وهو من المستحبّات الأکیدة ، وما ورد فی الحثّ علیه والذمّ علیٰ ترکه ممّا لا یحصیٰ کثرة ، فعن مولانا الباقر علیه السلام قال : «قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : ما بنی بناء فی الإسلام أحبّ إلی اللّه - عزّوجلّ - من التزویج» ، وعن مولانا الصادق علیه السلام : «رکعتان یصلّیهما المتزوّج أفضل من سبعین رکعة یصلّیها عزب» ، وعنه علیه السلام قال : «قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : رذّال موتاکم العزّاب» ، وفی خبر آخر عنه صلی الله علیه و آله وسلم : «أکثر أهل النار العزّاب» . ولا ینبغی أن یمنعه عنه الفقر والعیلة بعدما وعد اللّه - عزّوجلّ - بالإغناء والسعة بقوله عزّ من قائل: «اِنْ یَکُونُوا فُقَراءَ یُغْنِهِمُ اللّه مِنْ فَضلِهِ» ، فعن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم : «من ترک التزویج مخافة العیلة ، فقد أساء الظنّ باللّه عزّوجلّ» .
هذا ، وممّا یناسب تقدیمه علیٰ مقاصد هذا الکتاب اُمور بعضها متعلّق بمن ینبغی اختیاره للزواج ومن لا ینبغی ، وبعضها فی آداب العقد ، وبعضها فی آداب الخلوة مع الزوجة ، وبعضها من اللواحق التی لها مناسبة بالمقام ، وهی تذکر فی ضمن مسائل :
(مسألة 1) : ممّا ینبغی أن یهتمّ به الإنسان النظر فی صفات من یرید تزویجها ، فعن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم : «اختاروا لنطفکم ، فإنّ الخال أحد الضجیعین» ، وفی خبر آخر : «تخیّروا لنطفکم ، فإنّ الأبناء تشبه الأخوال» ، وعن مولانا الصادق علیه السلام لبعض أصحابه - حین قال : قد هممت أن أتزوّج - : «انظر أین تضع نفسک ومن تشرکه فی مالک وتطلعه علیٰ دینک وسرّک ، فإن کنت لابدّ فاعلاً ، فبکراً تنسب إلی الخیر وحسن الخلق . . .» الخبر ، وعنه علیه السلام : «إنّما المرأة قلاّدة فانظر ما تتقلّد ، ولیس للمرأة خطر لا لصالحتهنّ ولا لطالحتهنّ ، فأمّا صالحتهنّ فلیس خطرها الذهب والفضّة ، هی خیر من الذهب والفضّة ، وأمّا طالحتهنّ فلیس خطرها التراب ، التراب خیر منها» .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 692 وکما ینبغی للرجل أن ینظر فیمن یختارها للتزویج ، کذلک ینبغی ذلک للمرأة وأولیائها بالنسبة إلی الرجل ، فعن مولانا الرضا علیه السلام عن آبائه علیهم السلام عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أنّه قال : «النکاح رقّ فإذا أنکح أحدکم ولیدته فقد أرقّها ، فلینظر أحدکم لمن یرقّ کریمته» .
(مسألة 2) : ینبغی أن لا یکون النظر فی اختیار المرأة مقصوراً علی الجمال والمال ، فعن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم : «من تزّوج المرأة لا یتزوّجها إلاّ لجمالها لم یر فیها ما یحبّ ، ومن تزوّجها لمالها لا یتزوّجها إلاّ له وکله اللّه إلیه ، فعلیکم بذات الدین» ، بل یختار من کانت واجدة لصفات شریفة صالحة قد وردت فی مدحها الأخبار ، فاقدة لصفات ذمیمة قد نطقت بذمّها الآثار ، وأجمع خبر فی هذا الباب ما عن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم أنّه قال: «خیر نسائکم الولود ، الودود ، العفیفة ، العزیزة فی أهلها ، الذلیلة مع بعلها ، المتبرّجة مع زوجها ، الحصان علیٰ غیره ، التی تسمع قوله ، وتطیع أمره - إلیٰ أن قال - ألا اُخبرکم بشرار نسائکم ؟ الذلیلة فی أهلها ، العزیزة مع بعلها ، العقیم ، الحقود ، التی لاتورّع من قبیح ، المتبرّجة إذا غاب عنها بعلها ، الحصان معه إذا حضر ، لا تسمع قوله ، ولا تطیع أمره ، وإذا خلا بها بعلها تمنّعت منه کما تمنّع الصعبة عن رکوبها ، لا تقبل منه عذراً ، ولا تقیل له ذنباً» . وفی خبر آخر عنه صلی الله علیه و آله وسلم : «إیّاکم وخضراء الدمن» . قیل : یارسول اللّه وما خضراء الدمن ؟ قال : «المرأة الحسناء فی منبت السوء» ، أشار إلیٰ کونها ممّن تنال آباءها واُمّهاتها وعشیرتها الألسن ، وکانوا معروفین بعدم النجابة .
(مسألة 3) : یکره تزویج الزانیة والمتولّدة من الزنا ، وأن یتزوّج الشخص قابلته أو ابنتها .
(مسألة 4) : لاینبغی للمرأة أن تختار زوجاً سیّئ الخلق والمخنّث والفاسق وشارب الخمر ، ومن کان من الزنج أو الأکراد أو الخوزی أو الخزر .
(مسألة 5) : یستحبّ الإشهاد فی العقد والإعلان به والخطبة أمامه ؛ أکملها ما اشتمل علی التحمید والصلاة علی النبیّ والأئمّة المعصومین والشهادتین والوصیّة بالتقویٰ والدعاء للزوجین ، ویجزی «الحمد للّه والصلاة علیٰ محمّد وآله» ، وإیقاعه لیلاً ، ویکره
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 693 إیقاعه والقمر فی برج العقرب ، وإیقاعه فی محاق الشهر ، وفی أحد الأیّام المنحوسة فی کلّ شهر المشتهرة فی الألسن بکوامل الشهر ، وهی سبعة : الثالث والخامس والثالث عشر والسادس عشر والحادی والعشرون والرابع والعشرون والخامس والعشرون .
(مسألة 6) : یستحبّ أن یکون الزفاف لیلاً ، والولیمة فی لیله أو نهاره ، فإنّها من سنن المرسلین ، وعن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم : «لا ولیمة إلاّ فی خمس : فی عرس أو خرس أو عذار أو وکار أو رکاز» ؛ یعنی للتزویج أو ولادة الولد أو الختان أو شراء الدار أو القدوم من مکّة . وإنّما تستحبّ یوماً أو یومین لا أزید ، للنبویّ : «الولیمة فی الأوّل حقّ ، ویومان مکرمة ، وثلاثة أیّام ریاء وسمعة» وینبغی أن یدعیٰ لها المؤمنون ، ویستحبّ لهم الإجابة والأکل وإن کان المدعوّ صائماً نفلاً ، وینبغی أن یعمّ صاحب الدعوة الأغنیاء والفقراء وأن لا یخصّها بالأغنیاء ، فعن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم : «شرّ الولائم أن یدعیٰ لها الأغنیاء ویترک الفقراء» .
(مسألة 7) : یستحبّ لمن أراد الدخول بالمرأة لیلة الزفاف أویومه أن یصلّی رکعتین ، ثمّ یدعو بعدهما بالمأثور ، وأن یکونا علیٰ طهر وأن یضع یده علیٰ ناصیتها مستقبل القبلة ویقول : «اللهمّ علیٰ کتابک تزوّجتها وفی أمانتک أخذتها وبکلماتک استحللت فرجها ، فإن قضیت فی رحمها شیئاً فاجعله ذکراً مسلماً سویّاً ولاتجعله شرک شیطان» .
(مسألة 8) : للخلوة بالمرأة مطلقاً - ولو فی غیر لیلة الزفاف - آداب ، وهی بین مستحبّ ومکروه :
أمّا المستحبّ : فمنها : أن یسمّی عند الجماع ، فإنّه وقایة عن شرک الشیطان ، فعن الصادق علیه السلام : «إذا أتیٰ أحدکم أهله فلیذکر اللّه ، فإن لم یفعل وکان منه ولد ، کان شرک شیطان» ، وفی معناه أخبار کثیرة . ومنها : أن یسأل اللّه تعالیٰ أن یرزقه ولداً تقیّاً مبارکاً زکیّاً ذکراً سویّاً . ومنها : أن یکون علیٰ وضوء ، سیّما إذا کانت المرأة حاملاً .
