الوقف هو تحبیس العین وتسبیل منفعتها ، وفیه فضل کثیر وثواب جزیل ، قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ عن ثلاثة: ولد صالح یدعو له ، وعلم ینتفع به بعد موته ، وصدقة جاریة» وفسّرت الصدقة الجاریة بالوقف .
(مسألة 1) : یعتبر فی الوقف الصیغة ، وهی کلّ ما دلّ علیٰ إنشاء المعنی المذکور مثل : «وقفت» و«حبست» و«سبّلت» بل و«تصدّقت» إذا اقترن به بعض ما یدلّ علیٰ إرادة المعنی المقصود کقوله : «صدقة مؤبّدة لا تباع ولا توهب» ونحو ذلک ، وکذا قوله : «جعلت أرضی ـ أو داری أو بستانی - موقوفة» أو « . . . محبّسة» أو « . . . مسبّلة علیٰ کذا» . ولا یعتبر فیه العربیّة ولا الماضویّة ، بل یکفی الجملة الاسمیّة کقوله : «هذا وقف» ، أو «هذه أرضی موقوفة» أو « . . . محبّسة» أو « . . . مسبّلة» .
(مسألة 2) : لابدّ فی وقف المسجد قصد عنوان المسجدیّة ، فلو وقف مکاناً علیٰ صلاة المصلّین وعبادة المتعبّدین لم یصر بذلک مسجداً ، ما لم یکن المقصود ذلک العنوان . والظاهر کفایة قوله: «جعلته مسجداً» فی صیغته وإن لم یذکر ما یدلّ علیٰ وقفه وتحبیسه ، وإن کان أحوط بأن یقول : «وقفت هذا المکان - أو هذا البنیان - مسجداً» أو « . . . علیٰ أن یکون مسجداً» .
(مسألة 3) : الظاهر کفایة المعاطاة فی مثل المساجد والمقابر والطرق والشوارع والقناطر والربط المعدّة لنزول المسافرین والأشجار المغروسة لانتفاع المارّة بظلّها أو ثمرها ، بل ومثل البواری للمساجد والقنادیل للمشاهد وأشباه ذلک ، وبالجملة : ما کان
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 528 محبساً علیٰ مصلحة عامّة ، فلو بنیٰ بناءً بعنوان المسجدیّة وأذن فی الصلاة فیه للعموم وصلّیٰ فیه بعض الناس ، کفیٰ فی وقفه وصیرورته مسجداً . وکذا لو عیّن قطعة من الأرض لأن تکون مقبرة للمسلمین وخلّیٰ بینها وبینهم وأذن إذناً عامّاً لهم فی الإقبار فیها فأقبروا فیها بعض الأموات ، أو بنیٰ قنطرة وخلّیٰ بینها وبین العابرین فشرعوا فی العبور عنها وهکذا .
(مسألة 4) : ما ذکرنا من کفایة المعاطاة فی المسجد ، إنّما هو فیما إذا کان أصل البناء والتعمیر فی المسجد بقصد المسجدیّة ؛ بأن نویٰ ببنائه وتعمیره أن یکون مسجداً ، خصوصاً إذا حاز أرضاً مباحاً لأجل المسجد وبنیٰ فیها بتلک النیة . وأمّا إذا کان له بناء مملوک - کدار أو خان - فنویٰ أن یکون مسجداً ، وصرف الناس بالصلاة فیه من دون إجراء صیغة الوقف علیه ، یشکل الاکتفاء به . وکذلک الحال فی مثل الرباط والقنطرة ، فإذا بنیٰ رباطاً فی ملکه ، أو فی أرض مباح للمارّة والمسافرین ثمّ خلّیٰ بینه وبینهم ونزل به بعض القوافل کفیٰ ذلک فی وقفیّته علیٰ تلک الجهة ، بخلاف ما إذا کان له خان مملوک له معدّ للإجارة ومحلاًّ للتجارة - مثلاً - فنویٰ أن یکون وقفاً علی الغرباء والنازلین من المسافرین وخلّیٰ بینه وبینهم من دون إجراء صیغة الوقف علیه .
(مسألة 5) : لا إشکال فی جواز التوکیل فی الوقف ، وفی جریان الفضولیّة فیه خلاف وإشکال ، لایبعد جریانها فیه ، لکنّ الأحوط خلافه ، فلو وقع فضولاً لا یکتفیٰ بالإجازة بل تجدّد الصیغة .
(مسألة 6) : الأقویٰ عدم اعتبار القبول فی الوقف علی الجهات العامّة کالمساجد والمقابر والقناطر ونحوها ، وکذا الوقف علی العناوین الکلّیة کالوقف علی الفقراء والفقهاء ونحوها . وأمّا الوقف الخاصّ کالوقف علی الذرّیّة فالأحوط اعتباره فیه ، فیقبله الموقوف علیهم ، وإن کانوا صغاراً قام به ولیّهم . ویکفی قبول الموجودین ولا یحتاج إلیٰ قبول لمن سیوجد منهم بعد وجوده ، والأحوط رعایة القبول فی الوقف العامّ أیضاً ، والقائم به الحاکم أو المنصوب من قبله .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 529 (مسألة 7) : الأحوط قصد القربة فی الوقف ، وإن کان فی اعتباره نظر ، خصوصاً فی الوقف الخاصّ کالوقف علیٰ زید وذرّیّته ونحو ذلک .
(مسألة 8) : یشترط فی صحّة الوقف القبض ، ویعتبر فیه أن یکون بإذن الواقف . ففی الوقف الخاصّ - وهو الوقف الذی کان علیٰ أشخاص کالوقف علیٰ أولاده وذرّیّته - یعتبر قبض الموقوف علیهم ، ویکفی قبض الطبقة الاُولیٰ عن بقیّة الطبقات فلا یعتبر قبض الطبقات اللاحقة ، بل یکفی قبض الموجودین من الطبقة الاُولیٰ عمّن یوجد منهم فیما بعد ، فإذا وقف علیٰ أولاده ثمّ علیٰ أولاد أولاده وکان الموجود من أولاده ثلاثة فقبضوا ثمّ تولّد رابع بعد ذلک فلا حاجة إلیٰ قبضه ، ولو کان الموجودون جماعة فقبض بعضهم دون بعض صحّ بالنسبة إلیٰ من قبض وبطل بالنسبة إلیٰ من لم یقبض .
وأمّا الوقف علی الجهات والمصالح کالمساجد وما وقف علیها فإن جعل الواقف له قیّماً ومتولّیاً اعتبر قبضه أو قبض الحاکم ، والأحوط عدم الاکتفاء بالثانی مع وجود الأوّل ، وإن لم یکن قیّم تعیّن قبض الحاکم . وکذا الحال فی الوقف علی العناوین العامّة کالفقراء والطلبة والعلماء . وهل یکفی قبض بعض المستحقّین من أفراد ذلک العنوان العامّ ؛ بأن یقبض ـ مثلاً - فقیر من الفقراء فی الوقف علی الفقراء أو عالم من العلماء فی الوقف علی العلماء ؟ قیل : «نعم» وقیل : «لا» ولعلّ الأوّل هو الأقویٰ فیما إذا سلّم الوقف إلی المستحقّ لاستیفاء ما یستحقّ ، کما إذا سلّم الدار الموقوفة علیٰ سکنی الفقراء إلیٰ فقیر فسکنها ، أو الدابّة الموقوفة علی الزوّار أو الحجّاج إلیٰ زائر وحاجّ فرکبها . نعم لایکفی مجرّد استیفاء المنفعة والثمرة من دون استیلاء علی العین ، فإذا وقف بستاناً علی الفقراء لایکفی فی القبض إعطاء شیء من ثمرتها لبعض الفقراء مع کون البستان تحت یده .
(مسألة 9) : لو وقف مسجداً أو مقبرة ، کفیٰ فی قبضها صلاة واحدة فی المسجد ، ودفن میّت واحد فی المقبرة .
(مسألة 10) : لو وقف الأب علیٰ أولاده الصغار ، لم یحتج إلیٰ قبض جدید ، وکذا کلّ ولیّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 530 إذا وقف علی المولّیٰ علیه ؛ لأنّ قبض الولیّ قبض المولّیٰ علیه ، والأحوط أن یقصد کون قبضه عنه .
(مسألة 11) : فیما یعتبر أو یکفی قبض المتولّی - کالوقف علی الجهات العامّة - لو جعل الواقف التولیة لنفسه ، لایحتاج إلیٰ قبض آخر ویکفی قبضه الذی هو حاصل .
(مسألة 12) : لو کانت العین الموقوفة بید الموقوف علیه قبل الوقف بعنوان الودیعة أو العاریة أو علیٰ وجه آخر ، لم یحتج إلیٰ قبض جدید ؛ بأن یستردّها ثمّ یقبضها ، نعم لابدّ أن یکون بقاؤها فی یده بإذن الواقف ، بناءً علی اشتراط کون القبض بإذنه کما مرّ .
(مسألة 13) : لایشترط فی القبض الفوریّة ، فلو وقف عیناً فی زمان ثمّ أقبضها فی زمان متأخّر کفیٰ وتمّ الوقف من حینه .
(مسألة 14) : لو مات الواقف قبل القبض بطل الوقف وکان میراثاً .
(مسألة 15) : یشترط فی الوقف الدوام ؛ بمعنیٰ عدم توقیته بمدّة ، فلو قال : «وقفت هذه البستان علی الفقراء إلیٰ سنة» بطل وقفاً ، وفی صحّته حبساً أو بطلانه کذلک أیضاً وجهان ، أوجههما الثانی ، إلاّ إذا علم أنّه قصد کونه حبساً .
(مسألة 16) : إذا وقف علیٰ من ینقرض کما إذا وقف علیٰ أولاده واقتصر علیٰ بطن أو بطون ممّن ینقرض غالباً ، ولم یذکر المصرف بعد انقراضهم ، ففی صحّته وقفاً أو حبساً أو بطلانه رأساً أقوال ، والأقویٰ هو الأوّل ، فیصحّ الوقف المنقطع الآخر ؛ بأن یکون وقفاً حقیقة إلیٰ زمان الانقراض والانقطاع ، وینقضی بعد ذلک ویرجع إلی الواقف أو ورثته .
(مسألة 17) : الفرق بین الوقف والحبس : أنّ الوقف یوجب زوال ملک الواقف ، أو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 531 ممنوعیّته من جمیع التصرّفات وسلب أنحاء السلطنة منه حتّیٰ أنّه لا یورث ، بخلاف الحبس ، فإنّه باقٍ علیٰ ملک الحابس ویورث ویجوز له جمیع التصرّفات الغیر المنافیة لاستیفاء المحبّس علیه المنفعة .
(مسألة 18) : إذا انقرض الموقوف علیه ورجع إلیٰ ورثة الواقف ، فهل یرجع إلیٰ ورثته حین الموت أو ورثته حین الانقراض ؟ قولان ، أظهرهما الأوّل . وتظهر الثمرة بین القولین فیما لو وقف علیٰ من ینقرض کزید وأولاده ثمّ مات الواقف عن ولدین ، ومات بعده أحد الولدین عن ولد قبل انقراض الموقوف علیهم ثمّ انقرضوا ، فعلی الثانی یرجع إلی الولد الباقی خاصّة ؛ لأنّه الوارث حین الانقراض ، وعلی الأوّل یشارکه ابن أخیه ؛ حیث إنّه یقوم مقام أبیه فشارک عمّه .
(مسألة 19) : ومن الوقف المنقطع الآخر ما کان الوقف مبنیّاً علی الدوام ، لکن کان وقفاً علیٰ من یصحّ الوقف علیه فی أوّله دون آخره ، کما إذا وقف علیٰ زید وأولاده وبعد انقراضهم علی الکنائس والبیع - مثلاً - فعلیٰ ما اخترناه فی الوقف علیٰ من ینقرض ، یصحّ وقفاً بالنسبة إلیٰ من یصحّ الوقف علیه ، ویبطل بالنسبة إلیٰ ما لا یصحّ . فظهر أنّ صور الوقف المنقطع الآخر ثلاث یبطل الوقف رأساً فی صورة ویصحّ فی صورتین .
(مسألة 20) : الوقف المنقطع الأوّل: إمّا بجعل الواقف ، کما إذا وقفه إذا جاء رأس الشهر الکذائی ، وإمّا بحکم الشرع ؛ بأن وقف أوّلاً علیٰ ما لا یصحّ الوقف علیه ثمّ علیٰ غیره ، الظاهر بطلانه رأساً ، وإن کان الأحوط فی الثانی تجدید صیغة الوقف عند انقراض الأوّل ، أو عمل الوقف بعده . وأمّا المنقطع الوسط ، کما إذا کان الموقوف علیه فی الوسط غیر صالح للوقف علیه ، بخلافه فی المبدأ والمنتهیٰ ، فهو بالنسبة إلیٰ شطره الأوّل
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 532 کالمنقطع الآخر ، فیصحّ وقفاً ، وبالنسبة إلیٰ شطره الآخر کالمنقطع الأوّل یبطل رأساً .
(مسألة 21) : إذا وقف علیٰ غیره أو علیٰ جهة وشرط عوده إلیه عند حاجته صحّ علی الأقویٰ ، ومرجعه إلیٰ کونه وقفاً مادام لم یحتج إلیه ، فإذا احتاج إلیه ینقطع ویدخل فی منقطع الآخر ، وقد مرّ حکمه . وإذا مات الواقف فإن کان بعد طروّ الحاجة کان میراثاً وإلاّ بقی علیٰ وقفیّته .
(مسألة 22) : یشترط فی صحّة الوقف التنجیز ، فلو علّقه علیٰ شرط متوقّع الحصول کمجیء زید أو شیء غیر حاصل یقینیّ الحصول فیما بعد کما إذا قال : «وقفت إذا جاء رأس الشهر» بطل . نعم لابأس بالتعلیق علیٰ شیء حاصل مع القبض به کما إذا قال : «وقفت إن کان الیوم یوم الجمعة» مع علمه .
(مسألة 23) : لو قال : «هو وقف بعد موتی» فإن فهم منه فی متفاهم العرف أنّه وصیّة بالوقف صحّ ، وإلاّ بطل .
(مسألة 24) : ومن شرائط صحّة الوقف إخراج نفسه عن الوقف ، فلو وقف علیٰ نفسه لم یصحّ ، ولو وقف علیٰ نفسه وعلیٰ غیره فإن کان بنحو التشریک بطل بالنسبة إلیٰ نفسه وصحّ بالنسبة إلیٰ غیره ، وإن کان بنحو الترتیب ، فإن وقف علیٰ نفسه ثمّ علیٰ غیره کان من الوقف المنقطع الأوّل ، وإن کان بالعکس کان من المنقطع الآخر ، وإن کان علیٰ غیره ثمّ علیٰ نفسه ثمّ علیٰ غیره کان من المنقطع الوسط ، وقد مرّ حکم هذه الصور .
(مسألة 25) : لو وقف علیٰ غیره - کأولاده أو الفقراء مثلاً - وشرط أن یقضی دیونه أو یؤدّی ماعلیه من الحقوق المالیة کالزکاة والخمس، أوینفق علیه من غلّة الوقف، لم یصحّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 533 وبطل الوقف ، من غیر فرق بین ما لو أطلق الدین أو عیّن ، وکذا بین أن یکون الشرط الإنفاق علیه وإدرار مؤونته إلیٰ آخر عمره أو إلیٰ مدّة معیّنة ، وکذا بین تعیین مقدار المؤونة وعدمه . نعم لو شرط ذلک علی الموقوف علیه من ماله ولو من غیر منافع الوقف جاز .
