وله شروط وأقسام ولواحق وأحکام :
القول فی شروطه
(مسألة 1) : یشترط فی الزوج المطلّق : البلوغ والعقل ، فلا یصحّ طلاق الصبیّ لا بالمباشرة ولا بتوکیل الغیر وإن کان ممیّزاً وله عشر سنین ؛ وإن کان الاحتیاط فی الطلاق الواقع ممّن بلغ العشر لا ینبغی ترکه ؛ لمکان بعض الأخبار وفتویٰ جماعة من الفقهاء بصحّته ، ولا طلاق المجنون مطبقاً أو أدواراً حال جنونه ، ویلحق به السکران ونحوه ممّن زال عقله .
(مسألة 2) : کما لایصحّ طلاق الصبیّ بالمباشرة والتوکیل ، کذلک لایصحّ طلاق ولیّه عنه کأبیه وجدّه فضلاً عن الوصیّ والحاکم . نعم لو بلغ فاسد العقل ، أو طرأ علیه الجنون بعد البلوغ طلّق عنه ولیّه مع مراعاة الغبطة والصلاح ، فإن لم یکن له أب وجدّ فالأمر إلی الحاکم ، وإن کان أحدهما معه فالأحوط أن یکون الطلاق منه مع الحاکم .
(مسألة 3) : ویشترط فی الزوج المطلّق : القصد والاختیار ؛ بمعنیٰ عدم الإکراه والإجبار ، فلا یصحّ طلاق غیر القاصد کالنائم والساهی والغالط ، بل الهازل الذی لایرید وقوع الطلاق جدّاً بل یتکلّم بلفظه هزلاً ، وکذا لایصحّ طلاق المکره الذی قد اُلزم علیٰ إیقاعه مع التوعید والتهدید علیٰ ترکه .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 774 (مسألة 4) : الإکراه هو حمل الغیر علیٰ إیجاد ما یکره إیجاده ، مع التوعید علیٰ ترکه بإیقاع ما یضرّ بحاله علیه ؛ نفساً أو عرضاً أو مالاً ، بشرط کون الحامل قادراً علیٰ إیقاع ما توعّد به مع العلم أو الظنّ بإیقاعه علیٰ تقدیر عدم امتثاله . ویلحق به موضوعاً أو حکماً ما إذا أمره بإیجاد ما یکرهه مع خوف المأموربه من عقوبته والإضرار علیه لو خالفه وإن لم یقع منه توعید أو تهدید ، ولا یلحق به موضوعاً ولا حکماً ما لو أوقع الفعل مخافة إضرار الغیر علیه بترکه من دون إلزام منه علیه ، فلو تزوّج علی امرأة ثمّ رأیٰ أنّه لو بقیت فی حباله لوقعت علیه وقیعة من بعض متعلّقیها - کأبیها أو أخیها - فالتجأ إلیٰ طلاقها فطلّقها ، فإنّه یصحّ طلاقها .
(مسألة 5) : لو قدر المأمور علیٰ دفع ضرر الآمر ببعض التفصّیات ممّا لیس فیه ضرر علیه - کالفرار والاستعانة بالغیر - لم یتحقّق الإکراه ، فلو أوقع الطلاق - مثلاً - حینئذٍ وقع صحیحاً . نعم لو قدر علی التوریة وأوقع الطلاق من دون توریة فالظاهر وقوعه مکرهاً علیه وباطلاً .
(مسألة 6) : لو أکرهه علیٰ طلاق إحدیٰ زوجتیه فطلّق إحداهما المعیّنة وقع مکرهاً علیه ، ولو طلّقهما معاً ففی وقوع طلاق إحداهما مکرهاً علیه فیعیّن بالقرعة أو صحّة کلیهما وجهان ، لایخلو أوّلهما من رجحان . وأمّا لو أکرهه علیٰ طلاق کلتیهما فطلّق إحداهما ، فالظاهر أنّه وقع مکرهاً علیه .
(مسألة 7) : لو أکرهه علیٰ أن یطلّق زوجته ثلاث طلقات بینهما رجعتان فطلّقها واحدة أو اثنین ، ففی وقوع ما أوقعه مکرهاً علیه إشکال ، إلاّ إذا کان ذلک بقصد احتمال التخلّص عن المکروه وأنّه لعلّ المکره اقتنع بما أوقعه وأغمض عمّا لم یوقعه .
(مسألة 8) : لو أوقع الطلاق عن إکراه ثمّ تعقّبه الرضا ، لم یفد ذلک فی صحّته ولیس کالعقد المکره علیه الذی تعقّبه الرضا .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 775 (مسألة 9) : لایعتبر فی الطلاق إطلاع الزوجة علیه فضلاً عن رضاها به .
(مسألة 10) : یشترط فی المطلّقة أن تکون زوجة دائمة فلا یقع الطلاق علی المتمتّع بها ، وأن تکون طاهراً من الحیض والنفاس فلایصحّ طلاقی الحائض والنفساء ، والمراد بهما ذات الدمین فعلاً أو حکماً کالنقاء المتخلّل فی البین ، فلو نقتا من الدمین ولمّا تغتسلا من الحدث صحّ طلاقهما ، وأن لا تکون فی طهر واقعها فیه زوجها .
(مسألة 11) : إنّما یشترط خلوّ المطلّقة من الحیض فی المدخول بها الحائل ، دون الغیر المدخول بها ، ودون الحامل بناءً علیٰ مجامعة الحیض للحمل کما هو الأقویٰ ، فإنّه یصحّ طلاقهما فی حال الحیض . وکذا یشترط ذلک فیما إذا کان الزوج حاضراً ؛ بمعنیٰ کونهما فی بلد واحد حین الطلاق ، وامّا إذا کان غائباً فیصحّ طلاقها وإن وقع فی حال الحیض ، لکن إذا لم یعلم حالها من حیث الطهر والحیض وتعذّر أو تعسّر علیه استعلامها ، فإذا علم أنّها فی حال الحیض ولو من جهة علمه بعادتها الوقتیّة علی الأظهر ، أو تمکّن من استعلام حالها وطلّقها فتبیّن وقوعه فی حال الحیض ، بطل الطلاق .
(مسألة 12) : إذا غاب الزوج ، فإن خرج فی حال حیضها لم یجز طلاقها إلاّ بعد مضیّ مدّة قطع بانقطاع ذلک الحیض ، فإن طلّقها بعد ذلک فی زمان لم یعلم بکونها حائضاً فی ذلک الزمان صحّ طلاقها وإن تبیّن وقوعه فی حال الحیض ، وإن خرج فی حال الطهر الذی لم یواقعها فیه طلّقها فی أیّ زمان لم یعلم بکونها حائضاً وصحّ طلاقها وإن صادف زمان الحیض ، وأمّا إن خرج فی الطهر الذی واقعها فیه ینتظر مضیّ زمان انتقلت بمقتضی العادة من ذلک الطهر إلیٰ طهر آخر ، ویکفی تربّص شهر ، والأحوط أن لا ینقص عن ذلک ، والأولیٰ تربّص ثلاثة أشهر ، فإذا أوقع الطلاق بعد التربّص لم یضرّ مصادفة الحیض فی الواقع ، بل الظاهر أنّه لایضرّ مصادفته للطهر الذی واقعها فیه ؛ بأن طلّقها بعد شهر
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 776 ـ مثلاً - ثمّ تبیّن أنّها لم تخرج من الطهر الأوّل إلیٰ ذاک الزمان .
(مسألة 13) : الحاضر الذی یتعذّر أو یتعسّر علیه معرفة حال المرأة - من حیث الطهر والحیض - کالغائب ، کما أنّ الغائب لو فرض إمکان علمه بحالها کان کالحاضر .
(مسألة 14) : یجوز الطلاق فی الطهر الذی واقعها فیه فی الیائسة والصغیرة وفی الحامل والمسترابة ؛ وهی المرأة التی کانت فی سنّ من تحیض ولا تحیض ؛ لخلقة أو عارض ، لکن یشترط فی الأخیرة - یعنی المسترابة - مضیّ ثلاثة أشهر من زمان المواقعة ، فإذا أراد تطلیق هذه المرأة اعتزلها ثلاثة أشهر ثمّ طلّقها ، فلو طلّقها قبل مضیّ ثلاثة أشهر من حین المواقعة لم یقع الطلاق .
(مسألة 15) : لایشترط فی تربّص ثلاثة أشهر فی المسترابة أن یکون اعتزاله عنها لأجل ذلک وبقصد أن یطلّقها بعد ذلک ، فلو واقعها ثمّ لم یتّفق له المواقعة بسبب من الأسباب إلیٰ أن مضیٰ ثلاثة أشهر ، ثمّ بدا له أن یطلّقها ، صحّ طلاقها فی الحال ولم یحتج إلیٰ تجدید الاعتزال .
(مسألة 16) : لو واقعها فی حال الحیض لم یصحّ طلاقها فی الطهر الذی بعد تلک الحیضة ، بل لابدّ من إیقاعه فی طهر آخر بعد حیض آخر ؛ لأنّ ما هو شرط فی الحقیقة هو کونها مستبرأة بحیضة بعد المواقعة ، لا مجرّد وقوع الطلاق فی طهر غیر طهر المواقعة .
(مسألة 17) : یشترط فی صحّة الطلاق تعیّن المطلّقة ؛ بأن یقول : «فلانة طالق» أو یشیر إلیها بما یرفع الإبهام والإجمال ، فلو کانت له زوجة واحدة فقال : «زوجتی طالق» صحّ ، بخلاف ما إذا کانت له زوجتان أو أکثر وقال : «زوجتی طالق» فإنّه لایصحّ إلاّ إذا نویٰ فی نفسه معیّنة ، ویقبل تفسیره بمعیّنة من غیر یمین .