وأمّا المکروه : فیکره الجماع فی لیلة خسوف القمر ، ویوم کسوف الشمس ، ویوم هبوب الریح السوداء والصفراء ، والزلزلة ، وعند غروب الشمس حتّیٰ یذهب الشفق ، وبعد طلوع الفجر إلیٰ طلوع الشمس ، وفی المحاق ، وفی أوّل لیلة من کلّ شهر ما عدا شهر رمضان ، وفی لیلة النصف من کلّ شهر ، ولیلة الأربعاء ، وفی لیلتی الأضحیٰ والفطر . ویستحبّ لیلة الاثنین والثلاثاء والخمیس والجمعة ، ویوم الخمیس عند الزوال ، ویوم
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 694 الجمعة بعد العصر . ویکره الجماع فی السفر إذا لم یکن معه ماء یغتسل به ، والجماع وهو عریان ، وعقیب الاحتلام قبل الغسل ، نعم لابأس بأن یجامع مرّات من غیر تخلّل الغسل بینها ویکون غسله أخیراً ، لکن یستحبّ غسل الفرج والوضوء عند کلّ مرّة ، وأن یجامع وعنده من ینظر إلیه حتّی الصبیّ والصبیّة ، والجماع مستقبل القبلة ومستدبرها ، وفی السفینة ، والکلام عند الجماع بغیر ذکر اللّه ، والجماع وهو مختضب أو هی مختضبة ، وعلی الامتلاء من الطعام ، فعن الصادق علیه السلام : «ثلاث یهدمن البدن وربّما قتلن : دخول الحمّام علی البطنة ، والغشیان علی الامتلاء ، ونکاح العجائز» . ویکره الجماع قائماً ، وتحت السماء ، وتحت الشجرة المثمرة ، ویکره أن تکون خرقة الرجل والمرأة واحدة ، بل یکون له خرقة ولها خرقة ، ولا یمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة علی الشهوة ، ففی الخبر : أنّ ذلک یعقب بینهما العداوة .
(مسألة 9) : یستحبّ التعجیل فی تزویج البنت وتحصینها بالزوج عند بلوغها ، فعن الصادق علیه السلام : «من سعادة المرء أن لا تطمث ابنته فی بیته» ، وفی الخبر : «إنّ الأبکار بمنزلة الثمر علی الشجر ؛ إذا أدرک ثمارها فلم تجتن أفسدته الشمس ونثرته الریاح ، وکذلک الأبکار إذا أدرکن ما تدرک النساء فلیس لهنّ دواء إلاّ البعولة» وأن لا یردّ الخاطب إذا کان من یرضیٰ خلقه ودینه وأمانته وکان عفیفاً صاحب یسار ، ولا ینظر إلیٰ شرافة الحسب وعلوّ النسب ، فعن علیّ علیه السلام عن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم : «إذا جاءکم من ترضون خلقه ودینه فزوّجوه» قلت : یا رسول اللّه وإن کان دنیّاً فی نسبه ؟ قال : «إذا جاءکم من ترضون خلقه و دینه فزوّجوه ، إلاّ تفعلوه تکن فتنة فی الأرض وفساد کبیر» .
(مسألة 10) : یستحبّ السعی فی التزویج والشفاعة فیه وإرضاء الطرفین ، فعن الصادق علیه السلام قال : «قال أمیر المؤمنین علیه السلام : أفضل الشفاعات أن تشفع بین اثنین فی نکاح حتّیٰ یجمع اللّه بینهما» ، وعن الکاظم علیه السلام قال : «ثلاثة یستظلّون بظلّ عرش اللّه یوم القیامة یوم لا ظلّ إلاّ ظلّه : رجل زوّج أخاه المسلم أو أخدمه أو کتم له سرّاً» ، وعن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم : «من عمل فی تزویج بین مؤمنین حتّیٰ یجمع بینهما ، زوّجه اللّه ألف امرأة من الحور العین کلّ امرأة فی قصر من درّ ویاقوت ، وکان له بکلّ خطوة خطاها أو بکلّ کلمة تکلّم بها فی ذلک عمل سنة قام لیلها وصام نهارها ، ومن عمل فی فرقة بین امرأة وزوجها کان علیه غضب
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 695 اللّه ولعنته فی الدنیا والآخرة ، وکان حقّاً علی اللّه أن یرضخه بألف صخرة من نار ، ومن مشیٰ فی فساد ما بینهما ولم یفرّق کان فی سخط اللّه - عزّوجلّ - ولعنته فی الدنیا والآخرة وحرّم علیه النظر إلیٰ وجهه» .
(مسألة 11) : المشهور جواز وط ء الزوجة والمملوکة دبراً علیٰ کراهیّة شدیدة ، والأحوط ترکه خصوصاً مع عدم رضاها .
(مسألة 12) : لایجوز وط ء الزوجة قبل إکمال تسع سنین ؛ دواماً کان النکاح أو منقطعاً ، وأمّا سائر الاستمتاعات کاللمس بشهوة والتقبیل والضمّ والتفخیذ فلابأس بها حتّیٰ فی الرضیعة . ولو وطئها قبل التسع ولم یفضها لم یترتّب علیه شیء غیر الإثم علی الأقویٰ ، وإن أفضاها - بأن جعل مسلکی البول والحیض أو مسلکی الحیض والغائط واحداً - حرم علیه وطؤها أبداً ، ولکن لم تخرج عن زوجیّته علی الأقویٰ ، فیجری علیها أحکامها من التوارث وحرمة الخامسة وحرمة اُختها معها وغیرها . ویجب علیه نفقتها ما دامت حیّة ؛ وإن طلّقها ، بل وإن تزوّجت بعد الطلاق علی الأحوط . ویجب علیه دیة الإفضاء - وهی دیة النفس - فإذا کانت حرّة ، فلها نصف دیة الرجل ، مضافاً إلی المهر الذی استحقّته بالعقد والدخول . ولو دخل بزوجته بعد إکمال التسع فأفضاها لم تحرم علیه ولم تثبت الدیة ، ولکنّ الأحوط الإنفاق علیها مادامت حیّة .
(مسألة 13) : لایجوز ترک وط ء الزوجة أکثر من أربعة أشهر إلاّ بإذنها ؛ حتّی المنقطعة علی الأحوط . ویختصّ الحکم بصورة عدم العذر ، وأمّا معه فیجوز الترک مطلقاً ما دام وجود العذر ، کما إذا خیف الضرر علیه أو علیها ، ومن العذر عدم المیل المانع عن انتشار العضو . وهل یختصّ الحکم بالحاضر ، فلا بأس علی المسافر وإن طال سفره أو یعمّهما ، فلا یجوز للمسافر إطالة سفره أزید من أربعة أشهر ، بل یجب علیه مع عدم العذر الحضور لإیفاء حقّ زوجته ؟ قولان ، أظهرهما الأوّل ، لکن بشرط کون السفر ضروریّاً - ولو عرفاً -
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 696 کسفر تجارة أو زیارة أو تحصیل علم ونحو ذلک ، دون ما کان لمجرّد المیل والاُنس والتفرّج ونحو ذلک .
(مسألة 14) : لا إشکال فی جواز العزل ، وهو إخراج الآلة عند الإنزال وإفراغ المنیّ إلی الخارج فی غیر الزوجة الدائمة الحرّة ، وکذا فیها مع إذنها . وأمّا فیها بدون إذنها ففیه قولان ، أشهرهما الجواز مع الکراهة وهو الأقویٰ ، کما أنّ الأقویٰ عدم وجوب دیة النطفة علیه وإن قلنا بالحرمة ، وقیل بوجوبها علیه للزوجة ؛ وهی عشرة دنانیر ، وهو ضعیف فی الغایة .
(مسألة 15) : یجوز لکلّ من الزوج والزوجة النظر إلیٰ جسد الآخر ؛ ظاهره وباطنه حتّی العورة ، وکذا مسّ کلّ منهما بکلّ عضو منه کلّ عضو من الآخر مع التلذّذ وبدونه .
