وهو فی الأصل بمعنی المنع ، وشرعاً : کون الشخص ممنوعاً فی الشرع عن التصرّف فی ماله بسبب من الأسباب ، وهی کثیرة نذکر منها ما هو العمدة ؛ وهی الصغر والسفه والفلس ومرض الموت .
القول فی الصغر
(مسألة 1) : الصغیر - وهو الذی لم یبلغ حدّ البلوغ - محجور علیه شرعاً لا تنفذ تصرّفاته فی أمواله ببیع وصلح وهبة وإقراض وإجارة وإیداع وإعارة وغیرها ، وإن کان فی کمال التمیّز والرشد وکان التصرّف فی غایة الغبطة والصلاح ، بل لایجدی فی الصحّة إذن الولیّ سابقاً ولا إجازته لاحقاً عند المشهور .
(مسألة 2) : کما أنّ الصبیّ محجور علیه بالنسبة إلیٰ ماله ، کذلک محجور بالنسبة إلیٰ ذمّته ، فلا یصحّ منه الاقتراض ولا البیع والشراء فی الذمّة بالسلم والنسیئة وإن کانت مدّة الأداء مصادفة لزمان البلوغ ، وکذلک بالنسبة إلیٰ نفسه فلا ینفذ منه التزویج والطلاق ولا إجارة نفسه ولا جعل نفسه عاملاً فی المضاربة أو المزارعة أو المساقاة وغیر ذلک . نعم یجوز حیازته المباحات بالاحتطاب والاحتشاش ونحوهما ویملکها بالنیّة ، بل وکذا یملک الجعل فی الجعالة بعمله وإن لم یأذن له الولیّ فیهما .
(مسألة 3) : یعرف البلوغ فی الذکر والاُنثیٰ بأحد اُمور ثلاثة : الأوّل : نبات الشعر الخشن
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 483 علی العانة ، ولا اعتبار بالزغب والشعر الضعیف . الثانی : خروج المنی ؛ سواء خرج یقظة أو نوماً ، بجماع أو احتلام أو غیرهما . الثالث : السنّ ، وهو فی الذکر خمسة عشر سنة وفی الاُنثیٰ تسع سنین .
(مسألة 4) : لا یکفی البلوغ فی زوال الحجر عن الصبیّ ، بل لابدّ معه من الرشد وعدم السفه بالمعنی الذی سنبیّنه .
(مسألة 5) : ولایة التصرّف فی مال الطفل والنظر فی مصالحه وشؤونه لأبیه وجدّه لأبیه ، ومع فقدهما للقیّم من أحدهما ؛ وهو الذی أوصیٰ أحدهما بأن یکون ناظراً فی أمره ، ومع فقد الوصیّ یکون الولایة والنظر للحاکم الشرعی . وأمّا الاُمّ والجدّ للاُمّ والأخ فضلاً عن الأعمام والأخوال فلا ولایة لهم علیه بحال . نعم الظاهر ثبوتها لعدول المؤمنین مع فقد الحاکم .
(مسألة 6) : الظاهر أنّه لا یشترط العدالة فی ولایة الأب والجدّ ، فلا ولایة للحاکم مع فسقهما ، لکن متیٰ ظهر له ولو بقرائن الأحوال الضرر منهما علی المولّیٰ علیه عزلهما ومنعهما من التصرّف فی أمواله . ولایجب علیه الفحص عن عملهما وتتبّع سلوکهما .
(مسألة 7) : الأب والجدّ مشترکان فی الولایة ، فینفذ تصرّف السابق منهما ولغا تصرّف اللاحق . ولو اقترنا ففی تقدیم الجدّ أو الأب أو عدم الترجیح وبطلان تصرّف کلیهما وجوه ، بل أقوال ، فلا یترک الاحتیاط .
(مسألة 8) : الظاهر أنّه لا فرق بین الجدّ القریب والبعید ، فلو کان له أب وجدّ وأب الجدّ وجدّ الجدّ اشترکوا کلّهم فی الولایة .
(مسألة 9) : یجوز للولیّ بیع عقار الصبیّ مع الحاجة واقتضاء المصلحة ، فإن کان البائع هو الأب أو الجدّ جاز للحاکم تسجیله وإن لم یثبت عنده أنّه مصلحة . وأمّا غیرهما کالوصیّ فلا یسجّله إلاّ بعد ثبوت کونه مصلحة عنده علی الأحوط .
(مسألة 10) : یجوز للولیّ المضاربة بمال الطفل وإبضاعه بشرط وثاقة العامل وأمانته ، فإن دفعه إلیٰ غیره ضمن .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 484 (مسألة 11) : یجوز للولیّ تسلیم الصبیّ إلیٰ أمین یعلّمه الصنعة ، أو إلیٰ من یعلّمه القراءة والخطّ والحساب والعلوم العربیّة وغیرها من العلوم النافعة لدینه ودنیاه ، ویلزم علیه أن یصونه عمّا یفسد أخلاقه فضلاً عمّا یضرّ بعقائده .
(مسألة 12) : یجوز لولیّ الیتیم إفراده بالمأکول والملبوس من ماله ، وأن یخلطه بعائلته ، ویحسبه کأحدهم فیوزّع المصارف علیهم علی الرؤوس ، لکن هذا بالنسبة إلی المأکول والمشروب ، وأمّا الکسوة فیحسب علیٰ کلّ شخص کسوته .وکذلک الحال فی الیتامی المتعدّدین ، فیجوز لمن یتولّیٰ إنفاقهم إفراد کلّ واحد منهم ، وأن یخلطهم فی المأکول والمشروب ویوزّع المصارف علیهم علی الرؤوس ، دون الکسوة فإنّه یثبت ویحسب علیٰ کلّ واحد ما یحتاج إلیه منها .
