لکلّ واحد من الزوجین حقّ علیٰ صاحبه یجب علیه القیام به وإن کان حقّ الزوج أعظم ، حتّیٰ أنّه قد ورد عن سیّد البشر : «لا یصلح لبشر أن یسجد لبشر ولو صلح لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» الخبر . ومن حقّه علیها : أن تطیعه ولا تعصیه ، ولاتخرج من بیتها إلاّ بإذنه ولو إلیٰ أهلها ولو لعیادة والدها أو فی عزائه ، بل لیس لها أمر مع زوجها فی عتق ولا صدقة ولا تدبیر ولا هبة ولا نذر فی مالها إلاّ بإذن زوجها إلاّ فی حجّ أو زکاة أو برّ والدیها أو صلة قرابتها ، بل أیّما امرأة قالت لزوجها : «ما رأیت منک خیراً قطّ - أو من وجهک خیراً - فقد حبط عملها» وأیّما امرأة باتت وزوجها علیها ساخط فی حقّ لم تقبل منها صلاة حتّیٰ یرضیٰ عنها ، وإن خرجت من غیر إذنه لعنتها ملائکة السماء وملائکة الأرض وملائکة الغضب وملائکة الرحمة حتّیٰ ترجع إلیٰ بیتها .
وأمّا حقّها علیه: فهو أن یشبعها ویکسوها وأن یغفر لها إذا جهلت ولایقبّح لها وجهاً ، وفی الخبر عن سیّد البشر صلی الله علیه و آله وسلم : «أوصانی جبرئیل بالمرأة حتّیٰ ظننت أن لا ینبغی طلاقها إلاّ من فاحشة مبیّنة» و«عیال الرجل اُسراؤه وأحبّ العباد إلی اللّه تعالیٰ أحسنهم صنعاً إلی اُسرائه» .
(مسألة 1) : من کانت له زوجة واحدة ، لیس لها علیٰ زوجها حقّ المبیت عندها والمضاجعة معها فی کلّ لیلة ، بل ولا فی کلّ أربع لیال لیلة علی الأقویٰ ، بل القدر اللازم أن لا یهجرها ولا یذرها کالمعلّقة ؛ لا هی ذات بعل ولا مطلّقة . نعم لها علیه حقّ المواقعة فی کلّ أربعة أشهر مرّة کما مرّ . نعم إن کانت عنده أکثر من واحدة إذا بات عند إحداهنّ یجب علیه أن یبیت عند غیرها أیضاً ، فإذا کنّ أربع وبات عند إحداهنّ طاف علیهنّ فی أربع لیال لکلّ منهنّ لیلة ، ولا یفضّل بعضهنّ علیٰ بعض ، وإذا کانت عنده ثلاث فإذا بات عند إحداهنّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 753 یجب علیه أن یبیت عند الاُخریین فی لیلتین ، وإذا کانت عنده زوجتان وبات عند إحداهما بات فی لیلة اُخریٰ عند الاُخریٰ ، وبعد ذلک إن شاء ترک المبیت عند الجمیع وإن شاء شرع فیه علی النحو المتقدّم . والمشهور : أنّه إذا کانت عنده زوجة واحدة کانت لها فی کلّ أربع لیال لیلة وله ثلاث لیال ، وإذا کانت عنده زوجات متعدّدة یجب علیه القسم بینهنّ فی کلّ أربع لیال ، فإذا کانت عنده أربع کانت لکلّ منهنّ لیلة ، فإذا تمّ الدور یجب علیه الابتداء بإحداهنّ وإتمام الدور وهکذا . فلیس له لیلة بل یکون جمیع لیالیه لزوجاته ، وإذا کانت له زوجتان فلهما لیلتان من کلّ أربع لیال ولیلتان له ، وإذا کانت له ثلاث کانت لهنّ ثلاث والفاضل له ، والعمل بهذا القول أحوط ، خصوصاً فی أکثر من واحدة ، ولکن الأقویٰ ما قدّمناه خصوصاً فی الواحدة .
