وهی استنابة فی الحفظ ، وبعبارة اُخریٰ : هی وضع المال عند الغیر لیحفظه لمالکه ، ویطلق کثیراً علی المال الموضوع . ویقال لصاحب المال : المودع ، ولذلک الغیر : الودعی والمستودع . وهی عقد یحتاج إلی الإیجاب ، وهو کلّ لفظ دالّ علیٰ تلک الاستنابة کأن یقول :«أودعتک هذا المال» أو «احفظه» أو «هو ودیعة عندک» ونحو ذلک ، والقبول الدالّ علی الرضا بالنیابة فی الحفظ ، ولا یعتبر فیها العربیّة ، بل تقع بکلّ لغة . ویجوز أن یکون الإیجاب باللفظ والقبول بالفعل ؛ بأن قال له المالک مثلاً : هذا المال ودیعة عندک ، فتسلّم المال لذلک ، بل یصحّ وقوعها بالمعاطاة ؛ بأن یسلّم مالاً إلیٰ أحد بقصد أن یکون محفوظاً عنده ویحفظه فتسلّمه بهذا العنوان .
(مسألة 1) : لو طرح ثوباً - مثلاً - عند أحد ، وقال : هذا ودیعة عندک ، فإن قبلها بالقول أو الفعل الدالّ علیه ولو بالسکوت الدالّ علی الرضا بذلک ، صار ودیعة وترتّبت علیها أحکامها ، بخلاف ما إذا لم یقبلها حتّیٰ فیما إذا طرحه المالک عنده بهذا القصد وذهب عنه ، فلو ترکه من قصد استیداعه وذهب ، لم یکن علیه ضمان وإن کان الأحوط القیام بحفظه مع الإمکان .
(مسألة 2) : إنّما یجوز قبول الودیعة لمن کان قادراً علیٰ حفظها ، فمن کان عاجزاً لم یجز له قبولها علی الأحوط .
(مسألة 3) : الودیعة جائزة من الطرفین ، فللمالک استرداد ماله متیٰ شاء وللمستودع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 419 ردّه کذلک ، ولیس للمودع الامتناع من قبوله . ولو فسخها المستودع عند نفسه انفسخت وزالت الأمانة المالکیّة ، وصار المال عنده أمانة شرعیّة ، فیجب علیه ردّه إلیٰ مالکه أو إلیٰ من یقوم مقامه ، أو إعلامه بالفسخ وکون المال عنده ، فلو أهمل فی ذلک لا لعذر عقلیّ أو شرعیّ ضمن .
(مسألة 4) : یعتبر فی کلّ من المستودع والمودع : البلوغ والعقل ، فلایصحّ استیداع الصبیّ ولا المجنون وکذا إیداعهما ، من غیر فرق بین کون المال لهما أو لغیرهما من الکاملین ، بل لایجوز وضع الید علیٰ ما أودعاه . ولو أخذ منهما ضمنه ، ولا یبرأ بردّه إلیهما وإنّما یبرأ بإیصاله إلیٰ ولیّهما . نعم لابأس بأخذه منهما إذا خیف هلاکه وتلفه فی أیدیهما ، فیؤخذ بعنوان الحسبة فی الحفظ ، ولکن لا یصیر بذلک ودیعة وأمانة مالکیّة بل تکون أمانة شرعیّة یجب علیه حفظها والمبادرة علیٰ إیصالها إلیٰ ولیّهما ، أو إعلامه بکونها عنده ، ولیس علیه ضمان لو تلف فی یده .
(مسألة 5) : لو أرسل شخص کامل مالاً بواسطة الصبیّ أو المجنون إلیٰ شخص لیکون ودیعة عنده وقد أخذه منهما بهذا العنوان ، فالظاهر صیرورته ودیعة عنده ؛ لکونها حقیقة بین الکاملین وإنّما الصبیّ والمجنون بمنزلة الآلة .
(مسألة 6) : لو أودع عند الصبیّ والمجنون مالاً لم یضمناه بالتلف ، بل بالإتلاف أیضاً إذا لم یکونا ممیّزین فی وجه قویّ ؛ لکونه هو السبب الأقویٰ .
(مسألة 7) : یجب علی المستودع حفظ الودیعة بما جرت العادة بحفظها به ووضعها فی الحرز الذی یناسبها کالصندوق المقفل للثوب والدراهم والحلیّ ونحوها والإصطبل المضبوط بالغلق للدابّة والمراح کذلک للشاة . وبالجملة : حفظها فی محلّ لا یعدّ معه عند العرف مضیّعاً ومفرّطاً وخائناً ، حتّیٰ فیما إذا علم المودع بعدم وجود حرز لها عند المستودع ، فیجب علیه بعدما قبل الاستیداع تحصیله مقدّمة للحفظ الواجب علیه ، وکذا یجب علیه القیام بجمیع ما له دخل فی صونها من التعیّب أو التلف ، کالثوب ینشره فی الصیف إذا کان من الصوف أو الإبریسم ، والدابّة یعلفها ویسقیها ویقیها من الحرّ والبرد ، فلو أهمل عن ذلک ضمنها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 420 (مسألة 8) : لو عیّن المودع موضعاً خاصّاً لحفظ الودیعة اقتصر علیه ، ولایجوز نقلها إلیٰ غیره بعد وضعها فیه وإن کان أحفظ ، فلو نقلها منه ضمنها . نعم لو کانت فی ذلک المحلّ فی معرض التلف جاز نقلها إلیٰ مکان آخر أحفظ ، ولا ضمان علیه حتّیٰ مع نهی المالک ؛ بأن قال : لا تنقلها وإن تلفت ، وإن کان الأحوط حینئذٍ مراجعة الحاکم مع الإمکان .
(مسألة 9) : لو تلفت الودیعة فی ید المستودع من دون تعدٍّ منه ولا تفریط لم یضمنها وکذا لو أخذها منه ظالم قهراً ؛ سواء انتزعها من یده أو أمره بدفعها له بنفسه فدفعها کرهاً ، نعم یقوی الضمان لو کان هو السبب لذلک ولو من جهة إخباره بها أو إظهارها فی محلّ کان مظنّة الوصول إلی الظالم فوصل إلیه ، بل مطلقاً علی احتمال قویّ .
(مسألة 10) : لو تمکّن من دفع الظالم بالوسائل الموجبة لسلامة الودیعة وجب ، حتّیٰ أنّه لو توقّف دفعه عنها علیٰ إنکارها کاذباً بل الحلف علیٰ ذلک جاز بل وجب ، فإن لم یفعل ضمن . وفی وجوب التوریة علیه مع الإمکان إشکال ، أحوطه ذلک ، وأقواه العدم .
(مسألة 11) : إذا کانت مدافعته عن الظالم مؤدّیة إلی الضرر علیٰ بدنه من جرح وغیره أو هتک فی عرضه أو خسارة فی ماله لایجب تحمّله ، بل لایجوز فیغیر الأخیر ، بل فیه أیضاً ببعض مراتبه . نعم لو کان ما یترتّب علیها یسیراً جدّاً بحیث یتحمّله غالب الناس کما إذا تکلّم معه بکلام خشن لایکون هاتکاً له بالنظر إلیٰ شرفه ورفعة قدره وإن تأذّیٰ منه بالطبع ، فالظاهر وجوب تحمّله .
