والواجب منها ستّة : غسل الجنابة والحیض والاستحاضة والنفاس ومسّ المیّت وغسل الأموات .
فصل فی غسل الجنابة
والکلام فی سبب الجنابة وأحکام الجنب وواجبات الغسل .
القول فی السبب
(مسألة 1) : سبب الجنابة أمران :
أحدهما : خروج المنیّ وما فی حکمه من البلل المشتبه قبل الاستبراء بالبول کما ستعرفه إن شاء اللّه تعالیٰ . والمعتبر خروجه إلی الخارج فلو تحرّک من محلّه ولم یخرج لم یوجب الجنابة ، کما أنّ المعتبر کونه منه فلو خرج من المرأة منیّ الرجل لایوجب جنابتها إلاّ مع العلم باختلاطه بمنیّها . والمنیّ إن علم فلا إشکال وإلاّ رجع الصحیح فی معرفته إلی اجتماع الدفق والشهوة وفتور الجسد . ویرجع المریض والمرأة إلی الأخیرین . ولایکفی الواحد من الثلاثة ، لکنّ الأحوط مع عدم اجتماع الثلاث الغسل والوضوء إذا کان مسبوقاً بالحدث الأصغر ، والغسل وحده إن کان مسبوقاً بالطهارة .
ثانیهما : الجماع وإن لم ینزل ، ویتحقّق بغیبوبة الحشفة . وقدرها من مقطوعها فی القبل أو الدبر ، فیحصل حینئذٍ وصف الجنابة لکلّ منهما من غیر فرق بین الصغیر والمجنون وغیرهما وإن وجب الغسل حینئذٍ بعد حصول شرائط التکلیف . ویصحّ الغسل من الصبیّ الممیّز ، فإذا اغتسل یرتفع عنه حدث الجنابة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 36 (مسألة 2) : إذا رأیٰ فی ثوبه منیّاً وعلم أنّه منه ولم یغتسل بعده یجب علیه قضاء الصلوات التی صلاّها بعده ، وأمّا الصلوات التی یحتمل وقوعها قبله فلایجب قضاؤها . وإذا علم أنّه منه ولکن لم یعلم أنّه من جنابة سابقة اغتسل منها أو جنابة اُخریٰ لم یغتسل لها فالظاهر أنّه لایجب علیه الغسل وإن کان أحوط .
(مسألة 3) : إذا تحرّک المنیّ عن محلّه فی الیقظة أو فی النوم بالاحتلام لم یجب الغسل ما لم یخرج کما مرّ ، فإذا کان بعد دخول الوقت ولم یکن عنده ماء للغسل لایجب حبسه عن الخروج فإذا خرج یتیمّم للصلاة . نعم إذا لم یکن عنده ما یتیمّم به أیضاً لایبعد وجوب حبسه إلاّ إذا تضرّر به ، وکذا الحال فی إجناب نفسه اختیاراً بعد دخول الوقت فیجوز لو لم یکن عنده ماء الغسل دون ما یتیمّم به ، بخلاف ما إذا لم یکن عنده ما یتیمّم به أیضاً کما مرّ .
القول فی أحکام الجنب
یتوقّف علی الغسل من الجنابة اُمور ؛ بمعنیٰ أنّه شرط فی صحّتها :
الأوّل : الصلاة بأقسامها - ماعدا صلاة الجنازة - لها ولأجزائها المنسیّة ، بل وکذا سجدتی السهو علی الأحوط . الثانی : الطواف الواجب دون المندوب . والثالث : صوم شهر رمضان وقضاؤه ؛ بمعنیٰ بطلانه إذا أصبح جنباً متعمّداً أو ناسیاً للجنابة . وأمّا غیرهما من أقسام الصیام فلایبطل بالإصباح جنباً وإن کان الأحوط فی الواجب منها ترک تعمّده . نعم الجنابة العمدیّة فی أثناء النهار تبطل جمیع أقسام الصیام حتّی المندوب منها بخلاف غیرها کالاحتلام فلا یضرّ بشیء منها حتّیٰ صوم شهر رمضان .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 37
فصل
یحرم علی الجنب اُمور :
الأوّل : مسّ کتابة القرآن علی التفصیل المتقدّم فی الوضوء ، ومسّ اسم اللّه تعالیٰ وسائر أسمائه وصفاته المختصّة به ، وکذا مسّ أسماء الأنبیاء والأئمّة علیهم السلام علی الأحوط .
الثانی : دخول مسجد الحرام ومسجد النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم وإن کان بنحو الاجتیاز .
الثالث : المکث فی غیر المسجدین من المساجد ، بل مطلق الدخول فیها إذا لم یکن مارّاً ؛ بأن یدخل من باب ویخرج من آخر أو دخل فیها لأجل أخذ شیء منها فإنّه لابأس به . ویلحق بها المشاهد المشرّفة علی الأحوط ، وأحوط من ذلک إلحاقها بالمسجدین ، کما أنّ الأحوط فیها إلحاق الرواق بالروضة المشرّفة .
الرابع : وضع شیء فی المساجد وإن کان من الخارج أو فی حال العبور .
الخامس : قراءة سور العزائم الأربع - سورة اقرأ والنجم والم تنزیل وحم السجدة - ولو بعض منها حتّی البسملة بقصد أحدها .
(مسألة 1) : إذا احتلم فی أحد المسجدین أو دخل فیهما جنباً عمداً أو سهواً أو جهلاً وجب علیه التیمّم للخروج ، إلاّ أن یکون زمان الخروج أقصر من المکث للتیمّم أو مساویاً له فحینئذٍ یخرج بدون تیمّم علی الأقویٰ .
(مسألة 2) : إذا کان جنباً وکان الماء فی المسجد یجب علیه أن یتیمّم ویدخل المسجد لأخذ الماء ولا ینتقض التیمّم بهذا الوجدان إلاّ بعد الخروج مع الماء أو بعد الاغتسال . وهل یباح بهذا التیمّم غیر دخول المسجد واللبث فیه بمقدار الحاجة ؟ فیه تأمّل وإشکال .
فصل
یکره علی الجنب اُمور :
منها : الأکل والشرب ، ویرتفع کراهتهما علیه باُمور : أکملها الوضوء الکامل ثمّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 38 غسل الید والوجه والمضمضة ثمّ غسل الیدین فقط . ومنها : قراءة ما زاد علیٰ سبع آیات غیر العزائم ، وتشتدّ الکراهة إن زاد علیٰ سبعین آیة . ومنها : مسّ ما عدا خطّ المصحف من الجلد والورق والهامش وما بین السطور . ومنها : النوم ، وترتفع کراهته بالوضوء وإذا لم یجد الماء تیمّم بدلاً عن الغسل . ومنها : الخضاب وکذا إجناب نفسه إذا کان مختضباً قبل أن یأخذ اللون . ومنها : الجماع إذا کان جنباً بالاحتلام . ومنها : حمل المصحف وتعلیقه .
القول فی واجبات الغسل
(مسألة 1) : واجبات الغسل اُمور :
الأوّل : النیّة ویعتبر فیها الإخلاص ، ولابدّ من استدامة حکمها کما تقدّم فی الوضوء .
(مسألة 2) : إذا دخل الحمّام بنیّة الغسل فإن بقی فی نفسه الداعی الأوّل وکان غمسه واغتساله بذلک الداعی بحیث لو سُئل عنه حین غمسه ما تفعل ؟ یقول : أغتسل ، فغسله صحیح وقد وقع غسله مع النیّة . وأمّا إذا کان غافلاً بالمرّة بحیث لو قیل له : ما تفعل؟ بقی متحیّراً ، بطل غسله ، بل لم یقع منه الغسل أصلاً .
(مسألة 3) : إذا ذهب إلی الحمّـام لیغتسل وبعدما خرج شکّ فی أنّه اغتسل أم لا ، بنیٰ علی العدم ، أمّا لو علم أنّه اغتسل لکن شکّ فی أنّه علی الوجه الصحیح أم لا ، بنیٰ علی الصحّة .
الثانی : غسل ظاهر البشرة فلا یجزی غیرها ، فیجب علیه حینئذٍ رفع الحاجب وتخلیل ما لا یصل الماء إلیه إلاّ بتخلیله ، ولایجب غسل باطن العین والأنف والاُذن وغیرها حتّی الثقبة التی فی الاُذن أو الأنف للقرط أو الحلقة إلاّ إذا کانت واسعة بحیث تعدّ من الظاهر ، والأحوط غسل ما شکّ فی أنّه من الظاهر أو الباطن .
(مسألة 4) : لایجب غسل الشعر بل یجب غسل ما تحته من البشرة ، نعم ما کان دقیقاً بحیث یعدّ من توابع الجسد یجب غسله .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 39 الثالث : الترتیب فی الترتیبی ، الذی هو أفضل من الارتماس الذی هو عبارة عن تغطیة البدن فی الماء مقارناً للنیّة ، ویکفی فیها استمرار القصد . والترتیب عبارة عن غسل تمام الرأس ومنه العنق مدخلاً لبعض الجسد معه مقدّمة ، ثمّ تمام النصف الأیمن مدخلاً أیضاً لبعض الأیسر معه مقدّمة ، ثمّ تمام النصف الأیسر مدخلاً لبعض الأیمن معه مقدّمة . وتدخل العورة والسرّة فی التنصیف المذکور فیغسل نصفهما الأیمن مع الأیمن ونصفهما الأیسر مع الأیسر ، إلاّ أنّ الأولیٰ غسلهما مع الجانبین . واللازم استیعاب الأعضاء الثلاثة بالغسل بصبّة واحدة أو أکثر بفرک ودلک أو غیر ذلک .
(مسألة 5) : لاترتیب فی العضو ، فیجوز غسله من الأسفل إلی الأعلیٰ وإن کان الأولی البدأة بأعلی العضو فالأعلیٰ ، کما أنّه لا کیفیّة مخصوصة للغسل المراد هنا ، بل یکفی تحقّق مسمّاه ، فیجزی حینئذٍ رمس الرأس بالماء أوّلاً ثمّ الجانب الأیمن ثمّ الجانب الأیسر ، ویجزیه أیضاً رمس البعض والصبّ علی الآخر . ولو ارتمس ثلاث ارتماسات ناویاً بکلّ واحدة غسل عضو صحّ ، بل یتحقّق مسمّی الغسل بتحریک العضو فی الماء علیٰ وجه یجری الماء علیه ، فلایحتاج إلیٰ إخراجه منه ثمّ غمسه فیه .
(مسألة 6) : اللازم فی الغسل الارتماسی أن یکون تمام البدن فی الماء فی آن واحد وإن کان غمسه علی التدریج ، فلو خرج بعض بدنه قبل أن ینغمس البعض الآخر لم یکف . فلو کانت رجله فی الطین حال دخول سائر بدنه فی الماء وحال إزالة الطین عنها کان بعض بدنه خارجاً عنه لم یتحقّق الارتماس . ففی الأنهار والجداول التی یدخل الرجل فی الطین والوحل یشکل الغسل الارتماسی فلا محیص عن اختیار الترتیبی فیها ؛ بأن یغسل الرأس
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 40 والرقبة بالصبّ أو الرمس أوّلاً ، ثمّ یغسل من الطرف الأیمن ما کان غیر داخل فی الوحل ثانیاً ، ثمّ یخرج رجله الیمنیٰ من الوحل ویزیل عنها الوحل ویغسلها حتّیٰ یتمّ غسل الطرف الأیمن ، ثمّ یفعل بالطرف الأیسر ما صنعه بالطرف الأیمن .
(مسألة 7) : لو تیقّن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه وجبت إعادة الغسل من رأس فی الارتماسیّ . وأمّا فی الترتیبی فإن کان ذلک الجزء من الطرف الأیسر یکفی غسل ذلک الجزء ولایحتاج إلیٰ إعادة الغسل ، بل ولا إعادة غسل سائر أجزاء الأیسر ولو طالت المدّة حتّیٰ جفّ تمام الأعضاء ، وإن کان ذلک الجزء من الأیمن یغسل خصوص ذلک الجزء ویعید غسل الأیسر ، وإذا کان من الرأس یغسل خصوص ذلک الجزء ویعید غسل الطرفین .
(مسألة 8) : لایجب الموالاة فی الغسل الترتیبی فلو غسل رأسه ورقبته فی أوّل النهار والأیمن فی وسطه والأیسر فی آخره صحّ .
(مسألة 9) : یجوز الغسل تحت المطر وتحت المیزاب ترتیباً لا ارتماساً .
الرابع من الواجبات : إطلاق الماء وطهارته وإباحة المکان والمصبّ والآنیة والمباشرة اختیاراً وعدم المانع من استعمال الماء لمرض ونحوه علیٰ ما سمعته فی الوضوء ، وکذا طهارة المحلّ الذی یراد إجراء ماء الغسل علیه ، فلو فرض نجاسته طهّره أوّلاً ثمّ أجری الماء علیه للغسل .
(مسألة 10) : إذا کان قاصداً عدم إعطاء الاُجرة للحمّامی أو کان بناؤه علیٰ إعطاء الاُجرة من الفلوس الحرام أو علی النسیئة من غیر إحراز رضا الحمّامی بطل غسله وإن استرضاه بعد الغسل .
(مسألة 11): یشکل الوضوء والغسل بالماءالمسبّل إلاّ مع العلم بعموم الإباحة من مالکه.
(مسألة 12) : الظاهر أنّ ماء غسل المرأة من الجنابة والحیض والنفاس وکذا اُجرة تسخینه إذا احتاج إلیه علیٰ زوجها ؛ لأنّه یعدّ جزءً من نفقتها ؛ خصوصاً فی غسلها من الجنابة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 41 (مسألة 13) : یتعیّن علی المجنب فی نهار شهر رمضان أن یغتسل ترتیباً ، فلو اغتسل ارتماسیّاً بطل غسله وصومه . نعم لو اغتسل ارتماساً نسیاناً لم یبطل صومه وصحّ غسله .
(مسألة 14) : لو شکّ فی شیء من أجزاء الغسل وقد دخل فی آخر یجب تدارک ما شکّ فیه کالوضوء ، فإنّک قد عرفت وجوب التدارک علیه فیه ما لم یفرغ .
(مسألة 15) : ینبغی الاستبراء بالبول قبل الغسل ولیس هو شرطاً فی صحّة الغسل ، ولکن فائدته أنّه لو فعله واغتسل ثمّ خرج منه بلل مشتبه لم یعد الغسل ، بخلاف ما لو اغتسل بدونه ثمّ خرج منه البلل المزبور فإنّه یعید الغسل حینئذٍ ؛ لکونه محکوماً علیه بأنّه منیّ ؛ سواء استبرأ بالخرطات لتعذّر البول علیه أم لا .
(مسألة 16) : المجنب بسبب الإنزال لو اغتسل ثمّ خرج منه بلل مشتبه بین المنیّ والبول فإن لم یستبرئ بالبول یحکم بکونه منیّاً فیجب علیه الغسل خاصّة ، وإن بال ولم یستبرئ بالخرطات بعده یحکم بکونه بولاً فیجب علیه الوضوء خاصّة . ولا فرق فی هاتین الصورتین بین احتمال غیرهما من المذی أو غیره أیضاً وعدمه . وإن استبرأ بالبول وبالخرطات بعده فإن احتمل غیر البول والمنیّ أیضاً لم یجب علیه شیء لا الغسل ولا الوضوء ، وإن لم یحتمل غیرهما فإن أوقع الأمرین قبل الغسل وخرج البلل المشتبه بعده یجب الاحتیاط بالجمع بین الغسل والوضوء ، وإن أوقعهما بعده ثمّ خرج البلل المزبور یکفی الوضوء خاصّة .
(مسألة 17) : إذا خرج من المنزل بعد الغسل رطوبة مشتبهة بین المنیّ وغیره وشکّ فی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 42 أنّه استبرأ بالبول أم لا ، بنیٰ علیٰ عدمه فیجب علیه الغسل ، ومع احتمال کونه بولاً الأحوط ضمّ الوضوء أیضاً .
(مسألة 18) : یجزی غسل الجنابة عن الوضوء لکلّ ما اشترط به .
(مسألة 19) : إذا أحدث بالأصغر فی أثناء الغسل لم یبطل علی الأقویٰ ، لکن یجب الوضوء بعده لکلّ ما اشترط به ، والأحوط استئناف الغسل قاصداً به مایجب علیه من التمام أو الإتمام والوضوء بعده .
(مسألة 20) : إذا ارتمس فی الماء بقصد الاغتسال وشکّ فی أنّه کان ناویاً للغسل الارتماسی حتّیٰ یکون فارغاً ، أو الترتیبی وکان ارتماسه بقصد غسل الرأس والرقبة فبقی الطرفان یجب علیه الاستئناف ویکفیه غسل الطرفین بعنوان الاحتیاط لأجل احتمال الاحتیاج إلیٰ غسلهما .
(مسألة 21) : إذا صلّی المجنب ثمّ شکّ فی أنّه اغتسل من الجنابة أم لا ، بنیٰ علیٰ صحّة صلاته ، ولکن یجب علیه الغسل للأعمال الآتیة ، ولو کان الشکّ فی أثناء الصلاة بطلت ، ولکن الأحوط إتمامها ثمّ إعادتها مع الغسل .
(مسألة 22) : إذا اجتمع علیه أغسال متعدّدة - واجبة أو مستحبّة أو مختلفة - فإن نوی الجمیع بغسل واحد صحّ وکفیٰ عن الجمیع مطلقاً ، وحینئذٍ إن کان فیها غسل الجنابة لا حاجة إلی الوضوء للمشروط به وإلاّ وجب الوضوء قبل الغسل أو بعده ، وکذلک یکفی عن الجمیع إن کان فیها الجنابة وقد قصد غسلها ، وإن لم یکن فیها الجنابة أو کانت وقد قصد واحداً من الأغسال الواجبة غیر غسل الجنابة فلایبعد کفایته عن الجمیع أیضاً لکن الأحوط خلافه ، وإن نویٰ بعض الأغسال المستحبّة کفیٰ أیضاً عن غیر المنویّ عن المستحبّات ، أمّا کفایته عن الواجبات ففیه إشکال فلایترک الاحتیاط .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 43
فصل فی غسل الحیض
دم الحیض أسود أو أحمر غلیظ حارّ یخرج بحرقة ، کما أنّ دم الاستحاضة أصفر بارد صاف یخرج من غیر لذع وحرقة . وهذه صفات غالبیّة لهما یرجع إلیها فی مقام التمیّز والاشتباه فی بعض المقامات ، وربّما کان کلّ منهما بصفات الآخر . وکلّ دم تراه الصبیّة قبل إکمال تسع سنین لیس بحیض وإن کان بصفاته ، بل هو استحاضة مع عدم العلم بغیرها ، وکذا ما تراه المرأة بعد الیأس لیس بحیض وإنّما هو استحاضة مع احتمالها . وتیأس المرأة بإکمال ستّین سنة إن کانت قرشیّة وخمسین إن کانت غیرها . والمشکوک کونها قرشیّة تلحق بغیرها . والمشکوک البلوغ تحکم بعدمه ، وکذلک المشکوک یأسها .
(مسألة 1) : إذا خرج ممّن شکّ فی بلوغها دم بصفات الحیض یحکم بکونها حیضاً ویکون أمارة علیٰ سبق البلوغ .
(مسألة 2) : الحیض یجتمع مع الإرضاع ، وفی اجتماعه مع الحمل قولان ؛ أقواهما ذلک ؛ وإن ندر وقوعه ، فیحکم بحیضیّة ما تراه الحامل مع اجتماع الشرائط والصفات ولو بعد استبانة الحمل .
(مسألة 3) : لا إشکال فی حدوث صفة الحیض وترتّب أحکامه عند خروج دمه إلی الخارج ولو بإصبع ونحوه وإن کان بمقدار رأس إبرة ، کما لا إشکال فی أنّه یکفی فی بقائها واستدامتها تلوّث الباطن به ولو قلیلاً بحیث تتلطّخ به القطنة لو أدخلتها . وإذا انصبّ من
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 44 محلّه فی فضاء الفرج بحیث یمکن إخراجه بالإصبع ونحوه ولم یخرج بعد فهل یحدث به صفة الحیض ویترتّب أحکامه أم لا ؟ فیه تأمّل وإشکال فلایترک الاحتیاط بالجمع بین تروک الحائض وأفعال الطاهر ، ولایبعد جواز إخراج الدم حینئذٍ ولو بالعلاج وإجراء أحکام الحائض .
(مسألة 4) : لو شکّ فی أصل الخروج حکم بعدمه ، کما أنّه لو شکّ فی أنّ الخارج دم أو غیره من الفضلات حکم بالطهارة من الحدث والخبث . ولو علمت بالدم وتردّد بین کونه خارجاً من الموضع أو من غیره حکم بالطهارة من الحدث خاصّة ولایجب علیها الفحص فی الصور الثلاث . ولو علمت بخروج الدم واشتبه حاله فله صور یعرف حکمها فی ضمن المسائل الآتیة .
