ثمّ إنّـه یتفرّع علیٰ ما سلکناه فی ماهیّـة ا لوقف ـ من کونها فکّ ملک وإیقافاً علی ا لموقوف علیهم ؛ لغرض درّ ا لنفع علیهم ، وأنّ ا لوقف سواء کان عامّاً أو خاصّاً بعد تحقّقـه ، یصیر من ا لمصا لح لعموم ا لمسلمین ، أو لطائفـة منهم ، وأنّ من وظائف ا لوا لی حفظ مصا لحهم ، ولیس لـه ا لاهمال حتّیٰ یضیع ، وأنّ ا لوقف فی جمیع ا لأوقاف تعلّق با لعناوین با لنسبـة إلی ا لطبقات ا لمتأخّرة ، ولایعقل تعلّقـه
با لمعدومین بما هم معدومون ؛ لامتناع ا لإشارة إلیهم ـ أنّ ا لوقف سواء کان عامّاً أو خاصّاً ، إذا لم یکن لـه استعداد بقاء إلی ا لطبقات ا لمتأخّرة ذاتاً أو منفعةً ، یجب علی ا لوا لی تبدیلـه بما یکون لـه استعداد ا لبقاء ذاتاً ومنفعةً ، لا لأجل تعلّق حقّ من ا لمعدومین بـه حتّیٰ یقال : إنّ ا لمفروض أ نّـه لایبقیٰ إلیٰ عصرهم .
بل لأ نّـه صار من ا لمصا لح ا لعامّـة فی ا لأوقاف ا لعامّـة ، ومن ا لمصا لح ا للاّزمـة ا لحفظ للطبقات ا لمتأخّرة فی ا لأوقاف ا لخاصّـة ، ومن ا لضروریّ أنّ ا لواقف لایختلف وقفـه وإیقافـه علی ا لعناوین بحسب اختلاف ا لأعیان ا لموقوفـة فی استعداد ا لبقاء ، فمن جعل محلاًّ مسجداً ، لم یختلف جعلـه ـ فی کیفیّـة ا لمسجدیّـة ـ بین ما یبقیٰ بحسب استعداده إلی ا لأبد ، وبین غیره ، فلاتقیید فی جعل ا لمسجدیّـة ، وکذا ا لحال فی سائر ا لأوقاف .
هذا فی ا لأوقاف ا لتی لم یتعرّض ا لواقف فیها لحال عروض ا لعوارض ، وأ مّا فیما تعرّض فا لحکم تابع لجعلـه ، ولیس ا لکلام هنا فیها ، فإذا صارت قریـة بحسب ا لوقف من مصا لح ا لمسلمین ، لایجوز للوا لی إهما لها إلیٰ أن تضیع ، ولاتبدیلها بما لایبقیٰ إلاّ بمقدار بقاء ا لأصل ، بل لابدّ من لحاظ ما هو ا لأصلح لهم أو لطائفـة منهم ، کالأوقاف ا لخاصّـة .
وما قا لـه بعضهم : من أنّ إنشاء ا لوقف تعلّق بشخص ا لعین ؛ لأجل انتفاع جمیع ا لطبقات علیٰ فرض بقائها إلیٰ زمانهم ، فإنّ غیره غیر معقول ؛ إذ حبسها لهذا ا لغرض لایعقل انفکاکـه عن هذا ا لغرض ، فینتهی أمد ا لوقف بانتهاء ا لغرض ، فلا ملک للمعدومین لا فعلاً ولا شأناً ، فلا حقّ لهم حتّیٰ یجب مراعاتـه .
ثمّ أجاب عن ا لإشکال : بأنّ تسبیل ا لمنفعـة موسّع لدائرة ا لوقف کما مرّ .
فیـه ما مرّ : من أنّ ا لغرض لم یؤخذ فی دائرة ا لإنشاء ، ولیس ا لوقف مرکّباً من إنشاءین : إنشاء ا لحبس ، وإنشاء تسبیل ا لمنفعـة ، بل هو عنوان وحدانیّ ، یتعلّق بـه إنشاء واحد ، وإنّما یفسّر فی مقام ا لتفصیل : بأ نّـه حبس ا لأصل ، وتسبیل ا لمنفعـة ، کما أ نّـه لو أخبر مخبر عن ا لجسم ، لایخبر إلاّ خبراً واحداً ، وإن انحلّ ا لجسم إلیٰ مادّة وصورة مثلاً .
فا لواقف فی جعلـه وإنشائـه لایحدّد ا لوقف ، وإلاّ تصیر کلّ ا لموقوفات من قبیل منقطع الآخر ، ولم یکن وقف فیـه تأبید ، وهو کما تریٰ .
وبا لجملـة : إنّ ا لتأبید وا لانقطاع تابعان لکیفیّـة ا لجعل ، لا لبقاء ا لعین وعدم بقائها ، فما لم یکن متقیّداً بما یجعلـه منقطعاً فهو مؤبّد ، ولایلزم ذکر ا لتأبید فی ا لإنشاء ، فا لوقف علی ا لمسلمین أو علی ا لذرّیـة ـ بلا قید ـ وقف تأبید .
ولو صحّ ما ذکره : من أنّ أمد ا لوقف ینتهی بانتهاء ا لغرض ، ما کان جوابـه بما أفاد مقنعاً ، لا لفساد ا لمبنیٰ کما تقدّم ، بل لأنّ ما لیّـة ا لوقف أیضاً قد تکون محدودة بحدّ ، ولیس لها استعداد بقاء إلی ا لطبقـة ا لمتأخّرة ، فیکون ا لوقف إلیٰ أمد ا لما لیّـة بعین ما ذکره ، فلاتجب مراعاة تلک ا لطبقـة .
وا لتحقیق ما عرفت : من أنّ لزوم ذلک لأجل حفظ مصا لح ا لذرّیـة أو ا لمسلمین ، ولایکون ا لوقف علی ا لمعدومین ، ولایدور مدار ما لکیّتهم أو تعلّق حقّهم بـه .
وبا لجملـة : لابدّ من ملاحظـة صلاح ا لموقوف علیهم فی بدل ا لأوقاف .