(مسألة 12) : لو توقّف دفع الظالم عن الودیعة علیٰ بذل مال له أو لغیره ، فإن کان بدفع بعضها وجب ، فلو أهمل فأخذ الظالم کلّها ضمن المقدار الزائد علیٰ ما یندفع به منها لا تمامها ، فلو کان یندفع بدفع نصفها فأهمل فأخذ تمامها ضمن النصف ، ولو کان یقنع بالثلث فأهمل فأخذ الکلّ ضمن الثلثین وهکذا . وکذا الحال فیما إذا کان عنده من شخص ودیعتان وکان الظالم یندفع بدفع إحداهما فأهمل حتّیٰ أخذ کلتیهما ، فإن کان یندفع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 421 بإحداهما المعیّن ضمن الاُخریٰ ، وإن کان بإحداهما لا بعینها ضمن أکثرهما قیمة . ولو توقّف دفعه علی المصانعة معه بدفع مال من المستودع لم یجب علیه دفعه تبرّعاً ومجّاناً . وأمّا مع الرجوع به علی المالک فإن أمکن الاستئذان منه أو ممّن یقوم مقامه کالحاکم عند عدم الوصول إلیه لزم ، فإن دفع بلا استئذان لم یستحقّ الرجوع به علیه وإن کان من قصده ذلک ، وإن لم یمکن الاستئذان فله أن یدفع ویرجع به علی المالک إذا کان من قصده الرجوع علیه .
(مسألة 13) : لو کانت الودیعة دابّة یجب علیه سقیها وعلفها ولو لم یأمره المالک بل ولو نهاه ، ولایجب أن یکون ذلک بمباشرته وأن یکون ذلک فی موضعها ، فیجوز أن یسقیها بغلامه - مثلاً - وکذا یجوز إخراجها من منزله للسقی وإن أمکن سقیها فی موضعها بعد جریان العادة بذلک . نعم لو کان الطریق مخوفاً لم یجز إخراجها ، کما أنّه لایجوز أن یولّی غیره لذلک إذا کان غیر مأمون إلاّ مع مصاحبته أو مصاحبة أمین معه . وبالجملة : لابدّ من مراعاة حفظها علی المعتاد ؛ بحیث لایعدّ معها عرفاً مفرّطاً أو متعدّیاً . هذا بالنسبة إلیٰ أصل سقیها وعلفها ، وأمّا بالنسبة إلیٰ نفقتها فإن وضع المالک عنده عینها أو قیمتها أو أذن له فی الإنفاق علیها من ماله علیٰ ذمّته فلا إشکال ، وإلاّ فالواجب أوّلاً الاستئذان من المالک أو وکیله ، فإن تعذّر رفع الأمر إلی الحاکم لیأمره بما یراه صلاحاً ولو ببیع بعضها للنفقة ، فإن تعذّر الحاکم أنفق هو من ماله ویرجع به علی المالک مع نیّته .
(مسألة 14) : تبطل الودیعة بموت کلّ واحد من المودع والمستودع أو جنونه ، فإن کان هو المودع تکون فی ید الودعی أمانة شرعیّة ، فیجب علیه فوراً ردّها إلیٰ وارث المودع أو ولیّه أو إعلامهما بها ، فإن أهمل لا لعذر شرعیّ ضمن . نعم لو کان ذلک لعدم العلم بکون من یدّعی الإرث وارثاً ، أو انحصار الوارث فیمن علم کونه وارثاً فأخّر الردّ والإعلام لأجل التروّی والفحص عن الواقع لم یکن علیه ضمان علی الأقویٰ . وإن کان الوارث متعدّداً سلّمها إلی الکلّ أو إلیٰ من یقوم مقامهم . ولو سلّمها إلی البعض من غیر إذن ضمن حصص
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 422 الباقین . وإن کان هو المستودع تکون أمانة شرعیّة فی ید وارثه أو ولیّه یجب علیهما ما ذکر من الردّ إلی المودع أو إعلامه فوراً .
(مسألة 15) : یجب ردّ الودیعة عند المطالبة فی أوّل وقت الإمکان وإن کان المودع کافراً محترم المال ، بل وإن کان حربیّاً مباح المال علی الأحوط . والذی هو الواجب علیه رفع یده عنها والتخلیة بین المالک وبینها لا نقلها إلی المالک ، فلو کانت فی صندوق مقفل أو بیت مغلق ففتحهما علیه فقال : ها هی ودیعتک خذها ، فقد أدّیٰ ما هو تکلیفه وخرج من عهدته . کما أنّ الواجب علیه مع الإمکان الفوریّة العرفیّة ، فلایجب علیه الرکض ونحوه والخروج من الحمّام فوراً وقطع الطعام والصلاة وإن کانت نافلة ونحو ذلک . وهل یجوز له التأخیر لیشهد علیه ؟ قولان ، أقواهما ذلک ، خصوصاً لو کان الإیداع مع الإشهاد ، هذا إذا لم یرخّص فی التأخیر وعدم الإسراع والتعجیل وإلاّ فلا إشکال فی عدم وجوب المبادرة .
(مسألة 16) : لو أودع اللصّ ما سرقه عند أحد لایجوز له ردّه علیه مع الإمکان ، بل یکون أمانة شرعیّة فی یده ، فیجب علیه إیصاله إلیٰ صاحبه إن عرفه ، وإلاّ عرّف سنة فإن لم یجد صاحبه تصدّق به عنه ، فإن جاء بعد ذلک خیّره بین الأجر والغرم ، فإن اختار أجر الصدقة کان له ، وإن اختار الغرامة غرم له وکان الأجر له .
(مسألة 17) : وکما یجب ردّ الودیعة عند مطالبة المالک ، یجب ردّها إذا خاف علیها من تلف أو سرق أو حرق ونحو ذلک ، فإن أمکن إیصالها إلی المالک أو وکیله الخاصّ أو العامّ تعیّن ، وإلاّ فلیوصلها إلی الحاکم لو کان قادراً علیٰ حفظها . ولو فقد الحاکم أو کانت عنده أیضاً فی معرض التلف بسبب من الأسباب ، أودعها عند ثقة أمین متمکّن من حفظها .
(مسألة 18) : إذا ظهر للمستودع أمارة الموت بسبب المرض المخوف أو غیره ، یجب علیه ردّها إلیٰ مالکها أو وکیله مع الإمکان وإلاّ فإلی الحاکم ، ومع فقده یوصی ویشهد بها ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 423 فلو أهمل عن ذلک ضمن . ولیکن الإیصاء والإشهاد بنحو یترتّب علیهما حفظ الودیعة وعدم ذهابها علیٰ مالکها ، فلابدّ من ذکر الجنس والوصف وتعیین المکان والمالک ، فلایکفی قوله : عندی ودیعة لبعض الناس ، فإنّ مثل هذا لایجدی فی إیصالها إلیٰ مالکها . نعم یقویٰ عدم لزومها رأساً ومن أصله فیما إذا کان الوارث مطّلعاً علیها وکان ثقة أمیناً .
