وهی ستّ :
المقدّمة الاُولیٰ : فی أعداد الفرائض ومواقیت الیومیّة ونوافلها
(مسألة 1) : الصلاة واجبة ومندوبة ، فالواجبة خمس : الیومیّة - ومنها الجمعة ـ وصلاة الآیات والطواف الواجب والأموات وما التزمه المکلّف بنذر أو إجارة أو غیرهما . والمندوبة أکثر من أن تحصیٰ ؛ منها الرواتب الیومیّة وهی : ثمان رکعات للظهر قبله ، وثمان للعصر قبله أیضاً ، وأربع للمغرب بعده ، ورکعتان من جلوس بعد العشاء تعدّان برکعة تسمّیٰ بالوتیرة ، ویمتدّ وقتها بامتداد وقتها ، ورکعتان للفجر قبل الفریضة ووقتها الفجر الأوّل ویمتدّ إلیٰ أن یبقیٰ من طلوع الحمرة مقدار أداء الفریضة ، ویجوز دسّها فی صلاة اللیل قبل الفجر ولو عند نصف اللیل ، وإحدیٰ عشر رکعة نافلة اللیل ؛ صلاة اللیل ثمان رکعات ثمّ رکعتا الشفع ثمّ رکعة الوتر ، وهی مع الشفع أفضل صلاة اللیل ورکعتا
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 123 الفجر أفضل منهما ، ویجوز الاقتصار علی الشفع والوتر بل علی الوتر خاصّة ، ووقت صلاة اللیل نصف اللیل إلی الفجر الصادق ، والسحر أفضل من غیره ، والثلث الأخیر من اللیل کلّه سحر وأفضله القریب من الفجر . فعدد النوافل بعد عدّ الوتیرة برکعة أربع وثلاثون رکعة ضعف عدد الفرائض . وتسقط فی السفر الموجب للقصر ثمانیة الظهر وثمانیة العصر وتثبت البواقی حتّی الوتیرة علی الأقویٰ .
(مسألة 2) : الأقویٰ ثبوت صلاة الغفیلة ولیست من الرواتب ، وهی رکعتان بین العشاءین یقرأ فی الاُولیٰ بعد الحمد : «وَذَا النُّونِ إِذ ذَهَبَ مُغـٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَن نَقْدِرَ عَلَیْهِ فَنَادَیٰ فِی الظُّلُمـٰاتِ أَنْ لاٰ إِلَـٰهَ إِلاّ أَنتَ سُبْحـٰانَکَ إِنّی کُنتُ مِنَ الظـٰالِمِینَ فَاسْتَجَبْنـٰا لَهُ وَنَجَّیْنـٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَکَذلِکَ نُنجِی الْمـُؤْمِنِینَ» ، وفی الثانیة بعد الحمد : «وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَیْبِ لاَ یَعْلَمُهَا إِلاّ هُوَ وَیَعْلَمُ مَا فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاّ یَعْلَمُهَا وَلاٰ حَبَّةٍ فِی ظُلُمـٰاتِ الأَرْضِ وَلاٰ رَطْبٍ وَلاٰ یـٰابِسٍ إِلاّ فِی کِتـٰابٍ مُبِینٍ» ، فإذا فرغ من القراءة رفع یدیه وقال : «اللهمّ إنّی أسألک بمفاتح الغیب التی لا یعلمها إلاّ أنت أن تصلّی علیٰ محمّد وآل محمّد وأن تفعل بی کذا وکذا ، اللهمّ أنت ولیّ نعمتی والقادر علیٰ طلبتی تعلم حاجتی فأسألک بحقّ محمّد وآل محمّد - علیه وعلیهم السلام - لمّا قضیتها لی» وسأل اللّه حاجته أعطاه اللّه - عزّوجلّ - ما سأله إن شاء اللّه .
(مسألة 3) : یجوز إتیان النوافل الرواتب وغیرها جالساً حتّیٰ فی حال الاختیار ، لکنّ الأولیٰ حینئذٍ عدّ کلّ رکعتین برکعة حتّیٰ فی الوتر فیأتی بها مرّتین کلّ مرّة رکعة .
(مسألة 4) : وقت نافلة الظهر من الزوال إلی الذراع ؛ أی سبعی الشاخص ، والعصر إلی الذراعین ؛ أی أربعة أسباعه ، فإذا وصل إلیٰ هذا الحدّ یقدّم الفریضة .
(مسألة 5) : لا إشکال فی جواز تقدیم نافلتی الظهر والعصر علی الزوال فی یوم الجمعة بل یزاد علیٰ عددهما أربع رکعات فتصیر عشرین رکعة . وأمّا فی غیر یوم الجمعة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 124 فالأقویٰ جواز تقدیمهما أیضاً ؛ خصوصاً إذا علم بعدم التمکّن من إتیانهما فیما بعد وإن کان فیه خلاف الفضل ، وکذا یجوز تقدیم نافلة اللیل علی النصف للمسافر والشابّ الذی یخاف من فوتها فی وقتها ، بل وکلّ ذی عذر کالشیخ وخائف البرد أو الاحتلام ، وینبغی لهم نیّة التعجیل لا الأداء .
