التی بمعناها الأعمّ : کلّ مال ضائع عن مالکه ولم یکن ید علیه ، وهی إمّا حیوان ، أو غیر حیوان :
القول فی لقطة الحیوان
وهی المسمّاة بـ «الضالّة» .
(مسألة 1) : إذا وجد الحیوان فی العمران لایجوز أخذه ووضع الید علیه أیّ حیوان کان ، فمن أخذه ضمنه ، ویجب علیه حفظه من التلف والإنفاق علیه بما یلزم ، ولیس له الرجوع علیٰ صاحبه بما أنفق . نعم لو کان فی معرض الخطر لمرض أو غیره جاز له أخذه من دون ضمان ویجب علیه الإنفاق علیه ، وجاز له الرجوع بما أنفقه علیٰ مالکه ، لو کان إنفاقه علیه بقصد الرجوع علیه ، وإن کان له منفعة من رکوب أو حمل علیه أو لبن ونحوه ، جاز له استیفاؤها واحتسابها بإزاء ما أنفق .
(مسألة 2) : بعد ما أخذ الحیوان فی العمران وصار تحت یده ، یجب علیه الفحص عن صاحبه فی صورتی جواز الأخذ وعدمه ، فإذا یئس من صاحبه تصدّق به أو بثمنه ، کغیره من مجهول المالک .
(مسألة 3) : ما یدخل فی دار الإنسان من الحیوان - کالدجاج والحمام - ممّا لم یعرف صاحبه ، الظاهر خروجه عن عنوان اللقطة ، بل هو داخل فی عنوان مجهول المالک ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 679 فیتفحّص عن صاحبه وعند الیأس منه یتصدّق به . والفحص اللازم هو المتعارف فی أمثال ذلک ؛ بأن یسأل من الجیران والقریبة من الدور والعمران . نعم لایبعد جواز تملّک مثل الحمام إذا ملک جناحیه ولم یعرف صاحبه من دون فحص عنه ، کما مرّ فی کتاب الصید .
(مسألة 4) : ما یوجد من الحیوان فی غیر العمران - من الطرق والشوارع والمفاوز والصحاری والبراری والجبال والآجام ونحوها - إن کان ممّا یحفظ نفسه بحسب العادة من صغار السباع مثل الثعالب وابن آویٰ والذئب والضبع ونحوها - إمّا لکبر جثّته کالبعیر ، أو لسرعة عدوه کالفرس والغزال ، أو لقوّته وبطشه کالجاموس والثور - لایجوز أخذه ووضع الید علیه إذا کان فی کلأ وماء ، أو کان صحیحاً یقدر علیٰ تحصیل الماء والکلأ ، وإن کان ممّا تغلب علیه صغار السباع کالشاة وأطفال البعیر والدوابّ جاز أخذه ، فإذا أخذه عرّفه فی المکان الذی أصابه وحوالیه إن کان فیه أحد ، فإن عرف صاحبه ردّه إلیه ، وإلاّ کان له تملّکه وبیعه وأکله مع الضمان لمالکه لو وجد ، کما أنّ له إبقاؤه وحفظه لمالکه ولا ضمان علیه .
(مسألة 5) : لو أخذ البعیر ونحوه فی صورة لایجوز له أخذه ضمنه ، ویجب علیه الإنفاق علیه ، ولیس له الرجوع بما أنفقه علیٰ صاحبه وإن کان من قصده الرجوع علیه ، کما مرّ فیما یؤخذ من العمران .
(مسألة 6) : إذا ترک الحیوان صاحبه ، وسرّحه فی الطرق أو الصحاری والبراری ، فإن کان بقصد الإعراض عنه جاز لکلّ أحد أخذه وتملّکه ، کما هو الحال فی کلّ مال أعرض عنه صاحبه ، وإن لم یکن بقصد الإعراض ، بل کان من جهة العجز عن إنفاقه ، أو من جهة جهد الحیوان وکلاله - کما یتّفق کثیراً أنّ الإنسان إذا کلّت دابّته فی الطرق والمفاوز ولم یتمکّن من الوقوف عندها یأخذ رحلها أو سرجها ویسرّحها ویذهب - فإن ترکه فی کلأ وماء وأمن لیس لأحد أن یأخذه ، فلو أخذه کان غاصباً ضامناً له ، وإن أرسله بعد ما أخذه لم یخرج من
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 680 الضمان . وفی وجوب حفظه والإنفاق علیه وعدم الرجوع علیٰ صاحبه ما مرّ فیما یؤخذ فی العمران ، وإن ترکه فی خوف وعلیٰ غیر ماء وکلأ جاز أخذه والإنفاق علیه وهو للآخذ إذا تملّکه .