(مسألة 19) : یجوز للمستودع أن یسافر ویبقی الودیعة فی حرزها السابق عند أهله وعیاله ، لو لم یکن السفر ضروریّاً ، إذا لم یتوقّف حفظها علیٰ حضوره ، وإلاّ فیلزم علیه إمّا الإقامة وترک السفر وإمّا ردّها إلیٰ مالکها أو وکیله مع الإمکان أو إیصالها إلی الحاکم مع التعذّر ، ومع فقده فالظاهر تعیّن الإقامة وترک السفر . ولایجوز أن یسافر بها ولو مع أمن الطریق ولا إیداعها عند الأمین علی الأحوط ، لو لم یکن أقویٰ . وأمّا لو کان السفر ضروریّاً له ، فإن تعذّر ردّها إلی المالک أو وکیله وکذا إیصالها إلی الحاکم تعیّن إیداعها عند أمین ، فإن تعذّر سافر بها محافظاً لها بقدر الإمکان ولیس علیه ضمان . نعم فی مثل سفر الحجّ ونحوه من الأسفار الطویلة الکثیرة الخطر اللازم أن یعامل فیه معاملة من ظهر له أمارة الموت من ردّها ثمّ الإیصاء والإشهاد بها علیٰ ما سبق تفصیله .
(مسألة 20) : المستودع أمین لیس علیه ضمان لو تلفت الودیعة أو تعیّبت بیده إلاّ عند التفریط أو التعدّی ، کما هو الحال فی کلّ أمین .
أمّا التفریط فهو الإهمال فی محافظتها وترک ما یوجب حفظها علیٰ مجری العادات ؛ بحیث یعدّ معه عند العرف مضیّعاً ومسامحاً ، کما إذا طرحها فی محلّ لیس بحرز وذهب عنها غیر مراقب لها ، أو ترک سقی الدابّة وعلفها ، أو ترک نشر ثوب الصوف أو الإبریسم فی الصیف ، أو أودعها أو سافر بها من غیر ضرورة ، أو ترک التحفّظ من الندیٰ فیما تفسده النداوة کالکتب وبعض الأقمشة وغیر ذلک .
وأمّا التعدّی فهو أن یتصرّف فیها بما لم یأذن له المالک ، مثل أن یلبس الثوب أو یفرش
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 424 الفراش أو یرکب الدابّة إذا لم یتوقّف حفظها علی التصرّف ، کما إذا توقّف حفظ الثوب والفراش من الدود علی اللبس والافتراش ، أو یصدر منه بالنسبة إلیها ما ینافی الأمانة ویکون یده علیها علیٰ وجه الخیانة ، کما إذا جحدها لا لمصلحة الودیعة ولا لعذر من نسیان ونحوه .
وقد یجتمع التفریط مع التعدّی کما إذا طرح الثوب أو القماش أو الکتب ونحوها فی موضع یعفّنها أو یفسدها . ولعلّ من ذلک ما إذا أودعه دراهم - مثلاً - فی کیس مختوم أو مخیط أو مشدود ، فکسر ختمه أو حلّ خیطه وشدّه من دون ضرورة ومصلحة . ومن التعدّی خلط الودیعة بماله ؛ سواء کان بالجنس أو بغیره وسواء کان بالمساوی أو بالأجود أو بالأردأ ، وأمّا لو مزجه بالجنس من مال المودع کما إذا أودع عنده دراهم فی کیسین غیر مختومین ولا مشدودین فجعلهما کیساً واحداً ، ففیه إشکال .
(مسألة 21) : معنیٰ کونها مضمونة بالتفریط والتعدّی ، کون ضمانها علیه لو تلفت ولو لم یکن تلفها مستنداً إلیٰ تفریطه وتعدّیه ، وبعبارة اُخریٰ : تتبدّل یده الأمانیّة الغیر الضمانیّة إلی الخیانة الضمانیّة .
(مسألة 22) : لو نوی التصرّف فی الودیعة ولم یتصرّف فیها ، لم یضمن بمجرّد النیّة ، نعم لو نوی الغصبیّة بأن قصد الاستیلاء علیها والتغلّب علیٰ مالکها کسائر الغاصبین ضمنها ؛ لصیرورة یده ید عدوان بعدما کانت ید استئمان ، ولو رجع عن قصده لم یزل الضمان . ومثله ما إذا جحد الودیعة أو طلبت منه فامتنع من الردّ مع التمکّن عقلاً وشرعاً ، فإنّه یضمنها بمجرّد ذلک ، ولم یبرأ من الضمان لو عدل عن جحوده أو امتناعه .
(مسألة 23) : لو کانت الودیعة فی کیس مختوم - مثلاً - ففتحها وأخذ بعضها ضمن الجمیع ، بل المتّجه الضمان بمجرّد الفتح کما سبق . وأمّا لو لم تکن مودعة فی حرز أو کانت فی حرز من المستودع فأخذ بعضها ، فإن کان من قصده الاقتصار علیه فالظاهر
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 425 قصر الضمان علی المأخوذ دون ما بقی ، وأمّا لو کان من قصده عدم الاقتصار بل أخذ التمام شیئاً فشیئاً فلایبعد أن یکون ضامناً للجمیع .
(مسألة 24) : لو سلّمها إلیٰ زوجته أو ولده أو خادمه لیحرزوها ضمن ، إلاّ أن یکونوا کالآلة ؛ لکون ذلک بمحضره وباطّلاعه ومشاهدته .
(مسألة 25) : إذا فرّط فی الودیعة ثمّ رجع عن تفریطه ؛ بأن جعلها فی الحرز المضبوط وقام بما یوجب حفظها ، أو تعدّیٰ ثمّ رجع کما إذا لبس الثوب ثمّ نزعه لم یبرأ من الضمان . نعم لو جدّد المالک له الاستئمان ارتفع الضمان ، فهو مثل ما إذا کان مال بید الغاصب فجعله بیده أمانة ، فإنّ الظاهر أنّه بذلک یرتفع الضمان من جهة تبدّل عنوان یده من العدوان إلی الاستئمان . ولو أبرأه من الضمان ففی سقوطه بذلک قولان ، نعم لو تلفت العین فی یده واشتغلت ذمّته بعوضها لا إشکال فی صحّة الإبراء وسقوط الحقّ به .
(مسألة 26) : لو أنکر الودیعة ، أو اعترف بها وادّعی التلف أو الردّ ولا بیّنة ، فالقول قوله بیمینه ، وکذلک لو تسالما علی التلف ولکن ادّعیٰ علیه المودع التفریط أو التعدّی .
(مسألة 27) : لو دفعها إلیٰ غیر المالک وادّعی الإذن من المالک فأنکر المالک ولا بیّنة ، فالقول قول المالک ، وأمّا لو صدّقه علی الإذن لکن أنکر التسلیم إلیٰ من أذن له ، فهو کدعواه الردّ إلی المالک مع إنکاره فی أنّ القول قوله .