(مسألة 6) : وقت الظهرین من الزوال إلی المغرب ، ویختصّ الظهر بأوّله مقدار أدائها بحسب حاله والعصر بآخره کذلک وما بینهما مشترک بینهما ، ومن المغرب إلیٰ نصف اللیل وقت العشاءین للمختار ویختصّ المغرب بأوّله بمقدار أدائها والعشاء بآخره کذلک ، وما بینهما مشترک بینهما . ویمتدّ وقتهما إلیٰ طلوع الفجر للمضطرّ ؛ لنوم أو نسیان أو حیض أو غیرها ، ویختصّ العشاء من آخره بمقدار أدائها ولایبعد امتداد وقتهما إلیه للعامد أیضاً . فلایکون صلاته بعد نصف اللیل قضاءً وإن أثم بالتأخیر منه ، ولکن الأحوط الإتیان بعده بقصد ما فی الذمّة من الأداء والقضاء ، وما بین طلوع الفجر الصادق إلیٰ طلوع الشمس وقت الصبح ، ووقت فضیلة الظهر من الزوال إلیٰ بلوغ الظلّ الحادث مثل الشاخص ، کما أنّ منتهیٰ فضیلة العصر المثلان ، ومبدأ فضیلته إذا بلغ الظلّ أربعة أقدام ؛ أی أربعة أسباع الشاخص ، ووقت فضیلة المغرب من المغرب إلیٰ ذهاب الشفق ، وهو أوّل فضیلة العشاء إلیٰ ثلث اللیل ، فلها وقتا إجزاء : قبل ذهاب الشفق وبعد الثلث إلی النصف ، ووقت فضیلة الصبح من أوّله إلیٰ حدوث الحمرة المشرقیّة .
(مسألة 7) : المراد باختصاص الوقت : عدم صحّة الشریکة فیه مع عدم أداء صاحبتها بوجه صحیح ، فلامانع من إتیان غیر الشریکة کصلاة القضاء من ذلک الیوم أو غیره فیه ، وکذا لا مانع من إتیان الشریکة فیه إذا حصل فراغ الذمّة من صاحبة الوقت . فإذا قدّم العصر
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 125 سهواً علی الظهر وبقی من الوقت مقدار أربع رکعات یصحّ إتیان الظهر فی ذلک الوقت أداء ، وکذا لو صلّی الظهر قبل الزوال بظنّ دخول الوقت فدخل الوقت قبل تمامها لا مانع من إتیان العصر بعد الفراغ منها ولایجب التأخیر إلیٰ مضیّ مقدار أربع رکعات .
(مسألة 8) : لو قدّم العصر علی الظهر أو العشاء علی المغرب عمداً بطل ما قدّمه ؛ سواء کان فی الوقت المختصّ بالاُولیٰ أو فی الوقت المشترک ، وإذا قدّم سهواً وتذکّر بعد الفراغ صحّ ما قدّمه ویأتی بالاُولیٰ بعده . وإن تذکّر فی الأثناء عدل بنیّته إلی السابقة إلاّ إذا لم یبق محلّ العدول ، کما إذا قدّم العشاء وتذکّر بعد رکوع الرابعة فیتمّ بنیّة اللاحقة ویأتی بعدها بالسابقة .
(مسألة 9) : إذا بقی للحاضر مقدار خمس رکعات إلی الغروب وللمسافر ثلاث أو أکثر قدّم الظهر وإن وقع بعض العصر فی خارج الوقت ، وإذا بقی للحاضر أربع أو أقلّ وللمسافر رکعتان أو أقلّ صلّی العصر ، وإذا بقی للحاضر إلیٰ نصف اللیل خمس رکعات أو أکثر وللمسافر أربع رکعات أو أکثر قدّم المغرب ثمّ العشاء ،وإذا بقی للمسافر إلیه أقلّ من أربع رکعات قدّم العشاء ، ویجب المبادرة إلیٰ إتیان المغرب بعده إذا بقی بعده مقدار رکعة أو أزید .
(مسألة 10) : یجوز العدول من اللاحقة إلی السابقة بخلاف العکس ، فلو دخل فی الظهر أو المغرب فتبیّن فی الأثناء أنّه صلاّهما لایجوز له العدول إلی اللاحقة ، بخلاف ما إذا دخل فی الثانیة بتخیّل أنّه صلّی الاُولیٰ فتبیّن فی الأثناء خلافه ، فإنّه یعدل إلی الاُولیٰ إذا بقی محلّ العدول کما تقدّم .
(مسألة 11) : إذا کان مسافراً وبقی من الوقت مقدار أربع رکعات فنوی الظهر - مثلاً - ثمّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 126 نوی الإقامة فی الأثناء بطلت صلاته ، ولایجوز له العدول إلی اللاحقة فیقطعها ویشرع فیها . وإذا کان فی الفرض ناویاً للإقامة فشرع فی اللاحقة ثمّ عدل عن نیّة الإقامة فالظاهر أنّه یعدل إلی الاُولیٰ فیأتی بها ثمّ یأتی باللاحقة .
(مسألة 12) : یجب تأخیر الصلاة عن أوّل وقتها لذوی الأعذار مع رجاء زوالها فی آخر الوقت ، إلاّ فی التیمّم فإنّه یجوز فیه البدار إلاّ مع العلم بارتفاع العذر فی آخره وقد مرّ فی بابه .
(مسألة 13) : الأقویٰ جواز التطوّع فی وقت الفریضة ما لم تتضیّق وکذا لمن علیه قضاء الفریضة .
(مسألة 14) : إذا تیقّن بدخول الوقت فصلّیٰ أو عوّل علی الظنّ المعتبر کشهادة العدلین أو أذان الثقة ، فإن وقع تمام الصلاة قبل الوقت بطلت ، وإن وقع بعضها فی الوقت ولو قلیلاً منها صحّت .
(مسألة 15) : إذا مضیٰ من أوّل الوقت مقدار أداء الصلاة بحسب حاله ثمّ حصل أحد الأعذار کالجنون والحیض وجب علیه القضاء وإلاّ لم یجب ، وإذا ارتفع العذر فی آخر الوقت فإن وسع الصلاتین وجبتا ، وإن وسع لواحدة أتیٰ بها ، وإن بقی مقدار رکعة أتیٰ بالثانیة ، وإن زاد علی الثانیة بمقدار رکعة وجبتا معاً .