(مسألة 16) : لا إشکال فی جواز نظر الرجل إلیٰ ما عدا العورة من مماثله ؛ شیخاً کان المنظور إلیه أو شابّاً ، حسن الصورة أو قبیحها ، ما لم یکن بتلذّذ وریبة - والعورة : وهی القبل والدبر والبیضتان کما سبق فی أحکام التخلّی من کتاب الطهارة - وکذا لا إشکال فی جواز نظر المرأة إلیٰ ماعدا العورة من مماثلها ، وأمّا عورتها فیحرم أن تنظر إلیها کالرجل .
(مسألة 17) : یجوز للرجل أن ینظر إلیٰ جسد محارمه - ما عدا العورة - إذا لم یکن مع تلذّذ وریبة . والمراد بالمحارم من یحرم علیه نکاحهنّ من جهة النسب أو الرضاع أو المصاهرة . وکذا یجوز لهنّ النظر إلیٰ ما عدا العورة من جسده بدون تلذّذ أو ریبة .
(مسألة 18) : لا إشکال فی عدم جواز نظر الرجل إلیٰ ما عدا الوجه والکفّین من المرأة الأجنبیّة من شعرها وسائر جسدها ؛ سواء کان فیه تلذّذ وریبة أم لا ، وکذا الوجه والکفّان إذا کان بتلذّذ وریبة ، وأمّا بدونها ففیه قولان ، بل أقوال : الجواز مطلقاً وعدمه مطلقاً والتفصیل بین نظرة واحدة فالأوّل وتکرار النظر فالثانی ، وأحوط الأقوال ، بل أقواها أوسطها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 697 (مسألة 19) : لایجوز للمرأة النظر إلی الأجنبیّ کالعکس ، واستثناء الوجه والکفّین فیه أشکل منه فی العکس .
(مسألة 20) : کلّ من یحرم النظر إلیه یحرم مسّه ، فلا یجوز مسّ الأجنبی الأجنبیّة وبالعکس ، بل لو قلنا بجواز النظر إلی الوجه والکفّین من الأجنبیّة لم نقل بجواز مسّهما منها ، فلایجوز للرجل مصافحتها ، نعم لابأس بها من وراء الثوب .
(مسألة 21) : لایجوز النظر إلی العضو المبان من الأجنبیّ والأجنبیّة ، نعم الظاهر أنّه لا بأس بالنظر إلی السنّ والظفر والشعر المنفصلات .
(مسألة 22) : یستثنیٰ من حرمة النظر واللمس فی الأجنبی والأجنبیّة مقام المعالجة إذا لم یمکن بالمماثل کمعرفة النبض والفَصد والحجامة وجبر الکسر ونحو ذلک ، ومقام الضرورة کما إذا توقّف استنقاذه من الغرق أو الحرق علی النظر واللمس . وإذا اقتضت الضرورة أو توقّف العلاج علی النظر دون اللمس أو العکس اقتصر علیٰ ما اضطرّ إلیه فلا یجوز الآخر .
(مسألة 23) : وکما یحرم علی الرجل النظر إلی الأجنبیّة یجب علیها التستّر من الأجانب . ولایجب علی الرجال التستّر وإن کان یحرم علی النساء النظر إلیهم ، نعم إذا علموا بأنّ النساء یتعمّدن فی النظر إلیهم یجب علیهم التستّر منهنّ من باب حرمة الإعانة علی إلاثم .
(مسألة 24) : لا إشکال فی أنّ الغیر الممیّز من الصبیّ والصبیّة خارج عن أحکام النظر واللمس والتستّر ، بل هو بمنزلة سائر الحیوانات .
(مسألة 25) : یجوز للرجل أن ینظر إلی الصبیّة ما لم تبلغ ؛ إذا لم یکن فیه تلذّذ وشهوة ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 698 نعم الأحوط الاقتصار علیٰ مواضع لم تجر العادة علیٰ سترها بالألبسة المتعارفة مثل الوجه والکفّین وشعر الرأس والذراعین والقدمین ، لا مثل الفخذ والألیین والظهر والصدر والثدیین ، وکذا الأحوط عدم تقبیلها وعدم وضعها فی حجره إذا بلغت ستّ سنین .
(مسألة 26) : یجوز للمرأة النظر إلی الصبیّ الممیّز ما لم یبلغ ، ولا یجب علیها التستّر عنه ما لم یبلغ مبلغاً یترتّب علی النظر منه أو إلیه ثوران الشهوة .
(مسألة 27) : یجوز النظر إلیٰ نساء أهل الذمّة ، بل مطلق الکفّار ، مع عدم التلذّذ والریبة ـ أعنی خوف الوقوع فی الحرام - والأحوط الاقتصار علی المواضع التی جرت عادتهنّ علیٰ عدم التستّر عنها . وقد تلحق بهنّ نساء أهل البوادی والقریٰ من الأعراب وغیرهم اللاتی جرت عادتهنّ علیٰ عدم التستّر وإذا نهین لا ینتهین وهو مشکل . نعم الظاهر أنّه یجوز التردّد فی القریٰ والأسواق ومواقع تردّد تلک النسوة ومجامعهنّ ومحالّ معاملاتهنّ مع العلم عادة بوقوع النظر علیهنّ ، ولایجب غضّ البصر فی تلک المحالّ إذا لم یکن خوف افتتان .
(مسألة 28) : یجوز لمن یرید تزویج امرأة أن ینظر إلیها ؛ بشرط أن لا یکون بقصد التلذّذ وإن علم أنّه یحصل بسبب النظر قهراً . والأحوط الاقتصار علیٰ وجهها وکفّیها وشعرها ومحاسنها ، کما أنّ الأحوط - لو لم یکن الأقوی - الاقتصار علیٰ ما إذا کان قاصداً لتزویج المنظورة بالخصوص ، فلایعمّ الحکم ما إذا کان قاصداً لمطلق التزویج وکان بصدد تعیین الزوجة بهذا الاختبار . ویجوز تکرار النظر إذا لم یحصل الاطّلاع علیها بالنظرة الاُولیٰ .
(مسألة 29) : الأقویٰ جواز سماع صوت الأجنبیّة ما لم یکن تلذّذ وریبة ، وکذا یجوز لها
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 699 إسماع صوتها للأجانب إذا لم یکن خوف فتنة ، وإن کان الأحوط الترک فی غیر مقام الضرورة ، خصوصاً فی الشابّة . وذهب جماعة إلیٰ حرمة السماع والإسماع وهو ضعیف فی الغایة . نعم یحرم علیها المکالمة مع الرجال بکیفیّة مهیّجة ؛ بترقیق القول وتلیین الکلام وتحسین الصوت ، فیطمع الذی فی قلبه مرض .
فصل فی عقد النکاح وأحکامه
النکاح علیٰ قسمین : دائم ومنقطع ، وکلّ منهما یحتاج إلیٰ عقد مشتمل علیٰ إیجاب وقبول لفظیّین دالّین علیٰ إنشاء المعنی المقصود والرضا به دلالة معتبرة عند أهل المحاورة ، فلایکفی مجرّد الرضا القلبی من الطرفین ، ولا المعاطاة الجاریة فی غالب المعاملات ، ولا الکتابة ، وکذا الإشارة المفهمة فی غیر الأخرس . والأحوط لزوماً کونه فیهما باللفظ العربی ، فلایجزی غیره من سائر اللغات إلاّ مع العجز عنه ولو بتوکیل الغیر ، وعند ذلک لابأس بإیقاعه بغیره ، لکن بعبارة یکون مفادها مفاد اللفظ العربی بحیث تعدّ ترجمته .
(مسألة 1) : الأحوط - لو لم یکن الأقویٰ - أن یکون الإیجاب من طرف الزوجة والقبول من طرف الزوج ، وکذا الأحوط تقدیم الأوّل علی الثانی وإن کان الأظهر جواز العکس إذا لم یکن القبول بلفظ «قبلت» .
