وهو التراضی والتسالم علیٰ أمر ؛ من تملیک عین أو منفعة أو إسقاط دین أو حقّ وغیر ذلک . ولا یشترط بکونه مسبوقاً بالنزاع وإن کان تشریعه فی شرع الإسلام لقطع التجاذب ورفع التنازع بین الأنام . ویجوز إیقاعه علیٰ کلّ أمر ، وفی کلّ مقام إلاّ إذا کان محرّماً لحلال أو محلّلاً لحرام .
(مسألة 1) : الحقّ أنّ الصلح عقد مستقلّ بنفسه وعنوان برأسه ولیس - کما قیل - راجعاً إلیٰ سائر العقود وإن أفاد فائدتها ، فیفید فائدة البیع إذا کان عن عین بعوض ، وفائدة الهبة إذا کان عن عین بلا عوض ، وفائدة الإجارة إذا کان عن منفعة بعوض وهکذا ، فلم یلحقه أحکام سائر العقود ولم یجرِ فیه شروطها وإن أفاد فائدتها ، فما أفاد فائدة البیع لا یلحقه أحکامه وشروطه ، فلا یجری فیه الخیارات المختصّة بالبیع کخیاری المجلس والحیوان ولا الشفعة ، ولا یشترط فیه قبض العوضین إذا تعلّق بمعاوضة النقدین ، وما أفاد فائدة الهبة من تملیک عین بلا عوض لا یعتبر فیه قبض العین کما اعتبر فی الهبة وهکذا .
(مسألة 2) : لمّا کان الصلح عقداً من العقود یحتاج إلی الإیجاب والقبول مطلقاً ، حتّیٰ فیما أفاد فائدة الإبراء وإسقاط الحقّ علی الأقویٰ ، فإبراء المدیون من الدین وإسقاط الحقّ عمّن علیه الحقّ وإن لم یتوقّفا علیٰ قبول من علیه الدین أو الحقّ لکن إذا وقعا بعنوان الصلح توقّفا علی القبول .
(مسألة 3) : لا یعتبر فی الصلح صیغة خاصّة ، بل یقع بکلّ لفظ أفاد فی متفاهم العرف التسالم والتراضی علیٰ أمر ؛ من نقل عین أو منفعة أو قرار مشروع بین المتصالحین ، نعم اللفظ الدائر فی الألسن الذی هو کالصریح فی إفادة هذا المعنیٰ من طرف الإیجاب
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 388 «صالحت» وهو یتعدّی إلیٰ المفعول الأوّل بنفسه وإلیٰ المفعول الثانی بـ «عن» ، أو «علیٰ» فیقول مثلاً : صالحتک عن الدار أو منفعتها بکذا ، فیقول المتصالح : قبلت المصالحة ، أو اصطلحتها بکذا .
(مسألة 4) : عقد الصلح لازم من الطرفین لا یفسخ إلاّ بإقالة المتصالحین أو بوجود خیار فی البین ، حتّیٰ فیما أفاد فائدة الهبة الجائزة ، والظاهر جریان جمیع الخیارات فیه إلاّ خیارات ثلاثة : خیار المجلس والحیوان والتأخیر فإنّها مختصّة بالبیع . وفی ثبوت الأرش لو ظهر عیب فی العین المصالح عنها أو عوضها إشکال .
(مسألة 5) : متعلّق الصلح : إمّا عین أو منفعة أو دین أو حقّ ، وعلی التقادیر : إمّا أن یکون مع العوض أو بدونه ، وعلی الأوّل : إمّا أن یکون العوض عیناً أو منفعة أو دیناً أو حقّاً ، فهذه عشرون صورة کلّها صحیحة ، فیصحّ الصلح عن عین بعین ومنفعة ودین وحقّ وبلا عوض وعن منفعة بمنفعة وعین ودین وحقّ وبلا عوض وهکذا .
(مسألة 6) : الصلح إذا تعلّق بعین أو منفعة أفاد انتقالهما إلی المتصالح ؛ سواء کان مع العوض أو بدونه ، وکذا إذا تعلّق بدین علیٰ غیر المصالح له أو حقّ قابل للانتقال کحقّی التحجیر والاختصاص ، وإذا تعلّق بدین علی المتصالح أفاد سقوطه ، وکذا إذا تعلّق بحقّ قابل للإسقاط غیر قابل للنقل والانتقال کحقّی الشفعة والخیار .
