القول فی الظهار
الذی کان طلاقاً فی الجاهلیّة وموجباً للحرمة الأبدیّة ، وقد غیّر شرع الإسلام حکمه وجعله موجباً لتحریم الزوجة المظاهرة ، ولزوم الکفّارة بالعود کما ستعرف تفصیله .
(مسألة 1) : صیغة الظهار أن یقول الزوج مخاطباً للزوجة : «أنت علیّ کظهر اُمّی» أو یقول بدل «أنت» : «هذه» مشیراً إلیها أو «زوجتی» أو «فلانة» ویجوز تبدیل «علیّ» بقوله : «منّی» أو «عندی» أو «لدیّ» ، بل الظاهر عدم اعتبار ذکر لفظة «علیّ» وأشباهها أصلاً بأن یقول : «أنت کظهر اُمّی» . ولو شبّهها بجزء آخر من أجزاء الاُمّ غیر الظهر کرأسها أو یدها أو بطنها ففی وقوع الظهار قولان ، أحوطهما ذلک ، بل لایخلو من قوّة . ولو قال : «أنت کاُمّی» أو « . . . اُمّی» قاصداً به التحریم لا علوّ المنزلة والتعظیم أو کبر السنّ وغیر ذلک لم یقع ، وإن کان الأحوط خلافه ، بل لا یترک الاحتیاط .
(مسألة 2) : لو شبّهها بإحدی المحارم النسبیّة غیر الاُمّ کالبنت والاُخت فمع ذکر الظهر بأن قال مثلاً : «أنت علیّ کظهر اُختی» یقع الظهار علی الأقویٰ ، وبدونه کما إذا قال : « . . . کاُختی» أو « . . . کرأس اُختی» لم یقع علیٰ إشکال .
(مسألة 3) : الظهار الموجب للتحریم ما کان من طرف الرجل ، فلو قالت المرأة لزوجها : «أنت علیّ کظهر أبی أو أخی» لم یؤثّر شیئاً .
(مسألة 4) : یشترط فی الظهار وقوعه بحضور عدلین یسمعان قول المظاهر کالطلاق
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 802 وفی المظاهر : البلوغ والعقل والاختیار ، فلا یقع من الصبیّ ولا المجنون ولا المکره ولا الساهی ، بل ولا مع الغضب السالب للقصد ، وفی المظاهرة : خلوّها عن الحیض والنفاس ، وکونها فی طهر لم یواقعها فیه علی التفصیل المذکور فی الطلاق ، وفی اشتراط کونها مدخولاً بها قولان ، أصحّهما ذلک .
(مسألة 5) : الأقویٰ عدم اعتبار دوام الزوجیّة فی المظاهرة ، بل یقع علی المتمتّع بها ، بل وعلی المملوکة .
(مسألة 6) : إذا تحقّق الظهار بشرائطه حرم علی المظاهر وط ء المظاهرة ، ولا یحلّ له حتّیٰ یکفّر ، فإذا کفّر حلّ له وطؤها ولا تلزم کفّارة اُخریٰ بعد وطئها ، ولو وطئها قبل أن یکفّر کانت علیه کفّارتان . وهل یحرم علیه قبل التکفیر غیر الوط ء من سائر الاستمتاعات کالقبلة والملامسة ؟ فیه إشکال .
(مسألة 7) : إذا طلّقها رجعیّاً ثمّ راجعها ، لم یحلّ له وطؤها حتّیٰ یکفّر ، بخلاف ما إذا تزوّجها جدیداً بعد انقضاء العدّة أو فی العدّة إذا کان الطلاق بائناً ، فإنّه یسقط حکم الظهار ویجوز له وطؤها بلا تکفیر .
(مسألة 8) : کفّارة الظهار - کما مرّ فی کتاب الکفّارات - أحد اُمور ثلاثة مرتّبة : عتق رقبة ، وإذا عجز عنه فصیام شهرین متتابعین ، وإذا عجز عنه فإطعام ستّین مسکیناً .