(مسألة 13) : إذا کان للصغیر مال علیٰ غیره ، جاز للولیّ أن یصالحه عنه ببعضه مع المصلحة ، لکن لا یحلّ علی المتصالح باقی المال ولیس للولیّ إسقاطه بحال .
(مسألة 14) : المجنون کالصغیر فی جمیع ما ذکر ، نعم فی ولایة الأب والجدّ ووصیّهما علیه إذا تجدّد جنونه بعد بلوغه ورشده أو کونها للحاکم إشکال ، فلا یترک الاحتیاط بتوافقهما معاً .
(مسألة 15) : ینفق الولیّ علی الصبیّ بالاقتصاد ، لا بالإسراف ولا بالتقتیر ملاحظاً له عادته ونظرائه ، ویطعمه ویکسوه ما یلیق بشأنه .
(مسألة 16) : لو ادّعی الولیّ الإنفاق علی الصبیّ أو علیٰ ماله أو دوابّه بالمقدار اللائق ، وأنکر بعد البلوغ أصل الإنفاق أو کیفیّته ، فالقول قول الولیّ مع الیمین ، إلاّ أن یکون مع الصبیّ البیّنة .
القول فی السفه
السفیه هو الذی لیس له حالة باعثة علیٰ حفظ ماله والاعتناء بحاله ، یصرفه فی غیر موقعه ویتلفه بغیر محلّه ولیس معاملاته مبنیّة علی المکایسة والتحفّظ عن المغابنة ، لا
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 485 یبالی بالانخداع فیها ، یعرفه أهل العرف والعقلاء بوجدانهم إذا وجدوه خارجاً عن طورهم ومسلکهم بالنسبة إلیٰ أمواله تحصیلاً وصرفاً . وهو محجور علیه شرعاً لا ینفذ تصرّفاته فی ماله ببیع وصلح وإجارة وإیداع وعاریة وغیرها ولا یتوقّف حجره علیٰ حکم الحاکم علی الأقویٰ . ولا فرق بین أن یکون سفهه متّصلاً بزمان صغره أو تجدّد بعد البلوغ ، فلو کان سفیهاً ثمّ حصل له الرشد ارتفع حجره ، فإن عاد إلیٰ حالته السابقة حجر علیه ، ولو زالت فکّ حجره ، ولو عاد عاد الحجر علیه وهکذا .
(مسألة 1) : ولایة السفیه للأب والجدّ ووصیّهما إذا بلغ سفیهاً ، وفی من طرأ علیه السفه بعد البلوغ للحاکم الشرعی .
(مسألة 2) : کما أنّ السفیه محجور علیه فی أمواله ، کذلک فی ذمّته - بأن یتعهّد مالاً أو عملاً - فلایصحّ اقتراضه وضمانه ولا بیعه وشراؤه بالذمّة ولا إجارة نفسه ولا جعل نفسه عاملاً فی المضاربة أو المزارعة أو المساقاة وغیر ذلک .
(مسألة 3) : معنیٰ عدم نفوذ تصرّفات السفیه عدم استقلاله ، فلو کان بإذن الولیّ أو إجازته صحّ ونفذ . نعم فی مثل العتق والوقف ممّا لا یجری فیه الفضولیّة یشکل صحّته بالإجازة اللاحقة من الولیّ ، ولو أوقع معاملة فی حال سفهه ثمّ حصل له الرشد فأجازها کانت کإجازة الولیّ .
(مسألة 4) : لایصحّ زواج السفیه بدون إذن الولیّ أو إجازته ، لکن یصحّ طلاقه وظهاره وخلعه . ویقبل إقراره إذا لم یتعلّق بالمال ، کما لو أقرّ بالنسب أو بما یوجب القصاص ونحو ذلک . ولو أقرّ بالسرقة یقبل فی القطع دون المال .
(مسألة 5) : لو وکّل السفیه أجنبیّ فی بیع أو هبة أو إجارة - مثلاً - جاز ولو کان وکیلاً فی أصل المعاملة لا فی مجرّد إجراء الصیغة .
(مسألة 6) : إذا حلف السفیه أو نذر علیٰ فعل شیء أو ترکه ممّا لا یتعلّق بماله انعقد حلفه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 486 ونذره . ولو حنث کفّر کسائر ما أوجب الکفّارة کقتل الخطأ والإفطار فی شهر رمضان ، وهل یتعیّن علیه الصوم لو تمکّن منه أو یتخیّر بینه وبین کفّارة مالیّة کغیره ؟ وجهان ، أحوطهما الأوّل ، بل لایخلو من قوّة . نعم لو لم یتمکّن من الصوم تعیّن غیره ، کما إذا فعل ما یوجب الکفّارة المالیّة علی التعیین کما فی کفّارات الإحرام کلّها أو جلّها .
(مسألة 7) : لو کان للسفیه حقّ القصاص جاز أن یعفو عنه ، بخلاف الدیة وأرش الجنایة .
(مسألة 8) : إذا اطّلع الولیّ علیٰ بیع أو شراء - مثلاً - من السفیه ولم یر المصلحة فی إجازته ، فإن لم یقع إلاّ مجرّد العقد ألغاه ، وإن وقع تسلیم وتسلّم للعوضین فما سلّمه إلی الطرف الآخر یستردّه ویحفظه ، وما تسلّمه وکان موجوداً یردّه إلیٰ مالکه ، وإن کان تالفاً ضمنه السفیه ، فعلیه مثله أو قیمته لو قبضه بغیر إذن من مالکه ، وإن کان بإذن منه وتسلیمه لم یضمنه وتلف من مال مالکه . نعم یقوی الضمان لو کان المالک الذی سلّمه الثمن أو المبیع جاهلاً بحاله ، خصوصاً إذا کان التلف بإتلاف منه ، وکذا الحال فیما لو اقترض السفیه وأتلف المال .