(مسألة 5) : إذا اشتبه دم الحیض بدم البکارة کما إذا افتضّت البکر فسال دم کثیر لاینقطع فشکّ فی أنّه من الحیض أو البکارة أو منهما یختبر بإدخال قطنة والصبر قلیلاً ثمّ إخراجها ، فإن کانت مطوّقة بالدم فهو من البکارة وإن کان بصفات الحیض ، وإن کانت منغمسة به فهو من الحیض . والاختبار المذکور واجب ، بل هو شرط لصحّة عملها مع الإمکان ، فلو صلّت بدونه بطلت . ولو تعذّر علیها ترجع إلی الحالة السابقة من طهر أو حیض فتبنی علیها ، ومع الجهل بها تحتاط بالجمع بین تروک الحائض وأفعال الطاهر .
(مسألة 6) : الظاهر أنّ التطویق والانغماس المذکورین علامتان للبکارة والحیض مطلقاً حتّیٰ عند الشکّ فی البکارة أو الافتضاض ، وإن کان الأقویٰ عدم وجوب الاختبار علیها حینئذٍ بل لها الرجوع إلی الحالة السابقة کمن تعذّر علیها الاختبار .
(مسألة 7) : لو اشتبه دم الحیض بدم القرحة التی فی جوفها ترجع إلی الحالة السابقة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 45 من الحیض أو الطهارة ، ومع الجهل بها تعمل بالاحتیاط .
(مسألة 8) : أقلّ الحیض ثلاثة أیّام وأکثره کأقلّ الطهر عشرة ، فکلّ دم تراه المرأة ناقصاً عن الثلاثة أو زائداً عن العشرة لیس بحیض ، وکذا ما تراه بعد انقطاع الدم الذی حکم بحیضیّته من جهة العادة أو غیرها من دون فصل العشرة ، ولم یمکن حیضیّة الدمین مع النقاء المتخلّل فی البین ؛ لکون المجموع زائداً علی العشرة لیس بحیض بل هو استحاضة ، کما إذا رأت ذات العادة سبعة أیّام - مثلاً - فی العادة ثمّ انقطع سبعة أیّام ثمّ رأت ثلاثة أیّام ، فالثانی لیس بحیض بل هو استحاضة .
(مسألة 9) : الأقرب عدم اعتبار التوالی فی الأیّام الثلاثة ، بل یکفی کونها فی ضمن العشرة ، فإذا رأت الدم یوماً أو یومین ثمّ رأت قبل انقضاء العشرة ما به یتمّ الثلاثة یمکن کونها حیضاً ، ویلحق بها أیّام النقاء الذی فی البین ؛ إذ الطهر لایکون أقلّ من عشرة ، بخلاف ما لو رأت یوماً أو یومین ثمّ رأت ما به تکمل الثلاثة بعد انقضاء العشرة کالحادی عشر أو الثانی عشر فإنّ الکلّ استحاضة . نعم الظاهر أنّه یعتبر استمرار الدم فی نفس الأیّام بأن یکون ثلاثة أیّام کاملة ، فلایجزی الدماء المتفرّقة بین العشرة إذا کان المجموع بمقدار ثلاثة أیّام . ویکفی الاستمرار العرفی فلایضرّ الفترات الیسیرة المتعارفة بین النساء ، کما أنّ الظاهر کفایة التلفیق فی الأیّام کما لو رأت الدم من الظهر واستمرّ إلی الظهر من الیوم الرابع مثلاً . ولکن لاینبغی ترک الاحتیاط مع عدم التوالی بالجمع بین وظیفتی الحائض والمستحاضة فی أیّام الدم وبین وظیفتی الحائض والطاهر فی النقاء فی البین .
(مسألة 10) : المراد من الیوم النهار ؛ وهو ما بین طلوع الفجر إلی الغروب ، فاللیالی خارجة فإذا رأت من الفجر إلی الغروب وانقطع ثمّ رأت یومین آخرین کذلک فی ضمن العشرة کفیٰ . نعم بناءً علی اعتبار التوالی فی الأیّام الثلاثة تدخل اللیلتان المتوسّطتان خاصّة لو کان مبدأ الدم أوّل النهار واللیالی الثلاث لو کان مبدؤه أوّل اللیل أو عند التلفیق کالمثال المتقدّم .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 46 (مسألة 11) : الحائض إمّا ذات العادة أو غیرها ، والثانیة إمّا مبتدأة ؛ وهی التی لم تر حیضاً قطّ ، وإمّا مضطربة ؛ وهی التی تکرّر منها الحیض ولم تستقرّلها عادة ، وإمّا ناسیة ؛ وهی التی نسیت عادتها . وتصیر المرأة ذات عادة بتکرّرالحیض مرّتین متوالیتین متّفقتین فی الزمان أو العدد أو فیهما ، فتصیر بذلک ذات عادة وقتیّة أو عددیّة أو وقتیّة وعددیّة .
(مسألة 12) : لا إشکال فی أنّه لاتزول العادة برؤیة الدم علیٰ خلافها مرّة ، کما أنّه لا إشکال فی زوالها بطروّ عادة اُخریٰ حاصلة من تکرّر الدم مرّتین متماثلتین علیٰ خلافها . وفی زوالها بتکرّر رؤیة الدم علیٰ خلافها - لا علیٰ نسق واحد بل مختلفاً - قولان ؛ أقواهما ذلک فیما لو وقع التخلّف مراراً بحیث یصدق فی العرف أنّها لیس لها أیّام معلومة .
(مسألة 13) : ذات العادة الوقتیّة - سواء کانت عددیّة أیضاً أم لا - تتحیّض بمجرّد رؤیة الدم فی العادة فتترک العبادة - سواء کان بصفة الحیض أم لا - وکذا إذا رأت قبل العادة أو بعدها بیوم أو یومین أو أزید مادام یصدق علیه تعجیل الوقت والعادة وتأخّرهما ، فإن انکشف علیها بعد ذلک عدم کونه حیضاً لکونه أقلّ من أقلّه تقضی ما ترکته من العبادة . وأمّا غیر ذات العادة المذکورة فتتحیّض أیضاً بمجرّد الرؤیة إذا کان بصفات الحیض ، وأمّا مع عدمها فتحتاط بالجمع بین تروک الحائض وأعمال المستحاضة ، فإن استمرّ إلیٰ ثلاثة أیّام تجعلها حیضاً وإن زاد علیها إلی العشرة تجعل الزائد أیضاً حیضاً ، فتکتفی بوظیفة الحائض ولا تحتاج إلیٰ مراعاة أعمال المستحاضة .
(مسألة 14) : ذات العادة الوقتیّة إذا رأت فی العادة وقبلها أو رأت فیها وبعدها أو رأت فیها وفی الطرفین فإن لم یتجاوز المجموع عن العشرة جعلت المجموع حیضاً وإن تجاوز عنها فالحیض خصوص أیّام العادة والزائد استحاضة .
(مسألة 15) : إذا رأت المرأة ثلاثة أیّام متوالیة وانقطع بأقلّ من عشرة ثمّ رأت ثلاثة أیّام أو أزید فإن کان مجموع الدمین والنقاء المتخلّل فی البین لایزید علیٰ عشرة کان الطرفان
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 47 حیضاً ، ویلحق بهما النقاء المتخلّل ؛ سواء کان الدمان أو أحدهما بصفات الحیض أم لا ، وسواء کانت ذات العادة وصادف الدمان أو أحدهما العادة أم لا . وإن تجاوز المجموع عن العشرة فإن کانت ذات عادة وکان أحد الدمین فی العادة جعلته خاصّة حیضاً دون الآخر ، وکذلک إذا وقع بعض أحدهما فی العادة دون الآخر تجعل ذلک حیضاً دون الآخر ، وإن لم تکن ذات عادة أو لم یقع أحدهما أو بعض أحدهما فی العادة تجعل ما کان بصفة الحیض حیضاً دون الآخر ، وإن تساویا فی الصفة فالأحوط - لو لم یکن الأقویٰ - جعل أوّلهما حیضاً .
(مسألة 16) : ذات العادة إذا رأت أزید من العادة ولم یتجاوز العشرة فالمجموع حیض .
(مسألة 17) : إذا کانت عادتها فی کلّ شهر مرّة فرأت فی شهر مرّتین مع فصل أقلّ الطهر فی البین ، فإن کان أحدهما فی العادة تجعله حیضاً وکذلک الآخر إن کان بصفة الحیض ، وأمّا إن کان بصفة الاستحاضة تحتاط بالجمع بین تروک الحائض وأعمال المستحاضة ، وإن کانا معاً فی غیر وقت العادة تجعل کلّ واحد منهما حیضاً ؛ سواء کانا معاً واجدین لصفة الحیض أو فاقدین لها أو مختلفین ، وإن کان الاحتیاط فی الدم الثانی فی الصورة الثانیة وفی الفاقد منهما فی الثالثة لاینبغی ترکه .
(مسألة 18) : المبتدأة والمضطربة ومن کانت عادتها عشرة إذا انقطع عنهنّ ظهور الدم قبل العشرة مع احتمال بقائه فی الباطن یجب علیهنّ الاستبراء بإدخال قطنة ونحوها
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 48 والصبر هنیئة ثمّ إخراجها ، فإن خرجت نقیّة اغتسلن وصلّین ، وإن خرجت متلطّخة - ولو بالصفرة - صبرن حتّیٰ تنقیٰ أو تمضی عشرة أیّام ، فإن لم یتجاوز عن العشرة کان الکلّ حیضاً ، وإن تجاوز عنها فسیأتی حکمه .
وأمّا ذات العادة التی کانت عادتها أقلّ من عشرة فإن انقطع عنها ظهور الدم قبل العادة استبرأت فإن نقیت اغتسلت وصلّت ، وإلاّ صبرت إلیٰ إکمال العادة ، فإن بقی الدم حتّیٰ کملت العادة وانقطع علیها بالمرّة اغتسلت وصلّت ، وکذلک لو انقطع ظهور الدم علی العادة فاستبرأت فرأتها نقیّة . وأمّا لو لم ینقطع علی العادة وتجاوز عنها استظهرت بترک العبادة إلی العشرة وجوباً إذا کان بصفات الحیض . وأمّا إذا کان فاقداً لها استظهرت أیضاً إلی العشرة وجوباً فی یوم واحد واستحباباً فی الزائد ، وإن کان الأحوط فی الزائد الجمع بین تروک الحائض وأعمال المستحاضة ، وحینئذٍ إذا دام الدم علیها ولم یتجاوز عن العشرة کان الکلّ حیضاً ، وإن تجاوز عنها فسیأتی حکمه .
(مسألة 19) : إذا تجاوز الدم عن العشرة - قلیلاً کان أو کثیراً - فقد اختلط حیضها بطهرها ، فإن کانت لها عادة معلومة من حیث الزمان والعدد تجعلها حیضاً وإن لم یکن بصفاته ، والبقیّة استحاضة وإن کان بصفاته . وإن لم تکن لها عادة معلومة لا عدداً ولا وقتاً بأن کانت مبتدأة أو مضطربة وقتاً وعدداً أو ناسیة کذلک ، فإن اختلف لون الدم فبعضه أسود أو أحمر وبعضه أصفر ترجع إلی التمیّز فتجعل ما بصفة الحیض حیضاً وغیره استحاضة ؛ بشرط أن لایکون ما بصفة الحیض أقلّ من ثلاثة ولا أزید من عشرة ، وأن لا یعارضه دم آخر واجد لصفة الحیض مفصول بینه وبینه بالفاقد الذی یکون أقلّ من عشرة ، کما إذا رأت خمسة أیّام دماً أسود ثمّ خمسة أیّام أصفر ثمّ خمسة أسود . وإن کان الدم علیٰ لون واحد أو لم یجتمع الشروط المذکورة تکون فاقدة التمیّز ، وحینئذٍ فالأحوط
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 49 ـ لو لم یکن الأقویٰ - أن تجعل سبعة من کلّ شهر حیضاً والبقیّة استحاضة . والمشهور علیٰ أنّ المبتدأة الفاقدة التمیّز ترجع أوّلاً إلیٰ عادة أقاربها من اُمّها واُختها وخالتها وعمّتها وغیرهنّ فتأخذ بها مع اتّفاقهنّ والعلم بحالهنّ ، ومع عدمهما ترجع إلی العدد . وألحق بها الأکثر من لم تستقرّ لها عادة أیضاً ، وعندی فی ذلک إشکال خصوصاً فی الثانیة ، والأحوط فیما إذا کانت عادتهنّ أقلّ من سبعة أیّام أو أکثر أن تجمع فی مقدار التفاوت بین وظیفتی الحائض والمستحاضة .
(مسألة 20) : الأحوط - لو لم یکن الأقویٰ - أن تجعل فاقدة التمیّز سبعة التحیّض فی أوّل رؤیة الدم ، وإن استمرّ إلیٰ أزید من شهر واحد یجب علیها الموافقة بین الشهور ، فإذا کان ابتداء الدم فی الشهر الأوّل من أوّله جعلتها فی الشهور التالیة أیضاً فی أوّلها ، وإن کان من وسطه جعلتها فیها - أیضاً - فی وسطها وهکذا .
(مسألة 21) : ذات العادة الوقتیّة فقط إذا تجاوز دمها العشرة ترجع فی الوقت إلیٰ عادتها ، وأمّا فی العدد فإن کان لها تمیّز یمکن رعایته مع الوقت رجعت إلیه ، وإلاّ تحیّضت سبعة أیّام وجعلتها فی وقت العادة . وأمّا ذات العادة العددیّة فقط ترجع فی العدد إلیٰ عادتها ، وأمّا بحسب الوقت فإن کان لها تمیّز یوافق العدد رجعت إلیه ، وإن کان مخالفاً له ترجع إلیه أیضاً ، لکن تزید مع نقصانه عن العدد وتنقص مع زیادته علیه ، ومع عدم التمیّز أصلاً تجعل العدد فی أوّل الدم کما تقدّم .
القول فی أحکام الحیض
وهی اُمور :
منها : عدم جواز الصلاة والصیام والطواف والاعتکاف لها .
ومنها : حرمـة ما یحرم علیٰ مطلق المحدث علیها ، وهی اُمور : مسّ اسم اللّه تعالیٰ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 50 وکـذا مسّ أسماء الأنبیاء والأئمّة علیهم السلام علی الأحوط ومسّ کتابة القرآن علی التفصیل المتقدّم فی الوضوء .
ومنها : حرمة ما یحرم علی الجنب علیها ، وهی أیضاً اُمور : قراءة السور العزائم أو بعضها ودخول المسجدین واللبث فی غیرهما ووضع شیء فی المساجد علی التفصیل المتقدّم فی الجنابة ، فإنّ الحائض کالجنب فی جمیع هذه الأحکام .
ومنها : حرمة الوط ء بها علی الرجل وعلیها ، ویجوز الاستمتاع بها بغیر الوط ء ؛ من التقبیل والتفخیذ ونحوهما وإن کره الاستمتاع بها بما بین السرّة والرکبة . وأمّا الوط ء فی دبرها فالأحوط اجتنابه ، وإنّما یحرم مع العلم بحیضها علماً وجدانیاً أو بالأمارات الشرعیّة کالعادة والتمیّز ونحوهما ، ولو جهل بحیضها وعلم به فی حال المقاربة یجب المبادرة بالإخراج وکذا إذا لم تکن حائضاً فحاضت فی حالها . وإذا أخبرت بالحیض أو ارتفاعه یسمع قولها فیحرم الوط ء عند إخبارها به ویجوز عند إخبارها بارتفاعه .
(مسألة 1) : لا فرق فی حرمة وط ء الحائض بین الزوجة الدائمة والمنقطعة والحرّة والأمة .
(مسألة 2) : إذا طهرت جاز لزوجها وطؤها قبل الغسل علیٰ کراهیّة ، والأحوط التجنّب إلاّ بعد أن غسلت فرجها .
ومنها : ترتّب الکفّارة علیٰ وطئها علی الأحوط ، وهی فی وط ء الزوجة دینار فی أوّل الحیض ونصفه فی وسطه وربعه فی آخره ، وفی وط ء مملوکته ثلاثة أمداد من طعام یتصدّق بها علیٰ ثلاثة مساکین لکلّ مسکین مدّ . ولا کفّارة علی المرأة وإن کانت مطاوعة . وإنّما یوجب الکفّارة مع العلم بالحرمة وکونها حائضاً .
(مسألة 3) : المراد بأوّل الحیض ثلثه الأوّل وبوسطه ثلثه الثانی وبآخره ثلثه الأخیر ، فإن کان أیّام حیضها ستّة یکون کلّ ثلث یومان ، وإن کان سبعة فکلّ ثلث یومان وثلث وهکذا .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 51 (مسألة 4) : إذا وطئها معتقداً حیضها فبان عدمه أو معتقداً عدم الحیض فبان وجوده لا شیء علیه .
(مسألة 5) : إذا اتّفق حیضها حال المقاربة ولم یبادر فی الإخراج فعلیه الکفّارة .
(مسألة 6) : یجوز إعطاء قیمة الدینار ، والمعتبر قیمة وقت الأداء .
(مسألة 7) : تعطیٰ کفّارة الأمداد لثلاثة مساکین ، وأمّا کفّارة الدینار فلابأس بإعطائها لمسکین واحد ، والأحوط إعطاؤها لستّة أو سبعة مساکین .
(مسألة 8) : تتکرّر الکفّارة بتکرّر الوط ء إذا وقع فی أوقات مختلفة کما إذا وطئها فی أوّله وفی وسطه وفی آخره فتکفّر بدینار وثلاثة أرباع دینار ، وکذا إذا تکرّر منه فی وقت واحد مع تخلّل التکفیر ، وأمّا مع عدمه ففیه قولان ؛ أحوطهما ذلک .
ومنها : بطلان طلاقها إذا کانت مدخولة ولم تکن حاملاً وکان زوجها حاضراً أو بحکمه ؛ بأن تمکّن من استعلام حالها بسهولة مع غیبته ، فلو لم تکن مدخولاً بها أو کانت حاملاً أو کان زوجها غائباً أو بحکمه ؛ بأن لم یکن متمکّناً من استعلام حالها مع حضوره صحّ طلاقها .
(مسألة 9) : إذا کان الزوج غائباً ووکّل حاضراً متمکّناً من استعلام حالها لایجوز له طلاقها فی حال الحیض .
ومنها : وجوب الغسل عند انقطاع الحیض لکلّ مشروط بالطهارة من الحدث الأکبر . وغسله کغسل الجنابة فی الکیفیّة والأحکام إلاّ أنّه لایجزی عن الوضوء ، فوجب الوضوء معه - قبله أو بعده - لکلّ مشروط به کالصلاة ونحوها بخلاف غسل الجنابة کما مرّ . ولو تعذّر الوضوء فقط تغتسل وتتیمّم بدلاً عنه ، کما أنّه لو تعذّر الغسل فقط تتوضّأ وتتیمّم بدلاً عن الغسل ، ولو تعذّرا معاً تتیمّم تیمّمین : أحدهما بدلاً عن الغسل والآخر بدلاً عن الوضوء .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 52 (مسألة 10) : لو لم یکن عندها الماء إلاّ بقدر أحدهما تقدّم الغسل .
(مسألة 11) : إذا تیمّمت بدلاً عن الغسل ثمّ أحدث بالحدث الأصغر لم یبطل تیمّمها بل هو باقٍ إلیٰ أن تتمکّن من الغسل والأحوط تجدیده .
ومنها : وجوب قضاء ما ترکته فی حال الحیض من الصیام الواجب ؛ سواء کان صوم شهر رمضان أو غیره علی الأقویٰ ، وکذا الصلاة الواجبة غیر الیومیّة کالآیات ورکعتی الطواف والمنذورة علی الأحوط - لو لم یکن الأقویٰ - بخلاف الصلاة الیومیّة فإنّه لایجب علیها قضاء ما ترکته فی حال حیضها . نعم إذا حاضت بعد دخول الوقت وقد مضیٰ منه مقدار أقلّ الواجب من صلاتها بحسب حالها من البط ء والسرعة والصحّة والمرض والحضر والسفر ومقدار تحصیل الشرائط الغیر الحاصلة بحسب تکلیفها الفعلی من الوضوء أو الغسل أو التیمّم ولم تصلّ وجب علیها قضاء تلک الصلاة ، بخلاف ما إذا لم تدرک من أوّل الوقت هذا المقدار فإنّه لایجب علیها القضاء ، وإن کان الأحوط القضاء إذا أدرکت مقدار أداء الصلاة مع الطهارة وإن لم تدرک مقدار تحصیل سائر الشرائط ، بل لایخلو من قوّة .