القول فی الصیغة
(مسألة 1) : لایقع الطلاق إلاّ بصیغة خاصّة ، وهی قوله : «أنتِ طالق» أو «فلانة . . .» أو «هذه . . .» أو ما شاکلها من الألفاظ الدالّة علیٰ تعیین المطلّقة ، فلایقع بقوله : «أنتِ - أو هی ـ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 777 مطلّقة» أو «طلّقت فلانة» فضلاً عن بعض الکنایات کقوله : «أنت خلیّة» أو « . . . بریّة» أو «حبلک علیٰ غاربک» أو «الحقی بأهلک» وغیر ذلک ، فإنّه لایقع بها الطلاق وإن نواه ، حتّیٰ قوله : «اعتدّی» المنویّ به الطلاق علی الأقویٰ .
(مسألة 2) : یجوز إیقاع طلاق أکثر من زوجة واحدة بصیغة واحدة ، فلو کانت عنده زوجتان أو ثلاث فقال : «زوجتای طالقان» أو «زوجاتی طوالق» صحّ طلاق الجمیع .
(مسألة 3) : لایقع الطلاق بما یرادف الصیغة المزبورة من لغة غیر عربیّة مع القدرة علیٰ إیقاعه بتلک الصیغة ، وأمّا مع العجز عنها فیجزی إیقاعه بما یرادفها بأیّ لغة کان ، وکذا لایقع بالإشارة ولا بالکتابة مع القدرة علی النطق ، وأمّا مع العجز عنه کما فی الأخرس فیصحّ منه إیقاعه بهما ، والأحوط تقدیم الکتابة لمن یعرفها علی الإشارة .
(مسألة 4) : یجوز للزوج أن یوکّل غیره فی تطلیق زوجته بنفسه ؛ بالمباشرة أو بتوکیل غیره ؛ سواء کان الزوج غائباً أو حاضراً ، بل وکذا له أن یوکّل نفس الزوجة فی تطلیق نفسها بنفسها أو بتوکیل غیرها .
(مسألة 5) : یجوز أن یوکّلها علیٰ أنّه لو طال سفره أزید من ثلاثة شهور - مثلاً - أو سامح فی إنفاقها أزید من شهر - مثلاً - طلّقت نفسها ، لکن بشرط أن یکون الشرط قیداً للموکّل فیه لا تعلیقاً فی الوکالة ، فتبطل کما مرّ فی کتاب الوکالة .
(مسألة 6) : یشترط فی صیغة الطلاق التنجیز ، فلو علّقه بشرط بطل ؛ سواء کان ممّا یحتمل وقوعه کما إذا قال : «أنتِ طالق إن جاء زید» أو ممّا یتیقّن حصوله کما إذا قال : « . . . إذا طلعت الشمس» نعم لایبعد جواز تعلیقه بما یکون معلّقاً علیه فی الواقع کما إذا قال : «إن کانت فلانة زوجتی فهی طالق» سواء کان عالماً بأنّها زوجته أو جاهلاً به .
(مسألة 7) : لو کرّر صیغة الطلاق ثلاثاً فقال : «هی طالق هی طالق هی طالق» من دون تخلّل رجعة فی البین قاصداً تعدّد الطلاق تقع واحدة ولغت الاُخریان ، ولو قال : «هی طالق ثلاثاً» لم تقع الثلاث قطعاً ، وهل تقع واحدة کالصورة السابقة أو یبطل الطلاق ولغت
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 778 الصیغة بالمرّة ؟ قولان ، أقواهما الثانی ، وإن کان الأشهر هو الأوّل وعند العامّة وقوع الثلاث فی الصورتین ، فتبین منه وحرمت علیه حتّیٰ تنکح زوجاً غیره .
(مسألة 8) : لو کان الزوج من العامّة ممّن یعتقد وقوع الثلاث بثلاث مرسلة أو مکرّرة وأوقع الطلاق ثلاثاً بأحد النحوین اُلزم بذلک ؛ سواء کانت المرأة شیعیّة أو مخالفة ونرتّب نحن علیها آثار المطلّقة ثلاثاً ، فلو رجع إلیها نحکم ببطلانه فنتزوّج بها بعد انقضاء العدّة . وکذلک الزوجة إذا کانت شیعیّة جاز لها التزویج بالغیر ، ولافرق فی ذلک بین الطلاق ثلاثاً وغیره ؛ ممّا هو صحیح عندهم فاسد عندنا ؛ کالطلاق المعلّق والحلف بالطلاق والطلاق فی طهر المواقعة والحیض وبغیر شاهدین ، فإنّ المذکورات وإن کانت فاسدة عندنا ، فإذا وقعت من رجل منّا لا نرتّب علیٰ زوجته آثار المطلّقة ، ولکن إذا وقعت من أحد من المخالفین القائلین بصحّتها ، نرتّب علیٰ طلاقه بالنسبة إلیٰ زوجته آثار الطلاق الصحیح ، فنتزوّج بها بعد انقضاء العدّة ، وهذا الحکم جارٍ فی غیر الطلاق أیضاً ، فنأخذ بالعول والتعصیب منهم المیراث - مثلاً - مع أنّهما باطلان عندنا ، والتفصیل لایسع هذا المختصر .
(مسألة 9) : یشترط فی صحّة الطلاق - زائداً علیٰ ما مرّ - الإشهاد ؛ بمعنیٰ إیقاعه بحضور عدلین ذکرین یسمعان الإنشاء ؛ سواء قال لهما : «اشهدا» أو لم یقل . ویعتبر اجتماعهما حین سماع الإنشاء ، فلو شهد أحدهما وسمع فی مجلس ثمّ کرّر اللفظ وسمع الآخر فی مجلس آخر بانفراده لم یقع الطلاق . نعم لو شهدا بإقراره بالطلاق لم یعتبر اجتماعهما ؛ لا فی تحمّل الشهادة ولا فی أدائها . ولا اعتبار بشهادة النساء وسماعهنّ ؛ لا منفردات ولا منضمّات بالرجال .
(مسألة 10) : لو طلّق الوکیل عن الزوج لا یکتفیٰ به مع عدل آخر فی الشاهدین ، کما أنّه لا یکتفیٰ بالموکّل مع عدل آخر .
(مسألة 11) : المراد بالعدل فی هذا المقام ما هو المراد به فی غیر المقام ممّا رتّب علیه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 779 بعض الأحکام ؛ وهو من کانت له حالة رادعة عن ارتکاب الکبائر والإصرار علی الصغائر ، وهی التی تسمّیٰ بالملکة . والکاشف عنها حسن الظاهر ؛ بمعنیٰ کونه عند الناس حسن الأفعال بحیث لو سئلوا عن حاله قالوا فی حقّه : «هو رجل خیر لم نرَ منه إلاّ خیراً» ومثل هذا الشخص لیس عزیز المنال .
(مسألة 12) : لو کان الشاهدان عادلین فی اعتقاد المطلّق - أصیلاً کان أو وکیلاً - فاسقین فی الواقع ، یشکل ترتیب آثار الطلاق الصحیح لمن یطّلع علیٰ فسقهما ، وکذلک إذا کانا عادلین فی اعتقاد الوکیل دون الموکّل ، فإنّه یشکل جواز ترتیب آثار الطلاق علیٰ طلاقه ، بل الأمر فیه أشکل من سابقه .
القول فی أقسام الطلاق
الطلاق نوعان : بدعیّ وسنّی
فالأوّل : هو الغیر الجامع للشرائط المتقدّمة ، وهو علیٰ أقسام فاسدة عندنا صحیحة عند غیرنا ، فالبحث عنها لا یهمّنا .
والثانی : ما جمع الشرائط فی مذهبنا ، وهو قسمان : بائن ورجعی ، فالبائن ما لیس للزوج الرجوع إلیها بعده ؛ سواء کانت لها عدّة أم لا وهو ستّة : الأوّل : الطلاق قبل الدخول . الثانی : طلاق الصغیرة ؛ أعنی من لم تبلغ التسع وإن دخل بها . الثالث : طلاق الیائسة ، وهذه الثلاث لیست لها عدّة کما یأتی . الرابع والخامس : طلاق الخلع والمباراة مع عدم رجوع الزوجة فیما بذلت ، وإلاّ کانت له الرجعة . السادس : الطلاق الثالث إذا وقع منه رجوعان فی البین بین الأوّل والثانی وبین الثانی والثالث ، وأمّا إذا وقع الثلاث متوالیة بلا رجعة صحّت ووقعت واحدة کما مرّ .
(مسألة 1) : إذا طلّقها ثلاثاً مع تخلّل رجعتین حرمت علیه ولو بعقد جدید ، ولاتحلّ له إلاّ بعد أن تنکح زوجاً غیره ، فإذا نکحها غیره ثمّ فارقها بموت أو طلاق وانقضت عدّتها جاز للأوّل نکاحها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 780 (مسألة 2) : کلّ امرأة حرّة - وإن کانت تحت عبد - إذا استکملت الطلاق ثلاثاً مع تخلّل رجعتین فی البین ، حرمت علی المطلّق حتّیٰ تنکح زوجاً غیره ؛ سواء واقعها بعد کلّ رجعة وطلّقها فی طهر آخر غیر طهر المواقعة - وهذا یقال له طلاق العدّة - أو لم یواقعها ؛ سواء وقع کلّ طلاق فی طهر أو وقع الجمیع فی طهر واحد ، فلو طلّقها مع الشرائط ثمّ راجعها ثمّ طلّقها ثمّ راجعها فی مجلس واحد حرمت علیه ، فضلاً عمّا إذا طلّقها ثمّ راجعها ثمّ ترکها حتّیٰ حاضت وطهرت ثمّ طلّقها وراجعها ثمّ ترکها حتّیٰ حاضت وطهرت ثمّ طلّقها . هذا فی الحرّة ، وأمّا الأمة فإذا طلّقت طلاقین بینهما رجعة حرمت علیٰ زوجها حتّیٰ تنکح زوجاً غیره وإن کانت تحت حرّ .