(مسألة 26) : لو شرط أکل أضیافه ومن یمرّ علیه من ثمرة الوقف جاز ، وکذا لو شرط إدرار مؤونة أهله وعیاله وإن کان ممّن یجب علیه نفقته حتّی الزوجة الدائمة إذا لم یکن بعنوان النفقة الواجبة علیه حتّیٰ تسقط عنه ، وإلاّ رجع إلی الوقف علی النفس ، مثل شرط أداء دیونه .
(مسألة 27) : إذا آجر عیناً ثمّ وقفها ، صحّ الوقف وبقیت الإجارة علیٰ حالها وکان الوقف مسلوبة المنفعة فی مدّة الإجارة ، فإذا انفسخت الإجارة بالفسخ أو الإقالة بعد تمام الوقف رجعت المنفعة إلی الواقف المؤجر ولا یملکها الموقوف علیهم . فمن أراد أن ینتفع بما یوقف یمکنه الاحتیال بأن یؤجره مدّة کعشرین سنة - مثلاً - مع شرط خیار الفسخ له ، ثمّ یفسخ الإجارة بعد تمامیّة الوقف ، فترجع إلیه منفعة تلک المدّة .
(مسألة 28) : لا إشکال فی جواز انتفاع الواقف بالأوقاف علی الجهات العامّة کالمساجد والمدارس والقناطر والخانات المعدّة لنزول الزوّار والحجّاج والمسافرین ونحوها . وأمّا الوقف علی العناوین العامّة کالفقراء والعلماء إذا کان الواقف داخلاً فی العنوان حین الوقف أو صار داخلاً فیه فیما بعد ، فإن کان المراد التوزیع علیهم فلا إشکال فی عدم جواز أخذه حصّته من المنافع ، بل یلزم أن یقصد من العنوان المذکور حین الوقف من عدا نفسه ویقصد خروجه عنه . ومن ذلک ما إذا وقف شیئاً علیٰ ذرّیّة أبیه أو جدّه إذا کان المقصود البسط والتوزیع کما هو الشائع المتعارف . وإن کان المراد بیان المصرف کما هو الغالب المتعارف فی الوقف علی الفقراء والزوّار والحجّاج والفقهاء والطلبة ونحوها ، فلا إشکال فی خروجه وعدم جواز انتفاعه منه إذا قصد خروجه . وإنّما الإشکال فیما لو قصد الإطلاق والعموم بحیث شمل نفسه وأنّه هل یجوز له الانتفاع به أم لا ؟ أقواهما الأوّل ، وأحوطهما الثانی ، خصوصاً فیما إذا قصد دخول نفسه .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 534 (مسألة 29) : یعتبر فی الواقف : البلوغ والعقل والاختیار وعدم الحجر - لفلس أو سفه - فلایصحّ وقف الصبیّ وإن بلغ عشراً علی الأقویٰ ، نعم حیث إنّ الأقویٰ صحّة وصیّة من بلغ ذلک کما یأتی ، فإذا أوصیٰ بالوقف صحّ وقف الوصیّ عنه .
(مسألة 30) : لا یعتبر فی الواقف أن یکون مسلماً ، فیصحّ وقف الکافر فیما یصحّ من المسلم علی الأقویٰ .
(مسألة 31) : یعتبر فی الموقوف : أن یکون عیناً مملوکاً ، یصحّ الانتفاع به منفعة محلّلة مع بقاء عینه ویمکن قبضه ، فلایصحّ وقف المنافع ، ولا الدیون ، ولا وقف ما لا یملک مطلقاً کالحرّ ، أو لا یملکه المسلم کالخنزیر ، ولا ما لا انتفاع به إلاّ بإتلافه کالأطعمة والفواکه ، ولا ما انحصر انتفاعه المقصود فی المحرّم کآلات اللهو والقمار . ویلحق به ما کانت المنفعة المقصودة من الوقف محرّمة ، کما إذا وقف الدابّة لحمل الخمر أو الدکّان لحرزه أو بیعه ، وکذا لایصحّ ما لا یمکن قبضه کالعبد الآبق والدابّة الشاردة . ویصحّ وقف کلّ ما صحّ الانتفاع به مع بقاء عینه ، کالأراضی والدور والعقار والثیاب والسلاح والآلات المباحة والأشجار والمصاحف والکتب والحلیّ وصنوف الحیوان حتّی الکلب المملوک والسنّور ونحوها .
(مسألة 32) : لایعتبر فی العین الموقوفة کونها ممّا ینتفع بها فعلاً ، بل یکفی کونها معرضاً للانتفاع ولو بعد مدّة وزمان ، فیصحّ وقف الدابّة الصغیرة والاُصول المغروسة التی لا تثمر إلاّ بعد سنین .
(مسألة 33) : المنفعة المقصودة فی الوقف أعمّ من المنفعة المقصودة فی العاریة والإجارة فتشمل النماءات والثمرات ، فیصحّ وقف الأشجار لثمرها والشاة لصوفها ولبنها ونتاجها وإن لم یصحّ إجارتها لذلک .
(مسألة 34) : ینقسم الوقف باعتبار الموقوف علیه علیٰ قسمین : الوقف الخاصّ ؛ وهو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 535 ما کان وقفاً علیٰ شخص أو أشخاص کالوقف علیٰ أولاده وذرّیّته ، أو علیٰ زید وذرّیّته ، والوقف العامّ ؛ وهو ما کان علیٰ جهة ومصلحة عامّة کالمساجد والقناطر والخانات المعدّة لنزول القوافل ، أو علیٰ عنوان عامّ کالفقراء والفقهاء والطلبة والأیتام .
(مسألة 35) : یعتبر فی الوقف الخاصّ وجود الموقوف علیه حین الوقف ، فلا یصحّ الوقف ابتداءً علی المعدوم ومن سیوجد ، بل وکذا علی الحمل قبل أن یولد . والمراد بکونه ابتداءً أن یکون هو الطبقة الاُولیٰ من دون مشارکة موجود فی تلک الطبقة . نعم لو وقف علی المعدوم أو الحمل تبعاً للموجود ؛ بأن یجعل طبقة ثانیة أو مساویاً للموجود فی الطبقة بحیث لووجد لشارکه صحّ بلا إشکال ، کما إذا وقف علیٰ أولاده الموجودین ومن سیولد له علی التشریک أو الترتیب . وبالجملة : لابدّ فی الوقف الخاصّ من وجود شخص خاصّ فی کلّ زمان یکون هو الموقوف علیه فی ذلک الزمان ، ولا یکفی کونه ممّن سیوجد إذا لم یوجد شخص فی ذلک الزمان ، فإذا وقف علیٰ من سیوجد وسیولد من ولده ثمّ علی الموجود لم یتحقّق الوقف فی الابتداء وکان من المنقطع الأوّل ، ولو وقف علیٰ ولده الموجود ثمّ علیٰ أولاد الولد ثمّ علیٰ زید فتوفّیٰ ولده قبل أن یولد له الولد ثمّ تولّد انقطع الوقف بعد موت ولد الواقف وکان من المنقطع الوسط ، کما أنّه لو وقف علیٰ ذرّیّته نسلاً بعد نسل وکان له أولاد وأولاد أولاد ثمّ انقرضوا کان من المنقطع الآخر .
(مسألة 36) : لا یعتبر فی الوقف علی العنوان العامّ وجوده فی کلّ زمان ، بل یکفی إمکان وجوده مع وجوده فعلاً فی بعض الأزمان ، فإذا وقف بستاناً - مثلاً - علیٰ فقراء البلد ولم یکن فی زمان الوقف فقیر فی البلد لکن سیوجد ، صحّ الوقف ولم یکن من المنقطع الأوّل ، کما أنّه لو کان موجوداً لکن لم یوجد فی زمان ثمّ وجد لم یکن من المنقطع الوسط ، بل هو باقٍ علیٰ وقفیّته فیحفظ غلّته فی زمان عدم وجود الفقیر إلیٰ أن یوجد .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 536 (مسألة 37) : یشترط فی الموقوف علیه التعیین ، فلو وقف علیٰ أحد الشخصین أو أحد المشهدین أو أحد المسجدین أو أحد الفریقین لم یصحّ .
(مسألة 38) : لایصحّ الوقف علی الکافر الحربی والمرتدّ عن فطرة ، وأمّا الذمّی والمرتدّ لا عن فطرة ، فالظاهر صحّته سیّما إذا کان رحماً للواقف .
(مسألة 39) : لایصحّ الوقف علی الجهات المحرّمة وما فیه إعانة علی المعصیة ، کمعونة الزنا وقطّاع الطریق وکتابة کتب الضلال ، وکالوقف علی البیع والکنائس وبیوت النیران لجهة عمارتها وخدمتها وفرشها ومعلّقاتها وغیرها ، نعم یصحّ وقف الکافر علیها .
(مسألة 40) : إذا وقف مسلم علی الفقراء أو فقراء البلد انصرف إلیٰ فقراء المسلمین ، بل الظاهر أنّه لو کان الواقف شیعیّاً انصرف إلیٰ فقراء الشیعة ، وإذا وقف کافر علی الفقراء انصرف إلیٰ فقراء نحلته ، فالیهود إلی الیهود ، والنصاریٰ إلیٰ النصاریٰ وهکذا . بل الظاهر أنّه لو کان الواقف سنّیاً انصرف إلیٰ فقراء أهل السنّة ، نعم الظاهر أنّه لایختصّ بمن یوافقه فی المذهب ، فلا انصراف لو وقف الحنفی إلی الحنفی و الشافعی إلی الشافعی وهکذا .
(مسألة 41) : إذا کان أفراد عنوان الموقوف علیه منحصرة فی أفراد محصورة ، کما إذا وقف علیٰ فقراء محلّة أو قریة صغیرة ، توزّع منافع الوقف علی الجمیع ، وإن کانوا غیر محصورین لم یجب الاستیعاب ، لکن لایترک الاحتیاط بمراعاة الاستیعاب العرفی مع کثرة المنفعة ، فیوزّع علیٰ جماعة معتدّ بها بحسب مقدار المنفعة .
(مسألة 42) : إذا وقف علیٰ فقراء قبیلة - کبنی فلان - وکانوا متفرّقین لم یقتصر علی الحاضرین ، بل یجب تتبّع الغائبین وحفظ حصّتهم للإیصال إلیهم ، نعم إذا لم یمکن التفتیش عنهم وصعب إحصاؤهم لم یجب الإستقصاء ، بل یقتصر علیٰ من حضر .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 537 (مسألة 43) : إذا وقف علی المسلمین کان لکلّ من أقرّ بالشهادتین ، ولو وقف علی المؤمنین اختصّ بالاثنی عشریّة لو کان الواقف إمامیّاً وکذا لو وقف علی الشیعة .
(مسألة 44) : إذا وقف فی سبیل اللّه یصرف فی کلّ ما یکون وصلة إلی الثواب ، وکذلک لو وقف فی وجوه البرّ .
(مسألة 45) : إذا وقف علیٰ أرحامه أو أقاربه فالمرجع العرف ، وإذا وقف علی الأقرب فالأقرب کان ترتیبیّاً علیٰ کیفیّة طبقات الإرث .
(مسألة 46) : إذا وقف علیٰ أولاده اشترک الذکر والاُنثیٰ والخنثیٰ ویکون التقسیم بینهم علی السواء ، وإذا وقف علیٰ أولاد أولاده عمّ أولاد البنین والبنات ذکورهم وإناثهم بالسویّة .
(مسألة 47) : إذا قال : «وقفت علیٰ ذرّیّتی» عمّ الأولاد بنین وبنات وأولادهم بلاواسطة ومعها ذکوراً وإناثاً ، ویکون الوقف تشریکیّاً یشارک الطبقات اللاحقة مع السابقة ویکون علی الرؤوس بالسویّة . وأمّا إذا قال : «وقفت علیٰ أولادی» أو قال : «علیٰ أولادی وأولاد أولادی» فالمشهور أنّ الأوّل ینصرف إلی الصلبی فلا یشمل أولاد الأولاد ، والثانی یختصّ بطنین ، فلا یشمل سائر البطون ، لکن الظاهر خلافه وأنّ الظاهر منهما عرفاً التعمیم خصوصاً فی الثانی .
(مسألة 48) : إذا قال : «وقفت علیٰ أولادی نسلاً بعد نسل وبطناً بعد بطن» الظاهر المتبادر منه عند العرف أنّه وقف ترتیب ، فلا یشارک الولد أباه ولا ابن الأخ عمّه .
(مسألة 49) : إذا قال : «وقفت علیٰ ذرّیّتی» أو قال : «علیٰ أولادی وأولاد أولادی» ولم یذکر أنّه وقف تشریک أو وقف ترتیب یحمل علی الأوّل ، وکذا لو علم من الخارج وقفیّة شیء علی الذرّیّة ولم یعلم أنّه وقف تشریک أو وقف ترتیب .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 538 (مسألة 50) : لو قال : «وقفت علیٰ أولادی الذکور نسلاً بعد نسل» یختصّ بالذکور من الذکور فی جمیع الطبقات ولا یشمل الذکور من الإناث .
(مسألة 51) : إذا کان الوقف ترتیبیّاً کانت الکیفیّة تابعة لجعل الواقف ، فتارة : جعل الترتیب بین الطبقة السابقة واللاحقة ویراعی الأقرب فالأقرب إلی الواقف ، فلایشارک الولد أباه ولا ابن الأخ عمّه وعمّته ولا ابن الاُخت خاله وخالته ، واُخریٰ : جعل الترتیب بین خصوص الآباء من کلّ طبقة وأبنائهم . فإذا کانت إخوة ولبعضهم أولاد لم یکن للأولاد شیء ما دام حیاة الآباء ، فإذا توفّی الآباء شارک الأولاد أعمامهم . ویمکن أن یجعل الترتیب علیٰ نحو آخر ویتّبع فإنّ الوقوف علیٰ حسب ما یقفها أهلها .
(مسألة 52) : لو قال : «وقفت علیٰ أولادی طبقة بعد طبقة وإذا مات أحدهم وکان له ولد فنصیبه لولده» فلو مات أحدهم وله ولد یکون نصیبه لولده ، ولو تعدّد الولد یقسّم النصیب بینهم علی الرؤوس . وإذا مات من لا ولد له فنصیبه لمن کان فی طبقته ولا یشارکهم الولد الذی أخذ نصیب والده .
(مسألة 53) : لو وقف علی العلماء انصرف إلیٰ علماء الشریعة ، فلا یشمل غیرهم کعلماء الطبّ والنجوم والحکمة .
(مسألة 54) : لو وقف علیٰ أهل مشهدٍ - کالنجف مثلاً - اختصّ بالمتوطّنین والمجاورین ولا یشمل الزوّار والمتردّدین .
(مسألة 55) : لو وقف علی المشتغلین فی النجف - مثلاً - من أهل البلد الفلانی کطهران أو غیره من البلدان اختصّ بمن هاجر من بلده إلی النجف للاشتغال ولا یشمل من جعله وطناً له معرضاً عن بلده .
(مسألة 56) : لو وقف علیٰ مسجد صرفت منافعه مع الإطلاق فی تعمیره وضوئه وفرشه وخادمه ، ولو زاد شیء یعطیٰ لإمامه .
(مسألة 57) : لو وقف علیٰ مشهد یصرف فی تعمیره وضوئه وخدّامه المواظبین لبعض الأشغال اللازمة المتعلّقة بذلک المشهد .