(مسألة 7) : إذا أصاب دابّة وعلم بالقرائن أنّ صاحبها قد ترکها ولم یدر أنّه قد ترکها بقصد الإعراض أو بسبب آخر کان بحکم الثانی ، فلیس له أخذها وتملّکها ، إلاّ إذا کانت فی مکان خوف بلا ماء ولا کلأ .
(مسألة 8) : إذا أصاب حیواناً فی غیر العمران ، ولم یدر أنّ صاحبه قد ترکه بأحد النحوین ، أو لم یترکه بل ضاعه أو شرد عنه ، کان بحکم الثانی من التفصیل المتقدّم ، فإن کان مثل البعیر لم یجز أخذه وتملّکه إلاّ إذا کان غیر صحیح ولم یکن فی ماء وکلأ ، وإن کان مثل الشاة جاز أخذه مطلقاً .
القول فی لقطة غیر الحیوان
التی یطلق علیها «اللقطة» عند الإطلاق واللقطة بالمعنی الأخصّ . ویعتبر فیها عدم معرفة المالک ، فهو قسم من المجهول المالک ، له أحکام خاصّة .
(مسألة 1) : یعتبر فیه الضیاع عن المالک ، فما یؤخذ من ید الغاصب والسارق لیس من اللقطة ؛ لعدم الضیاع عن مالکه ، بل لابدّ فی ترتیب أحکامها من إحراز الضیاع ، ولو بشاهد الحال ، فالمداس المتبدّل بمداسه فی المساجد ونحوها یشکل ترتیب أحکام اللقطة علیه ، وکذا الثوب المتبدّل بثوبه فی الحمّام ونحوه ؛ لاحتمال تقصّد المالک فی التبدیل ، ومعه یکون من المجهول المالک لامن اللقطة .
(مسألة 2) : یعتبر فی صدق اللقطة وثبوت أحکامها الأخذ والالتقاط ، فلو رأیٰ شیئاً وأخبر به غیره فأخذه ، کان حکمها علی الآخذ دون الرائی وإن تسبّب منه ، بل لو قال : ناولنیه ، فنوی المأمور الأخذ لنفسه ، کان هو الملتقط دون الآمر . نعم لو أخذه لا لنفسه وناوله إیّاه الظاهر صدق الملتقط علی الآمر المتناول ، بل بناءً علیٰ صحّة الاستنابة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 681 والنیابة فی الالتقاط - کما فی حیازة المباحات وإحیاء الموات - یکفی مجرّد أخذ المأمور النائب فی صیرورة الآمر ملتقطاً ؛ لکون یده بمنزلة یده وأخذه بمنزلة أخذه .
(مسألة 3) : لو رأیٰ شیئاً مطروحاً علی الأرض فأخذه بظنّ أنّه ماله فتبیّن أنّه ضائع عن غیره ، صار بذلک لقطة وعلیه حکمها ، وکذا لو رأیٰ مالاً ضائعاً فنحّاه من جانب إلیٰ آخر ، نعم لو دفعه برجله لیتعرّفه ، الظاهر عدم صیرورته بذلک ملتقطاً بل ولا ضامناً ؛ لعدم صدق الید والأخذ .
(مسألة 4) : المال المجهول المالک الغیر الضائع لایجوز أخذه ووضع الید علیه ، فإن أخذه کان غاصباً ضامناً إلاّ إذا کان فی معرض التلف فیجوز بقصد الحفظ . ویکون حینئذٍ فی یده أمانة شرعیّة لا یضمن إلاّ بالتعدّی أو التفریط . وعلیٰ کلّ من تقدیری جواز الأخذ وعدمه لو أخذه یجب علیه الفحص عن مالکه إلیٰ أن یئس من الظفر به ، وعند ذلک یجب علیه أن یتصدّق به .