(مسألة 7) : یصحّ الصلح علیٰ مجرّد الانتفاع بعین أو فضاء ؛ کأن یصالحه علیٰ أن یسکن داره ، أو یلبس ثوباً له مدّة ، أو علیٰ أن تکون جذوع سقفه علیٰ حائطه ، أو یجری ماؤه علیٰ سطح داره ، أو یکون میزابه علیٰ عرصة داره ، أو یکون له الممرّ والمخرج من داره أو بستانه ، أو علیٰ أن یخرج جناحاً فی فضاء ملکه ، أو علیٰ أن یکون أغصان أشجاره فی فضاء أرضه وغیر ذلک ، فإنّ هذه کلّها صحیحة ؛ سواء کانت بعوض أو بغیر عوض .
(مسألة 8) : إنّما یصحّ الصلح عن الحقوق التی تسقط بالإسقاط کحقّی الشفعة والخیار ونحوهما ، وما تکون قابلة للنقل والانتقال کحقّی التحجیر والاختصاص ، ومن ذلک حقّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 389 الأولویّة لمن بیده الأراضی الخراجیّة المسمّیٰ فی العرف الحاضر بحقّ اللزمة . وأمّا ما لا یسقط بالإسقاط ولا یقبل النقل والانتقال ، فلایصحّ الصلح عنه ، وذلک مثل حقّ العزل الثابت للموکّل فی الوکالة ، وحقّ مطالبة الدین الثابت للدائن فی الدین الحالّ ، وحقّ الرجوع الثابت للزوج فی الطلاق الرجعی ، وحقّ الرجوع فی البذل الثابت للزوجة فی الخلع وغیر ذلک .
(مسألة 9) : یشترط فی المتصالحین ما یشترط فی المتبایعین ؛ من البلوغ والعقل والقصد والاختیار .
(مسألة 10) : الظاهر أنّه تجری الفضولیّة فی الصلح کما تجری فی البیع ، حتّیٰ فیما إذا تعلّق بإسقاط دین أو حقّ وأفاد فائدة الإبراء والإسقاط اللذین لاتجری فیهما الفضولیّة .
(مسألة 11) : یجوز الصلح عن الثمار والخضر وغیرها قبل وجودها ولو فی عام واحد وبلا ضمیمة ، وإن لم یجز بیعها کما مرّ فی بیع الثمار .
(مسألة 12) : لا إشکال فی أنّه یغتفر الجهالة فی الصلح فیما إذا تعذّر للمتصالحین معرفة المصالح عنه مطلقاً ، کما إذا اختلط مال أحدهما بالآخر ولم یعلما مقدار کلّ منهما فاصطلحا علیٰ أن یشترکا فیه بالتساوی أو الاختلاف ، أو صالح أحدهما ماله مع الآخر بمال معیّن ، وکذا إذا تعذّر علیهما معرفته فی الحال لتعذّر المیزان والمکیال علی الأظهر ، وأمّا مع إمکان معرفتهما بمقداره فی الحال ففیه إشکال .
(مسألة 13) : إذا کان لغیره علیه دین ، أو کان منه عنده عین هو یعلم مقدارهما ولکنّ الغیر لا یعلم المقدار فأوقعا الصلح بینهما بأقلّ من حقّ المستحقّ لم یحلّ له الزائد إلاّ أن یعلمه ورضی به ، نعم لو رضی بالصلح عن حقّه الواقعی علیٰ کلّ حال ؛ بحیث لو تبیّن له الحال لصالح عنه بذلک المقدار بطیب نفسه حلّ له الزائد .
(مسألة 14) : إذا صولح عن الربوی بجنسه بالتفاضل ففی جریان حکم الربا فیه تأمّل وإشکال فلا یترک الاحتیاط . نعم لا إشکال مع الجهل بالمقدار وإن احتمل التفاضل ، کما إذا
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 390 کان لکلّ من شخصین طعام عند صاحبه لا یدری کلّ واحد منهما کم له عند صاحبه فأوقعا الصلح علیٰ أن یکون لکلّ منهما ما عنده مع احتمال تفاضلهما .
(مسألة 15) : یصحّ الصلح عن دین بدین ؛ حالّین أو مؤجّلین أو بالاختلاف ، متجانسین أو مختلفین ؛ سواء کان الدینان علیٰ شخصین أو علیٰ شخص واحد ، کما إذا کان له علیٰ ذمّة زید وزنة حنطة ولعمرو علیه وزنة شعیر ، فصالح مع عمرو علیٰ ماله فی ذمّة زید بما لعمرو فی ذمّته ، والظاهر صحّة الجمیع إلاّ فی المتجانسین ممّا یکال أو یوزن مع التفاضل ، ففیه إشکال من جهة الربا . نعم لو صالح عن الدین ببعضه کما إذا کان له علیه دراهم إلیٰ أجل فصالح عنها بنصفها حالاًّ ، فلا بأس به إذا کان المقصود إسقاط الزیادة والإبراء عنها والاکتفاء بالناقص ، کما هو المقصود المتعارف فی نحو هذه المصالحة ؛ لا المعاوضة بین الزائد والناقص .
