ولو عرض ا لخراب علیٰ بعض ا لوقف ، فإن کان وقف منفعـة مطلقـة یباع وتراعی ا لمصلحـة فی شراء بدلـه ، أو صرف ثمنـه فی تعمیر ا لباقی .
وقد مرّ سابقاً : أنّ هذا ا لقسم لاتجب فیـه ا لمماثلـة ، بل تجب مراعاة ا لمصلحـة ، حتّیٰ لو اقتضت صرف ثمنـه فی وقف آخر لهم جاز ، فتأ مّل .
وأ مّا فی وقف ا لانتفاع ، کا لمدارس وا لدار للإسکان ، ووقف ا لمنفعـة علیٰ وجـه خاصّ بنحو ما مرّ ، فلابدّ ـ مع ا لإمکان ـ من صرف ثمنـه فی تحصیل ا لمماثل ، فإن أمکن إحداث مدرسـة اُخریٰ أو دار اُخریٰ للإسکان ، مع بقاء ا لبعض ا لمعمور قابلاً لسکنی ا لطلاب أو ا لذرّیـة ، یصرف ا لثمن فیـه .
وإن احتاج ا لبعض فی بقائـه إلیٰ صرفـه فیـه ، یقدّم ذلک .
وإن لم یحتج إلی ا لتعمیر ، ولم یکن ا لثمن بمقدار إحداث وقف آخر ، یحفظ ا لثمن عند أمین إلیٰ زمان ا لاحتیاج ، أو یصرف فی وقف آخر لهم مماثل لـه .
ولو دار ا لأمر بین مراعاة ا لبطن ا لموجود ، ومراعاة ا لبطون ا للاحقـة ، کما لو خرب بعض ا لوقف ، واحتاج بعضـه الآخر إلیٰ عمارة لایمکن بدونها انتفاع ا لبطون ا للاحقـة ، فهل تقدّم مصلحـة ا لبطن ا لموجود ؛ لکونـه ذا حقّ فعلاً ؟
أو مصلحـة ا لبطون ا للاحقـة ؛ لکثرتهم وأهمّیـة مراعاتهم ؟
أو أنّ ا لمورد من موارد مزاحمـة ا لحقوق ، فیقرع ویعمل علیٰ طبقها ؟
أو یفصّل بین ا لموارد ؛ فإن کان ا لثمن من ا لنقود ، یکون ا لمرجع هو ا لقرعـة ؛ بدعویٰ دوران ا لأمر بین تحصیل ا لنفع للبطن ا لموجود ، وتحصیلـه للبطون ا للاحقـة عند وجودهم ، ولا حقّ فعلیّ للبطن ا لموجود علی ا لثمن ؛ لأنّ حقّـه إنّما یتعلّق با لوقف لاستیفاء منفعتـه ، ولا منفعـة للثمن ، وکثرة ا لأفراد ـ علیٰ فرضها ـ لاتوجب ا لأهمّیـة ، فیکون من قبیل مزاحمـة مصلحـة ا لبطن ا لموجود ، ومصلحـة ا لبطون ا للاحقـة ، وا لمرجع هو ا لقرعـة .
وإن کان من غیر ا لنقود ؛ ممّا لـه قابلیّـة ا لانتفاع ، تقدّم مراعاة ا لموجود ؛ لتعلّق حقّـه فعلاً با لبدل لاستیفاء ا لمنفعـة ، وإن لم یکن وقفاً ؟
إلاّ أن یقال : إنّ ا لثمن أیضاً متعلّق حقّـه ؛ لیشتری منـه ما لـه نفع لـه ، أی لـه حقّ استیفاء ا لمنفعـة بوسط ، فیقدّم حقّـه ا لفعلیّ .
وبعبارة اُخریٰ : إنّ ا لثمن سواء کان من ا لنقود أم من غیرها ، مشترک بین ا لطبقات من حیث ا لملک بناءً علی ا لملکیّـة ، ومن حیث کونـه بدل ا لوقف ا لمتعلّق بهم جمیعاً بناءً علی ا لفکّ وا لتحریر ، وتمتاز ا لطبقـة ا لموجودة ، بأنّ لها حقّاً فعلیّاً لاستیفاء ا لمنفعـة من ا لبدل بوسط ، أو بلا وسط ، ولیس للطبقات ا للاحقـة ذلک ا لحقّ ، فلایجوز سلب ا لحقّ ا لفعلیّ ؛ لأجل إیصال نفع إلی ا للاحقـة .