(مسألة 12) : إذا طهرت من الحیض قبل خروج الوقت فإن أدرکت منه مقدار أداء رکعة مع إحراز الشرائط وجب علیها الأداء ، ومع ترکها وجب علیها القضاء ، بل الأحوط - لو لم یکن الأقویٰ - القضاء مع عدم سعة الوقت إلاّ للطهارة من الشرائط وأداء رکعة .
(مسألة 13) : إذا ظنّت ضیق الوقت عن أداء رکعة فترکت فبان السعة وجب القضاء .
(مسألة 14) : إذا طهرت فی آخر النهار وأدرکت من الوقت مقدار أربع رکعات فی الحضر أو رکعتین فی السفر صلّت العصر وسقط عنها الظهر أداءً وقضاءً ، وإذا أدرکت مقدار خمس رکعات فی الحضر أو ثلاث رکعات فی السفر تجب علیها الصلاتان ، وإذا ترکتهما یجب قضاؤهما . وأمّا العشاءان فإذا بقی من آخر اللیل مقدار خمس رکعات فی الحضر أو أربع رکعات فی السفر تجب الصلاتان ومع الترک یجب قضاؤهما وإذا بقی أقلّ من خمس رکعات فی الحضر أو أقلّ من أربع فی السفر تجب خصوص العشاء وسقط
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 53 عنها المغرب أداءً وقضاءً .
(مسألة 15) : إذا اعتقدت سعة الوقت للصلاتین فتبیّن عدمها وأنّ وظیفتها خصوص الثانیة وجب قضاؤها ، وإذا قدّمت الثانیة باعتقاد الضیق فبانت السعة صحّت ووجب إتیان الاُولیٰ بعدها ، وإن کان التبیّن بعد خروج الوقت وجب قضاؤها .
(مسألة 16) : یستحبّ للحائض أن تبدّل القطنة وتتوضّأ وقت کلّ صلاة وتجلس بمقدار صلاتها مستقبلة ذاکرةً للّه تعالیٰ . ویکره لها الخضاب بالحنّاء أو غیره وقراءة القرآن - ولو أقلّ من سبع آیات - وحمل المصحف ولو بغلافه ولمس هامشه وما بین سطوره .
فصل فی الاستحاضة
الکلام فی دم الاستحاضة وأحکامها
دم الاستحاضة فی الأغلب أصفر بارد رقیق یخرج بغیر قوّة ولذع وحرقة ، وقد یکون بصفة الحیض کما مرّ ، ولیس لقلیله ولا لکثیره حدّ . وکلّ دم تراه المرأة قبل البلوغ أو بعد الیأس أو أقلّ من ثلاثة ولم یکن دم قرح ولا جرح ولا نفاس فهو استحاضة ، وکذا إذا تجاوز الدم عن عشرة أیّام ، لکن حینئذٍ قد امتزج حیضها بالاستحاضة ، فلابدّ فی تعیینهما من أن ترجع إلی التفصیل الذی سبق فی فصل الحیض .
وأمّا أحکامها : فهی علیٰ أقسام ثلاثة : قلیلة ومتوسّطة وکثیرة .
فالاُولیٰ : أن تتلوّث القطنة بالدم من دون أن یغمس فیها ، وحکمها وجوب الوضوء لکلّ صلاة بعد تبدیل القطنة أو تطهیرها علی الأحوط .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 54 والثانیة : أن یغمس الدم فی القطنة ولا یسیل منها إلی الخرقة التی فوقها . وحکمها مضافاً إلیٰ ما ذکر : أنّه یجب علیها فی ذلک الیوم غسل واحد لصلاة الغداة بل لکلّ صلاة حدثت قبلها أو فی أثنائها علی الأقویٰ ، فإن حدثت بعد صلاة الغداة یجب للظهرین ، کما أنّه إن حدثت بعدهما یجب للعشاءین .
والثالثة : أن یسیل الدم من القطنة إلی الخرقة . وحکمها مضافاً إلیٰ ما ذکر وإلیٰ تبدیل الخرقة أو تطهیرها غسل آخر للظهرین تجمع بینهما وغسل للعشاءین تجمع بینهما . هذا إذا کانت قبل صلاة الفجر ، ولو حدثت بعدها یجب فی ذلک الیوم غسلان : غسل للظهرین وغسل للعشاءین ، کما أنّه إن حدثت بعد الظهرین یجب غسل واحد للعشاءین . والظاهر أنّ الجمع بین الصلاتین بغسل واحد مشروط بالجمع بینهما وأنّه رخصة لا عزیمة ، فلو لم تجمع بینهما یجب الغسل لکلّ منهما .
فظهر ممّا مرّ : أنّ الاستحاضة الصغریٰ حدث أصغر کالبول ، فإذا استمرّت أو حدثت قبل کلّ صلاة من الصلوات الخمس تکون کالحدث المستمرّ کالسلس ، والکبریٰ والوسطیٰ کما أنّهما حدث أصغر حدث أکبر أیضاً .
(مسألة 1) : یجب علی المستحاضة اختبار حالها فی وقت کلّ صلاة بإدخال قطنة ونحوها والصبر قلیلاً لتعلم أنّها من أیّ قسم من الأقسام لتعمل بمقتضیٰ وظیفتها . ولا یکفی الاختبار قبل الوقت إلاّ إذا علمت بعدم تغیّر حالها إلیٰ ما بعد الوقت . وإذا لم تتمکّن من الاختبار فإن کان لها حالة سابقة من القلّة أو التوسّط أو الکثرة تأخذ بها وتعمل بمقتضیٰ وظیفتها وإلاّ فتأخذ بالقدر المتیقّن ، فإذا تردّدت بین القلیلة وغیرها تعمل عمل القلیلة وإن تردّدت بین المتوسّطة والکثیرة تعمل عمل المتوسّطة والأحوط مراعاة أسوأ الحالات .
(مسألة 2) : إنّما یجب تجدید الوضوء لکلّ صلاة والأعمال المذکورة إذا استمرّ الدم ، فلو فرض انقطاعه قبل صلاة الظهر یجب لها فقط ولایجب للعصر ولا للعشاءین وإن انقطع بعد الظهر وجب للعصر فقط وهکذا ، بل إذا انقطع الدم وتوضّأت للظهر وبقی وضوؤها إلی المغرب والعشاء صلّتهما بذلک الوضوء ولم تحتج إلیٰ تجدیده .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 55 (مسألة 3) : یجب بعد الوضوء والغسل المبادرة إلی الصلاة إذا لم ینقطع الدم بعدهما أو خافت عوده بعدهما قبل الصلاة أو فی أثنائها . نعم إذا توضّأت واغتسلت فی أوّل الوقت ـ مثلاً - وانقطع الدم حین الشروع فی الوضوء والغسل ولو انقطاع فترة وعلمت بعدم عوده إلیٰ آخر الوقت جاز لها تأخیر الصلاة .
(مسألة 4) : یجب علیها بعد الوضوء والغسل التحفّظ من خروج الدم مع عدم خوف الضرر بحشو قطنة أو غیرها وشدّها بخرقة . فلو خرج الدم لتقصیرها فی الشدّ أعادت الصلاة ، بل الأحوط - لو لم یکن الأقویٰ - إعادة الغسل أیضاً . نعم لو کان خروج الدم لغلبته لا لتقصیر منها فی التحفّظ فلابأس .
(مسألة 5) : إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنیٰ إلی الأعلیٰ کما إذا صارت القلیلة متوسّطة أو کثیرة ، أو المتوسّطة کثیرة فبالنسبة إلی الصلاة التی صلّتها مع وظیفة الأدنیٰ لا أثر لهذا الانتقال فلایجب إعادتها ، وأمّا بالنسبة إلی الصلوات المتأخّرة تعمل عمل الأعلیٰ ؛ فإذا تبدّلت القلیلة بالمتوسّطة أو بالکثیرة بعد صلاة الصبح مضت صلاتها وتکون بالنسبة إلی الظهرین والعشاءین کما إذا حدثتا بعد الصلاة من دون سبق القلّة فتغتسل غسلاً واحداً للظهرین فی الصورة الاُولیٰ وغسلین لهما وللعشاءین فی الصورة الثانیة ، بخلاف ما إذا تبدّلت إلیهما قبل صلاة الصبح فإنّه تغتسل لها . بل لو توضّأت قبل التبدّل تستأنف الوضوء ، حتّیٰ إذا تبدّلت المتوسّطة بالکثیرة بعد الاغتسال لصلاة الصبح استأنفت الغسل وتعمل فی ذلک الیوم عمل الکثیرة ، کما إذا لم یکن مسبوقاً بالتوسّط .
وإن انتقلت من الأعلیٰ إلی الأدنیٰ تعمل لصلاة واحدة عمل الأعلیٰ ثمّ تعمل عمل الأدنیٰ ؛ فلو تبدّلت الکثیرة إلی القلیلة قبل الاغتسال لصلاة الصبح واستمرّت علیها اغتسلت للصبح واکتفت بالوضوء للبواقی ، ولو تبدّلت الکثیرة إلی المتوسّطة بعد صلاة الصبح اغتسلت للظهر واکتفت بالوضوء للعصر والعشاءین .
(مسألة 6) : یصحّ الصوم من المستحاضة القلیلة ، ولا یشترط فی صحّته الوضوء ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 56 وأمّا غیرها فیشترط فی صحّة صومها الأغسال النهاریة علی الأحوط ، وأمّا غسل العشاءین فی الکثیرة فلیس شرطاً فی صحّة صوم ذلک الیوم وإن کان الأحوط مراعاته أیضاً .
(مسألة 7) : إذا انقطع دمها فإن کان قبل فعل الطهارة أتت بها وصلّت ، وإن کان بعد فعلها وقبل فعل الصلاة أعادتها وصلّت إذا کان الانقطاع لبرء ، وکذا لو کان لفترة وکانت واسعة للطهارة والصلاة فی الوقت ، وأمّا لو لم تکن واسعة لهما اکتفت بتلک الطهارة وصلّت ، وکذلک لو کانت شاکّة فی سعتها أو علمت بالسعة لکنّها شکّت فی أنّه للبرء أو الفترة . نعم فی الصورة الثانیة لو انکشف بعد ذلک کونه لبرء أعادت الطهارة والصلاة . ولو انقطع فی أثناء الصلاة أعادت الطهارة والصلاة إن کان لبرء أو لفترة واسعة ، وإن لم تکن واسعة أتمّت صلاتها . ولو انقطع بعد فعل الصلاة فلا إعادة علیها علی الأقویٰ وإن کان لبرء .
(مسألة 8) : قد تبیّن ممّا مرّ حکم المستحاضة وما لها من الأقسام ووظائفها بالنسبة إلی الصلاة والصیام ، وأمّا بالنسبة إلیٰ سائر الأحکام فلا إشکال فی أنّه یجب علیها الوضوء فقط للطواف الواجب إذا کانت ذات الصغریٰ ، وهو مع الغسل إذا کانت ذات الکبریٰ أو الوسطیٰ ؛ لکونها محدثة بالحدث الأصغر فی الاُولیٰ وبه وبالأکبر فی غیرها . والظاهر عدم کفایة الوضوء الصلاتی فی الاُولیٰ مع استدامتها ولا الإتیان به مع الغسل فی غیرها ؛ خصوصاً إذا أوقعت ذات الوسطی الطواف فی غیر وقت الغداة أو ذات الکبریٰ فی غیر الأوقات الثلاثة ، فیتوقّف صحّة طوافها علی الوضوء والغسل له مستقلاًّ . وأمّا الطواف المستحبّ فحیث إنّه لایشترط فیه الطهارة من الحدث لایحتاج إلی الوضوء ولا إلی الغسل من حیث هو وإن احتاج إلی الغسل فی غیر ذات الصغریٰ من جهة دخول المسجد لو قلنا به . وأمّا مسّ کتابة القرآن فلا إشکال فی أنّه لایحلّ لها إلاّ بالوضوء فقط فی ذات الصغریٰ وبه مع الغسل فی غیرها . ولایکفی مجرّد الإتیان بوظائف الصلاة بل یحتاج إلی الوضوء
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 57 أو الغسل له مستقلاًّ ، نعم الظاهر جوازه حال إیقاع الصلاة التی أتت بوظیفتها .
وهل تکون ذات الکبریٰ والوسطیٰ بحکم الحائض مطلقاً ؛ فیحرم علیهما ما یحرم علیها بدون الغسل أم لا ؟ الأحوط - لو لم یکن الأقویٰ - أن لا یغشاها زوجها ما لم تغتسل ، بل الأحوط ضمّ الوضوء أیضاً ویکفی الغسل الصلاتی إذا واقع فی وقتها بعد الصلاة ، وأمّا إذا واقع فی وقت آخر فیحتاج إلیٰ غسل له مستقلاًّ کما قلنا فی الطواف . وأمّا مکثها فی المساجد ودخولها فی المسجدین فالأقویٰ جوازه لها بدون الاغتسال وإن کان الأحوط الاجتناب عنه بدونه للصلاة أو له مستقلاًّ کالوط ء . وأمّا صحّة طلاقها فلا إشکال فی عدم کونها مشروطة بالاغتسال .
فصل فی النفاس
وهو دم الولادة معها أو بعدها قبل انقضاء عشرة أیّام من حینها ولو کان سقطاً ولم تلج فیه الروح ، بل ولو کان مضغة أو علقة إذا علم کونها مبدأ نشوء الولد . ومع الشکّ لم یحکم بکونه نفاساً . ولیس لأقلّه حدّ فیمکن أن یکون لحظة بین العشرة ولو لم تر دماً أصلاً أو رأته بعد العشرة من حین الولادة فلا نفاس لها ، وأکثره عشرة أیّام . وابتداء الحساب بعد انفصال الولد ، لا من حین الشروع فی الولادة ، وإن ولدت فی أوّل النهار فاللیلة الأخیرة خارجة ، وأمّا اللیلة الاُولیٰ لو ولدت فی اللیل فهی جزء من النفاس وإن لم تحسب من العشرة ، وإن ولدت فی وسط النهار یلفّق من الیوم الحادی عشر ، ولو ولدت اثنین کان ابتداء نفاسها من الأوّل ومبدأ العشرة من وضع الثانی .
(مسألة 1) : إذا انقطع دمها علی العشرة أو قبلها فکلّ ما رأته نفاس ؛ سواء رأت تمام العشرة أو بعضها ، وسواء کانت ذات العادة فی حیضها أو لا . والنقاء المتخلّل بین الدمین أو الدماء بحکم النفاس علی الأقویٰ ، فلو رأت یوماً بعد الولادة وانقطع ثمّ رأت العاشر یکون الکلّ نفاساً ، وکذا لو رأت یوماً فیوماً لا إلی العشرة ، ولو لم تر الدم إلاّ الیوم العاشر یکون
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 58 هو النفاس ، وما سبق من النقاء طهر کلّه، ولو رأت الثالث ثمّ رأت العاشر یکون نفاسها ثمانیة.
(مسألة 2) : لو رأت الدم فی تمام العشرة واستمرّ إلیٰ أن تجاوزها فإن کانت ذات عادة عددیّة فی الحیض ترجع فی نفاسها إلیٰ مقدار أیّام حیضها ؛ سواء کانت عشرة أو أقلّ وعملت بعدها عمل المستحاضة . وإن لم تکن ذات عادة تجعل نفاسها عشرة وتعمل بعدها عمل المستحاضة ، وإن کان الاحتیاط إلی الثمانیة عشر بالجمع بین وظیفتی النفساء والمستحاضة لا ینبغی ترکه .
(مسألة 3) : یعتبر فصل أقلّ الطهر - وهو العشرة - بین النفاس والحیض المتأخّر ، فلو رأت الدم من حین الولادة إلی الیوم السابع ثمّ رأت بعد العشرة ثلاثة أیّام أو أکثر لم یکن حیضاً بل کان استحاضة ، وإن کان الأحوط إلی الثمانیة عشر الجمع بین وظیفتی النفساء والمستحاضة إذا لم تکن ذات عادة کما مرّ . وأمّا بینه وبین الحیض المتقدّم فلایعتبر فصل أقلّ الطهر علی الأقویٰ ، فلو رأت قبل المخاض ثلاثة أیّام أو أکثر متّصلاً به أو منفصلاً عنه بأقلّ من عشرة یکون حیضاً ، خصوصاً إذا کان فی عادة الحیض .
(مسألة 4) : إذا استمرّ الدم إلیٰ شهر أو أقلّ أو أزید فبعد مضیّ العادة فی ذات العادة والعشرة فی غیرها محکوم بالاستحاضة . نعم بعد مضیّ عشرة أیّام من دم النفاس أمکن أن یکون حیضاً ؛ فإن کانت معتادة وصادف العادة یحکم بکونه حیضاً ، وإلاّ فترجع إلی الصفات والتمیّز إن کان ، وإلاّ فتجعل سبعة حیضاً وما عداها استحاضة کما مرّ فی الحیض .
(مسألة 5) : إذا انقطع دم النفساء فی الظاهر یجب علیها الاستظهار علیٰ نحو ما مرّ فی الحیض ، فإذا انقطع الدم واقعاً یجب علیها الغسل للمشروط به کالحائض . وأحکامها کأحکامها فی عدم جواز وطئها وعدم صحّة طلاقها وحرمة الصلاة والصوم علیها ومسّ کتابة القرآن وقراءة العزائم ودخول المسجدین والمکث فی غیرهما ووجوب قضاء الصوم علیها ، دون الصلاة علی التفصیل الذی سبق فی الحیض .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 59
فصل فی غسل مسّ المیّت
وسببه مسّ میّت الإنسان بعد برد تمام جسده وقبل تمام غسله لا بعده ولو کان غسلاً اضطراریّاً ، کما إذا کانت الأغسال الثلاثة بالماء القراح لفقد الخلیطین ، بل ولو کان المغسّل کافراً لفقد المسلم المماثل وإن کان الأحوط عدم الاکتفاء به . ویلحق بالغسل التیمّم عند تعذّره وإن کان الأحوط عدمه . ولا فرق فی المیّت بین المسلم والکافر والکبیر والصغیر حتّی السقط إذا تمّ له أربعة أشهر ، کما لا فرق بین ما تحلّه الحیاة وغیره ماسّاً وممسوساً بعد صدق اسم المسّ ، فیجب الغسل بمسّ ظفره ولو بالظفر . نعم لایوجبه مسّ الشعر ماسّاً وممسوساً .
(مسألة 1) : القطعة المبانة من الحیّ بحکم المیّت فی وجوب الغسل بمسّها إذا اشتملت علی العظم دون المجرّدة عنه . والأحوط إلحاق العظم المجرّد باللحم المشتمل علیه . وأمّا القطعة المبانة من المیّت فکلّ ما کان یوجب مسّه الغسل فی حال الاتّصال یکون کذلک حال الانفصال .
(مسألة 2) : الشهید کالمغسّل فلایوجب مسّه الغسل ، وکذا من وجب قتله قصاصاً أو حدّاً فاُمر بتقدیم غسله لیقتل .
(مسألة 3) : إذا مسّ میّتاً وشکّ فی أنّه قبل برده أو بعده لایجب الغسل ، بخلاف ما إذا شکّ فی أنّه کان شهیداً أو غیره أو کان قبل الغسل أو بعده فیجب الغسل .
(مسألة 4) : إذا یبس عضو من أعضاء الحیّ وخرج منه الروح بالمرّة لایوجب مسّه الغسل مادام متّصلاً وأمّا بعد الانفصال ففیه إشکال . وإذا قطع عضو منه واتّصل ببدنه ـ ولو بجلدة - لایجب الغسل بمسّه فی حال الاتّصال ویجب بعد الانفصال إذا کان مشتملاً علی العظم .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 60 (مسألة 5) : مسّ المیّت ینقض الوضوء علی الأحوط فیجب الوضوء مع غسله لکلّ مشروط به .
(مسألة 6) : یجب غسل المسّ لکلّ واجب مشروط بالطهارة من الحدث الأصغر علی الأحوط ، وشرط علی الأحوط فیما یشترط فیه الطهارة کالصلاة والطواف الواجب ومسّ کتابة القرآن .
(مسألة 7) : یجوز للماسّ قبل الغسل دخول المساجد والمشاهد والمکث فیها وقراءة العزائم ویجوز وطؤه لو کان امرأة . فحال المسّ حال الحدث الأصغر إلاّ فی إیجاب الغسل للصلاة ونحوها .
(مسألة 8) : تکرار المسّ لایوجب تکرار الغسل کسائر الأحداث ولو کان الممسوس متعدّداً .
فصل فی أحکام الأموات
یجب علیٰ من ظهر عنده أمارات الموت أداء الحقوق الواجبة - خلقیّاً أو خالقیّاً - وردّ الأمانات التی عنده أو الإیصاء بها مع الاطمئنان بإنجازها . وکذا یجب الإیصاء بالواجبات التی لاتقبل النیابة حال الحیاة کالصلاة والصیام والحجّ ونحوها إذا کان له مال . وفیما یجب علی الولیّ کالصلاة والصوم یتخیّر بین إعلامه أو الإیصاء به .
