أعنی ما بسببه یحرم ولا یصحّ تزویج الرجل بالمرأة ولا یقع الزواج بینهما ، وهی اُمور : النسب ، والرضاع ، والمصاهرة ، وما یلحق بها ، والکفر ، وعدم الکفاءة ، واستیفاء العدد ، والاعتداد ، والإحرام .
القول فی النسب
یحرم بالنسب سبعة أصناف من النساء علیٰ سبعة أصناف من الرجال :
الاُمّ بما شملت الجدّات ؛ عالیات وسافلات ، لأب کنّ أو لاُمّ ، فتحرم المرأة علی ابنها وعلی ابن ابنها وابن ابن ابنها ، وعلی ابن بنتها وابن بنت بنتها وابن بنت ابنها وهکذا . وبالجملة : تحرم علیٰ کلّ ذکر ینتمی إلیها بالولادة ؛ سواء کان بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط ، وسواء کانت الوسائط ذکوراً أو إناثاً أو بالاختلاف .
والبنت بما شملت الحفیدة ولو بواسطة أو وسائط ، فتحرم هی علیٰ أبیها بما شمل الجدّ ؛ لأب کان أو لاُمّ ، فتحرم علی الرجل بنته وبنت ابنه وبنت ابن ابنه ، وبنت بنته وبنت بنت بنته وبنت ابن بنته . وبالجملة : کلّ اُنثیٰ تنتمی إلیه بالولادة بواسطة أو وسائط ؛ ذکوراً کانوا أو إناثاً أو بالاختلاف .
والاُخت ؛ لأب کانت أو لاُمّ أو لهما .
وبنت الأخ ؛ سواء کان لأب أو لاُمّ أو لهما ، وهی کلّ مرأة تنتمی بالولادة إلیٰ أخیه بلا واسطة أو معها وإن کثرت ؛ سواء کان الانتماء إلیه بالآباء أو الاُمّهات أو بالاختلاف ، فتحرم
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 715 علیه بنت أخیه وبنت ابنه وبنت ابن ابنه ، وبنت بنته وبنت بنت بنته وبنت ابن بنته وهکذا .
وبنت الاُخت ، وهی کلّ اُنثیٰ تنتمی إلیٰ اُخته بالولادة علیٰ النحو الذی ذکر فی بنت الأخ .
والعمّة ، وهی اُخت أبیه لأب أو لاُمّ أو لهما و المراد بها ما یشمل العالیات ؛ أعنی عمّة الأب ؛ اُخت الجدّ للأب ؛ لأب أو لاُمّ أو لهما ، وعمّة الاُمّ ؛ اُخت أبیها لأب أو لاُمّ أو لهما ، وعمّة الجدّ للأب والجدّ للاُمّ ، والجدّة کذلک ، فمراتب العمّات مراتب الآباء ، فهی کلّ اُنثیٰ هی اُخت لذکر تنتمی إلیک بالولادة من طرف أبیک أو اُمّک .
والخالة ، والمراد بها أیضاً ما یشمل العالیات ، فهی کالعمّة إلاّ أنّها اُخت إحدیٰ اُمّهاتک ولو من طرف أبیک والعمّة اُخت أحد آبائک ولو من طرف اُمّک ، فاُخت جدّتک للأب خالتک حیث إنّها خالة أبیک واُخت جدک للاُمّ عمّتک حیث إنّها عمّة اُمّک .
(مسألة 1) : لا تحرم عمّة العمّة ولا خالة الخالة ما لم تدخلا فی عنوانی العمّة والخالة ولو بالواسطة ، وهما قد تدخلان فیهما فتحرمان ، کما إذا کانت عمّتک اُختاً لأبیک لأب واُمّ أو لأب ، ولأبی أبیک اُخت لأب أو اُمّ أو لهما ، فهذه عمّة لعمّتک بلا واسطة وعمّة لک معها ، وکما إذا کانت خالتک اُختاً لاُمّک لاُمّها أو لاُمّها وأبیها ، وکانت لاُمّ اُمّک اُخت ، فهی خالة لخالتک بلا واسطة وخالة لک معها . وقد لاتدخلان فیهما فلا تحرمان کما إذا کانت عمّتک اُختاً لأبیک لاُمّه لا لأبیه ، وکانت لأبی الاُخت اُخت ، فالاُخت الثانیة عمّة لعمّتک ولیس بینک وبینها نسب أصلاً ، وکما إذا کانت خالتک اُختاً لاُمّک لأبیها لا لاُمّها ، وکانت لاُمّ الاُخت اُخت ، فهی خالة لخالتک ولیست خالتک ولو مع الواسطة وکذلک اُخت الأخ أو الاُخت إنّما تحرم إذا کانت اُختاً لا مطلقاً ، فلو کان لک أخ أو اُخت لأبیک وکانت لاُمّها بنت من زوج آخر فهی اُخت لأخیک أو اُختک ولیست اُختاً لک ؛ لا من طرف أبیک ولا من طرف اُمّک ، فلا تحرم علیک .
(مسألة 2) : النسب إمّا شرعی وهو ما کان بسبب وط ء حلال ذاتاً بسبب شرعی ؛ من نکاح أو ملک یمین أو تحلیل وإن حرم لعارض من حیض أو صیام أو اعتکاف أو إحرام ونحوها ، ویلحق به وط ء الشبهة ، وإمّا غیر شرعی ، وهو ما حصل بالسفاح والزنا . والأحکام المترتّبة علی النسب الثابتة فی الشرع من التوارث وغیره وإن اختصّت بالأوّل لکنّ الظاهر بل المقطوع أنّ موضوع حرمة النکاح أعمّ ، فیعمّ الغیر الشرعی ، فلو زنیٰ بامرأة فولدت منه ذکراً واُنثیٰ حرمت المزاوجة بینهما ، وکذا بین کلّ منهما وبین أولاد
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 716 الزانی والزانیة الحاصلین بالنکاح الصحیح ، وکذا حرمت الزانیة واُمّها واُمّ الزانی واُختهما علی الذکر ، وحرمت الاُنثیٰ علی الزانی وأبیه وأجداده وإخوته وأعمامه .
(مسألة 3) : المراد بوط ء الشبهة الوط ء الذی لیس بمستحقّ مع عدم العلم بالتحریم ، کما إذا وطئ أجنبیّة باعتقاد أنّها زوجته ، ویلحق به وط ء المجنون والنائم وشبههما ، دون السکران إذا کان سکره بشرب المسکر عن عمد .
القول فی الرضاع
انتشار الحرمة بالرضاع یتوقّف علیٰ شروط :
الأوّل : أن یکون اللبن حاصلاً من وط ء جائز شرعاً بسبب نکاح أو ملک یمین أو تحلیل ، ویلحق به وط ء الشبهة علی الأقویٰ ، فلو درّ اللبن من الامرأة من دون نکاح لم ینشر الحرمة ، وکذا لو کان اللبن من زنا .
(مسألة 1) : لا یعتبر فی النشر بقاء المرأة فی حبال الرجل ، فلو طلّقها الزوج أو مات عنها وهی حامل منه أو مرضع ، فأرضعت ولداً نشر الحرمة ؛ وإن تزوّجت ودخل بها الزوج الثانی ولم تحمل منه ، أو حملت منه وکان اللبن بحاله لم ینقطع ولم تحدث فیه زیادة .
الثانی : أن یکون شرب اللبن بالامتصاص من الثدی ، فلو وجر فی حلقه اللبن ، أو شرب اللبن المحلوب من المرأة ، لم ینشر الحرمة .
الثالث : أن تکون المرضعة حیّة ، فلو ماتت فی أثناء الرضاع وأکمل النصاب حال موتها ولو رضعة ، لم ینشر الحرمة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 717 الرابع : أن یکون المرتضع فی أثناء الحولین وقبل استکمالهما ، فلا عبرة برضاعه بعدهما . ولا یعتبر الحولان فی ولد المرضعة علی الأقویٰ ، فلو وقع الرضاع بعد کمال حولیه نشر الحرمة إذا کان قبل حولی المرتضع .
(مسألة 2) : المراد بالحولین أربع وعشرون شهراً هلالیّاً من حین الولادة ، ولو وقعت فی أثناء الشهر یکمل من الشهر الخامس والعشرین ما مضیٰ من الشهر الأوّل علی الأظهر ، فلو تولّد فی العاشر من شهر تکمل حولاه فی العاشر من الخامس والعشرین .
الشرط الخامس : الکمّیّة ، وهی بلوغه حدّاً معیّناً ، فلا یکفی مسمّی الرضاع ولا رضعة کاملة ، وله فی الأخبار وعند فقهائنا الأخیار تحدیدات وتقدیرات ثلاثة : الأثر والزمان والعدد ، وأیّ واحد منها حصل کفیٰ فی نشر الحرمة : فأمّا الأثر فهو أن یرضع بمقدار نبت اللحم وشدّ العظم ، وأمّا الزمان فهو أن یرتضع من المرأة یوماً ولیلة مع اتّصالهما ؛ بأن یکون غذاؤه فی هذه المدّة منحصراً بلبن المرأة ، وأمّا العدد فهو أن یرتضع منها خمس عشرة رضعة کاملة .
(مسألة 3) : المعتبر فی إنبات اللحم وشدّ العظم ، استقلال الرضاع فی حصولهما علیٰ وجه ینسبان إلیه ، فلو فرض ضمّ السکّر ونحوه إلیه علیٰ نحو ینسبان إلیهما أشکل ثبوت التحریم . کما أنّ المدار علی الإنبات والشدّ المعتدّ به منهما علیٰ نحو مبان یصدقان عرفاً ، ولا یکفی حصولهما بالدقّة العقلیّة . وإذا شکّ فی حصولهما بهذه المرتبة أو فی استقلال الرضاع فی حصولهما یرجع إلی التقدیرین الآخرین .
(مسألة 4) : یعتبر فی التقدیر بالزمان أن یکون غذاؤه فی الیوم واللیلة منحصراً باللبن ، ولا یقدح شرب الماء للعطش ولا ما یأکل أو یشرب دواء . والظاهر کفایة التلفیق فی التقدیر بالزمان لو ابتدأ بالرضاع فی أثناء اللیل أو النهار .
(مسألة 5) : یعتبر فی التقدیر بالعدد اُمور : منها : کمال الرضعة ؛ بأن یروی الصبیّ ویصدر من قبل نفسه ، ولا تحسب الرضعة الناقصة ولا تضمّ الناقصات بعضها ببعض ؛
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 718 بأن تحسب رضعتان ناقصتان أو ثلاث رضعات ناقصات - مثلاً - واحدة . نعم لو التقم الصبیّ الثدی ثمّ رفضه لا بقصد الإعراض بأن کان للتنفّس ، أو الالتفات إلیٰ ملاعب أو الانتقال من ثدی إلیٰ آخر أو غیر ذلک ، کان الکلّ رضعة واحدة . ومنها : توالی الرضعات ؛ بأن لایفصل بینها رضاع امرأة اُخریٰ ، ولایقدح فی التوالی تخلّل غیر الرضاع من المأکول والمشروب وإن تغذّیٰ به . ومنها : أن یکون کمال العدد من امرأة واحدة ، فلو ارتضع بعض الرضعات من امرأة وأکملها من امرأة اُخریٰ لم ینشر الحرمة وإن اتّحد الفحل ، فلا تکون واحدة من المرضعتین اُمّاً للمرتضع ولا الفحل أباً له . ومنها : اتّحاد الفحل ؛ بأن یکون تمام العدد من لبن فحل واحد ، ولایکفی اتّحاد المرضعة ، فلو أرضعت امرأة من لبن فحل ثمان رضعات ثمّ طلّقها الفحل وتزوّجت بآخر وحملت منه ثمّ أرضعت ذلک الطفل من لبن الفحل الثانی تکملة العدد من دون تخلّل رضاع امرأة اُخریٰ فی البین ـ بأن یتغذّی الولد فی هذه المدّة المتخلّلة بالمأکول والمشروب - لم ینشر الحرمة .
