(مسألة 1) : عقد البیع یحتاج إلیٰ إیجاب وقبول ، والأقویٰ عدم اعتبار العربیّة ، بل یقع بکلّ لغة ولو مع إمکان العربی ، کما أنّه لایعتبر فیه الصراحة ، بل یقع بکلّ لفظ دالّ علی المقصود عند أهل المحاورة کـ «بعتُ» و«ملّکتُ» ونحوهما فی الإیجاب ، و«قبلتُ» و«اشتریتُ» و«ابتعتُ» ونحو ذلک فی القبول ، کما أنّ الظاهر عدم اعتبار الماضویّة فیجوز بالمضارع وإن کان المشهور اعتبارها ، ولاریب أنّه الأحوط . وهل یعتبر فیه عدم اللحن من حیث المادّة والهیئة والإعراب لو أوقعه بالعربی ؟ الظاهر العدم إذا کان دالاًّ علی المقصود عند أبناء المحاورة وعدّ ملحوناً من الکلام لا کلاماً آخر ذکر فی هذا المقام ، کما إذا قال : «بَعتُ» بفتح الباء أو «بِعِتْ» بکسر العین وسکون التاء ، وأولیٰ بذلک اللغات المحرّفة کالمتداولة بین أهل السواد ومن ضاهاهم .
(مسألة 2) : الظاهر جواز تقدیم القبول علی الإیجاب إذا کان بمثل «اشتریتُ» و«ابتعتُ» لا بمثل «قبلتُ» و«رضیتُ» ، وأمّا إذا کان بنحو الأمر والاستیجاب کما إذا قال من یرید الشراء : بعنی الشیء الفلانی بکذا ، فقال البائع : بعتکه بکذا ، ففی صحّته وتمامیّة العقد به إشکال لایبعد الصحّة ، وإن کان الأحوط إعادة المشتری القبول .
(مسألة 3) : یعتبر الموالاة بین الإیجاب والقبول ؛ بمعنیٰ عدم الفصل الطویل بینهما بما یخرجهما عن عنوان العقد والمعاقدة ، ولا یضرّ القلیل بحیث یصدق معه أنّ هذا قبول لذلک الإیجاب .
(مسألة 4) : یعتبر فی العقد التطابق بین الإیجاب والقبول ، فلو اختلفا بأن أوجب البائع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 332 البیع علیٰ وجه خاصّ من حیث المشتری أو المبیع أو الثمن أو توابع العقد من الشروط ، وقبل المشتری علیٰ وجه آخر لم ینعقد ، فلو قال البائع : بعت هذا من موکّلک بکذا ، فقال الوکیل : اشتریته لنفسی ، لم ینعقد . نعم لو قال : بعت هذا من موکّلک ، فقال الموکّل الحاضر الغیر المخاطب : قبلت ، لم یبعد الصحّة . ولو قال : بعتک هذا بکذا ، فقال : اشتریت لموکّلی ، فإن کان الموجب قاصداً وقوع البیع للمخاطب بما هو هو وبنفسه لم ینعقد ، وأمّا إذا کان قاصداً له أعمّ من کونه أصیلاً أو کونه نائباً ووکیلاً صحّ وانعقد . ولو قال : بعتک هذا بألف ، فقال : اشتریت نصفه بألف أو بخمسمائة ، لم ینعقد ، بل لو قال : اشتریت کلّ نصف منه بخمسمائة ، لایخلو من إشکال . ولو قال لشخصین : بعتکما هذا بألف ، فقال أحدهما : اشتریت نصفه بخمسمائة ، لم ینعقد ، وأمّا لو قال کلّ منهما ذلک لایبعد الصحّة ، لکنّه لایخلو من إشکال . ولو قال : بعتک هذا بهذا علیٰ أن یکون لی الخیار ثلاثة أیّام ، فقال : اشتریت ، فإن فهم ولو من ظاهر الحال والمقام أنّه قصد شراءه علی الشرط الذی ذکره البائع صحّ وانعقد ، وإن قصده مطلقاً وبلا شرط لم ینعقد ، وأمّا لو انعکس بأن أوجب البائع بلا شرط وقبل المشتری معه ، فلاینعقد مشروطاً قطعاً ، وهل ینعقد مطلقاً وبلا شرط ؟ فیه إشکال .