(مسألة 1) : لایجب علیه نصب قیّم علیٰ أطفاله الصغار إلاّ إذا کان عدمه تضییعاً لهم ولحقوقهم . وإذا نصب فلیکن المنصوب أمیناً وکذا من عیّنه لأداء الحقوق الواجبة .
القول فیما یتعلّق بحال الاحتضار
(مسألة 1) : یجب کفایةً فی حال الاحتضار والنزع توجیه المحتضر المسلم إلی القبلة ؛ بأن یلقیٰ علیٰ ظهره ویجعل باطن قدمیه ووجهه إلی القبلة بحیث لو جلس کان
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 61 وجهه إلیها - رجلاً کان أو امرأة ، صغیراً کان أو کبیراً - والأحوط مراعاة الاستقبال بالکیفیّة المذکورة فی جمیع الحالات إلیٰ ما بعد الفراغ من الغسل ، وأمّا بعده إلیٰ حال الدفن فالأولیٰ بل الأحوط وضعه بنحو ما یوضع حال الصلاة علیه .
(مسألة 2) : یستحبّ تلقینه الشهادتین والإقرار بالأئمّة الاثنی عشر وکلمات الفرج ، ونقله إلیٰ مصلاّه إذا اشتدّ نزعه - بشرط أن لایوجب أذاه - وقراءة سورتی «یس» و«الصافات» عنده لتعجیل راحته . وکذا یستحبّ تغمیض عینیه وتطبیق فمه وشدّ فکّیه ومدّ یدیه إلیٰ جنبیه ومدّ رجلیه وتغطیته بثوب والإسراج عنده فی اللیل وإعلام المؤمنین لیحضروا جنازته والتعجیل فی تجهیزه إلاّ مع اشتباه حاله فینتظر إلیٰ حصول الیقین بموته . ویکره مسّه فی حال النزع ووضع شیء ثقیل علیٰ بطنه وإبقاؤه وحده فإنّ الشیطان یعبث فی جوفه . وکذا یکره حضور الجنب والحائض عنده حال الاحتضار .
القول فی غسل المیّت
یجب کفایةً تغسیل کلّ مسلم ولو کان مخالفاً ، ولایجوز تغسیل الکافر ومن حکم بکفره من المسلمین کالنواصب والغلاة والخوارج . وأطفال المسلمین - حتّیٰ ولد الزنا منهم - بحکمهم فیجب تغسیلهم ، بل یجب تغسیل السقط أیضاً إذا تمّ له أربعة أشهر ویکفَّن ویُدفن علی المتعارف ، وإذا کان له أقلّ من أربعة أشهر لایجب غسله بل یُلفّ فی خرقة ویدفن .
(مسألة 1) : یسقط الغسل عن الشهید ؛ وهو المقتول فی الجهاد مع الإمام علیه السلام أو نائبه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 62 الخاصّ . ویلحق به المقتول فی حفظ بیضة الإسلام فلا یغسّل ولا یحنّط ولایکفّن ، بل یدفن بثیابه إلاّ إذا کان عاریاً فیکفّن . وکذا عمّن وجب قتله برجم أو قصاص فإنّ الإمام أو نائبه الخاصّ أو العامّ یأمره بأن یغتسل غسل المیّت ثمّ یکفّن کتکفینه ویحنّط ثمّ یقتل ویصلّیٰ علیه ویدفن بلا تغسیل . والظاهر أنّ نیّة الغسل من المأمور وإن کان الأحوط نیّة الآمر أیضاً .
(مسألة 2) : القطعة المنفصلة من الحیّ أو المیّت قبل الاغتسال إن لم تشتمل علی العظم لایجب غسلها ، بل تلفّ فی خرقة وتدفن . وإن کان فیها عظم ولم تشتمل علی الصدر تغسّل وتلفّ فی خرقة وتدفن ، وکذا إن کان عظماً مجرّداً . وإن کانت صدراً أو اشتملت علی الصدر أو کانت بعض الصدر المشتمل علی القلب تغسّل وتکفّن ویصلّیٰ علیها وتدفن . ویجوز الاقتصار فی الکفن علی الثوب واللفّافة إلاّ إذا کانت مشتملة علیٰ بعض محلّ المئزر أیضاً ، وإذا کان معها بعض المساجد یحنّط ذلک البعض أیضاً .
(مسألة 3) : تغسیل المیّت کتکفینه . والصلاة علیه فرض علی الکفایة ، فهو فرض علیٰ جمیع المکلّفین ، وبقیام بعضهم به تسقط عن الباقین ، وإن کان أولی الناس بذلک أولاهم بمیراثه ؛ بمعنیٰ أنّ الولیّ لو أراد القیام به أو عیّن شخصاً لذلک لایجوز مزاحمته ، لا أنّ إذنه شرط فی صحّة عمل غیره علی الأقویٰ ، فیجوز قیام الغیر به بدون استئذان مع عدم المزاحمة ، خصوصاً فیما إذا کان الولیّ قاصراً ، وإن کان الأحوط الاستئذان ، حتّیٰ فیما إذا کان الولیّ قاصراً أو غائباً الأحوط قیام الحاکم الشرعی به أو الاستئذان منه . والإذن أعمّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 63 من الصریح والفحویٰ وشاهد الحال القطعی .
(مسألة 4) : المراد بالولیّ ـ الذی لایجوز مزاحمته أو یجب الاستئذان منه - کلّ من یرثه بنسب أو سبب . ویترتّب ولایتهم علیٰ ترتیب طبقات الإرث ؛ فالطبقة الاُولیٰ مقدّمون علی الثانیة وهی علی الثالثة ، وإذا فقدت الأرحام فالمولی المعتق ثمّ ضامن الجریرة ، وإذا فقد الجمیع فالحاکم الشرعی فإنّه ولیّ من لا ولیّ له . وأمّا فی نفس الطبقات فالذکور مقدّمون علی الإناث والبالغون علیٰ غیرهم ومن تقرّب إلی المیّت بالأبوین مقدّم علیٰ من تقرّب إلیه بأحدهما ، ومن انتسب إلیه بالأب أولیٰ ممّن انتسب إلیه بالاُمّ ، وفی الطبقة الاُولی الأب مقدّم علی الاُمّ والأولاد وهم علیٰ أولادهم ، وفی الطبقة الثانیة الجدّ مقدّم علی الإخوة وهم علیٰ أولادهم ، وفی الثالثة العمّ مقدّم علی الخال وهما علیٰ أولادهما .
(مسألة 5) : الزوج أولیٰ بزوجته من جمیع أقاربها إلیٰ أن یضعها فی قبرها ؛ حرّةً کانت أو أمة دائمة أو منقطعة - علیٰ إشکال فی الأخیرة - والمالک أولیٰ بعبده أو أمته من کلّ أحد .
(مسألة 6) : إذا أوصی المیّت فی تجهیزه إلیٰ غیر الولیّ فالأقویٰ صحّة الوصیّة ووجوب العمل بها ، فیکون الوصیّ أولیٰ فلیس للولیّ مزاحمته .
(مسألة 7) : یشترط المماثلة بین المغسِّل والمیّت فی الذکوریّة والاُنوثیّة ، فلایغسّل الرجل المرأة ولا العکس ولو کان من وراء الساتر ومن دون لمس ونظر ، إلاّ الطفل الذی لایزید عمره علیٰ ثلاث سنین فیجوز لکلّ من الرجل والمرأة تغسیل مخالفه ولو مع التجرّد، وإلاّ الزوج والزوجة فیجوز لکلّ منهما تغسیل الآخر ولو مع وجود المماثل والتجرّد ، حتّیٰ أنّه یجوز لکلّ منهما النظر إلیٰ عورة الآخر علیٰ کراهیّة . ولا فرق فی الزوجة بین الحرّة والأمة والدائمة والمنقطعة بل والمطلّقة الرجعیّة ، علیٰ إشکال فی الأخیرتین .
(مسألة 8) : لا إشکال فی جواز تغسیل الرجل محارمه وبالعکس مع فقد المماثل من
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 64 وراء الثیاب ، وأمّا مع وجوده أو مجرّداً ففیه تأمّل وإشکال فلایترک الاحتیاط .
(مسألة 9) : یجوز للمولیٰ تغسیل أمته إذا لم تکن مزوّجة ولا معتدّة ولا مبعّضة ، وأمّا تغسیل الأمة مولاها ففیه إشکال .
(مسألة 10) : المیّت المشتبه بین الذکر والاُنثیٰ ولو من جهة کونه خنثیٰ یغسّله من وراء الثوب کلّ من الرجل والاُنثیٰ .
(مسألة 11) : یعتبر فی المغسّل الإسلام بل الإیمان فی حال الاختیار . وإذا انحصر المماثل فی الکتابیّ أو الکتابیّة أمَر المسلمُ الکتابیّةَ والمسلمةُ الکتابیَّ أن یغتسل أوّلاً ثمّ یغسّل المیّت . وإن أمکن أن لا یمسّ الماء وبدن المیّت أو یغسّل فی الکرّ أو الجاری تعیّن . وإذا انحصر المماثل فی المخالف فکذلک ، إلاّ أنّه لایحتاج إلی الاغتسال قبل التغسیل . ولو انحصر المماثل فی الکتابیّ والمخالف یقدّم الثانی .
(مسألة 12) : لو لم یوجد المماثل حتّی الکتابی سقط الغسل علی الأقویٰ وإن کان الأحوط تغسیل غیر المماثل من وراء الستر ، کما أنّ الأحوط أن ینشّف بدنه قبل التکفین ؛ لاحتمال بقاء نجاسته فیتنجّس الکفن به .
(مسألة 13) : الظاهر عدم اعتبار البلوغ فی المغسِّل فیجزی تغسیل الصبیّ الممیّز بناءً علیٰ صحّة عباداته - کما هو الأقویٰ - ویسقط عن المکلّفین وإن کان الأحوط عدم الاجتزاء به .
القول فی کیفیّة غُسل المیّت
یجب أوّلاً إزالة النجاسة عن بدنه ، والأقویٰ کفایة غسل کلّ عضو قبل تغسیله وإن کان الأحوط تطهیر جمیع الجسد قبل الشروع فی الغسل . ویجب تغسیله ثلاثة أغسال ، أوّلها
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 65 بماء السدر ثمّ بماء الکافور ثمّ بالماء الخالص . ولو خالف الترتیب عاد إلیٰ ما یحصل به بإعادة ما حقّه التأخیر . وکیفیّة کلّ غسل من الأغسال الثلاثة کغسل الجنابة فیبدأ بغسل الرأس والرقبة ثمّ الطرف الأیمن ثمّ الأیسر . ولایکفی الارتماس فی الأغسال الثلاثة علی الأحوط بأن یکتفی فی کلّ غسل بارتماسة واحدة . نعم یجوز فی غسل کلّ عضو من الأعضاء الثلاثة من کلّ غسل من الأغسال الثلاثة رمس العضو فی الماء الکثیر مع مراعاة الترتیب .
(مسألة 1) : یعتبر فی کلّ من السدر والکافور أن یکون بمقدار یصدق أنّه مخلوط بهما مع بقاء الماء علیٰ إطلاقه .
(مسألة 2) : إذا تعذّر أحد الخلیطین أو کلاهما غسّل بالماء الخالص بدل المتعذّر علی الأحوط قاصداً به البدلیّة مراعیاً للترتیب بالنیّة .
(مسألة 3) : إذا فقد الماء للغسل ییمّم ثلاث تیمّمات بدلاً عن الأغسال الثلاثة علی الترتیب ، والأحوط تیمّم آخر بقصد بدلیّة المجموع . وییمّم أیضاً إذا کان مجروحاً أو محروقاً أو مجدوراً بحیث یخاف من تناثر جلده لو اغتسل . ویجب أن یکون التیمّم بید الحیّ وإن کان الأحوط تیمّم آخر بید المیّت إن أمکن ، ویکفی ضربة واحدة للوجه والیدین وإن کان الأحوط التعدّد .
(مسألة 4) : إذا لم یکن عنده من الماء إلاّ بمقدار غسل واحد غسّله غسلاً واحداً وییمّمه تیمّمین ، فإن کان عنده الخلیطان أو السدر خاصّة صرف الماء فی الغسل الأوّل وییمّمه للأخیرین وإن لم یکونا عنده فیحتمل أن یکون الحکم کذلک ، ویحتمل قریباً وجوب صرفه فی الثالث والتیمّم للأوّلین . وطریق الاحتیاط فی مراعاة الاحتمالین بأن ییمّم تیمّمین بدلاً عن الغسلین الأوّلین علی الترتیب احتیاطاً ثمّ یغسّل بالماء بقصد ما فی الذمّة مردّداً بین کونه الغسل الأوّل أو الثالث ثمّ تیمّمین بقصد الاحتیاط أحدهما بدلاً عن الغسل للثانی والآخر بدلاً عن الثالث . وإذا کان عنده الکافور فقط صرفه فی الغسل الثانی وییمّمه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 66 للأوّل والثالث ، ویحتمل صرفه فی الأوّل والتیمّم للأخیرین ، والأحوط أن ییمّم أوّلاً بدلاً عن الغسل الأوّل ثمّ یغسّل بماء الکافور قاصداً به ما فی الواقع من بدلیّته عن الغسل بماء السدر أو کونه الغسل الثانی ثمّ ییمّم تیمّمین : أحدهما بدلاً عن الغسل بماء الکافور والثانی بدلاً عن الغسل بالماء الخالص . ولو کان ما عنده من الماء یکفی لغسلین فإن کان عنده الخلیطان صرفه فی الأوّلین ویمّمه للثالث . وکذا إذا کان عنده السدر خاصّة .
(مسألة 5) : إذا کان المیّت محرماً یغسّله ثلاثة أغسال کالمحلّ ، لکن لایخلط الماء بالکافور فی الغسل الثانی إلاّ أن یکون موته بعد الطواف فی العمرة أو الحجّ ، وکذلک لایحنّط بالکافور .
(مسألة 6) : إذا یمّمه عند تعذّر الغسل أو غسّله بالماء الخالص لأجل تعذّر الخلیط ثمّ ارتفع العذر فإن کان قبل الدفن یجب الغسل فی الأوّل ویعیده مع الخلیط فی الثانی ، وإن کان بعده مضیٰ .
(مسألة 7) : لو کـان علی المیّت غسل جنابـة أو حیض أو نحوهما أجزأ عنها غسل المیّت .
(مسألة 8) : إذا دفن المیّت بلا غسل ولو نسیاناً وجب نبشه لتغسیله ، وکذا إذا ترک بعض الأغسال أو تبیّن بطلانها ، وکذا إذا دفن بلا تکفین أو مع الکفن الغصبی . وأمّا إذا تبیّن أنّه لم یصلّ علیه أو تبیّن بطلانها فلایجوز نبشه لأجلها بل یصلّیٰ علیٰ قبره .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 67 (مسألة 9) : لایجوز أخذ الاُجرة علیٰ تغسیل المیّت إلاّ إذا جعل الاُجرة فی قبال بعض الاُمور الغیر الواجبة ، مثل تلیین أصابعه ومفاصله وغسل یدیه قبل التغسیل إلیٰ نصف الذراع وغسل رأسه برغوة السدر أو الخطمی وغسل فرجیه بالسدر أو الاُشنان قبل التغسیل وتنشیفه بعد الفراغ بثوب نظیف وغیر ذلک .
(مسألة 10) : إذا تنجّس بدن المیّت بعد الغسل أو فی أثنائه - بخروج نجاسة أو نجاسة خارجة - لایجب معه إعادة الغسل حتّیٰ فیما لو خرج منه بول أو غائط علی الأقویٰ ، وإن کان الأحوط إعادته فیما لو خرجا فی الأثناء . نعم یجب إزالة الخبث عن جسده ولو کان بعد وضعه فی القبر إلاّ مع التعذّر ولو لاستلزامها هتک حرمته بسبب إخراجه .
(مسألة 11) : اللوح أو السریر الذی یغسّل علیه المیّت لایجب غسله بعد کلّ غسل من الأغسال الثلاثة . نعم الأحوط غسله لمیّت آخر ، وإن کان الأقویٰ أنّه یطهر بالتبعیّة . وکذا الحال فی الخرقة الموضوعة علیه فإنّها أیضاً تطهر بالتبع .
(مسألة 12) : الأحوط أن یوضع المیّت حال الغسل مستقبل القبلة علیٰ هیئة المحتضر .
(مسألة 13) : لایجب الوضوء للمیّت علی الأصحّ ، نعم یقویٰ استحبابه بل هو الأحوط ، وینبغی تقدیمه علی الغسل .
القول فی آداب الغُسل
وهی اُمور : وضعه علیٰ ساجة أو سریر ، وأن ینزع قمیصه من طرف رجلیه بل وإن استلزم فتقه لکن حینئذٍ یراعیٰ رضا الورثة ، وأن یکون تحت الظلال من سقف أو خیمة ونحوهما ، وستر عورته وإن لم ینظر إلیها أو کان المغسّل ممّن یجوز له النظر إلیها ، وتلیین أصابعه ومفاصله برفق ، وغسل یدیه قبل التغسیل إلیٰ نصف الذراع ، وغسل رأسه برغوة السدر أو الخطمی ، وغسل فرجیه بالسدر أو الاُشنان أمام الغسل ، ومسح
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 68 بطنه برفق فی الغسلین الأوّلین ، وتثلیث غسل کلّ عضو من کلّ غسل ، فیصیر مجموع الغسلات سبعاً وعشرین ، وتنشیف بدنه بعد الفراغ بثوب نظیف ، وغیر ذلک .
(مسألة ) : إذا سقط من بدن المیّت شیء ؛ من جلد أو شعر أو ظفر أو سنّ یجعل معه فی کفنه ویدفن .
القول فی تکفین المیّت
وهو واجب کفائی کالتغسیل ، والواجب منه ثلاثة أثواب : مئزر یستر ما بین السُرّة والرُّکبة ، وقمیص یصل إلیٰ نصف الساق لا أقلّ علی الأحوط بل الأقویٰ ، وإزار یغطّی تمام البدن ، فیجب أن یکون طوله زائداً علیٰ طول الجسد وعرضه بمقدار یمکن أن یوضع أحد جانبیه علی الآخر ویلفّ علیه بحیث یستر جمیع الجسد ، وعند تعذّر الجمیع أتیٰ بما تیسّر ، حتّیٰ إذا لم یمکن إلاّ ستر العورة وجب .
(مسألة 1) : لایجوز التکفین بالمغصوب ولو فی حال الاضطرار ولا بالحریر الخالص ولو للطفل والمرأة ولا بجلد المیتة ولا بالنجس حتّیٰ ما عفی عنه فی الصلاة ولا بما لا یؤکل لحمه - جلداً کان أو شعراً أو وبراً - بل ولا بجلد المأکول أیضاً علی الأحوط دون صوفه وشعره ووبره فإنّه لا بأس به .
(مسألة 2) : یختصّ عدم جواز التکفین بما ذکر فیما عدا المغصوب بحال الاختیار ، فیجوز الجمیع مع الاضطرار . ومع الدوران یقدّم جلد المأکول ثمّ النجس ثمّ الحریر ثمّ أجزاء الغیر المأکول .
(مسألة 3) : لو تنجّس الکفن قبل الوضع فی القبر وجب إزالة النجاسة عنه ؛ بغسل أو قرض غیر قادح فی الکفن وکذا بعد الوضع فیه . ولو تعذّر غسله ولو من جهة توقّفه علیٰ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 69 إخراجه تعیّن القرض ، کما أنّه یتعیّن الغسل لو تعذّر القرض ولو من جهة استلزامه زوال ساتریّة الکفن ، ولو تعذّرا وجب تبدیله مع الإمکان .
(مسألة 4) : یخرج الکفن من أصل الترکة مقدّماً علی الدیون والوصایا والمیراث ، وکذا القدر الواجب من سائر مؤن التجهیز ؛ من الماء والسدر والکافور وقیمة الأرض حتّیٰ ما تأخذه الحکومة للدفن فی الأرض المباحة واُجرة الحمّال والحفّار ونحوها . ولو کانت الترکة متعلّقاً لحقّ الغیر بسبب الفلس أو الرهانة فالظاهر تقدیم الکفن علیه ، نعم فی تقدیمه علیٰ حقّ الجنایة إشکال . وإذا لم تکن له ترکة بمقدار الکفن دفن عریاناً ، ولایجب علی المسلمین بذله بل یستحبّ .
(مسألة 5) : کفن الزوجة بل وسائر مؤن تجهیزها علیٰ زوجها ولو مع یسارها ؛ کبیرة کانت أو صغیرة ، مجنونة کانت أو عاقلة ، حرّة کانت أو أمة ، مدخولة کانت أو غیر مدخولة ، مطیعة کانت أو ناشزة . وفی المنقطعة سیّما إذا کانت مدّة نکاحها قصیرة جدّاً وکذلک فی المطلّقة الرجعیّة تأمّل وإشکال .