(مسألة 16) : یعتبر لغیر ذی العذر العلم بدخول الوقت حین الشروع فی الصلاة ، ویقوم مقامه شهادة العدلین علی الأقویٰ . ولا یکفی الأذان ولو کان المؤذّن عدلاً عارفاً بالوقت
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 127 علی الأحوط ، وإن کان الاکتفاء بأذان العدل بل الثقة العارف بالوقت لایخلو عن قوّة . وأمّا ذو العذر ففی مثل الغیم ونحوه من الأعذار العامّة یجوز له التعویل علی الظنّ به ، وأمّا ذو العذر الخاصّ کالأعمیٰ والمحبوس فلایترک الاحتیاط بالتأخیر إلیٰ أن یحصل له العلم بدخول الوقت .
المقدّمة الثانیة : فی القبلة
(مسألة 1) : یجب الاستقبال مع الإمکان فی الفرائض الیومیّة وغیرها من الفرائض حتّیٰ صلاة الجنائز وفی النافلة إذا صلّیت فی الأرض فی حال الاستقرار ، أمّا لو صلّیت حال المشی والرکوب وفی السفینة فلا یعتبر فیها الاستقبال .
(مسألة 2) : یعتبر العلم بالتوجّه إلی القبلة حال الصلاة ، ومع تعذّر العلم یبذل تمام جهده ویعمل علیٰ ظنّه . ومع تعذّر الظنّ یکتفی بالجهة العرفیّة ، ومع تساوی الجهات صلّیٰ إلیٰ أربع جهات إن وسع الوقت وإلاّ فبقدر ما وسع . ولو علم عدمها فی بعض الجهات سقط اعتبارها وصلّیٰ إلی المحتملات الاُخر ویعوّل علیٰ قبلة بلد المسلمین فی صلاتهم وقبورهم ومحاریبهم إذا لم یعلم بناؤها علی الغلط .
(مسألة 3) : المتحیّر الذی یجب علیه الصلاة إلیٰ أزید من جهة واحدة لو کان علیه صلاتان - کالظهرین - فالأحوط أن تکون الثانیة إلیٰ جهات الاُولیٰ ، کما أنّ الأحوط أن یتمّم جهات الاُولیٰ ثمّ یشرع فی الثانیة .
(مسألة 4) : من صلّیٰ إلیٰ جهة ؛ قطع أو ظنّ بها - فی مقام الاکتفاء بالظنّ - ثمّ تبیّن خطؤه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 128 فإن کان منحرفاً عنها إلیٰ ما بین الیمین والشمال صحّت صلاته وإن کان فی أثنائها مضیٰ ما تقدّم منها واستقام فی الباقی ؛ من غیر فرق بین بقاء الوقت وعدمه . وإن تجاوز انحرافه عمّا بین الیمین والشمال أعاد فی الوقت دون خارجه وإن بان أنّه مستدبر ، إلاّ أنّ الأحوط القضاء مع الاستدبار بل مطلقاً وکذا إذا کان فی الأثناء .
المقدّمة الثالثة : فی الستر والساتر
(مسألة 1) : یجب مع الاختیار ستر العورة فی الصلاة وتوابعها والنافلة دون صلاة الجنازة وإن کان الأحوط فیها ذلک أیضاً ، ویجب ستر العورة فی الطواف أیضاً .
(مسألة 2) : لو بدت العورة لریح أو غفلة أو کانت خارجة من أوّل الأمر وهو لایعلم بها فالصلاة صحیحة لکن یبادر إلی الستر إن علم فی الأثناء ، والأحوط الإتمام ثمّ الاستئناف ، وکذا لو نسی سترها من أوّل الأمر أو بعد التکشّف فی الأثناء .
(مسألة 3) : عورة الرجل فی الصلاة عورته فی النظر ، وهی : الدبر والقضیب والاُنثیان ، والأحوط ستر الشبح الذی یریٰ من خلف الثوب من غیر تمیّز للونه . وعورة المرأة فی الصلاة جمیع بدنها حتّی الرأس والشعر ما عدا الوجه الذی یجب غسله فی الوضوء والیدین إلی الزندین والقدمین إلی الساقین ، ویجب علیها ستر شیء من أطراف هذه المستثنیات مقدّمة .
(مسألة 4) : یجب علی المرأة ستر رقبتها وتحت ذقنها حتّی المقدار الذی یریٰ منه عند اختمارها علی الأحوط .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 129 (مسألة 5) : الأمة والصبیّة کالحرّة والبالغة ، إلاّ أنّه لایجب علیهما ستر الرأس والشعر والعنق .
(مسألة 6) : لایجب التستّر من جهة التحت ، نعم لو وقف علیٰ طرف سطح أو شبّاک بحیث تریٰ عورته لو کان هناک ناظر فالأحوط - بل الأقوی - التستّر من جهة التحت أیضاً وإن لم یکن ناظر من تحت .
(مسألة 7) : الستر عن النظر یحصل بکلّ ما یمنع عن النظر ولو بالید أو الطلی بالطین أو الولوج فی الماء حتّیٰ أنّ الدبر یکفی فی ستره الألیتان ، وأمّا الستر الصلاتی فلایکفی فیه ذلک ولو فی حال الاضطرار . نعم لایبعد کفایة الطلی بالطین حال الاضطرار وإن کان الأحوط خلافه . فمع الاضطرار وإمکانه یجمع بین صلاة فاقد الساتر وواجده ، وأمّا الستر بالورق والحشیش وکذا القطن والصوف الغیر المنسوجین فالأقویٰ جوازه علیٰ کلّ حال .
(مسألة 8) : یعتبر فی الساتر بل فی مطلق لباس المصلّی اُمور :
الأوّل : الطهارة إلاّ فیما لاتتمّ الصلاة فیه منفرداً کما تقدّم .