(مسألة 5) : یقوم مقام اللفظ مع التعذّر - لخرس ونحوه - الإشارة المفهمة ولو مع التمکّن من التوکیل علی الأقویٰ ، کما أنّه یقوم مقامه الکتابة مع العجز عنه وعن الإشارة ، وأمّا مع القدرة علیها فالظاهر تقدّمها علی الکتابة .
(مسألة 6) : الأقویٰ وقوع البیع بالمعاطاة ؛ سواء کان فی الحقیر أو الخطیر ؛ وهی عبارة عن تسلیم العین بقصد کونها ملکاً للغیر بالعوض وتسلیم عین اُخریٰ من آخر بعنوان العوضیّة . والظاهر تحقّقها بمجرّد تسلیم المبیع بقصد التملیک بالعوض مع قصد المشتری فی أخذه التملّک بالعوض ، فیجوز جعل الثمن کلّیّاً فی ذمّة المشتری . وفی تحقّقها بتسلیم العوض فقط من المشتری إشکال .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 333 (مسألة 7) : الأقویٰ أنّه یعتبر فی المعاطاة جمیع ما اعتبر فی البیع العقدی ما عدا الصیغة من الشروط الآتیة ، فلا تصحّ مع فقد واحد منها ؛ سواء کان ممّا اعتبر فی المتبایعین أو فی العوضین ، کما أنّ الأقویٰ ثبوت الخیارات الآتیة فیها ولو بعد لزومها بأحد الملزمات الآتیة إلاّ إذا کان وجود الملزم منافیاً لثبوت الخیار وموجباً لسقوطه ، کما إذا کان المأخوذ بالمعاطاة معیباً ولم یکن قائماً بعینه .
(مسألة 8) : البیع العقدی لازم من الطرفین إلاّ مع وجود أحد الخیارات الآتیة ، نعم یجوز فسخه بالإقالة ؛ وهی الفسخ من الطرفین . وأمّا المعاطاة فالأقویٰ أنّها مفیدة للملک لکنّها جائزة من الطرفین ، ولا تلزم إلاّ بتلف أحد العوضین ، أو التصرّف المغیّر أو الناقل للعین . ولو مات أحدهما لم یکن لوارثه الرجوع ، ولکن لو جنّ فالظاهر قیام ولیّه مقامه فی الرجوع .
(مسألة 9) : البیع المعاطاتی لیس قابلاً للشروط ، فلو اُرید ثبوت خیار بالشرط أو سقوطه به أو شرط آخر حتّیٰ جعل مدّة وأجل لأحد العوضین یلزم إجراء صیغة البیع وإدراج ذلک الشرط فی ضمنها .
(مسألة 10) : هل تجری المعاطاة فی غیر البیع من سائر المعاملات ، أو لاتجری فیها ، أو تجری فی بعضها دون بعض ؟ لعلّ الظاهر هو الأخیر ، ونحن فیما بعد نشیر فی کلّ باب إلیٰ جریانها فیه وعدمه إن شاء اللّه تعالیٰ .
(مسألة 11) : کما یقع البیع والشراء بمباشرة المالک یقع بالتوکیل أو الولایة من طرف واحد أو من الطرفین . ویجوز لشخص واحد تولّی طرفی العقد أصالة من طرف ووکالة أو ولایة من آخر ، أو وکالة من الطرفین ، أو ولایة منهما ، أو وکالة من طرف وولایة من آخر .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 334 (مسألة 12) : لا یجوز تعلیق البیع علیٰ شیء غیر حاصل حین العقد ؛ سواء علم حصوله فیما بعد أم لا ، ولا علیٰ شیء مجهول الحصول حینه . وأمّا تعلیقه علیٰ معلوم الحصول حینه کما إذا قال : بعتک إن کان الیوم یوم السبت ، مع العلم به ، ففیه إشکال ، لایبعد الجواز .
(مسألة 13) : لو قبض المشتری ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم یملکه وکان مضموناً علیه ؛ بمعنیٰ أنّه یجب علیه أن یردّه إلیٰ مالکه . ولو تلف ولو بآفة سماویة یجب علیه ردّ عوضه من المثل أو القیمة ، نعم لو کـان کلّ من البائع والمشتری راضیاً بتصرّف الآخـر فیما قبضه ولو علیٰ تقدیر فساده یبـاح لکلّ منهما التصرّف والانتفاع بما قبضـه ولو بإتلافه ، ولا ضمان علیه .
