إنّما تجب النفقة بأحد أسباب ثلاثة : الزوجیّة والقرابة والملک .
(مسألة 1) : إنّما تجب نفقة الزوجة علی الزوج بشرط أن تکون دائمة ، فلا نفقة للمنقطعة ، وأن تکون مطیعة للزوج فیما یجب إطاعتها له ، فلا نفقة للناشزة وقد مرّ بیان ما یتحقّق به النشوز سابقاً ، ولا فرق بین أن تکون مسلمة أو ذمّیّة ، وأن تکون حرّة أو أمة .
(مسألة 2) : لو نشزت ثمّ عادت إلی الطاعة لم تستحقّ النفقة حتّیٰ تظهرها وعلم بها وانقضیٰ زمان أمکن الوصول إلیها .
(مسألة 3) : لو ارتدّت سقطت النفقة ، وإن عادت عادت .
(مسألة 4) : الظاهر أنّه لا نفقة للزوجة الصغیرة الغیر القابلة للاستمتاع منها علیٰ زوجها ، خصوصاً إذا کان صغیراً غیر قابل للتمتّع والتلذّذ ، وکذا للزوجة الکبیرة إذا کان زوجها صغیراً غیر قابل لأن یستمتع منها . نعم لو کانت الزوجة مراهقة وکان الزوج مراهقاً أو کبیراً ، أو کان الزوج مراهقاً وکانت الزوجة کبیرة لم یبعد استحقاق الزوجة للنفقة مع تمکینها له من نفسها علیٰ ما یمکنه من التلذّذ والاستمتاع منها .
(مسألة 5) : لا تسقط نفقتها بعدم تمکینه من نفسها لعذر شرعی أو عقلی ؛ من حیض أو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 763 إحرام أو اعتکاف واجب أو مرض أو غیر ذلک ، وکذا لا تسقط إذا سافرت بإذن الزوج ؛ سواء کان فی واجب أو مندوب أو مباح ، وکذا لو سافرت فی واجب مضیّق کالحجّ الواجب بغیر إذنه ، بل ولو مع منعه ونهیه ، بخلاف ما لو سافرت بغیر إذنه فی مندوب أو مباح فإنّه تسقط نفقتها ، بل الأمر کذلک لو خرجت من بیته بغیر إذنه ولو لغیر سفر ، فضلاً عمّا کان له لتحقّق النشوز المسقط للنفقة .
(مسألة 6) : تثبت النفقة والسکنیٰ لذات العدّة الرجعیّة ما دامت فی العدّة ، کما تثبت للزوجة ؛ من غیر فرق بین کونها حائلاً أو حاملاً . ولو کانت ناشزة وطلّقت فی حال نشوزها لم تثبت لها النفقة کالزوجة الناشزة ، وأمّا ذات العدّة البائنة فتسقط نفقتها وسکناها ؛ سواء کانت عن طلاق أو فسخ ، إلاّ إذا کانت عن طلاق وکانت حاملاً ، فإنّها تستحقّ النفقة والسکنیٰ حتّیٰ تضع حملها . ولاتلحق بها المنقطعة الحامل الموهوبة أو المنقضیة مدّتها ، وکذا الحامل المتوفّیٰ عنها زوجها ، فإنّه لا نفقة لها مدّة حملها ؛ لا من ترکة زوجها ولا من نصیب ولدها علی الأقویٰ .
(مسألة 7) : لو ادّعت المطلّقة بائناً أنّها حامل مستندة إلیٰ وجود الأمارات التی یستدلّ بها علی الحمل عند النسوان صدّقت وأنفق علیها یوماً فیوماً إلیٰ أن یتبیّن الحال ، فإن تبیّن الحمل وإلاّ استعید منها ما صرف إلیها ، وفی جواز مطالبتها بکفیل قبل تبیّن الحال وجهان بل قولان ، لایخلو أوّلهما من رجحان .
