تأسیس الأصل علی القول بالإباحة
وأمّا علی ا لقول با لإباحـة ، فهل ا لأصل ا للزوم ، أو ا لجواز ؟
یمکن أن یقال : إنّ مقتضیٰ وجوب ا لوفاء با لعقد ـ مضافاً إلی ا لالتزام با لملکیّـة ـ تسلیم کلّ منهما ا لعوض ، وتمکینـه علیٰ جمیع ا لتصرّفات ، وعدم ا لمنع من قبلـه ، وإلاّ لم یکن موفیاً با لعقد ، وا لمتیقّن من تصرّف ا لشارع هو حیثیّـة حصول ا لملک عنده لا عند ا لعرف ؛ فإنّـه لیس فی مجال ا لتشریع ، فا لملکیّـة ا لعقلائیّـة باقیـة بلوازمها ، وتعبّد ا لشارع بعدم ا لملکیّـة عنده فقط .
بل ا لظاهر من جواز تصرّف کلّ منهما فیما بیده ـ حتّی ا لموقوفـة علی ا لملک ـ أنّ ا لشارع أبقی ا لإباحـة ا للازمـة للملک علیٰ حا لها .
بل لنا أن نقول : إنّ ا لإباحـة فی ا لمقام لیست ما لکیّـة ؛ لأنّ ا لما لک لم ینشئ ا لإباحـة ، ولیس فی وسعـه بعد ا لتملیک جعل ا لإباحـة .
ولا ا لإباحـة ا لشرعیّـة ؛ بمعنیٰ جعل ما لیس بسبب للإباحـة سبباً لها ، وسلب ا لسببیّـة ا لعقلائیّـة عنـه ؛ فإنّـه بعید ، یحتاج إلیٰ دلیل واضح .
ولابمعنیٰ جعل ا لإباحـة فی موضوع ا لمعاطاة ؛ بحیث لایرتبط بسببیّـتها ، بأن یقال : أسقط ا لسببیّـة مطلقاً ، وجعلها موضوعاً لأمر أجنبی ، وهذا أیضاً ا لتزام غریب ، یحتاج إلیٰ دلیل محکم .
ولابمعنیٰ جعل ا لإباحـة تبعاً لرضا ا لما لک با لتصرّف ؛ ضرورة أنّ رضاه لیس إلاّ ا لرضا ا لمعاملی ، ولیس لـه ا لرضا بتصرّف ا لغیر فی ملک نفسـه ؛ فإنّـه لیس فی وسعـه .
ولا ا لإباحـة ا لشرعیّـة ا لمسبّبـة عن رضا ا لطرفین تقدیراً ؛ فإنّ ا لرضا ا لتقدیری لایعتدّ بـه ، مع أ نّـه لایمکن کلیّاً ، وإحرازه فی کلّ معاملةٍ غیر ممکن .
فحینئذٍ یمکن أن یقال : إنّ ا لما لک بعقده صار سبباً لحصول ا لملکیّـة وتحقّق موضوع ا لإباحـة ا لشرعیّـة ؛ ضرورة أنّ ا لناس مسلّطون علیٰ أموا لهم عرفاً وشرعاً .
فبهذا ا لمعنیٰ یمکن أن یقال : إنّ ا لإباحـة ما لکیّـة ؛ أی أنّ سبب تحقّقها ا لما لک ، مع قطع ا لنظر عن ا لإجماع فی ا لمعاطاة ، وکذا شرعیّـة ، لأنّ ا لشارع أباح تصرّف کلّ شخص فی ملکـه ، فا لمعاطاة سبب للملکیّـة ا لعقلائیّـة وا لإباحـة ا لتابعـة لها ، وا لشارع لم یکن فی وسعـه ا لتصرّف فی ا لملکیّـة ا لعقلائیّـة ، وإنّما لـه عدم اعتبار ا لملکیّـة ، أو ا لتعبّد بعدم ترتیب آثار ا لملکیّـة ا لعقلائیّـة ، وما ثبت با لإجماع هو ا لأوّل فقط .