(مسألة 2) : الأحوط أن یکون الإیجاب فی النکاح الدائم بلفظی «أنکحت» أو «زوّجت» فلایوقع بلفظ «متّعت» فضلاً عن ألفاظ «بعت» أو «وهبت» أو «ملّکت» أو «آجرت» ، وأن یکون القبول بلفظ «قبلت» أو «رضیت» . ویجوز الاقتصار فی القبول بذکر «قبلت» فقط بعد الإیجاب من دون ذکر المتعلّقات التی ذکر فیه ، فلو قال الموجب الوکیل عن الزوجة للزوج :
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 700 «أنکحتک موکّلتی فلانة علی المهر الفلانی» فقال الزوج : «قبلت» من دون أن یقول : «قبلت النکاح لنفسی علی المهر الفلانی» صحّ .
(مسألة 3) : یتعدّیٰ کلّ من الإنکاح والتزویج إلیٰ مفعولین ، ویجعل الزوجة مفعولاً أوّلاً والزوج مفعولاً ثانیاً ؛ حیث إنّها بمنزلة المملّک نفسها له وأنّه بمنزلة المتملّک لها لنفسه ، ویشترکان فی أنّ کلاًّ منهما یتعدّیان إلی المفعول الثانی بنفسه تارة وبواسطة «من» اُخریٰ ، فیقال : «أنکحت ـ أو زوّجت ـ هنداً زیداً» أو « . . . من زید» ویختصّ الأوّل بتعدیته إلیه باللام فیقال : «أنکحت هنداً لزید» والثانی بتعدیته إلیه بواسطة الباء فیقال : «زوّجت هنداً بزید» . وبالجملة : یتعدّیٰ کلّ منهما إلی المفعول الثانی علیٰ ثلاثة أوجه . هذا بحسب المشهور والمأنوس من الاستعمال ، وربّما یستعملان علیٰ غیر تلک الوجوه ولکنّه لیس بمشهور ولا مأنوس .
(مسألة 4) : عقد النکاح قد یقع بین الزوج والزوجة وبمباشرتهما فبعد التقاول والتواطؤ وتعیین المهر ، تقول الزوجة مخاطبة للزوج : «أنکحتک نفسی - أو أنکحت نفسی منک ، أو لک - علی المهر المعلوم» فیقول الزوج بغیر فصل معتدّ به : «قبلت النکاح لنفسی علی المهر المعلوم» أو « . . . هکذا» أو تقول : «زوّجتک نفسی - أو زوّجت نفسی منک أو بک - علی المهر المعلوم» فیقول : «قبلت التزویج لنفسی علی المهر المعلوم» أو « . . . هکذا» . وقد یقع بین وکیلیهما ، فبعد التقاول وتعیین الموکّلین والمهر یقول وکیل الزوجة مخاطباً لوکیل الزوج : «أنکحت موکّلتی فلانة موکّلک فلان - أو من موکّلک أو لموکّلک فلان - علی المهر المعلوم» فیقول وکیل الزوج : «قبلت النکاح لموکّلی علی المهر المعلوم» أو « . . . هکذا» أو یقول وکیلها : «زوّجت موکّلتی موکّلک - أو من موکّلک أو بموکّلک - فلان علی المهر المعلوم» فیقول وکیله :«قبلت التزویج لموکّلی علی المهر المعلوم» أو « . . . هکذا» . وقد یقع بین ولیّیهما کالأب والجدّ ، فبعد التقاول وتعیین المولّیٰ علیهما والمهر یقول ولیّ الزوجة :
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 701 «أنکحت ابنتی ، أو ابنة ابنی فلانة مثلاً ابنک ـ أو ابن ابنک فلان أو من ابنک أو ابن ابنک أو لابنک أو لابن ابنک ـ علی المهر المعلوم» أو یقول : «زوّجت بنتی ابنک مثلاً أو من ابنک أو بابنک» فیقول ولیّ الزوج : «قبلت النکاح - أو التزویج - لابنی - أو لابن ابنی - علی المهر المعلوم» . وقد یکون بالاختلاف ؛ بأن یقع بین الزوجة ووکیل الزوج وبالعکس ، أو بینها وبین ولیّ الزوج وبالعکس ، أو بین وکیل الزوجة وولیّ الزوج وبالعکس ، ویعرف کیفیّة إیقاع العقد فی هذه الصور الستّ ممّا فصّلناه فی الصور الثلاث المتقدّمة .
(مسألة 5) : لایشترط فی لفظ القبول مطابقته لعبارة الإیجاب ، بل یصحّ الإیجاب بلفظ والقبول بلفظ آخر ، فلو قال : «زوّجتک» فقال : «قبلت النکاح» أو قال : «أنکحتک» فقال : «قبلت التزویج» صحّ وإن کان الأحوط المطابقة .
(مسألة 6) : إذا لحن فی الصیغة ، فإن کان مغیّراً للمعنیٰ بحیث یعدّ اللفظ عبارة لمعنیً آخر غیر ما هو المقصود لم یکف ، وإن لم یکن مغیّراً بل کان بحیث یفهم منه المعنی المقصود ویعدّ لفظاً لهذا المعنی إلاّ أنّه یقال له : لفظ ملحون وعبارة ملحونة من حیث المادّة أو من جهة الإعراب والحرکات ، فالاکتفاء به لایخلو من قوّة وإن کان الأحوط خلافه ، وأولیٰ بالاکتفاء اللغات المحرّفة عن اللغة العربیّة الأصلیّة کلغة أهالی سواد العراق فی هذا الزمان إذا کان المباشر للعقد من أهالی تلک اللغة ، فلو قال عراقیّ فی الإیجاب : جوّزت بدل زوّجت صحّ .
(مسألة 7) : یعتبر فی العقد القصد إلیٰ مضمونه ، وهو متوقّف علیٰ فهم معنیٰ لفظی : «أنکحت» و«زوّجت» ولو بنحو الإجمال ؛ حتّیٰ لا یکون مجرّد لقلقة لسان . نعم لایعتبر العلم بالقواعد العربیّة ولا العلم والإحاطة بخصوصیّات معنی اللفظین علی التفصیل ، بل یکفی علمه إجمالاً ، فإذا کان الموجب بقوله : «أنکحت» أو «زوّجت» قاصداً لإیقاع العلقة الخاصّة المعروفة المرتکزة فی الأذهان التی یطلق علیها : «النکاح» و«الزواج» فی لغة العرب ویعبّر عنها فی لغات اُخر بعبارات اُخر ، وکان القابل قابلاً لذلک المعنیٰ کفیٰ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 702 (مسألة 8) : یعتبر فی العقد قصد الإنشاء ؛ بأن یکون الموجب فی قوله : «أنکحت» أو «زوّجت» قاصداً إیقاع النکاح والزواج وإحداث وإیجاد ما لم یکن ، لا الإخبار والحکایة عن وقوع شیء فی الخارج ، والقابل بقوله : «قبلت» منشئاً لقبول ما أوقعه الموجب .
(مسألة 9) : یعتبر الموالاة وعدم الفصل المعتدّ به بین الإیجاب والقبول .
(مسألة 10) : یشترط فی صحّة العقد التنجیز ، فلو علّقه علیٰ شرط أو مجیء زمان بطل . نعم لو علّقه علیٰ أمر محقّق الحصول ، کما إذا قال فی یوم الجمعة : «أنکحت إذا کان الیوم یوم جمعة» لم یبعد الصحّة ، وکذا لو علّقه علیٰ أمر کان صحّة العقد متوقّفة علیه کما إذا قالت : «إذا صحّ نکاحی معک ولم أکن اُختک فقد أنکحتک نفسی» .
(مسألة 11) : یشترط فی العاقد المجری للصیغة : البلوغ والعقل ، فلا اعتبار بعقد الصبیّ والمجنون ، ولو أدواریّاً حال جنونه ؛ سواء عقدا لنفسهما أو لغیرهما ، علیٰ إشکال فی الصبیّ إذا کان ممیّزاً قاصداً للمعنیٰ وعقد لغیره وکالة أو فضولاً وأجاز ، بل وفیما إذا عقد لنفسه مع إذن الولیّ أو إجازته أو أجاز هو بعد البلوغ . وکذا یعتبر فیه القصد ، فلا اعتبار بعقد الساهی والغالط والسکران وأشباههم .