(مسألة 28) : إذا أنکر الودیعة ، فلمّا أقام المالک البیّنة علیها صدّقها لکن ادّعیٰ کونها تالفة قبل أن ینکر الودیعة لا تسمع دعواه ، فلایقبل منه الیمین ولا البیّنة علیٰ إشکال ، وأمّا لو ادّعیٰ تلفها بعد ذلک ، فلا إشکال فی أنّه تسمع دعواه لکن یحتاج إلی البیّنة .
(مسألة 29) : إذا أقرّ بالودیعة ثمّ مات ، فإن عیّنها فی عین شخصیّة معیّنة موجودة حال موته اُخرجت من الترکة . وکذا إذا عیّنها فی ضمن مصادیق من جنس واحد موجودة حال الموت کما إذا قال : إحدیٰ هذه الشیاه ودیعة عندی من فلان ، ولم یعیّنها ، فعلی الورثة إذا احتملوا صدق المورّث ولم یمیّزوا الودیعة عن غیرها أن یعاملوا معها معاملة ما إذا علموا
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 426 إجمالاً بأنّ إحدیٰ هذه الشیاه لفلان . وإذا عیّن الودیعة ولم یعیّن المالک کان من مجهول المالک ، وقد مرّ حکم الصورتین فی کتاب الخمس . وهل یعتبر قول المودع ویجب تصدیقه لو عیّنها فی معیّن واحتمل صدقه ؟ وجهان ، وإذا لم یعیّنها بأحد الوجهین لا اعتبار بقوله ، إذا لم یعلم الورثة بوجود الودیعة فی ترکته ، حتّیٰ إذا ذکر الجنس ولم یوجد من ذلک الجنس فی ترکته إلاّ واحد ، إلاّ إذا علم أنّ مراده ذلک الواحد .
خاتمة
الأمانة علیٰ قسمین : مالکیّة وشرعیّة .
أمّا الأوّل : فهو ما کان باستئمان من المالک وإذنه ؛ سواء کان عنوان عمله ممحّضاً فی ذلک کالودیعة ، أو بتبع عنوان آخر مقصود بالذات ، کما فی الرهن والعاریة والإجارة والمضاربة ، فإنّ العین بید المرتهن والمستعیر والمستأجر والعامل أمانة مالکیّة ؛ حیث إنّ المالک قد سلّمها بعنوان الاستئمان وترکها بیدهم من دون مراقبة فجعل حفظها علیٰ عهدتهم .
وأمّا الثانی : فهو ما لم یکن الاستیلاء علی العین ووضع الید علیها باستئمان من المالک ولا إذن منه ، وقد صارت تحت یده لا علیٰ وجه العدوان ، بل إمّا قهراً کما إذا أطارته الریح أو جاء بها السیل - مثلاً - فی ملکه . وإمّا بتسلیم المالک لها بدون اطّلاع منهما کما إذا
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 427 اشتریٰ صندوقاً فوجد فیه المشتری شیئاً من مال البائع بدون اطّلاعه ، أو تسلّم البائع أو المشتری زائداً علیٰ حقّهما من جهة الغلط فی الحساب ، وإمّا برخصة من الشرع کاللقطة والضالّة وما ینتزع من ید السارق أو الغاصب من مال الغیر حسبة للإیصال إلیٰ صاحبه ، وکذا ما یؤخذ من الصبیّ أو المجنون من مالهما عند خوف التلف فی أیدیهما حسبة للحفظ ، وما یؤخذ ممّا کان فی معرض الهلاک والتلف من الأموال المحترمة کحیوان معلوم المالک فی مسبعة أو مسیل ونحو ذلک ، فإنّ العین فی جمیع هذه الموارد تکون تحت ید المستولیٰ علیها أمانة شرعیّة ، یجب علیه حفظها وإیصالها فی أوّل أزمنة الإمکان إلیٰ صاحبها ولو مع عدم المطالبة . ولیس علیه ضمان لو تلف فی یده إلاّ مع التفریط أو التعدّی کالأمانة المالکیّة . ویحتمل عدم وجوب إیصالها وکفایة إعلام صاحبها بکونها عنده وتحت یده والتخلیة بینها وبینه ؛ بحیث کلّما أراد أن یأخذها أخذها ، بل لایخلو هذا من قوّة . ولو کانت العین أمانة مالکیّة بتبع عنوان آخر وقد ارتفع ذلک العنوان ، کالعین المستأجرة بعد انقضاء مدّة الإجارة ، والعین المرهونة بعد فکّ الرهن ، والمال الذی بید العامل بعد فسخ المضاربة ، ففی کونها أمانة مالکیّة أو شرعیّة وجهان ، بل قولان ، لایخلو أوّلهما من رجحان .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 428
کتاب المضاربة
ویسمّیٰ قراضاً ، وهی عقد واقع بین شخصین علیٰ أن یکون رأس المال فی التجارة من أحدهما والعمل من الآخر وإذا حصل ربح یکون بینهما ، وإذا جعل تمام الربح للمالک یقال له : البضاعة . وحیث إنّها عقد من العقود تحتاج إلی الإیجاب والقبول ، والإیجاب من طرف المالک والقبول من العامل ، ویکفی فی الإیجاب کلّ لفظ یفید هذا المعنیٰ بالظهور العرفی کقوله : «ضاربتک» أو «قارضتک» أو «عاملتک علیٰ کذا» وما أفاد هذا المعنیٰ ، وفی القبول «قبلت» وشبهه .
(مسألة 1) : یشترط فی المتعاقدین : البلوغ والعقل والاختیار . وفی رأس المال أن یکون عیناً ، فلا تصحّ بالمنفعة ولا بالدین ؛ سواء کان علی العامل أو علیٰ غیره إلاّ بعد قبضه ، وأن یکون درهماً أو دیناراً فلایصحّ بالذهب والفضّة الغیر المسکوکین والسبائک والفلوس السود فضلاً عن العروض ، وأن یکون معیّناً فلا یصحّ بالمبهم کأن یقول : قارضتک بأحد هذین المالین أو بأیّهما شئت ، وأن یکون معلوماً قدراً ووصفاً . وفی الربح أن یکون معلوماً ، فلو قال : علیٰ أنّ لک مثل ما شرط فلان لعامله ، ولم یعلما ما شرط بطل ، وأن یکون مشاعاً مقدّراً بأحد الکسور کالنصف أو الثلث ، فلو قال : علیٰ أنّ لک من
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 429 الربح مائة والباقی لی أو بالعکس أو علیٰ أنّ لک نصف الربح وعشرة دراهم - مثلاً - لم یصحّ ، وأن یکون بین المالک والعامل لا یشارکهما الغیر ، فلو جعلا جزء منه لأجنبیّ بطل ، إلاّ أن یکون له عمل متعلّق بالتجارة .
(مسألة 2) : یشترط فی المضاربة أن یکون الاسترباح بالتجارة فلو دفع إلی الزارع مالاً لیصرفه فی الزراعة ویکون الحاصل بینهما أو إلی الطبّاخ أو الخبّاز أو الصبّاغ - مثلاً ـ لیصرفوها فی حرفتهم ویکون الربح والفائدة بینهما لم یصحّ ولم یقع مضاربة .