القول فی شروط البیع
وهی إمّا فی المتعاقدین وإمّا فی العوضین :
القول فی شرائط المتعاقدین
وهی اُمور :
الأوّل : البلوغ ، فلایصحّ بیع الصغیر ولو کان ممیّزاً وکان بإذن الولیّ إذا کان مستقلاًّ فی إیقاع المعاملة ، نعم لو کان بمنزلة الآلة بحیث یکون حقیقة المعاملة بین البالغین لابأس به .
(مسألة 1) : ظاهر المشهور أنّه کما لاتصحّ معاملة الصبیّ لنفسه کذلک لاتصحّ لغیره أیضاً إذا کان وکیلاً عنه ، حتّیٰ فیما لو أذن له الولیّ فی الوکالة . بل لایصحّ منه مجرّد إجراء
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 335 الصیغة ولو کان أصل المعاملة بین البالغین ، فهو مسلوب العبارة وکان عقده کعقد الهازل والغافل ، وهذا التعمیم عندی محلّ نظر وإشکال .
الثانی : العقل ، فلایصحّ بیع المجنون .
الثالث : القصد ، فلایصحّ بیع غیر القاصد کالهازل والغالط والساهی .
الرابع : الاختیار ، فلایقع البیع من المکرَه ، والمراد به الخائف علیٰ ترک البیع من جهة توعید الغیر علیه بإیقاع ضرر علیه . ولا یضرّ بصحّة البیع الاضطرار الموجب للإلجاء وإن کان حاصلاً من إلزام الغیر بشیء ، کما إذا ألزمه ظالم علیٰ دفع مال فالتجأ إلیٰ بیع ماله لدفع ذلک المال إلیه . ولا فرق فی الضرر المتوعّد به بین أن یکون متعلّقاً بنفس المکره نفساً أو عرضاً أو مالاً ، أو بمن یکون متعلّقاً به کولده وعیاله ممّن یکون إیقاع محذور علیه بمنزلة إیقاعه علیه . ولو رضی المکره بالبیع بعد زوال الإکراه صحّ ولزم .
(مسألة 2) : الظاهر أنّه لایعتبر فی صدق الإکراه عدم إمکان التفصّی بالتوریة ، فلو اُلزم بالبیع واُوعد علیٰ ترکه بإیقاع ضرر علیه فباع قاصداً للمعنیٰ مع إمکان أن لایقصد أصلاً أو یقصد معنیٰ آخر غیر البیع یکون مکرهاً . نعم لو کان متمکّناً من التفصّی بغیرها بأن یخلّص نفسه من المکرِه ومن الضرر المتوعّد به مع عدم إیقاع البیع بما لم یکن ضرراً علیه ؛ مثل أن یستعین بمن لیس ضرر وحرج فی استعانته ، ومع ذلک لم یفعل وأوقع البیع لم یکن مکرَهاً علیه .
(مسألة 3) : لو أکرهه علیٰ أحد أمرین : إمّا بیع داره أو عمل آخر ، فباع داره ، فإن کان فی العمل الآخر محذور دینی أو دنیوی یتحرّز منه وقع البیع مکرهاً علیه ، وإلاّ وقع مختاراً .
(مسألة 4) : لو أکرهه علیٰ بیع أحد الشیئین علی التخییر فکلّ ما وقع منه یقع مکرَهاً علیه ، وأمّا لو أوقعهما معاً ، فإن کان تدریجاً فالظاهر وقوع الأوّل مکرَهاً علیه دون الثانی ، وأمّا لو أوقعهما دفعة ففی صحّة البیع بالنسبة إلیٰ کلیهما أو فساده کذلک أو صحّة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 336 أحدهما والتعیین بالقرعة وجوه ، لا یخلو أوّلها من رجحان ، وأمّا لو أکرهه علیٰ بیع معیّن فضمّ إلیه غیره وباعهما دفعة ، فالظاهر البطلان فیما اُکره علیه والصحّة فی غیره .
الخامس : کونهما مالکین للتصرّف ، فلاتقع المعاملة من غیر المالک إذا لم یکن وکیلاً عنه أو ولیّاً علیه کالأب والجدّ للأب والوصیّ عنهما والحاکم ، ولا من المحجور علیه لسفه أو فلس أو غیر ذلک من أسباب الحجر .