(مسألة 58) : لو وقف علی الحسین علیه السلام یصرف فی إقامة تعزیته من اُجرة القارئ وما یتعارف صرفه فی المجلس للمستمعین .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 539 (مسألة 59) : لا إشکال فی أنّه بعد تمام الوقف لیس للواقف التغییر فی الموقوف علیه بإخراج بعض من کان داخلاً أو إدخال من کان خارجاً ، إذا لم یشترط ذلک فی ضمن عقد الوقف ، وهل یصحّ ذلک إذا شرط ذلک ؟ فالمشهور - وهو المنصور - جواز الإدخال دون الإخراج ، فلو شرط إدخال من یرید صحّ وجاز له ذلک ، ولو شرط إخراج من یرید بطل الشرط بل الوقف أیضاً علیٰ إشکال . ومثل ذلک لو شرط نقل الوقف من الموقوف علیهم إلیٰ من سیوجد ، نعم لو وقف علیٰ جماعة إلیٰ أن یوجد من سیوجد وبعد ذلک کان الوقف علیٰ من سیوجد صحّ بلا إشکال .
(مسألة 60) : إذا علم وقفیّة شیء ولم یعلم مصرفه ولو من جهة نسیانه فإن کانت المحتملات متصادقة غیر متباینة یصرف فی المتیقّن ، کما إذا لم یدر أنّه وقف علی الفقراء أو علی الفقهاء فتقتصر علیٰ مورد تصادق العنوانین وهو الفقهاء الفقراء وإن کانت متباینة فإن کان الاحتمال بین اُمور محصورة ، کما إذا لم یدر أنّه وقف علیٰ أهالی النجف أو کربلاء ، أو لم یدر أنّه وقف علی المسجد الفلانی أو المشهد الفلانی ونحو ذلک یوزّع بین المحتملات بالتنصیف ، لو کان مردّداً بین أمرین ، والتثلیث لو کان مردّداً بین ثلاثة وهکذا ، ویحتمل القرعة . وإن کان بین اُمور غیر محصورة ، فإن کان مردّداً بین عناوین وأشخاص غیر محصورین ، کما إذا لم یدر أنّه وقف علیٰ فقراء البلد الفلانی أو فقهاء البلد الفلانی أو سادة البلد الفلانی أو ذرّیّة زید أو ذرّیّة عمرو أو ذرّیّة خالد وهکذا ، کانت منافعه بحکم مجهول المالک فیتصدّق بها . وإن کان مردّداً بین جهات غیر محصورة ، کما إذا لم یعلم أنّه وقف علی المسجد أو المشهد أو القناطر أو إعانة الزوّار أو تعزیة سیّد الشهداء علیه السلام وهکذا ، یصرف فی وجوه البرّ .
(مسألة 61) : إذا کانت للعین الموقوفة منافع متجدّدة وثمرات متنوّعة ، یملک الموقوف علیهم جمیعها مع إطلاق الوقف ، فإذا وقف العبد یملکون جمیع منافعه من مکتسباته وحیازاته من الالتقاط والاصطیاد والاحتشاش وغیر ذلک ، وفی الشاة الموقوفة یملکون
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 540 صوفها المتجدّد ولبنها ونتاجها ، وفی الشجر والنخل ثمرهما ومنفعة الاستظلال بهما والسعف والأغصان والأوراق الیابسة ، بل وغیرها إذا قطّعت للإصلاح ، وکذا فروخهما وغیر ذلک ، وهل یجوز التخصیص ببعض المنافع حتّیٰ یکون للموقوف علیهم بعض المنافع دون بعض ؟ فیه تأمّل وإشکال .
(مسألة 62) : لو وقف علیٰ مصلحة فبطل رسمها ، کما إذا وقف علیٰ مسجد أو مدرسة أو قنطرة فخربت ولم یمکن تعمیرها ، أو لم یحتج المسجد إلیٰ مصرف لانقطاع من یصلّی فیه ، والمدرسة لعدم الطلبة ، والقنطرة لعدم المارّة ، صرف الوقف فی وجوه البرّ ، والأحوط صرفه فی مصلحة اُخریٰ من جنس تلک المصلحة ، ومع التعذّر یراعی الأقرب فالأقرب منها .
(مسألة 63) : إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن المسجدیّة ، فتجری علیها أحکامها ، وکذا لو خربت القریة التی هو فیها بقی المسجد علیٰ صفة المسجدیّة .
(مسألة 64) : لو وقف داراً علیٰ أولاده أو علی المحتاجین منهم فإن أطلق فهو وقف منفعة کما إذا وقف علیهم قریة أو مزرعة أو خاناً أو دکّاناً ونحوها یملکون منافعها ، فلهم استنماؤها ، فیقسّمون بینهم ما یحصّلون منها - بإجارة وغیرها - علیٰ حسب ما قرّره الواقف من الکمّیة والکیفیّة ، وإن لم یقرّر کیفیّة فی القسمة یقسّمونه بینهم بالسویّة . وإن وقفها علیهم لسکناهم ، فهو وقف انتفاع ویتعیّن لهم ذلک ولیس لهم إجارتها ، وحینئذٍ فإن کفت لسکنی الجمیع سکنوها ولیس لبعضهم أن یستقلّ به ویمنع غیره . وإذا وقع بینهم التشاحّ فی اختیار الحجر ، فإن جعل الواقف متولّیاً یکون له النظر فی تعیین المسکن للساکن ، کان نظره وتعیینه هو المتّبع ، ومع عدمه کانت القرعة هی المرجع . ولو سکن بعضهم ولم یسکنها البعض ، فلیس له مطالبة الساکن باُجرة حصّته إذا لم یکن مانعاً عنه ، بل کان باذلاً له الإسکان وهو لم یسکن بمیله واختیاره أو لمانع خارجیّ . هذا کلّه إذا کانت کافیة لسکنی الجمیع ، وإن لم تکف لسکنی الجمیع سکنها البعض ، ومع التشاحّ وعدم متولّی من قبل الواقف یکون له النظر فی تعیین الساکن وعدم تسالمهم علی المهایاة لا محیص عن القرعة ، ومن خرج اسمه یسکن ولیس لمن لم یسکن مطالبته باُجرة حصّته .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 541 (مسألة 65) : الثمر الموجود حال الوقف علی النخل والشجر لا یکون للموقوف علیهم ، بل هو باقٍ علیٰ ملک الواقف ، وکذلک الحمل الموجود حال وقف الحامل ، نعم فی الصوف علی الشاة واللبن فی ضرعها إشکال فلا یترک الاحتیاط .
(مسألة 66) : لو قال : «وقفت علیٰ أولادی وأولاد أولادی» شمل جمیع البطون - کما أشرناسابقاً - فمع اشتراط الترتیب أو التشریک أو المساواة أو التفضیل أو قید الذکوریّة أو الاُنوثیّة أو غیر ذلک یکون هو المتّبع ، وإذا أطلق فمقتضاه التشریک والشمول للذکور والإناث والمساواة وعدم التفضیل . ولو قال : «وقفت علیٰ أولادی ثمّ علیٰ أولاد أولادی» أفاد الترتیب بین الأولاد وأولاد الأولاد قطعاً ، وأمّا أولاد الأولاد بناءً علیٰ شموله لجمیع البطون فالظاهر عدم الدلالة علی الترتیب بینهم ، إلاّ إذا قامت قرینة علی أنّ حکمهم کحکمهم مع الأولاد وأنّ ذکر الترتیب بین الأولاد وأولاد الأولاد من باب المثال ، والمقصود الترتیب فی سلسلة الأولاد وأنّ الوقف للأقرب فالأقرب إلی الواقف .
(مسألة 67) : لاینبغی الإشکال فی أنّ الوقف بعد ما تمّ یوجب زوال ملک الواقف عن العین الموقوفة ، کما أنّه لا ینبغی الریب فی أنّ الوقف علی الجهات العامّة - کالمساجد والمشاهد والقناطر والخانات المعدّة لنزول القوافل والمقابر والمدارس ، وکذا أوقاف المساجد والمشاهد وأشباه ذلک - لا یملکها أحد ، بل هو فکّ ملک بمنزلة التحریر بالنسبة إلی الرقّیة وتسبیل للمنافع علیٰ جهات معیّنة .
وأمّا الوقف الخاصّ ، کالوقف علی الأولاد ، والوقف العامّ علی العناوین العامّة ، کالوقف علی الفقراء والفقهاء والطلبة ونحوها ، فإن کانت وقف منفعة ؛ بأن وقف علیهم لیکون منافع الوقف لهم فیستوفونها بأنفسهم أو بالإجارة أو ببیع الثمرة وغیر ذلک ، فالظاهر أنّهم کما یملکون المنافع ملکاً طلقاً یملکون الرقبة أیضاً ملکاً غیر طلق ، وإن کان وقف انتفاع ، کما إذا وقف الدار لسکنیٰ ذرّیّته أو الخان لسکنی الفقراء ، ففی کونه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 542 کوقف المنفعة فیکون ملکاً غیر طلق للموقوف علیهم ، أو کالوقف علی الجهات العامّة فلا یملکه أحد ، أو الفرق بین الوقف الخاصّ فالأوّل والوقف العامّ فالثانی ، وجوه .
(مسألة 68) : لایجوز تغییر الوقف وإبطال رسمه وإزالة عنوانه ولو إلیٰ عنوان آخر ، کجعل الدار خاناً أو دکّاناً أو بالعکس ، نعم إذا کان الوقف وقف منفعة وصار بعنوانه الفعلی مسلوب المنفعة أو قلیلها فی الغایة ، لایبعد جواز تبدیله إلیٰ عنوان آخر ذی منفعة ، کما إذا صارت البستان الموقوفة من جهة انقطاع الماء عنها أو لعارض آخر لم ینتفع عنها ، بخلاف ما إذا جعلت داراً أو خاناً .
(مسألة 69) : لو خرب الوقف وانهدم وزال عنوانه ، کالبستان انقلعت أو یبست أشجارها والدار تهدّمت حیطانها وعفت آثارها ، فإن أمکن تعمیره وإعادة عنوانه ولو بصرف حاصله - الحاصل بالإجارة ونحوها - فیه لزم وتعیّن ، وإلاّ ففی خروج العرصة عن الوقفیّة وعدمه فیستنمیٰ منها بوجه آخر - ولوبزرع ونحوه - وجهان بل قولان ؛ أقواهما الثانی ، والأحوط أن یجعل وقفاً ویجعل مصرفه وکیفیّاته علیٰ حسب الوقف الأوّل .
(مسألة 70) : إذا احتاجت الأملاک الموقوفة إلیٰ تعمیر وترمیم وإصلاح لبقائها والاستنماء بها ، فإن عیّن الواقف لها ما یصرف فیها فهو ، وإلاّ یصرف فیها من نمائها مقدّماً علیٰ حقّ الموقوف علیهم ، حتّیٰ أنّه إذا توقّف بقاؤها علیٰ بیع بعضها جاز .
(مسألة 71) : الأوقاف علی الجهات العامّة - التی قد مرّ أنّه لا یملکها أحد کالمساجد والمشاهد والمدارس والمقابر والقناطر ونحوها - لایجوز بیعها بلا إشکال ، وإن آل إلیٰ ما آل ، حتّیٰ عند خرابها واندراسها بحیث لا یرجی الانتفاع بها فی الجهة المقصودة أصلاً بل تبقیٰ علیٰ حالها ، فلو خرب المسجد وخربت القریة التی هو فیها وانقطعت المارّة عن الطریق الذی یسلک إلیه لم یجز بیعه وصرف ثمنه فی إحداث مسجد آخر أو تعمیره . هذا بالنسبة إلیٰ أعیان هذه الأوقاف ، وأمّا ما یتعلّق بها من الآلات والفرش والحیوانات وثیاب الضرائح وأشباه ذلک فما دام یمکن الانتفاع بها باقیة علیٰ حالها لا یجوز بیعها ، فإن أمکن
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 543 الانتفاع بها فی المحلّ الذی اُعدّت له ولو بغیر ذلک الانتفاع الذی اُعدّت له بقیت علیٰ حالها فی ذلک المحلّ ، فالفرش المتعلّقة بمسجد أو مشهد إذا أمکن الانتفاع بها فی ذلک المحلّ ، بقیت علیٰ حالها فیه . ولو فرض استغناء المحلّ عن الافتراش بالمرّة لکن یحتاج إلیٰ ستر یقی أهله من الحرّ أو البرد تجعل ستراً لذلک المحلّ . ولو فرض استغناء المحلّ عنها بالمرّة بحیث لا یترتّب علیٰ إمساکها وإبقائها فیه إلاّ الضیاع والضرر والتلف ، تجعل فی محلّ آخر مماثل له ؛ بأن تجعل ما للمسجد لمسجد آخر ، وما للمشهد لمشهد آخر . فإن لم یکن المماثل ، أو استغنیٰ عنها بالمرّة جعلت فی المصالح العامّة . هذا إذا أمکن الانتفاع بها باقیة علیٰ حالها ، وأمّا لو فرض أنّه لایمکن الانتفاع بها إلاّ ببیعها وکانت بحیث لو بقیت علیٰ حالها ضاعت وتلفت ، بیعت وصرف ثمنها فی ذلک المحلّ إن احتاج إلیه ، وإلاّ ففی المماثل ، ثمّ المصالح حسب ما مرّ .
(مسألة 72) : کما لایجوز بیع تلک الأوقاف ، الظاهر أنّه لایجوز إجارتها ، ولو غصبها غاصب واستوفیٰ منها غیر تلک المنافع المقصودة منها - کما إذا جعل المسجد أو المدرسة بیت المسکن أو محرزاً - لم یکن علیه اُجرة المثل . نعم لو أتلف أعیانها متلف ، الظاهر ضمانه فیؤخذ منه القیمة وتصرف فی بدل التالف ومثله .
(مسألة 73) : الأوقاف الخاصّة کالوقف علی الأولاد ، والأوقاف العامّة التی کانت علی العناوین العامّة کالفقراء وإن کانت ملکاً للموقوف علیهم کما مرّ ، لکنّها لیست ملکاً طلقاً لهم حتّیٰ یجوز لهم بیعها ونقلها بأحد النواقل متیٰ شاؤوا وأرادوا کسائر أملاکهم ، وإنّما یجوز لهم ذلک لعروض بعض العوارض وطروّ بعض الطوارئ وهی اُمور :
أحدها : فیما إذا خربت بحیث لایمکن إعادتها إلیٰ حالتها الاُولیٰ ولا الانتفاع بها إلاّ ببیعها ، فینتفع بثمنها کالحیوان المذبوح والجذع البالی والحصیر الخلق ، فتباع ویشتریٰ بثمنها ما ینتفع به الموقوف علیهم ، والأحوط - لو لم یکن الأقویٰ - مراعاة الأقرب فالأقرب إلی العین الموقوفة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 544 الثانی : أن یسقط بسبب الخراب أو غیره عن الانتفاع المعتدّ به ؛ بحیث کان الانتفاع به بحکم العدم بالنسبة إلیٰ منفعة أمثال العین الموقوفة ، کما إذا انهدمت الدار واندرست البستان فصارت عرصة لایمکن الانتفاع بها إلاّ بمقدار جزئی جدّاً یکون بحکم العدم بالنسبة إلیهما ، لکن إذا بیعت یمکن أن یشتریٰ بثمنها دار أو بستان اُخریٰ أو ملک آخر تکون منفعتها تساوی منفعة الدار والبستان أو تقرب منها . نعم لو فرض أنّه علیٰ تقدیر بیع العرصة لا یشتریٰ بثمنها إلاّ ما یکون منفعتها بمقدار منفعتها باقیة علیٰ حالها لم یجز بیعها بل تبقیٰ علیٰ حالها .