(مسألة 9) : لو أودع إنسان ودیعة عند السفیه ، فأتلفها ضمنها علی الأقویٰ ؛ سواء علم المودع بحاله أو جهل بها . نعم لو تلف عنده لم یضمنه حتّیٰ مع تفریطه فی حفظها .
(مسألة 10) : لا یسلّم إلی السفیه ماله ما لم یحرز رشده ، وإذا اشتبه حاله یختبر ؛ بأن یفوّض إلیه - مدّة معتدّ بها - بعض الاُمور ممّا یناسب شأنه کالبیع والشراء والإجارة والاستئجار لمن یناسبه مثل هذه الاُمور والرتق والفتق فی بعض الاُمور مثل مباشرة الإنفاق فی مصالحه أو مصالح الولیّ ونحو ذلک فیمن یناسبه ذلک ، وفی السفیهة یفوّض إلیها ما یناسب النساء من إدارة بعض مصالح البیت والمعاملة مع النساء من الإجارة والاستئجار للخیاطة أو الغزل والنساجة وأمثال ذلک ، فإن آنس منه الرشد ؛ بأن رأیٰ منه المداقّة والمکایسة والتحفّظ عن المغابنة فی معاملاته وصیانة المال من التضییع وصرفه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 487 فی موضعه وجریه مجاری العقلاء ، دفع إلیه ماله وإلاّ فلا .
(مسألة 11) : الصبیّ إذا احتمل حصول الرشد له قبل البلوغ ، یجب اختباره قبله لیسلّم إلیه ماله بمجرّد بلوغه لو آنس منه الرشد ، وإلاّ ففی کلّ زمان احتمل فیه ذلک عند البلوغ أو بعده . وأمّاغیره فإن ادّعیٰ حصول الرشد له واحتمله الولیّیجب اختباره وإن لم یدّع حصوله ففی وجوب الاختبار بمجرّد الاحتمال إشکال لایبعد عدم الوجوب ، بل لایخلو من قوّة .
القول فی المفلّس
وهو من حجر علیه عن ماله لقصوره عن دیونه .
(مسألة 1) : من کثرت علیه الدیون ولو کانت أضعاف أمواله ، یجوز له التصرّف فیها بأنواعه ونفذ أمره فیها بأصنافه ؛ ولو بإخراجها جمیعاً عن ملکه مجّاناً أو بعوض ما لم یحجر علیه الحاکم الشرعی . نعم لو کان صلحه عنها ، أوهبتها - مثلاً - لأجل الفرار من أداء الدیون یشکل الصحّة ، خصوصاً فیما إذا لم یرج حصول مال آخر له باکتساب ونحوه .
(مسألة 2) : لایجوز الحجر علی المفلس إلاّ بشروط أربعة : الأوّل : أن تکون دیونه ثابتة شرعاً . الثانی : أن تکون أمواله من عروض ونقود ومنافع ودیون علی الناس - ما عدا مستثنیات الدین - قاصرة عن دیونه . الثالث : أن تکون الدیون حالّة ، فلا یحجر علیه لأجل الدیون المؤجّلة وإن لم یف ماله بها لو حلّت ، ولو کان بعضها حالاًّ وبعضها مؤجّلاً ، فإن قصر ماله عن الحالّة یحجر علیه وإلاّ فلا . الرابع : أن یرجع الغرماء کلّهم أو بعضهم إلی الحاکم ویلتمسوا منه الحجر علیه .
(مسألة 3) : بعدما تمّت الشرائط الأربعة وحجر علیه الحاکم وحکم بذلک ، تعلّق حقّ الغرماء بأمواله ولا یجوز له التصرّف فیها بعوض کالبیع والإجارة وبغیر عوض کالوقف والهبة إلاّ بإذنهم أو إجازتهم . وإنّما یمنع عن التصرّفات الابتدائیة ، فلو اشتریٰ شیئاً سابقاً بخیار ثمّ حجر علیه فالخیار باقٍ وکان له فسخ البیع وإجازته . نعم لو کان له حقّ مالی سابقاً علی الغیر لیس له إسقاطه وإبراؤه کلاًّ أو بعضاً .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 488 (مسألة 4) : إنّما یمنع عن التصرّف فی أمواله الموجودة فی زمان الحجر علیه ، وأمّا الأموال المتجدّدة الحاصلة له بغیر اختیاره کالإرث أو باختیاره بمثل الاحتطاب والاصطیاد وقبول الوصیّة والهبة ونحو ذلک ، ففی شمول الحجر لها إشکال ، نعم لا إشکال فی جواز تجدید الحجر علیها .
(مسألة 5) : لو أقرّ بعد الحجر بدین سابق صحّ وشارک المقرّ له مع الغرماء ، وکذا لو أقرّ بدین لاحق وأسنده إلیٰ سبب لا یحتاج إلیٰ رضا الطرفین مثل الإتلاف والجنایة ونحوهما ، وأمّا لو أسنده إلیٰ سبب یحتاج إلیٰ ذلک کالاقتراض والشراء بما فی الذمّة ونحو ذلک نفذ الإقرار فی حقّه ، لکن لا یشارک المقرّ له مع الغرماء .
