مقدّمة
اعلم : أنّه یجب علیٰ کلّ مکلّف غیر بالغ مرتبة الاجتهاد فی عباداته ومعاملاته وتمام أعماله ولو فی المستحبّات والمباحات أن یکون إمّا مقلّداً أو محتاطاً ؛ بشرط أن یعرف موارد الاحتیاط ولا یعرف ذلک إلاّ القلیل ، فعمل العامّی الغیر العارف بمواضع الاحتیاط من غیر تقلید باطل عاطل .
(مسألة 1) : یجوز العمل بالاحتیاط ولو کان مستلزماً للتکرار علی الأقویٰ .
(مسألة 2) : التقلید المصحّح للعمل هو الالتزام بالعمل بفتویٰ مجتهد معیّن ، ویتحقّق بأخذ المسائل منه للعمل بها وإن لم یعمل بعد بها . نعم فی مسألتی جواز البقاء علیٰ تقلید المیّت وعدم جواز العدول من الحیّ إلی الحیّ یتوقّف علی العمل بها کما یأتی فی المسألتین .
(مسألة 3) : یجب أن یکون المرجع للتقلید عالماً مجتهداً عادلاً ورعاً فی دین اللّه کما وصفه علیه السلام بقوله : «وأمّا من کان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدینه مخالفاً لهواه مطیعاً لأمر مولاه فللعوامّ أن یقلّدوه» .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 9 (مسألة 4) : لایجوز العدول من الحیّ إلی الحیّ فی المسائل التی عمل بها إلاّ إذا کان الثانیأعلم ، وأمّا ما لم یعمل بها فالظاهر جواز العدول عنه ولو إلی المساوی .
(مسألة 5) : یجب تقلید الأعلم مع الإمکان علی الأحوط ویجب الفحص عنه ، وإذا تساویٰ مجتهدان فی العلم أو لم یعلم الأعلم منهما تخیّر بینهما إلاّ إذا کان أحدهما المعیّن أورع أو أعدل فیتعیّن تقلیده ، وإذا تردّد بین شخصین یحتمل أعلمیة أحدهما المعیّن دون الآخر تعیّن تقلیده .
(مسألة 6) : إذا کان الأعلم منحصراً فی شخصین ولم یتمکّن من تعیینه تعیّن الأخذ بالاحتیاط أو العمل بأحوط القولین منهما مع التمکّن ، ومع عدمه یکون مخیّراً بینهما .
(مسألة 7) : یجب علی العامّی أن یقلّد الأعلم فی مسألة وجوب تقلید الأعلم ، فإن أفتیٰ بوجوبه لا یجوز له تقلید غیره فی المسائل الفرعیّة ، وإن أفتیٰ بجواز تقلید غیر الأعلم تخیّر بین تقلیده وتقلید غیره ، ولایجوز له تقلید غیر الأعلم إذا أفتیٰ بعدم وجوب تقلید الأعلم ، نعم لو أفتیٰ بوجوب تقلید الأعلم یجوز الأخذ بقوله ، لکن لا من جهة حجّیة قوله بل لکونه موافقاً للاحتیاط .
(مسألة 8) : إذا کان مجتهدان متساویان فی العلم یتخیّر العامّی فی الرجوع إلیٰ أیّهما ، کما یجوز له التبعیض فی المسائل بأخذ بعضها من أحدهما وبعضها من الآخر .
(مسألة 9) : یجب علی العامّی فی زمان الفحص عن المجتهد أو الأعلم أن یعمل بالاحتیاط .
(مسألة 10) : یجوز تقلید المفضول فی المسائل التی توافق فتواه فتوی الأفضل فیها ، بل فیما لم یعلم تخالفهما فی الفتویٰ أیضاً .
(مسألة 11) : إذا لم یکن للأعلم فتوی فی مسألة من المسائل یجوز الرجوع فی تلک المسألة إلیٰ غیره مع رعایة الأعلم فالأعلم علی الأحوط .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 10 (مسألة 12) : إذا قلّد من لیس له أهلیّة الفتویٰ ثمّ التفت وجب علیه العدول ، وکذا إذا قلّد غیر الأعلم وجب العدول إلی الأعلم . وکذا إذا قلّد الأعلم ثمّ صار غیره أعلم منه .