(مسألة 2) : یختصّ وجوب المبیت والمضاجعة فیما قلنا به بالدائمة ، فلیس للمتمتّع بها هذا الحقّ ؛ سواء کانت واحدة أو متعدّدة .
(مسألة 3) : فی کلّ لیلة کان للمرأة حقّ المبیت یجوز لها أن ترفع الید عنه وتهبه للزوج لیصرف لیله فیما یشاء ، وأن تهبه لضرّتها فصار الحقّ لها .
(مسألة 4) : تختصّ البکر أوّل عرسها بسبع لیال والثیّب بثلاث تتفضّلان بذلک علیٰ غیرهما ، ولایجب علیه أن یقضی تلک اللیالی لنسائه القدیمة .
(مسألة 5) : لا قسمة للصغیرة ولا للمجنونة المطبقة ولا للناشزة . وتسقط القسمة وحقّ المضاجعة بالسفر ولیس علیه القضاء .
(مسألة 6) : إذا شرع فی القسمة بین نسائه کان له الابتداء بأیّ منهنّ شاء وإن کان الأولیٰ والأحوط التعیین بالقرعة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 754 (مسألة 7) : تستحبّ التسویة بین الزوجات فی الإنفاق والالتفات وإطلاق الوجه والمواقعة ، وأن یکون فی صبیحة کلّ لیلة عند صاحبتها ، وأن یأذن لها فی حضور موت أبیها واُمّها وإن کان له منعها عن ذلک ، وعن عیادة أبیها واُمّها ، فضلاً عن غیرهما وعن الخروج من منزله إلاّ لحقّ واجب .
القول فی النشوز
وهو فی الزوجة خروجها عن طاعة الزوج الواجبة علیها من عدم تمکین نفسها وعدم إزالة المنفّرات المضادّة للتمتّع والالتذاذ بها ، بل وترک التنظیف والتزیین مع اقتضاء الزوج لها ، وکذا خروجها من بیته من دون إذنه وغیر ذلک . ولا یتحقّق النشوز بترک طاعته فیما لیست بواجبة علیها ، فلو امتنعت من خدمات البیت وحوائجه التی لاتتعلّق بالاستمتاع ؛ من الکنس أو الخیاطة أو الطبخ أو غیر ذلک حتّیٰ سقی الماء وتمهید الفراش لم یتحقّق النشوز .
(مسألة 1) : إذا ظهرت منها أمارات النشوز والطغیان بسبب تغییر عادتها معه فی القول أو الفعل ؛ بأن تجیبه بکلام خشن بعدما کان بکلام لیّن ، أو أن تظهر عبوساً وتقطّباً فی وجهه وتثاقلاً ودمدمة بعد أن کانت علیٰ خلاف ذلک وغیر ذلک ، جاز له هجرها فی المضجع : إمّا بأن یحوّل إلیها ظهره فی الفراش أو یعتزل فراشها بعد أن یعظها ، فإذا لم یؤثّر ذلک فیها حتّی وقع منها النشوز جاز له ضربها ، ویقتصر علیٰ ما یؤمّل معه رجوعها ، فلایجوز الزیادة علیه مع حصول الغرض به ، وإلاّ تدرّج إلی الأقویٰ فالأقویٰ ما لم یکن مدمیاً ولا شدیداً مؤثّراً فی اسوداد بدنها أو احمراره ، واللازم أن یکون ذلک بقصد الإصلاح لا التشفّی والانتقام . ولو حصل بالضرب جنایة وجب الغرم .
(مسألة 2) : کما یکون النشوز من طرف الزوجة یکون من طرف الزوج أیضاً بتعدّیه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 755 علیها وعدم القیام علی حقوقها الواجبة ، فإذا ظهر منه النشوز بمنع حقوقها من قسم ونفقة ونحوهما ، فلها المطالبة بها ووعظها إیّاه ، فإن لم یؤثّر رفعت أمرها إلی الحاکم فیلزمه بها ولیس لها هجره ولا ضربه . وإذا اطّلع الحاکم علیٰ نشوزه وتعدّیه نهاه عن فعل ما یحرم علیه وأمره بفعل ما یجب ، فإن نفع وإلاّ عزّره بما یراه ، وله أیضاً الإنفاق من ماله مع امتناعه من ذلک ولو ببیع عقاره إذا توقّف علیه .