(مسألة 5) : کلّ مال غیر الحیوان اُحرز ضیاعه عن مالکه المجهول ؛ ولو بشاهد الحال ـ وهو الذی یطلق علیه اللقطة کما مرّ - یجوز أخذه والتقاطه علیٰ کراهة ، وإن کان المال الضائع فی الحرم - أی حرم مکّة زادها اللّه شرفاً وتعظیماً - اشتدّت کراهة التقاطه ، بل نسب إلی المشهور حرمته ، فلا یترک فیه الاحتیاط .
(مسألة 6) : اللقطة إن کانت قیمتها دون الدرهم ، جاز تملّکها فی الحال من دون تعریف وفحص عن مالکها ، ولا یملکها قهراً بدون قصد التملّک علی الأقویٰ ، فإن جاء مالکها بعد ما التقطها دفعها إلیه مع بقائها ؛ وإن تملّکها علی الأحوط لو لم یکن الأقویٰ ، وإن کانت تالفة لم یضمنها الملتقط ولیس علیه عوضها إن کان بعد التملّک ، وإن کانت قیمتها درهماً أو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 682 أزید وجب علیه تعریفها والفحص عن صاحبها ، فإن لم یظفر به ، فإن کانت لقطة الحرم تخیّر بین أمرین : التصدّق بها أو إبقاؤها عنده وحفظها لمالکها ، ولیس له تملّکها ، وإن کانت لقطة غیر الحرم تخیّر بین اُمور ثلاثة : تملّکها ، والتصدّق بها مع الضمان فیهما ، وإبقاؤها أمانة بیده من غیر ضمان .
(مسألة 7) : الدرهم : هو الفضّة المسکوکة الرائجة فی المعاملة ، وهو وإن اختلف عیاره بحسب الأزمنة والأمکنة إلاّ أنّ المراد هنا ما کان علیٰ وزن اثنتی عشر حمّصة ونصف حمّصة وعشرها ؛ وبعبارة اُخریٰ : نصف مثقال وربع عشر مثقال بالمثقال الصیرفی ـ الذی یساوی أربعة وعشرین حمّصة معتدلة - فالدرهم یقارب نصف ریال عجمیّ ، وکذا ربع روبیة إنکلیسیّة .
(مسألة 8) : المدار فی القیمة علیٰ مکان الالتقاط وزمانه فی اللقطة وفی الدرهم ، فإن وجد شیئاً فی بلاد العجم - مثلاً - وکان قیمته فی بلد الالتقاط وزمانه أقلّ من نصف ریال ، أو وجد فی بلاد تکون الرائج فیها الروبیّة وکان قیمته أقلّ من ربعها جاز تملّکه فی الحال ولا یجب تعریفه .
(مسألة 9) : یجب التعریف فوراً فیما لم یکن أقلّ من درهم ، فلو أخّره من أوّل زمن الالتقاط عصیٰ إلاّ إذا کان لعذر ولو أخّره لعذر أو لا لعذر لم یسقط .
(مسألة 10) : قیل : لایجب التعریف إلاّ إذا کان ناویاً للتملّک بعده ، والأقویٰ وجوبه مطلقاً ؛ وإن کان من نیّته التصدّق أو الحفظ لمالکها أو غیر ناو لشیء أصلاً .
(مسألة 11) : مدّة التعریف الواجب سنة کاملة ولا یشترط فیها التوالی ، فإن عرّفها فی ثلاثة شهور فی سنة علیٰ نحو یقال فی العرف : أنّه عرّفها فی تلک المدّة ، ثمّ ترک التعریف بالمرّة ، ثمّ عرّفها فی سنة اُخریٰ ثلاثة شهور وهکذا إلیٰ أن کمل مقدار سنة فی ضمن أربع سنوات - مثلاً - کفیٰ فی تحقّق التعریف الذی هو شرط لجواز التملّک والتصدّق ، وسقط عنه ما وجب علیه وإن کان عاصیاً فی تأخیره إن کان بدون عذر .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 683 (مسألة 12) : لایعتبر فی التعریف مباشرة الملتقط ، بل یجوز استنابة الغیر مجّاناً أو بالاُجرة مع الاطمئنان بإیقاعه . والظاهر أنّ اُجرة التعریف علی الملتقط إلاّ إذا کان من قصده أن یبقیٰ بیده ویحفظها لمالکه .