(مسألة 13) : لایجوز تقلید المیّت ابتداءً ، نعم یجوز البقاء علیٰ تقلیده فی المسائل التی عمل بها فی زمان حیاته أو الرجوع إلی الحیّ الأعلم ، والرجوع أحوط . ولایجوز بعد ذلک الرجوع إلیٰ فتوی المیّت ثانیاً ولا إلیٰ حیّ آخر إلاّ إلیٰ أعلم منه . ویعتبر أن یکون البقاء بتقلید الحیّ ، فلو بقی علیٰ تقلید المیّت من دون الرجوع إلی الحیّ الذی یفتی بجواز ذلک کان کمن عمل من غیر تقلید .
(مسألة 14) : إذا قلّد مجتهداً ثمّ مات فقلّد غیره ، ثمّ مات فقلّد فی مسألة البقاء علیٰ تقلید المیّت من یقول بوجوب البقاء أو جوازه ، فهل یبقیٰ علیٰ تقلید المجتهد الأوّل أو الثانی ؟ الأظهر البقاء علیٰ تقلید الأوّل إن کان الثالث قائلاً بوجوب البقاء ، وعلیٰ تقلید الثانی إن کان قائلاً بجوازه .
(مسألة 15) : المأذون والوکیل عن المجتهد فی التصرّف فی الأوقاف أو الوصایا أو فی أموال القصّر ینعزل بموت المجتهد . وأمّا المنصوب من قبله - بأن نصبه متولّیاً للوقف أو قیّماً علی القصّر - فهل ینعزل بموته ؟ فیه إشکال فلایترک الاحتیاط بتحصیل النصب الجدید من المجتهد الحیّ .
(مسألة 16) : إذا عمل عملاً - من عبادة أو عقد أو إیقاع - علیٰ طبق فتویٰ من یقلّده فمات ذلک المجتهد فقلّد من یقول ببطلانه یجوز له البناء علیٰ صحّة الأعمال السابقة ولایجب علیه إعادتها ، وإن وجب علیه فیما یأتی العمل بمقتضیٰ فتوی المجتهد الثانی .
(مسألة 17) : إذا قلّد مجتهداً من غیر فحص عن حاله أو قطع بکونه جامعاً للشرائط ثمّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 11 شکّ فی أنّه کان جامعاً لها أم لا ، وجب علیه الفحص ، وأمّا إذا أحرز کونه جامعاً للشرائط ثمّ شکّ فی زوال بعضها عنه - کالعدالة والاجتهاد - فلایجب علیه الفحص ویجوز البناء علیٰ بقاء حالته الاُولیٰ .
(مسألة 18) : إذا عرض للمجتهد ما یوجب فقده للشرائط ؛ من فسق أو جنون أو نسیان یجب العدول إلی الجامع للشرائط ولایجوز البقاء علیٰ تقلیده ، کما أنّه لو قلّد من لم یکن جامعاً للشرائط ومضیٰ علیه برهة من الزمان کان کمن لم یقلّد أصلاً ، فحاله کحال الجاهل القاصر أو المقصّر .
(مسألة 19) : یثبت الاجتهاد بالاختبار وبالشیاع المفید للعلم وبشهادة العدلین ، وکذا الأعلمیّة . ولایجوز تقلید من لا یعلم أنّه بلغ رتبة الاجتهاد وإن کان من أهل العلم ، کما أنّه یجب علیٰ غیر المجتهد أن یقلّد أو یحتاط وإن کان من أهل العلم وقریباً من الاجتهاد .
(مسألة 20) : عمل الجاهل المقصّر الملتفت من دون تقلید باطل وإن کان مطابقاً للواقع . وأمّا عمل الجاهل القاصر أو المقصّر الغافل مع تحقّق قصد القربة فصحیح إن کان مطابقاً لفتوی المجتهد الذی یقلّده بعد ذلک .
(مسألة 21) : کیفیّة أخذ المسائل من المجتهد علیٰ أنحاء ثلاثة : أحدها : السماع منه ، الثانی : نقل عدلین أو عدل واحد عنه ، بل الظاهر کفایة نقل شخص واحد إذا کان ثقة یطمئنّ بقوله ، الثالث : الرجوع إلیٰ رسالته إذا کانت مأمونة من الغلط .
(مسألة 22) : إذا اختلف ناقلان فی نقل فتوی المجتهد یؤخذ بقول أوثقهما ، ومع تساویهما فی الوثاقة یتساقطان . فإذا لم یمکن الرجوع إلی المجتهد أو رسالته یعمل بما وافق الاحتیاط من الفتویین أو یعمل بالاحتیاط .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 12 (مسألة 23) : یجب تعلّم مسائل الشکّ والسهو وغیرها ممّا هو محلّ الابتلاء غالباً ، کما یجب تعلّم أجزاء العبادات وشرائطها وموانعها ومقدّماتها . نعم لو علم إجمالاً أنّ عمله واجد لجمیع الأجزاء والشرائط وفاقد للموانع صحّ وإن لم یعلم تفصیلاً .