الثانی : الإباحة فلایجوز فی المغصوب مع العلم بالغصبیّة ، فلو لم یعلم بها صحّت صلاته وکذا الناسی .
(مسألة 9) : لا فرق فی الغصب بین أن یکون عینه مال الغیر أو منفعته أو یکون متعلّقاً لحقّ الغیر کالمرهون ، بل إذا اشتریٰ ثوباً بعین مال تعلّق به الخمس أو الزکاة مع عدم أدائهما من مال آخر حکمه حکم المغصوب .
(مسألة 10) : إذا صبغ الثوب بصبغ مغصوب أو خیط بخیط مغصوب ففی جریان حکم
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 130 المغصوب علیه إشکال ، فلایترک الاحتیاط ، خصوصاً فی الثانی . نعم لا إشکال فیما إذا اُجبر الصبّاغ أو الخیّاط علیٰ عمله ولم یعط اُجرته مع کون الصبغ والخیط من مالک الثوب ، وکذا إذا غسل الثوب بماء مغصوب أو اُزیل وسخه بصابون مغصوب أو اُجبر الغاسل علیٰ غسله ولم یعط اُجرته .
الثالث : أن یکون مذکّیً مأکول اللحم ، فلاتجوز الصلاة فی جلد غیر المذکّیٰ ولا فی غیر جلده من أجزائه التی تحلّها الحیاة ولو کان طاهراً من جهة عدم کونه ذا نفس سائلة کالسمک . ویجوز فیما لا تحلّه الحیاة من أجزائه کالصوف والشعر والوبر ونحوها . وأمّا غیر مأکول اللحم فلایجوز الصلاة فی شیء منه وإن ذکّی ؛ من غیر فرق بین أجزائه التی تحلّها الحیاة وغیرها ، بل یجب إزالة الفضلات الطاهرة منه کالرطوبة والشعرات الملتصقة بلباس المصلّی وبدنه . نعم لو شکّ فی اللباس أو فیما علی اللباس من الرطوبة ونحوها فی أنّها من المأکول أو من غیره أو من الحیوان أو غیره صحّت الصلاة فیه ، بخلاف ما إذا شکّ فیما تحلّه الحیاة من الحیوان أنّه مذکّیً أو میتة فإنّه لا یصلّی فیه حتّیٰ یحرز التذکیة . نعم ما یؤخذ من ید المسلم أو من سوق المسلمین مع عدم العلم بسبق ید الکافر علیه أو سبق یده مع احتمال أنّ المسلم الذی بیده قد تفحّص عن حاله ، محکوم بالتذکیة فیجوز الصلاة فیه .
(مسألة 11) : لابأس بالشمع والعسل والحریر الممتزج وأجزاء مثل البقّ والبرغوث والزنبور ونحوها ممّا لا لحم لها ، وکذلک الصدف .
(مسألة 12) : استثنی ممّا لا یؤکل : الخزّ والسنجاب ، إلاّ أنّ الذی یسمّونه الآن بالخزّ لم یعلم أنّه الخزّ ، ومع ذلک لابأس بالصلاة فیه لمن اشتبه حاله بعدما جوّزنا الصلاة فی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 131 المشتبه ، وإن کان الأحوط - شدیداً - الاجتناب عنه .
(مسألة 13) : لابأس بفضلات الإنسان کشعره وریقه ولبنه ؛ سواء کان لنفسه أو لغیره ، فلابأس بالشعر الموصول بالشعر وصحّت الصلاة فیه ؛ سواء کان من الرجل أو المرأة .
الرابع : أن لا یکون الساتر بل مطلق اللباس من الذهب للرجال فی الصلاة وغیرها ولو کان حلیّاً کالخاتم ونحوه .
(مسألة 14) : لابأس بشدّ الأسنان بالذهب ، بل ولا ترکیبها به فی الصلاة وغیرها ، نعم فی مثل الثنایا ممّا کان ظاهراً وقصد به التزیّن لایخلو من إشکال فالأحوط الاجتناب . وکذا لابأس بکون قاب الساعة من الذهب واستصحابها فی الصلاة ، نعم إذا کان زنجیر الساعة من الذهب وعلّقه علیٰ رقبته أو علّق رأسه بلباسه یشکل الصلاة معه ، بخلاف ما إذا کان غیر معلّق ، وإن کان معه فی جیبه فلابأس به .
الخامس : أن لایکون حریراً محضاً للرجال ، بل لایجوز لبسه لهم فی غیر الصلاة أیضاً وإن کان ممّا لا تتمّ فیه الصلاة منفرداً کالتکّة والقلنسوة ونحوهما علی الأحوط ، والمراد به ما یشمل القزّ ، ویجوز للنساء ولو فی الصلاة وللرجال فی الضرورة وفی الحرب .
(مسألة 15) : الذی یحرم علی الرجال خصوص لبس الحریر ، فلابأس بالافتراش والرکوب علیه والتدثّر به ولا بزرّ الثیاب وأعلامها والسفائف والقیاطین الموضوعة علیها . کما لابأس بعصابة الجروح والقروح وحفیظة المسلوس وغیر ذلک ، بل ولابأس بأن یرقّع الثوب به ولا الکفّ به إذا لم یکونا بمقدار یصدق معه لبس الحریر وإن کان الأحوط فی الکفّ أن لا یزید علیٰ مقدار أربع أصابع مضمومة ، بل الأحوط ملاحظة التقدیر المزبور فی الرقاع أیضاً .
