الإشکالات العقلیّة التی ذکرها المحقّق الأصفهانی وجوابها
ثمّ إنّ هنا بعض إشکا لات عقلیّـة ، أوردها بعض أهل ا لتحقیق :
منها : أنّ ا لسلطنـة معلولـة للملکیّـة ، فمتأخّرة عنها وعن عدمها ا لبدیل ، فکیف یعقل أن تکون علّـة لزوال ا لملکیّـة ؟ ! للزوم تقدّم ا لمتأخّر با لطبع .
ومنها : أنّ ا لملکیّـة علّـة للسلطنـة ، فإذا کانت ا لسلطنـة علّـة لزوا لها ، لزم علیّـة ا لشیء لعدم نفسـه .
ثمّ أتعب نفسـه فی ا لجواب عنهما ، وأبعد ا لمسافـة ، مع أنّ ا لجواب عن نحوها سهل ، وهو أنّ ا لملکیّـة لیست علّـة للسلطنـة ، بل ولا موضوعـة لها کموضوعیّـة ا لجواهر للأعراض ؛ ضرورة أنّ ا لسلطنـة أمر اعتباری عقلائی ، لا وجود لها فی ا لخارج .
وما أفاد ذلک ا لمجیب : من أنّ ا لسلطنـة عبارة عن ا لقدرة ا لتی هی صفـة نفسانیّـة فی غایـة ا لسقوط ؛ إذ هی أمر اعتباری قابل للجعل ابتداءً ، کجعل ا لحکومـة وا لولایـة ونحوهما من سائر ا لوضعیّات .
نعم ، فی جعل ا لسلطنـة علی ا لأموال ا لمضافـة إلی ا لناس ، لابدّ من تحقّق ا لملکیّـة حا لها ؛ لکون ا لسلطنـة مضافـة إلیها ، من غیر أن یکون ا لملک علّـة لوجودها ، فا لسلطنـة اعتباریّـة ، کما أنّ ا لملکیّـة اعتباریّـة ، فلا علّیـة ولا
معلولیّـة ، کما لا علّیّـة للسلطنـة علیٰ زوال ا لملکیّـة ، بل ولا علّیـة للعقد علیٰ زوا لها ، نحو علّیـة ا لعلل ا لتکوینیّـة کما هو واضح ، فا لإشکا لات ا لعقلیّـة فی غیر محلّها .
نعم ، هنا إشکال آخر ، وهو أنّ ظاهر قولـه صلی الله علیه و آله وسلم «ا لناس . . .» إلیٰ آخره ، أنّ جمیع ا لتصرّفات فی ا لأملاک إنّما هی فی ظرف تحقّق ا لملکیّـة ، فلاتشمل ا لتصرّفات ا لمزیلـة لها ، کا لبیع ، وا لعتق ، وا لإعراض ، ونحوها ، فلابدّ من حملها علی ا لتصرّفات ا لتی یبقی معها ا لملک .
وفیـه ما لایخفیٰ : أمّا با لنظر إلیٰ محیط ا لعقلاء وحکمهم بتسلّط ا لناس علیٰ أموا لهم ، فلا شبهـة فی أنّ ا لتصرّفات ا لمزیلـة للملکیّـة من أوضح أنحاء ا لسلطنـة علی ا لأملاک ، وا لروایـة إنفاذ لما لدی ا لعقلاء کما مرّ .
ولو اُغمض عنـه فلا إشکال أیضاً ؛ لأنّ ا لظاهر لزوم انحفاظ ا لملک حال إعمال ا لسلطنـة ، وإخراج ا لمال عن ا لملکیّـة ـ بإعمال ا لسلطنـة ـ لاینافی ذلک .
وإن شئت قلت : إنّ ا لسلطنـة علی ا لأملاک أوجبت نفوذ ا لمعاملـة علیها ، وبإیقاع ا لمعاملـة خرجت ا لأملاک عن ا لملکیّـة ، وانتفیٰ موضوع ا لسلطنـة .
مع أنّ لازم ما ذکر عدم ا لسلطنـة علی ا لأکل وا لشرب ونحوهما ، وهو کما تریٰ ، بل لازمـه عدم صحّـة ا لبیع وسائر ا لمعاملات رأساً ؛ لأ نّها لاتکون إلاّ فی ملک ، فلابدّ علیٰ هذا ا لإشکال أن یکون ا لملک منحفظاً بعد ا لبیع ، وهو کما تریٰ .
هذا کلّـه ، مع أنّ ا لسلطنـة مجعولـة للما لک علی ا لمال ، فلیس ا لمال موضوعاً لها ، وسیأتی ا لکلام فیـه فی باب ا لاستدلال علی ا للزوم .