(مسألة 24) : إذا علم أنّه کان فی عباداته بلا تقلید مدّة من الزمان ولم یعلم مقداره فإن علم بکیفیّتها وموافقتها لفتوی المجتهد الذی رجع إلیه فهو ، وإلاّ فالأحوط أن یقضی الأعمال السابقة بمقدار یعلم معه بالبراءة .
(مسألة 25) : إذا کان أعماله السابقة مع التقلید ولا یعلم أنّه کان عن تقلید صحیح أم فاسد یبنی علی الصحّة .
(مسألة 26) : إذا مضت مدّة من بلوغه وشکّ بعد ذلک فی أنّ أعماله کانت عن تقلید صحیح أم لا ، یجوز له البناء علی الصحّة فی أعماله السابقة ، وفی اللاحقة یجب علیه التصحیح فعلاً .
(مسألة 27) : یعتبر فی المفتی والقاضی العدالة ، وتثبت بشهادة عدلین وبالمعاشرة المفیدة للعلم أو الاطمئنان وبالشیاع المفید للعلم .
(مسألة 28) : العدالة : عبارة عن ملکة راسخة باعثة علیٰ ملازمة التقویٰ من ترک المحرّمات وفعل الواجبات . وتعرف بحسن الظاهر ومواظبته فی الظاهر علی الشرعیّات والطاعات ومزایا الشرع ؛ من حضور الجماعات وغیره ممّا کان کاشفاً عن الملکة وحسن الباطن علماً أو ظنّاً ، وتعرف أیضاً بشهادة العدلین وبالشیاع المفید للعلم .
(مسألة 29) : تزول صفة العدالة بارتکاب الکبائر أو الإصرار علی الصغائر وتعود بالتوبة إذا کانت الملکة المذکورة باقیة .
(مسألة 30) : إذا نقل شخص فتوی المجتهد خطأً یجب علیه إعلام من تعلّم منه .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 13 (مسألة 31) : إذا اتّفق فی أثناء الصلاة مسألة لایعلم حکمها ولم یتمکّن - حینئذٍ - من استعلامها بنیٰ علیٰ أحد الطرفین بقصد أن یسأل عن الحکم بعد الصلاة وأن یعیدها إذا ظهر کون المأتیّ به خلاف الواقع ، فلو فعل کذلک فظهرت المطابقة صحّت صلاته .
(مسألة 32) : الوکیل فی عمل عن الغیر - کإجراء عقد أو إیقاع أو أداء خمس أو زکاة أو کفّارة أو نحوها - یجب علیه أن یعمل بمقتضیٰ تقلید الموکّل لا تقلید نفسه إذا کانا مختلفین ، بخلاف الوصیّ فی مثل ما لو کان وصیّاً فی استئجار الصلاة عن المیّت ، فإنّه یجب أن یستأجر علیٰ وفق فتویٰ مجتهده لا مجتهد المیّت وکذلک الولیّ .
(مسألة 33) : إذا وقعت معاملة بین شخصین وکان أحدهما مقلّداً لمن یقول بصحّتها والآخر مقلّداً لمن یقول ببطلانها یجب علیٰ کلّ منهما مراعاة فتویٰ مجتهده ، فلو وقع النزاع بینهما یترافعان عند أحد المجتهدین أو عند مجتهد آخر فیحکم بینهما علیٰ طبق فتواه وینفذ حکمه علی الطرفین . وکذا الحال فیما إذا وقع إیقاع متعلّق بشخصین کالطلاق والعتق ونحوهما .
(مسألة 34) : الاحتیاط المطلق فی مقام الفتویٰ من غیر سبق فتویٰ علیٰ خلافه أو لحوقها کذلک لایجوز ترکه ، بل یجب إمّا العمل بالاحتیاط أو الرجوع إلی الغیر الأعلم فالأعلم . وأمّا إذا کان الاحتیاط فی الرسائل العملیّة مسبوقاً بالفتویٰ علیٰ خلافه کما لو قال بعد الفتویٰ فی المسألة : وإن کان الأحوط کذا ، أو ملحوقاً بالفتویٰ علیٰ خلافه کأن یقول : الأحوط کذا وإن کان الحکم کذا أو وإن کان الأقویٰ کذا ، أو کان مقروناً بما یظهر منه الاستحباب کأن یقول : الأولیٰ والأحوط کذا ، جاز فی الموارد الثلاثة ترک الاحتیاط .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 14