بل ا لظاهر من ا لإجماع ـ فرضاً ـ علیٰ جواز جمیع ا لتصرّفات ، وإباحتـه مع عدم ا لملکیّـة شرعاً ، هو ا لتصرّف من جهـة ، دون سائر ا لجهات ، فا لإباحـة شرعیّـة وما لکیّـة بمعنیٰ ، ولیس بشیءٍ منهما بمعنیٰ آخر ، فحینئذٍ یتمسّک با لأدلّـة للزوم .
ومع ا لغضّ عنـه یمکن أن یقال : إنّ ا لأصل ا للزوم إن قلنا با لإباحـة
ا لما لکیّـة ؛ بدعویٰ أنّ ا لمعاطاة تنحلّ إلیٰ شیئین ، ا لتملیک مقابل ا لتملّک ، وا لإباحـة با لعوض ، وهی متحقّقـة فی ضمن ا لأوّل ، فإذا قام ا لإجماع علی عدم حصول ا لملک ، بقیت ا لإباحـة با لعوض ، وعقدها لازم علی ا لقواعد ، لکنّ ا لمبنیٰ فاسد کما لایخفیٰ .
وإن قلنا : با لإباحـة ا لشرعیّـة ، فإن قلنا : إنّ ا لشارع أسقط سببیّـة ا لمعاطاة لحصول ا لملکیّـة ، وأثبت لها سببیّـة للإباحـة ، یمکن ا لقول با للزوم ؛ بدلیل وجوب ا لوفاء با لعقود ، فإنّ ا لسبب ا لشرعی کا لسبب ا لعقلائی فی وجوب ا لوفاء بمقتضاه ، ومجرّد عدم قصدها لایوجب سلب ا لعقدیّـة أو سلب ا لمقتضی ، ومع وجود ا لمقتضی یکون ا لوفاء بـه با لعمل بمقتضاه ، ولو کان بسببیّـة شرعیّـة .
إلاّ أن یقال : إنّ ا لأدلّـة منصرفـة إلی ا لمقتضیات ا لعقلائیّـة ا لتی تکون مقصودة للمتعاملین ، وهو غیر ظاهر ، ولا سیّما مع ا لتفات ا لمتعاملین إلی ا لسببیّـة ا لشرعیّـة ، فتأمّل .
وإن قلنا : بأنّ ا لإباحـة ا لشرعیّـة حکم ثابت منـه لموضوع هو ا لمعاطاة ، فلایمکن إثبات ا للزوم با لأدلّـة ؛ لأنّ ترتّب ا لأثر علی ا لموضوع لیس مقتضاه ، وترتیبـه علیـه لیس وفاءً بـه ، فمثلـه خارج عن مفاد ا لأدلّـة ، فیمکن ا لتمسّک بإطلاق دلیل ا لسلطنـة للجواز .
إلاّ أن یقال : إنّ ا لعقد ا لمعاطاتی متحقّق عرفاً ، وهو موضوع لحکم شرعی ، وا لشارع وإن أسقط ا لتأثیر فی ا لملک ، لکن لم یسقط ـ ولو تعبّداً ـ عقدیّـتـه ، ودلیل لزوم ا لوفاء شامل لـه با لنسبـة إلیٰ إبقاء ا لعقد بحا لـه ، وما لم ینحلّ تبقی ا لإباحـة ا لشرعیّـة ؛ لبقاء موضوعها ، فدلیل ا للزوم موجب لإبقاء موضوع ا لإباحـة .
ولا مانع منـه ؛ لأنّ دلیل ا للزوم کما یقتضی ترتیب الآثار ، یقتضی إبقاء ا لعقد ، فتأمّل ، ولا ترفع ا لید عنـه إلاّ با لدلیل ، أو ا لتشبّث با للغویـة ، ولیس فی
ا لمقام شیء منهما ، ولا صلاحیـة لدلیل ا لسلطنـة لردّ ا لعوض بعد دلیل ا للزوم ؛ لأنّ ا لسلطنـة لیست علی ا لأحکام ا لشرعیّـة .