(مسألة 6) : إذا تبرّع متبرّع بکفنها سقط عن الزوج .
(مسألة 7) : إذا مات الزوج بعد زوجته ولم یکن له من المال إلاّ بمقدار کفن واحد قدّم علیها .
(مسألة 8) : إذا کان الزوج معسراً فکفّن الزوجة من ترکتها ، فلو أیسر بعد ذلک لیس للورثة مطالبة قیمته .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 70 (مسألة 9) : لا یلحق بالزوجة فی وجوب الکفن من وجبت نفقته من الأقارب ، نعم کفن المملوک علیٰ سیّده ، إلاّ الأمة المزوّجة فعلیٰ زوجها .
القول فی مستحبّات الکفن وآداب التکفین
یستحبّ الزیادة علی القطع الثلاث فی کلّ من الرجل والمرأة بخرقة للفخذین ؛ طولها ثلاثة أذرع ونصف وعرضها شبر ، تشدّ من الحقوین ثمّ تلفّ علی الفخذین لفّاً شدیداً علیٰ وجه لایظهر منهما شیء إلیٰ أن تصل إلی الرکبتین ، ثمّ یخرج رأسها من تحت رجلیه إلیٰ جانب الأیمن وجعل شیء من القطن بین الألیتین علیٰ وجه یستر العورتین بعد وضع شیء من الحنوط علیه ، ویحشیٰ دُبره بشیء منه إذا خشی خروج شیء منه ، بل وقبل المرأة أیضاً ، سیّما إذا کان یخشیٰ خروج دم النفاس ونحوه منه ، کلّ ذلک قبل اللفّ بالخرقة المذکورة ، ولفّافة اُخریٰ فوق اللفّافة الواجبة ، والأفضل کونها بُرداً یمانیّاً ، بل یقوی استحباب لفّافة ثالثة سیّما فی المرأة . وفی الرجل خاصّة بعمامة یلفّ بها رأسه بالتدویر ، ویجعل طرفاها تحت الحنک ویلقیان علیٰ صدره ؛ الأیمن علی الأیسر وبالعکس . وفی المرأة خاصّة بمقنعة بدل العمامة ، ولفّافة یشدّ بها ثدیاها إلیٰ ظهرها . ویستحبّ إجادة الکفن ؛ فإنّ الموتیٰ یتباهون یوم القیامة بأکفانهم ، وکونه من طهور المال لا تشوبه شبهة ، وأن یکون من القطن ، وأن یکون أبیض ، وأن یکون من ثیاب أحرم فیها أو کان یصلّی فیها ، وأن یخاط بخیوطه إذا احتاج إلی الخیاطة ، وأن یلقیٰ علیه شیء من الکافور ، وأن یکتب علیٰ حاشیة جمیع قطع الکفن : «إنّ فلان بن فلان یشهد أن لا إلٰه إلاّ اللّه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 71 وحده لاشریک له وأنّ محمّداً رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وأنّ علیّاً والحسن والحسین - ویعدّ الأئمّة علیهم السلام إلیٰ آخرهم - أئمّته وسادته وقادته ، وأنّ البعث والثواب والعقاب حقّ» وأن یکتب علیه الجوشن الصغیر بل والکبیر . نعم الأولیٰ بل الأحوط أن یکون ذلک کلّه فی مقام یؤمن علیه من النجاسة والقذارة . ویستحبّ للمباشر للتکفین إذا کان هو المغسّل الغسل من المسّ والوضوء قبل التکفین ، وإذا کان غیره الطهارة من الحدث الأکبر والأصغر .
القول فی الحنوط
وهو واجب علی الأصحّ ؛ صغیراً کان المیّت أو کبیراً ، ذکراً کان أو اُنثیٰ ، ولایجوز تحنیط المحرم کما تقدّم . ویشترط أن یکون بعد الغسل أو التیمّم ، والأقویٰ جوازه قبل التکفین وبعده وفی أثنائه وإن کان الأوّل أولیٰ . وکیفیّته : أن یمسح الکافور علیٰ مساجده السبعة ، ویستحبّ إضافة طرف الأنف إلیها بل هو الأحوط ، بل لایبعد استحباب مسح إبطیه ولَبّته ومفاصله به ، ولایقوم مقام الکافور طیب آخر حتّیٰ عند الضرورة .
(مسألة 1) : لایجب مقدار معیّن من الکافور فی الحنوط بل الواجب المسمّیٰ ممّا یصدق معه المسح به ، والأفضل والأکمل أن یکون سبع مثاقیل صیرفیّة ودونه فی الفضل أربعة مثاقیل شرعیّة ودونه أربعة دراهم ودونه مثقال شرعی ولو تعذّر الجمیع حتّی المسمّیٰ منه دفن بغیر حنوط .
(مسألة 2) : یستحبّ خلط کافور الحنوط بشیء من التربة الشریفة ، لکن لایمسح به المواضع المنافیة لاحترامها کالإبهامین .
القول فی الجریدتین
من السنن الأکیدة عند الشیعة وضع عودین رطبین مع المیّت ؛ صغیراً أو کبیراً ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 72 ذکراً أو اُنثیٰ ، والأفضل کونهما من جرید النخل وإن لم یتیسّر فمن السدر وإلاّ فمن الخلاف أو الرمّان وإلاّ فمن کلّ شجر رطب . والأولیٰ کونهما بمقدار عظم الذراع وإن أجزأ الأقلّ والأکثر ، کما أنّ الأولیٰ فی کیفیّة وضعهما جعل إحداهما فی جانبه الأیمن من عند الترقوة إلیٰ ما بلغت ملصقة بجلده والاُخریٰ فی جانبه الأیسر من عند الترقوة إلیٰ ما بلغت فوق القمیص تحت اللفّافة .
القول فی تشییع الجنازة
وفضله کثیر وثوابه خطیر حتّیٰ ورد فی الخبر : «من شیّع جنازة فله بکلّ خطوة حتّیٰ یرجع مائة ألف حسنة ، ویُمحیٰ عنه مائة ألف سیّئة ، ویرفع له مائة ألف درجة ، فإن صلّیٰ علیها یشیّعه مائة ألف ملک کلّهم یستغفرون له ، فإن شهد دفنها وکّل اللّه به مائة ألف ملک یستغفرون له حتّیٰ یبعث من قبره ، ومن صلّیٰ علیٰ میّت صلّیٰ علیه جبرئیل وسبعون ألف ملک وغفر له ما تقدّم من ذنبه ، وإن أقام علیه حتّیٰ یدفنه وحثیٰ علیه من التراب انقلب من الجنازة وله بکلّ قدم من حیث تبعها حتّیٰ یرجع إلیٰ منزله قیراط من الأجر ، والقیراط مثل جبل اُحد یلقیٰ فی میزانه من الأجر» .
وأمّا آدابه فهی کثیرة :
منها : أن یقول حین حمل الجنازة : «بسم اللّه وباللّه وصلّی اللّه علیٰ محمّد وآل محمّد ، اللهمّ اغفر للمؤمنین والمؤمنات» .
ومنها : المشی ، بل الظاهر کراهة الرکوب إلاّ لعذر ، نعم لایکره فی الرجوع .
ومنها : المشی خلف الجنازة أو جانبیها لا قدّامها ، والأوّل أفضل .
ومنها : أن یحملوها علیٰ أکتافهم لا علی الدابّة ونحوها إلاّ لعذر کبعد المسافة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 73 ومنها : أن یکون المشیّع خاشعاً متفکّراً متصوّراً أنّه هو المحمول وقد سأل الرجوع إلی الدنیا فاُجیب .
ومنها : التربیع ؛ بمعنیٰ أن یحمل الشخص الواحد جوانبها الأربعة ، والأفضل أن یبتدئ بمقدّم السریر من طرف یمین المیّت فیضعه علیٰ عاتقه الأیمن ثمّ یحمل مؤخّره الأیمن علیٰ عاتقه الأیمن ثمّ مؤخّره الأیسر علیٰ عاتقه الأیسر ثمّ ینتقل إلی المقدّم الأیسر ویضعه علیٰ عاتقه الأیسر .
ومنها : أن یکون صاحب المصیبة حافیاً واضعاً رداءه أو مغیّراً زیّه علیٰ وجه آخر حتّیٰ یعرف ، ویکره الضحک واللعب واللهو ووضع الرداء لغیر صاحب المصیبة والکلام بغیر الذکر والدعاء والاستغفار حتّیٰ أنّه نهی عن السلام علی المشیّع ، وتشییع النساء الجنازة حتّیٰ للنساء ، والإسراع فی المشی علیٰ وجه ینافی الرفق بالمیّت سیّما إذا کان بالعَدْو - بل ینبغی الوسط فی المشی - واتّباعها بالنار ولو بمجمرة إلاّ المصباح فی اللیل ، والقیام عند مرورها إذا کان جالساً إلاّ إذا کان المیّت کافراً فیقوم لئلاّ یعلو علی المسلم .
القول فی الصلاة علی المیّت
یجب الصلاة علیٰ کلّ مسلم وإن کان مخالفاً للحقّ علی الأصحّ ، ولایجوز علی الکافر بأقسامه حتّی المرتدّ ومن حکم بکفره ممّن انتحل بالإسلام کالنواصب والخوارج والغلاة ، ومن وجد میّتاً فی بلاد المسلمین یلحق بهم ، وکذا لقیط دار الإسلام ، وأمّا لقیط دار الکفر إذا وجد فیها مسلم یحتمل کونه منه ففیه إشکال . وأطفال المسلمین حتّیٰ ولد الزنا منهم بحکمهم فی وجوب الصلاة علیهم إذا بلغوا ستّ سنین . وتستحبّ علیٰ من لم یبلغ ذلک إذا ولد حیّاً دون من ولد میّتاً وإن ولجته الروح قبل ولادته . وقد تقدّم سابقاً أنّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 74 بعض البدن إن کان صدراً أو مشتملاً علیٰ تمام الصدر أو کان بعض الصدر المشتمل علی القلب حکمه حکم تمام البدن فی وجوب الصلاة علیه .
(مسألة 1) : محلّ الصلاة بعد الغسل والتکفین فلاتجزی قبلهما . ولا تسقط بتعذّرهما کما أنّه لا تسقط بتعذّر الدفن أیضاً ، فلو وجد فی الفلاة میّت ولم یمکن غسله ولا تکفینه ولا دفنه یصلّیٰ علیه ویخلّیٰ . والحاصل : أنّ کلّ ما تعذّر من الواجبات یسقط وکلّ ما یمکن یثبت .
(مسألة 2) : یعتبر فی المصلّی علی المیّت أن یکون مؤمناً فلایجزی صلاة المخالف فضلاً عن الکافر . ولا یعتبر فیه البلوغ علی الأقویٰ فیصحّ صلاة الصبیّ الممیّز بل الظاهر إجزاؤها عن المکلّفین البالغین . ولایعتبر فیه الذکورة فتصحّ صلاة المرأة ولو علی الرجال ، ولا یشترط فی صحّة صلاتها عدم الرجال .
(مسألة 3) : الصلاة علی المیّت وإن کان فرضاً علی الکفایة إلاّ أنّه کسائر أنواع تجهیزه أولی الناس بها أولاهم بمیراثه ؛ بمعنیٰ أنّ الولیّ لو أراد المباشرة بنفسه أو عیّن شخصاً لها لایجوز لغیره مزاحمته ، لا أنّ إذنه شرط لصحّة عمل غیره ، وقد مرّ ذلک مفصّلاً فی الغسل فلانعیده . وإذا أوصی المیّت بأن یصلّی علیه شخص معیّن فالظاهر وجوب العمل بها علی الولیّ بأن لا یزاحم الوصیّ .
(مسألة 4) : تستحبّ فیها الجماعة ، والأحوط اعتبار اجتماع شرائط الإمامة من العدالة ونحوها هنا أیضاً ، بل الأحوط اعتبار اجتماع شرائط الجماعة من عدم الحائل ونحوه أیضاً . ولا یتحمّل الإمام هنا عن المأمومین شیئاً .
(مسألة 5) : یجوز أن یصلّی علیٰ میّت واحد فی زمان واحد أشخاص متعدّدون فرادیٰ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 75 بل وبالجماعات المتعدّدة ، ویجوز لکلّ واحد منهم قصد الوجوب ما لم یفرغ منها أحد ، فإذا فرغ نوی الباقون الاستحباب أو القربة ، وکذلک الحال فی المصلّین المتعدّدین فی جماعة واحدة .
(مسألة 6) : یجوز للمأموم نیّة الانفراد فی الأثناء ، لکن بشرط أن لایکون بعیداً عن الجنازة بما یضرّ ولا خارجاً عن المحاذاة المعتبرة فی المنفرد .
القول فی کیفیّة صلاة المیّت
وهی خمس تکبیرات : یأتی بالشهادتین بعد الاُولیٰ والصلاة علی النبیّ وآله بعد الثانیة والدعاء للمؤمنین والمؤمنات بعد الثالثة والدعاء للمیّت بعد الرابعة ثمّ یکبّر الخامسة وینصرف ، ولایجوز أقلّ من خمس تکبیرات إلاّ للتقیّة . ولیس فیها أذان ولا إقامة ولا قراءة ولا رکوع ولا سجود ولا تشهّد ولا سلام . ویکفی فی الأدعیة الأربعة مسمّاها ، فیجزی أن یقول بعد التکبیرة الاُولیٰ : «أشهد أن لا إلٰه إلاّ اللّه ، وأشهد أنّ محمّداً رسول اللّه » ، وبعد الثانیة : «اللهمّ صلِّ علیٰ محمّد وآل محمّد» ، وبعد الثالثة : «اللهمّ اغفر للمؤمنین والمؤمنات» ، وبعد الرابعة : «اللهمّ اغفر لهذا المیّت» ثمّ یقول : «اللّه أکبر» وینصرف .
والأولیٰ أن یقول بعد التکبیرة الاُولیٰ : «أشهد أن لا إلٰه إلاّ اللّه وحده لاشریک له إلٰهاً واحداً أحداً صمداً فرداً حیّاً قیّوماً دائماً أبداً لم یتّخذ صاحبة ولا ولداً ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله أرسله بالهُدیٰ ودینِ الحقّ لیُظهرَه علی الدین کلّه ولو کَرِه المشرکون» ، وبعد الثانیة : «اللهمّ صلِّ علیٰ محمّد وآلِ محمّد وبارک علیٰ محمّد وآلِ محمّد وارحم محمّداً وآلَ محمّد أفضلَ ما صلّیتَ وبارکتَ وترحّمتَ علیٰ إبراهیمَ وآلِ إبراهیمَ إنّک حمیدٌ مجیدٌ ، وصلِّ علیٰ جمیع الأنبیاء والمرسلین» ، وبعد الثالثة : «اللهمّ اغفر للمؤمنینَ والمؤمناتِ والمسلمینَ والمسلماتِ الأحیاءِ منهم والأمواتِ ، تابِعِ اللهمّ بیننا وبینهم بالخیرات ، إنّک علیٰ کلّ شیء قدیر» ، وبعد الرابعة : «اللهمّ إنّ هذا المسجّیٰ قُدّامنا عبدُکَ وابنُ عبدِک وابنُ أمتِک ، نَزَل بک وأنت خَیرُ مَنزُولٍ به ، اللهمّ إنّک قبضت روحَه إلیک وقد احتاج إلیٰ رحمتک وأنت غَنِیّ عن عذابه ، اللهمّ إنّا لانعلم منه إلاّ خیراً وأنت أعلم به منّا ، اللهمّ إن کان محسناً فَزِدْ فی إحسانه ، وإن کان مسیئاً فتجاوَزْ عن سیّئاته ، واغْفِرْ لنا وله ، اللهمّ احشُرْه مع من یتولاّه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 76 ویُحِبُّه وأبْعِده ممّن یتبرّأ منه ویُبغِضه ، اللهمّ ألْحِقه بنبیّک وعرِّف بینه وبینه ، وارحَمْنا إذا توفَّیتَنا ، یا إلٰه العالمینَ ، اللهمّ اکتُبه عندک فی أعلیٰ علِّیّین واخلُف علیٰ عَقِبِه فی الغابرین ، واجعله من رُفَقاء محمّد وآله الطاهرین ، وارْحَمه وإیّانا برحمتک یا أرحم الراحمین ، اللهمّ عَفوَک عَفوَک عَفوَک» .
وإن کان المیّت امرأة یقول بدل قوله «هذا المسجّیٰ . . .» إلیٰ آخره : «هذه المسجّاة قدّامنا أمتک وابنة عبدک وابنة أمتک» وأتیٰ بالضمائر مؤنّثة . وإن کان المیّت طفلاً دعا فی الرابعة لأبویه ؛ بأن یقول : «اللهمّ اجعله لأبویه ولنا سلفاً وفرطاً وأجراً» .
(مسألة 1) : فی کلّ من الرجل والمرأة یجوز تذکیر الضمائر باعتبار أنّه میّت أو شخص ، وتأنیثها باعتبار أنّه جنازة ، فیسهل الأمر فیما إذا لم یعلم أنّ المیّت رجل أو امرأة ، ولایحتاج إلیٰ تکرار الدعاء أو الضمائر .
(مسألة 2) : إذا شکّ فی التکبیرات بین الأقلّ والأکثر بنیٰ علی الأقلّ .
القول فی شرائط صلاة المیّت
تجب فیها نیّة القربة ، وتعیین المیّت علیٰ وجه یرفع الإبهام ؛ ولو بأن یقصد المیّت الحاضر أو من عیّنه الإمام إن صلّیٰ جماعة ، واستقبال القبلة والقیام ، وأن یوضع المیّت أمامه مستلقیاً علیٰ قفاه محاذیاً له إذا کان إماماً أو منفرداً بخلاف ما إذا کان مأموماً فی صفّ اتّصل بمن یحاذیه ، وأن یکون رأسه إلیٰ یمین المصلّی ورجله إلیٰ یساره ، وأن لایکون بینه وبین المصلّی حائل کستر أو جدار ممّا لایصدق معه اسم الصلاة علیه بخلاف المیّت فی النعش ونحوه ممّا هو بین یدی المصلّی ، وأن لایکون بینهما بُعد مفرط علیٰ وجه لایصدق الوقوف علیه إلاّ فی المأموم مع اتّصال الصفوف ، وأن لایکون أحدهما أعلیٰ من الآخر علوّاً مفرطاً ، وأن تکون الصلاة بعد التغسیل والتکفین والحنوط إلاّ فیمن سقط عنه ذلک کالشهید أو تعذّر علیه فیصلّیٰ علیه بدون ذلک ، وأن یکون مستور العورة ، ومن
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 77 لم یکن له کفن أصلاً فإن أمکن ستر عورته بشیء قبل وضعه فی القبر سترها وصلّیٰ علیه وإلاّ فلیحفر قبره ویوضع فی لحده ویُواریٰ عورته بلبن أو أحجار أو تراب ثمّ یصلّیٰ علیه ثمّ یواریٰ فی قبره .
(مسألة 1) : لایعتبر فیها الطهارة من الحدث والخبث ولا سائر شروط الصلاة ذات الرکوع والسجود ولا ترک موانعها ، وإن کان الأحوط مراعاة جمیع ما یعتبر فیها .
(مسألة 2) : إذا لم یمکن الاستقبال أصلاً سقط ، وإن اشتبهت القبلة ولم یتمکّن من تحصیل العلم بها وفقدت الأمارات التی یرجع إلیها عند عدم إمکان العلم یعمل بالظنّ مع إمکانه ، وإلاّ فلیصلّ إلیٰ أربع جهات .
(مسألة 3) : إذا لم یقدر علی القیام ولم یوجد من یقدر علی الصلاة قائماً تعیّن علیه الصلاة جالساً ، ومع وجوده یجب عیناً علی المتمکّن ، ولا یجزی عنه صلاة العاجز علی الأظهر ، لکن إذا عصیٰ ولم یقم بوظیفته یجب علی العاجز القیام بوظیفته . وإذا فقد المتمکّن وصلّی العاجز جالساً ثمّ وجد قبل أن یدفن فالأحوط إعادة المتمکّن ، وأولیٰ بذلک ما إذا صلّیٰ معتقداً عدم وجوده فتبیّن خلافه وظهر کونه موجوداً من الأوّل .
(مسألة 4) : من أدرک الإمام فی أثناء الصلاة جاز له الدخول معه وتابعه فی التکبیر وجعل أوّل صلاته أوّل تکبیراته فیأتی بوظیفته من الشهادتین ، فإذا کبّر الإمام الثالثة ـ مثلاً - کبّر معه وکانت له الثانیة فیأتی بالصلاة علی النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فإذا فرغ الإمام أتمّ ما علیه من التکبیر مع الأدعیة إن تمکّن منها ولو مخفّفاً ، وإن لم یمهلوه اقتصر علی التکبیر ولاءً من غیر دعاء فی موقفه .