(مسألة 3) : العقد الجدید بحکم الرجوع فی الطلاق ، فلو طلّقها ثلاثاً بینها عقدان مستأنفان ، حرمت علیه حتّیٰ تنکح زوجاً غیره ؛ سواء لم تکن لها عدّة کما إذا طلّقها قبل الدخول ثمّ عقد علیها ثمّ طلّقها ثمّ عقد علیها ثمّ طلّقها ، أو کانت ذات عدّة وعقد علیها بعد انقضاء العدّة .
(مسألة 4) : المطلّقة ثلاثاً إذا نکحت زوجاً آخر وفارقها بموت أو طلاق حلّت للزوج الأوّل وجاز له العقد علیها بعد انقضاء العدّة من الزوج الثانی ، فإذا طلّقها ثلاثاً حرمت علیه - أیضاً - حتّیٰ تنکح زوجاً آخر وإن کان ذاک الزوج الثانی فی الثلاثة الاُولیٰ ، فإذا فارقها حلّت للأوّل ، فإذا عقد علیها وطلّقها ثلاثاً حرمت علیه حتّیٰ تنکح زوجاً غیره ، وهکذا تحرم علیه بعد کلّ طلاق ثالث وتحلّ له بنکاح الغیر بعده وإن طلّقت مائة مرّة . نعم لو طلّقت تسعاً طلاق العدّة بالتفسیر الذی أشرنا إلیه حرمت علیه أبداً ؛ وذلک بأن طلّقها ثمّ راجعها ثمّ واقعها ثمّ طلّقها فی طهر آخر ثمّ راجعها ثمّ واقعها ثمّ طلّقها فی طهر آخر ، وهذا هو طلاق العدّة ، فإذا حلّت للمطلّق بنکاح زوج آخر ، وعقد علیها ثمّ طلّقها ثلاثاً - کالثلاثة الاُولیٰ ـ ثمّ حلّت له بمحلّل آخر ثمّ عقد علیها ثمّ طلّقها ثلاثاً – کالاُولیین - حرمت علیه أبداً .
وبالجملة : إنّما توجب تسع طلقات الحرمة المؤبّدة إذا وقع طلاق العدّة ثلاث مرّات ، ویعتبر فیه أمران : أحدهما تخلّل رجعتین ، فلایکفی وقوع عقدین مستأنفین ولا وقوع رجعة وعقد مستأنف فی البین . الثانی وقوع المواقعة بعد کلّ رجعة ، فطلاق العدّة مرکّب من ثلاث طلقات ؛ اثنتان منها رجعیّة وواحدة منها بائنة ، فإذا وقعت ثلاثة منه حتّیٰ کملت
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 781 تسع طلقات حرمت علیه أبداً . هذا ، والأحوط الاجتناب عن المطلّقة تسعاً مطلقاً وإن لم تکن الجمیع طلاق العدّة .
(مسألة 5) : إنّما یوجب التحریم الطلقات الثلاث إذا لم تنکح فی البین زوجاً آخر ، وأمّا إن تزوّجت للغیر انهدم حکم ما سبق وتکون کأنّها غیر مطلّقة ، ویتوقّف التحریم علیٰ إیقاع ثلاث طلقات مستأنفة .
(مسألة 6) : قد مرّ : أنّ المطلّقة ثلاثاً تحرم علی المطلّق حتّیٰ تنکح زوجاً غیره . ویعتبر فی زوال التحریم به اُمور ثلاثة : الأوّل : أن یکون الزوج المحلّل بالغاً ، فلا اعتبار بنکاح غیر البالغ وإن کان مراهقاً . الثانی : أن یطأها قبلاً وط ء موجباً للغسل بغیبوبة الحشفة أو مقدارها من مقطوعها ، وهل یعتبر الإنزال ؟ فیه إشکال ، الأحوط اعتباره . الثالث : أن یکون العقد دائماً لا متعة .
(مسألة 7) : لو طلّقها ثلاثاً وانقضت مدّة ، فادّعت أنّها تزوّجت وفارقها الزوج الثانی ومضت العدّة واحتمل صدقها ، صدّقت ویقبل قولها بلا یمین ، فللزوج الأوّل أن ینکحها بعقد جدید ولیس علیه الفحص والتفتیش ، والأحوط الاقتصار علیٰ ما إذا کانت ثقة أمینة .
(مسألة 8) : إذا دخل المحلّل ، فادّعت الدخول ولم یکذّبها ، صدّقت وحلّت للزوج الأوّل ، وإن کذّبها لایبعد قبول قولها أیضاً ، لکنّ الأحوط الاقتصار علیٰ صورة حصول الاطمئنان بصدقها . ولو ادّعت الإصابة ثمّ رجعت عن قولها ، فإن کان قبل أن یعقد الأوّل علیها لم تحلّ له ، وإن کان بعد العقد علیها لم یقبل رجوعها .
(مسألة 9) : لا فرق فی الوط ء المعتبر فی المحلّل بین المحرّم والمحلّل ، فلو وطئها محرّماً - کالوط ء فی الإحرام أو فی الصوم الواجب أو فی الحیض ونحو ذلک - کفیٰ فی حصول التحلیل للزوج الأوّل .
(مسألة 10) : لو شکّ الزوج فی إیقاع أصل الطلاق علیٰ زوجته ، لم یلزمه الطلاق ، بل یحکم ظاهراً ببقاء علقة النکاح ، ولو علم بأصل الطلاق وشکّ فی عدده بنیٰ علی الأقلّ ؛ سواء
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 782 کان الطرف الأکثر الثلاث أو التسع ، فلایحکم مع الشکّ بالحرمة الغیر المؤبّدة فی الأوّل وبالحرمة الأبدیّة فی الثانی . نعم لو شکّ بین الثلاث والتسع یشکل البناء علی الأوّل ؛ بحیث تحلّ له بالمحلّل .
القول فی العدد
إنّما یجب الاعتداد باُمور ثلاثة : الفراق بین الزوج والزوجة بطلاق أو فسخ أو انفساخ فی العقد الدائم وانقضاء مدّة أو بذلها فی المتعة ، وموت الزوج ، ووط ء الشبهة .
فصل فی عدّة الفراق ؛ طلاقاً کان أو غیره
(مسألة 1) : لا عدّة علیٰ من لم یدخل بها ولا علی الصغیرة - وهی من لم تکمل التسع ، وإن دخل بها - ولا علی الیائسة ؛ سواء بانت فی ذلک کلّه بطلاق أو فسخ أو هبة مدّة أو انقضائها .
(مسألة 2) : یتحقّق الدخول بإیلاج تمام الحشفة قبلاً أو دبراً وإن لم ینزل ، بل وإن کان مقطوع الاُنثیین .
(مسألة 3) : یتحقّق الیأس ببلوغ ستّین فی القرشیّة وخمسین فی غیرها ، والأحوط مراعاة الستّین مطلقاً بالنسبة إلی التزویج بالغیر وخمسین کذلک بالنسبة إلی الرجوع إلیها .
(مسألة 4) : لو طلّقت ذات الأقراء قبل بلوغ سنّ الیأس ورأت الدم مرّة أو مرّتین ثمّ یئست ، أکملت العدّة بشهر أو شهرین ، وکذلک ذات الشهور إذا اعتدّت شهراً أو شهرین ثمّ یئست ، أتمّت ثلاثة .
(مسألة 5) : المطلّقة ومن اُلحقت بها إن کانت حاملاً فعدّتها مدّة حملها ، وتنقضی بأن تضع حملها ولو بعد الطلاق بلا فصل ؛ سواء کان تامّاً أو غیر تامّ ولو کان مضغة أو علقة إن تحقّق أنّه حمل .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 783 (مسألة 6) : إنّما تنقضی العدّة بالوضع إذا کان الحمل ملحقاً بمن له العدّة ، فلاعبرة بوضع من لم یلحق به فی انقضاء عدّته ، فلو کانت حاملاً من زناً قبل الطلاق أو بعده لم تخرج من العدّة بالوضع ، بل یکون انقضاؤها بالأقراء والشهور کغیر الحامل ، فوضع هذا الحمل لا أثر له أصلاً لا بالنسبة إلی الزانی - لأنّه لا عدّة له - ولا بالنسبة إلی المطلّق - لأنّ الولد لیس له - نعم إذا حملت من وط ء الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحیث یلحق الولد بالواطئ لا بالزوج ، فوضعه سبب لانقضاء العدّة ، لکن بالنسبة إلی الواطئ لا بالنسبة إلی الزوج المطلّق .
(مسألة 7) : لو کانت حاملاً باثنین - مثلاً - بانت بوضع الأوّل ، فلا رجعة للزوج بعده ، ولاتنکح زوجاً إلاّ بعد وضع الأخیر علی الأحوط فیهما .
(مسألة 8) : لو وطئت شبهة فحملت واُلحق الولد بالواطئ لبعد الزوج عنها أو لغیر ذلک ثمّ طلّقها الزوج أو طلّقها ثمّ وطئت شبهة علیٰ نحو اُلحق الولد بالواطئ کانت علیها عدّتان : عدّة لوط ء الشبهة تنقضی بالوضع ، وعدّة للطلاق تستأنفها فیما بعده ، وکان مدّتها بعد انقضاء نفاسها .
(مسألة 9) : إذا ادّعت المطلّقة الحامل : أنّها وضعت فانقضت عدّتها وأنکر الزوج ، أو انعکس فادّعی الوضع وأنکرت هی ، أو ادّعت الحمل وأنکر ، أو ادّعت الحمل والوضع معاً ، وأنکرهما یقدّم قولها فی الجمیع بیمینها .