(مسألة 16) : قد عرفت أنّ المحرّم لبس الحریر المحض - أی الخالص الذی لم یمتزج بغیره - فلابأس بالممتزج . والمدار علیٰ صدق مسمّی الامتزاج الذی به یخرج عن المحوضة ولو کان الخلیط بقدر العشر . ویشترط فی الخلیط من جهة صحّة الصلاة فیه کونه من جنس ما یصحّ الصلاة فیه ، فلایکفی مزجه بصوف أو وبر ما لا یؤکل لحمه وإن
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 132 کان کافیاً فی رفع حرمة اللبس . نعم الثوب المنسوج من الإبریسم المفتول بالذهب یحرم لبسه کما لا یصحّ الصلاة فیه .
(مسألة 17) : لبس لباس الشهرة وإن کان حراماً وکذا ما یختصّ بالنساء للرجال وبالعکس - علی الأحوط - لکن لایضرّ لبسها بالصلاة .
(مسألة 18) : لو شکّ فی أنّ اللباس أو الخاتم ذهب أو غیره یجوز لبسه والصلاة فیه ، وکذلک الحال فیما شکّ أنّه من الحریر أو غیره ، ومن هذا القبیل اللباس المتعارف فی زماننا المسمّیٰ بالشعری لمن لم یعرف حقیقته . ولو شکّ فی أنّه حریر محض أو ممتزج فالأحوط الاجتناب عنه .
(مسألة 19) : لابأس بلبس الصبیّ الحریر فلا یحرم علی الولیّ إلباسه ، ولایجب علیه نزعه منه ، ولکن لاتصحّ صلاته فیه .
(مسألة 20) : إذا لم یجد المصلّی ساتراً حتّی الورق والحشیش فإن وجد ما یستر به عورته حتّی الطین أو الماء الکدر أو حفرة یلج فیها ویتستّر بها صلّیٰ صلاة المختار ، وإن لم یجد ذلک فإن لم یکن ناظر فالأحوط تکرار الصلاة ؛ بأن یصلّی صلاة المختار تارة وقائماً مومئاً للرکوع والسجود ، واُخریٰ واضعاً یدیه علیٰ قبله فی حال القیام علی الأحوط ، وإن لم یأمن من النظر صلّیٰ جالساً منحنیاً للرکوع والسجود بمقدار لایبدو عورته .
(مسألة 21) : یجب تأخیر الصلاة عن أوّل الوقت إذا لم یکن عنده ساتر واحتمل وجوده فی آخر الوقت .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 133
المقدّمة الرابعة : المکان
(مسألة 1) : کلّ مکان یجوز الصلاة فیه إلاّ المغصوب عیناً أو منفعة ، وفی حکم الغصب ما تعلّق به حقّ الغیر کالرهن وحقّ المیّت إذا أوصیٰ بالثلث ولم یخرج بعد ، بل ما تعلّق به حقّ السبق ؛ بأن سبق شخص إلیٰ مکان من المسجد أو غیره للصلاة فیه ولم یعرض عنه علی الأحوط ، لو لم یکن الأقویٰ . وإنّما یبطل الصلاة فی المغصوب إذا کان عالماً بالغصبیّة وکان مختاراً ، من غیر فرق بین الفریضة والنافلة . أمّا الجاهل بالغصبیّة والمضطرّ والمحبوس بباطل والناسی فصلاتهم ـ والحالة هذه - صحیحة ، وصلاة المضطرّ کصلاة غیره بقیام ورکوع وسجود .
(مسألة 2) : الأرض المغصوبة المجهول مالکها لایجوز الصلاة فیها ویرجع أمرها إلی الحاکم الشرعی ، وکذا فی الأرض المشترکة إلاّ بإذن جمیع الشرکاء .
(مسألة 3) : لاتبطل الصلاة تحت السقف المغصوب وفی الخیمة المغصوبة والصهوة والدار التی وقع غصب فی بعض سورها ، إذا کان ما یقع فیه الصلاة مباحاً وإن کان الأحوط الاجتناب فی الجمیع .
(مسألة 4) : إذا اشتریٰ داراً بعین المال الذی تعلّق به الخمس أو الزکاة یشکل الصلاة فیها إلاّ إذا جعل الحقّ فی ذمّته بوجه شرعیّ ولو بالمصالحة مع المجتهد . وکذا یشکل تصرّفات الورثة من الصلاة وغیرها فی ترکة مورّثهم إذا کان علیه حقوق الناس کالمظالم أو الزکاة أو الخمس قبل أداء ما علیه من الحقوق . وکذا یشکل تصرّفاتهم - حتّی الصلاة - فی ترکة المیّت إذا کان علیه دین مستغرق للترکة ، بل وغیر المستغرق إلاّ مع رضا الدیّان أو کون الورثة بانین علی الأداء غیر متسامحین .
(مسألة 5) : المدار فی جواز التصرّف والصلاة فی ملک الغیر علیٰ إحراز رضائه وطیب
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 134 نفسه وإن لم یأذن صریحاً ؛ بأن علم ذلک بالقرائن وشاهد الحال وظواهر تکشف عن رضاه کشفاً اطمئنانیّاً لا یعتنیٰ باحتمال الخلاف ، وذلک کالمضائف المفتوحة الأبواب والحمّامات والخانات ونحو ذلک .
(مسألة 6) : یجوز الصلاة فی الأراضی المتّسعة کالصحاری والمزارع والبساتین التی لم یبن علیها الحیطان ، بل وسائر التصرّفات الیسیرة ممّا جرت علیه السیرة کالاستطراقات العادیّة الغیر المضرّة والجلوس والنوم فیها وغیر ذلک ، ولایجب التفحّص عن ملاّکها ، من غیر فرق بین کونهم کاملین أو قاصرین کالصغار والمجانین . نعم مع ظهور الکراهة والمنع عن ملاّکها ولو بوضع ما یمنع المارّة عن الدخول فیها یشکل جمیع ما ذکر وأشباهها .