(مسألة 5) : لایسقط صلاة المیّت عن المکلّفین ما لم یأت بها بعضهم علیٰ وجه صحیح ، فإذا شکّ فی أصل الإتیان بنیٰ علی العدم ، وإن علم به وشکّ فی صحّة ما أتیٰ به حمل علی الصحّة ، وإن علم بفساده وجب علیه الإعادة وإن کان المصلّی قاطعاً بالصحّة . نعم لو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 78 تخالف المصلّی مع غیره بحسب التقلید أو الاجتهاد ؛ بأن کانت الصلاة صحیحة بحسب تقلید المصلّی أو اجتهاده ، فاسدة عند غیره بحسبهما ، ففی الاجتزاء بها وجه ، لکنّه لایخلو عن إشکال فلایترک الاحتیاط .
(مسألة 6) : یجب أن یکون الصلاة قبل الدفن لا بعده ، نعم لو دفن قبل الصلاة نسیاناً أو لعذر آخر أو تبیّن فسادها لایجوز نبشه لأجل الصلاة ، بل یصلّیٰ علیٰ قبره مراعیاً للشرائط من الاستقبال وغیره ما لم یمض مدّة تلاشیٰ فیها بحیث خرج عن صدق اسم المیّت . بل من لم یدرک الصلاة علیٰ من صلّیٰ علیه قبل الدفن یجوز له أن یصلّی علیه بعده إلیٰ یوم ولیلة ، وإذا مضیٰ أزید من ذلک فالأحوط الترک .
(مسألة 7) : یجوز تکرار الصلاة علی المیّت علیٰ کراهیّة ، إلاّ إذا کان المیّت ذا شرف ومنقبة وفضیلة .
(مسألة 8) : إذا حضرت جنازة فی وقت الفریضة فإن لم تزاحم الصلاة علیها مع الفریضة من جهة سعة وقتها ولم یخش من الفساد علی المیّت لو أخّرت صلاته تخیّر بینهما ، والأفضل تقدیم صلاته إلاّ إذا زاحمت مع وقت فضیلة الفریضة فترجّح علیها . ویجب تقدیمها علی الفریضة فی سعة وقتها إذا خیف علی المیّت من الفساد لو اُخّرت صلاته ، کما أنّه یجب تقدیم الفریضة مع ضیق وقتها وعدم الخوف علی المیّت . وأمّا مع الخوف علیه وضیق وقت الفریضة فإن أمکن صونه عن الفساد بالدفن وإتیان الصلاة فی وقتها ثمّ الصلاة علیه مدفوناً تعیّن ذلک ، وإن لم یمکن ذلک بل زاحم وقت الفریضة مع الدفن الذی یصونه عن الفساد فلو تشاغل بالدفن یفوته الفرض وإن تشاغل بالفریضة وأخّر الدفن عرض علیه الفساد ففی تقدیم الدفن علی الفریضة أو العکس تأمّل وإشکال . وإن أمکن أن یصلّی الفریضة مومئاً مع التشاغل بالدفن صلّی_' کذلک لکن مع ذلک لایترک القضاء.
(مسألة 9) : إذا اجتمعت جنازات متعدّدة فالأولی انفراد کلّ واحدة منها بصلاة إذا لم یخش علیٰ بعضها الفساد من جهة تأخیر صلاتها . ویجوز التشریک بینها فی صلاة واحدة ؛ بأن یوضع الجمیع قدّام المصلّی مع رعایة المحاذاة أو یجعل الجمیع صفّاً واحداً
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 79 بأن یجعل رأس کلّ عند ألیة الآخر شبه الدرج ویقوم المصلّی وسط الصفّ ویراعی فی الدعاء لهم بعد التکبیر الرابع ما یناسبهم ؛ من تثنیة الضمیر أو جمعه وتذکیره وتأنیثه .
(مسألة 10) : إذا حضر فی أثناء الصلاة علی الجنازة - کما بعد التکبیرة الاُولیٰ - جنازة اُخریٰ یجوز تشریک الاُولیٰ مع الثانیة فی التکبیرات الباقیة ، فتکون ثانیة الاُولیٰ اُولیٰ الثانیة وثالثة الاُولیٰ ثانیة الثانیة وهکذا ، فإذا تمّت تکبیرات الاُولیٰ یأتی ببقیّة تکبیرات الثانیة ، فیأتی بعد کلّ تکبیر مختصّ ما یخصّه من الدعاء وبعد التکبیر المشترک یجمع بین الدعائین ، فیأتی بعد التکبیر الذی هو أوّل الثانیة وثانی الاُولیٰ بالشهادتین مع الصلاة علی النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم وهکذا .
القول فی آداب الصلاة علی المیّت
وهی اُمور :
منها : أن یقال قبل الصلاة «الصلاة» ثلاث مرّات ، وهی بمنزلة الإقامة للصلاة . ومنها : أن یکون المصلّی علیٰ طهارة من الحدث ، من الوضوء أو الغسل أو التیمّم ، ویجوز التیمّم بدل الغسل أو الوضوء هنا حتّیٰ مع وجدان الماء إن خاف فوت الصلاة لو توضّأ أو اغتسل بل مطلقاً . ومنها : أن یقف الإمام أو المنفرد عند وسط الرجل بل مطلق الذکر ، وعند صدر المرأة بل مطلق الاُنثیٰ . ومنها : نزع النعل بل یکره الصلاة بالحذاء - وهو النعل - دون الخفّ والجورب ، وإن کان الحفاء لایخلو من رجحان خصوصاً للإمام . ومنها : رفع الیدین عند التکبیرات ولاسیّما الاُولیٰ . ومنها : أن یقف قریباً من الجنازة بحیث لو هبّت الریح وصل ثوبه إلیها . ومنها : الإجهار للإمام والإسرار للمأموم . ومنها : اختیار المواضع المعدّة للصلاة علی الجنائز . ومنها : أن لا توقع فی المساجد عدا مسجد الحرام . ومنها : إیقاعها جماعة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 80
القول فی الدفن
یجب کفایة دفن المیّت المسلم ومن بحکمه ، وهو مواراته فی حفیرة فی الأرض ، فلایجزی البناء علیه ولا وضعه فی بناء أو تابوت ، ولو من صخر أو حدید مع القدرة علی المواراة فی الأرض . نعم لو تعذّر الحفر لصلابة الأرض - مثلاً - أجزأ البناء علیه ووضعه فیه ونحوذلک من أقسام المواراة ، کما أنّه لوأمکن نقله إلیٰ أرض یمکن حفرها قبل أن یحدث بالمیّت شیء وجب . والأحوط کون الحفیرة بحیث تحرس جثّته من السباع وتکتم رائحته عن الناس ، وإن کان الأقویٰ کفایة مجرّد المواراة فی الأرض مع الأمن من الأمرین ولو من جهة عدم وجود السباع وعدم من یؤذیه رائحته من الناس أو البناء علیٰ قبره بعد مواراته .
(مسألة 1) : راکب البحر مع تعذّر البرّ - لخوف فساده لو انتظر أو لمانع آخر ـ أو تعسّره یغسّل ویکفّن ویحنّط ویصلّیٰ علیه ویوضع فی خابیة ونحوها ویوکأ رأسها أو یثقل بحجر أو نحوه فی رجله ویلقیٰ فیه ، والأحوط اختیار الأوّل مع الإمکان ، وکذا لو خیف علی المیّت من نبش العدوّ قبره والتمثیل به اُلقی فی البحر بالکیفیّة المزبورة .
(مسألة 2) : یجب کون الدفن مستقبل القبلة ؛ بأن یضجعه علیٰ جنبه الأیمن بحیث یکون رأسه إلی المغرب ورجلیه إلی المشرق - مثلاً - فی البلاد الشمالیّة ، وبعبارة اُخریٰ : یکون رأسه إلیٰ یمین من یستقبل القبلة ورجلاه إلیٰ یساره . وکذا فی دفن الجسد بلا رأس بل فی الرأس بلا جسد ، بل وفی الصدر وحده ، إلاّ إذا کان المیّت کافرة حاملة بولد مسلم فإنّها تدفن مستدبرة القبلة علیٰ جانبها الأیسر ؛ لیصیر الولد فی بطنها مستقبلاً .
(مسألة 3) : مؤونة الدفن حتّیٰ ما یحتاج إلیه لأجل استحکامه ؛ من القیر والساروج وغیر ذلک بل ما یأخذه الجائر للدفن فی الأرض المباحة تخرج من أصل الترکة ، وکذا مؤونة الإلقاء فی البحر من الحجر أو الحدید الذی یثقل به أو الخابیة التی یوضع فیها .
(مسألة 4) : إذا اشتبهت القبلـة یعمل بالظنّ علی الأحوط ومع عدمه یسقط الاستقبال .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 81 (مسألة 5) : یجب دفن الأجزاء المبانة من المیّت حتّی الشعر والسنّ والظفر ، والأحوط ـ لو لم یکن الأقویٰ - إلحاقه ببدن المیّت والدفن معه مع الإمکان .
(مسألة 6) : إذا مات شخص فی البئر ولم یمکن إخراجه ولا استقباله یخلّیٰ علیٰ حاله ویسدّ البئر ویجعل قبراً له .
(مسألة 7) : إذا مات الجنین فی بطن الحامل وخیف علیها من بقائه یجب التوصّل إلیٰ إخراجه بکلّ حیلة ملاحظاً للأرفق فالأرفق ولو بتقطیعه قطعة قطعة ، ویکون المباشر زوجها أو النساء ، ومع عدمها فالمحارم من الرجال ، فإن تعذّر فالأجانب . ولو ماتت الحامل وکان الجنین حیّاً وجب إخراجه ولو بشقّ بطنها فیشقّ جنبها الأیسر ویخرج الطفل ثمّ یخاط وتدفن ، ولا فرق فی ذلک بین رجاء بقاء الطفل بعد الإخراج وعدمه . ولو خیف مع حیاتهما علیٰ کلّ منهما ینتظر حتّیٰ یقضی .
(مسألة 8) : لایجوز الدفن فی الأرض المغصوبة عیناً أو منفعةً ، ومنها الأراضی الموقوفة لغیر الدفن وما تعلّق بها حقّ الغیر کالمرهونة بغیر إذن المرتهن ، بل ومنها قبر میّت آخر قبل صیرورته رمیماً . وفی جواز الدفن فی المساجد مع عدم الإضرار بالمسلمین وعدم المزاحمة للمصلّین تأمّل وإشکال .
(مسألة 9) : لایجوز أن یدفن الکفّار وأولادهم فی مقبرة المسلمین ، بل لو دفنوا نبشوا ، سیّما إذا کانت المقبرة مُسبَّلة للمسلمین . وکذا لایجوز دفن المسلم فی مقبرة الکفّار ، ولو دفن عصیاناً أو نسیاناً ففی جواز نبشه ونقله تأمّل وإشکال .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 82
القول فی مستحبّات الدفن ومکروهاته
أمّا المستحبّات فهی اُمور :
منها : حفر القبر إلی الترقوة أو بقدر القامة .
ومنها : اللحد فی الأرض الصلبة ؛ بأن یحفر فی حائط القبر ممّا یلی القبلة حفیرة بقدر ما تسع جثّته فیوضع فیها ، والشقّ فی الأرض الرخوة بأن یحفر فی قعر القبر حفیرة شبه النهر فیوضع فیها المیّت ویسقّف علیه .
ومنها : وضع جنازة الرجل قبل إنزاله فی القبر ممّا یلی الرجلین وجنازة المرأة ممّا یلی القبلة أمام القبر .
ومنها : أن لا یفجأ به القبر ولا ینزله فیه بغتة ، بل یضعه دون القبر بذراعین أو ثلاثة ویصبر علیه هنیئة ، ثمّ یقدّمه قلیلاً ویصبر علیه هنیئة ، ثمّ یضعه علیٰ شفیر القبر لیأخذ اُهبته للسؤال ، فإنّ للقبر أهوالاً عظیمة - نستجیر باللّه منها - ثمّ یسلّه من نعشه سلاًّ فیدخله برفق ؛ سابقاً برأسه إن کان رجلاً وعرضاً إن کان امرأة .
ومنها : أن یحلّ جمیع عقد الکفن بعد وضعه فی القبر .
ومنها : أن یکشف عن وجهه ویجعل خدّه علی الأرض ویعمل له وسادة من تراب ویسند ظهره بلبنة أو مدرة لئلاّ یستلقی علیٰ قفاه .
ومنها : أن یسدّ اللحد باللبن أو الأحجار لئلاّ یصل إلیه التراب ، وإذا أحکمها بالطین کان أحسن .
ومنها : أن یکون من ینزّله فی القبر متطهّراً مکشوف الرأس حالاًّ أزراره نازعاً عمامته ورداءه ونعلیه .
ومنها : أن یکون المباشر لإنزال المرأة وحلّ أکفانها زوجها أو محارمها ، ومع عدمهم فأقرب أرحامها من الرجال فالنساء ثمّ الأجانب ، والزوج أولیٰ من الجمیع .
ومنها : أن یهیل علیه التراب غیر أرحامه بظهر الأکفّ .
ومنها : أن یقرأ بالأدعیة المأثورة المذکورة فی الکتب المبسوطة فی مواضع مخصوصة : عند سلّه من النعش ، وعند معاینة القبر ، وعند إنزاله فیه ، وبعد وضعه فیه ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 83 وبعد وضعه فی لحده ، وحال اشتغاله بسدّ اللحد ، وعند الخروج من القبر ، وعند إهالة التراب علیه .
ومنها : تلقینه العقائد الحقّة - من اُصول دینه ومذهبه - بالمأثور ، بعد وضعه فی اللحد قبل أن یسدّه .
ومنها : رفع القبر عن الأرض بمقدار أربع أصابع مضمومة أو مفرّجة .
ومنها : تربیع القبر ؛ بمعنیٰ تسطیحه وجعله ذا أربع زوایا قائمة ، ویکره تسنیمه بل الأحوط ترکه .
ومنها : أن یرشّ الماء علیٰ قبره ، والأولیٰ فی کیفیّته أن یستقبل القبلة ویبتدئ بالرش من عند الرأس إلی الرجل ثمّ یدور به علی القبر حتّیٰ ینتهی إلی الرأس ثمّ یرشّ علیٰ وسط القبر ما یفضل من الماء .
ومنها : وضع الید علی القبر مفرّجة الأصابع مع غمزها بحیث یبقیٰ أثرها ، وقراءة «إنّا أنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ القَدْرِ» سبع مرّات ، والاستغفار والدعاء له بنحو : «اللهمّ جافِ الأرضَ عن جنبیه ، وأصعد إلیک روحَه ، ولقّه منک رضواناً وأسکِن قبره من رحمتک ما تُغنِیه به عن رحمة من سواک» ، ونحو : «اللهمّ ارحَم غربتَه وصِل وحدتَه وآنِس وحشتَه وآمِن روعتَه وأفِض علیه من رحمتک وأسکِن إلیه من بَرْد عفوک وسعة غفرانک ورحمتک ما یَستغنی بها عن رحمة من سواک ، واحشُره مع من کان یتولاّه» . ولایختصّ استحباب الاُمور المزبورة بهذه الحالة بل تستحبّ عند زیارة کلّ مؤمن فی کلّ زمان وعلیٰ کلّ حال ، کما أنّ لها آداب خاصّة وأدعیة مخصوصة مذکورة فی الکتب المبسوطة .
ومنها : أن یلقّنه الولیّ أو من یأمره - بعد تمام الدفن ورجوع المشیّعین وانصرافهم - اُصول دینه ومذهبه بأرفع صوته ؛ من الإقرار بالتوحید ورسالة سیّد المرسلین وإمامة الأئمّة المعصومین والإقرار بما جاء به النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم والبعث والنشور والحساب والمیزان والصراط والجنّة والنار ، وبذلک التلقین یدفع سؤال منکر ونکیر إن شاء اللّه تعالیٰ .
ومنها : أن یکتب اسم المیّت علی القبر أو علیٰ لوح أو حجر ، وینصب عند رأسه .
ومنها : دفن الأقارب متقاربین .
ومنها : إحکام القبر .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 84
وأمّا المکروهات
فهی أیضاً اُمور :
منها : دفن میّتین فی قبر واحد کجمعهما فی جنازة واحدة . وأمّا دفن میّت فی قبر میّت آخر بعد دفنه فهو حرام قبل أن یصیر رمیماً .
ومنها : فرش القبر بساج ونحوه کالآجر والحجر إلاّ إذا کانت الأرض ندیّة .
ومنها : نزول الوالد فی قبر ولده خوفاً عن جزعه وفوات أجره .
ومنها : أن یهیل ذو الرحم علیٰ رحمه التراب .
ومنها : سدّ القبر وتطیینه بغیر ترابه .
ومنها : تجدید القبر بعد اندراسه إلاّ قبور الأنبیاء والأوصیاء والصلحاء والعلماء .
ومنها : الجلوس علی القبر .
ومنها : الحدث فی المقابر .
ومنها : الضحک فیها .
ومنها : الاتّـکاء علی القبر .
ومنها : المشی علی القبر من غیر ضرورة .
ومنها : رفع القبر عن الأرض أزید من أربع أصابع مفرّجات .
خاتمة تشتمل علیٰ مسائل
(مسألة 1) : یجوز نقل المیّت من بلد موته إلیٰ بلد آخر قبل دفنه علیٰ کراهیّة ، إلاّ إلی المشاهد المشرّفة والأماکن المقدّسة فلا کراهة فی النقل إلیها بل فیه فضل ورجحان ، وإنّما یجوز النقل مع الکراهة فی غیر المشاهد وبدونها فیها إذا لم یستلزم من جهة بُعد
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 85 المسافة وتأخیر الدفن أو غیر ذلک تغیّر المیّت وفساده وهتکه . وأمّا مع استلزامه ذلک فلایجوز فی غیر المشاهد قطعاً ، وأمّا فیها ففیه تأمّل وإشکال . وأمّا بعد الدفن فلو فرض إخراج المیّت عن قبره أو خروجه بسبب من الأسباب یکون بحکم غیر المدفون فی التفصیل المزبور ، وأمّا نبشه للنقل فلایجوز فی غیر المشاهد قطعاً ، وأمّا فیها ففیه تأمّل وإشکال . وما تعارف فی زماننا من تودیع المیّت وتأمینه لینقل فیما بعد إلی المشاهد إنّما هو لأجل التخلّص عن محذور النبش وهو تخلّص حسن ، إلاّ أنّ جواز أصل هذا العمل حتّیٰ فیما إذا طالت المدّة إلیٰ أن آل إلیٰ طروّ التغیّر والفساد وتقطّع الأوصال عندی محلّ نظر وإشکال .
(مسألة 2) : یجوز البکاء علی المیّت بل قد یستحبّ عند اشتداد الحزن والوجد ولکن لایقول ما یسخط الربّ ، وکذا یجوز النوح علیه بالنظم والنثر إذا لم یشتمل علی الباطل من الکذب ، بل والویل والثبور علی الأحوط . ولایجوز اللطم والخدش وجزّ الشعر ونتفه بل والصراخ الخارج عن حدّ الاعتدال علی الأحوط لو لم یکن الأقویٰ . وکذا لایجوز شقّ الثوب علیٰ غیر الأب والأخ بل فی بعض الاُمور المزبورة تجب الکفّارة ، ففی جزّ المرأة شعرها فی المصیبة کفّارة شهر رمضان وفی نتفه کفّارة الیمین ، وکذا تجب کفّارة الیمین فی خدش المرأة وجهها فی المصاب وفی شقّ الرجل ثوبه فی موت زوجته أو ولده ؛ وهی إطعام عشرة مساکین أو کسوتهم أو تحریر رقبة وإن لم یجد فصیام ثلاثة أیّام .
(مسألة 3) : یحرم نبش قبر المسلم ومن بحکمه إلاّ مع العلم باندراسه وصیرورته رمیماً وتراباً ، نعم لایجوز نبش قبور الأنبیاء والأئمّة علیهم السلام وإن طالت المدّة ، بل وکذا قبور أولاد الأئمّة والصلحاء والشهداء ممّا اتّخذ مزاراً وملاذاً . والمراد بالنبش کشف جسد المیّت المدفون بعدما کان مستوراً بالدفن ، فلو حفر القبر وأخرج ترابه من دون أن یظهر جسد المیّت لم یکن من النبش المحرّم ، وکذا إذا کان المیّت موضوعاً علیٰ وجه الأرض
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 86 وبنیٰ علیه بناء أو کان فی تابوت من صخرة ونحوها فاُخرج .
