أ مّا فی حقّ الله :
فتارة : بأنّ لله تعا لی فی ا لأعیان ا لموقوفـة حقّ أن یعبد ، نظیر ا لمشاعر وا لمساجد ، فلو وقف شیئاً لصلاة طائفـة من ا لمسلمین لیکون ا لمصلّیٰ لهم ، فکما أنّ لتلک ا لطائفـة حقّ أن یعبدوا الله فیـه ، کذلک لله تعا لیٰ حقّ أن یعبد فیـه ، فهو متعلّق لحقّ ا لناس ، وحقّ الله ، وکذا ا لحال فی ا لمشاعر وا لمساجد .
فیقال فی ا لتصدّق علی ا لذرّیـة بنحو ا لاستمرار وا لبقاء : «إنّـه نحو عبادة مستمرّة من ا لواقف ، فلله تعا لیٰ حقّ أن یعبد بـه مستمرّاً ، وا لجزاء ا لمستمرّ لأجل ا لعبادة ا لمستمرّة» .
واُخریٰ : بأنّ الآخذ للصدقات هو الله تعا لیٰ ، کما قال : «ألَمْ یَعْلَمُوا أنَّ الله َ هُوَ یَقْبَلُ ا لتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَیَأْخُذُ ا لصَّدَقَاتِ» .
وقد ورد فی ا لروایات ا لشریفـة عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : «ما تقع صدقـة ا لمؤمن فی ید ا لسائل حتّیٰ تقع فی ید الله » ثمّ تلا الآیـة فا لصدقـة تکون لله أوّلاً ، ثمّ للمتصدّق علیـه ، فهو یتلقّی ا لصدقـة من الله تعا لیٰ .
وثا لثـة : بما ورد فی بعض ا لروایات ، کروایـة ا لحکم قال : قلت لأبی عبدالله علیه السلام : إنّ وا لدی تصدّق علیّ بدار ، ثمّ بدا لـه أن یرجع فیها ، وإنّ قضاتنا یقضون لی بها .
فقال : «نِعْم ما قضت بـه قضاتکم ، وبئسما صنع وا لدک ، إنّما ا لصدقـة لله عزّوجلّ ، فما جعل لله عزّوجلّ فلا رجعـة لـه فیـه . . .» .
بأن یقال : إنّ ا لتعلیل بأن «ما جعل لله فلا رجعـة لـه» وإن کان لعدم ا لرجعـة ، لکن یستفاد منـه أنّ لله تعا لیٰ حقّاً فی ا لصدقات ، فما کانت منها بوجودها ا لحدوثیّ صدقـة لایجوز هدمها ؛ بأن یرجع فیها ا لمتصدّق ، وأ مّا تصرّفات ا لمتصدّق علیـه فلیست هدماً لها ، وما کانت بوجودها ا لمستمرّ صدقـة ، فلایجوز هدمها با لرجعـة ، ولابا لبیع وا لنقل ونحوهما ؛ فإنّها لله تعا لیٰ ، ولایجوز هدم ما جعل لله .
هذا ، ولکنّ ا لإنصاف عدم تمامیّـة شیء ممّا ذکر :
أ مّا حدیث حقّـه تعا لیٰ بأن یعبد ؛ فلأ نّـه مضافاً إلیٰ عدم ا لدلیل علیٰ أنّ ذلک حقّ حتّیٰ فی ا لمشاعر وا لمساجد ، أنّ انتفاع طبقات ا لموقوف علیهم لیست عبادة لله تعا لیٰ ، ولابقاء ا لوقف عبادة من ا لواقف .
وأ مّا حدیث أخذه تعا لیٰ للصدقات ، ووقوعها فی یده قبل وقوعها فی ید ا لسائل ؛ فلأ نّـه أمر تشریفیّ ، لایستفاد منـه حکم فقهیّ .
مع أ نّـه لو فرض وقوعها فی یده ، أو ا لتعبّد بوقوعها فیها ، فلایوجب ذلک حدوث ملک أو حقّ لـه تعا لیٰ ، بل هو ـ علی ا لفرض ـ واسطـة لإیصال ا لصدقـة إلی ا لسائل .
وأ مّا ا لتعلیل ا لوارد فی ا لخبر ؛ فلأنّ «ا للام» فیـه للغایـة ، لا للملک ، فا لمتصدّق یعطی ا لصدقـة للفقیر ویملّکـه ؛ لأجل ا لتقرّب إلیـه تعا لیٰ ، ومن ا لواضح أ نّـه لایملّک الله تعا لیٰ .
وهذا نظیر ما وقع فی صدقات ا لأئمّـة علیهم السلام : من أنّ «هذا صدقـة من فلان ؛ ابتغاء وجـه الله » أو «لیولجنی بـه ا لجنّـة» وعدم ا لرجعـة فی ا لصدقات أمر تعبّدی ، لا لتعلّق حقّ منـه تعا لیٰ بها .
هذا ، مضافاً إلیٰ عدم ا لطرد ؛ لأنّ ا لوقف مطلقاً لاتعتبر فیـه ا لقربـة ، ولایکون من ا لصدقات ، نعم لو قصد فیـه ا لتقرّب یکون منها .