(مسألة 16) : یجوز أن یصطلح الشریکان علیٰ أن یکون لأحدهما رأس المال والربح للآخر والخسران علیه .
(مسألة 17) : یجوز للمتداعیین فی دین أو عین أو منفعة أن یتصالحا بشیء من المدّعیٰ به أو بشیء آخر ، حتّیٰ مع إنکار المدّعیٰ علیه . ویسقط بهذا الصلح حقّ الدعویٰ ، وکذا حقّ الیمین الذی کان للمدّعی علی المنکر ، ولیس للمدّعی بعد ذلک تجدید المرافعة ، لکن هذا فصل ظاهری ینقطع به الدعویٰ فی ظاهر الشرع ، ولا یحلّ به ما أخذه من کان غیر محقّ منهما ؛ فإذا ادّعیٰ شخص علیٰ شخص بدین فأنکره ثمّ تصالحا علی النصف ، فهذا الصلح وإن أثّر فی سقوط الدعویٰ لکن إن کان المدّعی محقّاً بحسب الواقع فقد وصل إلیه نصف حقّه وبقی الباقی علیٰ ذمّة المنکر یطالب به فی الآخرة إذا لم یکن إنکاره بحقّ بحسب اعتقاده ، إلاّ إذا فرض رضا المدّعی باطناً بالصلح عن جمیع ماله فی الواقع ، وإن کان مبطلاً واقعاً یحرم علیه ما أخذه من المنکر إلاّ مع فرض طیب نفسه واقعاً ؛ بأن یکون للمدّعی ما صالح به ، لا أنّه رضی به تخلّصاً من دعواه الکاذبة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 391 (مسألة 18) : إذا قال المدّعیٰ علیه للمدّعی : صالحنی ، لم یکن هذا إقراراً بالحقّ ؛ لما عرفت أنّ الصلح یصحّ مع الإنکار کما یصحّ مع الإقرار ، أمّا لو قال : بعنی ، أو ملّکنی ، کان إقراراً .
(مسألة 19) : إذا کان لواحد ثوب بعشرین درهماً - مثلاً - ولآخر ثوب بثلاثین واشتبها ولم یمیّز کلّ منهما ماله عن مال صاحبه فإن خیّر أحدهما صاحبه فقد أنصفه فکلّ ما اختاره یحلّ له ویحلّ الآخر لصاحبه ، وإن تضایقا فإن کان المنظور والمقصود لکلّ منهما المالیّة - کما إذا اشتریاهما للمساومة والمعاملة - بیعا وقسّم الثمن بینهما بنسبة مالهما ، فیعطیٰ صاحب العشرین فی المثال سهمین من خمسة والآخر ثلاثة أسهم منها . وإن کان المقصود والمنظور نفس المالین کما إذا اشتریٰ کلّ منهما عباء لیلبسه ولیس لهما نظر إلی القیمة والمالیّة فلابدّ من القرعة .
(مسألة 20) : لو کان لأحد مقدار من الدراهم ولآخر مقدار منها عند ودعیّ أو غیره ، فتلف مقدار لا یدریٰ أنّه من أیّ منهما ، فإن تساویٰ مقدار الدراهم منهما - بأن کان لکلّ منهما درهمان ، أو ثلاثة مثلاً - یحسب التالف علیهما ویقسّم الباقی بینهما نصفین ، وإن تفاوتا : فإمّا أن یکون التالف بمقدار ما لأحدهما وأقلّ ممّا للآخر ، أو یکون أقلّ من کلّ منهما ، فعلی الأوّل یعطیٰ للآخر ما زاد علی التالف ویقسّم الباقی بینهما نصفین ، کما إذا کان لأحدهما درهمان وللآخر درهم وکان التالف درهماً یعطیٰ صاحب الدرهمین درهماً ویقسّم الدرهم الباقی بینهما نصفین ، أو کان لأحدهما خمسة دراهم وللآخر درهمان وکان التالف درهمین یعطیٰ لصاحب الخمسة ثلاثة ویقسّم الباقی - وهو الدرهمان ـ بینهما نصفین ، وعلی الثانی یعطیٰ لکلّ منهما ما زاد علی التالف ویقسّم الباقی بینهما نصفین ، فإذا کان لأحدهما خمسة وللآخر أربعة وکان التالف ثلاثة یعطیٰ لصاحب
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 392 الخمسة اثنان ولصاحب الأربعة واحداً ویقسّم الباقی - وهو الثلاثة - بینهما نصفین ، فلصاحب الخمسة ثلاثة ونصف ولصاحب الأربعة اثنان ونصف . هذا کلّه إذا کان المالان مثلیّین کالدراهم والدنانیر ، وأمّا إذا کانا قیمیّین کالثیاب والحیوان ، فلابدّ من المصالحة أو تعیین التالف بالقرعة .