ویجوز النبش فی موارد :
منها : فیما إذا دفن فی مکان مغصوب - عیناً أو منفعة - عدواناً أو جهلاً أو نسیاناً ولایجب علی المالک الرضا ببقائه مجّاناً أو بالعوض ، وإن کان الأولیٰ بل الأحوط إبقاؤه ولو بالعوض ، خصوصاً فیما إذا کان وارثاً أو رحماً أو دفن فیه اشتباهاً . ولو أذن المالک فی دفن میّت فی ملکه وأباحه له لیس له أن یرجع عن إذنه وإباحته ، نعم إذا خرج المیّت بسبب من الأسباب لایجب علیه الرضا والإذن بدفنه ثانیاً فی ذلک المکان بل له الرجوع عن إذنه . والدفن مع الکفن المغصوب أو مال آخر مغصوب کالدفن فی المکان المغصوب ، فیجوز النبش لأخذه . نعم لو کان معه شیء من أمواله - من خاتم ونحوه - فدفن معه ، ففی جواز نبش الورثة إیّاه لأخذه تأمّل وإشکال ، خصوصاً فیما إذا لم یجحف بهم .
ومنها : لتدارک الغسل أو الکفن أو الحنوط فیما إذا دفن بدونها مع التمکّن منها ، وأمّا لو دفن بدونها لعذر کما إذا لم یوجد الماء أو الکفن أو الکافور ثمّ وجد بعد الدفن ففی جواز النبش لتدارک الفائت تأمّل وإشکال ، ولاسیّما فیما إذا لم یوجد الماء فیمّم بدلاً عن الغسل ودفن ثمّ وجد ، بل عدم جواز النبش لتدارک الغسل حینئذٍ هو الأقویٰ . وأمّا إذا دفن بلا صلاة فلا ینبش لأجل تدارکها قطعاً بل یصلّیٰ علیٰ قبره کما تقدّم .
ومنها : إذا توقّف إثبات حقّ من الحقوق علیٰ مشاهدة جسده .
ومنها : فیما إذا دفن فی مکان یوجب هتکه کما إذا دفن فی بالوعة أو مزبلة ، وکذا إذا دفن فی مقبرة الکفّار فی وجه لایخلو من قوّة .
ومنها : لنقله إلی المشاهد المشرّفة مع إیصاء المیّت بنقله إلیها بعد دفنه أو بنقله إلیها قبل دفنه فخولف عصیاناً أو جهلاً أو نسیاناً فدفن فی مکان آخر أو بلا وصیّة منه أصلاً . وعندی فی جمیع هذه الصور الثلاث تأمّل وإشکال ، وإن کانت هی متفاوتة ، فأشکلها ثالثتها ثمّ ثانیتها ثمّ اُولاها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 87 ومنها : إذا خیف علیه من سبع أو سیل أو عدوّ ونحو ذلک .
(مسألة4): یجوز محو آثار القبور التی علم اندراس میّتها ، سیّما إذا کانت فی المقبرة المسبَّلة للمسلمین مع حاجتهم ، عدا ما تقدّم من قبور الشهداء والصلحاء والعلماء وأولاد الأئمّة ممّا جعلت مزاراً .
(مسألة 5) : إذا اُخرج المیّت عن قبره فی مکان مباح عصیاناً أو بنحو مباح أو خرج بسبب من الأسباب ، لایجب دفنه ثانیاً فی ذلک المکان ، بل یجوز أن یدفن فی مکان آخر .
ختامٌ فیه أمران
أحدهما : من المستحبّات الأکیدة التعزیة لأهل المصیبة وتسلیتهم وتخفیف حزنهم بذکر ما یناسب المقام ، وما له دخل تامّ فی هذا المرام من ذکر مصائب الدنیا وسرعة زوالها وأنّ کلّ نفس فانیة والآجال متقاربة ونقل ما ورد فیما أعدّ اللّه تعالیٰ للمصاب من الأجر ، ولاسیّما مصاب الولد من أنّه شافع مشفّع لأبویه حتّیٰ أنّ السقط یقف وقفة الغضبان علیٰ باب الجنّة فیقول : لا أدخل حتّیٰ یدخل أبوای ، فیدخلهما اللّه الجنّة ، إلیٰ غیر ذلک . وتجوز التعزیة قبل الدفن وبعده وإن کان الأفضل کونها بعده وأجرها عظیم ولاسیّما تعزیة الثکلیٰ والیتیم ، فمن عزّیٰ مصاباً کان له مثل أجره ، من غیر أن ینتقص من أجر المصاب شیء ، وما من مؤمن یعزّی أخاه بمصیبة إلاّ کساه اللّه من حلل الکرامة وکان فیما ناجیٰ به موسیٰ ربّه أنّه قال : «یاربّ ما لمن عزّی الثکلیٰ ؟» قال : «أظلّه فی ظلّی یوم لا ظلّ إلاّ ظلّی» ، و«أنّ من سکّت یتیماً عن البکاء وجبت له الجنّة» ، و «ما من عبد یمسح یده علیٰ رأس یتیم إلاّ ویکتب اللّه - عزّوجلّ - له بعدد کلّ شعرة مرّت علیها یده حسنة» إلیٰ غیر ذلک ممّا ورد فی الأخبار . ویکفی فی تحقّقها مجرّد الحضور عند المصاب لأجلها بحیث یراه ، فإنّ له دخلاً فی تسلیة الخاطر وتسکین لوعة الحزن . ویجوز جلوس أهل المیّت للتعزیة ، ولا کراهة فیه علی الأقویٰ . نعم الأولیٰ أن لا یزید علیٰ ثلاثة أیّام ، کما أنّه یستحبّ إرسال الطعام إلیهم فی تلک المدّة بل إلی الثلاثة ، وإن کان مدّة جلوسهم أقلّ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 88 ثانیهما : یستحبّ لیلة الدفن صلاة الهدیّة للمیّت ، وهی المشتهرة فی الألسن بـ «صلاة الوحشة» ، ففی الخبر النبویّ صلی الله علیه و آله وسلم : «لایأتی علی المیّت ساعة أشدّ من أوّل لیلة ، فارحموا موتاکم بالصدقة ، فإن لم تجدوا فلیصلِّ أحدکم رکعتین» ، وکیفیّتها علیٰ ما فی الخبر المزبور : أن یقرأ فی الاُولیٰ بفاتحة الکتاب مرّة و«قُلْ هُوَ اللّه ُ أحَدٌ» مرّتین وفی الثانیة فاتحة الکتاب مرّة و«ألهـٰاکُمُ التَّکـٰاثُرُ» عشر مرّات ، وبعد السلام یقول : «اللهمّ صلِّ علیٰ محمّد وآل محمّد ، وابعث ثوابها إلیٰ قبر فلان بن فلان» فیبعث اللّه من ساعته ألف ملک إلیٰ قبره مع کلّ ملک ثوب وحلّة ، ویوسّع فی قبره من الضیق إلیٰ یوم ینفخ فی الصور ویعطی المصلّی بعدد ما طلعت علیه الشمس حسنات وترفع له أربعون درجة . وعلیٰ روایة اُخریٰ یقرأ فی الرکعة الاُولی الحمد وآیة الکرسی مرّة وفی الثانیة الحمد مرّة و«إنّا أنزَلْنـٰاهُ» عشر مرّات ، ویقول بعد الصلاة : «اللهمّ صلِّ علیٰ محمّد وآل محمّد ، وابعث ثوابها إلیٰ قبر فلان» ، وإن أتیٰ بالکیفیّتین کان أولیٰ . وتکفی صلاة واحدة عن شخص واحد . وما تعارف من عدد الأربعین أو الواحد والأربعین غیر وارد ، نعم لابأس به إذا لم یکن بقصد الورود فی الشرع . والأحوط قراءة آیة الکرسی إلیٰ «هُمْ فِیهـٰا خـٰالِدُونَ» . وفی جواز الاستئجار وأخذ الاُجرة علیٰ هذه الصلاة إشکال ، والأحوط البذل بنحو العطیّة والإحسان وتبرّع المصلّی بالصلاة ، والظاهر أنّ وقتها تمام اللیل وإن کان الأولیٰ إیقاعها فی أوّله .
القول فی الأغسال المندوبة
وهی أقسام زمانیّة ومکانیّة وفعلیّة :
أمّا الزمانیّة فکثیرة :
منها : غسل الجمعة ، وهو من المستحبّات المؤکّدة حتّیٰ قال بعض بوجوبه ، ولکنّ الأقوی استحبابه . ووقته من طلوع الفجر الثانی إلی الزوال وبعده إلیٰ آخر یوم السبت قضاءً ، ولکن الأحوط فیما بعد الزوال إلی الغروب من یوم الجمعة أن ینوی القربة من غیر تعرّض للقضاء والأداء ، کما أنّ الأحوط إتیانه فی لیلة السبت رجاءً . ویجوز تقدیمه یوم
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 89 الخمیس إذا خاف إعواز الماء یوم الجمعة ، ثمّ إن تمکّن منه یومها یستحبّ إعادته وإن ترکه حینئذٍ یستحبّ قضاؤه یوم السبت ، ولو دار الأمر بین التقدیم والقضاء فالأوّل أولیٰ . وفی إلحاق لیلة الجمعة بیوم الخمیس وجه ، لکن الأحوط إتیانه به فیها رجاءً ، کما أنّ الأحوط فیما إذا کان فوته یوم الجمعة لا لإعواز الماء بل لأمر آخر تقدیمه یوم الخمیس بعنوان الرجاء لا بقصد المشروعیّة .
ومنها : أغسال لیالی شهر رمضان ؛ وهی لیالی الأفراد : الاُولیٰ والثالثة والخامسة وهکذا وتمام لیالی العشر الأخیرة ، والآکد منها لیالی القدر ولیلة النصف ولیلة سبعة عشر والخمس وعشرین والسبع وعشرین والتسع وعشرین منه ، ویستحبّ فی لیلة الثالث والعشرین غسل ثان فی آخر اللیل . ووقت الغسل فیها تمام اللیل وإن کان الأولیٰ أوّله .
ومنها : غسل یومی العیدین : الفطر والأضحیٰ ، والغسل فی هذین الیومین من السنن الأکیدة . ووقته بعد الفجر إلی الزوال ویحتمل إلی الغروب والأحوط إتیانه بعد الزوال رجاءً لا بقصد الورود .
ومنها : غسل یوم الترویة .
ومنها : غسل یوم عرفة والأولیٰ إیقاعه عند الزوال .
ومنها : غسل أیّام من رجب أوّله ووسطه وآخره .
ومنها : غسل یوم الغدیر والأولیٰ إتیانه قبل الزوال بنصف ساعة .
ومنها : یوم المباهلة وهو الرابع والعشرون من ذی الحجّة .
ومنها : یوم دحو الأرض وهو الخامس والعشرون من ذی القعدة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 90 ومنها : یوم المبعث وهو السابع والعشرون من رجب .
ومنها : لیلة النصف من شعبان .
ومنها : یوم المولود وهو السابع عشر من ربیع الأوّل .
ومنها : یوم النیروز .
ومنها : یوم التاسع من ربیع الأوّل .
ولاتقضیٰ هذه الأغسال بفوات وقتها، کما أنّها لاتتقدّم علی_' أوقاتها مع خوف فوتها فیها.
وأمّا المکانیّة : فهی ما استحبّ للدخول فی بعض الأمکنة الخاصّة ، مثل حرم مکّة وبلدها ومسجدها والکعبة وحرم المدینة وبلدتها ومسجدها وجمیع المشاهد المشرّفة فإنّه یستحبّ الغسل للدخول فی کلّ من هذه الأمکنة .
وأمّا الفعلیّة فهی قسمان :
أحدهما : ما یکون لأجل الفعل الذی یرید إیقاعه أو الأمر الذی یرید وقوعه کغسل الإحرام والطواف والزیارة والغسل للوقوف بعرفات وللوقوف بالمشعر وللذبح والنحر والحلق ولرؤیة أحد الأئمّة فی المنام کما روی عن الکاظم علیه السلام : «إذا أراد ذلک یغتسل ثلاث لیال ویناجیهم ، فیراهم فی المنام» ولصلاة الحاجة وللاستخارة ولعمل الاستفتاح المعروف بعمل اُمّ داود ولأخذ التربة الشریفة من محلّها أو لإرادة السفر خصوصاً لزیارة الحسین علیه السلام ولصلاة الاستسقاء وللتوبة من الکفر بل من کلّ معصیة وللتظلّم والاشتکاء إلی اللّه من ظلم من ظلمه فإنّه یغتسل ویصلّی رکعتین فی موضع لا یحجبه عن السماء ثمّ یقول : «اللهمّ إنّ فلان بن فلان ظلمنی ولیس لی أحد أصول به علیه غیرک ، فاستوف لی ظلامتی الساعة الساعة بالاسم الذی إذا سألک به المضطرّ أجبته فکشفت ما به من ضرّ ومکّنت له فی الأرض وجعلته خلیفتک علیٰ خلقک فأسألک أن تصلّی علیٰ محمّد وآل محمّد وأن تستوفی ظلامتی الساعة الساعة» فستریٰ ما تحبّ وللخوف من الظالم ، فإنّه یغتسل ویصلّی ثمّ یکشف رکبتیه ویجعلهما قریباً من مصلاّه ویقول مائة مرّة : «یا حیّ یا قیّوم یا
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 91 لا إلٰه إلاّ أنت برحمتک أستغیث فصلِّ علیٰ محمّد وآل محمّد وأن تلطف لی وأن تغلب لی وأن تمکر لی وأن تخدع لی وأن تکید لی وأن تکفینی مؤونة فلان بن فلان بلا مؤونة» .
ثانیهما : ما یکون لأجل الفعل الذی فعله وهی أغسال : منها لقتل الوزغ . ومنها لرؤیة المصلوب مع السعی إلیٰ رؤیته متعمّداً . ومنها للتفریط فی أداء صلاة الکسوفین مع احتراق القرص فإنّه یستحبّ أن یغتسل عند قضائها بل وجوبه لایخلو من قوّة . ومنها لمسّ المیّت بعد تغسیله .
(مسألة 1) : وقت إیقاع الأغسال المکانیّة قبل الدخول فی تلک الأمکنة بحیث یقع الدخول فیها بعده من دون فصل کثیر . ویکفی الغسل فی أوّل النهار أو اللیل والدخول فیها فی آخرهما بل کفایة غسل النهار للّیل وبالعکس لایخلو من قوّة ، وکذا الحال فی القسم الأوّل من الأغسال الفعلیّة ممّا استحبّ لإیجاد عمل بعد الغسل کالإحرام والزیارة ونحوهما ، فوقته قبل ذلک الفعل . ولا یضرّ الفصل بینهما بالمقدار المزبور . وأمّا القسم الثانی من الأغسال الفعلیّة فوقتها عند تحقّق السبب ، ویمتدّ إلیٰ آخر العمر وإن استحبّ المبادرة إلیها .
(مسألة 2) : لاینتقض الأغسال الزمانیّة والقسم الثانی من الفعلیّة بشیء من الأحداث بعدها ، وأمّا المکانیّة والقسم الأوّل من الفعلیّة فالظاهر انتقاضها بالحدث الأصغر فضلاً عن الأکبر ، فإذا أحدث بینها وبین الدخول فی تلک الأمکنة أو بینها وبین تلک الأفعال أعاد الغسل .
(مسألة 3) : إذا کان علیه أغسال متعدّدة زمانیّة أو مکانیّة أو فعلیّة أو مختلفة یکفی غسل واحد عن الجمیع إذا نواها .
(مسألة 4) : فی قیام التیمّم عند التعذّر مقام تلک الأغسال تأمّل وإشکال ، فالأحوط الإتیان به عنده بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبیّة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 92
فصل فی التیمّم
والکلام فی مسوّغاته وفیما یصحّ التیمّم به وفی کیفیّته وفیما یعتبر فیه وفی أحکامه .
القول فی مسوّغاته
(مسألة 1) : مسوّغات التیمّم اُمور :
منها : عدم وجدان ما یکفیه من الماء لطهارته ؛ غسلاً کانت أو وضوءً ، ویجب الفحص عنه إلی الیأس ، وفی البرّیّة یکفی الطلب غلوة سهم فی الحزنة وغلوة سهمین فی السهلة فی الجوانب الأربعة مع احتمال وجوده فی الجمیع ، ویسقط عن الجانب الذی یعلم بعدمه فیه ، کما أنّه یسقط فی الجمیع إذا قطع بعدمه فی الجمیع وإن احتمل وجوده فوق المقدار . نعم لو علم بوجوده فوق المقدار وجب تحصیله إذا بقی الوقت ولم یتعسّر .
(مسألة 2) : الظاهر عدم وجوب المباشرة فی الطلب بل یکفی الاستنابة ، کما أنّ الظاهر کفایة نائب واحد عن جماعة . ویکفی فیه الأمانة والوثاقة ولایعتبر فیه العدالة .
(مسألة 3) : إذا کانت الأرض فی بعض الجوانب حزنة وفی بعضها سهلة یکون لکلّ جانب حکمه من الغلوة أو الغلوتین .
(مسألة 4) : المناط فی السهم والرمی والقوس والهواء والرامی هوالمتعارف المعتدل.
(مسألة 5) : إذا ترک الطلب حتّیٰ ضاق الوقت تیمّم وصلّیٰ وصحّت صلاته وإن أثم بالترک ، والأحوط القضاء خصوصاً فیما لو طلب الماء لعثر به ، وأمّا مع السعة بطلت صلاته وتیمّمه وإن صادف عدم الماء فی الواقع ، نعم مع المصادفة لو حصل منه قصد القربة لایبعد الصحّة .
(مسألة 6) : إذا طلب بالمقدار اللازم فلم یجده فتیمّم وصلّیٰ ، ثمّ ظفر بالماء فی محلّ الطلب أو فی رحله أو قافلته صحّت صلاته ولایجب القضاء أو الإعادة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 93 (مسألة 7) : یسقط وجوب الطلب مع الخوف علیٰ نفسه أو عرضه أو ماله ؛ من سبع أو لصّ أو غیر ذلک ، وکذلک مع ضیق الوقت عن الطلب . ولو اعتقد الضیق فترکه وتیمّم وصلّیٰ ثمّ تبیّن السعة فإن کان فی مکان صلّیٰ فیه فلیجدّد الطلب فإن لم یجد الماء تجزی صلاته وإن وجده أعادها . وإن انتقل إلیٰ مکان آخر فإن علم بأنّه لو طلبه لوجده یعید الصلاة وإن کان فی هذا الحال غیر قادر علی الطلب وکان تکلیفه التیمّم ، وإن علم بأنّه لو طلب لما ظفر به صحّت صلاته ولایعیدها ، ومع اشتباه الحال ففیه إشکال فلایترک الاحتیاط بالإعادة أو القضاء .
(مسألة 8) : الظاهر عدم اعتبار کون الطلب فی وقت الصلاة فلو طلب قبل الوقت ولم یجد الماء لایحتاج إلیٰ تجدیده بعده ، وکذا إذا طلب فی الوقت لصلاة فلم یجد یکفی لغیرها من الصلوات ، نعم لو احتمل تجدّد الماء بعد ذلک الطلب مع وجود أمارة ظنّیة علیه یجب تجدیده .
(مسألة 9) : إذا لم یکن عنده إلاّ ماء واحد یکفی الطهارة لایجوز إراقته بعد دخول الوقت ، بل ولو کان علیٰ وضوء ولم یکن له ماء لایجوز له إبطاله ، ولو عصیٰ فأراق أو أبطل یصحّ تیمّمه وصلاته وإن کان الأحوط قضاؤها . وفی جواز الإراقة والإبطال قبل الوقت مع عدم الماء فی الوقت تأمّل وإشکال فلایترک الاحتیاط .
(مسألة 10) : لو تمکّن من حفر البئر بلا حرج وجب علی الأحوط .
ومنها : الخوف من الوصول إلیه من اللصّ أو السبع أو الضیاع أو نحو ذلک ممّا یحصل معه خوف الضرر ولو جبناً علی النفس أو العرض أو المال المعتدّ به .
ومنها : خوف الضرر المانع من استعماله لمرض أو رمد أو ورم أو جرح أو قرح أو نحو ذلک ممّا یتضرّر معه باستعمال الماء علیٰ وجه لایلحق بالجبیرة وما فی حکمها . ولا فرق
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 94 بین الخوف من حصوله أو الخوف من زیادته أو بطوؤه وبین شدّة الألم باستعماله علیٰ وجه لا یتحمّل للبرد أو غیره .
ومنها : الخوف باستعماله من العطش للحیوان المحترم .
ومنها : الحرج والمشقّة الشدیدة التی لاتتحمّل عادة فی تحصیل الماء أو استعماله وإن لم یکن ضرر ولا خوفه ومن ذلک حصول المنّة التی لاتتحمّل عادةً باستیهابه والذلّ والهوان بالاکتساب لشرائه .
ومنها : توقّف حصوله علیٰ دفع جمیع ما عنده أو دفع ما یضرّ بحاله ، بخلاف غیر المضرّ فإنّه یجب وإن کان أضعاف ثمن المثل .
ومنها : ضیق الوقت عن تحصیله أو عن استعماله .