(مسألة 10) : لو اتّفق الزوجان علیٰ إیقاع الطلاق ووضع الحمل واختلفا فی المتقدّم والمتأخّر فقال الزوج مثلاً : «وضعت بعد الطلاق فانقضت عدّتک» وقالت الزوجة : «وضعت قبل الطلاق والطلاق وقع وأنا حائل فبعد أنا فی العدّة» أو انعکس فقال الزوج : «وضعت قبل الطلاق فأنت فی العدّة» ویرید الرجوع إلیها وادّعت الزوجة خلافه ، فالظاهر أ نّه یقدّم قول
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 784 من یدّعی بقاء العدّة ؛ سواء کان هو الزوج أو الزوجة ؛ من غیر فرق بین ما لم یتّفقا علیٰ زمان أحدهما ، کما إذا ادّعیٰ أحدهما أنّ الطلاق کان فی شعبان والوضع فی رمضان وادّعی الآخر العکس ، أو اتّفقا علیٰ زمان أحدهما ، کما إذا اتّفقا علیٰ أنّ الطلاق وقع فی رمضان واختلفا فی زمان الوضع فقال أحدهما : «أنّه کان فی شوّال» وادّعی الآخر : «أنّه کان فی شعبان» أو اتّفقا فی أنّ الوضع کان فی رمضان واختلفا فی أنّ الطلاق کان فی شوّال أو شعبان .
(مسألة 11) : إذا طلّقت الحائل أو انفسخ نکاحها ، فإن کانت مستقیمة الحیض ؛ بأن تحیض فی کلّ شهر مرّة - کما هو المتعارف فی الأغلب - کانت عدّتها ثلاثة قروء ، وکذا إذا تحیض فی کلّ شهر أزید من مرّة أو تری الدم فی کلّ شهرین مرّة ، وبالجملة : کان الطهر الفاصل بین حیضتین منها أقلّ من ثلاثة أشهر . وإن کانت لاتحیض وهی فی سنّ من تحیض - إمّا لکونها صغیرة السنّ لم تبلغ الحدّ الذی تری الحیض غالب النساء ، وإمّا لانقطاع حیضها لمرض أو حمل أو رضاع - کانت عدّتها ثلاثة أشهر ، وتلحق بها من تحیض لکنّ الطهر الفاصل بین حیض وحیض منها ثلاثة أشهر أو أزید . هذا فی الحرّة وإن کانت تحت عبد ، وأمّا الأمة وإن کانت تحت حرّ فعدّتها قرءان فی الأوّل ، وخمسة وأربعون یوماً فی الثانی .
(مسألة 12) : المراد بالقروء والقرءین : الأطهار والطهرین ، ویکفی فی الطهر الأوّل مسمّاه ولو قلیلاً ، فلو طلّقها وقد بقیت من طهرها لحظة یحسب ذلک طهراً ، فإذا رأت طهرین آخرین تامّین بتخلّل حیضة بینهما فی الحرّة ، وطهر آخر تامّ بین حیضتین فی الأمة ، انقضت العدّة ، فانقضاؤها برؤیة الدم الثالث أو الثانی . نعم لو اتّصل آخر صیغة الطلاق بأوّل زمان الحیض صحّ الطلاق ، لکن لابدّ فی انقضاء العدّة من أطهار تامّة ، فتنقضی برؤیة الدم الرابع فی الحرّة ورؤیة الدم الثالث فی الأمة .
(مسألة 13) : بناءً علیٰ کفایة مسمّی الطهر فی الطهر الأوّل ولو لحظة ، وإمکان أن تحیض المرأة فی شهر واحد أزید من مرّة ، فأقلّ زمان یمکن أن تنقضی عدّة الحرّة ستّة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 785 وعشرون یوماً ولحظتان ؛ بأن کان طهرها الأوّل لحظة ثمّ تحیض ثلاثة أیّام ثمّ تریٰ أقلّ الطهر عشرة أیّام ثمّ تحیض ثلاثة أیّام ثمّ تریٰ أقلّ الطهر عشرة أیّام ثمّ تحیض ، فبمجرّد رؤیة الدم الأخیر لحظة من أوّله انقضت العدّة ، وهذه اللحظة الأخیرة خارجة عن العدّة وإنّما یتوقّف علیها تمامیّة الطهر الثالث ، هذا فی الحرّة ، وأمّا فی الأمة فأقلّ ما یمکن انقضاء عدّتها لحظتان وثلاثة عشر یوماً .
(مسألة 14) : عدّة المتعة فی الحامل وضع حملها ، وفی الحائل إذا کانت تحیض قرءان ، والمراد بهما هنا حیضتان علی الأقویٰ ، وإن کانت لا تحیض وهی فی سنّ من تحیض فخمسة وأربعون یوماً ، ولا فرق بین کون المتمتّع بها حرّة أو أمة . والمراد من الحیضتین الکاملتان ، فلو وهبت مدّتها أو انقضت فی أثناء الحیض لم تحسب بقیّة تلک الحیضة من الحیضتین .
(مسألة 15) : المدار فی الشهور علی الهلالی ، فإن وقع الطلاق فی أوّل رؤیة الهلال فلا إشکال ، وأمّا إن وقع فی أثناء الشهر ففیه خلاف وإشکال ، ولعلّ الأقویٰ فی النظر جعل الشهرین الوسطین هلالیّین وإکمال الأوّل من الرابع بمقدار ما فات منه .
(مسألة 16) : لو اختلفا فی انقضاء العدّة وعدمه قدّم قولها بیمینها ؛ سواء ادّعت الانقضاء أو عدمه ، وسواء کانت عدّتها بالأقراء أو الأشهر .
القول فی عدّة الوفاة
(مسألة 1) : عدّة الحرّة المتوفّیٰ عنها زوجها - وإن کانت تحت عبد - أربعة أشهر وعشرة أیّام إذا کانت حائلاً ؛ صغیرة کانت أو کبیرة ، یائسة کانت أو غیرها ، وسواء کانت مدخولاً بها أو غیرها ، ودائمة کانت أو منقطعة ، وکانت من ذوات الأقراء أو غیرها . وأمّا إن کانت حاملاً فعدّتها أبعد الأجلین ؛ من وضع الحمل والمدّة المزبورة ، فلو وضعت قبل تلک المدّة لم تنقض العدّة ، وکذا لو تمّت المدّة ولمّا وضعت بعد . هذا فی الحرّة ، وأمّا الأمة - وإن کانت تحت حرّ - ففیها خلاف ، والأحوط مساواتها للحرّة ، فتعتدّ بأربعة أشهر وعشراً
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 786 إن کانت حائلاً ، وبأبعد الأجلین منها ومن وضع الحمل إن کانت حاملاً کالحرّة .
(مسألة 2) : المراد بالأشهر هی الهلالیّة ، فإن مات عند رؤیة الهلال اعتدّت بأربعة أشهر هلالیّات وضمّت إلیها من الشهر الخامس عشرة أیّام ، وإن مات فی أثناء الشهر فالأظهر أنّها تجعل ثلاثة أشهر هلالیّات فی الوسط وأکملت الأوّل بمقدار ما مضیٰ منه من الشهر الخامس حتّیٰ صارت ثلاثة أشهر هلالیّات وشهراً ملفّقاً ، وتضیف إلیها من الشهر الخامس عشرة أیّام .
(مسألة 3) : لو طلّقها ثمّ مات قبل انقضاء العدّة ، فإن کان رجعیّاً بطلت عدّة الطلاق واعتدّت من حین موته عدّة الوفاة ، فإن کانت حائلاً اعتدّت أربعة أشهر وعشراً ، وإن کانت حاملاً اعتدّت بأبعد الأجلین منها ومن وضع الحمل کغیر المطلّقة ، وإن کانت بائناً اقتصرت علیٰ إتمام عدّة الطلاق ولا عدّة علیها بسبب الوفاة .
(مسألة 4) : یجب علی المرأة فی وفاة زوجها الحداد ما دامت فی العدّة ، والمراد به ترک الزینة فی البدن بمثل التکحیل والتطیّب والخضاب وتحمیر الوجه والخطاط ونحوها ، وفی اللباس بلبس الأحمر والأصفر والحلیّ ونحوها . وبالجملة : ترک کلّ ما یعدّ زینة یتزیّن به للزوج فی الأوقات المناسبة له فی العادة کالأعیاد والأعراس ونحوها ، ویختلف ذلک بحسب الأشخاص والأزمان والبلاد ، فیلاحظ فی کلّ بلد ما هو المعتاد والمتعارف فیه للتزیّن . نعم لا بأس بتنظیف البدن واللباس وتسریح الشعر وتقلیم الأظفار ودخول الحمّام والافتراش بالفراش الفاخر والسکنیٰ فی المساکن المزیّنة وتزیین أولادها وخدمها .
(مسألة 5) : الأقویٰ أنّ الحداد لیس شرطاً فی صحّة العدّة ، بل هو تکلیف علیٰ حدة فی زمانها ، فلو ترکته عصیاناً أو جهلاً أو نسیاناً فی تمام المدّة أو بعضها لم یجب علیها استئنافها أو تدارک مقدار ما اعتدّت بدونه .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 787 (مسألة 6) : لا فرق فی وجوب الحداد بین المسلمة والذمّیة ، کما أنّه لا فرق - علی الظاهر - بین الدائمة والمنقطعة . نعم لایبعد عدم وجوبه علیٰ من قصرت مدّة تمتّعها کیوم أو یومین أو ساعة أو ساعتین . وهل یجب علی الصغیرة والمجنونة أم لا ؟ قولان ، أشهرهما الوجوب ؛ بمعنیٰ وجوبه علیٰ ولیّهما فیجنّبهما عن التزیین ما دامتا فی العدّة ، وفیه تأمّل وإن کان أحوط .