(مسألة 3) : الدراهم المغشوشة إن کانت رائجة مع وصف کونها مغشوشة یجوز إیقاع المضاربة بها ، فلا یعتبر الخلوص عن الغشّ فیها ، نعم لو کانت قلباً یجب کسرها ولم یجز المعاملة بها ، لم یصحّ المضاربة علیها .
(مسألة 4) : إذا کان له دین علیٰ أحد یجوز أن یوکّل أحداً فی استیفائه ، ثمّ إیقاع المضاربة علیه ؛ بأن یکون موجباً من طرف المالک وقابلاً من نفسه . وکذا لو کان المدیون هو العامل یجوز توکیله فی تعیین ما کان فی ذمّته فی دراهم أو دنانیر معیّنة للدائن ، ثمّ إیقاع عقد المضاربة علیها موجباً وقابلاً من الطرفین .
(مسألة 5) : لو دفع إلیه عروضاً وقال : بعها ویکون ثمنها مضاربة ، لم یصحّ ، إلاّ إذا أوقع عقدها بعد ذلک علیٰ ثمنها .
(مسألة 6) : إذا دفع إلیه شبکة - مثلاً - علیٰ أن یکون ما وقع فیها من السمک بینهما بالتنصیف أو التثلیث - مثلاً - لم یکن مضاربة بل هی معاملة فاسدة ، فیکون ما وقع فیها من الصید للصائد ، وعلیه اُجرة مثل الشبکة لصاحبها .
(مسألة 7) : لو دفع إلیه مالاً لیشتری نخیلاً أو أغناماً علیٰ أن تکون الثمرة والنتاج بینهما لم یکن مضاربة ، فهی معاملة فاسدة تکون الثمرة والنتاج لربّ المال ، وعلیه اُجرة مثل عمل العامل .
(مسألة 8) : یصحّ المضاربة علی المشاع کالمفروز ، فلو کان دراهم معلومة مشترکة بین اثنین فقال أحدهما للعامل : قارضتک بحصّتی من هذه الدراهم ، صحّ مع العلم بمقدار
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 430 حصّته ، وکذا لو کان عنده ألف دینار - مثلاً - وقال : قارضتک بنصف هذه الدنانیر .
(مسألة 9) : لا فرق بین أن یقول : خذ هذا المال قرضاً ولکلّ منّا نصف الربح ، وبین أن یقول : والربح بیننا ، أو یقول : ولک نصف الربح أو لی نصف الربح ، فی أنّ الظاهر أنّه جعل لکلّ منهما نصف الربح ، وکذلک لا فرق بین أن یقول : خذه قراضاً ولک نصف ربحه أو یقول : لک ربح نصفه ، فإنّ مفاد الجمیع واحد عرفاً .
(مسألة 10) : یجوز اتّحاد المالک وتعدّد العامل فی مال واحد مع اشتراط تساویهما فیما یستحقّان من الربح وفضل أحدهما علی الآخر وإن تساویا فی العمل ، ولو قال : قارضتکما ولکما نصف الربح ، کانا فیه سواء . وکذا یجوز تعدّد المالک واتّحاد العامل ؛ بأن کان المال مشترکاً بین اثنین ، فقارضا واحداً بالنصف - مثلاً - متساویاً بینهما ؛ بأن یکون النصف للعامل والنصف بینهما بالسویة ، وبالاختلاف ؛ بأن یکون فی حصّة أحدهما بالنصف وفی حصّة الآخر بالثلث - مثلاً - فإذا کان الربح اثنی عشر استحقّ العامل خمسة واستحقّ أحد الشریکین ثلاثة والآخر أربعة . نعم إذا لم یکن اختلاف فی استحقاق العامل بالنسبة إلیٰ حصّة الشریکین وکان التفاضل فی استحقاق الشریکین فقط کما إذا اشترط أن یکون للعامل النصف والنصف الآخر بینهما بالتفاضل مع تساویهما فی رأس المال ؛ بأن یکون للعامل الستّة من اثنی عشر ولأحد الشریکین اثنین وللآخر أربعة ، ففی صحّته وجهان بل قولان ، أقواهما البطلان .
(مسألة 11) : المضاربة جائزة من الطرفین ، یجوز لکلّ منهما فسخها قبل الشروع فی العمل وبعده ؛ قبل حصول الربح وبعده ، صار المال کلّه نقداً أو کان فیه أجناس لم ینضّ بعد ، بل إذا اشترطا فیها الأجل جاز لکلّ منهما فسخها قبل انقضائه . ولو اشترطا فیها عدم الفسخ ، فإن کان المقصود لزومها بحیث لاینفسخ بفسخ أحدهما بطل الشرط دون أصل المضاربة علی الأقویٰ ، وإن کان المقصود التزامهما بأن لایفسخاها فلابأس به ، وإن لم یلزم علیهما العمل به ، إلاّ إذا جعلا هذا الشرط فی ضمن عقد خارج لازم کالبیع والصلح ونحوهما .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 431 (مسألة 12) : الظاهر جریان المعاطاة والفضولیّة فی المضاربة فتصحّ بالمعاطاة ، وإذا وقعت فضولاً من طرف المالک أو العامل تصحّ بإجازتهما کالبیع .
(مسألة 13) : تبطل المضاربة بموت کلّ من المالک والعامل ، وهل یجوز لورثة المالک إجازة العقد فتبقی المضاربة بحالها بسبب إجازتهم أم لا ؟ فیه تأمّل وإشکال .
(مسألة 14) : العامل أمین فلا ضمان علیه لو تلف المال أو تعیّب تحت یده إلاّ مع التعدّی أو التفریط ، کما أنّه لا ضمان علیه من جهة الخسارة فی التجارة ، بل هی واردة علیٰ صاحب المال . ولو اشترط المالک علی العامل أن یکون شریکاً معه فی الخسارة کما یکون شریکاً معه فی الربح ففی صحّته وجهان ، أقواهما العدم . نعم لوکان مرجعه إلی اشتراط أنّه علیٰ تقدیر وقوع الخسارة علی المالک خسر العامل نصفه - مثلاً - من کیسه لابأس به ، لکن لزوم الوفاء به علی العامل یتوقّف علیٰ إیقاع هذا الشرط فی ضمن عقد لازم لا فی ضمن مثل عقد المضاربة ممّا هو جائز من الطرفین .
(مسألة 15) : یجب علی العامل بعد عقد المضاربة القیام بوظیفته ؛ من تولّی ما یتولاّه التاجر لنفسه علی المعتاد بالنسبة إلیٰ مثل تلک التجارة فی مثل ذلک المکان والزمان ومثل ذلک العامل من عرض القماش والنشر والطیّ - مثلاً - وقبض الثمن وإحرازه فی حرزه واستئجار من جرت العادة باستئجاره کالدلاّل والوزّان والحمّال ، ویعطی اُجرتهم من أصل المال . بل لو باشر مثل هذه الاُمور هو بنفسه لا بقصد التبرّع فالظاهر جواز أخذ الاُجرة . نعم لو استأجر لما یتعارف فیه مباشرة العامل بنفسه کان علیه الاُجرة .