ومنها : وجوب استعمال الموجود من الماء فی غسل نجاسة ونحوه ممّا لایقوم غیر الماء مقامه ، فإنّه یتعیّن التیمّم حینئذٍ ، لکن الأحوط صرف الماء فی الغسل أوّلاً ثمّ التیمّم .
(مسألة 11) : لا فرق فی العطش الذی یسوغ معه التیمّم بین المؤدّی إلی الهلاک أو المرض أو المشقّة الشدیدة التی لاتتحمّل عادة وإن أمن من ضرره ، کما لافرق فیما یؤدّی إلی الهلاک بین ما یخاف علیٰ نفسه أو علیٰ غیره ؛ آدمیّاً کان أو غیره ، مملوکاً کان أو غیره ممّا یجب حفظه عن الهلاک ، بل لایبعد التعدّی إلیٰ من لایجوز قتله وإن لم یجب حفظه کالذمّی . نعم الظاهر عدم التعدّی إلیٰ ما یجوز قتله بأیّ حیلة کالمؤذیات من الحیوانات ومن یکون مهدور الدم من الآدمیّ ، کالحربیّ والمرتدّ عن فطرة ونحوهما . ولو أمکن رفع عطشه بما یحرم تناوله کالخمر والنجس ، وعنده ماء طاهر ، یجب حفظه لعطشه ، ویتیمّم لصلاته ؛ لأنّ وجود المحرّم کالعدم .
(مسألة 12) : إذا کان متمکّناً من الصلاة مع الطهارة المائیّة ، فأخّر حتّیٰ ضاق الوقت عن الوضوء والغسل ، تیمّم وصلّیٰ وصحّ صلاته وإن أثم بالتأخیر ، والأحوط احتیاطاً شدیداً قضاؤها أیضاً .
(مسألة 13) : إذا شکّ فی مقدار ما بقی من الوقت فتردّد بین ضیقه حتّیٰ یتیمّم أو سعته حتّیٰ یتوضّأ أو یغتسل ، بنیٰ علی السعة وتوضّأ واغتسل . وأمّا إذا علم مقدار ما بقی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 95 ولو تقریباً وشکّ فی کفایته للطهارة المائیّة حتّیٰ خاف فوت الوقت لأجلها ینتقل إلی التیمّم .
(مسألة 14) : إذا دار الأمر بین إیقاع تمام الصلاة فی الوقت مع التیمّم وإیقاع رکعة منها مع الوضوء قدّم الأوّل علی الأقویٰ .
(مسألة 15) : التیمّم لأجل ضیق الوقت مع وجدان الماء لایستباح به إلاّ الصلاة التی ضاق وقتها فلاینفع لصلاة اُخریٰ ولو صار فاقداً للماء حینها . نعم لو فقد فی أثناء الصلاة الاُولیٰ لایبعد کفایته لصلاة اُخریٰ . کما أنّه یستباح به غیر تلک الصلاة أیضاً من الغایات إذا أتیٰ بها حال الصلاة فیجوز له مسّ کتابة القرآن حالها .
(مسألة 16) : لا فرق بین عدم الماء أصلاً ووجود ما لا یکفیه لتمام الأعضاء وکان کافیاً لبعضها فی الانتقال إلی التیمّم ؛ لأنّ الوضوء والغسل لایتبعّضان ولو تمکّن من مزج الماء الذی لا یکفیه لطهارته بما لایخرج عن الإطلاق ویحصل به الکفایة فهل یجب علیه ذلک أم لا ؟ وجهان ، أحوطهما ذلک .
(مسألة 17) : لو خالف من کان فرضه التیمّم فتوضّأ أو اغتسل فطهارته باطلة ، إلاّ أن یأتی بها فی مقام ضیق الوقت لا للأمر بها من حیث الصلاة بل یفعلها بعنوان الکون علی الطهارة أو غیره من الغایات فتصحّ حینئذٍ ، کما أنّها تصحّ أیضاً لو خالف ودفع المضرّ بحاله ثمناً عن الماء أو تحمّل المنّة والهوان أو المخاطرة فی تحصیله ونحو ذلک ممّا کان الممنوع منه مقدّمات الطهارة لا هی نفسها . وکذلک أیضاً لوتحمّل ألم البرد أومشقّة العطش وتطهّر إذا فرض عدم الضرر وأنّ المانع مجرّد الألم والمشقّة ، وإن کان الأحوط خلافه .
(مسألة 18) : یجوز التیمّم لصلاة الجنازة والنوم مع التمکّن من الماء ، إلاّ أنّه ینبغی الاقتصار فی الأخیر علیٰ ما کان من الحدث الأصغر بخلاف الأوّل ، فإنّه یجوز مع الحدث الأصغر والأکبر .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 96
القول فیما یتیمّم به
(مسألة 1) : یعتبر فیما یتیمّم به أن یکون صعیداً وهو مطلق وجه الأرض ؛ من غیر فرق بین التراب والرمل والحجر والمدر وأرض الجصّ والنورة قبل الإحراق وتراب القبر والمستعمل فی التیمّم وذی اللون والحصیٰ وغیرها ممّا یندرج تحت اسمها وإن لم یعلّق منه فی الید شیء ، إلاّ أنّ الأحوط التراب ، بخلاف ما لا یندرج تحت اسمها وإن کان منها ، کالنبات والذهب والفضّة وغیرهما من المعادن الخارجة عن اسمها وکذا الرماد وإن کان منها .
(مسألة 2) : إذا شکّ فی کون شیء تراباً أو غیره ممّا لایتیمّم به فإن علم بکونه تراباً فی السابق وشکّ فی استحالته إلیٰ غیره یجوز التیمّم به ، وإن لم یعلم حالته السابقة یجمع بین التیمّم به والتیمّم بالمرتبة اللاحقة من الغبار والطین لو کانت ، وإلاّ یحتاط بالجمع بین التیمّم به والصلاة فی الوقت والقضاء فی خارجه .
(مسألة 3) : لایجوز التیمّم بالخزف والجصّ والنورة بعد الإحراق مع التمکّن من التراب ونحوه ، وأمّا مع عدم التمکّن فالأحوط الجمع بین التیمّم بواحد منها وبین الغبار أو الطین اللذین هما مرتبة متأخّرة ، وأمّا مع فرض الانحصار فالأحوط الجمع بینهما وبین الإعادة أو القضاء .
(مسألة 4) : لایصحّ التیمّم بالصعید النجس وإن کان جاهلاً بنجاسته أو ناسیاً ، ولا بالمغصوب إلاّ إذا اُکره علی المکث فیه کالمحبوس أو کان جاهلاً ، ولا بالممتزج بغیره مزجاً یخرجه عن إطلاق اسم التراب علیه ، فلابأس بالمستهلک ولا الخلیط المتمیّز الذی لایمنع شیئاً یعتدّ به من باطن الکفّ بحیث ینافی الصدق . وحکم المشتبه هنا بالمغصوب والممتزج ، حکم الماء بالنسبة إلی الوضوء والغسل ، بخلاف المشتبه بالنجس مع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 97 الانحصار فإنّه یتیمّم بهما وإن لم نقل به فی المائین . ولو کان عنده ماء وتراب وعلم بنجاسة أحدهما یجب علیه مع الانحصار الجمع بین التیمّم والوضوء أو الغسل مقدّماً للتیمّم علیهما وإن کان جواز الاکتفاء بالغسل أو الوضوء لایخلو من وجه . ویعتبر إباحة مکان التیمّم کالوضوء والغسل .
(مسألة 5) : المحبوس فی مکان مغصوب یجوز أن یتیمّم فیه بلا إشکال ، وأمّا التیمّم به فلا یبعد جوازه أیضاً وإن لم یخل عن إشکال ، وأمّا التوضّؤ فیه فإن کان بماء مباح فهو کالتیمّم فیه لا بأس به ؛ خصوصاً إذا تحفّظ من وقوع قطرات الوضوء علیٰ أرض المحبس . وأمّا بالماء الذی فی المحبس فلایجوز التوضّؤ به ما لم یحرز رضا صاحبه کخارج المحبس فإن لم یرض به یکون کفاقد الماء یتعیّن علیه التیمّم .
(مسألة 6) : لو فقد الصعید تیمّم بغبار ثوبه أو لبد سرجه أو عرف دابّته ممّا یکون علیٰ ظاهره غبار الأرض ضارباً علیٰ ذی الغبار . ولایکفی الضرب علیٰ ما فی باطنه الغبار دون ظاهره وإن ثار منه بالضرب علیه ، هذا إذا لم یتمکّن من نفضه وجمعه ثمّ التیمّم به وإلاّ وجب . ومع فقد ذلک تیمّم بالوحل ، ولو تمکّن من تجفیفه ثمّ التیمّم به وجب ولیس منه الأرض الندیّة والتراب الندیّ ، بل یکونان من المرتبة الاُولیٰ . وإذا تیمّم بالوحل فلصق بیده یجب إزالته أوّلاً ثمّ المسح بها ، وفی جواز إزالته بالغسل إشکال .
(مسألة 7) : لایصحّ التیمّم بالثلج فمن لم یجد غیره ممّا ذکر ولم یتمکّن من حصول مسمّی الغسل به کان فاقد الطهورین ، والأحوط هنا التمسّح بالثلج علیٰ أعضاء الوضوء والتیمّم به وفعل الصلاة فی الوقت ثمّ القضاء بعده إذا تمکّن .
(مسألة 8) : یکره التیمّم بالرمل وکذا بالسبخة ، بل لایجوز فی بعض أفرادها الخارج عن
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 98 اسم الأرض ، ویستحبّ له نفض الیدین بعد الضرب وأن یکون ما یتیمّم به من رُبی الأرض وعوالیها ، بل یکره أیضاً أن یکون من مهابطها .
القول فی کیفیّة التیمّم
(مسألة 1) : کیفیّة التیمّم مع الاختیار : ضرب الأرض بباطن الکفّین معاً دفعة ، ثمّ مسح الجبهة والجبینین بهما معاً مستوعباً لهما من قصاص الشعر إلیٰ طرف الأنف الأعلیٰ وإلی الحاجبین ، والأحوط المسح علیهما ثمّ مسح تمام ظاهر الکفّ الیمنیٰ من الزند إلیٰ أطراف الأصابع بباطن الکفّ الیسریٰ ، ثمّ مسح تمام ظاهر الکفّ الیسریٰ بباطن الکفّ الیمنیٰ . ولیس ما بین الأصابع من الظاهر ؛ إذ المراد ما یماسّه ظاهر بشرة الماسح بل لایعتبر التدقیق والتعمیق فیه . ولایجزی الوضع من دون مسمّی الضرب ولا الضرب بأحدهما ولا بهما علی التعاقب ولا الضرب بظاهرهما ولا ببعض الباطن بحیث لا یصدق علیه الضرب بتمام الکفّ عرفاً ولا المسح بأحدهما ولا بهما علی التعاقب ولا بهما علیٰ وجه لایصدق المسح بتمامهما .
(مسألة 2) : لو تعذّر الضرب والمسح بالباطن انتقل إلی الظاهر ، ولا ینتقل إلیه لو کان الباطن متنجّساً بغیر المتعدّی وتعذّرت الإزالة بل یضرب بهما ویمسح . وإن کانت النجاسة حائلة مستوعبة ولم یمکن التطهیر والإزالة فالأحوط الجمع بین الضرب بالباطن والضرب بالظاهر ، نعم مع التعدّی إلی الصعید ولم یمکن التجفیف ینتقل إلی الظاهر حینئذٍ . ولو کانت النجاسة علی الأعضاء الممسوحة وتعذّر التطهیر والإزالة مسح علیها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 99
القول فیما یعتبر فی التیمّم
(مسألة 1) : یعتبر النیّة فی التیمّم علیٰ نحو ما سمعته فی الوضوء ، قاصداً به البدلیّة عمّا علیه من الوضوء أو الغسل مقارناً بها الضرب الذی هو أوّل أفعاله . ویعتبر فیه المباشرة ، والترتیب - علیٰ حسب ما عرفته - والموالاة ؛ بمعنیٰ عدم الفصل المنافی لهیئته وصورته ، والمسح من الأعلیٰ إلیٰ الأسفل فی الجبهة والیدین بحیث یصدق ذلک علیه عرفاً ، ورفع الحاجب عن الماسح والممسوح حتّیٰ مثل الخاتم والطهارة فیهما . ولیس الشعر النابت علی المحلّ من الحاجب فیمسح علیه ، نعم یکون منه الشعر المتدلّی من الرأس علی الجبهة إذا کان خارجاً عن المتعارف فیجب رفعه . هذا کلّه مع الاختیار ، أمّا مع الاضطرار فیسقط المعسور ولکن لا یسقط به المیسور .
(مسألة 2) : یکفی ضربة واحدة للوجه والیدین فی بدل الوضوء والغسل وإن کان الأفضل ضربتین مخیّراً بین إیقاعهما متعاقبتین قبل مسح الوجه ، أو موزّعتین علی الوجه والیدین ، وأفضل من ذلک ثلاث ضربات : اثنتان متعاقبتان قبل مسح الوجه وواحدة قبل مسح الیدین ، ومع ذلک لاینبغی ترک الاحتیاط بالضربتین ، خصوصاً فیما هو بدل عن الغسل بإیقاع واحدة للوجه واُخریٰ للیدین .
(مسألة 3) : العاجز ییمّمه غیره ، لکن یضرب الأرض بید العاجز ثمّ یمسح بها ، نعم مع فرض العجز عن ذلک یضرب المتولّی بیدیه ویمسح بهما . ولو توقّف وجوده علیٰ اُجرة وجب بذلها وإن کانت أضعاف اُجرة المثل ما لم یضرّ بحاله .
(مسألة 4) : من قطعت إحدیٰ یدیه ضرب الأرض بالموجودة ومسح بها جبهته ثمّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 100 مسح ظهرها بالأرض والأحوط الجمع بینه وبین تولیة الغیر إن أمکن ؛ بأن یضرب یده علی الأرض ویمسح بها ظهر کفّ الأقطع . ومن قطعت یداه یمسح بجبهته علی الأرض ، والأحوط تولیة الغیر أیضاً إن أمکن ؛ بأن یضرب یدیه علی الأرض ویمسح بهما جبهته .
(مسألة 5) : فی مسح الجبهة والیدین یجب إمرار الماسح علی الممسوح ، فلایکفی جرّ الممسوح تحت الماسح، نعم لاتضرّ الحرکة الیسیرة فی الممسوح إذا صدق کونه ممسوحاً.
القول فی أحکام التیمّم
(مسألة 1) : لایصحّ التیمّم للفریضة قبل دخول وقتها وإن علم بعدم التمکّن منه فی الوقت علیٰ إشکال ، والأحوط - احتیاطاً لایترک - لمن یعلم بعدم التمکّن منه فی الوقت إیجاده قبله لشیء من غایاته وعدم نقضه إلیٰ وقت الصلاة مقدّمة لإدراک الصلاة مع الطهور فی وقتها . وأمّا بعد دخول الوقت فیصحّ وإن لم یتضیّق مع رجاء ارتفاع العذر فی آخره وعدمه . نعم مع العلم بالارتفاع یجب الانتظار ، والأحوط مراعاة الضیق مطلقاً ولا یعید ما صلاّه بتیمّمه الصحیح بعد ارتفاع العذر من غیر فرق بین الوقت وخارجه .
(مسألة 2) : لو تیمّم لصلاة قد حضر وقتها ولم ینتقض ولم یرتفع العذر حتّیٰ دخل وقت صلاة اُخریٰ جاز الإتیان بها فی أوّل وقتها إلاّ مع العلم بارتفاع العذر فی آخره فیجب تأخیرها ، بل یستبیح بالتیمّم لغایة کالصلاة وغیرها من الغایات کالمتطهّر ما لم ینتقض وبقی العذر ، فله أن یأتی بکلّ ما یشترط فیه الطهارة کمسّ کتابة القرآن ودخول المساجد وغیر ذلک . وهل یقوم الصعید مقام الماء فی کلّ ما طلب الوضوء أو الغسل له وإن لم یکن طهارة ، فیجوز التیمّم حینئذٍ بدلاً عن الأغسال المندوبة والوضوء الصوری والوضوء التجدیدی ؟ فیه تأمّل وإشکال ، فالأحوط الإتیان به برجاء المطلوبیّة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 101 (مسألة 3) : المحدث بالأکبر غیر الجنابة یتیمّم تیمّمین : أحدهما عن الغسل والآخر عن الوضوء . ولو وجد ما یکفی لأحدهما خاصّة صرفه فیه وتیمّم عن الآخر ، ولو وجد ما یکفی أحدهما وأمکن صرفه فی کلّ منهما قدّم الغسل وتیمّم عن الوضوء . ویکفی الجنابة تیمّم واحد لها .
(مسألة 4) : لو اجتمعت أسباب مختلفة للحدث الأکبر کفاه تیمّم واحد عن الجمیع ، فلو کان فیها جنابة فنواها خاصّة أو نوی الجمیع لایحتاج إلیٰ تیمّم عن الوضوء وإلاّ أتیٰ بتیمّم آخر عنه أیضاً .
(مسألة 5) : ینتقض التیمّم الواقع عن الوضوء بالحدث الأصغر فضلاً عن الأکبر ، کما أنّه ینتقض ما یکون بدلاً عن الغسل بما یوجب الغسل . وهل ینتقض ما یکون بدلاً عن الغسل بما ینقض الوضوء فیعود إلیٰ ما کان ، فالمجنب المتیمّم إذا أحدث بالأصغر یعید تیمّمه ، والحائض - مثلاً - إذا أحدثت انتقض تیمّماها ؟ أو لا بل لایوجب الحدث الأصغر إلاّ الوضوء أو التیمّم بدلاً عنه إلیٰ أن یجد الماء أو یتمکّن من استعماله فی الغسل فحینئذٍ ینقض ما کان بدلاً عنه ؟ قولان ، أشهرهما الأوّل وأقواهما الثانی ، خصوصاً فی غیر الجنب . فالمجنب إذا أحدث بعد تیمّمه یکون کالمغتسل المحدث بعد غسله لایحتاج إلاّ إلی الوضوء أو التیمّم بدلاً عنه ، والحائض إذا أحدثت بعد تیمّمها تکون کما أحدثت بعد أن توضّأت واغتسلت لا ینتقض إلاّ تیمّمها الوضوئی . والأحوط لمن تمکّن من الوضوء الجمع بینه وبین التیمّم بدلاً عن الغسل ولمن لم یتمکّن منه الإتیان بتیمّم واحد بقصد ما فی الذمّة مردّداً بین کونه بدلاً عن الغسل أو الوضوء إذا کان مجنباً . وأمّا غیره فیأتی بتیمّمین : أحدهما بدلاً عن الوضوء والآخر بدلاً عن الغسل احتیاطاً .
(مسألة 6) : إذا وجد الماء أو زال عذره قبل الصلاة انتقض تیمّمه ولایصحّ أن یصلّی به ، وإن تجدّد فقدان الماء أو حصول العذر فیجب أن یتیمّم ثانیاً . نعم لو لم یسع زمان
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 102 الوجدان أو ارتفاع العذر للوضوء أو الغسل لایبعد عدم انتقاضه وإن کان الأحوط تجدیده ثانیاً مطلقاً ، وکذا إذا کان وجدان الماء أو زوال العذر فی ضیق الوقت ، لاینتقض تیمّمه ویکتفیٰ به للصلاة التی ضاق وقتها .
(مسألة 7) : المجنب المتیمّم إذا وجد ماء بقدر کفایة وضوئه لایبطل تیمّمه ، وأمّا غیره ممّن تیمّم تیمّمین إذا وجد بقدر الوضوء بطل خصوص تیمّمه الذی هو بدل عنه ، وإذا وجد ما یکفی للغسل فقط صرفه فیه وبقی تیمّم الوضوء . وکذلک فیما إذا کان کافیاً لأحدهما وأمکن صرفه فی کلّ منهما لا فی کلیهما .
(مسألة 8) : إذا وجد الماء بعد الصلاة لایجب إعادتها بل تمّت وصحّت ، وکذا إذا وجده فی أثناء الصلاة بعد الرکوع من الرکعة الاُولیٰ ، وأمّا إذا کان قبل الرکوع ففی بطلان تیمّمه وصلاته إشکال ، لایبعد عدم البطلان مع استحباب الرجوع واستئناف الصلاة من رأس مع الطهارة المائیّة ، ولکن الاحتیاط بالإتمام والإعادة مع سعة الوقت لاینبغی ترکه .
(مسألة 9) : إذا شکّ فی بعض أجزاء التیمّم بعد الفراغ منه لم یعتن وبنیٰ علی الصحّة ، بخلاف ما إذا شکّ فی جزء من أجزائه فی أثنائه فإنّه یأتی به علی الأحوط لو لم یکن الأقویٰ ؛ من غیر فرق بین ما هو بدل عن الوضوء أو الغسل .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 103