ومنـه یظهر ا لکلام فیما إذا احتاج إصلاح ا لوقف ـ بحیث لایخرج عن قابلیـة انتفاع ا لبطون ا للاحقـة ـ إلیٰ صرف منفعتـه ا لحاضرة ، ا لتی هی ملک طلق للبطن ا لموجود ، بل هو أوضح ؛ فإنّ ا لإضرار با لبطن ا لموجود لأجل إیصال ا لنفع فیما بعد إلی ا لبطن ا للاّحق ، ممّا لا وجـه لـه .
وما قیل : من أ نّـه لایبعد تقدّم ا لتعمیر ؛ حفظاً لبقاء ا لوقف ، وحملاً علی
ا لغا لب ؛ من اشتراط ا لواقفین تقدیم ا لتعمیر ، فینصرف إلیـه غیر وجیـه ؛ فإنّ وجوب حفظـه بصرف ا لمال ا لمختصّ با لحاضرین فیـه ، أوّل ا لکلام ، ولا دلیل علیـه ، وا لموقوف وإن صار ـ علیٰ ما أشرنا إلیـه ـ من مصا لح عامّـة ا لمسلمین أو طائفـة منهم ، لکن حفظـه بما ذکر لا دلیل علیٰ وجوبـه .
بل دلیل حرمـة ا لإضرار با لمسلم ، وسلطنـة ا لناس علیٰ أموا لهم محکّم ، وا لغلبـة علیٰ فرضها لاتوجب ا لانصراف ؛ بحیث یصیر ا لمنشأ مقیّداً بمثل هذا ا لقید .
نعم ، یمکن تقریب تقدیم ا لتعمیر علیٰ مسلک بعض أهل ا لتحقیق ، حیث ذهب إلی أنّ تسبیل ا لمنفعـة أبداً ، موسّع لدائرة ا لموقوفـة ـ بمعنیٰ أنّ ا لعین بشخصها محبوسـة مادام إلی ا لانتفاع بها سبیل ، وبما هی مال محبوسـة إذا لم یمکن ا لانتفاع بها ـ بأن یقال : إنّ تسبیل ا لمنفعـة أبداً إذا کان موسّعاً للوقف ، فتأبید ا لوقف مضیّق لدائرة ا لانتفاع ، فا لمنافع للموقوف علیهم مادامت ا لعین باقیـة ولم تحتج فی بقائها إلی ا لتعمیر ، ومع ا لاحتیاج تصرف فی ا لتعمیر لحفظـه ، فا لتأبید فی ا لوقف وا لتسبیل ، متعاکسان فی ا لتوسعـة وا لتضییق .
لکن قد تقدّم بطلان ا لمقیس علیـه ، مع أنّ فی ا لقیاس أیضاً کلاماً .
وأ مّا دعویٰ : أنّ تقدّم ا لتعمیر فی ا لأملاک ا لشخصیّـة علی استفادة ا لمنافع ، أمر عقلائیّ ؛ فإنّ فی دوران ا لأمر بین هدم ا لملک ، وبین صرف منفعـة سنـة أو أکثر فی بقائـه ، یقدّم ا لعقلاء ا لتعمیر ، فلیکن ا لوقف أیضاً کذلک ، ولا أقلّ من صیرورة
ذلک منشأً للانصراف ا لمدّعیٰ .
ففیها ما لایخفیٰ ؛ فإنّ تقدیم ا لتعمیر فی ا لأملاک ا لشخصیّـة ، إنّما هو لأجل صرف منفعـة سنـة مثلاً لاستیفاء ا لمنافع ا لکثیرة فی باقی ا لسنوات ، وأ مّا إذا توقّف استیفاء شخص آخر منافع کثیرة علیٰ صرف منفعـة غیره فلا ، وا لمقام من هذا ا لقبیل .