(مسألة 13) : لو علم بأنّ التعریف لا فائدة فیه أو حصل له الیأس من وجدان مالکها قبل تمام السنة سقط ، وتخیّر بین الأمرین فی لقطة الحرم ، والاُمور الثلاثة فی لقطة غیره ، والأحوط فی الثانی أن یتصدّق بها ولا یتملّک .
(مسألة 14) : لو تعذّر التعریف فی أثناء السنة انتظر رفع العذر ، ولیس علیه بعد ارتفاع العذر استئناف السنة بل یکفی تتمیمها .
(مسألة 15) : لو علم بعد تعریف سنة أنّه لو زاد علیها عثر علیٰ صاحبه ، فهل یجب الزیادة إلیٰ أن یعثر علیه أم لا ؟ وجهان ، أحوطهما الأوّل وإن کان الثانی لایخلو من قوّة .
(مسألة 16) : لو ضاعت اللقطة من الملتقط ووجدها شخص آخر ، لم یجب علیه التعریف ، بل یجب علیه إیصالها إلی الملتقط الأوّل ، نعم لو لم یعرّفه وجب علیه التعریف سنة طالباً به المالک أو الملتقط الأوّل ، فأیّاً منهما عثر علیه یجب دفعها إلیه ، من غیر فرق بین ما کان ضیاعها من الملتقط قبل تعریفه سنة أو بعده .
(مسألة 17) : إذا کانت اللقطة ممّا لا تبقیٰ سنة - کالطبیخ والبطّیخ واللحم والفواکه والخضروات - جاز أن یقوّمها علیٰ نفسه ویأکلها ویتصرّف بها أو یبیعها من غیره ویحفظ ثمنها لمالکها ، والأحوط أن یکون بیعها بإذن الحاکم مع الإمکان . ولا یسقط التعریف فیحفظ خصوصیّاتها وصفاتها قبل أن یأکلها أو یبیعها ثمّ یعرّفها سنة ، فإن جاء صاحبها وقد باعها دفع ثمنها إلیه وإن أکلها غرمه بقیمته ، وإن لم یجئ فلا شیء علیه .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 684 (مسألة 18) : یتحقّق تعریف سنة : بأن یکون فی مدّة سنة - متوالیة أو غیر متوالیة - مشغولاً بالتعریف ؛ بحیث لم یعدّ فی العرف متسامحاً متساهلاً فی الفحص عن مالکه ، بل عدّوه فاحصاً عنه فی هذه المدّة . ولا یتقدّر ذلک بمقدار معیّن ، بل هو أمر عرفی ، وقد نسب إلی المشهور تحدیده بأن یعرّف فی الاُسبوع الأوّل فی کلّ یوم مرّة ، ثمّ فی بقیّة الشهر فی کلّ اُسبوع مرّة ، وبعد ذلک فی کلّ شهر مرّة . والظاهر أنّ المراد بیان أقلّ ما یصدق علیه تعریف سنة عرفاً ومرجعه إلیٰ کفایة بضع وعشرین مرّة بهذه الکیفیّة ، وفیه إشکال من جهة الإشکال فی کفایة کلّ شهر مرّة فی غیر الشهر الأوّل ، والظاهر کفایة کلّ اُسبوع مرّة إلیٰ تمام الحول ، والأحوط أن یکون فی الاُسبوع الأوّل کلّ یوم مرّة .
(مسألة 19) : محلّ التعریف مجامع الناس ، کالأسواق والمشاهد ومحلّ إقامة الجماعات ومجالس التعازی وکذا المساجد حین اجتماع الناس فیها وإن کره ذلک فیها فینبغی أن یکون علیٰ أبوابها حین دخول الناس فیها أو خروجهم عنها .
(مسألة 20) : یجب أن یعرّف اللقطة فی موضع الالتقاط ؛ إن وجدها فی محلّ متأهّل من بلد أو قریة ونحوهما ، ولو لم یقدر علی البقاء لم یسافر بها ، بل استناب شخصاً أمیناً ثقة لیعرّفها ، وإن وجدها فی المفاوز والبراری والشوارع وأمثال ذلک عرّفها لمن یجده فیها ، حتّیٰ أنّه لو اجتازت قافلة تبعهم وعرّفها فیهم ، فإن لم یجد المالک فیها أتمّ التعریف فی غیرها من البلاد أیّ بلد شاء ممّا احتمل وجود صاحبها فیه ، وینبغی أن یکون فی أقرب البلدان إلیها فالأقرب مع الإمکان .