(مسألة 16) : مع إطلاق عقد المضاربة یجوز للعامل الاتّجار بالمال علیٰ حسب ما یراه من المصلحة من حیث الجنس المشتریٰ والبائع والمشتری وغیر ذلک ، حتّیٰ فی الثمن ، فلا یتعیّن علیه أن یبیع بالنقد ، بل یجوز أن یبیع الجنس بجنس آخر ، إلاّ أن یکون هناک تعارف
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 432 ینصرف إلیه الإطلاق . نعم لو شرط علیه المالک أن لا یشتری الجنس الفلانی أو إلاّ الجنس الفلانی أو لا یبیع من الشخص الفلانی أو الطائفة الفلانیّة وغیر ذلک من الشروط لم یجز له المخالفة ، ولو خالف ضمن المال والخسارة . لکن لو حصل الربح وکانت التجارة رابحة شارک المالک فی الربح علیٰ ما قرّراه فی عقد المضاربة .
(مسألة 17) : لایجوز للعامل خلط رأس المال بمال آخر لنفسه أو لغیره إلاّ بإذن المالک عموماً أو خصوصاً ، فلو خلط ضمن ، لکن إذا دار المجموع فی التجارة وحصل ربح فهو بین المالین علی النسبة .
(مسألة 18) : لایجوز مع الإطلاق أن یبیع نسیئة ، خصوصاً فی بعض الأزمان وعلیٰ بعض الأشخاص ، إلاّ أن یکون متعارفاً بین التجّار ولو بالنسبة إلیٰ ذلک البلد أو الجنس الفلانی ؛ بحیث ینصرف إلیه الإطلاق ، فلو خالف فی غیر مورد الانصراف ضمن ، ولکن لو استوفاه وحصل ربح کان بینهما .
(مسألة 19) : لیس للعامل أن یسافر بالمال برّاً وبحراً والاتّجار به فی بلاد اُخر غیر بلد المال إلاّ مع إذن المالک ، فلو سافر ضمن التلف والخسارة ، لکن لو حصل الربح یکون بینهما کما مرّ ، وکذا لو أمره بالسفر إلیٰ جهة فسافر إلیٰ غیرها .
(مسألة 20) : لیس للعامل أن ینفق فی الحضر من مال القراض شیئاً وإن قلّ ، حتّیٰ فلوس السقاء ، وکذا فی السفر إذا لم یکن بإذن المالک . وأمّا لو کان بإذنه فله الإنفاق من رأس المال ، إلاّ إذا اشترط المالک أن یکون نفقته علیٰ نفسه . والمراد بالنفقة ما یحتاج إلیه من مأکول ومشروب وملبوس ومرکوب وآلات وأدوات کالقربة والجوالق واُجرة المسکن ونحو ذلک مع مراعاة ما یلیق بحاله عادة علیٰ وجه الاقتصاد ، فلو أسرف حسب علیه ، ولو قتّر علیٰ نفسه أو لم یحتج إلیها من جهة صیرورته ضیفاً عند أحد - مثلاً - لم یحسب له . ولا یکون من النفقة هنا جوائزه وعطایاه وضیافاته وغیر ذلک فهی علیٰ نفسه إلاّ إذا کانت لمصلحة التجارة .
(مسألة 21) : المراد بالسفر المجوّز للإنفاق من المال هو العرفی لا الشرعی ، فیشمل ما دون المسافة ، کما أنّه یشمل أیّام إقامته عشرة أیّام أو أزید فی بعض البلاد ، لکن إذا کان
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 433 لأجل عوارض السفر کما إذا کان للراحة من التعب أو لانتظار الرفقة أو لخوف الطریق وغیر ذلک ، أو لاُمور متعلّقة بالتجارة کما إذا کان لدفع العشور وأخذ التذکرة من العشّار . وأمّا إذا بقی للتفرّج أو لتحصیل مال لنفسه ونحو ذلک ، فالظاهر کون نفقته علیٰ نفسه ، خصوصاً لو کانت الإقامة لأجل مثل هذه الأغراض بعد تمام العمل .
(مسألة 22) : لو کان عاملاً لاثنین أو أزید ، أو عاملاً لنفسه وغیره توزّع النفقة ، وهل هو علیٰ نسبة المالین أو علیٰ نسبة العملین ؟ فیه تأمّل وإشکال ، فلایترک الاحتیاط برعایة أقلّ الأمرین .
(مسألة 23) : لایعتبر ظهور الربح فی استحقاق النفقة ، بل ینفق من أصل المال وإن لم یکن ربح . نعم لو أنفق وحصل ربح فیما بعد یجبر ما أنفقه من رأس المال بالربح کسائر الغرامات والخسارات، فیعطی المالک تمام رأس ماله ، فإن بقی شیء من الربح یکون بینهما.
(مسألة 24) : الظاهر أنّه کما یجوز للعامل الشراء بعین مال المضاربة بأن یعیّن دراهم شخصیّة ویشتری شیئاً بتلک الدراهم الشخصیّة ، یجوز الشراء بالکلّی فی الذمّة والدفع والأداء منه ؛ بأن یشتری جنساً بألف درهم کلّی علیٰ ذمّة المالک ودفعه بعد ذلک من المال الذی عنده ، فلو فرض تلف مال المضاربة قبل الأداء أدّاه المالک من غیرها ، ولا یتعیّن
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 434 النحو الأوّل کما نسب إلی المشهور . هذا مع الإطلاق ، وأمّا مع الإذن فی النحو الثانی ، فلا إشکال فی جوازه ، کما أنّه لا إشکال فی عدم الجواز لو اشترط علیه عدمه .
(مسألة 25) : لایجوز للعامل أن یوکّل وکیلاً فی الاتّجار ؛ بأن یوکل إلی الغیر أصل التجارة من دون إذن المالک ، نعم یجوز له التوکیل والاستئجار فی بعض المقدّمات ، وکذلک لایجوز له أن یضارب غیره أو یشارکه فیها إلاّ بإذن المالک . ومع الإذن إذا ضارب غیره فمرجعه إلیٰ فسخ المضاربة الاُولیٰ وإیقاع مضاربة جدیدة بین المالک وعامل آخر ، أو بینه وبین العامل مع غیره بالاشتراک . وأمّا لو کان المقصود إیقاع مضاربة بین العامل وغیره بأن یکون العامل الثانی عاملاً للعامل الأوّل ففی صحّته تأمّل وإشکال .
(مسألة 26) : الظاهر أنّه یصحّ أن یشترط أحدهما علی الآخر فی ضمن عقد المضاربة مالاً أو عملاً ، کما إذا شرط المالک علی العامل أن یخیط له ثوباً أو یعطیه درهماً وبالعکس .
(مسألة 27) : الظاهر أنّه یملک العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره ، ولا یتوقّف علی الإنضاض - بمعنیٰ جعل الجنس نقداً - ولا علی القسمة ، کما أنّ الظاهر صیرورته شریکاً مع المالک فی نفس العین الموجودة بالنسبة ، فیصحّ له مطالبة القسمة وله التصرّف فی حصّته من البیع والصلح ، ویرتّب علیه جمیع آثار الملکیّة ؛ من الإرث وتعلّق الخمس والزکاة وحصول الاستطاعة وتعلّق حقّ الغرماء وغیر ذلک .