(مسألة 3) : إذا ترک الزوج بعض حقوقها الغیر الواجبة أو همّ بطلاقها لکراهته لها لکبر سنّها أو غیره أو همّ بالتزویج علیها ، فبذلت له مالاً أو بعض حقوقها الواجبة من قسم أو نفقة استمالة له ، صحّ وحلّ له ذلک ، وأمّا لو ترک بعض حقوقها الواجبة أو آذاها بالضرب أو الشتم وغیر ذلک ، فبذلت مالاً أو ترکت بعض حقوقها لیقوم بما ترک من حقّها أو لیمسک عن أذیّتها أو لیخلعها فتخلّص من یده ، حرم علیه ما بذلت وإن لم یکن من قصده إلجاؤها بالبذل علی الأقویٰ .
(مسألة 4) : إذا وقع نشوز من الزوجین ومنافرة وشقاق بین الطرفین وانجرّ أمرهما إلی الحاکم بعث حکمین ؛ حکماً من جانبه وحکماً من جانبها للإصلاح ورفع الشقاق بما رأیاه من الصلاح ؛ من الجمع أو الفراق ، ویجب علیهما البحث والاجتهاد فی حالهما ، وفیما هو السبب والعلّة لحصول الشقاق بینهما ، ثمّ یسعیان فی أمرهما ، فکلّما استقرّ علیه رأیهما وحکما به نفذ علی الزوجین ، ویلزم علیهما الرضا به بشرط کونه سائغاً ، کما لو شرطا علی الزوج أن یسکن الزوجة فی البلد الفلانی أو فی مسکن مخصوص أو عند أبویها أو لا یسکن معها فی الدار اُمّه أو اُخته ولو فی بیت منفرد ، أو لا تسکن معها ضرّتها فی دار واحدة ونحو ذلک أو شرطا علیها أن تؤجّله بالمهر الحالّ إلیٰ أجل ، أو تردّ علیه ما قبضته قرضاً ونحو ذلک ، بخلاف ما إذا کان غیر سائغ کما إذا شرطا علیه ترک بعض حقوق الضرّة من قسم أو نفقة ، أو رخصة المرأة فی خروجها عن بیته حیث شاءت وأین شاءت ونحو ذلک .
(مسألة 5) : إذا اجتمع الحکمان علی التفریق ، لیس لهما ذلک إلاّ إذا شرطا علیهما حین
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 756 بعثهما بأنّهما إن شاءا جمعا وإن شاءا فرّقا . وحیث إنّ التفریق لایکون إلاّ بالطلاق فلابدّ من وقوعه عند اجتماع شرائطه ؛ بأن وقع فی طهر لم یواقعها فیه ، وعند حضور العدلین وغیر ذلک .
(مسألة 6) : الأولیٰ - بل الأحوط - أن یکون الحکمان من أهل الطرفین ؛ بأن یکون حکم من أهله وحکم من أهلها ، فإن لم یکن لهما أهل أو لم یکن أهلهما أهلاً لهذا الأمر تعیّن من غیرهم . ولا یعتبر أن یکون من جانب کلّ منهما حکم واحد بل لو اقتضت المصلحة بعث أزید تعیّن .
(مسألة 7) : ینبغی للحکمین إخلاص النیّة وقصد الإصلاح ، فمن حسنت نیّته فیما تحرّاه أصلح اللّه مسعاه ، کما یرشد إلیٰ ذلک قوله - جلّ شأنه - فی هذا المقام :«إنْ یُرِیدا إصْلاحاً یُوَفِّقِ اللّه ُ بَیْنَهُما» .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 757