(مسألة 6) : لو أقرّ بعین من الأعیان التی تحت یده لشخص ، لا إشکال فی نفوذ إقراره فی حقّه ، فلو سقط حقّ الغرماء وانفکّ الحجر لزمه تسلیمها إلی المقرّ له أخذاً بإقراره ، وأمّا نفوذه فی حقّ الغرماء بحیث تدفع إلی المقرّ له فی الحال ، ففیه إشکال ، الأقوی العدم .
(مسألة 7) : بعدما حکم الحاکم بحجر المفلّس ومنعه عن التصرّف فی أمواله یشرع فی بیعها وقسمتها بین الغرماء بالحصص وعلیٰ نسبة دیونهم ، مستثنیاً منها مستثنیات الدین وقد مرّت فی کتاب الدین ، وکذا أمواله المرهونة عند الدیّان لو کان ، فإنّ المرتهن أحقّ باستیفاء حقّه من الرهن الذی عنده ، ولا یحاصّه فیه سائر الغرماء وقد مرّ فی کتاب الرهن .
(مسألة 8) : إن کان من جملة مال المفلّس عین اشتراها ، وکان ثمنها فی ذمّته ، کان البائع بالخیار بین أن یفسخ البیع ویأخذ عین ماله وبین الضرب مع الغرماء بالثمن ولو لم یکن له مال سواها .
(مسألة 9) : قیل : هذا الخیار علی الفور ، فإن لم یبادر بالرجوع فی العین تعیّن له الضرب مع الغرماء وهو أحوط ، لکن الظاهر العدم . نعم لیس له الإفراط فی تأخیر الاختیار بحیث تعطّل أمر التقسیم علی الغرماء ، فإذا وقع منه ذلک خیّره الحاکم بین الأمرین فإن امتنع عن اختیار أحدهما ضربه مع الغرماء بالثمن .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 489 (مسألة 10) : یعتبر فیجواز رجوع البائع بالعین حلول الدین، فلارجوع لوکان مؤجّلاً.
(مسألة 11) : لو کانت العین من مستثنیات الدین لیس للبائع أن یرجع إلیها علی الأظهر .
(مسألة 12) : المقرض کالبائع فی أنّ له الرجوع فی العین المقترضة لو وجدها عند المقترض ، بل وکذا المؤجر فإنّ له فسخ الإجارة إذا حجر علی المستأجر قبل استیفاء المنفعة .
(مسألة 13) : لو وجد البائع أو المقرض بعض العین المبیعة أو المقترضة ، کان لهما الرجوع إلی الموجود بحصّته من الدین والضرب بالباقی مع الغرماء ، کما أنّ لهما الضرب بتمام الدین معهم . وکذا إذا استوفی المستأجر بعض المنفعة کان للمؤجر فسخ الإجارة بالنسبة إلیٰ ما بقی من المدّة بحصّتها من الاُجرة والضرب مع الغرماء بما قابلت المنفعة الماضیة ، کما أنّ له الضرب معهم بتمام الاُجرة .
(مسألة 14) : لوزادت فی العین المبیعة أو المقترضة زیادة متّصلة کالسمن تتبع الأصل، فیرجع البائع أو المقرض إلی العین کما هی . وأمّا الزیادة المنفصلة کالحمل والولد واللبن والثمرعلی الشجرفهی للمشتریوالمقترض ولیس للبائع والمقرض إلاّ الرجوع إلی الأصل.
(مسألة 15) : لو تعیّبت العین عند المشتری - مثلاً - فإن کان بآفة سماویّة أو بفعل المشتری فللبائع أن یأخذها کما هی بدل الثمن وأن یضرب بالثمن مع الغرماء ، وکذا لو کان بفعل البائع . وأمّا إن کان بفعل الأجنبی فالبائع بالخیار بین أن یضرب مع الغرماء بتمام الثمن وبین أن یأخذ العین معیباً ، وحینئذٍ فیحتمل أن یضارب الغرماء فی جزء من الثمن نسبته إلیه کنسبة الأرش إلیٰ قیمة العین ، ویحتمل أن یضاربهم فی تمام الأرش ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 490 فإذا کان الثمن عشرة وقیمة العین عشرین وأرش النقصان أربعة - خمس القیمة - فعلی الأوّل یضاربهم فی اثنین وعلی الثانی فی أربعة . ولو فرض العکس بأن کان الثمن عشرین والقیمة عشرة وکان الأرش اثنین - خمس العشرة - یکون الأمر بالعکس یضاربهم فی أربعة علی الأوّل وفی اثنین علی الثانی ، والمسألة محلّ إشکال ، فالأحوط للبائع أن یقتصر علیٰ أقلّ الأمرین وهو الاثنان فی الصورتین .
(مسألة 16) : لو اشتریٰ أرضاً فأحدث فیها بناءً أو غرساً ثمّ فلس کان للبائع الرجوع إلیٰ أرضه ، لکنّ البناء والغرس للمشتری ولیس له حقّ البقاء ولو بالاُجرة ، فإن تراضیا علی البقاء مجّاناً أو بالاُجرة ، وإلاّ فللبائع إلزامه بالقلع لکن مع دفع الأرش ، کما أنّ للمشتری القلع لکن مع طمّ الحفر ، والأحوط للبائع عدم إلزامه بالقلع والرضا ببقائه ولو بالاُجرة إذا أراده المشتری .
