تحقّق البیع بالإشارة والکتابة وغیرهما
ثمّ إنّ هاهنا کلاماً آخر ، وهو أ نّـه لا إشکال فی تعارف ا لعقد ا لمعاطاتی با لإعطاء وا لأخذ ، وکذا فی تعارف ا لعقد با لصیغـة ، کما لا شبهـة فی صدق «ا لبیع» علیهما ، بل قد مرّ أ نّـه یصدق «ا لعقد» أیضاً علیهما .
فهل ا لبیع عرفاً ولدی ا لعقلاء منحصر بهما ؟ أو یکون ا لبیع با لإشارة ، بل بکلّ مظهر ؛ کتابةً ، أو إشارةً ، أو غیرهما ، بیعاً عقلائیّاً ؛ بدعویٰ أنّ ا لبیع لیس إلاّ ا لمبادلة بین ا لما لین ، أو تملیک عین بعوض ، فا لإشارة ا لمفهمـة وا لکتابـة وغیرهما ، آلات لإنشاء ا لمعنی ا لاعتباری ، ولیس للفظ ولا لعمل خاصّ ، خصوصیّـة فی ذلک ، فا لإشارة وسائر ا لمبرزات آلات للإنشاء فی عرض واحد ، وکلّ منها سبب مستقلّ لإیقاع ا لمعاملـة ؟ ا لظاهر ذلک .
إلاّ أن یقال : إنّ ماهیّـة ا لبیع وإن کانت ا لمبادلـة ، لکن لابدّ فی تحقّقها من
سبب عقلائی ، وا للفظ وا لتعاطی سببان عقلائیّان بلا شبهـة ، وأمّا سائر ا لمبرزات فلیست من ا لأسباب ا لعقلائیّـة لإیجاد ا لطبیعـة ، وإن کانت بواسطـة ا لقرائن مفهمـة للمقصود .
فهل تریٰ : أنّ ا لمتعاملین لو تقاولا علیٰ «أنّ إیجابی هو ا لعطسـة ـ مثلاً ـ وقبولک وضع ا لکفّ علی ا لکفّ» صدق علیٰ ما فعلا «ا لبیع» ونحوه ؟ !
وا لإشارة با لحاجب ، وا لسبلـة لاتقصر عن ذلک ، فهی وأمثا لها لیست أسباباً عقلائیّـة ، ولاتتحقّق ا لماهیّـة بها عند ا لعقلاء .
فحینئذٍ لو قلنا بأنّ إشارة ا لأخرس سبب عقلائی فی عرض سائر ا لأسباب ، لاتکون قائمـة مقام ا للفظ ، بل هی سبب کا للفظ .
لکن یمکن ا لمناقشـة فیـه : بأنّ ا لإشارة إذا لم تکن سبباً عقلائیّاً ، فلابدّ من ا لالتزام بأنّ ا لعجز شرط فی ا لسبب ، فیکون ا لمؤثّر ا لإشارة ا لصادرة من ا لأخرس ؛ بحیث یکون ا لسبب مرکّباً من ا لإشارة ، وقید ا لخرس ، وهو کما تریٰ .
فلابدّ وأن یقال : إنّ إشارتـه قائمـة مقام ا لسبب ، فلابدّ فی ا لصحّـة وا لنفوذ من دلیل خاصّ ، غیر ا لأدلّـة ا لعامّـة .
ولو سلّم ، یمکن ا لمناقشـة فی إطلاق أدلّـة ا لتنفیذ وعمومها لمثل هذا ا لفرد ا لنادر ا لوقوع جدّاً ، بدعوی انصرافها عن مثلـه ، وصرف ندرة ا لوجود وإن لم توجب ا لانصراف ، لکن تعارف ا لقسمین ا لمتقدّمین ، وعدم تعارف غیرهما ، وندرة وجوده بحیث یلحق با لعدم ، ربّما یوجب صرف ا لأذهان عنـه ، وانصراف ا لأدلّـة ، وفی مثلـه لابدّ فی نفوذه من دلیل ؛ لعدم تعارفـه حتّیٰ یقال : إنّـه أمر متعارف ، ولم یردع عنـه ا لشارع ، فهو ممضیٰ ، ولولا دلیل خاصّ ، لم یسعنا ا لحکم بصحّـتـه ولزومـه .
إلاّ أن ینکر عدم ا لتعارف ؛ ویقال : إنّـه متعارف فی بعض ا لظروف
وا لحا لات ، وهو کافٍ فی عدم ا لانصراف .
وهو مشکل ؛ لأنّ ما هو ا لمتعارف هو بیع ا لأخرس ومعاملتـه ؛ بنحو ا لمعاطاة وا لإشارات ا لقبلیّـة ، کا لمقاولات لتعیین ا لمبیع وا لقیمـة مثلاً ، وأمّا کون إشارتـه لإیقاع ا لمعاملـة ـ بحیث یکون ا لأخرس مستثنیٰ من سائر ا لعقلاء ا لذین تکون مبایعتهم با لمعاطاة ـ فهو غیر مسلّم ، بل مسلّم ا لخلاف ، فا لشائع فی ا لظرف ا لخاصّ هو معاملـة ا لأخرس ، لابیعـه با لإشارة فی مقام إجراء ا لصیغـة .
وکیف کان : لو قلنا بعدم صدق «ا لبیع» علیٰ ما یوقع با لإشارة حقیقـة ، لا محیص عن ا لقول بعدم صدقـه با لنسبـة إلیٰ بیع ا لأخرس بها ؛ لأنّ ماهیّـة ا لبیع لاتختلف با لنسبـة إلی ا لناطق وغیره ، إلاّ أن یلتزم با لاشتراک ا للفظی ، وهو کما تریٰ .
أو یقال : إنّ إشارة ا لأخرس سبب عقلائی ، دون إشارة غیره ، وهو أیضاً غیر مرضیّ ، فلابدّ ـ علیٰ هذا ا لفرض ـ من ا لقول بأنّ بیع ا لأخرس ملحق با لبیع ، وهو یحتاج إلی ا لدلیل .
وأمّا لو قلنا بأنّ «ا لبیع» عرفاً ولغـة ، صادق علی ا لبیع با لإشارة حتّیٰ من غیر ا لأخرس ، فلازمـه أنّ بیعـه یقع با لفعل ، ولایکون قائماً مقام ا لبیع با لصیغـة ؛ لأنّ ا لمفروض أنّ ا لإشارة أحد ا لأسباب فی قبال ا للفظ وسائر ا لأفعال ، فلا فرق بین إشارة ا لأخرس وغیره ؛ فی أ نّها آلـة لإیجاد ا لمبادلـة .
فکما أنّ إشارة غیر ا لأخرس لاتقوم مقام لفظـه ، کذلک إشارة ا لأخرس ، غایـة ا لأمر : أنّ غیره قادر علیٰ إیجاد ا لبیع با للفظ وا لإشارة وسائر ا لأفعال ، وا لأخرس عاجز عن إیقاعـه با للفظ ، فکما أنّ ا لعاجز عن ا لکتابـة لاتقوم إشارتـه مقام کتبـه أو لفظـه ، کذلک ا لأخرس .
وبعبارة اُخریٰ : إنّ إشارة ا لأخرس کإشارة غیره ، آلـة لإیقاع ا لبیع بلاوسط
وابتداءً فی عرض ا للفظ ، ولاتکون إشارتـه إشارة إلی ا للفظ وا لإیقاع با للفظ ا لمشار إلیـه .