(مسألة 8) : لا تقدیر للنفقة شرعاً بل الضابط القیام بما تحتاج إلیه المرأة من طعام وإدام وکسوة وفراش وغطاء وإسکان وإخدام وآلات تحتاج إلیها لشربها وطبخها وتنظیفها وغیر ذلک . فأمّا الطعام : فکمّیته بمقدار ما یکفیها لشبعها ، وفی جنسه یرجع إلیٰ ما هو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 764 المتعارف لأمثالها فی بلدها والموالم لمزاجها وما تعوّدت به بحیث تتضرّر بترکه . وأمّا الإدام : فقدراً وجنساً کالطعام یراعیٰ ما هو المتعارف لأمثالها فی بلدها وما یوالم مزاجها وما هو معتاد لها ، حتّیٰ أنّه لو کانت عادة أمثالها أو الموالم لمزاجها دوام اللحم ـ مثلاً ـ لوجب ، وکذا لو اعتادت بشیء خاصّ من الإدام بحیث تتضرّر بترکه . بل الظاهر مراعاة ما تعارف اعتیاده لأمثالها من غیر الطعام والإدام کالچای والتنباک والقهوة ونحوها . وأولیٰ بذلک المقدار اللازم من الفواکه الصیفیّة التی تناولها کاللازم فی الأهویة الحارّة . وکذلک الحال فی الکسوة ، فیلاحظ فی قدرها وجنسها عادة أمثالها وبلد سکناها والفصول التی تحتاج إلیها شتاءً وصیفاً ؛ ضرورة شدّة الاختلاف فی الکمّ والکیف والجنس بالنسبة إلیٰ ذلک ، بل لو کانت من ذوات التجمّل وجب لها زیادة علیٰ ثیاب البدن ثیاب له علیٰ حسب أمثالها . وهکذا الفراش والغطاء فإنّ لها ما یفرشها علی الأرض وما تحتاج إلیها للنوم ؛ من لحاف ومخدّة وما تنام علیها ، ویرجع فی قدرها وجنسها ووصفها إلیٰ ما ذکر فی غیرها .
وتستحقّ فی الإسکان أن یسکنها داراً یلیق بها بحسب عادة أمثالها ، و کانت لها من المرافق ما تحتاج إلیها . ولها أن تطالبه بالتفرّد بالمسکن عن مشارکة غیر الزوج ضرّة أو غیرها ؛ من دار أو حجرة منفردة المرافق ؛ إمّا بعاریة أو إجارة أو ملک . ولو کانت من أهل البادیة کفاها کوخ أو بیت شعر منفرد یناسب حالها .
وأمّا الإخدام : فإنّما یجب إن کانت ذات حشمة وشأن ومن ذوی الإخدام وإلاّ خدمت نفسها ، وإذا وجبت الخدمة فالزوج بالخیار بین أن یبتاع خادمة لها أو یستأجرها أو یستعیرها لها أو یأمر مملوکته بأن تخدمها أو یخدمها بنفسه ، علیٰ إشکال فی الأخیر . وأمّا الآلات والأدوات المحتاج إلیها : فهی أیضاً تلاحظ ما هو المتعارف لأمثالها بحسب حاجات بلدها التی تسکن وتتعیّش بها ؛ ضرورة اختلافها بحسبها اختلافاً فاحشاً .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 765 (مسألة 9) : الظاهر أنّه من الإنفاق الذی تستحقّه الزوجة اُجرة الحمّام عند الحاجة ؛ سواء کان للاغتسال أو للتنظیف إذا کانت فی بلدها لم یتعارف الغسل والاغتسال فی البیت ، أو یتعذّر أو یتعسّر ذلک لها لبرد أو غیره ، ومنه أیضاً الفحم والحطب فی زمان الاحتیاج إلیهما . وکذا الأدویة المتعارفة التی یکثر الاحتیاج إلیها بسبب الأمراض والآلام التی قلّما یخلو الشخص منها فی الشهور والأعوام . نعم الظاهر أنّه لیس من الدواء وما یصرف فی المعالجات الصعبة التی یکون الاحتیاج إلیها من باب الاتّفاق ، خصوصاً فیما إذا احتاج إلیٰ بذل مال خطیر . وهل یکون منه اُجرة الفصد والحجامة عند الاحتیاج إلیهما ؟ فیه تأمّل وإشکال .