(مسألة 28) : لا إشکال فی أنّ الخسارة الواردة علیٰ مال المضاربة تجبر بالربح ما دامت المضاربة باقیة ؛ سواء کانت سابقة علیه أو لاحقة . فملکیّة العامل له بالظهور متزلزلة تزول کلّها أو بعضها بعروض الخسران فیما بعد إلیٰ أن تستقرّ . والاستقرار یحصل بعد الإنضاض وفسخ المضاربة والقسمة قطعاً ، فلا جبران بعد ذلک جزماً . وفی حصوله بدون اجتماع الثلاثة وجوه وأقوال ، أقواها تحقّقه بالفسخ مع القسمة وإن لم یحصل الإنضاض ، بل لایبعد تحقّقه بالفسخ والإنضاض وإن لم یحصل القسمة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 435 (مسألة 29) : وکما یجبر الخسران فی التجارة بالربح کذلک یجبر به التلف ، فلو کان المال الدائر فی التجارة تلف بعضها بسبب غرق أو حرق أو سرقة أو غیرها وربح بعضها یجبر تلف البعض بربح البعض حتّیٰ یکمل مقدار رأس المال لربّ المال ، فإذا زاد عنه شیء یکون بینهما .
(مسألة 30) : إذا حصل فسخ أو انفساخ فی المضاربة ، فإن کان قبل الشروع فی العمل ومقدّماته فلا إشکال ولا شیء للعامل ولا علیه ، وکذا إن کان بعد تمام العمل والإنضاض ؛ إذ مع حصول الربح یقتسمانه ومع عدمه یأخذ المالک رأس ماله ولا شیء للعامل ولا علیه . وإن کان فی الأثناء بعد التشاغل بالعمل ، فإن کان قبل حصول الربح لیس للعامل شیء ولا اُجرة له لما مضیٰ من عمله ؛ سواء کان الفسخ منه أو من المالک أو حصل الانفساخ القهری ، کما أنّه لیس علیه شیء مطلقاً حتّیٰ فیما إذا حصل الفسخ من العامل فی السفر المأذون فیه من المالک ، فلا یضمن ما صرف فی نفقته من رأس المال . ولو کان فی المال عروض لایجوز للعامل التصرّف فیه بدون إذن المالک ، کما أنّه لیس للمالک إلزامه بالبیع والإنضاض . وإن کان بعد حصول الربح ، فإن کان بعد الإنضاض فقد تمّ العمل فیقتسمان ویأخذ کلّ منهما حقّه ، وإن کان قبل الإنضاض فعلیٰ ما مرّ من تملّک العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره شارک المالک فی العین ، فإن رضیا بالقسمة علیٰ هذا الحال أو انتظرا إلیٰ أن تباع العروض ویحصل الإنضاض کان لهما ذلک ولا إشکال ، وإن طلب العامل بیعها لم یجب علی المالک إجابته ، بل وکذا إن طلبه المالک لم یجب علی العامل إجابته وإن قلنا بعدم استقرار ملکیّة العامل للربح إلاّ بعد الإنضاض ، غایة الأمر لو حصلت خسارة بعد ذلک قبل القسمة یجب جبرها بالربح .
(مسألة 31) : لو کان فی المال دیون علی الناس ، فهل یجب علی العامل أخذها وجمعها
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 436 بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا ؟ فیه إشکال ، الأحوط إجابة المالک لو طلب منه ذلک .
(مسألة 32) : لایجب علی العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزید من التخلیة بین المالک وماله ، فلایجب علیه الإیصال إلیه ، حتّیٰ لو أرسل المال إلیٰ بلد آخر غیر بلد المالک وکان ذلک بإذنه . نعم لوکان ذلک بدون إذنه یجب علیه الردّ إلیه ، حتّیٰ أنّه لو احتاج إلیٰ اُجرة کانت علیه .
(مسألة 33) : إذا کانت المضاربة فاسدة کان الربح بتمامه للمالک ؛ سواء کانا جاهلین بالفساد أو عالمین أو مختلفین ، وللعامل اُجرة مثل عمله لو کان جاهلاً بالفساد ؛ سواء کان المالک عالماً أو جاهلاً ، ولا یستحقّ شیئاً لو کان عالماً بالفساد . وعلیٰ کلّ حال لایضمن العامل التلف والنقص الواردین علی المال ، نعم یضمن علی الأقویٰ ما أنفقه فی السفر علیٰ نفسه وإن کان جاهلاً بالفساد .
(مسألة 34) : لو ضارب مع الغیر بمال الغیر من دون ولایة ولا وکالة وقع فضولیّاً ، فإن أجازه المالک وقع له وکان الخسران علیه والربح بینه وبین العامل علیٰ ما شرطاه . وإن ردّه فإن کان قبل أن عومل بماله طالبه ویجب علی العامل ردّه إلیه ، وإن تلف أو تعیّب کان له الرجوع علیٰ کلّ من المضارب والعامل ، فإن رجع علی الأوّل لم یرجع علی الثانی وإن رجع علی الثانی رجع علی الأوّل ، وإن کان بعد أن عومل به کانت المعاملة فضولیّة ، فإن
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 437 أمضاها وقعت له وکان تمام الربح له وتمام الخسران علیه ، وإن ردّها رجع بماله إلیٰ کلّ من شاء من المضارب والعامل کما فی صورة التلف . ویجوز له أن یجیزها علیٰ تقدیر حصول الربح ویردّها علیٰ تقدیر وقوع الخسران ؛ بأن یلاحظ مصلحته فإذا رآها تجارة رابحة أجازها وإذا رآها خاسرة ردّها ، هذا حال المالک مع کلّ من المضارب والعامل .
وأمّا معاملة العامل مع المضارب ، فإذا لم یعمل عملاً لم یستحقّ شیئاً ، وکذا إذا عمل وکان عالماً بکون المال لغیر المضارب ، وأمّا إذا عمل ولم یعلم بکونه لغیره استحقّ اُجرة مثل عمله ورجع بها علی المضارب .
(مسألة 35) : إذا أخذ العامل رأس المال ، لیس له ترک الاتّجار به وتعطیله عنده بمقدار لم تجر العادة علیٰ تعطیله وعدّ متوانیاً متسامحاً کالتأخیر سنة - مثلاً - فإن عطّله کذلک ضمنه لوتلف ، لکن لم یستحقّ المالک علیه غیر أصل المال ولیس له مطالبته بالربح الذی کان یحصل علیٰ تقدیر الاتّجار به .
(مسألة 36) : إذا اشتریٰ نسیئة بإذن المالک کان الدین فی ذمّة المالک فللدائن الرجوع علیه وله أن یرجع علی العامل ، خصوصاً مع جهل الدائن بالحال ، وإذا رجع علیه رجع هو علی المالک . ولو لم یتبیّن للدائن أنّ الشراء للغیر ، یتعیّن له فی الظاهر الرجوع علی العامل وإن کان له فی الواقع الرجوع علی المالک .