الثالث : فیمـا إذا علم أو ظنّ أنّـه یؤدّی بقـاؤه إلیٰ خرابه علیٰ وجه لا ینتفع بها أصـلاً ، أو ینتفع به قلیلاً ملحقاً بالعدم ؛ سواء کان ذلک بسبب الاختلاف الواقع بین أربابه أو لأمر آخر .
الرابع : فیما إذا اشترط الواقف فی وقفه أن یباع عند حدوث أمر ، مثل قلّة المنفعة أو کثرة الخراج أو المخارج أو وقوع الاختلاف بین أربابه أو حصول ضرورة أو حاجة لهم أو غیر ذلک ، فإنّه لا مانع حینئذٍ من بیعه عند حدوث ذلک الأمر علی الأقویٰ .
الخامس : فیما إذا وقع بین أرباب الوقف اختلاف شدید ؛ لا یؤمن معه من تلف الأموال والنفوس ، ولا ینحسم ذلک إلاّ ببیعه ، فیجوز حینئذٍ بیعه وتقسیم ثمنه بینهم . نعم لو فرض أنّه یرتفع الاختلاف بمجرّد بیعه وصرف الثمن فی شراء عین اُخریٰ لهم ، أو تبدیل العین الموقوفة بعین اُخریٰ تعیّن ذلک ، فیشتریٰ بالثمن عیناً اُخریٰ أو یبدّل بملک آخر ، فیجعل وقفاً ویبقیٰ لسائر البطون والطبقات .
(مسألة 74) : لا إشکال فی جواز إجارة ما وقف وقف منفعة ؛ سواء کان وقفاً خاصّاً أو عامّاً کالدکاکین والمزارع والخانات الموقوفة علی الأولاد أو الفقراء أو الجهات والمصالح العامّة ؛ حیث إنّ المقصود استنماؤها بإجارة ونحوها ووصول نفعها ونمائها إلی الموقوف علیهم ، بخلاف ما کان وقف انتفاع کالدار الموقوفة علیٰ سکنی الذرّیّة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 545 وکالمدرسة والمقبرة والقنطرة والخانات الموقوفة لنزول المارّة ، فإنّ الظاهر عدم جواز إجارتها فی حال من الأحوال .
(مسألة 75) : إذا خرب بعض الوقف بحیث جاز بیعه ، واحتاج بعضه الآخر إلیٰ تعمیر ولو لأجل توفیر المنفعة ، لایبعد أن یکون الأولیٰ بل الأحوط أن یصرف ثمن البعض الخراب فی تعمیر البعض الآخر .
(مسألة 76) : لا إشکال فی جواز قسمة الوقف عن الملک الطلق فیما إذا کانت العین مشترکة بین الوقف والطلق ، فیتصدّیها مالک الطلق مع متولّی الوقف أو الموقوف علیهم ، بل الظاهر جواز قسمة الوقف أیضاً لو تعدّد الوقف والموقوف علیه ، کما إذا کانت دار مشترکة بین شخصین فوقف کلّ منهما حصّته علیٰ أولاده . بل لایبعد جوازها فیما إذا تعدّد الوقف والموقوف علیه مع اتّحاد الواقف ، کما إذا وقف نصف داره مشاعاً علیٰ مسجد والنصف الآخر علیٰ مشهد . ولا یجوز قسمته بین أربابه إذا اتّحد الوقف والواقف مع کون الموقوف علیهم بطوناً متلاحقة ، نعم لو وقع خلف بین أربابه بما جاز معه بیع الوقف ولا ینحسم ذلک الاختلاف إلاّ بالقسمة جازت علی الأقویٰ .
(مسألة 77) : لو آجر الوقف البطن الأوّل وانقرضوا قبل انقضاء مدّة الإجارة ، بطلت بالنسبة إلیٰ بقیّة المدّة ، وفی صحّتها بإجازة البطن اللاحق إشکال ، فالأحوط تجدید الإجارة منهم لو أرادوا بقاءها . هذا إذا آجر البطن الأوّل ، وأمّا لو آجر المتولّی ، فإن لاحظ فی ذلک مصلحة الوقف ، صحّت ونفذت بالنسبة إلیٰ سائر البطون ، وأمّا لو کانت لأجل
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 546 مراعاة البطن اللاحق دون أصل الوقف ، فنفوذها بالنسبة إلیهم بدون إجازتهم لایخلو من إشکال .
(مسألة 78) : یجوز للواقف أن یجعل تولیة الوقف ونظارته لنفسه ؛ دائماً أو إلیٰ مدّة ، مستقلاًّ أومشترکاً مع غیره ، وکذا یجوز جعلها للغیر کذلک ، بل یجوز أن یجعل أمر التولیة بید شخص ؛ بأن یکون المتولّی کلّ من یعیّنه ذلک الشخص . بل یجوز أن یجعل التولیة لشخص ویجعل أمر تعیین المتولّی بعده بیده ، وهکذا کلّ متولٍّ یعیّن المتولّی بعده .
(مسألة 79) : إنّما یکون للواقف جعل التولیة لنفسه أو لغیره حین إیقاع الوقف وفی ضمن عقده ، وأمّا بعد تمامه فهو أجنبیّ عن الوقف ، فلیس له جعل التولیة لأحد ولا عزل من جعله متولّیاً عن التولیة إلاّ إذا اشترط لنفسه ذلک ؛ بأن جعل التولیة لشخص وشرط أنّه متیٰ أراد أن یعزله عزله .
(مسألة 80) : لا إشکال فی عدم اعتبار العدالة فیما إذا جعل التولیة والنظر لنفسه ، وفی اعتبارها فیما إذا جعل النظر لغیره قولان ، أقواهما العدم . نعم الظاهر أنّه یعتبر فیه الأمانة والکفایة ، فلایجوز جعل التولیة - خصوصاً فی الجهات والمصالح العامّة - لمن کان خائناً غیر موثوق به ، وکذا من لیس له الکفایة فی تولیة اُمور الوقف . ومن هنا یقوی اعتبار التمیّز والعقل فیه ، فلا یصحّ تولیة المجنون والصبیّ الغیر الممیّز .
(مسألة 81) : لو جعل التولیة لشخص لم یجب علیه القبول ؛ سواء کان حاضراً فی مجلس العقد أو لم یکن حاضراً فیه ثمّ بلغ إلیه الخبر ولو بعد وفاة الواقف . ولو جعل التولیة لأشخاص علی الترتیب وقبل بعضهم لم یجب القبول علی المتولّین بعده ، فمع عدم القبول کان الوقف بلا متولٍّ منصوب ، ولو قبل التولیة فهل یجوز له عزل نفسه بعد ذلک کالوکیل أم لا ؟ قولان ، لایترک الاحتیاط ؛ بأن لا یرفع الید عن الأمر ولا یعزل نفسه ، ولو عزل یقوم بوظائفه مع المراجعة إلی الحاکم .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 547 (مسألة 82) : لو شرط التولیة لاثنین ، فإن صرّح باستقلال کلّ منهما استقلّ ولا یلزم علیه مراجعة الآخر ، و إذا مات أحدهما أو خرج عن الأهلیّة انفرد الآخر ، وإن صرّح بالاجتماع لیس لأحدهما الاستقلال ، وکذا لو أطلق ولم تکن علیٰ إرادة الاستقلال قرائن الأحوال ، وحینئذٍ لو مات أحدهما أو خرج عن الأهلیّة یضمّ الحاکم إلی الآخر شخصاً آخر علی الأحوط ، لو لم یکن الأقویٰ .
(مسألة 83) : لو عیّن الواقف وظیفة المتولّی وشغله فهو المتّبع ، ولو أطلق کانت وظیفته ما هو المتعارف من تعمیر الوقف وإجارته وتحصیل اُجرته وقسمتها علیٰ أربابه وأداء خراجه ونحو ذلک ، کلّ ذلک علیٰ وجه الاحتیاط ومراعاة الصلاح ، ولیس لأحد مزاحمته فی ذلک حتّی الموقوف علیهم . ویجوز أن ینصب الواقف متولّیاً فی بعض الاُمور وآخر فی الآخر ، کما إذا جعل أمر التعمیر وتحصیل المنافع إلیٰ أحد ، وأمر حفظها وقسمتها علیٰ أربابها إلیٰ آخر ، أو جعل لواحد أن یکون الوقف بیده و حفظه وللآخر التصرّف . ولو فوّض إلیٰ واحد التعمیر وتحصیل الفائدة وأهمل باقی الجهات من الحفظ والقسمة وغیرهما کان الوقف بالنسبة إلیٰ غیر ما فوّض إلیه بلا متولٍّ منصوب فیجری علیه حکمه وسیأتی .
(مسألة 84) : لو عیّن الواقف للمتولّی شیئاً من المنافع تعیّن وکان ذلک اُجرة عمله ؛ لیس له أزید من ذلک وإن کان أقلّ من اُجرة مثله ، ولو لم یذکر شیئاً فالأقرب أنّ له اُجرة المثل .
(مسألة 85) : لیس للمتولّی تفویض التولیة إلیٰ غیره حتّیٰ مع عجزه عن التصدّی ، إلاّ إذا جعل الواقف له ذلک عند جعله متولّیاً ، نعم یجوز له التوکیل فی بعض ما کان تصدّیه من وظیفته إذا لم یشترط علیه المباشرة .
(مسألة 86) : یجوز للواقف أن یجعل ناظراً علی المتولّی ، فإن أحرز أنّ المقصود مجرّد اطّلاعه علیٰ أعماله لأجل الاستیثاق فهو مستقلّ فی تصرّفاته ، ولا یعتبر إذن الناظر فی صحّتها ونفوذها ، وإنّما اللازم علیه إطلاعه ، وإن کان المقصود إعمال نظره وتصویب عمله لم یجز له التصرّف إلاّ بإذنه وتصویبه ، ولو لم یحرز مراده فاللازم مراعاة الأمرین .
(مسألة 87) : إذا لم یعیّن الواقف متولّیاً أصلاً ؛ فأمّا الأوقاف العامّة فالمتولّی لها الحاکم أو المنصوب من قبله علی الأقویٰ ، وأمّا الأوقاف الخاصّة فالحقّ أنّه بالنسبة إلیٰ ما کان راجعاً إلیٰ مصلحة الوقف ومراعاة البطون - من تعمیره وحفظ الاُصول وإجارته علی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 548 البطون اللاحقة ونحوها - کالأوقاف العامّة تولیتها للحاکم أو منصوبه ، وأمّا بالنسبة إلیٰ تنمیته واصلاحاته الجزئیّة المتوقّف علیها فی حصول النماء الفعلی کتنقیة أنهاره وکریه وحرثه وجمع حاصله وتقسیمه وأمثال ذلک ، فأمرها راجع إلی الموقوف علیهم الموجودین .
(مسألة 88) : فی الأوقاف التی تولیتها للحاکم ومنصوبه ، مع فقده وعدم الوصول إلیه تولیتها لعدول المؤمنین .
(مسألة 89) : لا فرق فیما کان أمره راجعاً إلی الحاکم بین ما إذا لم یعیّن الواقف متولّیاً وبین ما إذا عیّن ولم یکن أهلاً لها أو خرج عن الأهلیّة ، فإذا جعل التولیة للعادل من أولاده ولم یکن بینهم عادل أو کان ففسق کان کأن لم ینصب متولّیاً .
(مسألة 90) : لو جعل التولیة لعدلین من أولاده - مثلاً - ولم یکن فیهم إلاّ عدل واحد ضمّ الحاکم إلیه عدلاً آخر ، وأمّا لو لم یوجد فیهم عدل أصلاً ، فهل اللازم علی الحاکم نصب عدلین أو یکفی نصب واحد ؟ أحوطهما الأوّل وأقواهما الثانی .
(مسألة 91) : إذا احتاج الوقف إلی التعمیر ولم یکن وجه یصرف فیه ، یجوز للمتولّی أن یقترض له قاصداً أداء ما فی ذمّته بعد ذلک ممّا یرجع إلیه کمنافعه أو منافع موقوفاته ، فیقترض متولّی البستان - مثلاً - لتعمیرها بقصد أن یؤدّی بعد ذلک دینه من عائداتها ، ومتولّی المسجد أو المشهد أو المقبرة ونحوها بقصد أن یؤدّی دینه من عائدات موقوفاتها ، بل یجوز أن یصرف فی ذلک من ماله بقصد الاستیفاء ممّا ذکر . نعم لو اقترض له لا بقصد الأداء منه ، أو صرف من ماله لا بنیّة الاستیفاء منه ، لم یکن له ذلک بعد ذلک .
(مسألة 92) : تثبت الوقفیّة بالشیاع - إذا أفاد العلم أو الاطمئنان - وبإقرار ذی الید أو ورثته ، وبکونه فی تصرّف الوقف ؛ بأن یعامل المتصرّفون فیه معاملة الوقف بلا معارض ، وکذا تثبت بالبیّنة الشرعیّة .
(مسألة 93) : إذا أقرّ بالوقف ثمّ ادّعیٰ أنّ إقراره کان لمصلحة یسمع منه ، لکن یحتاج إلی الإثبات ، بخلاف ما إذا أوقع العقد وحصل القبض ، ثمّ ادّعیٰ أنّه لم یکن قاصداً فإنّه لا یسمع منه أصلاً ، کما هو الحال فی جمیع العقود والإیقاعات .
(مسألة 94) : کما أنّ معاملة المتصرّفین معاملة الوقفیّة دلیل علیٰ أصل الوقفیّة ما لم
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 549 َِیثبت خلافها ، کذلک کیفیّة عملهم - من الترتیب أو التشریک والمصرف وغیر ذلک - دلیل علیٰ کیفیّته ، فیتّبع ما لم یعلم خلافها .
(مسألة 95) : إذا کان ملک بید شخص یتصرّف فیه بعنوان الملکیة ، لکن علم أنّه قد کان فی السابق وقفاً ، لم ینتزع من یده بمجرّد ذلک ، ما لم یثبت وقفیّته فعلاً . وکذا لو ادّعیٰ أحد أنّه قد وقف علیٰ آبائه نسلاً بعد نسل ، وأثبت ذلک من دون أن یثبت کونه وقفاً فعلاً . نعم لو أقرّ ذو الید فی مقابل خصمه ؛ بأنّه قد کان وقفاً إلاّ أنّه قد حصل المسوّغ للبیع وقد اشتراه ، سقط حکم یده وینتزع منه ، ویلزم بإثبات الأمرین: وجود المسوّغ للبیع ووقوع الشراء .
(مسألة 96) : إذا کان کتاب أو مصحف أو صفر - مثلاً - بید شخص ، وهو یدّعی ملکیّته وکان مکتوباً علیه أنّه وقف ، لم یحکم بوقفیّته بمجرّد ذلک ، فیجوز الشراء منه . نعم الظاهر أنّ وجود مثل ذلک عیب ونقص فی العین ، فلو خفی علی المشتری ثمّ اطّلع علیه کان له خیار الفسخ .
(مسألة 97) : لو ظهر فی ترکة المیّت ورقة بخطّه : أنّ ملکه الفلانی وقف وأنّه وقع القبض والإقباض ، لم یحکم بوقفیّته بمجرّد ذلک ما لم یحصل العلم أو الاطمئنان به ؛ لاحتمال أنّه کتب لیجعله وقفاً کما یتّفق ذلک کثیراً .