وأمّا ا لتمسّک بأصا لـة بقاء سلطنـة ا لما لک ا لثابتـة قبل ا لمعاطاة ، وتحکیمها علیٰ أصا لـة بقاء ا لإباحـة ا لثابتـة قبل رجوع ا لما لک ، ففیـه إشکال ؛ لعدم کون ا لشکّ فی بقاء ا لإباحـة ا لشرعیّـة مسبّباً عن ا لشکّ فی بقاء ا لسلطنـة ، بل هو مسبّب عن ا لشکّ فی مقدار جعل ا لشارع ، ولیس نفی ا لإباحـة من الآثار ا لشرعیّـة لبقاء ا لسلطنـة .
نعم ، هما متضادّان ، فإطلاق دلیل ا لسلطنـة ا لمثبت لجواز ا لترادّ ، ا لنافی لبقاء ا لإباحـة بعد ا لرجوع وا لردّ کافٍ فی أصا لـة عدم ا للزوم .
وقد یقال فی وجـه عدم ا لحکومـة : إنّ ا لمراد با لسلطنـة إمّا ا لقدرة شرعاً ـ تکلیفاً ووضعاً ـ علی ا لتصرّف ، أو لازمها ، وهو عدم سلطنـة ا لغیر .
فا لاستصحاب علی ا لأوّل جارٍ ، وغیر منافٍ لجواز تصرّف ا لغیر . فلکلٍّ منهما ا لتصرّف فیـه ، أحدهما با لملک ، والآخر با لإباحـة ا لشرعیّـة .
وعلی ا لثانی : ـ ومرجعـه إلی استصحاب محجوریّـة غیر ا لما لک قبل ا لمعاطاة ـ فلایجری استصحاب ا لمحجوریّـة ؛ ضرورة تبدّلها با للامحجوریّـة بواسطـة ا لمعاطاة ، فتستصحب ا للامحجوریّـة .
وفیـه : أنّ ا لمراد با لسلطنـة ـ حسب إطلاق دلیلها ـ هو ا لسلطنـة ا لتامّـة ا لمطلقـة علیٰ جمیع ا لتصرّفات ، وعلیٰ منع ا لغیر عنها ؛ ضرورة أنّ سلطنـة ا لغیر علیٰ تصرّف ما ، منافیـة لإطلاق ا لسلطنـة .
فحینئذٍ نقول : إنّ ا لمتیقّن من جواز تصرّف ا لمباح لـه ، هو حال عدم منع
ا لما لک ، وا لسلطنـة علی ا لمنع کانت متحقّقـة قبل ا لمعاطاة ، ولم یعلم بانقلابها با لمعاطاة ، فمع ا لغضّ عن دلیل ا لسلطنـة ، وا لشکّ فی ا لبقاء ، تستصحب .
وبعبارة اُخریٰ : إنّا نشکّ فی مقدار سقوط ا لسلطنـة بعد تحقّق ا لمعاطاة ، فکما یجری استصحاب بقاء ا لإباحـة ، یجری استصحاب بقاء ا لسلطنـة ا لمتحقّقـة قبل ا لمعاطاة ، ا لمقتضیـة للسلطنـة علیٰ منع ا لمباح لـه عن ا لتصرّف .
ثمّ قال هذا ا لقائل : ا لتحقیق أن یقال : إنّ ا لإجماع قائم علیٰ جواز ا لرجوع فی ا لمأخوذ با لمعاطاة ، واستصحابـه حاکم علی استصحاب ا لإباحـة .
وفیـه : أنّ ا لإجماع قائم فرضاً علیٰ جواز ا لعقد ا لمعاطاتی ، ولازمـه ا لعقلی أو ا لعقلائی جواز ا لرجوع ، ولا إجماع علی جواز ا لرجوع ـ بمعنی ا لنفوذ ا لوضعی لـه ـ حتّیٰ یستصحب ، ولا أقلّ من ا لشکّ فیـه ، هذا إذا کانت ا لعینان باقیتین .