(مسألة 6) : ما ذکرنا من الشروط شروط لناشریّة الرضاع للحرمة ، فلو انتفیٰ بعضها لا أثر له ولیس بناشر لها أصلاً ، حتّیٰ بین الفحل والمرتضعة ، وکذا بین المرتضع والمرضعة ، فضلاً عن الاُصول والفروع والحواشی . وفی الرضاع شرط آخر زائد علیٰ ما مرّ مختصّ بنشر الحرمة بین المرتضعین وبین أحدهما وفروع الآخر ، وبعبارة اُخریٰ : شرط لتحقّق الاُخوّة الرضاعیّة بین المرتضعین ؛ وهو اتّحاد الفحل الذی ارتضع المرتضعان من لبنه ، فلو ارتضع صبیّ من امرأة من لبن شخص رضاعاً کاملاً ، وارتضعت صبیّة من تلک المرأة من لبن شخص آخر کذلک ؛ بأن طلّقها الأوّل وزوّجها الثانی وصارت ذات لبن منه فأرضعتها رضاعاً کاملاً ، لم تحرم الصبیّة علیٰ ذلک الصبیّ ، ولا فروع أحدهما علی الآخر ، بخلاف ما إذا کان الفحل وصاحب اللبن واحداً وتعدّدت المرضعة ، کما إذا کانت لشخص نسوة متعدّدة وأرضعت کلّ واحدة منهنّ من لبنه طفلاً رضاعاً کاملاً ، فإنّه یحرم بعضهم علیٰ بعض وعلیٰ فروعه ؛ لحصول الاُخوّة الرضاعیّة بینهم .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 719 (مسألة 7) : إذا تحقّق الرضاع الجامع للشرائط ، صار الفحل والمرضعة أباً واُمّاً للمرتضع ، واُصولهما أجداداً وجدّات ، وفروعهما إخوة وأولاد إخوة له ، ومن فی حاشیتهما وفی حاشیة اُصولهما أعماماً أو عمّات وأخوالاً أو خالات له ، وصار هو - أعنی المرتضع - ابناً أو بنتاً لهما وفروعه أحفاداً لهما . وإذا تبیّن ذلک فکلّ عنوان نسبی محرّم من العناوین السبعة المتقدّمة إذا تحقّق مثله فی الرضاع یکون محرّماً ، فالاُمّ الرضاعیّة کالاُمّ النسبیّة ، والبنت الرضاعیّة کالبنت النسبیّة وهکذا . فلو أرضعت امرأة من لبن فحل طفلاً حرمت المرضعة واُمّها واُمّ الفحل علی المرتضع للاُمومة ، والمرتضعة وبناتها وبنات المرتضع علی الفحل وعلیٰ أبیه وأبی المرضعة للبنتیّة ، وحرمت اُخت الفحل واُخت المرضعة علی المرتضع لکونهما عمّة وخالة له ، والمرتضعة علیٰ أخی الفحل وأخی المرضعة لکونها بنت أخ أو بنت اُخت لهما ، وحرمت بنات الفحل علی المرتضع والمرتضعة علیٰ أبنائه - نسبیّین کانوا أم رضاعیّین - وکذا بنات المرضعة علی المرتضع والمرتضعة علیٰ أبنائها إذا کانوا نسبیّین للاُخوّة . وأمّا أولاد المرضعة الرضاعیون ممّن أرضعتهم بلبن فحل آخر غیر الفحل الذی ارتضع المرتضع بلبنه لم یحرموا علی المرتضع ؛ لما مرّ من اشتراط اتّحاد الفحل فی نشر الحرمة بین المرتضعین .
(مسألة 8) : تکفی فی حصول العلاقة الرضاعیّة المحرّمة دخالة الرضاع فیه فی الجملة ، فقد تحصل من دون دخالة غیره فیها کعلاقة الاُبوّة والاُمومة والابنیّة والبنتیّة الحاصلة بین الفحل والمرضعة وبین المرتضع ، وکذا الحاصلة بینه وبین اُصولهما الرضاعیّین ، کما إذا کان لهما أب أو اُمّ من الرضاعة ؛ حیث إنّهما جدّ وجدّة للمرتضع من جهة الرضاع محضاً وقد تحصل به مع دخالة النسب فی حصولها ، کعلاقة الاُخوّة الحاصلة بین المرتضع وأولاد الفحل والمرضعة النسبیّین ، فإنّهم وإن کانوا منسوبین إلیهما بالولادة إلاّ أنّ اُخوّتهم للمرتضع حصلت بسبب الرضاع ، فهم إخوة أو أخوات له من الرضاعة .
توضیح ذلک : أنّ النسبة بین شخصین قد تحصل بعلاقة واحدة کالنسبة بین الولد ووالده ووالدته ، وقد تحصل بعلاقتین کالنسبة بین الأخوین فإنّها تحصل بعلاقة کلّ منهما مع الأب أو الاُمّ أو کلیهما ، وکالنسبة بین الشخص وجدّه الأدنیٰ فإنّها تحصل بعلاقة بینه وبین أبیه - مثلاً - وعلاقة بین أبیه وبین جدّه ، وقد تحصل بعلاقات ثلاث ، کالنسبة بین
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 720 الشخص وبین جدّه الثانی ، وکالنسبة بینه وبین عمّه الأدنیٰ ، فإنّه تحصل بعلاقة بینک وبین أبیک وبعلاقة کلّ من أبیک وأخیه مع أبیهما - مثلاً - وهکذا تتصاعد وتتنازل النسب وتنشعب بقلّة العلاقات وکثرتها ، حتّیٰ أنّه قد تتوقّف نسبته بین شخصین علیٰ عشر علائق أو أقلّ أو أکثر . وإذا تبیّن ذلک ، فإن کانت تلک العلائق کلّها حاصلة بالولادة کانت العلاقة نسبیّة ، وإن حصلت کلّها أو بعضها ولو واحدة من العشر بالرضاع کانت العلاقة رضاعیّة .
(مسألة 9) : لمّا کانت المصاهرة - التی هی أحد أسباب تحریم النکاح کما یأتی - علاقة بین أحد الزوجین وبعض أقرباء الآخر ، فهی تتوقّف علیٰ أمرین : مزاوجة وقرابة ، والرضاع إنّما یقوم مقام الثانی دون الأوّل ، فمرضعة ولدک لا تکون بمنزلة زوجتک حتّیٰ تحرم اُمّها علیک لکنّ الاُمّ والبنت الرضاعیّتین لزوجتک تکونان کالاُمّ والبنت النسبیین لها فتحرمان علیک ، وکذلک حلیلة الابن الرضاعی کحلیلة الابن النسبی ، وحلیلة الأب الرضاعی کحلیلة الأب النسبی ، تحرم الاُولیٰ علیٰ أبیه الرضاعی والثانیة علی ابنه الرضاعی .
(مسألة 10) : قد تبیّن ممّا سبق : أنّ العلاقة الرضاعیّة المحضة قد تحصل برضاع واحد کالحاصلة بین المرتضع وبین المرضعة وصاحب اللبن ، وقد تحصل برضاعین کالحاصلة بین المرتضع وبین أبوی الفحل والمرضعة الرضاعیّین ، وقد تحصل برضاعات متعدّدة ، فإذا کان لصاحب اللبن - مثلاً - أب من جهة الرضاع وکان لذلک الأب الرضاعی أیضاً أب من الرضاع وکان للأخیر أیضاً أب من الرضاع وهکذا إلیٰ عشرة آباء ، کان الجمیع أجداداً رضاعیّین للمرتضع الأخیر وجمیع المرضعات جدّات له ، فإن کانت اُنثیٰ ، حرمت علیٰ جمیع الأجداد ، وإن کان ذکراً ، حرمت علیه جمیع الجدّات ، بل لو کانت للجدّ الرضاعی الأعلیٰ اُخت رضاعیّة ، حرمت علیٰ المرتضع الأخیر لکونها عمّته العلیا من الرضاع ، ولو کانت للمرضعة الأبعد التی هی الجدّة العلیا للمرتضع اُخت ، حرمت علیه لکونها خالته العلیا من الرضاع .
(مسألة 11) : قد عرفت فیما سبق : أنّه یشترط فی حصول الاُخوّة الرضاعیّة بین المرتضعین اتّحاد الفحل ، ویتفرّع علیٰ ذلک مراعاة هذا الشرط فی العمومة والخؤولة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 721 الحاصلتین بالرضاع أیضاً ؛ لأنّ العمّ والعمّة أخ واُخت للأب ، والخال والخالة أخ واُخت للاُمّ ، فلو تراضع أبوک أو اُمّک مع صبیّة من امرأة فإن اتّحد الفحل کانت الصبیّة عمّتک أو خالتک من الرضاعة بخلاف ما إذا لم یتّحد ، فحیث لم تحصل الاُخوّة الرضاعیّة بین أبیک أو اُمّک مع الصبیّة لم تکن هی عمّتک أو خالتک ، فلم تحرم علیک .
(مسألة 12) : لایجوز أن ینکح أبو المرتضع فی أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعاً ، وکذا فی أولاد المرضعة نسباً لا رضاعاً ، وأمّا أولاده الذین لم یرتضعوا من هذا اللبن فیجوز نکاحهم فی أولاد صاحب اللبن وفی أولاد المرضعة التی أرضعت أخاهم وإن کان الاحتیاط لاینبغی ترکه .
(مسألة 13) : إذا أرضعت امرأة ابن شخص بلبن فحلها ، ثمّ أرضعت بنت شخص آخر من لبن ذلک الفحل ، فتلک البنت وإن حرمت علیٰ ذلک الابن لکن تحلّ أخوات کلّ منهما لإخوة الآخر .
(مسألة 14) : الرضاع المحرّم کما یمنع من النکاح لو کان سابقاً ، یبطله لو حصل لاحقاً ، فلو کانت له زوجة صغیرة فأرضعته بنته أو اُمّه أو اُخته أو بنت أخیه أو بنت اُخته أو زوجة أخیه بلبنه رضاعاً کاملاً بطل نکاحها وحرمت علیه ؛ لصیرورتها بالرضاع بنتاً أو اُختاً أو بنت أخ أو بنت اُخت له ، فحرمت علیه لاحقاً ، کما کانت تحرم علیه سابقاً . وکذا لو کانت له زوجتان صغیرة وکبیرة فأرضعت الکبیرة الصغیرة حرمت علیه الکبیرة لأنّها صارت اُمّ زوجته ، وکذلک الصغیرة إن کان رضاعها من لبنه ، أو دخل بالکبیرة ؛ لکونها بنتاً له فی الأوّل وبنت زوجته المدخول بها فی الثانی .
تنبیه
إذا کان أخوان فی بیت واحد - مثلاً - وکانت زوجة کلّ منهما أجنبیّة عن الآخر ، وأرادا أن تصیر زوجة کلّ منهما من محارم الآخر حتّیٰ یحلّ له النظر إلیها یمکن لهما الاحتیال ؛
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 722 بأن یتزوّج کلّ منهما بصبیّة وترضع زوجة کلّ منهما زوجة الآخر رضاعاً کاملاً ، فصارت زوجة کلّ منهما اُمّاً لزوجة الآخر ، فصارت من محارمه وحلّ نظره إلیها ، وبطل نکاح کلتا الصبیّتین ؛ لصیرورة کلّ منهما بالرضاع بنت أخی زوجها .
(مسألة 1) : إذا أرضعت امرأة ولد بنتها ، وبعبارة اُخریٰ : أرضعت الولد جدّته من طرف الاُمّ ، حرمت بنتها - اُمّ الولد - علیٰ زوجها وبطل نکاحها ؛ سواء أرضعته بلبن أبی البنت أو بلبن غیره ؛ وذلک لأنّ زوج البنت أب للمرتضع وزوجته بنت للمرضعة جدّة الولد ، وقد مرّ أنّه یحرم علیٰ أبی المرتضع نکاح أولاد المرضعة ، فإذا منع منه سابقاً أبطله لاحقاً . وکذا إذا أرضعت زوجة أبی البنت من لبنه ولد البنت ، بطل نکاح البنت ؛ لما مرّ من أنّه یحرم نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن . وأمّا الجدّة من طرف الأب إذا أرضعت ولد ابنها فلا یترتّب علیه شیء ، کما أنّه لو کان رضاع الجدّة من طرف الاُمّ ولد بنتها بعد وفاة بنتها أو طلاقها أو وفاة زوجها لم یترتّب علیه شیء ، فلا مانع منه .
(مسألة 2) : لو زوّج ابنه الصغیر بابنة أخیه الصغیرة ، ثمّ أرضعت جدّتهما من طرف الأب أو الاُمّ أحدهما انفسخ نکاحهما ؛ لأنّ المرتضع إن کان هو الذکر ، فإن أرضعته جدّته من طرف الأب صار عمّاً لزوجته ، وإن أرضعته جدّته من طرف الاُمّ صار خالاً لزوجته ، وإن کان هو الاُنثیٰ صارت هی عمّة لزوجها علی الأوّل ، وخالة له علی الثانی ، فبطل النکاح علیٰ أیّ حال .
(مسألة 3) : إذا حصل الرضاع الطارئ المبطل للنکاح ، فإمّا أن یبطل نکاح المرضعة بإرضاعها ، کما فی إرضاع الزوجة الکبیرة لشخص زوجته الصغیرة بالنسبة إلیٰ نکاحها ، وإمّا أن یبطل نکاح المرتضعة ، کالمثال بالنسبة إلیٰ نکاح الصغیرة ، وإمّا أن یبطل نکاح غیرهما ، کما فی إرضاع الجدّة من طرف الاُمّ ولد بنتها . والظاهر بقاء استحقاق الزوجة للمهر فی الجمیع إلاّ فی الصورة الاُولیٰ فیما إذا کان الإرضاع وانفساخ العقد قبل
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 723 الدخول ، وهل تضمن المرضعة ما یغرمه الزوج من المهر قبل الدخول فیما إذا کان إرضاعها مبطلاً لنکاح غیرها ؟ قولان ، أقواهما العدم ، والأحوط التصالح .