(مسألة 10) : تملک الزوجة علی الزوج نفقة کلّ یوم - من الطعام والإدام وغیرهما ممّا یصرف ولا یبقیٰ عینه - فی صبیحته ، فلها أن تطالبه بها عندها ، فلو منعها وانقضی الیوم استقرّت فی ذمّته وکانت دیناً علیه ولیست لها مطالبة نفقة الأیّام الآتیة . ولو مضت أیّام ولم ینفق علیها فیها اشتغلت ذمّته بنفقة تلک المدّة ؛ سواء طالبته بها أو سکتت عنها ، وسواء قدّرها الحاکم وحکم بها أم لا ، وسواء کان موسراً أو معسراً ، غایة الأمر أنّه مع الإعسار ینظر فی المطالبة إلی الیسار .
(مسألة 11) : لو دفعت إلیها نفقة أیّام - کاُسبوع أو شهر مثلاً - وانقضت المدّة ولم تصرفها علیٰ نفسها ؛ إمّا بأن أنفقت من غیرها ، أو أنفق علیها أحد ، کانت ملکاً لها ولیس للزوج استردادها ، وکذا لو استفضلت منها شیئاً بالتقتیر علیٰ نفسها کانت الزیادة ملکاً لها فلیس له استردادها . نعم لو خرجت عن الاستحقاق قبل انقضاء المدّة بموت أحدهما أو نشوزها أو طلاقها بائناً ، یوزّع المدفوع علی الأیّام الماضیة والآتیة ویستردّ منها بالنسبة إلیٰ ما بقی من المدّة ، بل الظاهر ذلک أیضاً فیما إذا دفع لها نفقة یوم وعرضت أحد تلک العوارض فی أثناء الیوم ، فیستردّ الباقی من نفقة ذلک الیوم .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 766 (مسألة 12) : کیفیّة الإنفاق بالطعام والإدام : إمّا بمؤاکلتها مع الزوج فی بیته علی العادة کسائر عیاله وإمّا بتسلیم النفقة لها ، ولیس له إلزامها بالنحو الأوّل ، فلها أن تمتنع من المؤاکلة معه وتطالبه بکون نفقتها بیدها تفعل بها ما تشاء ، إلاّ أنّه إذا أکلت وشربت معه علی العادة سقط ما علی الزوج من النفقة ، فلیس لها أن تطالبه بها بعد ذلک .
(مسألة 13) : ما یدفع لها للطعام والإدام : إمّا عین المأکول کالخبز والتمر والطبیخ واللحم المطبوخ ممّا لا یحتاج فی إعداده للأکل إلیٰ علاج ومزاولة ومؤونة وکلفة ، وإمّا عین یحتاج فی ذلک إلیٰ ذلک کالحبّ والأرز والدقیق ونحو ذلک . والظاهر أنّ الزوج بالخیار بین النحوین ولیس للزوجة الامتناع وإلزامه بالنحو الأوّل ، نعم لو اختار النحو الثانی واحتاج إعداد المدفوع للأکل إلیٰ اُجرة أو إلیٰ مؤونة کالحطب وغیره کان علیه .
(مسألة 14) : إذا تراضیا علیٰ بذل الثمن وقیمة الطعام والإدام وتسلّمت ، ملکته وسقط ما هو الواجب علی الزوج ، ولیس لکلّ منهما إلزام الآخر به .
(مسألة 15) : إنّما تستحقّ فی الکسوة علی الزوج أن یکسوها بما هو ملکه أو بما استأجره أو استعاره ، ولا تستحقّ علیه أن یدفع إلیها بعنوان التملیک . ولو دفع إلیها کسوة لمدّة جرت العادة ببقائها إلیها ، فکستها فخلقت قبل تلک المدّة أو سرقت ، وجب علیه دفع کسوة اُخریٰ إلیها ، ولو انقضت المدّة والکسوة باقیة لیس لها مطالبة کسوة اُخریٰ ، ولو خرجت فی أثناء المدّة عن الاستحقاق - لموت أو نشوز أو طلاق - تستردّ إذا کانت باقیة . وکذلک الکلام فی الفراش والغطاء واللحاف والآلات التی دفعها إلیها من جهة الإنفاق ممّا ینتفع بها مع بقاء عینها ، فإنّها کلّها باقیة علیٰ ملک الزوج تنتفع بها الزوجة ، فله استردادها إذا زال استحقاقها إلاّ مع التصریح بإنشاء التملیک لها .