(مسألة 5) : معنیٰ عدم الوقوع من غیر المالک - من المسمّیٰ بالفضولی أو المحجور علیه - عدم اللزوم والنفوذ ، لا کونه لغواً ، فلو أجاز المالک العقد الواقع من غیر المالک أو الولیّ العقد الواقع من السفیه ، أو الغرماء العقد الواقع من المفلّس صحّ ولزم .
(مسألة 6) : لا فرق فی صحّة البیع الصادر من غیر المالک مع إجازة المالک بین ما إذا قصد وقوعه للمالک ، وما إذا قصد وقوعه لنفسه ، کما فی بیع الغاصب ومن اعتقد أنّه مالک ولیس بمالک . کما أنّه لا فرق علی الأوّل بین ما إذا سبقه منع المالک عن البیع وما لم یسبقه المنع علیٰ إشکال فی الأوّل . نعم یعتبر فی تأثیر الإجازة عدم مسبوقیّتها بردّ المالک بعد العقد ، فلو باع فضولاً وبعد ما عرض علی المالک قد ردّه ثمّ أجازه لغت الإجازة ، کما أنّه لو ردّ بعد الإجازة لغا الردّ .
(مسألة 7) : الإجازة من المالک کما تقع باللفظ الدالّ علی الرضا بالبیع بحسب متفاهم العرف ولو بالکنایة کقوله : أمضیت وأجزت وأنفذت ورضیت وشبه ذلک ، وکقوله للمشتری : بارک اللّه لک فیه ، وشبه ذلک من الکنایات ، کذلک تقع بالفعل الکاشف عرفاً عن الرضا بالعقد کما إذا تصرّف فی الثمن ، ومن ذلک ما إذا أجاز البیع الواقع علیه ؛ لأنّه مستلزم لإجازة البیع الواقع علی المثمن ، وکما إذا مکّنت الزوجة من نفسها إذا زوّجت فضولاً .
(مسألة 8) : هل الإجازة کاشفة عن صحّة العقد الصادر من الفضولی من حین وقوعه فتکشف عن أنّ المبیع کان ملکاً للمشتری والثمن ملکاً للبائع من زمان وقوع العقد أو ناقلة ؛ بمعنیٰ کونها شرطاً لتأثیر العقد من حین وقوعها ؟ الظاهر هو الثانی ، وتظهر الثمرة فی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 337 النماء المتخلّل بین العقد والإجازة ، فعلی الأوّل نماء المبیع للمشتری ونماء الثمن للبائع ، وعلی الثانی بالعکس .
(مسألة 9) : إذا کان المالک راضیاً بالبیع باطناً ، لکن لم یصدر منه إذن وتوکیل للغیر فی البیع أو الشراء ، فالظاهر أنّه لایکفی فی الخروج عن الفضولیّة ، فیحتاج فی نفوذه إلی الإجازة ، سیّما إذا لم یلتفت حین العقد إلیٰ وقوعه ، لکن کان بحیث لو کان ملتفتاً کان راضیاً .
(مسألة 10) : لایشترط فی الفضولی قصد الفضولیّة ، فلو تخیّل کونه ولیّاً أو وکیلاً فتبیّن خلافه یکون من الفضولی ویصحّ بالإجازة ، وأمّا العکس بأن تخیّل کونه غیر جائز التصرّف فتبیّن کونه وکیلاً أو ولیّاً ، فالظاهر صحّته وعدم احتیاجه إلی الإجازة علیٰ إشکال فی الثانی . ومثله ما إذا تخیّل کونه غیر مالک فتبیّن کونه مالکاً ، لکن عدم الصحّة والاحتیاج إلی الإجازة فیه لایخلو من قوّة .
(مسألة 11) : لو باع شیئاً فضولاً ثمّ ملکه إمّا باختیاره کالشراء أو بغیر اختیاره کالإرث صحّ بإجازته بعد ما ملکه علی الأقویٰ ، ولیس باطلاً بحیث لاتجدی الإجازة أصلاً ، ولا صحیحاً بحیث لا حاجة إلیها ؛ کما قال بکلّ منهما قائل .