(مسألة 21) : کیفیّة التعریف أن یقول المنادی : من ضاع له ذهب أو فضّة أو ثوب ؟ وما شاکل ذلک من الألفاظ بلغة یفهمها الأغلب ، ویجوز أن یقول : من ضاع له شیء ، أو مال ؟ بل ربّما قیل : إنّ ذلک أحوط وأولیٰ فإذا ادّعیٰ أحد ضیاعه سأله عن خصوصیّاته وصفاته وعلاماته ؛ من وعائه وخیطه وصنعته واُمور یبعد اطّلاع غیر المالک علیه من عدده وزمان ضیاعه ومکانه وغیر ذلک فإذا توافقت الصفات والخصوصیّات التی ذکره مع الخصوصیّات الموجودة فی ذلک المال فقد تمّ التعریف . ولا یضرّ جهله ببعض
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 685 الخصوصیّات التی لا یطّلع علیها المالک غالباً ولا یلتفت إلیها إلاّ نادراً ، ألا تریٰ أنّ الکتاب الذی یملکه الإنسان ویقرؤه ویطالعه مدّة طویلة من الزمان لا یطّلع غالباً علیٰ عدد أوراقه وصفحاته ، فلو لم یعرف مثل ذلک ، لکن وصفه بصفات وعلامات اُخر لا تخفیٰ علی المالک ، کفیٰ فی تعریفه وتوصیفه .
(مسألة 22) : إذا لم تکن اللقطة قابلة للتعریف - بأن لم تکن لها علامة وخصوصیّات ممتازة عن غیرها حتّیٰ یصف بها من یدّعیها ویسأل عنها الملتقط ، کدینار واحد من الدنانیر المتعارفة غیر مصرور ولا مکسور - سقط التعریف ، وحینئذٍ هل یتخیّر بین الاُمور الثلاثة المتقدّمة من دون تعریف مثل ما حصل الیأس من وجدان مالکه ، أو یعامل معه معاملة مجهول المالک فیتعیّن التصدّق به ؟ وجهان ، أحوطهما الثانی .
(مسألة 23) : إذا التقط اثنان لقطة واحدة ، فإن کان المجموع دون درهم جاز لهما تملّکها فی الحال من دون تعریف وکان بینهما بالتساوی ، وإن کانت بمقدار درهم فما زاد وجب علیهما تعریفها وإن کانت حصّة کلّ منهما أقلّ من درهم . ویجوز أن یتصدّیٰ للتعریف کلاهما أو أحدهما أو یوزّع الحول علیهما بالتساوی أو التفاضل ، فإن توافقا علیٰ أحد الأنحاء فقد تأدّیٰ ما هو الواجب علیهما وسقط عنهما ، وإن تعاسر یوزّع الحول علیهما بالتساوی ، وهکذا بالنسبة إلیٰ اُجرة التعریف لو کانت علیهما ، وبعد ما تمّ حول التعریف یجوز اتّفاقهما علی التملّک أو التصدّق أو الإبقاء أمانة . ویجوز أن یختار أحدهما غیر ما یختاره الآخر ؛ بأن یختار أحدهما التملّک والآخر التصدّق مثلاً ؛ کلّ فی نصفه .
(مسألة 24) : إذا التقط الصبیّ أو المجنون ، فما کان دون درهم ملکاه إن قصدا أو قصد ولیّهما التملّک ، وما کان مقدار درهم فما زاد یعرّف وکان التعریف علیٰ ولیّهما ، وبعد تمام الحول یختار من التملّک لهما والتصدّق والإبقاء أمانة ما هو الأصلح لهما .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 686 (مسألة 25) : اللقطة فی مدّة التعریف أمانة لا یضمنها الملتقط إلاّ مع التعدّی أو التفریط ، وکذا بعد تمام الحول إن اختار بقاؤها عنده أمانة لمالکها ، وأمّا إن اختار التملّک أو التصدّق ، فإنّه تصیر فی ضمانه کما تعرفه .