(مسألة 98) : إذا کانت العین الموقوفة من الأعیان الزکویّة - کالأنعام الثلاثة - لم یجب علی الموقوف علیهم زکاتها وإن بلغت حصّة کلّ منهم حدّ النصاب ، وأمّا لو کانت نماؤها منها کالعنب والتمر ففی الوقف الخاصّ وجبت الزکاة علیٰ کلّ من بلغت حصّته النصاب من الموقوف علیهم ؛ لأنّها ملک طلق لهم بخلاف الوقف العامّ ، وإن کان مثل الوقف علی الفقراء ؛ لعدم کونه ملکاً لواحد منهم إلاّ بعد قبضه ، نعم لو أعطی الفقیر - مثلاً - حصّة من الحاصل علی الشجر قبل وقت تعلّق الزکاة ، کما قبل احمرار التمر أو اصفراره ، وجبت علیه الزکاة إذا بلغت حدّ النصاب .
(مسألة 99) : الوقف المتداول بین الأعراب وبعض الطوائف من غیرهم ؛ یعمدون إلیٰ نعجة أو بقرة ویتکلّمون بألفاظ متعارفة بینهم ، ویکون المقصود أن تبقیٰ وتذبح أولادها
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 550 الذکور وتبقی الإناث وهکذا ، الظاهر بطلانها ؛ لعدم الصیغة وعدم القبض وعدم تعیین المصرف وغیر ذلک .
خاتمة
تشتمل علیٰ أمرین: أحدهما فی الحبس وما یلحق به ، ثانیهما فی الصدقة .
القول فی الحبس وأخواته
(مسألة 1) : یجوز للإنسان أن یحبس ملکه علیٰ کلّ ما یصحّ الوقف علیه ؛ بأن یصرف منافعه فیما عیّنه علیٰ ما عیّنه ، فلو حبسه علیٰ سبیل من سبل الخیر ومواقع قرب العبادات ، مثل الکعبة المعظّمة والمساجد والمشاهد المشرّفة ، فإن کان مطلقاً أو صرّح بالدوام فلا رجوع ولا یعود علیٰ ملک المالک ولا یورث ، وإن کان إلیٰ مدّة فلا رجوع فی تلک المدّة ، وبعد انقضائها یرجع إلی المالک . ولو حبسه علیٰ شخص ، فإن عیّن مدّة ، أومدّة حیاته ، لزم حبسه علیه فی تلک المدّة ، ولو مات الحابس قبل انقضائها یبقیٰ علیٰ حاله إلیٰ أن تنقضی ، وإن أطلق ولم یعیّن وقتاً لزم مادام حیاة الحابس ، وإن مات کان میراثاً . وهکذا الحال لو حبس علیٰ عنوان عامّ کالفقراء ، فإن حدّده بوقت لزم إلی انقضائه ، وإن لم یوقّت لزم ما دام حیاة الحابس .
(مسألة 2) : إذا جعل لأحد سکنیٰ داره - مثلاً - بأن سلّطه علیٰ إسکانها مع بقائها علیٰ ملکه یقال له السکنیٰ ؛ سواء أطلق ولم یعیّن مدّة أصلاً کأن یقول : «أسکنتک داری» أو «لک سکناها» ، أو قدّره بعمر أحدهما کما إذا قال : «لک سکنیٰ داری مدّة حیاتک» ، أو « . . . مدّة حیاتی» ، أو قدّره بالزمان کسنة و سنتین مثلاً . نعم فی کلّ من الأخیرین له اسم یختصّ به وهو «العمریٰ» فی أوّلهما و«الرقبیٰ» فی ثانیهما .
(مسألة 3) : یحتاج کلّ من هذه الثلاثة إلیٰ عقد مشتمل علیٰ إیجاب من المالک وقبول من الساکن ، فالإیجاب : کلّ ما أفاد التسلیط المزبور بحسب المتفاهم العرفی کأن یقول فی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 551 السکنیٰ : «أسکنتک هذه الدار» أو «لک سکناها» وما أفاد معناهما ؛ بأیّ لغة کان ، وفی العمریٰ : «أسکنتکها - أو لک سکناها - مدّة حیاتک أو حیاتی» وفی الرقبیٰ : «أسکنتکها سنة أو سنتین» مثلاً ، وللعمریٰ والرقبیٰ لفظان آخران فللاُولیٰ : «أعمرتک هذه الدار عمرک» أو « . . .عمری» أو « . . . ما بقیتَ» أو « . . . بقیتُ» أو « . . . ما حییتَ» أو « . . . حییتُ» أو « . . . ما عشتَ» أو « . . . عشتُ» ونحوها ، وللثانیة : «أرقبتک مدّة کذا» . وأمّا القبول : فهو کلّ ما دلّ علی الرضا والقبول من الساکن .
(مسألة 4) : یشترط فی کلّ من الثلاثة قبض الساکن ، فلو لم یقبض حتّیٰ مات المالک بطلت کالوقف .
(مسألة 5) : هذه العقود الثلاثة لازمة یجب العمل بمقتضاها ، ولیس للمالک الرجوع واخراج الساکن ، ففی السکنی المطلقة حیث إنّ الساکن استحقّ مسمّی الإسکان ولو یوماً ـ لزم العقد فی هذا المقدار ، فلیس للمالک منعه عن ذلک - نعم له الرجوع والأمر بالخروج فی الزائد متیٰ شاء . وفی العمری المقدّرة بعمر الساکن أو عمر المالک ، لزمت مدّة حیاة أحدهما ، وفی الرقبیٰ لزمت المدّة المضروبة ، فلیس للمالک إخراجه قبل انقضائها .
(مسألة 6) : إذا جعل داره سکنیٰ أو عمریٰ أو رقبیٰ لشخص ، لم تخرج عن ملکه وجاز له بیعها ولم یبطل الإسکان ولا الإعمار ولا الإرقاب ، بل یستحقّ الساکن السکنیٰ علی النحو الذی جعلت له وکذا لیس للمشتری إبطالها ، نعم لو کان جاهلاً کان له الخیار بین فسخ البیع وإمضائه بجمیع الثمن .
(مسألة 7) : لو جعل المدّة فی العمریٰ طول حیاة المالک ومات الساکن قبله کان لورثته السکنیٰ إلیٰ أن یموت المالک ، ولو جعل المدّة طول حیاة الساکن ومات المالک قبله لم یکن لورثته إزعاج الساکن بل یسکن طول حیاته ، ولو مات الساکن لم یکن لورثته السکنیٰ ، إلاّ إذا جعل له السکنیٰ مدّة حیاته ولعقبه ونسله بعد وفاته ، فلهم ذلک ما لم ینقرضوا فإذا انقرضوا رجعت إلی المالک أو ورثته .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 552 (مسألة 8) : إطلاق السکنیٰ یقتضی أن یسکن من جعلت له السکنیٰ بنفسه وأهله وأولاده ، والأقرب جواز إسکان من جرت العادة بالسکنیٰ معه کغلامه وجاریته ومرضعة ولده وضیوفه ، بل کذا دابّته إذا کان الموضع معدّاً لمثلها . ولایجوز أن یسکن غیرهم إلاّ أن یشترط ذلک أو یرضی المالک ، وکذا لایجوز أن یؤجر المسکن أو یعیره لغیره علی الأقویٰ .
(مسألة 9) : کلّ ما صحّ وقفه صحّ إعماره ؛ من العقار والحیوان والأثاث وغیرها ، ویختصّ مورد السکنیٰ بالمساکن ، وأمّا الرقبیٰ ففی کونها فی ذلک بحکم العمریٰ ، أو بحکم السکنیٰ تأمّل وإشکال .
القول فی الصدقة
التی قد تواتر النصوص علیٰ ندبها والحثّ علیها ، خصوصاً فی أوقات مخصوصة کالجمعة وعرفة وشهر رمضان ، وعلیٰ طوائف مخصوصة کالجیران والأرحام ، بل ورد فی الخبر : «لا صدقة وذو الرحم محتاج » . وهی دواء المریض ودافعة البلاء وقد أبرم إبراماً ، وبها یستنزل الرزق ویقضی الدین وتخلف البرکة وتزید فی المال ، وبها تدفع میتة السوء والداء والحرق والغرق والهدم والجنون إلیٰ سبعین باباً من السوء ، وبها فی أوّل کلّ یوم یدفع نحوسة ذلک الیوم وشروره ، وفی أوّل کلّ لیلة تدفع نحوسة تلک اللیلة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 553 وشرورها . ولا یستقلّ قلیلها فقد ورد : «تصدّقوا ، ولو بقبضة أو ببعض قبضة ولو بشقّ تمرة فمن لم یجد فبکلمة طیّبة» ، ولا یستکثر کثیرها فإنّها تجارة رابحة ، ففی الخبر : «إذا أملقتم تاجروا اللّه بالصدقة» ، وفی خبر آخر : «إنّها خیر الذخائر» ، وفی آخر : «إنّ اللّه تعالیٰ یربی الصدقات لصاحبها حتّیٰ یلقیها یوم القیامة کجبل عظیم» .
(مسألة 1) : یعتبر فی الصدقة قصد القربة ، والأقویٰ أنّه لا یعتبر فیها العقد المشتمل علی الإیجاب والقبول ، کما نسب إلی المشهور . بل یکفی المعاطاة ، فتتحقّق بکلّ لفظ أو فعل ؛ من إعطاء أو تسلیط قصد به التملیک مجّاناً مع نیّة القربة ، ویشترط فیها الإقباض والقبض .
(مسألة 2) : لایجوز الرجوع فی الصدقة بعد القبض وإن کانت علیٰ أجنبیّ علی الأصحّ .
(مسألة 3) : تحلّ صدقة الهاشمی لمثله ولغیره مطلقاً ، حتّی الزکاة المفروضة والفطرة ، وأمّا صدقة غیر الهاشمی للهاشمی فتحلّ فی المندوبة وتحرم فی الزکاة المفروضة والفطرة . وأمّا المفروضة غیرهما - کالمظالم والکفّارات ونحوها - فالظاهر أنّها کالمندوبة وإن کان الأحوط عدم إعطائهم لها وتنزّههم عنها .
(مسألة 4) : یعتبر فی المتصدّق : البلوغ والعقل وعدم الحجر لفلس أو سفه ، نعم فی صحّة صدقة من بلغ عشر سنین وجه ، لکنّه لایخلو عن إشکال .
(مسألة 5) : لایعتبر فی المتصدّق علیه فی الصدقة المندوبة الفقر ولا الإیمان ، بل ولا الإسلام ، فیجوز علی الغنیّ وعلی المخالف وعلی الذمّی وإن کانا أجنبیّین ، نعم لایجوز علی الناصب ولا علی الحربی وإن کانا قریبین .
(مسألة 6) : الصدقة المندوبة سرّاً أفضل ، فقد ورد : «إنّ صدقة السرّ تطفی ء غضب الربّ وتطفی ء الخطیئة کما یطفئ الماء النار وتدفع سبعین باباً من البلاء» ، وفی خبر آخر عن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم : «سبعة یظلّهم اللّه فی ظلّه یوم لا ظلّ إلاّ ظلّه - إلیٰ أن قال - ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّیٰ لم تعلم یمینه ما تنفق شماله» . نعم إذا اتّهم بترک المواساة فأراد دفع التهمة عن نفسه أو قصد اقتداء غیره به لابأس بالإجهار بها ولم یتأکّد إخفاؤها ، هذا فی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 554 الصدقة المندوبة ، وأمّا الواجبة فالأفضل إظهارها مطلقاً .
(مسألة 7) : یستحبّ المساعدة والتوسّط فی إیصال الصدقة إلی المستحقّ ، فعن مولانا الصادق علیه السلام : «لو جری المعروف علیٰ ثمانین کفّاً لاُوجروا کلّهم من غیر أن ینقص صاحبه من أجره شیئاً» ، بل فی خبر آخر عن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم أنّه قال فی خطبة له : «من تصدّق بصدقة عن رجل إلیٰ مسکین کان له مثل أجره ولو تداولها أربعون ألف إنسان ثمّ وصلت إلی المسکین کان لهم أجر کامل» .
(مسألة 8) : یکره کراهة شدیدة أن یتملّک من الفقیر ما تصدّق به بشراء أو اتّهاب أو بسبب آخر بل قیل بحرمته ، نعم لا بأس بأن یرجع إلیه بالمیراث .
(مسألة 9) : یکره ردّ السائل ولو ظنّ غناه ، بل أعطاه ولو شیئاً یسیراً ، فعن مولانا الباقر علیه السلام : «اعط السائل ولو کان علیٰ ظهر فرس» ، وعنه علیه السلام قال : «کان فیما ناجی اللّه ـ عزّوجلّ - به موسیٰ علیه السلام قال : یا موسیٰ أکرم السائل ببذل یسیر أو بردٍّ جمیل . . .» الخبر .
(مسألة 10) : یکره کراهة شدیدة السؤال من غیر احتیاج ، بل مع الحاجة أیضاً ، وربّما یقال بحرمة الأوّل ولا یخلو من قوّة ، فعن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم : «من فتح علیٰ نفسه باب مسألة فتح اللّه علیه باب فقر» ، وعن مولانا الصادق علیه السلام قال : «قال علیّ بن الحسین علیهماالسلام : ضمنت علیٰ ربّی أنّه لا یسأل أحد من غیر حاجة إلاّ اضطرّ به المسألة یوماً إلیٰ أن یسأل من حاجة» ، وعن مولانا الباقر علیه السلام : «لو یعلم السائل ما فی المسألة ما سأل أحد أحداً ، ولو یعلم المعطی ما فی العطیّة ما ردّ أحد أحداً» ، ثمّ قال علیه السلام : «إنّه من سأل وهو یظهر غنی لقی اللّه مخموشاً وجهه یوم القیامة» ، وفی خبر آخر : «من سأل من غیر فقر فإنّما یأکل الخمر» ، وفی خبر آخر : «من سأل الناس وعنده قوت ثلاثة أیّام لقی اللّه یوم القیامة ولیس علیٰ وجهه لحم» ، وفی آخر قال أبو عبداللّه علیه السلام : «ثلاثة لا ینظر إلیهم یوم القیامة ولا یزکّیهم ولهم عذاب ألیم : الدیّوث والفاحش المتفحّش والذی یسأل الناس وفی یده یظهر غنی» .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 555
کتاب الوصیّة
وهی علیٰ ضربین : تملیکیّة ، کأن یوصی بشیء من ترکته لزید ، وعهدیّة ، کأن یوصی بما یتعلّق بتجهیزه أو باستئجـار الحجّ أو الصوم أو الصلاة أو الزیارات له .
(مسألة 1) : إذا ظهرت للإنسان أمارات الموت یجب علیه أن یوصی بإیصال ما عنده من أموال الناس من الودائع والبضائع ونحوها إلیٰ أربابها والإشهاد علیها ، خصوصاً إذا خفیت علی الورثة ، وکذا بأداء ما علیه من الحقوق المالیّة ؛ خلقیّاً کان کالدیون والضمانات والدیات واُروش الجنایات ، أو خالقیّاً کالخمس والزکاة والمظالم والکفّارات ، بل یجب علیه أن یوصی بأن یستأجر عنه ما علیه من الواجبات البدنیّة ممّا یصحّ فیها النیابة والاستئجار کقضاء الصوم والصلاة إذا لم یکن له ولیّ یقضیها عنه ، بل ولو کان له ولیّ لا یصحّ منه العمل کالصبیّ ، أو کان ممّن لا وثوق بإتیانه أو صحّة عمله .