(مسألة 4) : قد سبق أنّ العناوین المحرّمة من جهة الولادة والنسب سبعة : الاُمّهات والبنات والأخوات والعمّات والخالات وبنات الأخ وبنات الاُخت . فإن حصل بسبب الرضاع أحد هذه العناوین کان محرّماً کالحاصل بالولادة ، وقد عرفت فیما سبق کیفیّة حصولها بالرضاع مفصّلاً . وأمّا لو لم یحصل بسببه أحد تلک العناوین السبعة ، لکن حصل عنوان خاصّ لو کان حاصلاً بالولادة لکان ملازماً ومتّحداً مع أحد تلک العناوین السبعة - کما لو أرضعت امرأة ولد بنته فصارت اُمّ ولد بنته واُمّ ولد البنت لیست من تلک السبع ، لکن لو کانت اُمومة ولد البنت بالولادة کانت بنتاً له والبنت من المحرّمات السبعة - فهل مثل هذا الرضاع أیضاً محرّم ، فتکون مرضعة ولد البنت کالبنت أم لا ؟ الحقّ هو الثانی ، وقیل بالأوّل . وهذا هو الذی اشتهر فی الألسنة بعموم المنزلة الذی ذهب إلیه بعض الأجلّة ولنذکر لذلک أمثلة :
أحدها : زوجتک أرضعت بلبنک أخاها ، فصار ولدک وزوجتک اُخت له ، فهل تحرم علیک من جهة أنّ اُخت ولدک إمّا بنتک أو ربیبتک وهما محرّمتان علیک وزوجتک بمنزلتهما أم لا ؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول : نعم ، ومن قال بالعدم یقول : لا .
ثانیها : زوجتک أرضعت بلبنک ابن أخیها فصار ولدک وهی عمّته ، وعمّة ولدک حرام علیک لأنّها اُختک فهل تحرم من الرضاع أم لا ؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول : نعم ، ومن قال بالعدم یقول : لا .
ثالثها : زوجتک أرضعت عمّها أو عمّتها أو خالها أو خالتها ، فصارت اُمّهم واُمّ عمّ وعمّة زوجتک حرام علیک ؛ حیث إنّها جدّتها من الأب ، وکذا اُمّ خال وخالة زوجتک حرام علیک ؛ حیث إنّها جدّتها من الاُمّ ، فهل تحرم علیک من جهة الرضاع أم لا ؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول : نعم ، ومن قال بالعدم یقول : لا .
رابعها : زوجتک أرضعت بلبنک ولد عمّها أو ولد خالها ، فصرت أبا ابن عمّها أو أبا ابن خالها وهی تحرم علیٰ أبی ابن عمّها وأبی ابن خالها ؛ لکونهما عمّها وخالها ، فهل تحرم علیک من جهة الرضاع أم لا ؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول : نعم، ومن قال بالعدم یقول : لا.
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 724 خامسها : امرأة أرضعت أخاک أو اُختک لأبویک ، فصارت اُمّاً لهما ، وهی محرّمة فی النسب ؛ لأنّها اُمّ لک ، فهل تحرم علیک من جهة الرضاع ویبطل نکاح المرضعة إن کانت زوجتک أم لا ؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول : نعم ، ومن قال بالعدم یقول : لا .
سادسها : امرأة أرضعت ولد بنتک ، فصارت اُمّاً له ، فهل تحرم علیک لکونها بمنزلة بنتک وإن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها أم لا ؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول : نعم ، ومن قال بالعدم یقول : لا .
سابعها : امرأة أرضعت ولد اُختک ، فصارت اُمّاً له ، فهل تحرم علیک من جهة أنّ اُمّ ولد الاُخت حرام علیک لأنّها اُختک ، وإن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها أم لا ؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول : نعم ، ومن قال بالعدم یقول : لا .
ثامنها : امرأة أرضعت عمّک أو عمّتک أو خالک أو خالتک ، فصارت اُمّهم ، واُمّ عمّک وعمّتک نسباً تحرم علیک ؛ لأنّها جدّتک من طرف أبیک ، وکذا اُمّ خالک وخالتک ؛ لأنّها جدّتک من طرف الاُمّ ، فهل تحرم علیک بسبب الرضاع وإن کانت المرضعة زوجتک بطل نکاحها أم لا ؟ فمن قال بعموم المنزلة یقول : نعم ، ومن قال بالعدم یقول : لا .
(مسألة 5) : لو شکّ فی وقوع الرضاع أو فی حصول بعض شروطه من الکمّیّة أو الکیفیّة بنیٰ علی العدم ، نعم یشکل فیما لو علم بوقوع الرضاع بشروطه ، ولم یعلم بوقوعه فی الحولین أو بعدهما ، وعلم تاریخ الرضاع وجهل تاریخ ولادة المرتضع ، فحینئذٍ لا یترک الاحتیاط .
(مسألة 6) : لا تقبل الشهادة علی الرضاع إلاّ مفصّلة ؛ بأن یشهد الشهود علی الارتضاع فی الحولین بالامتصاص من الثدی خمس عشرة رضعة متوالیات - مثلاً - إلیٰ آخر ما مرّ من الشروط . ولا یکفی الشهادة المطلقة والمجملة ؛ بأن یشهد علیٰ وقوع الرضاع المحرّم أو یشهد - مثلاً - علیٰ أنّ فلان ولد فلانة ، أو فلانة بنت فلان من الرضاع ، بل یسأل منه التفصیل .
(مسألة 7) : الأقویٰ أنّه تقبل شهادة النساء العادلات فی الرضاع مستقلاّت ؛ بأن تشهد
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 725 أربع نسوة علیه ، ومنضمّات ؛ بأن تشهد به امرأتان مع رجل واحد .
(مسألة 8) : یستحبّ أن یختار لرضاع الأولاد ، المسلمة العاقلة العفیفة الوضیئة ذات الأوصاف الحسنة ، فإنّ للّبن تأثیراً تامّاً فی المرتضع کما یشهد به الاختبار ونطقت به الأخبار والآثار ، فعن الباقر علیه السلام : «قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : لا تسترضعوا الحمقاء والعمشاء فإنّ اللبن یعدی» ، وعن أمیر المؤمنین علیه السلام : «لا تسترضعوا الحمقاء فإنّ اللبن یغلب الطباع» ، وعنه علیه السلام : «انظروا من ترضع أولادکم فإنّ الولد یشبّ علیه» ، إلیٰ غیر ذلک من الأخبار المستفاد منها رجحان اختیار ذوات الصفات الحمیدة خلقاً وخُلقاً ومرجوحیّة اختیار أضدادهنّ وکراهته ، ولاسیّما الکافرة ، وإن اضطرّ إلی استرضاعها فلیختر الیهودیّة والنصرانیّة علی المشرکة والمجوسیّة ، ومع ذلک لا یسلّم الطفل إلیهنّ ولا یذهبن بالولد إلیٰ بیوتهنّ ویمنعها من شرب الخمر وأکل لحم الخنزیر . ومثل الکافرة أو أشدّ کراهة استرضاع الزانیة باللبن الحاصل من الزنا والمرأة المتولّدة من زنا ، فعن الباقر علیه السلام : «لبن الیهودیّة والنصرانیّة والمجوسیّة أحبّ إلیّ من ولد الزنا» ، وعن الکاظم علیه السلام سئل عن امرأة زنت هل یصلح أن تسترضع ؟ قال : «لا یصلح ولا لبن ابنتها التی ولدت من الزنا» .
القول فی المصاهرة وما یلحق بها
المصاهرة : هی علاقة بین أحد الزوجین مع أقرباء الآخر موجب لحرمة النکاح إمّا عیناً أو جمعاً علیٰ تفصیل یأتی .
(مسألة 1) : تحرم معقودة الأب علی ابنه وبالعکس ، فصاعداً فی الأوّل ونازلاً فی الثانی حرمة دائمیّة ؛ سواء کان العقد دائمیّاً أو انقطاعیّاً ، وسواء دخل العاقد بالمعقودة أو لم یدخل بها ، وسواء کان الأب والابن نسبیّین أو رضاعیّین .
(مسألة 2) : إذا عقد علی امرأة حرمت علیه اُمّها وإن علت نسباً أو رضاعاً ؛ سواء دخلت بها أو لا ، وسواء کان العقد دواماً أم انقطاعاً ، وسواء کانت المعقودة صغیرة أو کبیرة . نعم الأحوط - لو لم یکن الأقویٰ - فی العقد علی الصغیرة انقطاعاً أن تکون بالغة إلیٰ حدّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 726 تقبل للاستمتاع والتلذّذ بها ولو بغیر الوط ء ؛ بأن کانت بالغة ستّ سنوات فما فوق – مثلاً - أو یدخل فی المدّة بلوغها إلیٰ هذا الحدّ . فما تعارف من إیقاع عقد الانقطاع ساعة أو ساعتین علی الصغیرة الرضیعة أو من یقاربها مریدین بذلک محرمیّة اُمّها علی المعقود له فی غایة الإشکال من جهة الإشکال فی صحّة مثل هذا العقد حتّیٰ یترتّب علیه حرمة اُمّ المعقود علیها .
(مسألة 3) : إذا عقد علی امرأة ، حرمت علیه بنتها وإن نزلت ؛ إذا دخل بالاُمّ ولو دبراً ، وأمّا إذا لم یدخل بها لم تحرم علیه بنتها عیناً وإنّما تحرم علیه جمعاً ؛ بمعنیٰ أنّها تحرم علیه ما دامت الاُمّ فی حباله ، فإذا خرجت بموت أو طلاق أو غیر ذلک جاز له نکاحها .
(مسألة 4) : لا فرق فی حرمة بنت الزوجة بین أن تکون البنت موجودة فی زمان زوجیّة الاُمّ أو تولّدت بعد خروجها عن الزوجیة ، فلو عقد علی امرأة ودخل بها ثمّ طلّقها ثمّ تزوّجت وولدت من الزوج الثانی بنتاً ، تحرم هذه البنت علی الزوج الأوّل .
(مسألة 5) : لا إشکال فی ترتّب الحرمات الأربع علی النکاح والوط ء الصحیحین . وهل تترتّب علی الزنا ووط ء الشبهة أم لا ؟ قولان ، أقواهما وأشهرهما أوّلهما ، فلو زنیٰ بامرأة حرمت علیٰ أبی الزانی وحرمت علی الزانی اُمّ المزنیّ بها وبنتها ، وکذلک الموطوءة بالشبهة . نعم الزنا الطارئ علی التزویج لا یوجب الحرمة ؛ سواء کان بعد الوط ء أو قبله ، فلو تزوّج بامرأة ثمّ زنیٰ باُمّها أو بنتها لم تحرم علیه امرأته ، وکذا لو زنیٰ الأب بامرأة الابن لم تحرم علی الابن ، ولو زنیٰ الابن بامرأة الأب لم تحرم علیٰ أبیه .
(مسألة 6) : لا فرق فی الحکم بین الزنا فی القبل والدبر .
(مسألة 7) : إذا علم بالزنا وشکّ فی کونه سابقاً علی العقد أو طارئاً بنیٰ علی الثانی .
(مسألة 8) : إذا لمس امرأة أجنبیّة ، أو نظر إلیها بشهوة حرمت الملموسة والمنظورة علیٰ أبی اللامس والناظر وابنهما علیٰ قول ، بل قیل بحرمة اُمّ المنظورة والملموسة علی الناظر واللامس أیضاً ، وهذا وإن کان أحوط ، لکنّ الأقویٰ خلافه . نعم لوکانت للأب جاریة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 727 منظورة أو ملموسة له بشهوة حرمت علی ابنه ، وکذا العکس علی الأقویٰ .
(مسألة 9) : لایجوز نکاح بنت الأخ علی العمّة ، وبنت الاُخت علی الخالة إلاّ بإذنهما ، من غیر فرق بین کون النکاحین دائمین أو منقطعین أو مختلفین ، ولا بین علم العمّة والخالة حال العقد وجهلهما ، ولا بین اطّلاعهما علیٰ ذلک وعدم اطّلاعهما أبداً ، فلو تزوّجهما علیهما بدون إذنهما کان العقد الطارئ کالفضولیّ علی الأقویٰ ؛ یتوقّف صحّته علیٰ إجازة العمّة والخالة ، فإن أجازتا جاز وإلاّ بطل . ویجوز نکاح العمّة والخالة علیٰ بنتی الأخ والاُخت وإن کانت العمّة والخالة جاهلتین ، ولیس لهما الخیار لا فی فسخ عقد أنفسهما ولا فی فسخ عقد بنتی الأخ والاُخت علی الأقویٰ .
(مسألة 10) : الظاهر أنّه لا فرق فی العمّة والخالة بین الدنیا منهما والعلیا ، کما أنّه لا فرق بین نسبیّتین منهما والرضاعیّتین .
(مسألة 11) : إذا أذنتا ثمّ رجعتا عن الإذن ، فإن کان رجوعهما بعد العقد لم یؤثّر فی البطلان ، وإن کان قبله بطل الإذن السابق ، فلو لم یبلغه الرجوع وتزوّج اعتماداً علیه توقّف صحّته علی الإجازة اللاحقة .
(مسألة 12) : الظاهر أنّ اعتبـار إذنهما لیس حقّاً لهما کالخیار حتّیٰ یسقط بالإسقاط ، فلو اشترط فی ضمن عقدهما أن لا یکون لهما ذلک لم یؤثّر شیئاً ، ولو اشترط علیهما أن یکون للزوج العقد علیٰ بنت الأخ أو الاُخت ففی سقوط اعتبار إذنهما بذلک إشکال ، فلایترک الاحتیاط .
(مسألة 13) : إذا تزوّج بالعمّة وابنة الأخ وشکّ فی السابق منهما حکم بصحّة العقدین ، وکذلک فیما إذا تزوّج ببنت الأخ أو الاُخت وشکّ فی أنّه هل کان عن إذن من العمّة أو الخالة أم لا ، حکم بالصحّة وحصول الإذن منهما .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 728 (مسألة 14) : إذا طلّق العمّة أو الخالة ، فإن کان بائناً صحّ العقد علیٰ بنتی الأخ والاُخت بمجرّد الطلاق ، وإن کان رجعیّاً لم یجز إلاّ بعد انقضاء العدّة .