(مسألة 17) : لو خلط المشتری - مثلاً - ما اشتراه بماله ، فإن کان بغیر جنسه لیس للبائع الرجوع فی ماله وبطل حقّه من العین ، وإن کان بجنسه کان له ذلک ؛ سواء خلط بالمساوی أو الأردأ أو الأجود ، وبعد الرجوع یشارک المفلّس بنسبة مالهما فی المقدار . لکن فیما إذا اختلط بالمساوی اقتسماه عیناً بنسبة مالهما . وأمّا فی غیره فیباع المجموع ویخصّ کلّ منهما من الثمن بنسبة قیمة ماله ، فإذا خلط منّ من زیت یسویٰ درهماً بمنّ من زیت یسویٰ درهمین یقسّم الثمن بینهما أثلاثاً ، وإذا أراد أحدهما البیع لیس للآخر الامتناع . نعم لصاحب الأجود مطالبة القسمة العینیّة بنسبة مقدار المالین فإنّه قد رضی بدون حقّه ولیس للآخر الامتناع ومطالبة البیع وتقسیم الثمن بنسبة القیمة . هذا ولکن فی أصل المسألة - وهو کون البائع أحقّ بماله فی صورة الامتزاج - عندی تأمّل وإشکال ، فالأحوط عدم الرجوع إلاّ مع رضا الغرماء .
(مسألة 18) : لو اشتریٰ غزلاً فنسجه ، أو دقیقاً فخبزه ، أو ثوباً فقصّره أو صبغه ، لم یبطل حقّ البائع من العین ، علیٰ إشکال فی الأوّلین .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 491 (مسألة 19) : غریم المیّت کغریم المفلّس ، فإذا وجد عین ماله فی ترکته کان له الرجوع إلیه ، لکن بشرط أن یکون ما ترکه وافیاً بدین الغرماء وإلاّ فلیس له ذلک ، بل هو کسائر الغرماء یضرب بدینه معهم وإن کان المیّت قد مات محجوراً علیه .
(مسألة 20) : یجری علی المفلّس إلیٰ یوم قسمة ماله نفقته وکسوته ونفقة من یجب علیه نفقته وکسوته علیٰ ما جرت علیه عادته . ولو مات قدّم کفنه بل وسائر مؤن تجهیزه من السدر والکافور وماء الغسل ونحو ذلک علیٰ حقوق الغرماء ، ویقتصر علی الواجب علی الأحوط ، وإن کان القول باعتبار المتعارف بالنسبة إلیٰ أمثاله لایخلو من قوّة .
(مسألة 21) : لو قسّم الحاکم مال المفلّس بین غرمائه ، ثمّ ظهر غریم آخر لم ینتقض القسمة علی الأقویٰ ، بل یشارک مع کلّ منهم علی الحساب ، فإذا کان مجموع ماله ستّین وکان له غریمان یطلب أحدهما ستّین والآخر ثلاثین فأخذ الأوّل أربعین والثانی عشرین ثمّ ظهر ثالث یطلب منه عشرة یأخذ من الأوّل أربعة ومن الثانی اثنین ، فیصیر حصّة الأوّل ستّة وثلاثین والثانی ثمانیة عشر والثالث ستّة ، یأخذ کلّ منهم ثلاثة أخماس طلبه وهکذا .
القول فی المرض
المریض إذا لم یتّصل مرضه بموته فهو کالصحیح ؛ یتصرّف فی ماله بما شاء وکیف شاء ، وینفذ جمیع تصرّفاته فی جمیع ما یملکه ، إلاّ فیما أوصیٰ بأن یصرف شیء بعد موته ، فإنّه لا ینفذ فیما زاد علیٰ ثلث ما یترکه ، کما أنّ الصحیح أیضاً کذلک ویأتی تفصیل ذلک فی محلّه . وأمّا إذا اتّصل مرضه بموته فلا إشکال فی عدم نفوذ وصیّته بما زاد علی الثلث کغیره ، کما أنّه لا إشکال فی نفوذ عقوده المعاوضیّة المتعلّقة بماله ، کالبیع بثمن المثل والإجارة باُجرة المثل ونحو ذلک . وکذا أیضاً لا إشکال فی جواز انتفاعه بماله بالأکل والشرب والإنفاق علیٰ نفسه ومن یعوله والصرف علیٰ أضیافه وفی مورد یحفظ شأنه واعتباره وغیر ذلک . وبالجملة : کلّ صرف یکون فیه غرض عقلائی ممّا لا یعدّ سرفاً وتبذیراً أیّ مقدار کان ، وإنّما الإشکال والخلاف فی مثل الهبة والعتق والوقف والصدقة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 492 والإبراء والصلح بغیر عوض ونحو ذلک من التصرّفات التبرّعیّة فی ماله ممّا لا یقابل بالعوض ویکون فیه إضرار بالورثة ، وهی المعبّر عنها بالمنجّزات ، وأنّها هل هی نافذة من الأصل - بمعنیٰ نفوذها وصحّتها مطلقاً وإن زادت علیٰ ثلث ماله ، بل وإن تعلّقت بجمیع ماله بحیث لم یبق شیء للورثة - أو هی نافذة بمقدار الثلث ، فإن زادت یتوقّف صحّتها ونفوذها فی الزائد علیٰ إمضاء الورثة ؟ والأقویٰ هو الأوّل .
(مسألة 1) : لا إشکال ولا خلاف فی أنّ الواجبات المالیّة التی یؤدّیها المریض فی مرض موته - کالخمس والزکاة والکفّارات - تخرج من الأصل .
(مسألة 2) : البیع والإجارة المحاباتیان کالهبة بالنسبة إلیٰ ما حاباه ، فیدخلان فی المنجّزات التی هی محلّ الإشکال والخلاف ، فإذا باع شیئاً یسویٰ مائة بخمسین فقد أعطی المشتری خمسین کما إذا وهبه .
(مسألة 3) : وإن کانت الصدقة من المنجّزات کما أشرنا إلیه ، لکنّ الظاهر أنّه لیس منها ما یتصدّق المریض لأجل شفائه وعافیته بل هی ملحقة بالمعاوضات ، فکأنّ المریض یشتری به حیاته وسلامته .