(مسألة 21) : یجوز إحداث الروشن المسمّیٰ فی العرف الحاضر بالشناشیل علی الطرق النافذة والشوارع العامّة إذا کانت عالیة بحیث لم تضرّ بالمارّة ، ولیس لأحد منعه حتّیٰ صاحب الدار المقابل وإن استوعب عرض الطریق بحیث کان مانعاً عن إحداث روشن فی مقابله ما لم یضع منه شیئاً علیٰ جداره . نعم إذا استلزم الإشراف علیٰ دار الجار ففی جوازه تردّد وإشکال وإن جوّزنا مثل ذلک فی تعلیة البناء فی ملکه ، فلایترک الاحتیاط .
(مسألة 22) : لو بنیٰ روشناً علی الجادّة ثمّ انهدم أو هدم ، فإن لم یکن من قصده تجدید بنائه لا مانع لأن یبنی الطرف المقابل ما یشغل ذلک الفضاء ولم یحتج إلی الاستئذان من البانی الأوّل ، وإلاّ ففیه إشکال ، بل عدم الجواز لایخلو من قوّة فیما إذا هدمه لیبنیه جدیداً .
(مسألة 23) : لو أحدث شخص روشناً علی الجادّة فهل للطرف المقابل إحداث روشن آخر فوقه أو تحته بدون إذنه ؟ فیه إشکال خصوصاً فی الأوّل ، بل عدم الجواز فیه لایخلو من قوّة ، نعم لو کان الثانی أعلیٰ بکثیر ؛ بحیث لم یشغل الفضاء الذی یحتاج إلیه صاحب الروشن الأوّل بحسب العادة - من جهة التشمیس ونحو ذلک - لابأس به .
(مسألة 24) : کما یجوز إحداث الرواشن علی الجادّة یجوز فتح الأبواب المستجدّة فیها ؛ سواء کان له باب آخر أم لا . وکذا فتح الشبّاک والروازن علیها ونصب المیزاب فیها ، وکذا بناء ساباط علیها إذا لم یکن معتمداً علیٰ حائط غیره مع عدم إذنه ، ولم یکن مضرّاً بالمارّة ولو من جهة الظلمة . ولو فرض أنّه کما یضرّهم من جهة ینفعهم من جهات اُخریٰ کالوقایة عن الحرّ والبرد والتحفّظ عن الطین وغیر ذلک لایبعد الموازنة بین الجهتین فیراعیٰ ما هو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 393 الأصلح ، والأولی المراجعة فی ذلک إلیٰ حاکم الشرع فیتّبع نظره . وکذا یجوز إحداث البالوعة للأمطار فیها مع التحفّظ عن کونها مضرّة بالمارّة . وکذا یجوز نقب سرداب تحت الجادّة مع إحکام أساسه وبنیانه وسقفه بحیث یؤمن من الثقب والخسف والانهدام .
(مسألة 25) : لایجوز لأحد إحداث شیء من روشن أو جناح أو بناء ساباط أو نصب میزاب أو فتح باب أو نقب سرداب وغیر ذلک علی الطرق الغیر النافذة المسمّاة بالمرفوعة والرافعة وفی العرف الحاضر بالدریبة إلاّ بإذن أربابها ؛ سواء کان مضرّاً أو لم یکن . وکما لایجوز إحداث شیء من ذلک لغیر أربابها إلاّ بإذنهم کذلک لایجوز لبعضهم إلاّ بإذن شرکائه فیها . ولو صالح غیرهم معهم أو بعضهم مع الباقین علیٰ إحداث شیء من ذلک صحّ ولزم ؛ سواء کان مع العوض أو بلا عوض . ویأتی فی کتاب إحیاء الموات بعض المسائل المتعلّقة بالطرق إن شاء اللّه تعالیٰ .