(مسألة 15) : لایجوز الجمع فی النکاح بین الاُختین نسبیّتین أو رضاعیّتین دواماً أو انقطاعاً أو بالاختلاف ، فلو تزوّج بإحدی الاُختین ثمّ تزوّج باُخریٰ بطل العقد الثانی دون الأوّل ؛ سواء دخل بالاُولیٰ أو لا ، ولو اقترن عقدهما ؛ بأن تزوّجهما بعقد واحد ، أو عقد هو علیٰ إحداهما ووکیله علیٰ الاُخریٰ فی زمان واحد - مثلاً - بطلا معاً .
(مسألة 16) : لو تزوّج بالاُختین ولم یعلم السابق واللاحق من العقدین ، فإن علم تاریخ أحدهما حکم بصحّته دون الآخر ، وإن جهل تاریخهما فإن احتمل تقارنهما حکم ببطلانهما معاً ، وإن علم عدم الاقتران فقد علم إجمالاً بصحّة أحد العقدین وبطلان أحدهما ، فلایجوز له وطؤهما ولا وط ء إحداهما مادام الاشتباه ، فیحتمل تعیین السابق بالقرعة ، لکنّ الأحوط أن یطلّقهما أو یطلّق الزوجة الواقعیّة منهما ثمّ یزوّج من شاء منهما ، علیٰ إشکال فی الثانی ، وله أن یطلّق إحداهما ویجدّد العقد علی الاُخریٰ بعد انقضاء عدّة الاُولیٰ إذا کانت مدخولاً بها .
(مسألة 17) : لو طلّقهما والحال هذه فإن کان قبل الدخول فعلیه للزوجة الواقعیّة نصف مهرها ، وإن کان بعد الدخول فلها علیه تمام مهرها ، فإن کان المهران مثلیین واتّفقا جنساً وقدراً ، فقد علم من علیه الحقّ ومقدار الحقّ ، وإنّما الاشتباه فیمن له الحقّ ، وفی غیر ذلک یکون الاشتباه فی الحقّ أیضاً ، فإن اصطلحوا بما تسالموا علیه فهو ، وإلاّ فلا محیص إلاّ عن القرعة ، فمن خرجت علیها من الاُختین کان لها نصف مهرها المسمّیٰ أو تمامه ، ولم تستحقّ الاُخریٰ شیئاً . نعم مع الدخول بها تفصیل لایسعه هذا المختصر .
(مسألة 18) : الظاهر جریان حکم تحریم الجمع فیما إذا کانت الاُختان کلتاهما أو إحداهما من زنا .
(مسألة 19) : إذا طلّق زوجته ، فإن کان الطلاق رجعیاً لایجوز ولایصحّ نکاح اُختها ما
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 729 لم تنقض عدّتها ، وإن کان بائناً کالطلاق الثالث أو کانت المطلّقة ممّن لا عدّة لها کالصغیرة وغیر المدخولة والیائسة جاز له نکاح اُختها فی الحال . نعم لو کانت متمتّعة وانقضت مدّتها أو وهب المدّة لایجوز له علی الأحوط - لو لم یکن أقویٰ - نکاح اُختها قبل انقضاء العدّة وإن کانت بائنة .
(مسألة 20) : ذهب بعض الأخباریّین إلیٰ حرمة الجمع بین الفاطمیّتین فی النکاح ، والحقّ جوازه وإن کان الترک أحوط وأولیٰ ، ولو قلنا بالحرمة فهی تکلیفیّة لا یترتّب علیها غیر الإثم والمعصیة من دون أن تؤثّر فی بطلان عقدیهما . والقول به کما عن بعضهم وجعله کالجمع بین الاُختین إفراط من القول ضعیف فی الغایة .
(مسألة 21) : الأحوط ترک تزویج الحرّ للأمة دواماً ، إلاّ إذا لم یتمکّن من مهر الحرّة وشقّ علیه الصبر علی الشبق بحیث خیف من الوقوع فی الزنا ، فیجوز بلا إشکال .
(مسألة 22) : لایجوز تزویج الأمة علی الحرّة إلاّ بإذنها ، فلو نکحها علیها تتوقّف صحّة عقد الأمة علیٰ إجازة الحرّة ، فإن أجازت جاز وإلاّ بطل . ویجوز العکس وهو نکاح الحرّة علی الأمة ، فإن کانت الحرّة عالمة بالحال لزم العقدان ، وإن کانت جاهلة فلها الخیار فی فسخ عقدها لا فی فسخ عقد الأمة .
(مسألة 23) : لو زنت امرأة ذات بعل لم تحرم علیٰ زوجها ، ولا یجب علیٰ زوجها أن یطلّقها وإن کانت مصرّة علیٰ ذلک .
(مسألة 24) : من زنیٰ بذات بعل دواماً أو متعة حرمت علیه أبداً ؛ سواء کانت حرّة أو أمة ، مسلمة کانت أو کافرة ، مدخولاً بها من زوجها أو غیرها ، فلایجوز له نکاحها بعد موت زوجها أو زوال عقدها بطلاق أو فسخ أو انقضاء مدّة وغیرها ، ولا فرق علی الظاهر بین أن یکون الزانی عالماً بأنّها ذات بعل أو لا ، ولو کان مکرهاً علی الزنا ففی لحوق الحکم إشکال .
(مسألة 25) : إذا زنیٰ بامرأة فی العدّة الرجعیّة حرمت علیه أبداً کذات البعل ، دون البائنة وعدّة الوفاة ، ولو علم بأنّها کانت فی العدّة ولم یعلم بأنّها کانت رجعیّة أو بائنة فلا حرمة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 730 نعم لو علم بکونها فی عدّة رجعیّة وشکّ فی انقضائها فالظاهر الحرمة .
(مسألة 26) : من لاط بغلام فأوقبه ولو ببعض الحشفة حرمت علیه أبداً اُمّ الغلام وإن علت ، وبنته وإن نزلت ، واُخته ؛ من غیر فرق بین کونهما صغیرین أو کبیرین أو مختلفین ، ولا تحرم علی المفعول اُمّ الفاعل وبنته واُخته علی الأقویٰ ، والاُمّ والبنت والاُخت الرضاعیّات للمفعول کالنسبیّات .
(مسألة 27) : إنّما یوجب اللواط حرمة المذکورات إذا کان سابقاً ، وأمّا إذا کان طارئاً علی التزویج فلایوجب الحرمة وبطلان النکاح ، فلو تزوّج امرأة ثمّ لاط بابنها أو أبیها أو أخیها لم تحرم علیه امرأته ، وإن کان الاحتیاط لاینبغی ترکه .
(مسألة 28) : لو شکّ فی تحقّق الإیقاب حینما عبث بالغلام أو بعده بنیٰ علی العدم .
القول فی النکاح فی العدّة وتکمیل العدد
(مسألة 1) : لایجوز نکاح المرأة لا دائماً ولا منقطعاً إذا کانت فی عدّة الغیر ؛ رجعیّة کانت أو بائنة ، عدّة وفاة أو غیرها ، من نکاح دائم أو منقطع أو من وط ء شبهة ، ولو تزوّجها ، فإن کانا عالمین بالموضوع والحکم ؛ بأن علما بکونها فی العدّة وعلما بأنّه لایجوز النکاح فی العدّة ، أو کان أحدهما عالماً بهما ، بطل النکاح وحرمت علیه أبداً ؛ سواء دخل بها أو لا ، وکذا إن جهلا بهما أو بأحدهما ودخل بها ولو دبراً ، وأمّا لو لم یدخل بها بطل العقد ولکن لم تحرم علیه أبداً فله استئناف العقد علیها بعد انقضاء العدّة التی کانت فیها .
(مسألة 2) : لو وکّل أحداً فی تزویج امرأة له ، ولم یعیّن الزوجة فزوّجه امرأة ذات عدّة لم تحرم علیه وإن علم الوکیل بکونها فی العدّة ، وإنّما تحرم علیه مع الدخول . وأمّا لو عیّن الزوجة ، فإن کان الموکّل عالماً بالحکم والموضوع حرمت علیه وإن کان الوکیل جاهلاً بهما ، بخلاف العکس ، فالمدار علیٰ علم الموکّل وجهله لا الوکیل .
(مسألة 3) : لایلحق بالتزویج فی العدّة وط ء الشبهة أو الزنا بالمعتدّة ، فلو وطئ شبهة أو زنیٰ بالمرأة فی حال عدّتها لم یؤثّر فی الحرمة الأبدیّة ؛ أیّة عدّة کانت ، إلاّ العدّة الرجعیّة إذا زنیٰ بها فیها ، فإنّه یوجب الحرمة کما مرّ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 731 (مسألة 4) : إذا کانت المرأة فی عدّة الرجل جاز له العقد علیها فی الحال ، ولا ینتظر انقضاء العدّة . نعم فیما إذا کانت معتدّة له بالعدّة الرجعیّة یبطل منه العقد علیها لکونها بمنزلة زوجته ولا یصحّ عقد الزوج علیٰ زوجته ، فلو کانت عنده متعة وأراد أن یجعل عقدها دواماً ، جاز أن یهب مدّتها ویعقد علیها عقد الدوام فی الحال ، بخلاف ما إذا کانت عنده زوجة دائمة وأراد أن یجعلها منقطعة فطلّقها لذلک طلاقاً غیر بائن ، فإنّه لایجوز له إیقاع عقد الانقطاع علیها إلاّ بعد خروجها عن العدّة .
(مسألة 5) : هل یعتبر فی الدخول الذی هو شرط للحرمة الأبدیّة فی صورة الجهل أن یکون فی العدّة ، أو یکفی وقوع العقد فی العدّة وإن کان الدخول واقعاً بعد انقضائها ؟ قولان ، أحوطهما الثانی وأقواهما الأوّل .
(مسألة 6) : لو شکّ فی أنّها معتدّة أم لا ، حکم بالعدم وجاز له تزویجها ، ولایجب علیه التفحّص عن حالها ، وکذا لو شکّ فی انقضاء عدّتها وأخبرت هی بالانقضاء ، فتصدّق وجاز تزویجها .
(مسألة 7) : لو علم أنّ التزویج کان فی العدّة مع الجهل موضوعاً أو حکماً ، ولکن شکّ فی أنّه قد دخل بها حتّیٰ تحرم علیه أبداً أو لا ، بنیٰ علیٰ عدم الدخول ، فلم تحرم علیه ، وکذا لو علم بعدم الدخول لکن شکّ فی أنّ أحدهما قد کان عالماً أم لا ، بنیٰ علی عدم العلم ، فلایحکم بالحرمة الأبدیّة .
(مسألة 8) : یلحق بالتزویج فی العدّة فی إیجاب الحرمة الأبدیّة التزویج بذات البعل ، فلو تزوّجها مع العلم بأنّها ذات بعل حرمت علیه أبداً ؛ سواء دخل بها أم لا ، ولو تزوّجها مع الجهل لم تحرم علیه إلاّ مع الدخول بها .
(مسألة 9) : إذا تزوّج بامرأة علیها عدّة ولم تشرع فیها لعدم تحقّق مبدئها ، کما إذا تزوّج بمن مات زوجها ولم یبلغها الخبر ، فإنّ مبدأ عدّتها من حین بلوغ الخبر ، فهل یوجب الحرمة الأبدیّة أم لا ؟ قولان ، أحوطهما الأوّل وأرجحهما الثانی .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 732 (مسألة 10) : من کان عنده أربع زوجات دائمیّة تحرم علیه الخامسة ما دامت الأربع فی حباله ؛ سواء کان حرّاً أو عبداً ، وسواء کنّ حرائر أو إماء أو مختلفات . وکذا یحرم علی الحرّ أزید من أمتین وعلی العبد أزید من حرّتین ، وإن لم تزد من عنده من الزوجات علی الأربع ، فلا یجوز للأوّل الجمع بین ثلاث إماء وحرّة ولا للثانی الجمع بین ثلاث حرائر وأمة . ویجوز للأوّل الجمع بین أربع حرائر ؛ فضلاً عن ثلاث حرائر وأمة أو حرّتین وأمتین ، وأمّا الثانی فلایجوز له إلاّ الجمع بین أربع إماء أو حرّتین أو حرّة وأمتین ، ولایجوز له الجمع بین ثلاث إماء وحرّة ، وکذا بین أمتین وحرّتین فضلاً عن أربع حرائر أو ثلاث .
(مسألة 11) : ما ذکر إنّما هو فی العقد الدائم ، وأمّا فی المنقطع فیجوز الجمع بما شاء وإن کانت عند الحرّ أربع دائمیّات حرائر وعند العبد أربع إماء دائمیّات ، فیجوز لکلّ منهما أن یزید علیهنّ انقطاعاً بما شاء ولو إلیٰ ألف .
(مسألة 12) : إذا کانت عنده أربع فماتت إحداهنّ ، یجوز له تزویج اُخریٰ فی الحال ، وکذا لو فارق إحداهنّ بالفسخ أو الانفساخ أو بالطلاق البائن ، وأولیٰ بذلک ما إذا لم تکن لها عدّة کالغیر المدخول بها والیائسة ، وأمّا إذا طلّقها بالطلاق الرجعی ، فلایجوز له تزویج اُخریٰ إلاّ بعد انقضاء عدّة الاُولیٰ .