(مسألة 4) : لو قلنا بکون المنجّزات تنفذ من الثلث ، یشکل القول به فی المرض الذی یطول سنة أو سنتین أو أزید ، إلاّ فیما إذا وقع التصرّف فی أواخره القریب من الموت ، بل ینبغی أن یقتصر علی المرض المخوف الذی یکون معرضاً للخطر والهلاک ، فمثل حمّیٰ یوم خفیف اتّفق الموت به علیٰ خلاف مجاری العادة یمکن القول بخروجه . کما أنّه ینبغی الاقتصار علیٰ ما إذا کان الموت بسبب ذلک المرض الذی وقع التصرّف فیه ، فإذا مات فیه لکن بسبب آخر - من قتل أو افتراس سبع أو لدغ حیّة ونحو ذلک - یکون خارجاً .
(مسألة 5) : لایبعد أن یلحق بالمرض حال کونه معرض الخطر والهلاک ، کأن یکون
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 493 فی حال المراماة فی الحرب ، أو فی حال إشراف السفینة علی الغرق ، أو کانت المرأة فی حال الطلق .
(مسألة 6) : لو أقرّ بدین أو عین من ماله فی مرض موته لوارث أو أجنبیّ ، فإن کان مأموناً غیر متّهم نفذ إقراره فی جمیع ما أقرّ به وإن کان زائداً علیٰ ثلث ماله بل وإن استوعبه ، وإلاّ فلا ینفذ فیما زاد علیٰ ثلثه . والمراد بکونه متّهماً وجود أمارات یظنّ معها بکذبه ، کأن یکون بینه وبین الورثة معاداة یظنّ معها بأنّه یرید بذلک إضرارهم ، أو کان له محبّة شدیدة مع المقرّ له یظنّ معها بأنّه یرید بذلک نفعه .
(مسألة 7) : إذا لم یعلم حال المقرّ وأنّه کان متّهماً أو مأموناً ، ففی الحکم بنفوذ إقراره فی الزائد علی الثلث وعدمه إشکال ، فالأحوط التصالح بین الورثة والمقرّ له .
(مسألة 8) : إنّما یحسب الثلث فی مسألتی المنجّزات والإقرار بالنسبة إلیٰ مجموع ما یترکه فی زمان موته من الأموال عیناً أو دیناً أو منفعة أو حقّاً مالیّاً یبذل بإزائه المال کحقّ التحجیر ، وهل تحسب الدیة من الترکة وتضمّ إلیها ویحسب الثلث بالنسبة إلی المجموع أم لا ؟ وجهان بل قولان ، لایخلو أوّلهما من رجحان .
(مسألة 9) : ما ذکرنا من عدم النفوذ فیما زاد علی الثلث فی الوصیّة وفی المنجّزات علی القول به إنّما هو إذا لم یجز الورثة وإلاّ نفذتا بلا إشکال ، ولو أجاز بعضهم نفذ بمقدار حصّته ، ولو أجازوا بعضاً من الزائد عن الثلث نفذ بقدره .
(مسألة 10) : لا إشکال فی صحّة إجازة الوارث بعد موت المورّث ، وهل تصحّ منه فی حال حیاته بحیث تلزم علیه ولا یجوز له الردّ بعد ذلک أم لا ؟ قولان ، أقواهما الأوّل خصوصاً فی الوصیّة ، وإذا ردّ فی حال الحیاة یمکن أن یلحقه الإجازة بعد ذلک علی الأقویٰ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 494
کتاب الضمان
وهو التعهّد بمال ثابت فی ذمّة شخص لآخر ، وحیث إنّه عقد من العقود یحتاج إلیٰ إیجاب صادر من الضامن وقبول من المضمون له ، ویکفی فی الأوّل کلّ لفظ دالّ بالمتفاهم العرفی علی التعهّد المزبور ولو بضمیمة القرائن ، مثل أن یقول : «ضمنت لک» أو «تعهّدت لک الدین الذی لک علیٰ فلان» ونحو ذلک ، وفی الثانی کلّ ما دلّ علی الرضا بذلک ، ولا یعتبر فیه رضا المضمون عنه .
(مسألة 1) : یشترط فی کلّ من الضامن والمضمون له أن یکون بالغاً عاقلاً رشیداً مختاراً ، ولا یشترط ذلک کلّه فی المضمون عنه ، فلا یصحّ ضمان الصبیّ ولا الضمان له ، ولکن یصحّ الضمان عنه وهکذا .
(مسألة 2) : یشترط فی صحّة الضمان اُمور :
منها : التنجیز ، فلو علّق علیٰ أمر کأن یقول : أنا ضامن لما علیٰ فلان إن أذن لی أبی ، أو أنا ضامن إن لم یف المدیون إلیٰ زمان کذا ، أو إن لم یف أصلاً ، بطل .
ومنها : کون الدین الذی یضمنه ثابتاً فی ذمّة المضمون عنه ؛ سواء کان مستقرّاً کالقرض والثمن أو المثمن فی البیع الذی لا خیار فیه ، أو متزلزلاً کأحد العوضین فی البیع الخیاری أو کالمهر قبل الدخول ونحو ذلک ، فلو قال : أقرض فلاناً أو بعه نسیئة وأنا ضامن ، لم یصحّ .