(مسألة 7) : لا حداد علی الأمة ؛ لا من موت سیّدها ولا من موت زوجها إذا کانت مزوّجة .
(مسألة 8) : یجوز للمعتدّة بعدّة الوفاة أن تخرج من بیتها فی زمان عدّتها والتردّد فی حوائجها ، خصوصاً إذا کانت ضروریة ، أو کان خروجها لاُمور راجحة کالحجّ والزیارة وعیادة المرضیٰ وزیارة أرحامها ولاسیّما والدیها ، نعم ینبغی بل الأحوط أن لا تبیت إلاّ فی بیتها الذی کانت تسکنه فی حیاة زوجها ؛ بأن تخرج بعد الزوال وترجع عند العشیّ ، أو تخرج بعد نصف اللیل وترجع صباحاً .
(مسألة 9) : لا إشکال فی أنّ مبدأ عدّة الطلاق من حین وقوعه ؛ حاضراً کان الزوج أو غائباً ، بلغ الزوجة الخبر أم لا ، فلو طلّقها غائباً ولم یبلغها إلاّ بعد مدّة - ولو کانت سنة أو أکثر - فقد انقضت عدّتها ولیس علیها عدّة بعد بلوغ الخبر إلیها . ومثل عدّة الطلاق عدّة الفسخ والانفساخ علی الظاهر ، وکذا عدّة وط ء الشبهة وإن کان الأحوط الاعتداد من حین ارتفاع الشبهة ، بل هذا الاحتیاط لایترک . وأمّا عدّة الوفاة ، فإذا مات غائباً ، فعدّتها من حین بلوغ الخبر إلیها ، ولایبعد عدم اختصاص الحکم بصورة غیبة الزوج ، بل یعمّ صورة حضوره – أیضاً - إذا خفی علیها موته لمرض أو حبس أو غیر ذلک ، فتعتدّ من حین إخبارها بموته .
(مسألة 10) : لایعتبر فی الإخبار الموجب للاعتداد من حینه ، کونه حجّة شرعیّة ، فلا یعتبر أن یکون من عدلین بل ولا عدل واحد . نعم لایجوز لها التزویج بالغیر ما لم تقم حجّة شرعیّة علیٰ موته ، ولا تکتفی بمجرّد بلوغ الخبر . وفائدته - إذا لم یکن حجّة - : أنّه بعدما ثبت موته شرعاً یکتفی بالاعتداد من حین البلوغ ولایحتاج إلی الاعتداد من حین الثبوت .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 788 (مسألة 11) : لو علمت بالطلاق ولم تعلم وقت وقوعه حتّیٰ تحسب العدّة من ذلک الوقت ، اعتدّت من الوقت الذی تعلم بعدم تأخّره عنه ، والأحوط أن تعتدّ من حین بلوغ الخبر إلیها ، بل هذا الاحتیاط لا یترک .
(مسألة 12) : إذا فقد الرجل وغاب غیبة منقطعة ولم یبلغ منه خبر ولا ظهر منه أثر ولم یعلم موته ولا حیاته ، فإن بقی له مال تنفق به زوجته أو کان له ولیّ یتولّیٰ اُموره ویتصدّیٰ لإنفاقها أو متبرّع للإنفاق علیها ، وجب علیها الصبر والانتظار ، ولایجوز لها أن تتزوّج أبداً حتّیٰ تعلم بوفاة الزوج أو طلاقه ، وإن لم یکن له مال ولا من ینفق علیها ، فإن صبرت فلها ذلک ، وإن لم تصبر وأرادت الزواج رفعت أمرها إلی الحاکم الشرعی فیؤجّلها أربع سنین من حین رفع الأمر إلیه ، ثمّ یتفحّص عنه فی تلک المدّة ، فإن لم یتبیّن لا موته ولا حیاته ، فإن کان للغائب ولیّ - أعنی من کان یتولّیٰ اُموره بتفویضه أو توکیله - یأمره الحاکم بطلاق المرأة ، وإن لم یقدم علی الطلاق أجبره الحاکم علیه ، فإن لم یکن له ولیّ أو کان ولم یقدم علی الطلاق ولم یمکن إجباره علیه طلّقها الحاکم ، ثمّ تعتدّ أربعة أشهر وعشراً عدّة الوفاة ، فإذا تمّت هذه الاُمور جاز لها التزویج بلا إشکال ، وإن کان اعتبار بعضها محلّ التأمل والنظر ، إلاّ أنّ الجمیع هو الأحوط .
(مسألة 13) : لیست للفحص والطلب کیفیّة خاصّة ، بل المدار ما یعدّ طلباً وفحصاً وتفتیشاً ، ویتحقّق ذلک ببعث من یعرف المفقود رعایة باسمه وشخصه أو بحلیته إلیٰ مظانّ وجوده للظفر به ، وبالکتابة ونحوها کالتلغراف المتداول فی هذه الأعصار إلیٰ من یعرفه لیتفقّد عنه فی بلده ، وبالالتماس من المسافرین کالزوّار والحجّاج والتجّار وغیرهم ؛ بأن یتفقّدوا عنه فیمسیرهم ومنازلهم ومقامهم وبالاستخبارمنهم إذا رجعوا من أسفارهم .
(مسألة 14) : لا یشترط فی المبعوث والمکتوب إلیه والمستخبرین منهم من المسافرین العدالة ، بل تکفی الوثاقة .
(مسألة 15) : لایعتبر أن یکون الفحص بالبعث أو الکتابة ونحوها من الحاکم ، بل یکفی کونه من کلّ أحد حتّیٰ نفس الزوجة إذا کان بأمره بعد رفع الأمر إلیه ، فإذا رفعت أمرها إلیه فقال : «تفحّصوا عنه إلیٰ أن تمضی أربع سنین» ثمّ تصدّت الزوجة أو تصدّیٰ بعض أقاربها للفحص والطلب حتّیٰ مضت المدّة کفیٰ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 789 (مسألة 16) : مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام ، ولایعتبر فیه الاتّصال التامّ بل هو - علی الظاهر - نظیر تعریف اللقطة سنة کاملة ؛ یکفی فیه تصدّی الطلب عنه ؛ بحیث یصدق عرفاً أنّه قد تفحّص عنه فی تلک المدّة .
(مسألة 17) : المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لأمثال ذلک وما هو المعتاد ، فلا یعتبر استقصاء الممالک والبلاد ، ولا یعتنیٰ بمجرّد إمکان وصوله إلیٰ مکان ولا بالاحتمالات البعیدة ، بل إنّما یتفحّص عنه فی مظانّ وجوده فیه ووصوله إلیه ، وما احتمل فیه ذلک احتمالاً قریباً .
(مسألة 18) : إذا علم أنّه قد کان فی بلد معیّن فی زمان ثمّ انقطع أثره ، یتفحّص عنه أوّلاً فی ذلک البلد علی المعتاد ، فیکتفی التفقّد عنه فی جوامعه ومجامعه وأسواقه ومتنزّهاته ومستشفیاته وخاناته المعدّة لنزول الغرباء ونحوها . ولایلزم استقصاء تلک المحالّ بالتفتیش أو السؤال ، بل یکفی الاکتفاء بالبعض المعتدّ به من مشتهراتها . وینبغی ملاحظة زیّ المفقود وصنعته وحرفته فیتفقّد عنه فی المحالّ المناسبة له ویسأل عنه من أبناء صنفه وحرفته ؛ مثلاً إذا کان من طلبة العلم فالمحلّ المناسب له المدارس ومجامع العلم وینبغی أن یسأل عنه من العلماء والطلبة ، بخلاف ما إذا کان من غیرهم کما إذا کان جندیّاً مثلاً ، فإذا تمّ الفحص فی ذلک البلد ولم یظهر منه أثر ولم یعلم موته ولا حیاته ، فإن لم یحتمل انتقاله منه إلیٰ محلّ آخر بقرائن الأحوال ، سقط الفحص والسؤال ، واکتفیٰ بانقضاء مدّة التربّص أربع سنین ، وإن احتمل الانتقال ، فإن تساوت الجهات فی احتمال انتقاله منه إلیها تفحّص عنه فی تلک الجهات ولا یلزم الاستقصاء بالتفتیش فی کلّ قریة قریة ولا فی کلّ بلدة بلدة ، بل یکفی الاکتفاء ببعض المحالّ المهمّة والمشتهرة فی کلّ جهة ؛ مراعیاً للأقرب ثمّ الأبعد إلی البلد الأوّل ، وإن کان الاحتمال فی بعضها أقویٰ جاز جعل محلّ الفحص ذلک البعض والاکتفاء به ، خصوصاً إذا بعد احتمال انتقاله إلیٰ غیره . وإذا علم أنّه قد کان فی مملکة کالهند أو إیران أو العراق أو سافر إلیها ثمّ انقطع أثره کفیٰ أن یتفحّص عنه مدّة التربّص فی بلادها المشهورة التی تشدّ إلیها الرحال . وإن سافر إلیٰ بلد معیّن من مملکة کالعراقی سافر إلیٰ خراسان ، یکفی الفحص عنه فی البلاد والمنازل الواقعة فی طریقه إلیٰ ذلک البلد وفی نفس ذلک البلد ، ولا ینظر إلی الأماکن البعیدة عن الطریق ، فضلاً
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 790 عن البلاد الواقعة فی أطراف المملکة . وإذا خرج من منزله مریداً للسفر أو هرب ولا یدری إلیٰ أین توجّه وانقطع أثره ، تفحّص عنه مدّة التربّص فی الأطراف والجوانب ممّا یحتمل قریباً وصوله إلیه ، ولا ینظر إلیٰ ما بعد احتمال توجّهه إلیه .