(مسألة 2) : إذا کان عنده أموال الناس ، أو کان علیه حقوق وواجبات ، لکن یعلم أو یطمئنّ بأنّ أخلافه یوصلون الأموال ویؤدّون الحقوق والواجبات ، لم یجب علیه الإیصاء وإن کان أحوط وأولیٰ .
(مسألة 3) : یکفی فی الوصیّة کلّ ما دلّ علیها من الألفاظ من أیّ لغة کان ، ولایعتبر فیها لفظ خاصّ . ولفظها الصریح فی التملیکیة أن یقول : «أوصیت لفلان بکذا» أو «اعطوا فلاناً»
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 556 أو «ادفعوا إلیه بعد موتی» أو «لفلان بعد موتی کذا» وهکذا ، وفی العهدیّة : «افعلوا بعد موتی کذا وکذا» وهکذا . والظاهر عدم کفایة الإشارة إلاّ مع العجز عن النطق ، بخلاف الکتابة فإنّ الظاهر الاکتفاء بها مطلقاً ، خصوصاً فی الوصیّة العهدیّة إذا علم أنّه قد کان فی مقام الوصیّة وکانت العبارة ظاهرة الدلالة علی المعنی المقصود ، فیکفی وجود مکتوب من الموصی بخطّه وخاتمه إذا علم من قرائن الأحوال کونه بعنوان الوصیّة فیجب تنفیذها .
(مسألة 4) : الوصیّة التملیکیّة لها أرکان ثلاثة : الموصی والموصیٰ به والموصیٰ له ، وأمّا الوصیّة العهدیّة فإنّما یکون قوامها بأمرین : الموصی والموصیٰ به ، نعم إذا عیّن الموصی شخصاً لتنفیذها تقوّم حینئذٍ باُمور ثلاثة : الموصی والموصیٰ به والموصیٰ إلیه ، وهو الذی یطلق علیه الوصیّ .
(مسألة 5) : لا إشکال فی أنّ الوصیّة العهدیّة لا یحتاج إلیٰ قبول ، نعم لو عیّن وصیّاً لتنفیذها لابدّ من قبوله ، لکن فی وصایته لا فی أصل الوصیّة . وأمّا الوصیّة التملیکیّة فإن کانت تملیکاً للنوع کالوصیّة للفقراء والسادة والطلبة ، فهی کالعهدیّة لا یعتبر فیها القبول ، وإن کانت تملیکاً للشخص ، فالمشهور علیٰ أنّه یعتبر فیها القبول من الموصیٰ له ، ولا یبعد عدم اعتباره وکفایة عدم الردّ ، فتبطل الوصیّة بالردّ لا أنّ القبول شرط .
(مسألة 6) : یکفی فی القبول - بناءً علی اعتباره - کلّ ما دلّ علی الرضا ؛ قولاً أو فعلاً کأخذ الموصیٰ به والتصرّف فیه .
(مسألة 7) : بناءً علی اعتبار القبول ، لا فرق بین وقوعه فی حیاة الموصی أو بعد موته ، کما أنّه لا فرق فی الواقع بعد الموت بین أن یکون متّصلاً به أو متأخّراً عنه مدّة .
(مسألة 8) : لو ردّ بعضاً وقبل بعضاً ، صحّ فیما قبله ، وبطل فیما ردّه علی الأقویٰ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 557 (مسألة 9) : لو مات الموصیٰ له فی حیاة الموصی ، أو بعد موته قبل أن یصدر منه ردّ أو قبول ، قام ورثته مقامه فی الردّ والقبول ، فیملکون الموصیٰ به بقبولهم أو عدم ردّهم کمورّثهم لو لم یرجع الموصی عن وصیّته قبل موته .
(مسألة 10) : الظاهر أنّ الوارث یتلقّی المال الموصیٰ به من الموصی ابتداءً لا أنّه ینتقل إلی الموصیٰ له أوّلاً ثمّ إلیٰ وارثه ، وإن کانت القسمة بین الورثة فی صورة التعدّد علیٰ حسب قسمة المواریث ، فعلیٰ هذا لا یخرج من الموصیٰ به دیون الموصیٰ له ولا تنفذ فیه وصایاه .
(مسألة 11) : إذا قبل بعض الورثة وردّ بعضهم ، صحّت الوصیّة فیمن قبل ، وبطلت فیمن ردّ بالنسبة .
(مسألة 12) : یعتبر فی الموصی : البلوغ والعقل والاختیار والرشد والحرّیة ، فلا تصحّ وصیّة الصبیّ . نعم الأقویٰ صحّة وصیّة البالغ عشراً إذا کانت فی البرّ والمعروف کبناء المساجد والقناطر ووجوه الخیرات والمبرّات ، وکذا لا تصحّ وصیّة المجنون ولو أدواریّاً فی دور جنونه ولا السکران وکذا المکره والسفیه والمملوک وإن قلنا بملکه کما هو الأقویٰ .
(مسألة 13) : یعتبر فی الموصی - مضافاً إلیٰ ما ذکر -: أن لا یکون قاتل نفسه متعمّداً ، فمن أوقع علیٰ نفسه جرحاً أو شرب السمّ أو ألقیٰ نفسه من شاهق - مثلاً - ممّا یقطع أو یظنّ کونه مؤدّیاً إلی الهلاک لم تصحّ وصیّته المتعلّقة بأمواله إذا وقع منه ذلک متعمّداً ، فإن کان إیقاع ذلک خطأً أو کان مع ظنّ السلامة فاتّفق موته به نفذت وصیّته . ولو أوصیٰ ثمّ أحدث فی نفسه ما یؤدّی إلیٰ هلاکه ، لم تبطل وصیّته وإن کان حین الوصیّة بانیاً علیٰ أن یحدث ذلک بعدها .
(مسألة 14) : لاتبطل الوصیّة بعروض الإغماء والجنون للموصی وإن داما حین الممات .
(مسألة 15) : یشترط فی الموصیٰ له الوجود حین الوصیّة ، فلا تصحّ الوصیّة للمعدوم ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 558 کما أوصیٰ للمیّت أو لما تحمله المرأة فی المستقبل ولمن یوجد من أولاد فلان . ویجوز الوصیّة للحمل بشرط وجوده حین الوصیّة - وإن لم تلجه الروح - وانفصاله حیّاً ، فلو انفصل میّتاً بطلت الوصیّة ورجع المال میراثاً لورثة الموصی .
(مسألة 16) : تصحّ الوصیّة للذمّی ، وکذا للمرتدّ الملّی إذا لم یکن المال ممّا لا یملکه الکافر کالمصحف والعبد المسلم ، ولا تصحّ للحربی ولا للمرتدّ عن فطرة علیٰ إشکال .
(مسألة 17) : لاتصحّ الوصیّة لمملوک الغیر وإن أجاز المالک ، وتصحّ لمملوک نفسه ، ولکن لایملک الموصیٰ به کالأحرار ، بل إن کان بقدر قیمته ینعتق ولا شیء له وإن کان أکثر من قیمته انعتق وکان الفاضل له ، وإن کان أقلّ ینعتق منه بمقداره ، وسعیٰ للورثة فی البقیّة .
(مسألة 18) : یشترط فی الموصیٰ به فی الوصیّة التملیکیّة أن یکون مالاً أو حقّاً قابلاً للنقل کحقّی التحجیر والاختصاص ، من غیر فرق فی المال بین کونه عیناً أو دیناً فی ذمّة الغیر أو منفعة ، وفی العین بین کونها موجودة فعلاً أو ممّا سیوجد ، فتصحّ الوصیّة بما تحمله الدابّة أو تثمر الشجرة فی المستقبل .
(مسألة 19) : لابدّ أن تکون العین الموصیٰ بها ذات منفعة محلّلة مقصودة حتّیٰ تکون مالاً شرعاً ، فلا تصحّ الوصیّة بالخمر والخنزیر وآلات اللهو والقمار ولا بالحشرات وکلب الهراش ونحوها ، وأن تکون المنفعة الموصیٰ بها محلّلة مقصودة ، فلاتصحّ الوصیّة بمنفعة المغنّیة وآلات اللهو ، وکذا منافع القردة ونحوها .
(مسألة 20) : لاتصحّ الوصیّة بمال الغیر وإن أجاز المالک ؛ سواء کان الإیصاء به عن نفسه - بأن جعل مال الغیر لشخص بعد وفاة نفسه - أو عن الغیر بأن جعله لشخص بعد وفاة مالکه .
(مسألة 21) : یشترط فی الوصیّة العهدیّة أن یکون ما أوصیٰ به عملاً سائغاً تعلّق به
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 559 أغراض العقلاء ، فلاتصحّ الوصیّة بصرف ماله فی معونة الظلاّم وقطّاع الطریق وتعمیر الکنائس ونسخ کتب الضلال ونحوها ، وکذا الوصیّة بما یکون صرف المال فیه سفهاً أو عبثاً .
(مسألة 22) : لو أوصیٰ بما هو سائغ عنده اجتهاداً أو تقلیداً وغیر سائغ عند الوصیّ ، کما إذا أوصیٰ بنقل جنازته مع عروض الفساد علیها إلیٰ أحد المشاهد وکان ذلک سائغاً عند الموصی لم یجب ، بل لم یجز علیه تنفیذها ، ولو انعکس الأمر انعکس الأمر .
(مسألة 23) : لو أوصیٰ لغیر الولیّ بمباشرة تجهیزه کتغسیله والصلاة علیه مع وجود الولیّ ، ففی نفوذها وتقدیمه علی الولیّ وعدمه وجهان بل قولان ، لایخلو أوّلهما من رجحان ، والأحوط أن یکون ذلک بإذن الولیّ ؛ بأن یستأذن الوصیّ من الولیّ ویأذن الولیّ للوصیّ .
(مسألة 24) : یشترط فی نفوذ الوصیّة - فی الجملة - أن لایکون زائداً علی الثلث . وتفصیله: أنّ الوصیّة إن کانت بواجب مالی - کأداء دیونه وأداء ما علیه من الحقوق کالخمس والزکاة والمظالم والکفّارات - تخرج من أصل المال بلغ ما بلغ ، بل لو لم یوص بها یخرج من الأصل وان استوعبت الترکة ، ویلحق به الواجب المالی المشوب بالبدنی کالحجّ ولو کان منذوراً علی الأقویٰ . وإن کانت تملیکیّة أو عهدیّة تبرّعیة - کما إذا أوصیٰ بإطعام الفقراء أو الزیارات أو إقامة التعزیة ونحو ذلک - نفذت بمقدار الثلث ، وفی الزائد یتوقّف علیٰ إمضاء الورثة وإجازتهم ، فإن أمضوا صحّت ، وإلاّ بطلت ؛ من غیر فرق بین وقوع الوصیّة فی حال الصحّة أو فی حال المرض . وکذلک إذا کانت بواجب غیر مالیّ علی الأقویٰ ، کما إذا أوصیٰ بالصلاة والصوم عنه إذا اشتغلت ذمّته بهما .
(مسألة 25) : لا فرق فیما ذکر بین ما إذا کانت الوصیّة بکسر مشاع أو بمال معیّن أو بمقدار من المال ، فکما أنّه لو أوصیٰ بثلث ماله نفذت فی تمامه، ولو أوصیٰ بالنصف نفذت بمقدار الثلث وبطلت فی الزائد - وهو السدس - بدون إجازة الورثة ، کذلک لو أوصیٰ بمال معیّن ، فإنّه ینسب إلیٰ مجموع الترکة ، فإن کان بمقدار ثلث المجموع أو أقلّ نفذت فی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 560 تمامه ، وإن کان أکثر نفذت فیه بمقدار ما یساوی الثلث ، وفی الزائد یتوقّف علیٰ إمضاء الورثة . وکذلک الحال لو أوصیٰ بمقدار من المال ، کما إذا أوصیٰ بألف دینار - مثلاً - یقوّم مجموع الترکة وینسب ما أوصیٰ به إلیٰ قیمة المجموع ، فتنفذ فی تمامه لو کان بمقدار الثلث أو أقلّ ، وفی المقدار الذی یساوی ثلث الترکة لو کان أزید ولم یجز الورثة .
(مسألة 26) : لو کانت إجازة الوارث لما زاد علی الثلث بعد موت الموصی نفذت بلا إشکال وإن ردّها قبل الموت ، وکذا لو أجازها قبل الموت وبقی علیٰ إجازتها إلیٰ ما بعد الموت . وأمّا لو ردّها بعد الموت فهل تنفذ الإجازة السابقة ولا أثر للردّ بعدها أم لا ؟ قولان ، أقواهما الأوّل .
(مسألة 27) : لو أجاز الوارث بعض الزیادة لا تمامها ، نفذت بمقدار ما أجاز ، فلو أوصیٰ بثلثی ماله وأجاز الوارث النصف نفذت فی هذا المقدار ، وبطلت فی الزائد وهو السدس من ماله .
(مسألة 28) : لو أجاز بعض الورثة دون بعضهم ، نفذت الوصیّة فی حقّ المجیز فی الزیادة وبطلت فی حقّ غیره ، فإذا کان للموصی ابن وبنت وأوصیٰ لزید بنصف ماله قسمت الترکة ثمانیة عشر ونفذت فی ثلثها - وهو ستّة - وفی الزائد - وهو ثلاثة - احتاج إلیٰ إمضاء الابن والبنت ، فإن أمضیا معاً نفذت فی تمامها ، وإن أمضی الابن دون البنت نفذت فی الاثنین وبطلت فی واحد ، فکان للموصیٰ له ثمانیة ، وإن کان بالعکس کان بالعکس وکان للموصیٰ له سبعة .
(مسألة 29) : لو أوصیٰ بعین معیّنة أو مقدار کلّی من المال کمائة دینار ، یلاحظ فی کونه بمقدار الثلث أو أقلّ أو أزید بالنسبة إلیٰ أموال الموصی حین الوفاة لا بالنسبة إلیٰ أمواله الموجودة حال الوصیّة ، فلو أوصیٰ لزید بعین کانت بمقدار نصف أمواله حین الوصیّة ، لکن من جهة نقصان قیمتها أو زیادة قیمة غیرها أو تجدّد مال آخر له بعد ذلک صارت قیمتها بمقدار الثلث ممّا ترک ، نفذت فی جمیعها ، ولو فرض أنّها کانت بمقدار الثلث حین الوصیّة ، لکن من جهة ارتفاع قیمتها أو نقصان قیمة غیرها أو تلف بعض أمواله صارت بمقدار نصف ما ترکه حین الموت ، نفذت فیها بما یساوی الثلث وبطلت فی الزائد لو لم تجز الورثة ، وهذا ممّا لا إشکال فیه . وإنّما الإشکال فیما إذا أوصیٰ بکسر مشاع کما
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 561 إذا قال : «ثلث مالی لزید بعد وفاتی» ثمّ تجدّد له بعد الوصیّة بعض الأموال وأنّه هل تشمل الوصیّة الزیادات المتجدّدة بعدها أم لا ؟ سیّما إذا لم تکن متوقّعة الحصول ، لکنّ الظاهر ـ نظراً إلیٰ شاهد الحال - أنّ المراد بالمال : المال الذی لو لم یوص بالثلث کان جمیعه للورثة ، وهو ما کان له عند الوفاة ، نعم لو کانت قرینة فی کلامـه تدلّ علیٰ أنّ المراد الأموال الموجودة حال الوصیّة اقتصر علیها کما إذا عدّ أمواله ثمّ قال : «ثلث أموالی لزید بعد وفاتی» .