(مسألة 12) : یشترط فی صحّة العقد تعیین الزوجین علیٰ وجه یمتازان عن غیرهما ؛ بالاسم أو الإشارة أو الوصف الموجب لذلک ، فلو قال : «زوّجتک إحدیٰ بناتی» أو قال : «زوّجت بنتی فلانة من أحد بنیک» أو « . . . من أحد هذین» بطل . نعم یشکل فیما لو کانا معیّنین بحسب قصد المتعاقدین ومتمیّزین فی ذهنهما ، لکن لم یعیّناهما عند إجراء الصیغة ولم یکن ما یدلّ علیه ؛ من لفظ أو فعل أو قرینة خارجیّة مفهمة ، کما إذا تقاولا
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 703 وتعاهدا علیٰ تزویج بنته الکبریٰ من ابنه الکبیر ولکن فی مقام إجراء الصیغة قال : «زوّجت إحدیٰ بناتی من أحد بنیک» وقبل الآخر .
(مسألة 13) : لو اختلف الاسم مع الوصف أو اختلفا أو أحدهما مع الإشارة یتبع العقد لما هو المقصود ویلغیٰ ما وقع غلطاً وخطأً ، فإذا کان المقصود تزویج البنت الکبریٰ وتخیّل أنّ اسمها فاطمة وکانت المسمّاة بفاطمة هی الصغریٰ وکانت الکبریٰ مسمّاة بخدیجة وقال : «زوّجتک الکبریٰ من بناتی فاطمة» وقع العقد علی الکبری التی اسمها خدیجة ویلغیٰ تسمیتها بفاطمة . وإن کان المقصود تزویج فاطمة وتخیّل أنّها کبریٰ فتبیّن أنّها صغریٰ وقع العقد علی المسمّاة بفاطمة واُلغی وصفها بأنّها الکبریٰ . وکذا لو کان المقصود تزویج المرأة الحاضرة وتخیّل أنّها کبریٰ واسمها فاطمة فقال : «زوّجتک هذه وهی فاطمة وهی الکبریٰ من بناتی» فتبیّن أنّها الصغریٰ واسمها خدیجة وقع العقد علی المشار إلیها ویلغی الاسم والوصف . ولو کان المقصود العقد علی الکبریٰ فلمّا تخیّل أنّ هذه المرأة الحاضرة هی تلک الکبریٰ قال : «زوّجتک هذه وهی الکبریٰ» وقع العقد علیٰ تلک الکبریٰ وتلغی الإشارة وهکذا .
(مسألة 14) : لا إشکال فی صحّة التوکیل فی النکاح من طرف واحد أو من طرفین ؛ بتوکیل الزوج أو الزوجة إن کانا کاملین أو بتوکیل ولیّهما إذا کانا قاصرین . ویجب علی الوکیل أن لا یتعدّیٰ عمّا عیّنه الموکّل من حیث الشخص والمهر وسائر الخصوصیّات ، فإن تعدّیٰ کان فضولیّاً موقوفاً علی الإجازة . وکذا یجب علیه مراعاة مصلحة الموکّل ، فإن تعدّیٰ وأتیٰ بما هو خلاف المصلحة کان فضولیّاً . نعم لو عیّن خصوصیّة تعیّن ونفذ عمل الوکیل وإن کان ذلک علیٰ خلاف مصلحة الموکّل .
(مسألة 15) : لو وکّلت المرأة رجلاً فی تزویجها لیس له أن یزوّجها من نفسه إلاّ إذا صرّحت بالتعمیم ، أو کان کلامها بحسب متفاهم العرف ظاهراً فی العموم بحیث شمل نفسه .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 704 (مسألة 16) : الأقویٰ جواز تولّی شخص واحد فی طرفی العقد ؛ بأن یکون موجباً وقابلاً من الطرفین ؛ أصالة من طرف ووکالة من آخر ، أو ولایة من الطرفین أو وکالة عنهما أو بالاختلاف ، وإن کان الأحوط مع الإمکان تولّی الاثنین وعدم تولّی شخص واحد للطرفین ، خصوصاً فی تولّی الزوج طرفی العقد أصالة من طرفه ووکالة عن الزوجة فی عقد الانقطاع ، فإنّه لایخلو من إشکال ، فلا ینبغی فیه ترک الاحتیاط .
(مسألة 17) : إذا وکّلا وکیلاً فی العقد فی زمان معیّن ، لایجوز لهما المقاربة بعد ذلک الزمان ما لم یحصل لهما العلم بإیقاعه ، ولا یکفی الظنّ . نعم لو أخبر الوکیل بالإیقاع کفیٰ ؛ لأنّ قوله حجّة فیما وکّل فیه .
(مسألة 18) : لا یجوز اشتراط الخیار فی عقد النکاح دواماً أو انقطاعاً ؛ لا للزوج ولا للزوجة ، فلو شرطاه بطل الشرط . بل المشهور علیٰ بطلان العقد أیضاً ، وقیل ببطلان الشرط دون العقد ولایخلو من قوّة . ویجوز اشتراط الخیار فی المهر مع تعیین المدّة ، فلو فسخ ذو الخیار سقط المهر المسمّیٰ فیکون کالعقد بلا ذکر المهر ، فیرجع إلیٰ مهر المثل . هذا فی العقد الدائم الذی لا یعتبر فیه ذکر المهر ، وأمّا المتعة التی لاتصحّ بلا مهر ، فالظاهر أنّه لایصحّ فیها اشتراط الخیار فی المهر .
(مسألة 19) : إذا ادّعیٰ رجل زوجیّة امرأة فصدّقته ، أو ادّعت امرأة زوجیّة رجل فصدّقها ، حکم لهما بذلک ، ولیس لأحد الاعتراض علیهما ، من غیر فرق بین کونهما بلدیّین معروفین أو غریبین . وأمّا إذا ادّعیٰ أحدهما الزوجیّة وأنکر الآخر ، فالبیّنة علی المدّعی والیمین علیٰ من أنکر ، فإن کان للمدّعی بیّنة حکم له وإلاّ فیتوجّه الیمین علی المنکر ، فإن حلف سقط دعوی المدّعی وإن نکل عن الیمین ثبت دعواه ، وإن ردّ الیمین علی المدّعی وحلف ثبت دعواه ، وإن نکل سقطت . هذا بحسب موازین القضاء وقواعد
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 705 الدعویٰ ، وأمّا بحسب الواقع فیجب علیٰ کلّ منهما العمل علیٰ ما هو تکلیفه بینه وبین اللّه تعالیٰ .
(مسألة 20) : إذا رجع المنکر عن إنکاره إلی الإقرار ، یسمع منه ویحکم بالزوجیّة بینهما وإن کان ذلک بعد الحلف علی الأقویٰ .
(مسألة 21) : إذا ادّعیٰ رجل زوجیّة امرأة وأنکرت ، فهل لها أن تتزوّج من غیره وللغیر أن یتزوّجها قبل فصل الدعویٰ والحکم ببطلان دعوی المدّعی أم لا ؟ وجهان ، أقواهما الأوّل ، خصوصاً فیما لو تراخی المدّعی فی الدعویٰ أو سکت عنها حتّیٰ طال الأمر علیها ، وحینئذٍ إن أقام المدّعی بعد العقد علیها بیّنة حکم له بها وبفساد العقد علیها ، وإن لم تکن بیّنة یتوجّه الیمین علی المعقود علیها ، فإن حلفت بقیت علیٰ زوجیّتها وسقطت دعوی المدّعی ، وکذا لو ردّت الیمین إلی المدّعی ونکل عن الیمین . وإنّما الإشکال فیما إذا نکلت عن الیمین أو ردّت الیمین إلی المدّعی وحلف ، فهل یحکم بسببهما علیٰ فساد العقد علیها فیفرّق بینها وبین زوجها أم لا ؟ وجهان ، أوجههما الثانی ، لکن إذا طلّقها الذی عقد علیها أو مات عنها زال المانع فتردّ علی المدّعی بسبب نکولها عن الیمین أو الیمین المردودة .