(مسألة 7) : المراد بالمکان الذی تبطل الصلاة بغصبه ما استقرّ علیه المصلّی ولو بوسائط ، أو ما شغله من الفضاء فی قیامه ورکوعه وسجوده ونحوها . فقد یجتمعان وقد یفترقان ؛ ففی الصلاة فی الأرض المغصوبة اجتمع الغصب من جهة المقرّ مع الغصب من جهة الفضاء ، وعلی الجناح المباح الخارج إلی الفضاء الغیر المباح تحقّق الغصب من جهة الفضاء دون المقرّ ، وعلی الفراش المغصوب المطروح علیٰ أرض مباح تحقّق من جهة المقرّ دون الفضاء .
(مسألة 8) : الأقویٰ صحّة صلاة کلّ من الرجل والمرأة مع المحاذاة أو تقدّم المرأة ، لکن علیٰ کراهیّة بالنسبة إلیهما مع تقارنهما فی الشروع فی الصلاة ، وبالنسبة إلی المتأخّر منهما مع اختلافهما ، والأحوط لهما ترک ذلک . ولو فعلا فالأحوط إعادتهما للصلاة مع التقارن وإعادة المتأخّر منهما مع الاختلاف . ولا فرق فی الحکم المذکور کراهة أو حرمة بین المحارم وغیرهم وبین کونهما بالغین أو غیر بالغین أو مختلفین ، بل یعمّ الحکم الزوج والزوجة أیضاً . وترتفع الکراهة أو الحرمة بوجود الحائل وبالبعد بینهما عشرة أذرع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 135 بذراع الید وبتأخّر المرأة . والأحوط فی الحائل کونه بحیث یمنع المشاهدة ، کما أنّ الأحوط فی التأخّر کون مسجدها وراء موقفه وإن لم یبعد کفایة مطلقهما .
(مسألة 9) : الأحوط أن لا یتقدّم فی الصلاة علیٰ قبر المعصوم ، بل ولا یساویه أیضاً . ویرتفع الحکم بالبعد المفرط علیٰ وجه لا یصدق معه التقدّم والمحاذاة ویخرج عن صدق وحدة المکان ، وکذا بالحائل الرافع لسوء الأدب . والظاهر أنّه لیس منه الشبّاک والصندوق الشریف وثوبه .
(مسألة 10) : لاتعتبر الطهارة فی مکان المصلّی إلاّ مع تعدّی النجاسة إلی الثوب أو البدن ، نعم تعتبر فی خصوص مسجد الجبهة کما مرّ ، ویعتبر فیه أیضاً مع الاختیار کونه أرضاً أو نباتاً أو قرطاساً ، وأفضل الثلاثة التربة الحسینیّة التی تخرق الحجب السبع وتنوّر إلی الأرضین السبع . ولایجوز السجود علیٰ ما خرج عن اسم الأرض من المعادن کالذهب والفضّة والقیر ونحو ذلک ، وکذا ما خرج عن اسم النبات کالرماد . وفی جواز السجود علی الخزف والآجر والنورة والجصّ المطبوخین وکذا الفحم تأمّل وإشکال . نعم یجوز علی الجصّ قبل الطبخ وطین الأرمنی وحجر الرحیٰ بل وبعض أصناف المرمر .
ویعتبر فی جواز السجود علی النبات أن یکون من غیر المأکول والملبوس ، فلایجوز السجود علیٰ ما فی أیدی الناس من المآکل والملابس کالمخبوز والمطبوخ والحبوب المعتاد أکلها من الحنطة والشعیر ونحوهما والفواکه والبقول المأکولة والثمرة المأکولة ولو قبل وصولها إلیٰ زمان الأکل . نعم لابأس بالسجود علیٰ قشورها ونواها بعد
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 136 انفصالهما عنها دون المتّصل بها ، کما أنّه لابأس بغیر المأکول منها کالحنظل والخرنوب ونحوهما ، وکذا لابأس بالتبن والقصیل ونحوهما . ولایمنع شرب التتن من جواز السجود علیه . وفی جواز السجود علیٰ نخالة الحنطة والشعیر إشکال فلایترک الاحتیاط ، وکذا علیٰ قشر البطّیخ والرقّی . نعم لایبعد الجواز فی قشر الأرز والرُمّان بعد الانفصال .
والکلام فی الملبوس کالکلام فی المأکول ، فلایجوز علی القطن والکتّان ولو قبل وصولهما استعداد الغزل . نعم لابأس بالسجود علیٰ خشبهما وغیره کالورق والخوص ونحوهما ممّا لم یکن معدّاً لاتّخاذ الملابس المعتادة منها . فلا بأس حینئذٍ بالسجود علی القبقاب والثوب المنسوج من الخوص مثلاً ، فضلاً عن البوریا والحصیر والمروحة ونحوها . والأحوط ترک السجود علی القنّب وکذا علی القرطاس المتّخذ من غیر النبات کالمتّخذ من الحریر والإبریسم .
(مسألة 11) : یعتبر فیما یسجد علیه مع الاختیار کونه بحیث یمکن تمکین الجبهة علیه ، فلایجوز علی الوحل الغیر المتماسک ، بل ولا علی التراب الذی لایتمکّن الجبهة علیه . ومع إمکان التمکین علی الطین لابأس بالسجود علیه وإن لصق بجبهته ، لکن یجب إزالته للسجدة الثانیة . ولو لم یکن عنده إلاّ الطین الغیر المتماسک سجد علیه بالوضع من غیر اعتماد .
(مسألة 12) : إذا کان فی الأرض ذات الطین والوحل بحیث لو جلس للسجود والتشهّد یتلطّخ به بدنه وثیابه ولم یکن له مکان آخر جاز له الصلاة قائماً مومئاً للسجود ویتشهّد قائماً ، لکن الأحوط مع عدم الحرج الشدید الجلوس لهما وإن تلطّخ بدنه وثیابه .