(مسألة 13) : إذا طلّق الرجل - حرّاً کان أو عبداً - زوجته الحرّة ثلاث طلقات ، لم یتخلّل بینها نکاح رجل آخر ، حرمت علیه ، ولا یجوز له نکاحها حتّیٰ تنکح زوجاً غیره بالشروط الآتیة فی کتاب الطلاق . وکذا إذا طلّق زوجته الغیر الحرّة طلقتین لم یتخلّل بینهما نکاح رجل آخر ، وإذا طلّقها تسعاً للعدّة بتخلّل محلّلین فی البین - بأن نکحت غیر المطلّق بعد الثلاثة الاُولیٰ والثانیة - حرمت علیه أبداً . وکیفیّة وقوع تسع طلقات للعدّة : أن یطلّقها بالشرائط ثمّ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 733 یراجعها فی العدّة ویطأها ثمّ یطلّقها فی طهر آخر ثمّ یراجع ثمّ یطأ ثمّ یطلّقها الثالثة ، ثمّ ینکحها بعد عدّتها زوج آخر ، ثمّ یفارقها بعد أن یطأها ثمّ یتزوّجها الأوّل بعد عدّتها ، ثمّ یوقع علیها ثلاث طلقات مثل ما أوقع أوّلاً ، ثمّ ینکحها زوج آخر ویطأها ، ثمّ یفارقها ویتزوّجها الأوّل ویوقع علیها ثلاث طلقات اُخریٰ إلیٰ أن یکمل لها تسعاً تخلّل بینها نکاح رجلین ، فتحرم علیه فی التاسعة أبداً ، وسیجیء تفاصیل هذه المسائل فی کتاب الطلاق إن شاء اللّه تعالیٰ .
القول فی الکفر
لایجوز للمسلمة أن تنکح الکافر دواماً وانقطاعاً ؛ سواء کان أصلیّاً - حربیّاً کان أو کتابیاً - أو کان مرتدّاً ؛ عن فطرة کان أو عن ملّة . وکذا لایجوز للمسلم تزویج غیر الکتابیّة من أصناف الکفّار ولا المرتدّة ؛ عن فطرة کانت أو ملّة . وأمّا الکتابیّة من الیهودیّة والنصرانیة ففیه أقوال : أشهرها المنع فی النکاح الدائم والجواز فی المنقطع ، وقیل بالمنع مطلقاً ، وقیل بالجواز کذلک وهو لایخلو من قوّة علیٰ کراهیّة خصوصاً فی الدائم ، بل الاحتیاط فیه لا یترک إن استطاع نکاح المسلمة .
(مسألة 1) : الأقویٰ أنّ المجوسیّة بحکم الیهودیّة والنصرانیّة ، وأمّا الصابئة ففیها إشکال ؛ حیث إنّه لم یتحقّق عندنا إلی الآن حقیقة دینهم ، فإن تحقّق أنّهم طائفة من النصاریٰ - کما قیل - کانوا بحکمهم .
(مسألة 2) : العقد الواقع بین الکفّار لو وقع صحیحاً عندهم وعلیٰ طبق مذهبهم یترتّب علیه آثار الصحیح عندنا ؛ سواء کان الزوجان کتابیّین أو وثنیّین أو مختلفین ؛ حتّیٰ أنّه لو أسلما معاً دفعة اُقرّا علیٰ نکاحهما الأوّل ولم یحتج إلیٰ عقد جدید علیٰ طبق مذهبنا ، بل وکذا لو أسلم أحدهما أیضاً فی بعض الصور الآتیة . نعم لو کان نکاحهم مشتملاً علیٰ ما
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 734 یقتضی الفساد ابتداءً واستدامة ، کنکاح إحدی المحرّمات عیناً أو جمعاً ، جریٰ علیه بعد الإسلام حکم الإسلام .
(مسألة 3) : إذا أسلم زوج الکتابیّة بقیا علیٰ نکاحهما الأوّل ؛ سواء کان کتابیّاً أو وثنیّاً ، وسواء کان إسلامه قبل الدخول أو بعده . وإذا أسلم زوج الوثنیّة - وثنیّاً کان أو کتابیّاً - فإن کان قبل الدخول انفسخ النکاح فی الحال ، وإن کان بعده ینتظر انقضاء العدّة ، فإن أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقیا علیٰ نکاحهما وإلاّ انفسخ النکاح ؛ بمعنیٰ أنّه یتبیّن انفساخه من حین إسلام الزوج .
(مسألة 4) : إذا أسلمت زوجة الوثنی أو الکتابی ؛ وثنیّة کانت أو کتابیّة ، فإن کان قبل الدخول انفسخ النکاح فی الحال ، وإن کان بعده وقف علی انقضاء العدّة ، فإن أسلم قبل انقضائها فهی امرأته وإلاّ بان أنّها بانت منه حین إسلامها .
(مسألة 5) : لو ارتدّ أحد الزوجین أو ارتدّا معاً دفعة قبل الدخول وقع الانفساخ فی الحال ؛ سواء کان الارتداد عن فطرة أو ملّة ، وکذا بعد الدخول إذا کان الارتداد من الزوج وکان عن فطرة ، وأمّا إن کان ارتداده عن ملّة أو کان الارتداد من الزوجة مطلقاً وقف الفسخ علی انقضاء العدّة ، فإن رجع أو رجعت قبل انقضائها کانت زوجته وإلاّ انکشف أنّها بانت منه عند الارتداد .
(مسألة 6) : العدّة فی ارتداد الزوج عن فطرة کالوفاة ، وفی غیره کالطلاق .
(مسألة 7) : لایجوز للمؤمنة أن تنکح الناصب المعلن بعداوة أهل البیت علیهم السلام، ولا الغالی المعتقد باُلوهیّتهم أو نبوّتهم ، وکذا لایجوز للمؤمن أن ینکح الناصبة والغالیة ؛ لأنّهما بحکم الکفّار وإن انتحلا دین الإسلام .
(مسألة 8) : لا إشکال فی جواز نکاح المؤمن المخالفة الغیر الناصبة ، وأمّا نکاح المؤمنة المخالف الغیر الناصب ففیه خلاف ، والجواز مع الکراهة لایخلو من قوّة . وحیث إنّه نسب إلی المشهور عدم الجواز ، فلاینبغی ترک الاحتیاط مهما أمکن .
(مسألة 9) : لا یشترط فی صحّة النکاح تمکّن الزوج من النفقة ، نعم لو زوّج الصغیرة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 735 ولیّها بغیر القادر علیها لم یلزم العقد علیها ، فلها الردّ بعد کمالها ؛ لما مرّ من أنّه یعتبر فی نفوذ عقد الولیّ علی المولّیٰ علیه عدم المفسدة ، ولا ریب أنّ هذا مفسدة وأیّ مفسدة ! إلاّ إذا زوحمت بمصلحة غالبة علیها .
(مسألة 10) : بعدما لم یکن التمکّن من النفقة شرطاً لصحّة العقد ولا لزومه ، فلو کان متمکّناً منها حین العقد ثمّ تجدّد العجز عنها بعد ذلک لم یکن لها التسلّط علی الفسخ ؛ لا بنفسها ولا بالحاکم علی الأقویٰ . نعم لو کان ممتنعاً عن الإنفاق مع الیسار ورفعت أمرها إلی الحاکم ألزمه بأحد الأمرین : إمّا الإنفاق أو الطلاق ، فإذا امتنع عن الأمرین ولم یمکن الإنفاق من ماله ولا إجباره بِالطلاق ، فالظاهر أنّ للحاکم أن یطلّقها إن أرادت الطلاق .
(مسألة 11) : لا إشکال فی جواز تزویج الحرّة بالعبد والعربیّة بالعجمی والهاشمیّة بغیر الهاشمی وبالعکس ، وکذا ذوات البیوتات الشریفة بأرباب الصنائع الدنیّة کالکنّاس والحجّام ونحوهما ؛ لأنّ المسلم کفو المسلمة والمؤمن کفو المؤمنة والمؤمنون بعضهم أکفاء بعض کما فی الخبر . نعم یکره التزویج بالفاسق خصوصاً شارب الخمر والزانی کما مرّ .
(مسألة 12) : وممّا یوجب الحرمة الأبدیّة التزویج حال الإحرام - دواماً أو انقطاعاً - سواء کانت المرأة محرمة أو محلّة ، وسواء کان إیقاع التزویج له بمباشرته أو بتوکیل الغیر محرماً کان الوکیل أو محلاًّ ، کان التوکیل قبل الإحرام أو حاله . هذا مع العلم بالحرمة ، وأمّا مع جهله بها وإن بطل النکاح فی جمیع الصور المذکورة لکن لایوجب الحرمة الأبدیّة .
(مسألة 13) : لا فرق فیما ذکر ـ من التحریم مع العلم ، والبطلان مع الجهل - بین أن یکون الإحرام لحجّ واجب أو مندوب أو لعمرة واجبة أو مندوبة ، ولا بین أن یکون حجّه وعمرته لنفسه أو نیابة عن غیره .
(مسألة 14) : لو کانت الزوجة محرمة عالمة بالحرمة وکان الزوج محلاًّ فهل یوجب الحرمة الأبدیة بینهما ؟ قولان ؛ أحوطهما ذلک ، بل لایخلو من قوّة .
(مسألة 15) : یجوز للمحرم الرجوع فی الطلاق فی العدّة الرجعیّة ، وکذا یجوز له أن
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 736 یوکّل محلاًّ فی أن یزوّج له بعد إحلاله ، بل وکذا أن یوکّل محرماً فی أن یزوّج له بعد إحلالهما .
(مسألة 16) : ومن أسباب التحریم اللعان بشروطه المذکورة فی بابه ؛ بأن یرمیها بالزنا ویدّعی المشاهدة بلا بیّنة ، أو ینفی ولدها الجامع لشرائط الإلحاق به وتنکر ذلک ، ورفعا أمرهما إلی الحاکم فیأمرهما بالملاعنة بالکیفیّة الخاصّة ، فإذا تلاعنا سقط عنه حدّ القذف وعنها حدّ الزنا وانتفی الولد عنه وحرمت علیه مؤبّداً .
(مسألة 17) : نکاح الشغار باطل ، وهو أن تتزوّج امرأتان برجلین علیٰ أن یکون مهر کلّ واحدة منهما نکاح الاُخریٰ ولا یکون بینهما مهر غیر النکاحین والتزویجین ، مثل أن یقول أحد الرجلین للآخر : «زوّجتک بنتی - أو اُختی - علیٰ أن تزوّجنی بنتک - أو اُختک - ویکون صداق کلّ منهما نکاح الاُخریٰ» ویقول الآخر : «قبلت وزوّجتک بنتی - أو اُختی - هکذا» وأمّا لو زوّج إحداهما الآخر بمهر معلوم وشرط علیه أن یزوّجه الاُخریٰ بمهر معلوم فصحّ العقدان ، مثل أن یقول : «زوّجتک بنتی ـ أو اُختی ـ علیٰ صداق مائة دینار علیٰ أن تزوّجنی اُختک ـ أو بنتک ـ هکذا» ویقول الآخر : قبلت وزوّجتک بنتی ـ أو اُختی - علیٰ مائة دینار» بل وکذا لو شرط أن یزوّجه الاُخریٰ ولم یذکر مهراً أصلاً ، مثل أن یقول : «زوّجتک بنتی علیٰ أن تزوّجنی بنتک» فقال : «قبلت وزوّجتک بنتی» فإنّه یصحّ العقدان ، لکن حیث إنّه لم یذکر المهر تستحقّ کلّ منهما مهر المثل ، کما یأتی فی محلّه من أنّ ذکر المهر لیس شرطاً فی صحّة النکاح الدائم ، وأنّها تستحقّ مهر المثل لو لم یذکر المهر .
القول فی النکاح المنقطع
ویقال له المتعة والنکاح المؤجّل .
(مسألة 1) : النکاح المنقطع کالدائم فی أنّه یحتاج إلیٰ عقد مشتمل علیٰ إیجاب وقبول لفظیّین ، وأنّه لایکفی مجرّد الرضا القلبی من الطرفین ولا المعاطاة ولا الکتابة ولا الإشارة وفی اعتبار العربیّة وفی کون الإیجاب من طرف الزوجة ، کما فصّل ذلک کلّه فیما سبق .
(مسألة 2) : ألفاظ الإیجاب فی هذا العقد ثلاثة : «متّعت» و«زوّجت» و«أنکحت» ، أیّها حصل وقع الإیجاب به ، ولا ینعقد بغیرها کلفظ التملیک والهبة والإجارة . والقبول کلّ لفظ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 737 دالّ علیٰ إنشاء الرضا بذلک الإیجاب کقوله : «قبلت المتعة» أو «التزویج» أو «النکاح» ، ولو قال : «قبلت» أو «رضیت» واقتصر کفیٰ . ولو بدا بالقبول فقال : «تزوّجتک» فقالت : «زوّجتک نفسی» صحّ .
(مسألة 3) : لایجوز تمتّع المسلمة بالکافر بجمیع أصنافه ، وکذا لایجوز تمتّع المسلم بغیر الکتابیة من أصناف الکفّار ، ولا بالمرتدّة ، ولا بالناصبیّة المعلنة بالعداوة کالخارجیّة .