(مسألة 16) : إذا اختلف الزوجان فی الإنفاق وعدمه مع اتّفاقهما علی الاستحقاق ، فإن کان الزوج غائباً أو کانت الزوجة منعزلة عنه ، فالقول قولها بیمینها إذا لم تکن له بیّنة ، وإن کانت فی بیته داخلة فی عیالاته ، فالظاهر أنّ القول قول الزوج بیمینه إذا لم تکن لها بیّنة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 767 (مسألة 17) : إذا کانت الزوجة حاملاً ووضعت ، وقد طلّقت رجعیّاً واختلفا فی زمان وقوع الطلاق ، فادّعی الزوج أنّه قبل الوضع ، وقد انقضت عدّتها بالوضع فلا نفقة لها الآن ، وادّعت هی أنّه بعده ؛ لتثبت لها النفقة ولم تکن بیّنة ، فالقول قولها مع الیمین ، فإن حلفت ثبت لها استحقاق النفقة ، لکن یحکم علیه بالبینونة وعدم جواز الرجوع ؛ من جهة اعترافه بأنّها قد خرجت من العدّة بالوضع .
(مسألة 18) : إذا طالبته بالإنفاق وادّعی الإعسار وعدم الاقتدار ، ولم تصدّقه بل ادّعت علیه الیسار ، فالقول قوله بیمینه إذا لم یکن لها بیّنة ، إلاّ إذا کان مسبوقاً بالیسار وادّعیٰ تلف أمواله وصیرورته معسراً وأنکرته ، فإنّ القول قولها بیمین إذا لم یکن بیّنة .
(مسألة 19) : لا یشترط فی استحقاق الزوجة النفقة فقرها واحتیاجها ، فلها علیٰ زوجها الإنفاق وبذل مقدار النفقة وإن کانت من أغنی الناس .
(مسألة 20) : إذا لم یکن له مال یفی بنفقة نفسه وزوجته وأقاربه الواجبی النفقة ، فهو مقدّم علیٰ زوجته ، وهی علیٰ أقاربه ، فما فضل من قوته صرفه إلیها ولایدفع إلی الأقارب إلاّ ما یفضل من نفقتها .
القول فی نفقة الأقارب
(مسألة 1) : یجب الإنفاق علی الأبوین وآبائهما واُمّهاتهما وإن علوا ، وعلی الأولاد وأولادهم وإن نزلوا ؛ ذکوراً وإناثاً ، صغیراً کانوا أو کبیراً ، مسلماً کانوا أو کافراً . ولاتجب علیٰ غیر العمودین من الأقارب کالإخوة والأخوات والأعمام والعمّات والأخوال والخالات وغیرهم وإن استحبّ ، خصوصاً الوارث منهم .
(مسألة 2) : یشترط فی وجوب الإنفاق علی القریب فقره واحتیاجه ؛ بمعنیٰ عدم وجدانه لما یتقوّت به فعلاً ، فلایجب إنفاق من قدر علیٰ نفقته فعلاً وإن کان فقیراً لایملک قوت سنته وجاز له أخذ الزکاة ونحوها . وأمّا الغیر الواجد لها فعلاً القادر علیٰ تحصیلها ، فإن کان ذلک بغیر الاکتساب کالاقتراض والاستعطاء والسؤال لم یمنع ذلک عن وجوب الإنفاق علیه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 768 بلا إشکال ، فإذا لم یکن للأب - مثلاً - ما ینفق علیٰ نفسه لکن یمکن له الاقتراض أو السؤال وکان بحیث لو اقترض یقرضونه ولو سأل یعطونه وقد ترکهما ، فالواجب علیٰ ولده الموسر نفقته ، وإن کان ذلک بالاکتساب ، فإن کان ذلک بالاقتدار علیٰ تعلّم صنعة بها إمرار معاشه ، کالبنت تقدر علیٰ تعلّم الخیاطة المکفیّة عن معیشتها ، والابن یقدر علیٰ تعلّم الکتابة أو الصیاغة أو النجارة المکفیّة عن نفقته وقد ترکا التعلّم فبقیا بلا نفقة ، فلا إشکال فی وجوب الإنفاق علیه ، وکذا الحال لو أمکن له التکسّب بما یشقّ علیه تحمّله کحمل الأثقال ، أو لا یناسب شأنه کبعض الأشغال لبعض الأشخاص ولم یتکسّب لذلک ، فإنّه یجب علیٰ قریبه الإنفاق علیه ، وإن کان قادراً علی التکسّب بما یناسب حاله وشأنه کالقویّ القادر علیٰ حمل الأثقال ، والوضیع اللائق بشأنه بعض الأشغال ، ومن کان کسوباً وله بعض الأشغال والصنائع ، وقد ترک ذلک طلباً للراحة ، فالظاهر عدم وجوب الإنفاق علیه . نعم لو فات عنه زمان اکتسابه بحیث صار محتاجاً فعلاً بالنسبة إلیٰ یوم وأیّام غیر قادر علیٰ تحصیل نفقتها وجب الإنفاق علیه . وإن کان ذلک العجز قد حصل باختیاره کما أنّه قد ترک التشاغل بالاکتساب لا لطلب الراحة بل لاشتغاله بأمر دنیوی أو دینی مهمّ کطلب العلم الواجب ، لم یسقط بذلک التکلیف بوجوب الإنفاق علیه .