(مسألة 9) : إذا صبرت المظاهرة علیٰ ترک وطئها فلا اعتراض ، وإن لم تصبر رفعت أمرها إلی الحاکم ، فیحضره ویخیّره بین الرجعة بعد التکفیر وبین طلاقها ، فإن اختار أحدهما ، وإلاّ أنظره ثلاثة أشهر من حین المرافعة ، فإن انقضت المدّة ولم یختر أحد الأمرین حبسه وضیّق علیه فی المطعم والمشرب حتّیٰ یختار أحدهما ، ولا یجبره علیٰ خصوص أحدهما ولا یطلّق عنه .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 803
القول فی الإیلاء
وهو الحلف علیٰ ترک وط ء الزوجة الدائمة المدخول بها ؛ أبداً أو مدّة تزید عن أربعة أشهر للإضرار بها ، فلا یتحقّق الإیلاء بالحلف علیٰ ترک وط ء المملوکة ولا المتمتّع بها ولا لغیر المدخول بها ولا بالحلف علیٰ ترک وطئها مدّة لا تزید عن أربعة أشهر ، ولا فیما إذا کان لملاحظة مصلحة کإصلاح لبنها أو کونها مریضة أو غیر ذلک ؛ وإن انعقد الیمین فی جمیع ذلک ویترتّب علیه آثاره إذا اجتمع شروطه .
(مسألة 1) : لاینعقد الإیلاء کمطلق الیمین إلاّ باسم اللّه تعالی المختصّ به أو الغالب إطلاقه علیه . ولا یعتبر فیه العربیّة ، ولا اللفظ الصریح فی کون المحلوف علیه ترک الجماع فی القبل کإدخال الفرج فی الفرج ، بل المعتبر صدق کونه حالفاً علیٰ ترک ذلک العمل بلفظ له ظهور فی ذلک فیکفی قوله : «لا أطأک» أو«لا اُجامعک» أو«لا أمسّک» بل وقوله : «لا جمع رأسی ورأسک وسادة أو مخدّة» إذا قصد بذلک ترک الجماع .
(مسألة 2) : إذا تمّ الإیلاء بشرائطه ، فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن المواقعة فلا کلام ، وإلاّ فلها المرافعة إلی الحاکم ، فیحضره وینظره أربعة أشهر ، فإن رجع وواقعها فی هذه المدّة فهو ، وإلاّ أجبره علیٰ أحد الأمرین : إمّا الرجوع أو الطلاق ، فإن فعل أحدهما ، وإلاّ ضیّق علیه وحبسه حتّیٰ یختار أحدهما ، ولا یجبره علیٰ أحدهما معیّناً .
(مسألة 3) : المشهور : أنّ الأربعة التی ینظر فیها ثمّ یجبر علیٰ أحد الأمرین بعدها هی من حین الترافع ، وقیل: من حین الإیلاء ، فعلیٰ هذا لو لم ترافع حتّی انقضت المدّة ألزمه بأحد الأمرین من دون إمهال وانتظار مدّة ، وفیه تأمّل .
(مسألة 4) : یزول حکم الإیلاء بالطلاق البائن ، فلو عقد علیها جدیداً فی العدّة أو بعدها کانت کأن لم یؤل علیها ، بخلاف ما إذا طلّقها رجعیّاً فإنّه وإن خرج بذلک من حقّها فلیست لها المطالبة والترافع إلی الحاکم ، لکن لایزول حکم الإیلاء إلاّ بانقضاء العدّة ، فلو راجعها فی العدّة عاد إلی الحکم الأوّل ، فلها المطالبة بحقّها والمرافعة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 804 (مسألة 5) : متیٰ وطئها الزوج بعد الإیلاء لزمته الکفّارة ؛ سواء کان فی مدّة التربّص أو بعدها أو قبلها لو جعلناها من حین المرافعة ، لأنّه قد حنث الیمین علیٰ کلّ حال ؛ وإن جاز له هذا الحنث ، بل وجب بعد انقضاء المدّة ومطالبتها وأمر الحاکم به تخییراً ، وبهذا یمتاز هذا الیمین عن سائر الأیمان ، کما أنّه یمتاز عن غیره بأنّه لا یعتبر فیه ما یعتبر فی غیره ؛ من کون متعلّقه مباحاً تساویٰ طرفاه أو کان راجحاً دیناً أو دنیاً .
القول فی اللعان
وهی مباهلة خاصّة بین الزوجین ، أثرها دفع حدّ أو نفی ولد کما تعرف تفصیله .
(مسألة 1) : إنّما یشرع اللعان فی مقامین : أحدهما : فیما إذا رمی الزوج زوجته بالزنا . الثانی : فیما إذا نفیٰ ولدیّة من وُلد فی فراشه مع إمکان لحوقه به .
(مسألة 2) : لایجوز للرجل قذف زوجته بالزنا مع الریبة ، ولا مع غلبة الظنّ ببعض الأسباب المریبة ، بل ولا بالشیاع ، ولا بإخبار شخص ثقة . نعم یجوز مع الیقین ، لکن لایصدّق إذا لم تعترف به الزوجة ولم تکن بیّنة ، بل یحدّ حدّ القذف مع مطالبتها إلاّ إذا أوقع اللعان الجامع للشروط الآتیة ، فیدرأ عنه الحدّ .
