً ، والسقوط عن البقیة مع إتیان بعضهم .
کتابتهذیب الاصول (ج.۱): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 520