ومنها : تمیّز الدین والمضمون له والمضمون عنه ؛ بمعنیٰ عدم الإبهام والتردید ، فلایصحّ ضمان أحد الدینین ولو لشخص معیّن علیٰ شخص معیّن ، ولا ضمان دین أحد
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 495 الشخصین ولو لواحد معیّن ، ولا ضمان دین أحد الشخصین ولو علیٰ واحد معیّن . نعم لو کان الدین معیّناً فی الواقع ولم یعلم جنسه أو مقداره أو کان المضمون له أو المضمون عنه متعیّناً فی الواقع ولم یعلم شخصه صحّ علی الأقویٰ ، خصوصاً فی الأخیرین ، فلو قال: ضمنت ما لفلان علیٰ فلان ، ولم یعلم أنّه درهم أو دینار أو أنّه دینار أو دیناران صحّ علی الأصحّ ، وکذا لو قال : ضمنت الدین الذی علیٰ فلان لمن یطلبه من هؤلاء العشرة ، ویعلم بأنّ واحداً منهم یطلبه ولم یعلم شخصه ثمّ قبل بعد ذلک الواحد المعیّن الذی یطلبه ، أو قال : ضمنت ما کان لفلان علی المدیون من هؤلاء ، ولم یعلم شخصه ، صحّ الضمان علی الأقویٰ .
(مسألة 3) : إذا تحقّق الضمان الجامع للشرائط انتقل الحقّ من ذمّة المضمون عنه إلیٰ ذمّة الضامن وبرئت ذمّته ، فإذا أبرأ المضمون له - وهو صاحب الدین - ذمّة الضامن برئت الذمّتان ؛ الضامن والمضمون عنه ، وإذا أبرأ ذمّة المضمون عنه کان لغواً ؛ لأنّه لم تشتغل ذمّته بشیء حتّیٰ یبرئها .
(مسألة 4) : الضمان لازم من طرف الضامن ، فلیس له فسخه بعد وقوعه مطلقاً ، وکذا من طرف المضمون له ، إلاّ إذا کان الضامن معسراً وکان المضمون له جاهلاً بإعساره ، فإنّه یجوز له فسخ الضمان والرجوع بحقّه علی المضمون عنه . والمدار علی الإعسار حال الضمان ، فلو کان موسراً فی تلک الحال ثمّ أعسر لم یکن له الخیار ، کما أنّه لو کان معسراً ثمّ أیسر لم یزل الخیار .
(مسألة 5) : یجوز اشتراط الخیار لکلّ من الضامن والمضمون له علی الأقویٰ .
(مسألة 6) : یجوز ضمان الدین الحالّ حالاًّ ومؤجّلاً ، وکذا ضمان الدین المؤجّل مؤجّلاً وحالاًّ ، وکذا یجوز ضمان الدین المؤجّل مؤجّلاً بأزید من أجله وبأنقص منه .
(مسألة 7) : إذا ضمن من دون إذن المضمون عنه لیس له الرجوع علیه ، وإن کان بإذنه فله الرجوع علیه لکن بعد أداء الدین لا بمجرّد الضمان . وإنّما یرجع علیه بمقدار ما أدّاه ، فلو صالح المضمون له مع الضامن الدین بنصفه أو ثلثه أو أبرأ ذمّته عن بعضه لم یرجع علیه بالمقدار الذی سقط عن ذمّته بالمصالحة أو الإبراء .
(مسألة 8) : إذا کان الضمان بإذن المضمون عنه ، فإنّما یرجع علیه بالأداء فیما إذا حلّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 496 أجل الدین الذی کان علی المضمون عنه ، وإلاّ فلیس له الرجوع علیه إلاّ بعد حلول أجله ، فلو ضمن الدین المؤجّل حالاًّ أو الدین المؤجّل بأقلّ من أجله فأدّاه ، لیس له الرجوع علیه إلاّ بعد حلول أجل الدین . وأمّا لو کان بالعکس ، بأن ضمن الدین الحالّ مؤجّلاً أو المؤجّل بأکثر من أجله فأدّاه ولو برضا المضمون له قبل حلول أجله ، جاز له الرجوع إلیه بمجرّد الأداء . وکذا لو مات قبل انقضاء الأجل فحلّ الدین وأدّاه الورثة من ترکته ، کان لهم الرجوع علی المضمون عنه .
(مسألة 9) : لو ضمن بالإذن الدین المؤجّل مؤجّلاً ، فمات قبل انقضاء الأجلین وحلّ ما علیه ، فأخذ من ترکته ، لیس لورثته الرجوع إلی المضمون عنه إلاّ بعد حلول أجل الدین الذی کان علیه . ولا یحلّ الدین بالنسبة إلی المضمون عنه بموت الضامن ، وإنّما یحلّ بالنسبة إلیه .
(مسألة 10) : لو دفع المضمون عنه الدین إلی المضمون له من دون إذن الضامن برئت ذمّته ولیس له الرجوع علیه .
(مسألة 11) : یجوز الترامی فی الضمان ؛ بأن یضمن - مثلاً - عمرو عن زید ثمّ یضمن بکر عن عمرو ثمّ یضمن خالد عن بکر وهکذا ، فتبرأ ذمّة الجمیع واستقرّ الدین علی الضامن الأخیر . فإن کانت جمیع الضمانات بغیر إذن من المضمون عنه لم یرجع واحد منهم علیٰ سابقه لو أدّی الدین الضامن الأخیر ، وإن کانت جمیعها بالإذن یرجع الضامن الأخیر علیٰ سابقه وهو علیٰ سابقه إلیٰ أن ینتهی إلی المدیون الأصلی . وإن کان بعضها بالإذن وبعضها بدونه فإن کان الأخیر بدون الإذن کان کالأوّل - لم یرجع واحد منهم علیٰ سابقه - وإن کان بالإذن رجع هو علیٰ سابقه وهو علیٰ سابقه لو ضمن بإذنه ، وإلاّ لم یرجع وانقطع الرجوع علیه . وبالجملة : کلّ ضامن أدّیٰ شیئاً وکان ضمانه بإذن من ضمن عنه یرجع علیه بما أدّاه .
