إنّما ا لکلام فی وجوب تعلّم ا لواجبات وا لمحرّمات مع کونها محلّ ابتلائـه ، ومعرفـة ا لحلال وا لحرام فیما یبتلیٰ بـه ، کا لتاجر ا لذی یبتلیٰ با لمکاسب ا لتی فیها محرّم ومحلّل ، وا لقاضی با لنسبـة إلیٰ أحکام ا لقضاء . . . إلیٰ غیر ذلک .
أقول : أ مّا ا لوجوب ا لعقلیّ من باب ا لمقدّمـة ، فهو ممنوع صغریً وکبریً ؛ ضرورة أنّ ا لتعلّم لیس مقدّمـة وجودیّـة لترک ا لمحرّمات ولا للإتیان با لواجبات .
وأ نّـه علیٰ فرض ا لمقدّمیـة ، لایکون واجباً عقلاً ؛ فإنّ ا للابدّیـة ا لعقلیّـة أمر ، وا لوجوب ا لعقلیّ وا لإیجاب أمر آخر ؛ فإنّ لابدّیـة وجود ا لمقدّمـة لتحقّق ذیها ، لایختصّ با لواجبات ، بل کلّ أمر عادیّ أو غیره ، إذا أراد ا لشخص أن یوجده ،
فلا محا لـة یرید وجود مقدّمتـه بإرادة مستقلّـة بمبادئ خاصّـة ، غیر مترشّحـة من إرادة ذی ا لمقدّمـة ، وقد فصّل ذلک فی محلّـه ، وهذا غیر ا لحکم بوجوبها .
وأ مّا حکم ا لعقل بوجوب ا لمقدّمـة فی ا لواجبات ا لعقلیّـة ، وحرمتها فی ا لمحرّمات ا لعقلیّـة ، فلا وجـه لـه ؛ لعین ما قلناه فی ا لوجوب ا لشرعیّ : من أنّ ا لمقدّمـة لایعقل أن تجب شرعاً .
فهاهنا أیضاً نقول : إذا حکم ا لعقل بوجوب ذی ا لمقدّمـة ، فإن انبعث منـه ا لعاقل ، فلایعقل حکم آخر لمقدّمتـه ؛ فإنّ ا لانبعاث إلیٰ ذی ا لمقدّمـة ، مع تصوّر توقّفـه علی ا لمقدّمـة ، وا لتصدیق بـه ، کافٍ فی إیجادها ، فلا وجـه لحکم إلزامیّ آخر ، وإن لم ینبعث منـه ، فلایعقل کون إیجاب ا لمقدمـة موجباً لانبعاثـه ، هذا کلّـه مع تسلیم أنّ للعقل حکماً إیجابیّاً وتحریمیّاً .
وأ مّا بناءً علیٰ أنّ شأن ا لعقل لیس إلاّ إدراک ا لحقائق ، وأ نّـه یدرک قبح ا لظلم مثلاً ، وحسن ا لعدل ، وأ مّا ا لحکم بلزوم ا لاحتراز من ذلک ، ولزوم ا لإتیان بذاک ، فلیس من شأنـه ، فالأمر أوضح .
ثمّ لو قلنا : بأنّ للعقل أحکاماً إلزامیّـة ، وقلنا بأنّ وجوب ا لمقدّمـة لیس منها ، مع أنّ ا لتعلّم لیس مقدّمـة ، فیمکن أن یقال : بأنّ مناط إلزام ا لعقل موجود فی ا لتعلّم وإن لم یکن مقدّمـة .
ودعوی : انحصار ا لمناط با لمقدّمیـة ، غیر مسموعـة ؛ فإنّ کثیراً من ا لأحکام ا لعقلیّـة لیست بمناط ا لمقدّمیـة ، کحکمـه بوجوب طاعـة ا لمولیٰ ، وحرمـة مخا لفتـه ، وحکمـه بوجوب ترک شیء لایؤمن مع فعلـه من ا لضرر ، ولو
من باب ا لملازمات ، لا ا لمقدّمیـة .
ففی ا لمقام یمکن أن یقال : إنّ ا لاشتغال مثلاً با لتجارة ا لتی فیها محرّمات وواجبات ، لایؤمن معـه من ا لعقاب ، فلابدّ من ترکـه ، ولو أراد ا لاشتغال بها ، یحکم ا لعقل بوجوب ا لتعلّم ؛ لیأمن من ا لعقاب .
فا لوجوب هاهنا ، کوجوب ا لفحص عقلاً عن طعام یرید أکلـه ، ولایأمن من کونـه مسموماً ، فا لوجوب غیریّ لمن أراد ا لتجارة ، لا مقدّمی ، ولانفسیّ ، کما نسب إلیٰ ا لأردبیلی قدس سره .
وا لقول : بعدم ا لوجوب ؛ لإمکان ا لتحرّز بترک ا لتجارة ، أو ترک ما یحتمل فیـه ا لمحرّم ، خارج عن ا لبحث ؛ فإنّ ا لکلام فی ا لتاجر ا لمشتغل با لتجارة ، أو ا لمرید لها ، وفی ا لجاهل ، لا فی ا لعا لم ا لذی یعلم أنّ ما یرتکبـه لیس مشتملاً علی ا لحرام .