(مسألة 22) : یجوز تزویج امرأة تدّعی أنّها خلیّة من الزوج - مع احتمال صدقها - من غیر فحص ، حتّیٰ فیما إذا کانت ذات بعل سابقاً فادّعت طلاقها أو موته . نعم لو کانت متّهمة فی دعواها ، فالأحوط الفحص عن حالها ، فمن غاب غیبة منقطعة لم یعلم موته وحیاته إذا ادّعت زوجته حصول العلم لها بموته من الأمارات والقرائن وإخبار المخبرین جاز تزویجها وإن لم یحصل العلم بقولها . ویجوز للوکیل أن یجری العقد علیها إذا لم یعلم کذبها فی دعوی العلم ، ولکنّ الأحوط الترک ، خصوصاً إذا کانت متّهمة .
(مسألة 23) : إذا تزوّج بامرأة تدّعی أنّها خلیّة عن الزوج ، فادّعیٰ رجل آخر زوجیّتها ، فهذه الدعویٰ متوجّهة علیٰ کلّ من الزوج والزوجة ، فإن أقام المدّعی بیّنة شرعیّة حکم له علیهما وفرّق بینهما وسلّمت إلیه . ومع عدم البیّنة توجّه الیمین علیهما ، فإن حلفا معاً علیٰ عدم زوجیّته سقطت دعواه علیهما ، وإن نکلا عن الیمین أو ردّاها علیه وحلف ثبت
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 706 مدّعاه ، وإن حلف أحدهما دون الآخر ؛ بأن نکل عن الیمین أو ردّ الیمین علی المدّعی ، فحلف سقط دعواه بالنسبة إلی الحالف ، وأمّا بالنسبة إلی الآخر وإن ثبت دعوی المدّعی بالنسبة إلیه لکن لیس لهذا الثبوت أثر بالنسبة إلیٰ من حلف ، فإن کان الحالف هو الزوج والناکل هی الزوجة لیس لنکولها أثر بالنسبة إلی الزوج ، إلاّ أنّه لو طلّقها أو مات عنها ردّت إلی المدّعی . وإن کان الحالف هی الزوجة والناکل هو الزوج سقطت دعوی المدّعی بالنسبة إلیها ولیس له سبیل إلیها علیٰ کلّ حال .
(مسألة 24) : إذا ادّعت امرأة أنّها خلیّة فتزوّجها رجل ، ثمّ ادّعت بعد ذلک أنّها کانت ذات بعل لم تسمع دعواها . نعم لو أقامت البیّنة علیٰ ذلک فرّق بینهما ، ویکفی فی ذلک أن تشهد بأنّها ذات بعل من غیر تعیین زوج معیّن .
(مسألة 25) : یشترط فی صحّة العقد الاختیار - أعنی اختیار الزوجین - فلو اُکرها أو اُکره أحدهما علی الزواج لم یصحّ . نعم لو لحقه الرضا صحّ علی الأقویٰ .
فصل فی أولیاء العقد
(مسألة 1) : للأب والجدّ من طرف الأب - بمعنیٰ أب الأب فصاعداً - ولایة علی الصغیر والصغیرة والمجنون المتّصل جنونه بالبلوغ ، وأمّا المنفصل عنه ففیه إشکال . ولا ولایة للاُمّ علیهم وللجدّ من طرف الاُمّ ولو من قبل اُمّ الأب ؛ بأن کان أباً لاُمّ الأب مثلاً ، ولا للأخ والعمّ والخال وأولادهم .
(مسألة 2) : لیس للأب والجدّ للأب ولایة علی البالغ الرشید ولا علی البالغة الرشیدة إذا کانت ثیّبة ، وأمّا إذا کانت بکراً ففیه أقوال: استقلالها وعدم الولایة لهما علیها لا مستقلاًّ ولا منضمّاً ، واستقلالهما وعدم سلطنة وولایة لها کذلک ، والتشریک ؛ بمعنی اعتبار إذن الولیّ وإذنها معاً ، والتفصیل بین الدوام والانقطاع إمّا باستقلالها فی الأوّل دون الثانی ، أو العکس ، والأقویٰ هو القول الأوّل وإن کان الأحوط شدیداً الاستئذان منهما . نعم لا
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 707 إشکال فی سقوط اعتبار إذنهما إن منعاها من التزویج بمن هو کفو لها شرعاً وعرفاً مع میلها ، وکذا إذا کانا غائبین بحیث لایمکن الاستئذان منهما مع حاجتها إلی التزویج .
(مسألة 3) : ولایة الجدّ لیست منوطة بحیاة الأب ولا موته ، فعند وجودهما استقلّ کلّ منهما بالولایة ، وإذا مات أحدهما اختصّت بالآخر . وأیّهما سبق فی تزویج المولّیٰ علیه عند وجودهما لم یبق محلّ للآخر ، ولو زوّج کلّ منهما من شخص ، فإن علم السابق منهما فهو المقدّم ولغا الآخر ، وإن علم التقارن قدّم عقد الجدّ ولغا عقد الأب . وکذا إن جهل تاریخ العقدین ، فلا یعلم السبق واللحوق والتقارن . وإن علم تاریخ أحدهما دون الآخر ، فإن کان المعلوم تاریخ عقد الجدّ قدّم علیٰ عقد الأب ، وإن کان عقد الأب ففی تقدّم أیّ منهما علی الآخر إشکال فلایترک الاحتیاط .
(مسألة 4) : یشترط فی صحّة تزویج الأب والجدّ ونفوذه عدم المفسدة ، وإلاّ یکون العقد فضولیّاً کالأجنبی یتوقّف صحّته علیٰ إجازة الصغیر بعد البلوغ ، بل الأحوط مراعاة المصلحة .
(مسألة 5) : إذا وقع العقد من الأب أو الجدّ عن الصغیر أو الصغیرة مع مراعاة ما یجب مراعاته ، لا خیار لهما بعد بلوغهما بل هو لازم علیهما .
(مسألة 6) : لو زوّج الولیّ الصغیرة بدون مهر المثل ، أو زوّج الصغیر بأزید منه ، فإن کانت هناک مصلحة تقتضی ذلک صحّ العقد والمهر ولزم ، وإن کانت المصلحة فی نفس التزویج دون المهر فالأقویٰ صحّة العقد ولزومه وبطلان المهر ؛ بمعنیٰ عدم نفوذه وتوقّفه علی الإجازة بعد البلوغ ، فإن أجاز استقرّ وإلاّ رجع إلیٰ مهر المثل .
(مسألة 7) : السفیه المبذّر لایصحّ نکاحه إلاّ بإذن أبیه أو جدّه أو الحاکم مع فقدهما ، وتعیین المهر والمرأة إلی الولیّ ، ولو تزوّج بدون الإذن وقف علی الإجازة ، فإن رأی المصلحة وأجاز جاز ولا یحتاج إلیٰ إعادة الصیغة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 708 (مسألة 8) : إذا زوّج الولیّ المولّیٰ علیه بمن له عیب لم یصحّ ولم ینفذ ؛ سواء کان من العیوب الموجبة للخیار أو غیرها ککونه منهمکاً فی المعاصی أو کونه شارب الخمر أو بذیء اللسان سیّئ الخلق وأمثال ذلک ، إلاّ إذا کانت مصلحة ملزمة فی تزویجه ، وحینئذٍ لم یکن خیار الفسخ لا له ولا للمولّیٰ علیه إذا لم یکن العیب من العیوب المجوّزة للفسخ ، وإن کان منها فالظاهر ثبوت الخیار للمولّیٰ علیه بعد بلوغه .
(مسألة 9) : ینبغی - بل یستحبّ - للمرأة المالکة أمرها أن تستأذن أباها أو جدّها ، وإن لم یکونا فأخاها وإن تعدّد الأخ قدّمت الأکبر .
(مسألة 10) : لا ولایة للوصیّ ؛ أی القیّم من قبل الأب أو الجدّ علی الصغیر والصغیرة وإن نصّ له الموصی علی النکاح علی الأظهر .
(مسألة 11) : لیس للحاکم ولایة فی النکاح علی الصغیر ؛ ذکراً کان أو اُنثیٰ مع فقد الأب والجدّ . نعم لو قضت الحاجة والضرورة والمصلحة اللازمة المراعاة علی النکاح ؛ بحیث ترتّبت علیٰ ترکه مفسدة یلزم التحرّز عنها ، کانت له الولایة من باب الحسبة ، وکذا له الولایة حینئذٍ علیٰ من بلغ فاسد العقل أو تجدّد فساد عقله ولم یکن له أب ولا جدّ .