(مسألة 13) : إذا لم یکن عنده ما یصحّ السجود علیه أو کان ولم یتمکّن من السجود علیه لحرّ أو برد أو تقیّة أو غیرها سجد علیٰ ثوب القطن أو الکتّان وإن لم یکن سجد علیٰ ظهر کفّه ، وإن لم یتمکّن فعلی المعادن .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 137 (مسألة 14) : إذا فقد ما یصحّ السجود علیه فی أثناء الصلاة قطعها فی سعة الوقت وفی الضیق یسجد علیٰ ثوبه القطن أو الکتّان ، ثمّ علیٰ ظهر الکفّ ، ثمّ علی المعادن علی الترتیب .
(مسألة 15) : یعتبر فی المکان الذی یصلّی فیه الفریضة أن یکون قارّاً غیر مضطرب ، فلو صلّی اختیاراً فی سفینة أو علیٰ سریر أو بیدر فإن فات الاستقرار المعتبر فی الفریضة بطلت صلاته ، وإن حصل الاستقرار بحیث یصدق علیه أنّه مستقرّ مطمئنّ صحّت صلاته وإن کانت فی سفینة سائرة وشبهها کالکاری والشمندفر ونحوهما ، لکن یجب المحافظة علیٰ بقیّة ما یجب فی الصلاة من الاستقبال ونحوه . هذا کلّه مع الاختیار ، أمّا مع الاضطرار فلابأس فیصلّی ماشیاً وعلی الدابّة وفی السفینة الغیر المستقرّة ، لکن مع مراعاة الاستقبال بما أمکنه من صلاته . وینحرف إلی القبلة کلّما انحرفت الدابّة أو السفینة ، فإن لم یتمکّن من الاستقبال إلاّ فی تکبیرة الإحرام اقتصر علیٰ ذلک وإن لم یتمکّن من الاستقبال أصلاً سقط لکن یجب علیه تحرّی الأقرب إلی القبلة فالأقرب ، وکذا بالنسبة إلیٰ غیر الاستقبال ممّا هو واجب فی الصلاة فإنّه یأتی بما یتمکّن منه أو بدله ویسقط ما تقتضی الضرورة سقوطه .
(مسألة 16) : یستحبّ الصلاة فی المساجد ، بل یکره عدم حضورها بغیر عذر کالمطر ؛ خصوصاً لجار المسجد حتّیٰ ورد فی الخبر : «لا صلاة لجار المسجد إلاّ فی المسجد» . وأفضلها مسجد الحرام فإنّ الصلاة فیه تعدل ألف ألف صلاة ، ثمّ مسجد النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم تعدل الصلاة فیه عشرة آلاف ، ثمّ مسجد الکوفة والأقصیٰ ، والصلاة فیهما تعدل ألف صلاة ، ثمّ المسجد الجامع وفیه تعدل مائة صلاة ، ثمّ مسجد القبیلة وفیه تعدل خمساً وعشرین ، ثمّ مسجد السوق وفیه تعدل اثنی عشر . والأفضل للنساء الصلاة فی بیوتهنّ ، والأفضل بیت المخدع ، وکذا یستحبّ الصلاة فی مشاهد الأئمّة علیهم السلام ؛ خصوصاً مشهد علیّ علیه السلام وحائر الحسین علیه السلام .
(مسألة 17) : یکره تعطیل المسجد فإنّه أحد الثلاثة الذین یشکون إلی اللّه - عزّوجلّ - یوم
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 138 القیامة ، والآخران : عالم بین جهّال ومصحف معلّق قد وقع علیه الغبار لا یقرأ فیه . ومن مشیٰ إلیٰ مسجد من مساجد اللّه فله بکلّ خطوة خطاها حتّیٰ یرجع إلیٰ منزله عشر حسنات ومحی عنه عشر سیّئات ورفع له عشر درجات .
(مسألة 18) : من المستحبّات الأکیدة بناء المسجد وفیه أجر عظیم وثواب جسیم فعن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم : «من بنیٰ مسجداً فی الدنیا أعطاه اللّه لکلّ شبر منه مسیرة أربعین ألف عام مدینة من ذهب وفضّة ولؤلؤ وزبرجد» .
(مسألة 19) : المشهور اعتبار إجراء صیغة الوقف فی صیرورة الأرض مسجداً ؛ بأن یقول : «وقفتها مسجداً قربة إلی اللّه تعالیٰ» لکن الأقویٰ کفایة البناء بقصد کونه مسجداً مع صلاة شخص واحد فیه بإذن البانی ، فیجری علیه حکم المسجدیّة وإن لم تجرِ الصیغة .
(مسألة 20) : تکره الصلاة فی الحمّام حتّی المسلخ منه ، وفی المزبلة والمجزرة والمکان المتّخذ للکنیف ولو سطحاً متّخذاً مبالاً ، وبیت المسکر ، وفی أعطان الإبل ، وفی مرابط الخیل والبغال والحمیر والبقر ، ومرابض الغنم ، وفی الطرق إن لم تضرّ بالمارّة وإلاّ حرمت ، وفی قری النمل ، وفی مجاری المیاه وإن لم یتوقّع جریانها فیها فعلاً ، وفی الأرض السبخة ، وفی کلّ أرض نزل فیها عذاب ، وعلی الثلج ، وفی معابد النیران بل کلّ بیت اُعدّ لإضرام النار فیه ، وعلی القبر أو إلی القبر أو بین القبور ، وترتفع الکراهة فی الأخیر وسابقه بالحائل وببعد عشرة أذرع . ولابأس بالصلاة خلف قبور الأئمّة علیهم السلام ولا علیٰ یمینها وشمالها وإن کان الأولی الصلاة عند الرأس علیٰ وجـه لایساوی الإمام ، وکذا تکره وبین یدیه نار مضرمة أو سراج أو تمثـال ذی الروح وتزول فی الأخیر بالتغطیة ، وتکره وبین یدیه مصحف أو کتاب مفتوح أو کان مقابله باب مفتوح أو حائط ینزّ من بالوعة یبال فیها وترتفع بستره .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 139
المقدّمة الخامسة : فی الأذان والإقامة
(مسألة 1) : الأذان والإقامة لا إشکال فی تأکّد رجحانهما للصلوات الخمس أداءً وقضاءً ، حضراً وسفراً ، فی الصحّة والمرض ، للجامع والمنفرد ، للرجال والنساء ، حتّیٰ قال بعض بوجوبهما وخصّه بعض بالصبح والمغرب وبعضهم بالجماعة ، والأقوی استحباب الأذان مطلقاً ، وأمّا الإقامة فلایترک الاحتیاط فی الإتیان بها بالنسبة إلی الرجال فی کلّ من الصلوات الخمس .