(مسألة 3) : یشترط فی ثبوت اللعان بالقذف أن یدّعی المشاهدة ، فلا لعان فیمن لم یدّعها ومن لم یتمکّن منها کالأعمیٰ ، فیحدّان مع عدم البیّنة ، وأن لایکون له بیّنة ، فإن کانت له بیّنة تتعیّن إقامتها لنفی الحدّ ولا لعان .
(مسألة 4) : یشترط فی ثبوت اللعان أن تکون المقذوفة زوجة دائمة ، فلا لعان فی قذف الأجنبیّة ، بل یحدّ القاذف مع عدم البیّنة ، وکذا فی المنقطعة علی الأقویٰ ، وأن تکون مدخولاً بها ، فلا لعان فیمن لم یدخل بها ، وأن تکون غیر مشهورة بالزنا وإلاّ فلا لعان ، بل ولا حدّ حتّیٰ یدفع باللعان ، بل علیه التعزیر لو لم یدفعه عن نفسه بالبیّنة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 805 (مسألة 5) : لایجوز للرجل أن ینکر ولدیّة من تولّد فی فراشه مع إمکان لحوقه به ؛ بأن دخل باُمّه وقد مضیٰ منه إلیٰ زمان وضعه ستّة أشهر فصاعداً ولم یتجاوز عن أقصیٰ مدّة الحمل ، حتّیٰ فیما إذا فجر أحد بها ، فضلاً عمّا إذا اتّهمها . بل یجب علیه الإقرار بولدیّته ، فعن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم : «أیّما رجل جحد ولده وهو ینظر إلیه احتجب اللّه منه وفضحه علیٰ رؤوس الخلائق» . نعم یجب علیه أن ینفیه ولو باللعان مع علمه بعدم تکوّنه منه من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به إذا کان بحسب ظاهر الشرع لحوقه به لولا نفیه ؛ لئلاّ یلحق بنسبه من لیس منه ، فیترتّب علیه حکم الولد فی المیراث والنکاح ونظر محارمه وغیر ذلک .
(مسألة 6) : إذا نفیٰ ولدیّة من ولد فی فراشه ، فإن علم أنّه دخل باُمّه دخولاً یمکن معه لحوق الولد به أو أقرّ هو بذلک ومع ذلک نفاه ، لا یسمع منه هذا النفی ولا ینتفی منه لا باللعان ولا بغیره ، وأمّا لو لم یعلم ذلک ولم یقرّ به وقد نفاه إمّا مجرّداً عن ذکر السبب ؛ بأن قال : «هذا لیس ولدی» ، أو مع ذکر السبب بأن قال : « . . . لأنّی لم أدخل باُمّه أصلاً» أو أنکر دخولاً یمکن تکوّنه منه ، فحینئذٍ وإن لم ینتف عنه بمجرّد نفیه لکن باللعان ینتفی عنه .
(مسألة 7) : إنّما یشرع اللعان لنفی الولد إذا کانت المرأة منکوحة بالعقد الدائم ، وأمّا ولد المتمتّع بها فینتفی بنفیه من دون لعان وإن لم یجز له نفیه ولم یعلم بالانتفاء . نعم لو علم أنّه قد دخل بها دخولاً یمکن تکوّن الولد منه أو أقرّ بذلک ومع ذلک قد نفاه ، لم ینتف عنه بنفیه ولم یسمع منه ذلک ، کما هو کذلک فی الدائمة ، فالفرق بین الدائمة والمتمتّع بها إنّما هو فیما إذا کانت المرأة تحتها وولدت ولداً ، ولم یعلم دخول الرجل بها دخولاً یمکن تکوّن الولد منه ، ولم یقرّ الزوج بذلک وقد نفاه الزوج واحتمل صدقه وکذبه ، ففی ولد الدائمة لم ینتف عنه إلاّ باللعان ویشرع اللعان لنفیه ، وفی ولد المتمتّع بها ینتفی عنه بمجرّد نفیه بحسب ظاهر الشرع ولا یشرع فیه اللعان .
(مسألة 8) : لا فرق فی مشروعیّة اللعان لنفی الولد بین کونه حملاً أو منفصلاً .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 806 (مسألة 9) : من المعلوم أنّ انتفاء الولد عن الزوج لا یلازم کونه ولد زنا ؛ لاحتمال تکوّنه عن وط ء شبهة أو غیره ، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به وإن جاز له بل وجب علیه نفیه عن نفسه ، لکن لایجوز له أن یرمیها بالزنا وینسب ولدها بکونه ولد زنا .