(مسألة 30) : الإجازة من الوارث إمضاء وتنفیذ ، فلا یکفی فیها مجرّد الرضا وطیب النفس من دون قول أو فعل یدلاّن علی التنفیذ والإمضاء .
(مسألة 31) : لایعتبر فی الإجازة کونها علی الفور .
(مسألة 32) : یحسب من الترکة ما یملک بالموت کالدیة ، بل وکذا ما یملک بعد الموت إذا أوجد المیّت سببه قبل الموت ، مثل ما یقع فی الشبکة التی نصبها المیّت فی زمان حیاته ، فیخرج منه الدین ووصایا المیّت إذا أوصیٰ بالثلث .
(مسألة 33) : للموصی تعیین ثلثه فی عین مخصوصة من الترکة وله تفویض التعیین إلی الوصیّ فیتعیّن فیما عیّنه ، ومع الإطلاق کما لو قال : «ثلث مالی لفلان» کان شریکاً مع الورثة بالإشاعة ، فلابدّ أن یکون الإفراز والتعیین برضا الجمیع کسائر الأموال المشترکة .
(مسألة 34) : إنّما یحسب الثلث بعد إخراج ما یخرج من الأصل کالدین والواجبات المالیّة ، فإن بقی بعد ذلک شیء یخرج ثلثه .
(مسألة 35) : لو أوصیٰ بوصایا متعدّدة غیر متضادّة ، فإن کانت من نوع واحد ، فإن کانت الجمیع واجبة مالیّة أو واجبة بدنیّة کانت الجمیع بمنزلة وصیّة واحدة ، فتنفذ الجمیع من الأصل فی الواجب المالی ومن الثلث فی الواجب البدنی ، فإن وفی الثلث بالجمیع نفذت فی الجمیع ، وکذا إن زادت علیه وأجاز الورثة . وأمّا لو لم یجیزوا یوزّع النقص علی الجمیع بالنسبة ، فلو أوصیٰ بمقدار من الصوم ومقدار من الصلاة ولم یف الثلث بهما
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 562 وکانت اُجرة الصلاة ضعف اُجرة الصوم ینتقص من وصیّة الصلاة ضعف ما ینتقص من وصیّة الصوم ، کما إذا کانت الترکة ثمانیة عشر وأوصیٰ بستّة لاستئجار الصلاة ثمّ أوصیٰ بثلاثة لاستئجار الصوم ، فإن أجاز الوارث نفذت الوصیّتان ، وإن لم یجز بطلتا بالنسبة إلیٰ ثلاثة وتوزّعت علی الوصیّتین بالنسبة ، فینقص عن الوصیّة الاُولی اثنان وعن الثانیة واحد ، فیصرف فی الصلاة أربعة وفی الصوم اثنان .
وإن کانت الجمیع تبرّعیّة ، فإن لم یکن بینها ترتیب بل کانت مجتمعة کما إذا قال : «اُعطوا زیداً وعمراً وخالداً کلاًّ منهم مائة» کانت بمنزلة وصیّة واحدة ، فإن زادت علی الثلث ولم یجز الورثة ورد النقص علی الجمیع بالنسبة ، وإن کانت بینها ترتیب وتقدیم وتأخیر فی الذکر ؛ بأن کانت الثانیة بعد تمامیّة الوصیّة الاُولیٰ والثالثة بعد تمامیة الثانیة وهکذا ، کما إذا قال : «اُعطوا زیداً مائة» ثمّ قال : «اُعطوا عمراً مائة» ثمّ قال : «اُعطوا خالداً مائة» وکانت المجموع أزید من الثلث ولم یجز الورثة یبدأ بالأوّل فالأوّل إلیٰ أن یکمل الثلث فإذا کان الثلث مائة نفذت الاُولیٰ ولغت الأخیرتان ، وإن کان مائتین نفذت الاُولیان ولغت الأخیرة ، وإن کان مائة وخمسین نفذت الاُولیٰ ، والثانیة فی نصف الموصیٰ به ، ولغت البواقی وهکذا .
(مسألة 36) : لو أوصیٰ بوصایا مختلفة بالنوع کما إذا أوصیٰ بأن یعطیٰ مقداراً معیّناً خمساً وزکاة ، ومقداراً صوماً وصلاة ، ومقداراً لإطعام الفقراء ، فإن أطلق ولم یذکر المخرج یبدأ بالواجب المالی فیخرج من الأصل ، فإذا بقی شیء یعیّن ثلثه ویخرج منه البدنی والتبرّعی ، فإن وفیٰ بهما أو لم یف بهما وأجاز الوارث نفذت فی کلیهما وإن لم یف بهما ولم یجز الوارث فی الزیادة یقدّم الواجب البدنی ویردّ النقص علی التبرّعی . وإن ذکر المخرج وأوصیٰ بأن تخرج من الثلث ، یعیّن الثلث فیخرج منه الواجب المالی ، فإن بقی منه شیء یصرف فی الواجب البدنی ، فإن بقی شیء یصرف فی التبرّعی ، حتّیٰ أنّه لو لم
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 563 یف الثلث إلاّ بالواجبات المالیّة لغت الوصایا الأخیرة بالمرّة ، إلاّ أن یجیز الورثة .
(مسألة 37) : لو أوصیٰ بوصایا متعدّدة متضادّة ؛ بأن کانت المتأخّرة منافیة للمتقدّمة ، کما لو أوصیٰ بعین شخصیّة لواحد ثمّ أوصیٰ بها لآخر ، ومثله ما إذا أوصیٰ بثلثه لشخص وقال : «اُعطوا ثلثی لزید بعد موتی» ثمّ قال : «اُعطوا ثلثی لعمرو بعد موتی» کانت اللاحقة عدولاً عن السابقة فیعمل باللاحقة . ولو أوصیٰ بعین شخصی لشخص ثمّ أوصیٰ بنصفها ـ مثلاً - لشخص آخر ، فالظاهر کون الثانیة عدولاً بالنسبة إلیٰ نصفها لا تمامها ، فیبقی النصف الآخر للأوّل .
(مسألة 38) : متعلّق الوصیّة إن کان کسراً مشاعاً من الترکة کالثلث أو الربع - مثلاً - ملکه الموصیٰ له بالموت والقبول بناءً علی اعتباره ، وکان له من کلّ شیء ثلثه أو ربعه ـ مثلاً - وشارک الورثة فی الترکة من حین ما ملکه . هذا فی الوصیّة التملیکیّة ، وأمّا فی الوصیّة العهدیّة کما إذا أوصیٰ بصرف ثلثه أو ربع ترکته فی العبادات والزیارات ، کان الموصیٰ به فیها باقیاً علیٰ حکم مال المیّت ، فهو یشارک الورثة حین ما ملکوا بالإرث ، فکان للمیّت من کلّ شیء ثلثه أو ربعه - مثلاً - والباقی للورثة ، وهذه الشرکة باقیة ما لم یفرز الموصیٰ به عن مال الورثة ولم تقع القسمة بینهم وبین الموصیٰ له ، فلو حصل نماء متّصل أو منفصل قبل القسمة کان بینهما ، ولو تلفت من الترکة شیء کان منهما .
وإن کان ما أوصیٰ به مالاً معیّناً یساوی الثلث أو دونه ، اختصّ به الموصیٰ له ولا اعتراض فیه للورثة ولا حاجة إلیٰ إجازتهم ؛ لما عرفت سابقاً أنّ للموصی تعیین ثلثه فیما شاء من ترکته ، لکن إنّما یستقرّ ملکیّة الموصیٰ له أو المیّت فی تمام الموصیٰ به إذا کان یصل إلی الوارث ضعف ما أوصیٰ به ، فإذا کان له مال حاضر عند الورثة بهذا المقدار استقرّت ملکیّة تمام المال المعیّن ، فللموصیٰ له أو الوصیّ أن یتصرّف فیه أنحاء التصرّف . وإن کان ما عدا ما عیّن للوصیّة غائباً توقّف التصرّف فیه علیٰ حصول مثلیه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 564 بید الورثة ، فإن لم یحصل بیدهم شیء منه شارکوا الموصیٰ له فی المال المعیّن أثلاثاً : ثلث للموصیٰ له ، وثلثان للورثة .
(مسألة 39) : یجوز للموصی أن یعیّن شخصاً لتنجیز وصایاه وتنفیذها ، فیتعیّن ویقال له الموصیٰ إلیه والوصیّ . ویشترط فیه اُمور : البلوغ والعقل والإسلام ، فلا تصحّ وصایة الصغیر ولا المجنون ولا الکافر عن المسلم وإن کان ذمیّاً قریباً ، وهل یشترط فیه العدالة کما نسب إلی المشهور أم یکفی الوثاقة ؟ لا یبعد الثانی وإن کان الأوّل أحوط .
(مسألة 40) : إنّما لا تصحّ وصایة الصغیر منفرداً ، وأمّا منضمّاً إلی الکامل فلا بأس به ، فیستقلّ الکامل بالتصرّف إلیٰ زمن بلوغ الصغیر ولا ینتظر بلوغه ، فإذا بلغ شارکه من حینه ، ولیس له اعتراض فیما أمضاه الکامل سابقاً إلاّ ما کان علیٰ خلاف ما أوصیٰ به المیّت فیردّه إلیٰ ما أوصیٰ به . ولو مات الصغیر أو بلغ فاسد العقل کان للکامل الانفراد بالوصایة .
(مسألة 41) : لو طرأ الجنون علی الوصیّ بعد موت الموصی بطلت وصایته ، ولو أفاق بعد ذلک لم تعد واحتاج إلیٰ نصب جدید من الحاکم .
(مسألة 42) : لایجب علی الموصیٰ إلیه قبول الوصایة وله أن یردّها مادام الموصی حیّاً بشرط أن یبلغه الردّ ، فلو کان الردّ بعد موت الموصی أو قبله ، ولکن لم یبلغه الردّ حتّیٰ مات ، لم یکن أثر للردّ وکانت الوصایة لازمة علی الوصّی ، بل لو لم یبلغه أنّه قد أوصیٰ إلیه وجعله وصیّاً إلاّ بعد موت الموصی لزمته الوصایة ولیس له ردّها .
(مسألة 43) : یجوز للموصی أن یجعل الوصایة لاثنین فما فوق ، فإن نصّ علی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 565 الاستقلال والانفراد فهو ، وإلاّ فلیس لکلّ منهما الاستقلال بالتصرّف ؛ لا فی جمیع ما أوصیٰ به ولا فی بعضه ، ولیس لهما أن یقسّما الثلث - مثلاً - وینفرد کلّ منهما فی نصفه ، من غیر فرق فی ذلک بین أن یشترط علیهما الاجتماع أو یطلق . ولو تشاحّا ولم یجتمعا أجبرهما الحاکم علی الاجتماع فإن تعذّر استبدل بهما .
(مسألة 44) : لو مات أحد الوصیّین أو طرأ علیه الجنون أو غیره ممّا یوجب ارتفاع وصایته استقلّ الآخر ولا یحتاج إلیٰ ضمّ شخص آخر من قبل الحاکم . نعم لو ماتا معاً احتاج إلی النصب من قبله ، فهل اللازم نصب اثنین أو یکفی نصب واحد إذا کان کافیاً ؟ وجهان ؛ أحوطهما الأوّل وأقواهما الثانی .
(مسألة 45) : یجوز أن یوصی إلیٰ واحد فی شیء بعینه وإلیٰ آخر فی غیره ، ولا یشارک أحدهما الآخر .
(مسألة 46) : لو قال : «أوصیت إلیٰ زید فإن مات فإلیٰ عمرو» صحّ ویکونان وصیّین ، إلاّ أنّ وصایة عمرو موقوفة علیٰ موت زید ، وکذا لو قال : «أوصیت إلیٰ زید فإن کبر ابنی أو تاب عن فسقه أو اشتغل بالعلم فهو وصیّی» .
(مسألة 47) : إذا ظهرت خیانة الوصیّ فللحاکم عزله ونصب شخص آخر مکانه ، أو ضمّ أمین إلیه حسب ما یراه من المصلحة ، وأمّا لو ظهر منه العجز ضمّ إلیه من یساعده .
(مسألة 48) : إذا لم ینجّز الوصیّ ما أوصیٰ إلیه فی زمن حیاته ، لیس له أن یجعل وصیّاً لتنجیزه وإمضائه بعد موته ، إلاّ إذا کان مأذوناً من الموصی فی الإیصاء .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 566 (مسألة 49) : الوصیّ أمین ، فلا یضمن ما کان فی یده إلاّ مع التعدّی أو التفریط ولو بمخالفة الوصیّة ، فیضمن لو تلف ، فضلاً عمّا لو أتلف .
(مسألة 50) : لو أوصیٰ إلیه بعمل خاصّ أو قدر مخصوص أو کیفیّة خاصّة ، اقتصر علیه ولم یتجاوز عنه إلیٰ غیره ، وأمّا لو أطلق بأن قال : «أنت وصیّی» من دون ذکر المتعلّق ، فالأقرب وقوعه لغواً إلاّ إذا کان هناک عرف خاصّ وتعارف یدلّ علی المراد فهو المتّبع ، کما فی عرف الأعراب وبعض طوائف الأعجام ؛ حیث إنّ مرادهم بحسب الظاهر الولایة علیٰ أداء ما علیه من الدیون واستیفاء ما له علی الناس وردّ الأمانات والبضائع إلیٰ أهلها وأخذها وإخراج ثلثه وصرفه فیما ینفعه ، ولو بنظر حاکم الشرع ؛ من استئجار العبادات وأداء الحقوق والمظالم ونحوها . نعم فی شموله بمجرّده للقیمومة علی الأطفال تأمّل وإشکال ، فالأحوط أن یکون تصدّیه لاُمورهم بإذن من الحاکم ، ولعلّ المنساق منه فی بعض البلاد ما یشملها . وبالجملة : بعد ما کان التعارف هو المدار فیختلف باختلاف الأعصار والأمصار .
(مسألة 51) : لیس للوصیّ أن یعزل نفسه بعد موت الموصی ، ولا أن یفوّض أمر الوصیّة إلیٰ غیره . نعم له التوکیل فی إیقاع بعض الأعمال المتعلّقة بالوصیّة ممّا لم یتعلّق الغرض إلاّ بوقوعها من أیّ مباشر کان ، خصوصاً إذا کان ممّا لم تجر العادة علیٰ مباشرة أمثال هذا الوصیّ ولم یشترط علیه المباشرة .
(مسألة 52) : لو نسی الوصیّ مصرف الوصیّة ، صرف الموصیٰ به فی وجوه البرّ .
(مسألة 53) : إذا أوصی المیّت وصیّة عهدیّة ولم یعیّن وصیّاً ، أو بطل وصایة من عیّنه بموت أو جنون أو غیر ذلک ، تولّی الحاکم أمرها أو عیّن من یتولاّه ، ولو لم یکن الحاکم ولا منصوبه ، تولاّه من المؤمنین من یوثق به .