(مسألة 2) : یسقط الأذان فی العصر والعشاء إذا جمع بینهما وبین الظهر والمغرب ؛ من غیر فرق بین موارد استحباب الجمع ، مثل عصر یوم الجمعة وعصر یوم عرفة وعشاء لیلة العید فی المزدلفة ؛ حیث إنّه یستحبّ الجمع بین الصلاتین فی هذه المواضع الثلاثة وبین غیرها . ویتحقّق التفریق المقابل للجمع بطول الزمان بین الصلاتین وبفعل النافلة الموظّفة بینهما علی الأقویٰ . فبإتیان نافلة العصر بین الظهرین ونافلة المغرب بین العشاءین یتحقّق التفریق الموجب لعدم سقوط الأذان . والأقویٰ أنّ سقوط الأذان فی موارد الجمع عزیمة ؛ بمعنیٰ عدم المشروعیّة ، فیحرم إتیانه بقصدها خصوصاً فی عصر یوم الجمعة إذا جمعت مع الظهر أو الجمعة .
(مسألة 3) : یسقط الأذان مع الإقامة فی مواضع : منها : للداخل فی الجماعة التی أذّنوا وأقاموا لها وإن لم یسمعهما ولم یکن حاضراً حینهما وکان مسبوقاً . ومنها : من صلّیٰ فی مسجد فیه جماعة لم تتفرّق ؛ سواء قصد الإتیان إلیها أم لا ، وسواء صلّیٰ جماعة إماماً أو مأموماً أو منفرداً ، فلو تفرّقت بمعنیٰ سیلانها فی الأزقّة أو أعرضوا عن الصلاة وتعقیبها وإن بقوا فی مکانهم لم یسقطا عنه ، کما أنّهما لایسقطان لو کانت الجماعة السابقة بغیر أذان وإقامة ولو کان ترکهم لهما من جهة اکتفائهم بالسماع من الغیر . وکذا فیما إذا کانت
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 140 باطلة من جهة فسق الإمام مع علم المأمومین به أو من جهة اُخریٰ . وکذا مع عدم اتّحاد مکان الصلاتین عرفاً بأن کانت إحداهما داخل المسجد - مثلاً - والاُخریٰ علیٰ سطحه أو بعدت إحداهما عن الاُخریٰ کثیراً ، وهل یختصّ الحکم بالمسجد أو یجری فی غیره أیضاً ؟ محلّ إشکال ، وکذا الإشکال فیما إذا لم تکن صلاته مع صلاة الجماعة أدائیّتین ؛ بأن کانت إحداهما أو کلتاهما قضائیّة ؛ عن النفس أو الغیر ، علیٰ وجه التبرّع أو الإجارة ، وکذا فیما إذا لم تشترکا فی الوقت کما إذا کانت الجماعة السابقة عصراً وهو یرید أن یصلّی المغرب . والأحوط الإتیان بهما فی موارد الإشکال بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبیّة .
المقدّمة السادسة : إحضار القلب فی الصلاة
(مسألة 1) : ینبغی للمصلّی إحضار قلبه فی تمام الصلاة فی أقوالها وأفعالها ، فإنّه لایحسب للعبد من صلاته إلاّ ما أقبل علیه . ومعنی الإقبال الالتفات التامّ إلی الصلاة وإلیٰ ما یقول فیها والتوجّه الکامل نحو حضرة المعبود - جلّ جلاله - واستشعار عظمته وجلال هیبته وتفریغ قلبه عمّا عداه ، فیریٰ نفسه متمثّلاً بین یدی ملک الملوک عظیم العظماء مخاطباً له مناجیاً إیّاه ، فإذا استشعر إلیٰ ذلک ووقع فی قلبه هیبته یهابه ، ثمّ یریٰ نفسه مقصّراً فی أداء حقّه فیخافه ثمّ یلاحظ سعة رحمته فیرجو ثوابه ، فیحصل له حالة بین الخوف والرجاء . وهذا صفة الکاملین ولها درجات شتّیٰ ومراتب لا تحصیٰ علیٰ حسب درجات المتعبّدین . وینبغی له الخضوع والخشوع والسکینة والوقار والزیّ الحسن والطیب والسواک قبل الدخول فیها والتمشیط ، وینبغی أن یصلّی صلاة مودّع ؛ فیجدّد التوبة والإنابة والاستغفار ، وأن یقوم بین یدی ربّه قیام العبد الذلیل بین یدی مولاه ، وأن یکون صادقاً فی مقالته : «إیّاکَ نَعْبُدُ وَإیّاکَ نَسْتَعِینُ» لایقول هذا القول وهو عابد لهواه ومستعین بغیر مولاه ، وینبغی له أیضاً أن یبذل جهده فی التحذّر عن موانع القبول من العجب والحسد والکبر والغیبة وحبس الزکاة وسائر الحقوق الواجبة فإنّ ذلک کلّه من موانع قبول الصلاة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 141