(مسألة 10) : لو أقرّ بالولد لم یسمع إنکاره له بعد ذلک ؛ سواء کان إقراره بالصریح أو بالکنایة ، مثل أن یبشّر به ویقال له : «بارک اللّه لک فی مولودک» فیقول : «آمین» أو «إن شاء اللّه تعالیٰ» بل قیل : إنّه إذا کان الزوج حاضراً وقت الولادة ولم ینکر الولد مع ارتفاع العذر لم یکن له إنکاره بعد ذلک ، بل نسب ذلک إلی المشهور .
(مسألة 11) : لایقع اللعان إلاّ عند الحاکم الشرعی أو من نصبه لذلک ، وصورته أن یبدأ الرجل ویقول بعدما قذفها أو نفیٰ ولدها : «أشهد باللّه إنّی لمن الصادقین فیما قلت من قذفها أو من نفی ولدها» ، یقول ذلک أربع مرّات ، ثمّ یقول مرّة واحدة : «لعنة اللّه علیّ إن کنت من الکاذبین» ، ثمّ تقول المرأة بعد ذلک أربع مرّات : «أشهد باللّه إنّه لمن الکاذبین فی مقالته من الرمی بالزنا أو نفی الولد» ، ثمّ تقول مرّة واحدة : «إنّ غضب اللّه علیّ إن کان من الصادقین» .
(مسألة 12) : یجب أن تکون الشهادة واللعن علی الوجه المذکور ، فلو قال أو قالت : «أحلف» أو «أقسم» أو «شهدت» أو «أنا شاهد» أو أبدلا لفظ الجلالة بالرحمان أو بخالق البشر أو بصانع الموجودات أو قال الرجل : «إنّی صادق» أو «لصادق» أو « . . . من الصادقین» من غیر ذکر «اللام» أو قالت المرأة : «إنّه لکاذب» أو « . . . کاذب» أو « . . . من الکاذبین» بدون «اللام» لم یقع ، وکذا لو أبدل الرجل اللعنة بالغضب ، والمرأة بالعکس .
(مسألة 13) : یجب أن یکون إتیان کلّ منهما باللعان بعد إلقاء الحاکم إیّاه علیه ، فلو بادر به قبل أن یأمر الحاکم به لم یقع .
(مسألة 14) : یجب أن یکون النطق بالعربیّة مع القدرة ویجوز بغیرها مع التعذّر .
(مسألة 15) : یجب أن یکونا قائمین عند التلفّظ بألفاظهما الخمسة . وهل یعتبر أن یکونا
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 807 قائمین معاً عند تلفّظ کلّ منهما أو یکفی قیام کلّ منهما عند تلفّظه بما یخصّه ؟ أحوطهما الأوّل .
(مسألة 16) : إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما یترتّب علیه أحکام أربعة : الأوّل : انفساخ عقد النکاح والفرقة بینهما . الثانی : الحرمة الأبدیّة ، فلا تحلّ له أبداً ولو بعقد جدید . وهذان الحکمان ثابتان فی مطلق اللعان ؛ سواء کان للقذف أو لنفی الولد . الثالث : سقوط حدّ القذف عن الزوج بلعانه وسقوط حدّ الزنا عن الزوجة بلعانها ، فلو قذفها ثمّ لاعن ونکلت هی عن اللعان تخلّص الرجل عن حدّ القذف وتحدّ المرأة حدّ الزانیة ؛ لأنّ لعان الرجل بمنزلة البیّنة فی إثبات زنا الزوجة . الرابع : انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة إن تلاعنا لنفیه ؛ بمعنیٰ أنّه لو نفاه وادّعت الزوجة کون الولد له فتلاعنا ، لم یکن توارث بین الرجل والولد فلا یرث کلّ منهما عن الآخر ، وکذا بین الولد وکلّ من انتسب إلیه بالاُبوّة کالجدّ والجدّة والأخ والاُخت للأب ، وکذا الأعمام والعمّات ، بخلاف الاُمّ ومن انتسب إلیه بها ، حتّی أنّ الإخوة للأب والاُمّ بحکم الإخوة للاُمّ .
(مسألة 17) : إذا کذّب نفسه بعدما لاعن لنفی الولد ، لحق به الولد فیما علیه لا فیما له ، فیرثه الولد ولا یرثه الأب ولا من یتقرّب به ، وسیجیء تفصیله فی کتاب المیراث إن شاء اللّه تعالیٰ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 808