(مسألة 19) : قد عرفت أنّ الأحوط أن یکون الفحص والطلاق بعد رفع أمرها إلی الحاکم ، فإذا لم یمکن الوصول إلیه ، فإن کان للحاکم وکیل ومأذون فی التصدّی للاُمور الحسبیّة فلایبعد قیامه مقامه فی هذا الأمر ومع عدمه فالظاهر قیام عدول المؤمنین مقامه .
(مسألة 20) : إذا علم أنّ الفحص لاینفع ولا یترتّب علیه أثر ، فالظاهر سقوط وجوبه ، وکذا لو حصل الیأس من الاطّلاع علیٰ حاله فی أثناء المدّة ، فیکفی مضیّ المدّة فی جواز طلاقها وزواجها .
(مسألة 21) : یجوز لها اختیار البقاء علی الزوجیّة بعد رفع الأمر إلی الحاکم قبل أن تطلّق ولو بعد تحقّق الفحص وانقضاء الأجل ، فلیست هی ملزَمة باختیار الطلاق ، ولها أن تعدل عن اختیار البقاء إلی اختیار الطلاق ، وحینئذٍ لایلزم تجدید ضرب الأجل والفحص بل یکتفیٰ بالأوّل .
(مسألة 22) : الظاهر أنّ العدّة الواقعة بعد الطلاق عدّة طلاق ؛ وإن کانت بقدر عدّة الوفاة أربعة أشهر وعشراً ویکون الطلاق رجعیّاً ، فتستحقّ النفقة فی أیّامها وإذا ماتت یرثها لو کان فی الواقع حیّاً ، وإذا تبیّن موته فیها ترثه ولیس علیها حداد بعد الطلاق .
(مسألة 23) : إذا تبیّن موته قبل انقضاء المدّة أو بعده قبل الطلاق ، وجب علیها عدّة الوفاة . وإذا تبیّن بعد انقضاء العدّة اکتفی بها ؛ سواء کان التبیّن قبل التزویج أو بعده ، وسواء کان موته المتبیّن وقع قبل العدّة أو بعدها أو فی أثنائها أو بعد التزویج ، وأمّا لو تبیّن موته فی أثناء العدّة ، فهل یکتفی بإتمامها أو تستأنف عدّة الوفاة من حین التبیّن ؟ وجهان بل قولان ، أحوطهما الثانی لو لم یکن الأقویٰ .
(مسألة 24) : إذا جاء الزوج بعد الفحص وانقضاء الأجل ، فإن کان قبل الطلاق فهی زوجته ، وإن کان بعدما تزوّجت بالغیر فلا سبیل له علیها ، وإن کان فی أثناء العدّة فله
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 791 الرجوع إلیها کما أنّ له إبقاؤها علیٰ حالها حتّیٰ تنقضی عدّتها وتبین عنه ، وأمّا إن کان بعد انقضاء العدّة وقبل التزویج ففی جواز رجوعها إلیها وعدمه قولان ، أقواهما الثانی .
(مسألة 25) : إذا حصل لزوجة الغائب بسبب القرائن وتراکم الأمارات العلم بموته ، جاز لها بینها وبین اللّه أن تتزوّج بعد العدّة من دون حاجة إلیٰ مراجعة الحاکم ، ولیس لأحد علیها اعتراض ما لم یعلم کذبها فی دعوی العلم . نعم فی جواز الاکتفاء بقولها واعتقادها لمن أراد تزویجها وکذا لمن یصیر وکیلاً عنها فی إیقاع العقد علیها إشکال . والأحوط أن تتزوّج ممّن لم یطّلع بالحال ولم یدر أنّ زوجها قد فقد ، ولم یکن فی البین إلاّ دعواها بأنّها عالمة بموته ، بل یقدم علیٰ تزویجها مستنداً إلیٰ دعواها أنّها خلیّة وبلا مانع ، وکذلک توکّل من کان کذلک .
القول فی عدّة وط ء الشبهة
والمراد به وط ء الأجنبیّة بشبهة أنّها حلیلته ؛ إمّا لشبهة فی الموضوع کما إذا وطئ مرأة باعتقاد أنّها زوجته فتبیّن أنّها أجنبیّة ، وإمّا لشبهة فی الحکم کما إذا عقد علیٰ اُخت الموطوء معتقداً صحّته ودخل بها .
(مسألة 1) : لا عدّة علی المزنیّ بها ؛ سواء حملت من الزنا أم لا علی الأقویٰ ، وأمّا الموطوءة شبهة فعلیها العدّة ؛ سواء کانت ذات بعل أو خلیّة ، وسواء کانت الشبهة من الطرفین أو من طرف الواطئ خاصّة ، وأمّا إن کانت من طرف الموطوءة خاصّة ففیه قولان ، أحوطهما لزوم العدّة ، بل لایخلو من قوّة .
(مسألة 2) : عدّة وط ء الشبهة کعدّة الطلاق بالأقراء والشهور ، وبوضع الحمل لو حملت من هذا الوط ء علی التفصیل المتقدّم ، ومن لم یکن علیها عدّة الطلاق کالصغیرة والیائسة لیس علیها هذه العدّة أیضاً .
(مسألة 3) : إذا کانت الموطوءة شبهة ذات بعل ، لایجوز لزوجها وطؤها فی مدّة عدّتها ، وهل یجوز له سائر الاستمتاعات منها أم لا ؟ قولان ، أحوطهما الثانی وأقواهما الأوّل . والظاهر أنّه لا تسقط نفقتها فی أیّام العدّة وإن قلنا بحرمة جمیع الاستمتاعات علیه .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 792 (مسألة 4) : إذا کانت خلیّة ، یجوز لواطئها أن یتزوّج بها فی زمن عدّتها ، بخلاف غیره فإنّه لایجوز له ذلک علی الأقویٰ .
(مسألة 5) : لا فرق فی حکم وط ء الشبهة - من حیث العدّة وغیرها - بین أن یکون مجرّداً أو یکون بعد العقد ؛ بأن وطئ المعقود علیها بشبهة صحّة العقد مع فساده واقعاً .
(مسألة 6) : إذا کانت معتدّة بعدّة الطلاق أو الوفاة فوطئت شبهة ، أو وطئت ثمّ طلّقها ، أو مات عنها زوجها ، فعلیها عدّتان عند المشهور ، وهو الأحوط لو لم یکن الأقویٰ ، فإن کانت حاملاً من أحدهما تقدّم عدّة الحمل ، فبعد وضعه تستأنف العدّة الاُخریٰ أو تستکمل الاُولیٰ ، وإن کانت حائلاً یقدّم الأسبق منهما ، وبعد تمامها استقبلت عدّة اُخریٰ من الآخر .
(مسألة 7) : إذا طلّق زوجته بائناً ثمّ وطئها شبهة ، اعتدّت عدّة اُخریٰ علی التفصیل المتقدّم فی المسألة السابقة .
(مسألة 8) : الموجب للعدّة اُمور : الوفاة ، والطلاق بأقسامه ، والفسخ بالعیوب ، والانفساخ بمثل الارتداد أو الإسلام أو الرضاع ، والوط ء بالشبهة مجرّداً عن العقد أو معه ، وانقضاء المدّة أو هبتها ، ویشترط فی الجمیع کونها مدخولاً بها عدا الأوّل والوط ء بالشبهة.
(مسألة 9) : قد مرّ سابقاً : أنّه لا عدّة علیٰ من لم یدخل بها ، فلیعلم أنّه إذا طلّقها رجعیّاً بعد الدخول ثمّ رجع ثمّ طلّقها قبل الدخول ، لایجری علیه حکم الطلاق قبل الدخول حتّیٰ لایحتاج إلی العدّة ؛ من غیر فرق بین کون الطلاق الثانی رجعیّاً أو بائناً . وأمّا إذا طلّقها بائناً ثمّ جدّد نکاحها فی أثناء العدّة ثمّ طلّقها قبل الدخول ففی جریان حکم الطلاق قبل الدخول علیه وعدمه وجهان بل قولان ، أحوطهما الثانی . وبحکمه ما إذا عقد علیها بالعقد المنقطع ثمّ وهب مدّتها بعد الدخول ثمّ تزوّجها ثمّ طلّقها قبل الدخول ، فیشکل ما ربّما یحتال فی نکاح جماعة فی یوم واحد بل فی مجلس واحد امرأة شابّة ذات عدّة مع دخول الجمیع بها ، وذلک بأن یتمتّع بها أحدهم ثمّ یهب مدّتها بعد الدخول ثمّ یعقد علیها ثمّ یطلّقها قبل الدخول ، ثمّ یفعل بها الثانی ما فعل بها الأوّل وهکذا ، بزعمهم أنّه لا عدّة علیها ؛ أمّا من العقد الأوّل فبسبب وقوع العقد الثانی ، وأمّا من العقد الثانی فلأنّه طلّقها قبل الدخول .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 793 (مسألة 10) : المطلّقة بالطلاق الرجعی زوجة أو بحکم الزوجة ، ما دامت فی العدّة ، فیترتّب علیها آثار الزوجیة ؛ من استحقاق النفقة والسکنیٰ والکسوة إذا لم تکن ولم تصر ناشزة ، ومن التوارث بینهما لو مات أحدهما فی العدّة ، وعدم جواز نکاح اُختها والخامسة ، وکون کفنها وفطرتها علیه . وأمّا البائنة کالمختلعة والمبارأة والمطلّقة ثلاثاً ، فلایترتّب علیها آثار الزوجیة أصلاً لا فی زمن العدّة ولا بعده ؛ لانقطاع العصمة بینهما بالمرّة . نعم إذا کانت حاملاً من زوجها استحقّت النفقة والکسوة والسکنیٰ علیه حتّیٰ تضع حملها ، کما مرّ فی باب النفقات من کتاب النکاح .