(مسألة 37) : لوضاربه علیٰ خمسمائة - مثلاً - فدفعها إلیه وعامل بها وفی أثناء التجارة دفع إلیه خمسمائة اُخریٰ للمضاربة ، فالظاهر أنّهما مضاربتان ، فلاتجبر خسارة إحداهما بربح الاُخریٰ . نعم لو ضاربه علیٰ ألف - مثلاً - فدفع إلیه خمسمائة فعامل بها ثمّ دفع إلیه خمسمائة اُخریٰ فهی مضاربة واحدة ، تجبر خسارة کلّ من التجارتین بربح الاُخریٰ .
(مسألة 38) : إذا کان رأس المال مشترکاً بین اثنین فضاربا واحداً ، ثمّ فسخ أحد الشریکین ، فالظاهر أنّها تنفسخ من الأصل حتّیٰ بالنسبة إلی الشریک الآخر .
(مسألة 39) : إذا تنازع المالک مع العامل فی مقدار رأس المال ولم یکن بیّنة ، قدّم قول العامل ؛ سواء کان المال موجوداً أو کان تالفاً ، وکان مضموناً علی العامل .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 438 (مسألة 40) : لو ادّعی العامل التلف أو الخسارة أو عدم حصول المطالبات التی عند الناس - مع عدم کونه مضموناً علیه - وادّعی المالک خلافه ولم یکن بیّنة ، قدّم قول العامل .
(مسألة 41) : لو اختلفا فی الربح ولم یکن بیّنة قدّم قول العامل ؛ سواء اختلفا فی أصل حصوله أو فی مقداره ، بل وکذا الحال فیما إذا قال العامل : ربحت کذا لکن خسرت بعد ذلک بمقداره فذهب الربح .
(مسألة 42) : لو اختلفا فی نصیب العامل من الربح وأنّه النصف - مثلاً - أو الثلث ولم یکن بیّنة ، قدّم قول المالک .
(مسألة 43) : إذا تلف المال أو وقع خسران ، فادّعی المالک علی العامل الخیانة أو التفریط فی الحفظ ، ولم یکن له بیّنة قدّم قول العامل ، وکذا لو ادّعیٰ علیه مخالفته لما شرط علیه ؛ سواء کان النزاع فی أصل الاشتراط أو فی مخالفته لما شرط علیه ، کما إذا ادّعی المالک أنّه قد اشترط علیه أن لا یشتری الجنس الفلانی وقد اشتراه فخسر ، وأنکر العامل أصل هذا الاشتراط أو أنکر مخالفته لما اشترط علیه . نعم لو کان النزاع فی صدور الإذن من المالک فیما لایجوز للعامل إلاّ بإذنه ، کما لو سافر بالمال أو باع نسیئة فتلف أو خسر ، فادّعی العامل کونه بإذن المالک وأنکره ، قدّم قول المالک .
(مسألة 44) : إذا ادّعیٰ ردّ المال إلی المالک وأنکره قدّم قول المالک .
(مسألة 45) : إذا اشتری العامل سلعة ، فظهر فیها ربح فقال : اشتریتها لنفسی ، وقال المالک : اشتریتها للقراض ، أو ظهر خسران فادّعی العامل أنّه اشتراها للقراض وقال صاحب المال : بل اشتریتها لنفسک ، قدّم قول العامل بیمینه .
(مسألة 46) : إذا حصل تلف أو خسارة فادّعی المالک أنّه أقرضه ، وادّعی العامل أنّه قارضه ، قدّم قول المالک علی إشکال ، وأمّا لو حصل ربح فادّعی المالک أنّه قارضه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 439 وادّعی العامل أنّه أقرضه ، قدّم قول المالک بلا إشکال .
(مسألة 47) : لو ادّعی المالک أنّه أعطاه المال بعنوان البضاعة فلایستحقّ العامل شیئاً من الربح ، وادّعی العامل المضاربة فله حصّة منه ، الظاهر أنّه یقدّم قول المالک بیمینه ، فیحلف علیٰ نفی المضاربة ، فله تمام الربح لو کان ، ولو لم یکن ربح أصلاً فلا ثمرة فی هذه الدعویٰ .
(مسألة 48) : یجوز إیقاع الجعالة علی الاتّجار بمال وجعل الجعل حصّة من الربح ؛ بأن یقول صاحب المال مثلاً : إذا اتّجرت بهذا المال وحصل ربح فلک نصفه أو ثلثه ، فتکون جعالة تفید فائدة المضاربة . لکن لایشترط فیها ما یشترط فی المضاربة فلایعتبر کون رأس المال من النقدین ، بل یجوز أن یکون عروضاً أو دیناً أو منفعة .
(مسألة 49) : یجوز للأب والجدّ المضاربة بمال الصغیر مع عدم المفسدة وکذا القیّم الشرعی کالوصیّ وحاکم الشرع مع الأمن من الهلاک وملاحظة الغبطة والمصلحة ، بل یجوز للوصیّ علیٰ ثلث المیّت أن یدفعه إلی الغیر بالمضاربة وصرف حصّة المیّت من الربح فی المصارف المعیّنة للثلث إذا أوصیٰ به المیّت ، بل وإن لم یوص به لکن فوّض أمر الثلث بنظر الوصیّ ، فرأی الصلاح فی ذلک .
(مسألة 50) : إذا مات العامل وکان عنده مال المضاربة ، فإن علم بوجوده فیما ترکه بعینه فلا إشکال ، وإن علم بوجوده فیه من غیر تعیین ؛ بأن کان ما ترکه مشتملاً علیٰ مال نفسه ومال المضاربة ، أو کان عنده أیضاً ودائع أو بضائع لاُناس آخرین ، واشتبه أعیانها بعضها مع بعض ، یعامل ما هو العلاج فی نظائره من اشتباه أموال ملاّک متعدّدین بعضها مع بعض . وهل هو بإعمال القرعة أو إیقاع المصالحة ؟ وجهان ، أحوطهما الثانی ، وأقواهما الأوّل . نعم الظاهر أنّه لو علم المال جنساً وقدراً واشتبه بین أموال من جنسه له
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 440 أو لغیره ، کان بحکم المال المشترک ، کما إذا کان له فی أنباره مقدار من القند أو السکّر ، وعلم أنّ مقداراً معیّناً من ذلک الجنس مال المضاربة من غیر تعیین لشخصه ، فإنّه یکون المجموع مشترکاً بین ربّ المال وورثة المیّت بالنسبة . وأمّا إذا علم بعدم وجوده فیها ، واحتمل أنّه قد ردّه إلیٰ مالکه ، أو تلف بتفریط منه أو بغیره ، فالظاهر أنّه لم یحکم علی المیّت بالضمان وکان الجمیع لورثته ، وکذا لو احتمل بقاؤه فیها . نعم لو علم بأنّ مقداراً من مال المضاربة قد کان قبل موته داخلاً فی هذه الأجناس الباقیة التی قد ترکها ولم یعلم أنّه هل بقی فیها أو ردّه إلی المالک أو تلف ؟ لایبعد أن یکون حاله حال ما لو علم بوجوده فیها ، فیجب إخراجه منها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 441