(مسألة 12) : لایعتبر فی المجیز أن یکون مالکاً حین العقد ، فیجوز أن یکون المالک حین العقد غیر المالک حین الإجازة ، کما إذا مات المالک حین العقد قبل الإجازة فیصحّ بإجازة الوارث ، وأولیٰ بذلک ما إذا کان المالک حین العقد غیر جائز التصرّف لمانع - من صغر أو سفه أو جنون أو غیر ذلک - ثمّ ارتفع المانع ، فإنّه یصحّ بإجازته .
(مسألة 13) : لو وقعت بیوع متعدّدة علیٰ مال الغیر ، فإمّا أن تقع علیٰ نفس مال الغیر ، أو علیٰ عوضه . وعلی الأوّل ، فإمّا أن تقع تلک البیوع من فضولی واحد کما إذا باع دار زید مکرّراً علیٰ أشخاص متعدّدة ، وإمّا أن تقع من أشخاص متعدّدة کما إذا باعها من شخص بفرس ، ثمّ باعها المشتری من شخص آخر بحمار ، ثمّ باعها المشتری الثانی من شخص آخر بکتاب وهکذا ، وعلی الثانی فإمّا أن تکون من شخص واحد علی الأعواض والأثمان
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 338 بالترامی ، کما إذا باع دار زید بثوب ثمّ باع الثوب ببقر ثمّ باع البقر بفراش وهکذا ، وإمّا أن تقع علیٰ ثمن شخصی مراراً ، کما إذا باع الثوب فی المثال المزبور مراراً علیٰ أشخاص متعدّدة ، فهذه صور أربع . ثمّ إنّه للمالک فی جمیع هذه الصور أن یتتبّع البیوع ویجیز أیّ واحد شاء منها ، ویصحّ بإجازته ذلک العقد المجاز ، وأمّا غیره من البیوع فیحتاج إلیٰ شرح وتفصیل لایناسب هذا المختصر .
(مسألة 14) : الردّ الذی یکون مانعاً عن تأثیر الإجازة - کما عرفته سابقاً - قد یکون مانعاً عن لحوقها مطلقاً ولو من غیر المالک حین العقد ، وهو إمّا بالقول کقوله : فسخت ، ورددت ، وشبه ذلک ممّا هو ظاهر فیه ، وإمّا بالفعل کما إذا تصرّف فیه بما یوجب فوات محلّ الإجازة عقلاً کالإتلاف أو شرعاً کالعتق، وقد یکون مانعاً عن لحوقها بالنسبة إلیٰ خصوص المالک حین العقد لا مطلقاً کالتصرّف الناقل للعین کالبیع والهبة ونحوهما ؛ حیث إنّ بذلک لایفوت محلّ الإجازة إلاّ بالنسبة إلی المنتقل عنه ، وأمّا المنتقل إلیه فله أن یجیز بناءً علیٰ عدم اعتبار کون المجیز مالکاً حین العقد کما مرّ . وأمّا الإجارة فالظاهر أنّه لاتکون مانعاً عن الإجازة مطلقاً حتّیٰ بالنسبة إلی المالک المؤجر ؛ لعدم التنافی بین الإجارة والإجازة ، غایة الأمر أنّه تنتقل العین بعد الإجارة إلی المشتری مسلوبة المنفعة .
(مسألة 15) : حیثما لم تتحقّق الإجازة من المالک - سواء تحقّق منه الردّ أم لا کالمتردّد - له انتزاع عین ماله مع بقائه ممّن وجده فی یده ، بل وله الرجوع بمنافعه المستوفاة فی هذه المدّة ، وله مطالبة البائع الفضولی بردّ العین ومنافعها إذا کانت فی یده وقد سلّمها إلی المشتری ، بل لو کانت مؤونة لردّها کانت علیه ، هذا مع بقاء العین ، وأمّا مع تلفها یرجع ببدلها إلیٰ من تلفت عنده ولو تعاقبت أیدی متعدّدة علیها بأن کانت - مثلاً - بید البائع الفضولی وسلّمها إلی المشتری وهو إلیٰ آخر وتلفت عنده یتخیّر المالک فی الرجوع بالبدل إلیٰ أیّ واحد منهم ، وله الرجوع إلی الکلّ موزّعاً علیهم بالتساوی أو بالتفاوت ، فإن رجع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 339 إلیٰ واحد سقط عن الباقین ولیس له الرجوع إلیهم بعد ذلک ، هذا حکم المالک مع البائع الفضولی والمشتری وکلّ من صار عین ماله بیده .