(مسألة 4) : لایتمتّع بأمة وعنده حرّة إلاّ بإذنها ، ولو فعل وقف علیٰ إجازتها . وکذا لا یدخل علی العمّة بنت أخیها ولا علی الخالة بنت اُختها إلاّ بإذنهما أو إجازتهما ، وکذا لایجمع بین الاُختین .
(مسألة 5) : یشترط فی النکاح المنقطع ذکر المهر ، فلو أخلّ به بطل . ویعتبر فیه أن یکون ممّا یتموّل ؛ سواء کان عیناً خارجیّاً أو کلّیّاً فی الذمّة أو منفعة أو عملاً محلّلاً صالحاً للعوضیّة ، بل وحقّاً من الحقوق المالیّة کحقّ التحجیر ونحوه ، وأن یکون معلوماً بالکیل أو الوزن فی المکیل والموزون ، والعدّ فی المعدود ، أو المشاهدة أو الوصف الرافعین للجهالة ، ویتقدّر بالمراضاة قلّ أو کثر ولو کان کفّاً من طعام .
(مسألة 6) : تملک المتمتّعة المهر بالعقد ، فیلزم علیه دفعه إلیها بعده لو طالبته ، وإن کان استقراره بالتمام مراعیً بالدخول ووفائها بالتمکین فی تمام المدّة ، فلو وهبها المدّة ، فإن کان قبل الدخول لزمه نصف المهر ، وإن کان بعده لزمه الجمیع وإن مضت من المدّة ساعة وبقیت منها شهور أو أعوام فلا یُقسّط المهر علیٰ ما مضیٰ منها وما بقی . نعم لو لم یهب المدّة ولکنّها لم تف بها ولم تمکّنه من نفسها فی تمامها کان له أن یضع من المهر بنسبتها ؛ إن نصفاً فنصف وإن ثلثاً فثلث وهکذا ما عدا أیّام حیضها ، فلا ینقص لها شیء من المهر . وفی إلحاق سائر الأعذار کالمرض المدنف ونحوه بها أو عدمه وجهان بل قولان ، لایخلو أوّلهما من رجحان ، والأحوط التصالح .
(مسألة 7) : لو أوقع العقد ولم یدخل بها حتّی انقضت المدّة ، استقرّ علیه تمام المهر .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 738 (مسألة 8) : لو تبیّن فساد العقد ؛ بأن ظهر لها زوج أو کانت اُخت زوجته أو اُمّها - مثلاً - ولم یدخل بها فلا مهر لها . ولو قبضته کان له استعادته ، بل لو تلف کان علیها بدله ، وکذا إن دخل بها وکانت عالمة بالفساد ، وأمّا إن کانت جاهلة فلها مهر المثل ، فإن کان ما أخذت أزید منه استعاد الزائد وإن کان أقلّ أکمله .
(مسألة 9) : یشترط فی النکاح المنقطع ذکر الأجل ، فلو لم یذکره متعمّداً أو نسیاناً بطل متعةً وانعقد دائماً علیٰ إشکال ، وتقدیر الأجل إلیهما طال أو قصر . ولابدّ أن یکون معیّناً بالزمان محروساً من الزیادة والنقصان ، ولو قدّره بالمرّة أو مرّتین من دون أن یقدّره بزمان بطل متعة وانعقد دائماً ، وفیه الإشکال المتقدّم بل هنا أشکل .
(مسألة 10) : إذا قالت : «زوّجتک نفسی إلیٰ شهر» أو « . . . شهراً» مثلاً وأطلقت ، اقتضی الاتّصال بالعقد ، وهل یجوز أن تجعل المدّة منفصلاً عن العقد ؛ بأن تعیّن المدّة شهراً - مثلاً - ویجعل مبدؤه بعد شهر من حین وقوع العقد أم لا ؟ قولان ، أحوطهما الثانی بل لایخلو من قوّة .
(مسألة 11) : لایصحّ تجدید العقد علیها دائماً ومنقطعاً قبل انقضاء الأجل أو بذل المدّة ، فلو کانت المدّة شهراً وأراد أن تکون شهرین ، لابدّ أن یهبها المدّة ثمّ یعقد علیها ویجعل المدّة شهرین ، ولایجوز أن یعقد علیها عقداً آخر ویجعل المدّة شهراً بعد الشهر الأوّل حتّیٰ یصیر المجموع شهرین .
(مسألة 12) : یجوز أن یشترط علیها وعلیه الإتیان لیلاً أو نهاراً ، وأن یشترط المرّة أو المرّات مع تعیین المدّة بالزمان .
(مسألة 13) : یجوز العزل للمتمتّع من دون إذنها وإن قلنا بعدم جوازه فی الدائم ، ولکن یلحق به الولد لو حملت وإن عزل ؛ لاحتمال سبق المنیّ من غیر تنبّه ، ولو نفاه عن نفسه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 739 انتفیٰ ظاهراً ولم یفتقر إلی اللعان ، ولکن لایجوز له النفی بینه وبین اللّه إلاّ مع العلم بالانتفاء .
(مسألة 14) : لایقع بها طلاق وإنّما تبین بانقضاء المدّة أو هبتها ، ولا رجوع له بعد ذلک .
(مسألة 15) : لایثبت بهذا العقد توارث بین الزوجین ، ولو شرطا التوارث أو توریث أحدهما فالظاهر التوریث علیٰ حسب شرطهما ، وإن کان الأحوط التصالح مع باقی الورثة .
(مسألة 16) : إذا انقضیٰ أجلها أو وهب مدّتها قبل الدخول فلا عدّة علیها ، وإن کان بعده لم تکن غیر بالغة ولا یائسة فعلیها العدّة . وعدّتها علی الأشهر الأظهر حیضتان ، وإن کانت فی سنّ من تحیض ولا تحیض فعدّتها خمسة وأربعون یوماً ، والظاهر اعتبار حیضتین تامّتین ، فلو انقضی الأجل أو وهب المدّة فی أثناء الحیض لم یحسب تلک الحیضة منها ، بل لابدّ من حیضتین تامّتین بعد ذلک . هذا فیما إذا کانت حائلاً ، وأمّا لو کانت حاملاً فعدّتها إلیٰ أن تضع حملها کالمطلّقة علیٰ إشکال ، فالأحوط مراعاة أبعد الأجلین من وضع الحمل ومن انقضاء خمسة وأربعین یوماً أو حیضتین . وأمّا عدّتها من الوفاة فهی أربعة أشهر وعشرة أیّام إن کانت حائلاً ، وأبعد الأجلین منها ومن وضع حملها إن کانت حاملاً کالدائمة .
(مسألة 17) : یستحبّ أن تکون المتمتّع بها مؤمنة عفیفة ، والسؤال عن حالها وأنّها ذات بعل أو ذات عدّة أم لا ، ولیس السؤال والفحص عن حالها شرطاً فی الصحّة .
(مسألة 18) : یجوز التمتّع بالزانیة علیٰ کراهیّة ، خصوصاً لو کانت من العواهر والمشهورات بالزنا ، وإن فعل فلیمنعها من الفجور .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 740
القول فی نکاح العبید والإماء
(مسألة 1) : لایجوز للعبد ولا للأمة أن یتزوّجا بدون إذن المولیٰ ، فلو تزوّجا من غیر إذنه وقف علیٰ إجازته فإذا أجاز جاز ، ولو ردّ ثمّ أجاز أو العکس لا أثر للتالی ، ولو کان العبد والأمة لمالکین أو أکثر وقف علیٰ إذن الجمیع أو إجازتهم ، فلو أذن أو أجاز بعضهم دون بعض بطل النکاح .
(مسألة 2) : للسیّد تزویج عبده بحرّة أو أمة ، وکذا تزویج أمته بحرّ أو عبد قهراً علیهما ، ولو کانا مبعّضین توقّف صحّته علیٰ رضاهما وإذن السیّد معاً ولیس له إجبارهما .
(مسألة 3) : لو أذن المولیٰ عبده فی التزویج کان علیه المهر ونفقة زوجته . نعم إن عیّن کون المهر فی ذمّة العبد تعیّن ویتبع به بعد العتق .
(مسألة 4) : مهر الأمة المزوّجة للمولیٰ ؛ سواء کان هو المباشر لتزویجها أو هی بإذنه أو إجازته ، ونفقتها علی الزوج ، وللمولی استخدامها بما لا ینافی حقّ الزوج .
(مسألة 5) : یجوز للمولیٰ تزویج أمته من عبده قهراً علیهما ، وله بعد ذلک التفریق بینهما ، ولا یحتاج إلی الطلاق ، بل یکفی أن یأمرهما بالمفارقة والاعتزال .
(مسألة 6) : لایجوز للمولیٰ وط ء أمته المزوّجة ولو من عبده حتّیٰ یفارقها وتخرج من العدّة ، بل لایجوز له النظر منها إلیٰ ما لا یجوز لغیر الزوج والمالک ، فضلاً عن سائر الاستمتاعات بها کاللمس والقبلة علی الأحوط لو لم یکن الأقویٰ .
(مسألة 7) : المتولّد بین الرقّین رقّ ؛ سواء کان عن نکاح صحیح أو شبهة أو عن زنا من طرف واحد أو طرفین ، فإن کان العبد والأمة لمالک واحد فالولد له ، وإن کان کلّ منهما لمالک فالولد بینهما بالسویّة ، إلاّ إذا کان الولد عن زنا من طرف العبد فإنّ الولد لمالک الأمة ؛ سواء کان من طرفها زناً أو شبهة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 741 (مسألة 8) : إذا أوقع المالکان العقد بین العبد والأمة ، وشرطا أن یکون الولد لأحدهما دون الآخر ، أو کان نصیب أحدهما منه أزید من الآخر ؛ بأن یکون له ثلثاه وللآخر ثلث ـ مثلاً - صحّ الشرط ولزم .
(مسألة 9) : إذا کان أحد أبوی الولد حرّاً فالولد حرّ ، وإذا شرط مالک العبد أو الأمة فی ضمن العقد کونه رقّاً له ، فالمشهور صحّة الشرط ولزومه ، وهو لایخلو من قوّة وإن لم یخل من إشکال .
(مسألة 10) : إذا زنی العبد بحرّة فالولد حرّ وإن کانت هی أیضاً زانیة ، بخلاف ما لو زنیٰ حرّ بأمة الغیر فإنّ الولد رقّ لمولاها وإن کانت هی أیضاً زانیة ، وکذا لو زنیٰ عبد شخص بأمة الغیر فإنّ الولد لمولاها .
(مسألة 11) : إذا اُعتقت الأمة المزوّجة ، کان لها فسخ نکاحها وإن کانت تحت حرّ علی الأقویٰ ؛ سواء کان نکاحها دائماً أو منقطعاً ، وسواء کان قبل الدخول أو بعده ، وهذا الخیار علی الفور - علی الأحوط - فوراً عرفیّاً . نعم لو کانت جاهلة بالعتق أو الخیار أو الفوریّة جاز لها الفسخ بعد العلم ولایضرّه التأخیر الواقع من جهة الجهل بأحدها .
(مسألة 12) : یجوز للمولیٰ تحلیل أمته للغیر فی وطئها وسائر الاستمتاعات منها ، ولو اقتصر علیٰ بعضها کالنظر أو التقبیل أو اللمس - مثلاً - لا یستبیح غیره . نعم لو أحلّ له الوط ء حلّ له ما دونه من ضروب الاستمتاع ، لکن لایحلّ بذلک استخدامها .
(مسألة 13) : لایکفی فی التحلیل مجرّد التراضی والتعاطی ، بل یحتاج إلی الصیغة بأن یقول : «أحللت لک وط ءها» أو «جعلتک فی حلّ من وطئها» مثلاً ، والأقویٰ جواز إیقاعه بلفظ الإباحة بأن یقول : «أبحت لک وط ءها» مثلاً ، بل عدم اعتبار لفظ مخصوص وکفایة کلّ لفظ أفاد المقصود بحسب متفاهم العرف لایخلو من قوّة ، بل الظاهر عدم اعتبار العربیّة أیضاً .
(مسألة 14) : المحلّلة للوط ء کالمزوّجة علی الأحوط - لو لم یکن أقویٰ - فلایجوز
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 742 للمولیٰ وطؤها ولا سائر الاستمتاعات بها . وأمّا المحلّلة لغیر الوط ء ، فالظاهر جواز وطئها للمالک فضلاً عن النظر وسائر الاستمتاعات ، إلاّ أنّ الأحوط خلافه خصوصاً فی الوط ء ، بل الاحتیاط فیه لایترک .
القول فی العیوب الموجبة لخیار الفسخ والتدلیس
وهی قسمان : مشترک ومختصّ . أمّا المشترک : فهو الجنون ، وهو اختلال العقل ، ولیس منه الإغماء ومرض الصرع الموجب لعروض الحالة المعهودة فی بعض الأوقات . ولکلّ من الزوجین فسخ النکاح بجنون صاحبه ، فی الرجل مطلقاً ؛ سواء کان جنونه قبل العقد مع جهل المرأة به أو حدث بعده قبل الوط ء أو بعده ، وأمّا فی المرأة ففیما إذا کان جنونها قبل العقد ولم یعلم الرجل ، دون ما إذا طرأ بعده . ولا فرق فی الجنون الموجب للخیار بین المطبق والأدوار وإن وقع العقد حال إفاقته ، کما أنّ الظاهر عدم الفرق فی الحکم بین النکاح الدائم والمنقطع .