(مسألة 11) : قد عرفت أنّه لا توارث بین الزوجین فی الطلاق البائن مطلقاً ، وفی الرجعی بعد انقضاء العدّة ، لکنّه إذا طلّقها مریضاً ترثه الزوجة ما بین الطلاق وبین سنة ؛ بمعنیٰ أنّه إن مات الزوج بعد ما طلّقها فی حال المرض ، فإن کان موته بعد سنة من حین الطلاق ولو یوماً أو أقلّ لا ترثه ، وإن کان بمقدار سنة وما دونها ترثه ؛ سواء کان الطلاق رجعیّاً أو بائناً . وذلک بشروط ثلاثة : الأوّل : أن لا تتزوّج المرأة ، فلو طلّقها فی حال المرض وتزوّجت بعد انقضاء العدّة ثمّ مات الزوج قبل انقضاء سنة لم ترثه . الثانی : أن لا یبرأ الزوج من المرض الذی طلّقها فیه ، فلو برئ من ذلک المرض ثمّ مرض ثمّ مات فی أثناء السنة لم ترثه ، إلاّ إذا کان موته فی أثناء العدّة الرجعیّة . الثالث : أن لایکون الطلاق بالتماس منها ، فلا ترث المختلعة والمبارأة ؛ لأنّ الطلاق إنّما هو بالتماس منهما .
(مسألة 12) : لایجوز لمن طلّق رجعیّاً أن یخرج المطلّقة من بیته حتّیٰ تنقضی عدّتها ، إلاّ أن تأتی بفاحشة ؛ أعلاها ما أوجب الحدّ ، وأدناها أن تؤذی أهل البیت بالشتم وبذائة اللسان . وکذا لایجوز لها الخروج بدون إذن الزوج إلاّ لضرورة أو لأداء واجب مضیّق .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 794
القول فی الرجعة
وهی ردّ المطلّقة فی زمان عدّتها إلیٰ نکاحها السابق ، فلا رجعة فی البائنة ولا فی الرجعیّة بعد انقضاء العدّة .
(مسألة 1) : الرجعة إمّا بالقول ، وهو کلّ لفظ دلّ علیٰ إنشاء الرجوع کقوله : «راجعتکِ» أو «رجّعتک» أو «ارتجعتک إلیٰ نکاحی» ، أو دلّ علی الإمساک بزوجیّتها کقوله : «رددتک إلیٰ نکاحی» أو «أمسکتک فی نکاحی» . ویجوز فی الجمیع إسقاط قوله «إلیٰ نکاحی» و«فی نکاحی» . ولا یعتبر فیه العربیّة ، بل یقع بکلّ لغة إذا کان بلفظ أفاد المعنی المقصود فی تلک اللغة ، وإمّا بالفعل ؛ بأن یفعل بها ما لا یحلّ إلاّ للزوج بحلیلته ، کالوط ء والتقبیل واللمس بشهوة أو بدونها .
(مسألة 2) : لاتتوقّف حلّیّة الوط ء وما دونه من التقبیل واللمس علیٰ سبق الرجوع لفظاً ، ولا علیٰ قصد الرجوع به ؛ لما عرفت سابقاً من أنّ المطلّقة الرجعیّة زوجة أو بحکم الزوجة فیستباح منها للزوج ما یستباح منها . وهل یعتبر فی کونه رجوعاً أن یقصد به الرجوع ؟ قولان ، أقواهما العدم ، بل یحتمل قویّاً کونه رجوعاً وإن قصد العدم . نعم لا عبرة بفعل الغافل والساهی والنائم ونحوها ممّا لا قصد فیه للفعل ، کما لا عبرة بالفعل المقصود به غیر المطلّقة ، کما لو واقعها باعتقاد أنّها غیرها .
(مسألة 3) : لو أنکر أصل الطلاق وهی فی العدّة ، کان ذلک رجوعاً وإن علم کذبه .
(مسألة 4) : لا یعتبر الإشهاد فی الرجعة ، وإن استحبّ دفعاً لوقوع التخاصم والنزاع ، وکذا لایعتبر فیها إطلاع الزوجة علیها ، فإن راجعها عند نفسه من دون إطلاع أحد صحّت الرجعة وعادت إلی النکاح السابق واقعاً ، لکن لو ادّعاها بعد انقضاء المدّة ولم تصدّقه الزوجة لم تسمع دعواه ، غایة الأمر له علیها یمین نفی العلم لو ادّعیٰ علیها العلم بذلک ، کما أنّه لو ادّعی الرجوع الفعلی کالوط ء وأنکرته کان القول قولها بیمینها ، لکنّه علی البتّ لا علیٰ نفی العلم .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 795 (مسألة 5) : إذا اتّفقا علی الرجوع وانقضاء العدّة واختلفا فی المتقدّم منهما فادّعی الزوج أنّ المتقدّم هو الرجوع ، وادّعت هی أنّ المتقدّم انقضاء العدّة ، فإن تعیّن زمان الانقضاء ، وادّعی الزوج أنّ رجوعه کان قبله فوقع فی محلّه ، وادّعت هی وقوعه بعده فوقع فی غیر محلّه ، فالأقرب أنّ القول قوله بیمینه ، وإن کان بالعکس ؛ بأن تعیّن زمان الرجوع وأنّه یوم الجمعة - مثلاً - وادّعی الزوج أنّ انقضاء العدّة کان فی یوم السبت ، وادّعت هی أنّه کان فی یوم الخمیس ، فالقول قولها بیمینها .
(مسألة 6) : لو طلّق وراجع ، فأنکرت هی الدخول بها قبل الطلاق ؛ لئلا تکون علیها عدّة ولا تکون له الرجعة ، وادّعیٰ هو الدخول ، کان القول قولها مع یمینها .
(مسألة 7) : الظاهر أنّ جواز الرجوع فی الطلاق الرجعی حکم شرعی غیر قابل للإسقاط ، ولیس حقّاً قابلاً للإسقاط کالخیار فی البیع الخیاری ، فلو قال الزوج : «أسقطت ما کان لی من حقّ الرجوع» لم یسقط ، وکان له الرجوع بعد ذلک ، وکذلک إذا صالح عنه بعوض أو بغیر عوض .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 796
کتاب الخلع والمباراة
(مسألة 1) : الخلع هو الطلاق بفدیة من الزوجة الکارهة لزوجها ، فهو قسم من الطلاق ویعتبر فیه جمیع شروط الطلاق المتقدّمة ، ویزید علیها بأنّه یعتبر فیه کراهة الزوجة لزوجها خاصّة ، فإن کانت الکراهة من الطرفین کان مباراة ، وإن کان من طرف الزوج خاصّة لم یکن خلعاً ولا مباراة .
(مسألة 2) : الظاهر وقوع الخلع بکلّ من لفظی الخلع والطلاق مجرّداً کلّ منهما عن الآخر أو منضمّاً ، فبعدما أنشأت الزوجة بذل الفدیة لیخلعها - مثلاً - یجوز أن یقول : «خلعتکِ علیٰ کذا» أو «أنت مختلعة علیٰ کذا» ویکتفی به ، أو یتبعه بقوله : «فأنت طالق علیٰ کذا» أو یقول : «أنت طالق علیٰ کذا» ویکتفی به ، أو یتبعه بقوله : «فأنت مختلعة علیٰ کذا» .
(مسألة 3) : الخلع وإن کان قسماً من الطلاق - وهو من الإیقاعات - إلاّ أنّه یشبه العقود فی الاحتیاج إلیٰ طرفین وإنشاءین : بذل شیء من طرف الزوجة لیطلّقها الزوج ، وإنشاء الطلاق من طرف الزوج بما بذلت ، ویقع ذلک علیٰ نحوین : الأوّل : أن یقدّم البذل من طرفها علیٰ أن یطلّقها ، فیطلّقها علیٰ ما بذلت . الثانی : أن یبتدئ الزوج بالطلاق مصرّحاً بذکر العوض فتقبّل الزوجة بعده ، والأحوط أن یکون الترتیب علی النحو الأوّل ، بل هذا الاحتیاط لایترک .
(مسألة 4) : یعتبر فی صحّة الخلع عدم الفصل بین إنشاء البذل والطلاق بما لایخلّ بالفوریّة العرفیّة ، فلو أخلّ بها بطل الخلع ولم یستحقّ الزوج العوض ، ولکن لم یبطل
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 797 الطلاق ووقع رجعیّاً مع فرض اجتماع شرائطه ، وإلاّ کان بائناً .
(مسألة 5) : یجوز أن یکون البذل والطلاق بمباشرة الزوجین أو بتوکیلهما الغیر أو بالاختلاف ، ویجوز أن یوکّلا شخصاً واحداً لیبذل عنها ویطلّق عنه ، بل الظاهر أنّه یجوز لکلّ منهما أن یوکّل الآخر فیما هو من طرفه ، فیکون أصیلاً فیما یرجع إلیه ووکیلاً فیما یرجع إلی الآخر .
(مسألة 6) : یصحّ التوکیل فی الخلع فی جمیع ما یتعلّق به ؛ من شرط العوض وتعیینه وقبضه وإیقاع الطلاق ، ومن المرأة فی جمیع ما یتعلّق بها من استدعاء الطلاق وتقدیر العوض وتسلیمه .