(مسألة 26) : إن وجد المالک وقد تملّکه الملتقط بعد التعریف ، فإن کانت العین باقیة أخذها ولیس له إلزام الملتقط بدفع البدل من المثل أو القیمة ، وکذا لیس له إلزام المالک بأخذ البدل ، وإن کانت تالفة أو منتقلة إلی الغیر ببیع ونحوه أخذ بدله من الملتقط من المثل أو القیمة ، وإن وجد بعد ما تصدّق به فلیس له أن یرجع إلی العین وإن کانت موجودة عند المتصدّق له ، وإنّما له أن یرجع علی الملتقط ویأخذ منه بدل ماله إن لم یرض بالتصدّق ، وإن رضی به لم یکن له الرجوع علیه وکان أجر الصدقة له . هذا إذا وُجد المالک ، وأمّا إذا لم یوجد فلا شیء علیه فی الصورتین .
(مسألة 27) : لایسقط التعریف عن الملتقط بدفع اللقطة إلی الحاکم وإن جاز له دفعها إلیه قبل التعریف وبعده ، بل إن اختار التصدّق بها بعد التعریف کان الأولیٰ أن یدفعها إلیه لیتصدّق بها .
(مسألة 28) : لو وجد المالک وقد حصل للّقطة نماء متّصل یتبع العین ، فیأخذ العین بنمائه ؛ سواء حصل قبل تمام التعریف أو بعده ، وسواء حصل قبل التملّک أو بعده . وأمّا النماء المنفصل ، فإن حصل بعد التملّک کان للملتقط ، فإذا کانت العین موجودة تدفعها إلی المالک دون نمائها ، وإن حصل فی زمن التعریف أو بعده قبل التملّک کان للمالک .
(مسألة 29) : لو حصل لها نماء منفصل بعد الالتقاط ، فعرّف العین حولاً ولم یجد المالک فهل له تملّک النماء بتبع العین أم لا ؟ وجهان ، بل قولان ، أظهرهما الأوّل وأحوطهما الثانی ؛ بأن یعمل معه معاملة مجهول المالک فیتصدّق به بعد الیأس عن المالک .
(مسألة 30) : ما یوجد مدفوناً فی الخربة الدارسة التی باد أهلها وفی المفاوز وکلّ أرض لا ربّ لها ، فهو لواجده من دون تعریف ، وعلیه الخمس کما مرّ فی کتابه ، وکذا ما کان مطروحاً وعلم أو ظنّ بشهادة بعض العلائم والخصوصیّات أنّه لیس لأهل زمن الواجد .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 687 وأمّا ما علم أنّه لأهل زمانه فهی لقطة ، فیجب تعریفها إن کان بمقدار الدرهم فما زاد ، وقد مرّ أنّه یعرّف فی أیّ بلد شاء .
(مسألة 31) : لو علم مالک اللقطة قبل التعریف أو بعده ، لکن لم یمکن الإیصال إلیه ولا إلیٰ وارثه ، ففی إجراء حکم اللقطة علیه من التخییر بین الاُمور الثلاثة ، أو إجراء حکم مجهول المالک علیه وتعیّن التصدّق به وجهان ، الأحوط الثانی ، بل لایخلو من قوّة .
(مسألة 32) : لو مات الملتقط ، فإن کان بعد التعریف والتملّک ینتقل إلیٰ وارثه ، وإن کان بعد التعریف وقبل التملّک ، یتخیّر وارثه بین الاُمور الثلاثة ، وإن کان قبل التعریف أو فی أثنائه یتولاّه وارثه فی الأوّل ، ویتمّه فی الثانی ، ثمّ هو مخیّر بین الاُمور الثلاثة . ولو تعدّدت الورثة کان حکمهم حکم الملتقط المتعدّد مع وحدة اللقطة ، وقد مرّ حکمه فی بعض المسائل السابقة .
(مسألة 33) : لو وجد مالاً فی دار معمورة یسکنها الغیر - سواء کانت ملکاً له أو مستأجرة أو مستعارة بل أو مغصوبة - عرّفه الساکن ، فإن ادّعیٰ ملکیّته فهو له ، فلیدفع إلیه بلا بیّنة ، وکذا لو قال : لا أدری ، وإن سلبه عن نفسه فقد نُسب إلی المشهور : أنّه ملک للواجد ، وفیه إشکال ، فالأحوط إجراء حکم اللقطة علیه ، وأحوط منه إجراء حکم مجهول المالک ، فیتصدّق به بعد الیأس عن المالک .