(مسألة 26) : لایجوز لأحد أن یبنی بناءً ، أو یضع جذوع سقفه علیٰ حائط جاره إلاّ بإذنه ورضاه . وإذا التمس ذلک من الجار لم یجب علیه إجابته وإن استحبّ له استحباباً مؤکّداً من جهة ما ورد من التأکید والحثّ الأکید فی قضاء حوائج الإخوان ولاسیّما الجیران . ولو بنیٰ أو وضع الجذوع بإذنه ورضاه فإن کان ذلک بعنوان ملزم کالشرط فی ضمن عقد لازم أو بالإجارة أو بالصلح علیه لم یجز له الرجوع . وأمّا إذا کان مجرّد الإذن والرخصة جاز له الرجوع قبل البناء والوضع قطعاً ، وأمّا بعد ذلک فهل یجوز له الرجوع مع الأرش وعدمه أم لا مع استحقاق الاُجرة وعدمه ؟ وجوه وأقوال ، والمسألة فی غایة الإشکال ، فلایترک الاحتیاط بالتصالح والتراضی بینهما ولو بالإبقاء مع الاُجرة أو الهدم مع الأرش .
(مسألة 27) : لایجوز للشریک فی الحائط التصرّف فیه ببناء ولا تسقیف ولا إدخال خشبة أو وتد أو غیر ذلک إلاّ بإذن شریکه ، أو إحراز رضاه بشاهد الحال کما هو الحال فی التصرّفات الیسیرة کالاستناد إلیه أو وضع یده أو طرح ثوب علیه أو غیر ذلک . بل الظاهر أنّ مثل هذه الاُمور الیسیرة لایحتاج إلیٰ إحراز الإذن والرضا کما جرت به السیرة ، نعم إذا صرّح بالمنع وأظهر الکراهة لم یجز .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 394 (مسألة 28) : لو انهدم الجدار المشترک وأراد أحد الشریکین تعمیره لم یجبر شریکه علی المشارکة فی عمارته ، وهل له التعمیر من ماله مجّاناً بدون إذن شریکه ؟ لا إشکال فی أنّ له ذلک إذا کان الأساس مختصّاً به وبناه بآلات مختصّة به ، کما أنّه لا إشکال فی عدم الجواز إذا کان الأساس مختصّاً بشریکه . وأمّا إذا کان الأساس مشترکاً فإن کان قابلاً للقسمة لیس له التعمیر بدون إذنه ، نعم له المطالبة بالقسمة ، فیبنی علیٰ حصّته المفروزة . وإن لم یکن قابلاً للقسمة ولم یوافقه الشریک فی شیء یرفع أمره إلی الحاکم لیخیّره بین عدّة اُمور ؛ من بیع أو إجارة أو المشارکة معه فی العمارة أو الرخصة فی تعمیره وبنائه من ماله مجّاناً . وکذا الحال لو کانت الشرکة فی بئر أو نهر أو قناة أو ناعور ونحو ذلک ، فلایجبر الشریک علی المشارکة فی التعمیر والتنقیة . ولو أراد الشریک تعمیرها وتنقیتها من ماله تبرّعاً ومجّاناً له ذلک علی الظاهر ولیس للشریک منعه ، خصوصاً إذا لم یمکن القسمة ، کما أنّه لو أنفق فی تعمیرها ، فنبع الماء أو زاد لیس له أن یمنع شریکه الغیر المنفق من نصیبه من الماء ؛ لأنّه من فوائد ملکهما المشترک .
(مسألة 29) : لو کانت جذوع دار أحد موضوعة علیٰ حائط جاره ، ولم یعلم علیٰ أیّ وجه وضعت ، حکم فی الظاهر بکونه عن حقّ واستحقاق حتّیٰ یثبت خلافه ، فلیس للجار أن یطالبه برفعها عنه ، بل ولا منعه من التجدید لو انهدم السقف ، وکذا الحال لو وجد بناء أو مجریٰ ماء أو نصب میزاب من أحد فی ملک غیره ولم یعلم سببه ، فإنّه یحکم فی أمثال ذلک بکونه عن حقّ واستحقاق ، إلاّ أن یثبت کونها عن عدوان أو بعنوان العاریة التی یجوز فیها الرجوع .
(مسألة 30) : إذا خرجت أغصان شجرة إلیٰ فضاء ملک الجار من غیر استحقاق ، له أن یطالب مالک الشجرة بعطف الأغصان أو قطعها من حدّ ملکه ، وإن امتنع صاحبها یجوز للجار عطفها أو قطعها ، ومع إمکان الأوّل لایجوز الثانی .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 395