(مسألة 3) : إذا أمکن للمرأة التزویج بمن یلیق بها ویقوم بنفقتها دائماً أو منقطعاً ، فهل تکون بحکم القادر ، فلایجب علیٰ أبیها أو ابنها الإنفاق علیها أم لا ؟ وجهان ، أوجههما الثانی .
(مسألة 4) : یشترط فی وجوب الإنفاق علی القریب قدرة المنفق علیٰ نفقته بعد نفقة نفسه ونفقة زوجته لو کانت له زوجة دائمة ، فلو حصل له قدر کفایة نفسه خاصّة اقتصر علیٰ نفسه ، ولو فرض أنّه فضل منه شیء وکانت له زوجة فلزوجته ، فلو فضل منه شیء فللأبوین والأولاد .
(مسألة 5) : المراد بنفقة نفسه - المقدّمة علیٰ نفقة زوجته - مقدار قوت یومه ولیلته وکسوته اللائقة بحاله وکلّ ما اضطرّ إلیه من الآلات للطعام والشراب ، والفراش والغطاء وغیرها فإن زاد علیٰ ذلک شیء صرفه إلیٰ زوجته ثمّ إلیٰ قرابته .
(مسألة 6) : لو زاد عن نفقته شیء ولم تکن عنده زوجة ، فإن اضطرّ إلی التزویج بحیث
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 769 یکون فی ترکه عسر وحرج شدید أو مظنّة فساد دینی ، فله أن یصرفه فی التزویج وإن لم یبق لقریبه شیء ، وإن لم یکن کذلک ففی جواز صرفه فی الزواج وترک إنفاق القریب تأمّل وإشکال .
(مسألة 7) : لو لم یکن عنده ما ینفقه علیٰ نفسه ، وجب علیه التوسّل إلیٰ تحصیله بأیّ وسیلة حتّیٰ بالاستعطاء والسؤال ، فضلاً عن الاکتساب اللائق بالحال ، وأمّا لو لم یکن عنده ما ینفقه علیٰ زوجته أو قریبه ، فلا ینبغی الإشکال فی أنّه یجب علیه تحصیله بالاکتساب اللائق بشأنه وحاله ولایجب علیه التوسّل إلیٰ تحصیله بمثل الاستیهاب والسؤال . نعم لایبعد وجوب الاقتراض إذا أمکن من دون مشقّة وکان له محلّ الإیفاء فیما بعد ، وکذا الشراء نسیئة بالشرطین المذکورین .
(مسألة 8) : لا تقدیر فی نفقة الأقارب ، بل الواجب قدر الکفایة من الطعام والإدام والکسوة والمسکن ، مع ملاحظة الحال والشأن والزمان والمکان حسب ما مرّ فی نفقة الزوجة .
(مسألة 9) : لایجب إعفاف من وجبت نفقته - ولداً کان أو والداً - بتزویج أو إعطاء مهر له أو تملیک أمة أو تحلیلها علیه ، وإن کان أحوط مع حاجته إلی النکاح وعدم قدرته علی التزویج وبذل الصداق ، خصوصاً فی الأب .