(مسألة 34) : لو وجد شیئاً فی جوف حیوان قد انتقل إلیه من غیره ، فإن کان غیر السمک کالغنم والبقر عرّفه صاحبه السابق ، فإن ادّعاه دفعه إلیه ، وکذا إن قال : «لا أدری» علی الأحوط ، وإن أنکره کان للواجد . وإن وجد شیئاً - لؤلؤة أو غیرها - فی جوف سمکة اشتراها من غیره فهو له . والظاهر أنّ الحیوان الذی لم یکن له مالک سابق غیر السمک
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 688 بحکم السمک ، کما إذا اصطاد غزالاً فوجد فی جوفه شیئاً ، وإن کان الأحوط إجراء حکم اللقطة أو المجهول المالک علیه .
(مسألة 35) : لو وجد فی داره التی یسکنها شیئاً ، ولم یعلم أنّه ماله أو مال غیره ، فإن لم یدخلها غیره ، أو یدخلها آحاد من الناس من باب الاتّفاق ، کالدخلانیّة المعدّة لأهله وعیاله فهو له ، وإن کانت ممّا یتردّد فیها الناس ، کالبرّانیّة المعدّة للأضیاف والواردین والعائدین والمضایف ونحوها ، فهی لقطة یجری علیه حکمها ، وإن وجد فی صندوقه شیئاً ولم یعلم أنّه ماله أو مال غیره ، فهو له إلاّ إذا کان غیره یدخل یده فیه أو یضع فیه شیئاً ، فیعرّفه ذلک الغیر ، فإن أنکره کان له ، لا لذلک الغیر ، فإن ادّعاه دفعه إلیه ، وإن قال : «لا أدری» فالأحوط التصالح .
(مسألة 36) : لو أخذ من شخص مالاً ، ثمّ علم أنّه لغیره قد أخذ منه بغیر وجه شرعی وعدواناً ولم یعرف المالک ، یجری علیه حکم مجهول المالک لا اللقطة ، لما مرّ أنّه یعتبر فی صدقها الضیاع عن المالک ولا ضیاع فی هذا الفرض . نعم فی خصوص ما إذا أودع عنده سارق مالاً ثمّ تبیّن أنّه مال غیره ولم یعرفه ، یجب علیه أن یمسکه ، ولا یردّه إلی السارق مع الإمکان ، ثمّ هو بحکم اللقطة فیعرّفها حولاً ، فإن أصاب صاحبها ردّها علیه ، وإلاّ تصدّق بها ، فإن جاء صاحبها بعد ذلک خیّره بین الأجر والغرم ، فإن اختار الأجر فله ، وإن اختار الغرم غرم له ، وکان الأجر له ، ولیس له أن یتملّکه بعد التعریف ، فلیس هو بحکم اللقطة من هذه الجهة .
(مسألة 37) : لو التقط شیئاً فبعد ما صار فی یده ادّعاه شخص حاضر وقال : «إنّه مالی» یشکل دفعه إلیه بمجرّد دعواه ، بل یحتاج إلی البیّنة ، إلاّ إذا کان بحیث یصدق عرفاً أنّه فی یده أو ادّعاه قبل أن یلتقطه ، فیحکم بکونه ملکاً للمدّعی ، ولا یجوز له أن یلتقطه .
(مسألة 38) : لایجب دفع اللقطة إلیٰ من یدّعیها إلاّ مع العلم أو البیّنة ، وإن وصفها بصفات وعلامات لا یطّلع علیها غیر المالک غالباً إذا لم یفد القطع بکونه المالک . نعم نسب إلی الأکثر : أنّه إن أفاد الظنّ جاز دفعها إلیه ، فإن تبرّع بالدفع علیه لم یمنع ، وإن امتنع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 689 لم یجبر ، وفیه إشکال ، فالأحوط الاقتصار فی الدفع علیٰ صورة العلم أو البیّنة .