وأمّا حکم المشتری مع البائع الفضولی : فمع علمه بکونه غیر مالک لیس له الرجوع إلیه بشیء ممّا یرجع المالک إلیه وما وردت من الخسارات علیه ، حتّیٰ أنّه إذا دفع الثمن إلی البائع وتلف عنده لیس له أن یرجع إلیه ، نعم له أن یستردّه لو کان باقیاً . وأمّا مع جهله فله أن یرجع إلیه بکلّ ما اغترم للمالک لو رجع إلیه ، حتّیٰ فیما إذا اغترم له بدل المنافع والنماءات التی استوفاها ، فإذا اشتریٰ داراً مع جهله بکون البائع غیر مالک وأنّها مستحقّة للغیر وسکنها مدّة ثمّ جاء المالک وأخذ داره وأخذ منه اُجرة مثل الدار فی تلک المدّة ، له أن یرجع بها إلی البائع ، وکذا یرجع إلیه بکلّ خسارة وردت علیه مثل إنفاق الدابّة وما صرفه فی العمارة وما تلف منه وضاع من الغرس أو الزرع أو الحفر وغیرها ، فإنّ البائع الغیر المالک ضامن لدرک جمیع ذلک ، وللمشتری الجاهل أن یرجع بها إلیه .
(مسألة 16) : لو أحدث المشتری لمال الغیر فیما اشتراه بناءً أو غرساً أو زرعاً فللمالک إلزامه بإزالة ما أحدثه وتسویة الأرض ومطالبته بأرش النقص لو کان ، من دون أن یضمن المالک ما یردّ علیه من الخسران ، کما أنّ للمشتری إزالة ذلک مع ضمانه أرش النقص الوارد علی الأرض . ولیس للمالک إلزام المشتری بالإبقاء ولو مجّاناً ، کما أنّه لیس للمشتری حقّ الإبقاء ولو بالاُجرة . ولو حفر بئراً أو کریٰ نهراً - مثلاً - فی أرض اشتراها وجب علیه طمّها وردّها إلی الحالة الاُولیٰ لو أراده المالک وأمکن ، وضمن أرش النقص لو کان ، ولیس له مطالبة المالک اُجرة عمله أو ما صرفه فیه من ماله وإن زاد به القیمة ، کما أنّه لیس له ردّه إلی الحالة الاُولیٰ بالطمّ ونحوه لو لم یرض به المالک ، نعم یرجع باُجرة عمله وکلّ ما صرف من ماله وکلّ خسارة وردت علیه إلی البائع الغاصب مع جهله لا مع علمه کما مرّ . وکذلک الحال فیما إذا أحدث المشتری فیما اشتراه صفة من دون أن یکون له عین فی العین المشتراة . کما إذا طحن الحنطة أو غزل ونسج القطن أو صاغ الفضّة . وهنا فروع کثیرة نتعرّض لها فی کتاب الغصب - إن شاء اللّه تعالیٰ - فإنّ المقام أحد مصادیقه أو ملحق به .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 340 (مسألة 17) : لو جمع البائع بین ملکه وملک غیره ، أو باع ما کان مشترکاً بینه وبین غیره ، نفذ البیع فی ملکه بما قابله من الثمن ، ونفوذه وصحّته فی ملک الغیر موقوف علیٰ إجازته ، فإن أجازه وإلاّ فللمشتری خیار فسخ البیع من أصله من جهة التبعّض إن کان جاهلاً .
(مسألة 18) : طریق معرفة حصّة کلّ منهما من الثمن أن یقوّم کلّ منهما بقیمته الواقعیّة ثمّ یلاحظ نسبة قیمة أحدهما مع قیمة الآخر فیجعل نصیب کلّ منهما من الثمن بتلک النسبة ، فإذا باعهما معاً بستّة وکان قیمة أحدهما ستّة وقیمة الآخر ثلاثة یکون حصّة ما کان قیمته ثلاثة من ستّة الثمن نصف حصّة الآخر منها ، فلأحدهما اثنان وللآخر أربعة .