(مسألة 12) : لا إشکال فی جواز ضمان اثنین عن واحد بالاشتراک ؛ بأن یکون علیٰ کلّ منهما بعض الدین فتشتغل ذمّة کلّ منهما بمقدار منه علیٰ حسب ما عیّناه ولو بالتفاوت .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 497 ولو أطلقا یقسّط علیهما بالتساوی ، فبالنصف لو کانا اثنین ، وبالثلث لو کانوا ثلاثة وهکذا ، ولکلّ منهما أداء ما علیه وتبرأ ذمّته ولا یتوقّف علیٰ أداء الآخر ما علیه . وللمضمون له مطالبة کلّ منهما بحصّته ومطالبة أحدهما أو إبرائه دون الآخر . ولو کان ضمان أحدهما بالإذن دون الآخر رجع هو إلی المضمون عنه بما أدّاه دون الآخر . والظاهر أنّه لا فرق فی جمیع ما ذکر بین أن یکون ضمانهما بعقدین - بأن ضمن أحدهما عن نصف الدین ثمّ ضمن الآخر عن نصفه الآخر - أو بعقد واحد کما إذا ضمن عنهما وکیلهما فی ذلک فقبل المضمون له ، هذا کلّه فی ضمان اثنین عن واحد بالاشتراک .
وأمّا ضمانهما عنه بالاستقلال ؛ بأن کان کلّ منهما ضامناً لتمام الدین فهو وإن لم یخل عن إشکال لکن لایبعد جوازه ، وحینئذٍ فللمضمون له مطالبة من شاء منهما بکلّ الدین ، کما أنّ له مطالبة أحدهما ببعضه وبالباقی من الآخر ، ولو أبرأ أحدهما انحصر المدیون بالآخر . ولو کان ضمان أحدهما بالإذن رجع المأذون إلی المضمون عنه دون غیره .
(مسألة 13) : ضمان اثنین عن واحد بالاستقلال لا یمکن إلاّ بإیقاع الضمانین دفعة ، کما إذا ضمن عنهما کذلک وکیلهما بإیجاب واحد ، ثمّ قبل المضمون له ذلک أو بتعاقب الإیجابین منهما ، ثمّ قبول واحد من المضمون له متعلّق بکلیهما ؛ بأن قال أحدهما مثلاً : ضمنت لک ما لکَ علیٰ فلان ، ثمّ قال الآخر مثل ذلک ، فقال المضمون له : قبلت ، قاصداً قبول کلا الضمانین . وأمّا لو تمّ عقد الضمان علیٰ تمام الدین فلا یمکن أن یتعقّبه ضمان آخر ؛ إذ بمجرّد وقوع الضمان الأوّل برئت ذمّة المضمون عنه فلایبقیٰ محلّ لضمان آخر .
(مسألة 14) : یجوز الضمان بغیر جنس الدین ، لکن إذا کان الضمان بإذن المضمون عنه لیس له الرجوع علیه إلاّ بجنس الدین .
(مسألة 15) : کما یجوز الضمان عن الأعیان الثابتة فی الذمم ، یجوز الضمان عن المنافع والأعمال المستقرّة فی الذمم ، فکما أنّه یجوز أن یضمن عن المستأجر ما علیه من الاُجرة ، کذلک یجوز أن یضمن عن الأجیر ما علیه من العمل . نعم لو کان ما علیه یعتبر فیه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 498 مباشرته - کما إذا کان علیه خیاطة ثوب مباشرة - لم یصحّ ضمانه .
(مسألة 16) : لو ادّعیٰ شخص علیٰ شخص دیناً ، فقال ثالث للمدّعی : علیّ ما علیه ، فرضی به المدّعی صحّ الضمان ؛ بمعنیٰ ثبوت الدین فی ذمّته علیٰ تقدیر ثبوته ، فیسقط الدعویٰ عن المضمون عنه ویصیر الضامن طرف الدعویٰ ، فإذا أقام المدّعی البیّنة علیٰ ثبوته یجب علی الضامن أداؤه ، وکذا لو ثبت إقرار المضمون عنه قبل الضمان بالدین . وأمّا إقراره بعد الضمان فلا یثبت به شیء لا علی المقرّ لبراءة ذمّته بالضمان حسب الفرض ولا علی الضامن لکونه إقراراً علی الغیر .
(مسألة 17) : الأقویٰ عدم جواز ضمان الأعیان المضمونة کالغصب والمقبوض بالعقد الفاسد لمالکها عمّن کانت هی فی یده .
(مسألة 18) : لا إشکال فی جواز ضمان عهدة الثمن للمشتری عن البائع لو ظهر المبیع مستحقّاً للغیر ، أو ظهر بطلان البیع لفقد شرط من شروط صحّته ، إذا کان ذلک بعد قبض البائع الثمن . وأمّا ضمان درک ما یحدثه المشتری - من بناء أو غرس فی الأرض المشتراة إذا ظهرت مستحقّة للغیر وقلعه المالک المشتری ـ عن البائع ففیه إشکال .
(مسألة 19) : إذا کان علی الدین الذی علی المضمون عنه رهن ینفکّ بالضمان علیٰ إشکال ، نعم لو شرط الضامن مع المضمون له انفکاکه ، انفکّ بلا إشکال .
(مسألة 20) : لو کان علیٰ أحد دین ، فالتمس من غیره أداءه فأدّاه بلا ضمان عنه للدائن ، جاز له الرجوع علی الملتمس .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 499