وأمّا المختصّ : فأمّا المختصّ بالرجل فثلاثة : الخصاء وهو سَلُّ الاُنثیین أو رضّهما ، وتفسخ به المرأة مع سبقه علی العقد وعدم علمها به ، والجبّ ، وهو قطع الذکر بشرط أن لا یبقیٰ منه ما یمکن معه الوط ء ولو قدر الحشفة ، وتفسخ به المرأة ؛ سواء سبق العقد أو لحقه بشرط کونه قبل الوط ء لا بعده ، والعنن ، وهو مرض تضعف معه الآلة عن الانتشار ؛ بحیث یعجز عن الإیلاج ، وهو سبب لتسلّط المرأة علی الفسخ بشرط عجزه عن الوط ء بها ووط ء غیرها ، فلو لم یقدر علیٰ وطئها وقدر علیٰ وط ء غیرها لا خیار لها . ویثبت به الخیار ؛ سواء سبق العقد أو تجدّد بعده ، لکن بشرط أن لم یقع منه وطؤها ولو مرّة ، فلو وطئها ثمّ حدثت به العنّة بحیث لم یقدر علی الوط ء بالمرّة فلا خیار لها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 743 وأمّا المختصّ بالمرأة فستّة : البرص ، والجذام ، والإفضاء - وقد مرّ تفسیره فیما سبق - والقرن ویقال له العفل وهو لحم ینبت فی فم الرحم یمنع من الوط ء ، والعرج البیّن ؛ وإن لم یبلغ حدّ الإقعاد والزمانة علی الأظهر ، والعمیٰ وهو ذهاب البصر عن العینین وإن کانتا مفتوحتین ، ولا اعتبار بالعور ، ولا بالعشا ، وهی علّة فی العین لایبصر فی اللیل ویبصر بالنهار ، ولا بالعمش ، وهو ضعف الرؤیة مع سیلان الدمع فی غالب الأوقات .
(مسألة 1) : إنّما یفسخ العقد بعیوب المرأة إذا تبیّن وجودها قبل العقد ، وأمّا ما یتجدّد بعده فلا اعتبار به ؛ سواء کان قبل الوط ء أو بعده .
(مسألة 2) : لیس العقم من العیوب الموجبة للخیار ؛ لا من طرف الرجل ولا من طرف المرأة .
(مسألة 3) : لیس الجذام والبرص من عیوب الرجل الموجبة لخیار المرأة عند المشهور ، وقیل بکونهما منها ، فهما من العیوب المشترکة بین الرجل والمرأة وهو لیس ببعید ، لکن لایترک الاحتیاط من طرف الزوجة بإرضاء الزوج بالطلاق ومن طرف الزوج بتطلیقها إذا أرادت الفسخ وفسخت النکاح .
(مسألة 4) : خیار الفسخ فی کلّ من الرجل والمرأة علی الفور ، فلو علم الرجل أو المرأة بالعیب فلم یبادرا بالفسخ لزم العقد . نعم الظاهر أنّ الجهل بالخیار بل والفوریّة عذر ، فلو کان عدم المبادرة بالفسخ من جهة الجهل بأحدهما لم یسقط الخیار .
(مسألة 5) : إذا اختلفا فی العیب ، فالقول قول منکره مع الیمین إذا لم یکن لمدّعیه بیّنة ، ویثبت بها العیب حتّی العنن علی الأقویٰ ، کما أنّه یثبت کلّ عیب بإقرار صاحبه أو البیّنة علیٰ إقراره ، وکذا یثبت بالیمین المردودة علی المدّعی ونکول المنکر عن الیمین کسائر الدعاوی ، وتثبت العیوب الباطنة للنساء بشهادة أربع نسوة عادلات کما فی نظائرها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 744 (مسألة 6) : إذا ثبت عنن الرجل بأحد الوجوه المذکورة ، فإن صبرت فلاکلام ، وإن لم تصبر ورفعت أمرها إلیٰ حاکم الشرع لاستخلاص نفسها منه أجّلها سنة کاملة من حین المرافعة ، فإن واقعها أو واقع غیرها فی أثناء هذه المدّة فلا خیار لها ، وإلاّ کان لها الفسخ فوراً عرفیّاً ، وإن لم تبادر بالفسخ ، فإن کان بسبب جهلها بالخیار أو فوریّته لم یضرّ کما مرّ ، وإلاّ سقط خیارها ، وکذا إن رضیت أن تقیم معه ثمّ طلبت الفسخ بعد ذلک ، فإنّه لیس لها ذلک .
(مسألة 7) : الفسخ بالعیب لیس بطلاق ؛ سواء وقع من الزوج أو الزوجة ، فلیس له أحکامه ولا یترتّب علیه لوازمه . ولا یعتبر فیه شروطه ، فلا یحسب من الثلاثة المحرّمة المحتاجة إلی المحلّل ، ولا یعتبر فیه الخلوّ من الحیض والنفاس ولا حضور العدلین .
(مسألة 8) : یجوز للرجل الفسخ بعیب المرأة من دون إذن الحاکم ، وکذا المرأة بعیب الرجل . نعم مع ثبوت العنن یفتقر إلی الحاکم ، لکن من جهة ضرب الأجل حیث إنّه من وظائفه لا من جهة نفوذ فسخها ، فبعدما ضرب الأجل لها کان لها التفرّد بالفسخ عند انقضائه وتعذّر الوط ء فی المدّة من دون مراجعته .
(مسألة 9) : إذا فسخ الرجل بأحد عیوب المرأة ، فإن کان قبل الدخول فلا مهر لها ، وإن کان بعده استقرّ علیه المهر المسمّیٰ . وکذا الحال فیما إذا فسخت المرأة بعیب الرجل فتستحقّ تمام المهر إن کان بعد الدخول ، وإن کان قبله لم تستحقّ شیئاً إلاّ فی العنن فإنّها تستحقّ علیه فیه نصف المهر المسمّیٰ .
(مسألة 10) : إذا دلّست المرأة نفسها علی الرجل فی أحد عیوبها الموجبة للخیار وتبیّن له بعد الدخول ، فإن اختار البقاء فعلیه تمام المهر کما مرّ ، وإن اختار الفسخ لم تستحقّ المهر ، وإن دفعه إلیها استعاده . وإن کان المدلّس غیر الزوجة ، فالمهر المسمّیٰ وإن استقرّ علی الزوج بالدخول واستحقّت علیه الزوجة إلاّ أنّه بعدما دفعه إلیها یرجع به علی المدلّس ویأخذه منه .
(مسألة 11) : یتحقّق التدلیس بتوصیف المرأة بالصحّة عند الزوج للتزویج ؛ بحیث صار
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 745 ذلک سبباً لغروره وانخداعه ، فلا یتحقّق بالإخبار لا للتزویج أو لغیر الزوج ، والظاهر تحقّقه أیضاً بالسکوت عن العیب مع العلم به وخفائه علی الزوج واعتقاده بالعدم .
(مسألة 12) : من یکون تدلیسه موجباً للرجوع علیه بالمهر هو الذی یسند إلیه التزویج من ولیّها الشرعی أو العرفی - کأبیها وجدّها واُمّها وأخیها الکبیر وعمّها وخالها - ممّن لا تصدر إلاّ عن رأیهم ویتصدّون تزویجها ویرجع إلیهم فیه فی العرف والعادة ، ومثلهم علی الظاهر بعض الأجانب ممّن له شدّة علاقة وارتباط بها بحیث لا تصدر إلاّ عن رأیه ، ویکون هو المرجع فی اُمورها المهمّة ویرکن إلیه فیما یتعلّق بها ، بل لایبعد أن یلحق بمن ذکر الغیر الذی یراود عند الطرفین ویعالج فی إیجاد وسائل الائتلاف فی البین .
(مسألة 13) : کما یتحقّق التدلیس فی العیوب الموجبة للخیار کالجنون والعمیٰ وغیرهما ، کذلک یتحقّق فی مطلق النقص کالعور ونحوه بإخفائه ، وکذا فی صفات الکمال کالشرف والحسب والنسب والجمال والبکارة وغیرها بتوصیفها بها مع فقدانها ، ولا أثر للأوّل - أی التدلیس فی العیوب الموجبة للخیار - إلاّ رجوع الزوج علی المدلّس بالمهر کما مرّ ، وأمّا الخیار فإنّما هو بسبب نفس وجود العیب . وأمّا الثانی - وهو التدلیس فی سائر أنواع النقص وفی صفة الکمال - فهو موجب للخیار إذا کان عدم النقص أو وجود صفة الکمال مذکورین فی العقد بنحو الاشتراط . ویلحق به توصیفها به فی العقد وإن لم یکن بعبارة الاشتراط ، کما إذا قال : «زوّجتک هذه البنت الباکرة» أو « . . . غیر الثیّبة» ، بل الظاهر أنّه إذا وصفها بصفتی الکمال أو عدم النقص قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ، ثمّ أوقع العقد مبنیّاً علیٰ ما ذکر ، کان بمنزلة الاشتراط فیوجب الخیار ، وإذا تبیّن ذلک بعد العقد والدخول واختار الفسخ ودفع المهر رجع به علی المدلّس .
(مسألة 14) : لیس من التدلیس الموجب للخیار سکوت الزوجة أو ولیّها عن النقص مع وجوده واعتقاد الزوج عدمه فی غیر العیوب الموجبة للخیار ، وأولیٰ بذلک سکوتهما عن فقد صفة الکمال مع اعتقاد الزوج وجودها .
(مسألة 15) : لو تزوّج امرأة علیٰ أنّها حرّة بأحد الوجوه الثلاثة المتقدّمة ؛ من اشتراط الحرّیة فی العقد أو توصیفها بها أو إیقاع العقد بانیاً علیها ، فبانت أمة مع إذن السیّد أو إجازته کان له الفسخ ، ولا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول ، ولها المهر تماماً لو کان الفسخ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 746 بعده وکان المهر لمولی الأمة ، ویرجع الزوج به علی المدلّس . وکذا لو تزوّجت المرأة برجل علیٰ أنّه حرّ فبان مملوکاً کان لها الفسخ قبل الدخول وبعده ، ولا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول ولها المهر المسمّیٰ لو فسخت بعده .
(مسألة 16) : لو تزوّج امرأة علیٰ أنّها بکر بأحد الوجوه الثلاثة المتقدّمة ، فوجدها ثیّباً لم یکن له الفسخ ، إلاّ إذا ثبت بالإقرار أو البیّنة سبق ذلک علی العقد فحینئذٍ کان له الفسخ . نعم لو تزوّجها باعتقاد البکارة ولم یکن اشتراط ولا توصیف وإخبار وبناء علیٰ ثبوتها فبان خلافها ، لیس له الفسخ وإن ثبت زوالها قبل العقد .
(مسألة 17) : إذا فسخ حیث یکون له الفسخ ، فإن کان قبل الدخول فلا مهر ، وإن کان بعده استقرّ المهر ورجع به علی المدلّس ، وإن کانت هی المدلّس لم تستحقّ شیئاً ، وإن لم یکن تدلیس استقرّ علیه المهر ولا رجوع له علیٰ أحد ، وإذا اختار البقاء أو لم یکن له الفسخ - کما فی صورة اعتقاد البکارة من دون اشتراط وتوصیف وبناء - کان له أن ینقص من مهرها شیئاً ، وهو نسبة التفاوت بین مهر مثلها بکراً وثیّباً ، فإذا کان المهر المسمّیٰ مائة وکان مهر مثلها بکراً ثمانین وثیّباً ستّین ینقص من المائة ربعها - وهی خمسة وعشرون - وتبقیٰ خمسة وسبعون .
فصل فی المهر ویقال له الصداق
(مسألة 1) : کلّ ما یملکه المسلم یصحّ جعله مهراً ؛ عیناً کان أو دیناً أو منفعة لعین مملوکة ؛ من دار أو عقار أو حیوان ، ویصحّ جعله منفعة الحرّ کتعلیم صنعة ونحوه من کلّ عمل محلّل ، بل الظاهر صحّة جعله حقّاً مالیّاً قابلاً للنقل والانتقال کحقّ التحجیر ونحوه . ولا یتقدّر بقدر بل ما تراضیٰ علیه الزوجان ؛ کثیراً کان أو قلیلاً ما لم یخرج بسبب القلّة عن المالیّة کحبّة من حنطة ، نعم یستحبّ فی جانب الکثرة أن لا یزید علیٰ مهر السنّة وهو خمسمائة درهم .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 747 (مسألة 2) : لو جعل المهر ما لا یملکه المسلم ـ کالخمر والخنزیر ـ صحّ العقد وبطل المهر ، فلم تملک شیئاً بالعقد وإنّما تستحقّ مهر المثل بالدخول .
(مسألة 3) : لابدّ من تعیین المهر بما یخرج عن الإبهام ، فلو أمهرها أحد هذین أو خیاطة أحد ثوبین - مثلاً - بطل المهر دون العقد ، وکان لها مع الدخول مهر المثل . نعم لا یعتبر فیه التعیین الذی یعتبر فی البیع ونحوه من المعاوضات ، فیکفی مشاهدة عین حاضرة وإن جهل کیله أو وزنه أو عدّه أو ذرعه ، کصبرة من الطعام وقطعة من الذهب وطاقة مشاهدة من الثوب وصبرة حاضرة من الجوز وأمثال ذلک .