(مسألة 12) : للمولیٰ أن یزوّج مملوکه بغیره ؛ ذکراً کان أو اُنثیٰ ، صغیراً کان أو کبیراً ، عاقلاً کان أو مجنوناً ، راغباً کان أو کارهاً ، ولا خیار له معه .
(مسألة 13) : یشترط فی ولایة الأولیاء : البلوغ والعقل والحرّیّة والإسلام إذا کان المولّیٰ علیه مسلماً ، فلا ولایة للصغیر والصغیرة علیٰ مملوکهما من عبد أو أمة بل الولایة حینئذٍ لولیّهما ، وکذا لا ولایة للأب والجدّ إذا جنّا ، وإن جنّ أحدهما تختصّ الولایة بالآخر ، وکذا لا
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 709 ولایة للمملوک علیٰ ولده حرّاً کان أو عبداً ، وکذا لا ولایة للأب الکافر علیٰ ولده المسلم فتکون للجدّ إذا کان مسلماً ، والظاهر ثبوت ولایته علیٰ ولده الکافر .
(مسألة 14) : العقد الصادر من غیر الوکیل والولیّ - المسمّیٰ بالفضولیّ - یصحّ مع الإجازة ؛ سواء کان فضولیّاً من الطرفین أو من أحدهما ، وسواء کان المعقود علیه صغیراً أو کبیراً ، حرّاً أو عبداً ، وسواء کان العاقد قریباً للمعقود علیه کالأخ والعمّ والخال أو أجنبیّاً ، ومنه العقد الصادر من العبد أو الأمة لنفسهما بدون إذن المولیٰ ، والصادر من الولیّ أو الوکیل علیٰ غیر الوجه المأذون فیه ؛ بأن أوقع الولیّ علیٰ خلاف المصلحة أو الوکیل علیٰ خلاف ما عیّنه الموکّل .
(مسألة 15) : إن کان المعقود له ممّن صحّ منه العقد لنفسه ؛ بأن کان بالغاً عاقلاً حرّاً ، فإنّما یصحّ العقد الصادر من الفضولی بإجازته . وإن کان ممّن لایصحّ منه العقد وکان مولّیً علیه - بأن کان صغیراً أو مجنوناً أو مملوکاً - فإنّما یصحّ إمّا بإجازة ولیّه فی زمان قصوره أو إجازته بنفسه بعد کماله ، فلو أوقع الأجنبی عقداً علی الصغیر أو الصغیرة ، وقفت صحّة عقده علیٰ إجازتهما له بعد بلوغهما ورشدهما ، إن لم یجز أبوهما أو جدّهما فی حال صغرهما ، فأیّ من الإجازتین حصلت کفت . نعم یعتبر فی صحّة إجازة الولیّ ما اعتبر فی صحّة عقده ، فلو أجاز العقد الواقع علیٰ خلاف مصلحة الصغیر لغت إجازته وانحصر الأمر فی إجازته بنفسه بعد بلوغه ورشده .
(مسألة 16) : لیست الإجازة علی الفور ، فلو تأخّرت عن العقد بزمن طویل صحّت ؛ سواء کان التأخیر من جهة الجهل بوقوعه ، أو لأجل التروّی أو للاستشارة أو غیر ذلک .
(مسألة 17) : لا أثر للإجازة بعد الردّ ، وکذا لا أثر للردّ بعـد الإجازة ، فبها یلزم العقـد وبـه ینفسخ ؛ سواء کان السابق من الردّ أو الإجازة واقعاً من المعقود له أو ولیّه ، فلو أجاز أو ردّ ولیّ الصغیر العقد الواقع علیهما فضولاً ، لیس لهما بعد البلوغ ردّ فی الأوّل ولا إجازة فی الثانی .
(مسألة 18) : إذا کان أحد الزوجین کارهاً حال العقد لکن لم یصدر منه ردّ له ، فالظاهر
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 710 أنّه یصحّ لو أجاز بعد ذلک ، نعم لو استؤذن فنهیٰ ولم یأذن ومع ذلک أوقع الفضولی العقد یشکل صحّته بالإجازة . ولا یقاس بما إذا کان مکرهاً علی الزواج فعقد لنفسه بالمباشرة أو بتوکیل الغیر ، وقد مرّ أنّ الأقویٰ صحّته إذا لحقه الرضا .
(مسألة 19) : یکفی فی الإجازة المصحّحة لعقد الفضولی کلّ ما دلّ علیٰ إنشاء الرضا بذلک العقد ، بل یکفی الفعل الدالّ علیه .
(مسألة 20) : لایکفی الرضا القلبی فی صحّة العقد وخروجه عن الفضولیّة وعدم الاحتیاج إلی الإجازة ، فلو کان حاضراً حال العقد راضیاً به إلاّ أنّه لم یصدر منه قول أو فعل یدلّ علیٰ رضاه ، فالظاهر أنّه من الفضولی ، فله أن لا یجیز ویردّه . نعم فی خصوص البکر إذا ظهر من حالها الرضا وإنّما سکتت ولم تنطق بإلاذن لحیائها ، کفیٰ ذلک ، وکان سکوتها إذنها ، کما نطقت بذلک بعض الأخبار وأفتیٰ به علماؤنا الأخیار .
(مسألة 21) : لایعتبر فی وقوع العقد فضولیّاً قصد الفضولیّة ، ولا الالتفات إلیها ، بل المدار فی الفضولیّة وعدمها علیٰ کون العقد بحسب الواقع صادراً عن غیر من هو مالک للعقد أو عن مالکه وإن تخیّل خلافه ، فلو تخیّل کونه ولیّاً أو وکیلاً وأوقع العقد فتبیّن خلافه کان من الفضولی ویصحّ بالإجازة ، کما أنّه لو اعتقد أنّه لیس بوکیل ولا ولیّ فأوقع العقد بعنوان الفضولیّة فتبیّن خلافه صحّ العقد ولزم بلا توقّف علی الإجازة .
(مسألة 22) : إذا زوّج صغیران فضولاً ، فإن أجاز ولیّهما قبل بلوغهما أو أجازا بعد بلوغهما أو بالاختلاف - بأن أجاز ولیّ أحدهما قبل بلوغه فأجاز الآخر بعد بلوغه ـ ثبتت الزوجیة ویترتّب جمیع أحکامها . وإن ردّ ولیّهما قبل بلوغهما ، أو ردّ ولیّ أحدهما قبل بلوغه ، أو ردّا بعد بلوغهما ، أو ردّ أحدهما بعد بلوغه ، أو ماتا ، أو مات أحدهما قبل الإجازة ، بطل العقد من أصله بحیث لم یترتّب علیه أثر أصلاً ؛ من توارث وغیره من سائر
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 711 الآثار . نعم لو بلغ أحدهما وأجاز ثمّ مات قبل بلوغ الآخر وإجازته یعزل من ترکته مقدار ما یرث الآخر علیٰ تقدیر الزوجیّة ، فإن بلغ وأجاز یدفع إلیه لکن بعدما یحلف علیٰ أنّه لم تکن إجازته للطمع فی الإرث ، وإن لم یجز أو أجاز ولم یحلف علیٰ ذلک لم یدفع إلیه بل یردّ إلی الورثة . والظاهر أنّ الحاجة إلی الحلف إنّما هو فیما إذا کان متّهماً بأنّ إجازته لأجل الإرث ، وأمّا مع عدمه کما إذا أجاز مع الجهل بموت الآخر ، أو کان الباقی هو الزوج وکان المهر اللازم علیه علیٰ تقدیر الزوجیّة أزید ممّا یرث ، یدفع إلیه بدون الحلف .
(مسألة 23) : وکما یترتّب الإرث علیٰ تقدیر الإجازة والحلف ، یترتّب الآثار الاُخر المترتّبة علی الزوجیّة أیضاً ؛ من المهر وحرمة الاُمّ والبنت ، وحرمتها علیٰ أب الزوج وابنه ؛ إن کانت الزوجة هی الباقیة وغیر ذلک ، بل یمکن أن یقال بترتّب تلک الآثار بمجرّد الإجازة من غیر حاجة إلی الحلف ، وإءن کان متّهماً فیفکّک بین الإرث وسائر الآثار ، علیٰ إشکال خصوصاً بالنسبة إلیٰ استحقاق المهر إذا کانت الباقیة هی الزوجة .