(مسألة 7) : إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجین : فإمّا أن تبدأ الزوجة وتقول : «بذلت لک - أو أعطیتک ـ ما علیک من المهر ـ أو الشیء الفلانی ـ لتطلّقنی» فیقول فوراً : «أنت طالق ـ أو مختلعة بکسر اللام ـ علیٰ ما بذلت» أو « . . . علیٰ ما أعطیت» . وإمّا أن یبتدئ الزوج بعدما تواطئا علی الطلاق بعوض ، فیقول : «أنت طالق - أو مختلعة ـ بکذا» أو « . . . علیٰ کذا» فتقول فوراً : «قبلت» أو «رضیت» . وإن وقع من وکیلین یقول وکیل الزوجة مخاطباً لوکیل الزوج : «عن قبل موکّلتی فلانة بذلت لموکّلک ما علیه من المهر ـ أو المبلغ الفلانی ـ لیخلعها ولیطلّقها» ، فیقول وکیل الزوج فوراً : «زوجة موکّلی طالق علیٰ ما بذلت» ، أو یقول : «عن قبل موکّلی خلعت موکّلتک علیٰ ما بذلت» . وإن وقع من وکیل أحدهما مع الآخر کوکیل الزوجة مع الزوج یقول وکیلها مخاطباً للزوج : «عن قبل موکّلتی فلانة ـ أو زوجتک ـ بذلت لک ما علیک من المهر ـ أو الشیء الفلانی ـ علیٰ أن تطلّقها» فیقول الزوج فوراً : «هی ـ أو زوجتی ـ طالق علیٰ ما بذلت» . أو یبتدئ الزوج مخاطباً لوکیلها : «موکّلتک ـ أو زوجتی فلانة ـ طالق علیٰ کذا» فیقول : «عن قبل موکّلتی قبلت ذلک» ، وإن وقع ممّن کان وکیلاً عن الطرفین یقول : «عن قبل موکّلتی فلانة بذلت لموکّلی فلان الشیء الفلانی لیطلّقها» ثمّ یقول فوراً : «زوجة موکّلی طالق علیٰ ما بذلت» ، أو یبتدئ من طرف الزوج ویقول : «زوجة موکّلی طالق علی الشیء الفلانی» ثمّ یقول من طرف الزوجة : «عن قبل موکّلتی قبلت» ، ولو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 798 فرض أنّ الزوجة وکّلت الزوج فی البذل یقول : «عن قبل موکّلتی زوجتی بذلت لنفسی کذا لاُطلّقها» ثمّ یقول فوراً : «هی طالق علیٰ ما بذلت» .
(مسألة 8) : یجوز أن یکون البذل من طرف الزوجة ؛ باستدعائها الطلاق من الزوج بعوض معلوم بأن تقول له : «طلّقنی ـ أو اخلعنی ـ بکذا» فیقول فوراً : «أنت طالق ـ أو مختلعة ـ بکذا» فیتمّ الخلع ، والأحوط إتباعه بالقبول منها بأن تقول بعد ذلک : «قبلت» .
(مسألة 9) : یشترط فی تحقّق الخلع بذل الفداء عوضاً عن الطلاق ، ویجوز الفداء بکلّ متموّل ؛ من عین أو دین أو منفعة ، قلّ أو کثر وإن زاد عن المهر المسمّیٰ ، فإن کان عیناً حاضراً یکفی فیه المشاهدة ، وإن کان کلّیاً فی الذمّة أو غائباً ذکر جنسه ووصفه وقدره ، فلو جعل الفداء ألف ولم یذکر المراد فسد الخلع . ویصحّ جعل الفداء إرضاع ولده لکن مشروطاً بتعیین المدّة . وإذا جعل کلّیّاً فی ذمّتها یجوز جعله حالاًّ ومؤجّلاً ، مع تعیین الأجل بما لا إجمال فیه .
(مسألة 10) : یصحّ بذل الفداء منها ومن وکیلها ؛ بأن یبذل وکالة عنها من مالها الموجود أو بمال فی ذمّتها . وهل یصحّ ممّن یضمنه فی ذمّته بإذنها فیرجع إلیها بعد البذل بأن تقول لشخص : «اطلب من زوجی أن یطلّقنی بألف درهم - مثلاً - علیک ، وبعدما دفعتها إلیه ارجع إلیّ» ففعل ذلک وطلّقها الزوج علیٰ ذلک ؟ وجهان ، بل قولان ، لایخلو أوّلهما من رجحان . نعم الظاهر أنّه لا یصحّ من المتبرّع الذی یبذل من ماله من دون رجوع إلیها ، فلو قالت الزوجة لزوجها : «طلّقنی علیٰ دار زید ، أو ألف فی ذمّته» فطلّقها علیٰ ذلک وقد أذن زید فی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 799 ذلک ، أو أجاز بعد ذلک لم یصحّ الخلع ، وکذا لو وکّلت زیداً علیٰ أن یطلب من زوجها أن یطلّقها علیٰ ذلک فطلّقها علیٰ ذلک .
(مسألة 11) : إذا قال أبوها : «طلّقها وأنت بریء من صداقها» وکانت بالغة رشیدة فطلّقها صحّ الطلاق وکان رجعیّاً ، ولم تبرأ ذمّته بذلک ما لم تبرئ ، ولم یلزم علیها الإبراء ولا یضمنه الأب .
(مسألة 12) : لو جعلت الفداء مال الغیر أو ما لا یملکه المسلم کالخمر مع العلم بذلک بطل البذل ، فبطل الخلع وکان الطلاق رجعیّاً ، وأمّا لو جعلته مال الغیر مع الجهل بأنّه مال الغیر ، فالمشهور صحّة الخلع وضمانها للمثل أو القیمة وفیه تأمّل .
(مسألة 13) : یشترط فی الخلع أن تکون الزوجة کارهة للزوج من دون عکس کما مرّ ، والأحوط أن تکون الکراهة شدیدة ؛ بحیث یخاف من قولها أو فعلها أو غیرهما الخروج عن الطاعة والوقوع فی المعصیة .
(مسألة 14) : الظاهر أنّه لا فرق بین أن تکون الکراهة المشترطة فی الخلع ذاتیّة ناشئة من خصوصیات الزوج ، کقبح منظره وسوء خلقه وفقره وغیر ذلک ، وبین أن تکون ناشئة من بعض العوارض ، مثل وجود الضرّة وعدم إیفاء الزوج بعض الحقوق المستحبّة أو الواجبة کالقسم والنفقة . نعم إن کانت الکراهة وطلب المفارقة من جهة إیذاء الزوج لها بالسبّ والشتم والضرب ونحوها ، فترید تخلیص نفسها منه ، فبذلت شیئاً لیطلّقها فطلّقها ، لم یتحقّق الخلع وحرم علیه ما یأخذه منها ، ولکن الطلاق صحّ رجعیّاً .
(مسألة 15) : لو طلّقها بعوض مع عدم الکراهة وکون الأخلاق ملتئمة لم یصحّ الخلع ولم یملک العوض ، ولکن صحّ الطلاق ، فإن کان مورداً للطلاق الرجعی کان رجعیّاً ، وإلاّ کان بائناً .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 800 (مسألة 16) : طلاق الخلع بائن لایقع فیه الرجوع ما لم ترجع المرأة فیما بذلت ، ولها الرجوع فیه ما دامت فی العدّة ، فإذا رجعت کان له الرجوع إلیها .
(مسألة 17) : الظاهر اشتراط جواز رجوعها فی المبذول بإمکان رجوعه بعد رجوعها ، فلو لم یجز له الرجوع ، کالمطلّقة ثلاثاً وکما إذا کانت المختلعة ممّن لیست لها عدّة کالیائسة وغیر المدخول بها ، لم یکن لها الرجوع فی البذل ، بل لایبعد عدم صحّة رجوعها فیما بذلت مع فرض عدم علمه بذلک إلی انقضاء محلّ رجوعه ، فلو رجعت عند نفسها ولم یطّلع علیه الزوج حتّی انقضت العدّة لا أثر لرجوعها .
(مسألة 18) : المباراة قسم من الطلاق ، فیعتبر فیه جمیع شروطه المتقدّمة ، ویعتبر فیه ما یشترط فی الخلع من الفدیة والکراهة ، فهی کالخلع طلاق بعوض ما تبذله المرأة ، وتقع بلفظ الطلاق مجرّداً بأن یقول الزوج بعدما بذلت المرأة له شیئاً لیطلّقها : «أنت طالق علیٰ ما بذلت» وبلفظ «بارأتک» متبعاً بلفظ «الطلاق» بأن یقول الزوج : «بارأتک علیٰ کذا فأنت طالق» ولا یقع بلفظ «بارأتک» مجرّداً .
(مسألة 19) : المباراة وإن کانت کالخلع لکنّها تفارقه باُمور ثلاثة : أحدها : أنّها تترتّب علیٰ کراهة کلّ من الزوجین لصاحبه ، بخلاف الخلع فإنّه یترتّب علیٰ کراهة الزوجة خاصّة کما مرّ . ثانیها : أنّه یشترط فیها أن لا تکون الفداء أکثر من مهرها ، بل الأحوط أن یکون أقلّ منه ، بخلاف الخلع فإنّه فیه علیٰ ما تراضیا به ؛ ساوی المهر أو زاد علیه أو نقص عنه . ثالثها : أنّه إذا أوقعت بلفظ «بارأت» یجب فیه إتباعه بالطلاق بقوله : «فأنت - أو هی - طالق» بخلاف الخلع إذ یجوز أن یوقعه بلفظ الخلع مجرّداً کما مرّ ، وإن قیل فیه أیضاً بوجوب إتباعه بالطلاق ، لکنّ الأقویٰ خلافه کما مرّ .
(مسألة 20) : طلاق المباراة بائن کالخلع ، لیس للزوج فیه رجوع إلاّ أن ترجع الزوجة فی الفدیة قبل انقضاء العدّة ، فله الرجوع حینئذٍ إلیها کما تقدّم فی الخلع .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 801