(مسألة 39) : لو تبدّل مداسه بمداس آخر فی مسجد أو غیره ، أو تبدّل ثیابه فی حمّام أو غیره بثیاب آخر ، فإن علم أنّ الموجود لمن أخذ ماله جاز أن یتصرّف فیه ، بل یتملّکه بعنوان التقاصّ عن ماله ، خصوصاً فیما إذا علم - ولو بشاهد الحال - أنّ صاحبه قد بدّله متعمّداً . نعم لو کان الموجود أجود ممّا أخذ یلاحظ التفاوت فیقوّمان معاً ویتصدّق مقدار التفاوت بعد الیأس عن صاحب المتروک ، وإن لم یعلم بأنّ المتروک لمن أخذ ماله أو لغیره ، یعامل معه معاملة مجهول المالک ، فیتفحّص عن صاحبه ، ومع الیأس عنه یتصدّق به ، بل الأحوط ذلک – أیضاً - فیما لو علم أنّ الموجود للآخذ ، لکن لم یعلم أنّه قد بدّل متعمّداً .
خاتمة
إذا وجد صبیّاً ضائعاً لا کافل له ، ولا یستقلّ بنفسه علی السعی فیما یصلحه والدفع عمّا یضرّه ویهلکه - ویقال له : «اللّقیط» - یجوز بل یستحبّ التقاطه وأخذه ، بل یجب إذا کان فی معرض التلف ؛ سواء کان منبوذاً قد طرحه أهله فی شارع أو مسجد ونحوهما عجزاً عن النفقة ، أو خوفاً من التهمة ، أو غیره ، بل وإن کان ممیّزاً بعد صدق کونه ضائعاً تائهاً لا کافل له . وبعد ما أخذ اللّقیط والتقطه ، یجب علیه حضانته وحفظه والقیام بضرورة تربیته بنفسه أو بغیره وهو أحقّ به من غیره إلیٰ أن یبلغ ، فلیس لأحد أن ینتزعه من یده ویتصدّیٰ حضانته ، غیر من له حقّ الحضانة شرعاً بحقّ النسب کالأبوین والأجداد وسائر الأقارب ، أو بحقّ الوصایة کوصیّ الأب أو الجدّ إذا وجد أحد هؤلاء ، فیخرج بذلک عن عنوان اللّقیط ؛ لوجود الکافل له حینئذٍ ، واللّقیط من لا کافل له ، وکما لهؤلاء حقّ الحضانة ، فلهم انتزاعه من ید آخذه کذلک علیهم ذلک ، فلو امتنعوا اُجبروا علیه .
(مسألة 1) : إذا کان للّقیط مال ؛ من فراش أو غطاء زائدین علیٰ مقدار حاجته ، أو غیر
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 690 ذلک ، جاز للملتقط صرفه فی إنفاقه بإذن الحاکم أو وکیله ، ومع تعذّرهما جاز له ذلک بنفسه ولا ضمان علیه ، وإن لم یکن له مال ، فإن وجد من ینفق علیه - من حاکم بیده بیت المال ، أو من کان عنده حقوق تنطبق علیه من زکاة أو غیرها ، أو متبرّع - کان له الاستعانة بهم فی إنفاقه ، أو الإنفاق علیه من ماله ، ولیس له حینئذٍ الرجوع علی اللّقیط بما أنفقه بعد بلوغه ویساره وإن نوی الرجوع علیه ، وإن لم یکن من ینفق علیه من أمثال ما ذکر تعیّن علیه وکان له الرجوع علیه مع قصد الرجوع لا بدونه .
(مسألة 2) : یشترط فی الملتقط : البلوغ والعقل والحرّیة ، وکذا الإسلام إن کان اللّقیط محکوماً بالإسلام .
(مسألة 3) : لقیط دار الإسلام محکوم بالإسلام ، وکذا لقیط دار الکفر إذا وجد فیها مسلم احتمل تولّد اللّقیط منه . وإن کان فی دار الکفر ولم یکن فیها مسلم أو کان ولم یحتمل کونه منه یحکم بکفره . وفیما کان محکوماً بالإسلام لو أعرب عن نفسه الکفر بعد البلوغ یحکم بکفره ، لکن لایجری علیه حکم المرتدّ الفطری علی الأقویٰ .
(مسألة 4) : اللّقیط محکوم بالحرّیة ما لم یعلم خلافه ، أو أقرّ علیٰ نفسه بالرقّ بعد بلوغه ، حتّیٰ فیما لو التقط من دار الکفر ولم یکن فیها مسلم احتمل تولّده منه ، غایة الأمر أنّه یجوز استرقاقه حینئذٍ ، وهذا غیر الحکم برقّیّته کما لایخفیٰ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 691