(مسألة 54) : یجوز للموصی أن یجعل ناظراً علی الوصیّ ، ووظیفته تابعة لجعل
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 567 الموصی : فتارة : من جهة الاستیثاق علیٰ وقوع ما أوصیٰ به علیٰ ما أوصیٰ به یجعل الناظر رقیباً علی الوصیّ وأن یکون أعماله باطّلاعه ، حتّیٰ أنّه لو رأیٰ منه خلاف ما قرّره الموصی لاعترض علیه . واُخریٰ: من جهة عدم الاطمئنان بأنظار الوصیّ والاطمئنان التامّ بأنظار الناظر یجعل علی الوصیّ أن یکون أعماله علیٰ طبق نظر الناظر ولا یعمل إلاّ ما رآه صلاحاً . فالوصیّ وإن کان ولیّاً مستقلاًّ فی التصرّف لکنّه غیر مستقلّ فی الرأی والنظر ، فلا یمضیٰ من أعماله إلاّ ما وافق نظر الناظر ، فلو استبدّ الوصیّ بالعمل علیٰ نظره من دون مراجعة الناظر واطّلاعه وکان عمله علیٰ طبق ما قرّره الموصی فالظاهر صحّة عمله ونفوذه علی الأوّل بخلافه علی الثانی . ولعلّ الغالب المتعارف فی جعل الناظر فی الوصایا هو النحو الأوّل .
(مسألة 55) : یجوز للأب مع عدم الجدّ وللجدّ للأب مع فقد الأب ، جعل القیّم علی الصغار ، ومعه لا ولایة للحاکم . ولیس لغیر الأب والجدّ للأب أن ینصب القیّم علیهم حتّی الاُمّ .
(مسألة 56) : یشترط فی القیّم علی الأطفال ما اشترط فی الوصیّ علی المال . والقول باعتبار العدالة هنا لایخلو من قوّة ، وإن کان الاکتفاء بالأمانة ووجود المصلحة لیس ببعید .
(مسألة 57) : لو عیّن الموصی علی القیّم تولّی جهة خاصّة وتصرّفاً مخصوصاً اقتصر علیه ، ویکون أمره فی غیره إلی الحاکم أو المنصوب من قبله ، فلو جعله قیّماً بالنسبة إلیٰ حفظ أمواله وما یتعلّق بإنفاقه لیس له الولایة علیٰ أمواله بالبیع والإجارة والمزارعة وغیرها ، وعلیٰ نفسه بالإجارة ونحوها ، وعلیٰ دیونه بالوفاء والاستیفاء . ولو أطلق وقال : «فلان قیّم علیٰ أولادی» - مثلاً - کان ولیّاً علیٰ جمیع ما یتعلّق بهم ممّا کان للموصی الولایة علیه ، فله الإنفاق علیهم بالمعروف ، والإنفاق علیٰ من علیهم نفقته کالأبوین الفقیرین ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 568 وحفظ أموالهم واستنماؤها واستیفاء دیونهم وإیفاء ما علیهم ، کأرش ما أتلفوا من أموال الناس وکفّارة القتل دون الدیة ، فإنّها فی العمد والخطأ علی العاقلة ، وکذا إخراج الحقوق المتعلّقة بأموالهم کالخمس إذا تعلّق بمالهم وغیر ذلک ، نعم فی ولایته علیٰ تزویجهم کلام یأتی فی محلّه إن شاء اللّه تعالیٰ .
(مسألة 58) : یجوز جعل الولایة علی الأطفال لاثنین فما زاد ؛ بالاستقلال والاشتراک ، وجعل الناظر علی الوصیّ کالوصیّة بالمال .
(مسألة 59) : ینفق الوصیّ علی الصبیّ من غیر إسراف ولا تقتیر ، فیطعمه ویلبسه عادة أمثاله ونظرائه ، فإن أسرف ضمن الزیادة . ولو بلغ فأنکر أصل الإنفاق أو ادّعیٰ علیه الإسراف فالقول قول الوصیّ بیمینه ، وکذا لو ادّعیٰ علیه أنّه باع ماله من غیر حاجة ولا غبطة . نعم لو اختلفا فی دفع المال إلیه بعد البلوغ فادّعاه الوصیّ وأنکره الصبیّ قدّم قول الصبیّ والبیّنة علی الوصیّ .
(مسألة 60) : یجوز للقیّم الذی یتولّیٰ اُمور الیتیم أن یأخذ من ماله اُجرة مثل عمله سواء کان غنیّاً أو فقیراً ، وإن کان الأحوط الأولیٰ للأوّل التجنّب . وأمّا الوصیّ علی الأموال ، فإن عیّن الموصی مقدار المال الموصیٰ به وطبّقه علیٰ مصرفه المعیّن المقدّر بحیث لم یبق شیئاً لاُجرة الوصیّ واستلزم أخذ الاُجرة إمّا الزیادة عن المال الموصیٰ به أو النقصان فی مقدار المصرف - کما إذا أوصیٰ بأن یصرف ثلثه أو عیناً معیّناً من ترکته أو مقداراً من المال کألف درهم فی استئجار عشرین سنة عبادة کلّ سنة کذا مقداراً و إطعام خمسین فقیراً بخمسین درهماً وقد ساوی المال مع المصرف بحیث لو أراد أن یأخذ شیئاً لنفسه لزم أحد الأمرین المذکورین - لم یجز له أن یأخذ الاُجرة لنفسه ؛ حیث إنّ مرجع هذه الوصیّة إلی الإیصاء إلیه بأن یتولّیٰ اُمور الوصیّة تبرّعاً وبلا اُجرة ، فهو کما لو نصّ علیٰ ذلک ، والوصیّ قد قبل الوصایة علیٰ هذا النحو فلم یستحقّ شیئاً . وإن عیّن المال والمصرف علیٰ نحو قابل للزیادة والنقصان کان حاله حال متولّی الوقف فی أنّه لو لم یعیّن له جعلاً معیّناً جاز له أن یأخذ اُجرة مثل عمله ، وذلک کما إذا أوصیٰ بأن یصرف ثلثه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 569 أو مقداراً معیّناً من المال فی بناء القناطر وتسویة المعابر وتعمیر المساجد . وکذا لو أوصیٰ بأن یعمّر المسجد الفلانی من ماله أو من ثلثه .
(مسألة 61) : الوصیّة جائزة من طرف الموصی ، فله أن یرجع عن وصیّته - ما دام فیه الروح - وتبدیلها من أصلها أو من بعض جهاتها وکیفیّاتها ومتعلّقاتها ، فله تبدیل الموصیٰ به کلاًّ أو بعضاً ، وتغییر الوصیّ والموصیٰ له وغیر ذلک . ولو رجع عن بعض الجهات یبقیٰ غیرها بحالها ، فلو أوصیٰ بصرف ثلثه فی مصارف مخصوصة وجعل الوصایة لزید ، ثمّ بعد ذلک عدل عن وصایة زید وجعل الوصایة لعمرو تبقیٰ أصل الوصیّة بحالها ، وکذلک إذا أوصیٰ بصرف ثلثه فی مصارف معیّنة علیٰ ید زید ، ثمّ بعد ذلک عدل عن تلک المصارف وعیّن مصارف اُخر وهکذا . وکما له الرجوع فی الوصیّة المتعلّقة بالمال کذلک له الرجوع فی الوصیّة بالولایة علی الأطفال .
(مسألة 62) : یتحقّق الرجوع عن الوصیّة بالقول ، وهو کلّ لفظ دالّ علیه بحسب متفاهم العرف بأیّ لغة کان نحو : «رجعت عن وصیّتی» أو «أبطلتها» أو «عدلت عنها» أو «نقضتها» ونحوها ، وبالفعل ؛ وهو إمّا بإعدام موضوعها کإتلاف الموصیٰ به ، وکذا نقله إلی الغیر بعقد لازم کالبیع أو جائز کالهبة مع القبض ، وإمّا بما یعدّ عند العرف رجوعاً وإن بقی الموصیٰ به بحاله وفی ملکه ، کما إذا وکّل شخصاً علیٰ بیعه أو وهبه ولم یقبضه بعد .
(مسألة 63) : الوصیّة بعدما وقعت تبقیٰ علیٰ حالها ویعمل بها ما لم یرجع الموصی وإن طالت المدّة . ولو شکّ فی الرجوع - ولو للشکّ فی کون لفظ أو فعل رجوعاً - یحکم ببقائها وعدم الرجوع ، لکنّه فیما إذا کانت الوصیّة مطلقة ؛ بأن کان مقصود الموصی وقوع مضمون الوصیّة والعمل بها بعد موته فی أیّ زمان قضی اللّه علیه ، فلو کانت مقیّدة بموته فی سفر کذا أو عن مرض کذا ، ولم یتّفق موته فی ذلک السفر أو عن ذاک المرض ، بطلت تلک الوصیّة واحتاج إلیٰ وصیّة جدیدة . ولاریب أنّ الغالب فی الوصایا ولاسیّما ما تقع عند المسافرة إلی البلاد البعیدة بالطرق الغیر المأمونة کسفر الحجّ ونحوه وفی حال الأمراض الشدیدة وأمثال ذلک قصر نظر الموصی إلیٰ موته فی ذلک السفر وفی ذلک المرض ، وقد یصرّح بذلک وقد یشهد بذلک ظاهر حاله بحیث لو سئل عنه : «إذا رجعت عن هذا السفر سالماً أو طبت عن هذا المرض - إن شاء اللّه تعالیٰ - وبقیت مدّة مدیدة هل نعمل بهذه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 570 الوصیّة أم لا ؟»لقال : «لا ، لابدّ لی من نظر جدید ووصیّة اُخریٰ» وحینئذٍ یشکل العمل بالوصایا الصادرة عند الأسفار وفی حال الأمراض بمجرّد عدم رجوع الموصی وعدم نسخها بوصیّة اُخریٰ ، خصوصاً مع طول المدّة ، إلاّ إذا علم بالقرائن وظهر من حاله أنّ عدم الإیصاء الجدید منه إنّما هو لأجل الاعتماد علی الوصیّة السابقة ، کما إذا شوهد منه المحافظة علیٰ ورقة الوصیّة وتکرّر منه ذکرها عند الناس وإشهادهم بها .
(مسألة 64) : لاتثبت الوصیّة بالولایة ؛ سواء کانت علی المال أو علی الأطفال ، إلاّ بشهادة عدلین من الرجال ، ولا تقبل فیها شهادة النساء لا منفردات ولا منضمّات بالرجال . وأمّا الوصیّة بالمال فهی کسائر الدعاوی المالیّة تثبت بشهادة رجلین عدلین وشاهد ویمین وشهادة رجل وامرأتین ، وتمتاز من بین الدعاوی المالیّة بأمرین : أحدهما : أنّها تثبت بشهادة النساء منفردات وإن لم تکمل أربع ولم تنضمّ الیمین ، فتثبت ربع الوصیّة بواحدة ونصفها باثنتین وثلاثة أرباعها بثلاث وتمامها بأربع . ثانیهما : أنّها تثبت بشهادة رجلین ذمّیین عدلین فی دینهما عند الضرورة وعدم عدول المسلمین ، ولا تقبل شهادة غیر أهل الذمّة من الکفّار .
(مسألة 65) : إذا کانت الورثة کباراً ، وأقرّوا کلّهم بالوصیّة بالثلث وما دونه لوارث أو أجنبیّ ، أو بأن یصرف علی الفقراء - مثلاً - تثبت فی تمام الموصیٰ به ویلزمون بالعمل بها أخذاً بإقرارهم ، ولا یحتاج إلیٰ بیّنة . وإذا أقرّ بها بعضهم دون بعض فإن کان المقرّ اثنین عادلین ثبتت أیضاً فی التمام ؛ لکونه إقراراً بالنسبة إلی المقرّ وشهادة بالنسبة إلیٰ غیره ، فلایحتاج إلیٰ بیّنة اُخریٰ ، وإلاّ ثبتت بالنسبة إلیٰ حصّة المقرّ خاصّة أخذاً بإقراره ، وأمّا بالنسبة إلیٰ حصّة الباقین یحتاج إلی البیّنة . نعم لو کان المقرّ عدلاً واحداً وکانت الوصیّة بالمال لشخص أو أشخاص کفیٰ ضمّ یمین المقرّ له مع إقرار المقرّ فی ثبوت التمام ، بل لو کان المقرّ امرأة ثبتت فی ربع حصّة الباقین إن کانت واحدة وفی نصفها إن کانت اثنتین وفی ثلاثة أرباعها إن کانت ثلاث وفی تمامها إن کانت أربع . وبالجملة : بعد ما کان المقرّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 571 من الورثة شاهداً بالنسبة إلیٰ حصّة الباقی ، کان کالشاهد الأجنبی فیثبت به ما یثبت به .
(مسألة 66) : إذا أقرّ الوارث بأصل الوصیّة کان کالأجنبی ، فلیس له إنکار وصایة من یدّعی الوصایة ولا یسمع منه هذا الإنکار کغیره . نعم لو کانت الوصیّة متعلّقة بالقصّر أو العناوین العامّة کالفقراء أو وجوه القرب کالمساجد والمشاهد أو المیّت نفسه کاستئجار العبادات والزیارات له ونحو ذلک ، کان لکلّ من یعلم بکذب من یدّعی الوصایة - خصوصاً إذا رأیٰ منه الخیانة - الإنکار علیه والترافع معه عند الحاکم من باب الحسبة ، لکن الوارث والأجنبی فی ذلک سیّان . نعم فیما إذا تعلّقت باُمور المیّت لایبعد أولویة الوارث من غیره واختصاص حقّ الدعویٰ به مقدّماً علیٰ غیره .
(مسألة 67) : إذا تصرّف الإنسان فی مرض موته ، فإن کان معلّقاً علیٰ موته کما إذا قال : «اُعطوا فلاناً بعد موتی کذا أو هذا المال المعیّن أو ثلث مالی أو ربعه أو نصفه - مثلاً - لفلان بعد موتی» ونحو ذلک فهو وصیّة ، وقد عرفت أنّها نافذة مع اجتماع الشرائط ما لم تزد علی الثلث ، وفی الزائد موقوف علیٰ إجازة الورثة کالواقعة فی مرض آخر غیر مرض الموت أو فی حال الصحّة وإن کان منجّزاً ؛ بمعنیٰ کونه غیر معلّق علی الموت ، وإن کان معلّقاً علیٰ أمر آخر فإن لم یکن مشتملاً علی المجّانیّة والمحاباة کبیع شیء بثمن المثل وإجارة عین باُجرة المثل ، فهو نافذ بلا إشکال ، وإن کان مشتملاً علی المحاباة ، بأن لم یصل ما یساوی ماله إلیه ؛ سواء کان مجّاناً محضاً کالوقف والعتق والإبراء والهبة الغیر المعوّضة ، أم لا کالبیع بأقلّ من ثمن المثل ، والإجارة بأقلّ من اُجرة المثل ، والهبة المعوّضة بما دون القیمة وغیر ذلک ، ففی نفوذه مطلقاً أو کونه مثل الوصیّة فی توقّف ما زاد علی الثلث علیٰ إمضاء الورثة قولان معروفان ، أقواهما الأوّل کما مرّ فی کتاب الحجر .
(مسألة 68) : إذا جمع فی مرض الموت بین عطیّة منجّزة ومعلّقة بالموت ، فإن وفی الثلث بهما لا إشکال فی نفوذهما فی تمام ما تعلّقتا به ، وإن لم یف بهما فعلی المختار من إخراج المنجّزة من الأصل یبدأ بها ، فتخرج من الأصل وتخرج المعلّقة من ثلث ما بقی . وأمّا علی القول الآخر ، فإن أمضی الورثة تنفذان معاً ، وإن لم یمضوا تخرجان معاً من الثلث ، ویبدأ أوّلاً بالمنجّزة ، فإن بقی شیء یصرف فی المعلّقة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 572