(مسألة 10) : یجب علی الولد نفقة والده دون أولاده ؛ لأنّهم إخوته ودون زوجته . ویجب علی الوالد نفقة ولده دون زوجته ، نعم یجب علیه نفقة أولاده أیضاً لأنّهم أولاده .
(مسألة 11) : لاتقضیٰ نفقة الأقارب ولا یتدارکه لو فات فی وقته وزمانه ولو بتقصیر من المنفق ولا یستقرّ فی ذمّته ، بخلاف الزوجة کما مرّ . نعم لو لم ینفق علیه لغیبته أو امتنع عن إنفاقه مع یساره ورفع المنفق علیه أمره إلی الحاکم فأمره بالاستدانة علیه ، فاستدان علیه اشتغلت ذمّته بما استدانه ووجب علیه قضاؤه ، وإن تعذّر الحاکم ، فالظاهر أنّه یجتزئ بنیّته ؛ بمعنیٰ أنّه لو استدان بقصد کونه علی المنفق وجب علیه قضاؤه .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 770 (مسألة 12) : قد ظهر ممّا مرّ : أنّ وجوب الإنفاق ثابت بشروطه فی عمودی النسب - أعنی بین الاُصول والفروع - دون الحواشی کالإخوة والأعمام والأخوال . فلیعلم أنّ لوجوب الإنفاق ترتیب من جهتین : من جهة المنفق ، ومن جهة المنفق علیه ؛ أمّا من جهة الاُولیٰ : فتجب نفقة الولد - ذکراً کان أو اُنثیٰ - علیٰ أبیه ، ومع عدمه أو فقره فعلیٰ جدّه للأب ، ومع عدمه أو إعساره فعلیٰ جدّ الأب وهکذا متعالیاً الأقرب فالأقرب . ولو عدمت الآباء أو کانوا معسرین فعلیٰ اُمّ الولد ، ومع عدمها أو إعسارها فعلیٰ أبیها واُمّها وأبی أبیها واُمّ أبیها وأبی اُمّها واُمّ اُمّها وهکذا الأقرب فالأقرب ، ومع التساوی فی الدرجة یشترکون فی الإنفاق بالسویّة ؛ وإن اختلفوا فی الذکورة والاُنوثة . وفی حکم آباء الاُمّ واُمّهاتها اُمّ الأب وکلّ من تقرّب إلی الأب بالاُمّ کأبی اُمّ الأب واُمّ اُمّ الأب واُمّ أبی الأب وهکذا ، فإنّه تجب علیهم نفقة الولد مع فقد آبائه واُمّه مع مراعاة الأقرب فالأقرب إلی الولد ، فإذا کان له أب وجدّ موسران کانت نفقته علی الأب ، وإذا کان له أب مع اُمّ کانت نفقته علی الأب ، وإذا کان له جدّ الأب مع اُمّ کانت نفقته علی الجدّ ، وإذا کان له جدّ لاُمّ مع اُمّ کانت نفقته علی الاُمّ ، وإذا کان له جدّ وجدّة لاُمّ تشارکا فی الإنفاق علیه بالسویّة ، وإذا کانت له جدّة لأب مع جدّ وجدّة لاُمّ تشارکوا فیه ثلاثاً ، هذا کلّه فی الاُصول ؛ أعنی الآباء والاُمّهات .
وأمّا الفروع - أعنی الأولاد - فتجب نفقة الأب والاُمّ عند الإعسار علی الولد مع الیسار ذکراً کان أم اُنثیٰ ، ومع فقده أو إعساره فعلیٰ ولد الولد ؛ أعنی ابن ابن أو بنت وبنت ابن أو بنت وهکذا الأقرب فالأقرب ، ومع التعدّد والتساوی فی الدرجة یشترکون بالسویّة ، فلو کان له ابن أو بنت مع ابن ابن - مثلاً - کانت نفقته علی الابن أو البنت ، ولو کان له ابنان أو بنتان أو ابن وبنت اشترکا فی الإنفاق بالسویّة ، وإذا اجتمع الاُصول مع الفروع یراعی الأقرب فالأقرب ، ومع التساوی یتشارکون ، فإذا کان له أب مع ابن أو بنت تشارکا بالسویّة ، وإذا کان له أب مع ابن ابن أو ابن بنت کانت نفقته علی الأب ، وإذا کان له ابن وجدّ لأب کانت علی الابن ، وإذا کان له ابن ابن مع جدّ لأب تشارکا بالسویّة ، وإذا کانت له اُمّ مع ابن ابن أو ابن بنت - مثلاً - کانت نفقته علی الاُمّ ، ویشکل الأمر فیما إذا اجتمعت الاُمّ مع الابن أو البنت ، والأحوط التراضی والتصالح علی الاشتراک بالتسویة .