(مسألة 24) : الظاهر جریان هذا الحکم فی کلّ مورد مات من لزم العقد من طرفه وبقی من یتوقّف زوجیّته علیٰ إجازته ، کما إذا زوّج أحد الصغیرین الولیّ وزوّج الآخر الفضولی ، فمات الأوّل قبل بلوغ الثانی وإجازته . نعم یشکل جریان الحکم فیما لو کانا کبیرین فأجاز أحدهما ومات قبل موت الثانی وإجازته ، بل المتّجه فیه بطلان العقد .
(مسألة 25) : إذا کان العقد فضولیّاً من أحد الطرفین ، کان لازماً من طرف الأصیل ، فلو کان هی الزوجة لیس لها أن تتزوّج بالغیر قبل أن یردّ الآخر العقد ویفسخه . وهل یثبت فی حقّه تحریم المصاهرة قبل إجازة الآخر وردّه ؛ فلو کان زوجاً حرم علیه نکاح اُمّ المرأة وبنتها واُختها والخامسة إن کانت هی الرابعة ؟ الأحوط ذلک .
(مسألة 26) : إذا ردّ المعقود أو المعقودة العقد الواقع فضولاً ، صار العقد کأنّه لم یقع ؛ سواء کان العقد فضولیّاً من الطرفین وردّاه معاً أو ردّه أحدهما ، بل ولو أجاز أحدهما وردّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 712 الآخر ، أو من طرف واحد وردّ ذلک الطرف فتحلّ المعقودة علیٰ أب المعقود وابنه وتحلّ بنتها واُمّها علی المعقود ، علیٰ إشکال فی الاُمّ .
(مسألة 27) : إذا زوّج الفضولی امرأة برجل من دون اطّلاعها ، وتزوّجت هی برجل آخر ، صحّ ولزم الثانی ولم یبق محلّ لإجازة الأوّل ، وکذا لو زوّج الفضولی رجلاً بامرأة من دون اطّلاعه وزوّج هو باُمّها أو بنتها ثمّ علم .
(مسألة 28) : لو زوّج فضولیّان امرأة ؛ کلّ منهما برجل ، کانت بالخیار فی إجازة أیّهما شاءت وإن شاءت ردّتهما ؛ سواء تقارن العقدان أو تقدّم أحدهما علی الآخر . وکذلک الحال فیما إذا زوّج أحد الفضولین رجلاً بامرأة والآخر باُمّها أو بنتها أو اُختها ، فإنّ له إجازة أیّهما شاء .
(مسألة 29) : لو وکّلت رجلین فی تزویجها ، فزوّجها کلّ منهما برجل ، فإن سبق أحدهما صحّ ولغا الآخر ، وإن تقارنا بطلا معاً ، وإن لم یعلم الحال ، فإن علم تاریخ أحدهما حکم بصحّته دون الآخر ، وإن جهل تاریخهما ، فإن احتمل تقارنهما حکم ببطلانهما معاً فی حقّ کلّ من الزوجة والزوجین ، وإن علم عدم التقارن فیعلم إجمالاً بصحّة أحد العقدین وتکون المرأة زوجة لأحد الرجلین أجنبیّة عن أحدهما ، فلیس للزوجة أن تتزوّج بغیرهما ولا للغیر أن یتزوّج بها ؛ لکونها ذات بعل قطعاً . وأمّا حالها بالنسبة إلی الزوجین وحالهما بالنسبة إلیها ، فالأولیٰ أن یطلّقاها ویجدّد النکاح علیها أحدهما برضاها ، وإن تعاسرا وکان فی التوقّف إلیٰ أن یظهر الحال عسر وحرج علی الزوجة ، أو لا یرجیٰ ظهور الحال ، فالمتّجه تعیین الزوج منهما بالقرعة ، فیحکم بزوجیّة من وقعت علیه .
(مسألة 30) : لو ادّعیٰ أحد الزوجین سبق عقده ، فإن صدّقه الآخر وکـذا الزوجة أو صدّقه أحدهما وقال الآخر : «لا أدری» أو قال کلاهما : «لا أدری» فالزوجة لمدّعی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 713 السبق . وإن صدّقه الآخر ولکن کذّبته الزوجة کانت الدعویٰ بین الزوجة وکلا الزوجین ، فالزوج الأوّل یدّعی زوجیّتها وصحّة عقده ، وهی تنکر زوجیّته وتدّعی فساد عقده ، وتنعکس الدعویٰ بینها وبین الزوج الثانی ؛ حیث إنّه یدّعی فساد عقده وهی تدّعی صحّته ، ففی الدعوی الاُولیٰ تکون هی المدّعیة والزوج هو المنکر وفی الثانیة بالعکس . فإن أقامت البیّنة علیٰ فساد الأوّل المستلزم لصحّة الثانی حکم لها بزوجیّتها للثانی دون الأوّل ، وإن أقام الزوج الثانی بیّنة علیٰ فساد عقده یحکم بعدم زوجیّتها له وثبوتها للأوّل ، وإن لم تکن بیّنة یتوجّه الحلف إلی الزوج الأوّل فی الدعوی الاُولیٰ وإلی الزوجة فی الدعوة الثانیة ، فإن حلف الزوج الأوّل ونکلت الزوجة ثبتت زوجیّتها للأوّل ، وإن کان العکس بأن حلفت هی دونه حکم بزوجیّتها للثانی ، وإن حلفا معاً فالمرجع هی القرعة ، وإن ادّعیٰ کلّ من الزوجین سبق عقده ، فإن قالت الزوجة : «لا أدری» تکون الدعویٰ بین الزوجین ، فإن أقام أحدهما بیّنة دون الآخر حکم له وکانت الزوجة له ، وإن أقام کلّ منهما بیّنة تعارضت البیّنتان فیرجع إلی القرعة فیحکم بزوجیّة من وقعت علیه . وإن لم تکن بیّنة یتوجّه الحلف إلیهما ، فإن حلف أحدهما حکم له ، وإن حلفا أو نکلا یرجع إلی القرعة ، وإن صدّقت المرأة أحدهما کان أحد طرفی الدعویٰ من لم تصدّقه الزوجة والطرف الآخر الزوج الآخر مع الزوجة ، فمع إقامة البیّنة من أحد الطرفین ، أو من کلیهما الحکم کما مرّ ، وأمّا مع عدمها وانتهاء الأمر إلی الحلف ، فإن حلف من لم تصدّقه الزوجة یحکم له علیٰ کلّ من الزوجة والزوج الآخر ، وأمّا مع حلف من صدّقتـه فلایترتّب علیٰ حلفه رفع دعوی الزوج الآخر علی الزوجة ، بل لابدّ من حلفها أیضاً .
(مسألة 31) : لو زوّج أحدُ الوکیلین عن الرجل له بامرأة ، والآخر بنتها صحّ السابق ولغا اللاحق ، ومع التقارن بطلا معاً ، وإن لم یعلم السابق ، فإن علم تاریخ أحدهما حکم بصحّته دون الآخر ، وإن جهل تاریخهما ، فإن احتمل تقارنهما یحکم ببطلان کلیهما ، وإن علم بعدم
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 714 التقارن فقد علم بصحّة أحد العقدین وبطلان أحدهما ، فلایجوز للزوج مقاربة واحدة منهما ، کما أنّه لا یجوز لهما التمکین منه . نعم یجوز له النظر بالاُمّ ولایجب علیها التستّر عنه ؛ للعلم بأنّه إمّا زوجها أو زوج بنتها ، وأمّا البنت فحیث إنّه لم یحرز زوجیّتها وبنت الزوجة إنّما یحلّ النظر إلیها إن دخل بالاُمّ والمفروض عدمه ، فلم یحرز ما هو سبب لحلّیة النظر إلیها ، ویجب علیها التستّر عنه ، نعم لو فرض الدخول بالاُمّ ولو بالشبهة کان حالها حال الاُمّ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 715