(مسألة 4) : ذکر المهر لیس شرطاً فی صحّة العقد الدائم ، فلو عقد علیها ولم یذکر مهراً أصلاً بأن قالت الزوجة للزوج مثلاً : «زوّجتک نفسی» أو قال وکیلها : «زوّجت موکّلتی فلانة» فقال الزوج : «قبلت» صحّ العقد ، بل لو صرّحت بعدم المهر بأن قالت : «زوّجتک نفسی بلا مهر» فقال : «قبلت» صحّ . ویقال لهذا - أی لإیقاع العقد بلا مهر - : تفویض البضع ، وللمرأة التی لم یذکر فی عقدها مهر : مفوّضة البضع .
(مسألة 5) : إذا وقع العقد بلا مهر لم تستحقّ المرأة قبل الدخول شیئاً ، إلاّ إذا طلّقها حینئذٍ فتستحقّ علیه أن یعطیها شیئاً بحسب حاله - من الغنیٰ والفقر والیسار والإعسار ـ من دینار أو درهم أو ثوب أو دابّة أو غیرها ، ویقال لذلک الشیء : المتعة ، ولو انفسخ العقد قبل الدخول بأمر غیر الطلاق لم تستحقّ شیئاً لا مهراً ولا متعةً ، وکذا لو مات أحدهما قبله ، وأمّا لو دخل بها استحقّت علیه بسبب الدخول مهر أمثالها .
(مسألة 6) : المعتبر فی مهر المثل - هنا وفی کلّ مورد نحکم به - ملاحظة حال المرأة وصفاتها من السنّ والبکارة والنجابة والعفّة والعقل والأدب والشرف والجمال والکمال وأضدادها ، بل یلاحظ کلّ ما له دخل فی العرف والعادة فی ارتفاع المهر ونقصانه ، فتلاحظ أقاربها وعشیرتها وبلدها وغیر ذلک أیضاً .
(مسألة 7) : لو أمهر ما لا یملکه أحد کالحرّ ، أو ما لا یملکه المسلم کالخمر والخنزیر ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 748 صحّ العقد وبطل المهر واستحقّت علیه مهر المثل بالدخول . وکذلک الحال فیما إذا جعل المهر شیئاً باعتقاد کونه خلاًّ فبان خمراً ، أو شخصاً باعتقاد کونه عبداً فبان حرّاً ، بل وکذا الحال فیما إذا جعل المهر مال الغیر أو شیئاً باعتقاد کونه ماله فبان خلافه .
(مسألة 8) : لو شرّک أباها فی المهر ؛ بأن سمّیٰ لها مهراً ولأبیها شیئاً معیّناً تعیّن ما سمّیٰ لها مهراً لها وسقط ما سمّیٰ لأبیها ، فلا یستحقّ الأب شیئاً .
(مسألة 9) : ما تعارف فی بعض البلاد من أنّه یأخذ بعض أقارب البنت کأبیها أو اُمّها أو اُختها من الزوج شیئاً وهو المسمّیٰ فی لسان بعض بـ «شیر بها» وفی لسان بعض آخر بشیء آخر ، لیس بعنوان المهر وجزءً منه ، بل هو شیء آخر یؤخذ زائداً علی المهر . وحکمه : أنّه إن کان إعطاؤه وأخذه بعنوان الجعالة لعمل مباح ، کما إذا أعطیٰ شیئاً للأخ لأن یتوسّط فی البین ویرضی اُخته ویسعیٰ فی رفع بعض الموانع ، فلا إشکال فی جوازه وحلّیته ، بل فی استحقاق القریب له وعدم سلطنة الزوج علی استرجاعه بعد إعطائه ، وإن لم یکن بعنوان الجعالة ، فإن کان إعطاء الزوج للقریب بطیب نفس منه وإن کان لأجل جلب خاطره وتحبیبه وإرضائه ؛ حیث إنّ رضاءه فی نفسه مقصود ، أو من جهة أنّ رضا البنت منوط برضائه ، فبملاحظة هذه الجهات یطیب خاطر الزوج ببذل المال ، فالظاهر جواز أخذه للقریب ، لکن یجوز للزوج استرجاعه ما دام موجوداً . وأمّا مع عدم الرضا من الزوج وإنّما أعطاه من جهة استخلاص البنت ؛ حیث إنّ القریب مانع عن تمشیة الأمر مع رضاها بالتزویج بما بذل لها من المهر ، فیحرم أخذه وأکله ، ویجوز للزوج الرجوع فیه ؛ باقیاً کان أو تالفاً .
(مسألة 10) : إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن یتراضیا بعد العقد علیٰ شیء ؛ سواء کان بقدر مهر المثل أو أقلّ منه أو أکثر ، ویتعیّن ذلک مهراً وکان کالمذکور فی العقد .
(مسألة 11) : یجوز أن یجعل المهر کلّه حالاًّ - أی بلا أجل - ومؤجّلاً ، وأن یجعل بعضه حالاًّ وبعضه مؤجّلاً ، وللزوجة مطالبة الحالّ فی کلّ حال بشرط مقدرة الزوج والیسار ، بل لها أن تمتنع من التمکین وتسلیم نفسها حتّیٰ تقبض مهرها الحالّ ؛ سواء کان الزوج موسراً أو معسراً . نعم لیس لها الامتناع فیما لو کان المهر مؤجّلاً کلّه أو بعضه وقد أخذت بعضه الحالّ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 749 (مسألة 12) : یجوز أن یذکر المهر فی العقد فی الجملة ، ویفوّض تقدیره وتعیینه إلیٰ أحد الزوجین ؛ بأن تقول الزوجة – مثلاً - : «زوّجتک نفسی علیٰ ما تحکم - أو أحکم ـ من المهر» فقال : «قبلت» فإن کان الحاکم الذی فوّض إلیه تقدیر المهر فی العقد هو الزوج جاز أن یحکم بما شاء ولم یتقدّر بقدر لا فی طرف الکثرة ولا فی طرف القلّة ما دام متموّلاً ، وإن کان الحکم إلیها کان لها الحکم فی طرف القلّة بما شاءت ، وأمّا فی طرف الکثرة فلا یمضی حکمها فیما زاد علیٰ مهر السنّة ، وهو خمسمائة درهم .
(مسألة 13) : إذا طلّق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمّیٰ وبقی نصفه ، فإن کان دیناً علیه ولم یکن قد دفعه برئت ذمّته من نصفه ، وإن کان عیناً صارت مشترکة بینه وبینها ، ولو کان دفعه إلیها استعاد نصفه إن کان باقیاً . وإن کان تالفاً استعاد نصف مثله إن کان مثلیّاً ونصف قیمته إن کان قیمیّاً . وفی حکم التلف نقله إلی الغیر بناقل لازم ، وأمّا لو کان انتقاله منها إلی الغیر بناقل جائز کالبیع بخیار تخیّرت فی الرجوع ودفع نصف العین وفی دفع بدل النصف .
(مسألة 14) : إذا مات أحد الزوجین قبل الدخول ، فالمشهور : استحقاق المرأة تمام المهر ، وقیل بأنّ الموت کالطلاق یکون سبباً لتنصیف المهر ، وهو الأقویٰ خصوصاً فی موت المرأة ، وإن کان الأحوط التصالح خصوصاً فی موت الرجل .
(مسألة 15) : الصداق تملکه المرأة بنفس العقد وتستقرّ ملکیّة تمامه بالدخول ، فإذا طلّقها الزوج قبل الدخول عاد إلیه النصف وبقی للمرأة النصف ، فلها التصرّف فیه بعد العقد بأنواع التصرّفات ، ولو حصل له نماء کان لها خاصّة ، وبعدما طلّقها قبل الدخول کان له نصف ما وقع علیه العقد ، ولا یستحقّ من النماء السابق شیئاً .
(مسألة 16) : لو أبرأته من الصداق الذی کان علیه ثمّ طلّقها قبل الدخول ، رجع بنصفه إلیها ، وکذا لو کان الصداق عیناً فوهبته إیّاها ، رجع بنصف مثلها إلیها أو قیمة نصفها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 750 (مسألة 17) : الدخول الذی یستقرّ به تمام المهر هو مطلق الوط ء ولو دبراً ، وإذا اختلف الزوجان بعدما طلّقها فادّعت وقوع المواقعة وأنکرها فالقول قوله بیمینه ، وله أن یدفع الیمین عن نفسه بإقامة البیّنة علی العدم إن أمکن ، کما إذا ادّعت المواقعة قبلاً وکانت بکراً وکانت عنده بیّنة علیٰ بقاء بکارتها .
(مسألة 18) : إذا اختلف الزوجان فی أصل المهر فادّعته الزوجة وأنکر الزوج ، فإن کان قبل الدخول فالقول قوله بیمینه ، وإن کان بعد الدخول کلّفت بالتعیین ، بل لا یبعد عدم سماع الدعویٰ منها ما لم تفسّر ، وأنّه لا یسمع منها مجرّد قولها : «لی علیه المهر» ما لم تبیّن المقدار ، فإذا فسّرت وقالت : «إنّی أطلب منک مهری وهو المبلغ الفلانی» ولم یکن أزید من مهر المثل ، حکم لها علیه بما تدّعیه ولا یسمع منه إنکار أصل المهر . نعم لو قال فی جوابها : «نعم قد کان علیّ کذا إلاّ أنّه قد سقط عنّی ، إمّا بالأداء أو الإبراء» یسمع منه ذلک إلاّ أنّه یحتاج إلی الإثبات ، فإن أقامت البیّنة علیٰ ذلک ثبت مدّعاه وإلاّ فله علیها الیمین ، فإن حلفت علیٰ نفی الأداء أو الإبراء ثبتت دعواها ، وإن نکلت سقطت ، ولها ردّ الیمین علی الزوج ، فإن حلف علی الإبراء أو الأداء سقطت دعواها وإن نکل عن الیمین ثبتت . هذا لو کان ما تدّعیه بمقدار مهر المثل أو أقلّ ، وإن کان أکثر کان علیها الإثبات ، وإلاّ فلها علی الزوج الیمین .
(مسألة 19) : إذا توافقا علیٰ أصل المهر واختلفا فی مقداره ، کان القول قول الزوج بیمینه ، إلاّ إذا أثبتت الزوجة بالموازین الشرعیّة ، وکذا إذا ادّعت کون عین من الأعیان کدار أو بستان مهراً لها وأنکر الزوج فإنّ القول قوله بیمینه وعلیها البیّنة .
(مسألة 20) : إذا اختلفا فی التعجیل والتأجیل ، فقالت المرأة : «إنّه حالّ معجّل» وقال الزوج : «إنّه مؤجّل» ولم یکن بیّنة ، کان القول قولها بیمینها . وکذا لو اختلفا فی زیادة الأجل کما إذا ادّعت أنّه سنة وادّعیٰ أنّه سنتان .
(مسألة 21) : لو توافقا علی المهر وادّعیٰ تسلیمه ولا بیّنة ، فالقول قولها بیمینها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 751 (مسألة 22) : لو دفع إلیها قدر مهرها ثمّ اختلفا بعد ذلک فقالت : «دفعته هبة» وقال : «بل دفعته صداقاً» فالقول قوله بیمینه .
(مسألة 23) : إذا زوّج ولده الصغیر ، فإن کان للولد مال فالمهر علی الولد ، وإن لم یکن له مال فالمهر فی عهدة الوالد ، فلو مات الوالد اُخرج المهر من أصل ترکته ؛ سواء بلغ الولد وأیسر أم لا .
(مسألة 24) : لو دفع الوالد المهر الذی کان علیه من جهة إعسار الولد ، ثمّ بلغ الصبیّ فطلّق قبل الدخول استعاد الولد نصف المهر وکان له دون والده .
خاتمة فی الشروط المذکورة فی عقد النکاح
(مسألة 1) : یجوز أن یشترط فی ضمن عقد النکاح کلّ شرط سائغ ، ویجب علی المشروط علیه الوفاء به کما فی سائر العقود ، لکن تخلّفه أو تعذّره لایوجب الخیار فی عقد النکاح بخلاف سائر العقود . نعم لو کان الشرط الالتزام بوجود صفة فی أحد الزوجین ، مثل کون الزوجة باکرة أو کون الزوج حرّاً أو مؤمناً غیر مخالف ، فتبیّن خلافه ، أوجب الخیار کما مرّت الإشارة إلیه فی ضمن بعض المسائل السابقة .
(مسألة 2) : إذا شرط فی عقد النکاح ما یخالف المشروع ، مثل أن لا یتزوّج علیها أو لا یتسرّیٰ أو لا یمنعها من الخروج من المنزل متیٰ شاءت وإلیٰ أین شاءت أو لا یعطی حقّ ضرّتها من المضاجعة أو المواقعة أو النفقة ونحو ذلک ، بطل الشرط ، لکن صحّ العقد والمهر ؛ وإن قلنا بأنّ الشرط الفاسد یفسد العقد ، فبهذا أیضاً امتاز عقد النکاح عن سائر العقود .
(مسألة 3) : لو شرط أن لا یفتضّها ، لزم الشرط ، ولو أذنت بعد ذلک جاز ، من غیر فرق فی ذلک بین النکاح الدائم والمنقطع .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 752 (مسألة 4) : إذا شرط أن لا یخرجها من بلدها أو أن یسکنها فی بلد معلوم أو منزل مخصوص یلزم العمل بالشرط .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 753