وأمّا من الجهة الثانیة : فإذا کان عنده زائداً علیٰ نفقته ونفقة زوجته ما یکفی لإنفاق
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 771 جمیع أقاربه المحتاجین وجب علیه نفقة الجمیع ، وإذا لم یکف إلاّ لإنفاق بعضهم ینفق علی الأقرب فالأقرب منهم ، فإذا کان عنده ابن أو بنت مع ابن ابن وکان عنده ما یکفی أحدهما ینفق علی الابن أو البنت دون ابن ابن ، وإذا کان عنده أبواه مع ابن ابن وابن بنت أو مع جدّ وجدّة لأب أو لاُمّ أو بالاختلاف وکان عنده ما یکفی اثنین ، أنفق علی الأبوین وهکذا ، وأمّا إذا کان عنده قریبان أو أزید فی مرتبة واحدة وکان عنده ما لا یکفی الجمیع فالأقرب أنّه یقسّم بینهم بالسویّة .
(مسألة 13) : لو کان له ولدان ولم یقدر إلاّ علیٰ نفقة أحدهما وکان له أب موسر ، فإن اختلفا فی قدر النفقة وکان ما عنده یکفی لأحدهما بعینه - کالأقلّ نفقة - اختصّ به ، وکان نفقة الآخر علیٰ أبیه جدّ الولدین ، وإن اتّفقا فی مقدار النفقة ، فإن توافق مع الجدّ فی أن یشترکا فی إنفاقهما أو تراضیا علیٰ أن یکون أحدهما المعیّن فی نفقة أحدهما والآخر فی نفقة آخر فهو ، وإلاّ رجعا إلی القرعة .
(مسألة 14) : لو امتنع من وجبت علیه النفقة عن الإنفاق ، أجبره الحاکم ومع عدمه فعدول المؤمنین . وإن لم یمکن إجباره ، فإن کان له مال أمکن للمنفق علیه أن یقتصّ منه مقدار نفقته جاز له ، وإلاّ أمره الحاکم بالاستدانة علیه ، ومع تعذّر الحاکم جاز له ذلک کما مرّ .
(مسألة 15) : تجب نفقة المملوک ؛ رقیقاً کان أو غیره ، حتّی النحل ودود القزّ علیٰ مالکه ، ومولی الرقیق بالخیار بین الإنفاق علیه من خالص ماله أو من کسبه ؛ بأن یرخّصه فی أن یکتسب ویصرف ما حصّله فی نفقته وما زاد لسیّده ، فلو قصر کسبه عن نفقته کان علی المولیٰ إتمامه ، ولا تقدیر لنفقته ، بل الواجب قدر الکفایة من طعام وإدام وکسوة ، ویرجع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 772 فی جنس ذلک إلیٰ عادة ممالیک أمثال السیّد من أهل بلده ، کما أنّه لا تقدیر لنفقة البهیمة ، بل الواجب القیام بما تحتاج إلیه من أکل وسقی ومکان رحل ونحو ذلک ، وأمّا مالکها بالخیار بین علفها وإطعامها وبین تخلیتها ترعیٰ فی خصب الأرض فإن اجتزأت بالرعی ، وإلاّ علّفها بمقدار کفایتها .
(مسألة 16) : لو امتنع المولیٰ من الإنفاق علیٰ رقیقه اُجبر علیٰ بیعه أو غیره ممّا یزیل ملکه عنه أو الإنفاق علیه ، کما أنّه لو امتنع المالک من الإنفاق علی البهیمة ولو بتخلیتها للرعی الکافی لها اُجبر علیٰ بیعها أو الإنفاق علیها أو ذبحها إن کانت ممّا یقصد بذبحها اللحم .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 773