(مسألة 19) : یجوز للأب والجدّ للأب - وإن علا - أن یتصرّفا فی مال الصغیر بالبیع والشراء والإجارة وغیرها ، وکلّ منهما مستقلّ فی الولایة وجد الآخر معه أم لا . والأقویٰ عدم اعتبار العدالة فیهما . ولایشترط فی نفوذ تصرّفهما المصلحة ، بل یکفی عدم المفسدة . وکما لهما الولایة فی ماله بأنواع التصرّفات لهما الولایة فی نفسه بالإجارة والتزویج وغیرهما إلاّ الطلاق فلا یملکانه بل ینتظر بلوغه . وهل یلحق به فسخ عقد النکاح عند موجبه وهبة المدّة فی المتعة ؟ وجهان بل قولان ، أقواهما العدم . ولیس بین الأقارب من له الولایة علی الصغیر غیر الأب والجدّ للأب ، بل هم کلّهم کالأجانب حتّی الاُمّ والأخ والجدّ للاُمّ .
(مسألة 20) : وکما للأب والجدّ الولایة علی الصغیر فی زمان حیاتهما کذلک لهما نصب القیّم علیه بعد وفاتهما ، فینفذ منه ما کان ینفذ منهما علیٰ إشکال فی التزویج ، إلاّ أنّ الظاهر
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 341 فیه اعتبار المصلحة ، ولایکفی مجرّد عدم المفسدة ، کما أنّ الأحوط فیه - لولا الأقویٰ - اعتبار العدالة ، وسیأتی تفصیل ذلک فی کتاب الوصیّة .
(مسألة 21) : إذا فقد الأب والجدّ والوصیّ عنهما یکون للحاکم الشرعی - وهو المجتهد العادل - ولایة التصرّف فی أموال الصغار مشروطاً بالغبطة والصلاح ، بل الأحوط له الاقتصار علیٰ ما إذا کان فی ترکه الضرر والفساد ، وحیث إنّ هذا تکلیف راجع إلیه فیتّبع رأیه ونظره . ومع فقد الحاکم یرجع الأمر إلیٰ عدول المؤمنین فلهم ولایة التصرّف فی مال الصغیر بما یکون فی ترکه مفسدة وفی فعله صلاح وغبطة .
القول فی شروط العوضین
وهی اُمور :
الأوّل : یشترط فی المبیع أن یکون عیناً متموّلاً ؛ سواء کان موجوداً فی الخارج أو کلّیّاً فی ذمّة البائع أو فی ذمّة غیره ، کأن یبیع ما کان له فی ذمّة غیره بشیء ، فلایجوز أن یکون منفعة کمنفعة الدار أو الدابّة ، أو عملاً کخیاطة الثوب ، أو حقّاً . وأمّا الثمن فیجوز أن یکون منفعة أو عملاً متموّلاً ، بل یجوز أن یکون حقّاً قابلاً للنقل والانتقال کحقّی التحجیر والاختصاص . وفی جواز کونه حقّاً قابلاً للإسقاط غیر قابل للنقل والانتقال کحقّی الخیار والشفعة إشکال .
الثانی : تعیین مقدار ما کان مقدّراً بالکیل أو الوزن أو العدّ بأحدها فی العوضین ، فلایکفی المشاهدة ولا تقدیره بغیر ما یکون به تقدیره ، فلا یکفی تقدیر الموزون بالکیل أو العدّ ، والمعدود بالوزن أو الکیل ، نعم لابأس بأن یکال جملة ممّا یعدّ أو ممّا یوزن ، ثمّ یعدّ أو یوزن ما فی أحد المکائیل ثمّ یحسب الباقی بحسابه ، وهذا لیس من تقدیر المعدود أو الموزون بالکیل کما لایخفیٰ .
(مسألة 1) : یجوزالاعتماد علیٰ إخبار البائع بمقدارالمبیع فیشتریه مبنیّاً علیٰ ما أخبربه، ولو تبیّن النقص فله الخیار فإن فسخ یردّ تمام الثمن وإن أمضاه ینقص من الثمن بحسابه .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 342 (مسألة 2) : الظاهر أنّه یکفی المشاهدة فی بیع الحطب قبل أن یحلّ حمله وصار کومة منه ، والتبن قبل أن یفرغ من وعاء حمله وصار صبرة منه ، ومثلهما کثیر من المائعات المحرزة فی الشیشات ، فهی لیست من الموزون قبل أن یفرغ منها ، ویکفی فی بیعها المشاهدة وبعد ذلک تکون منه . بل الظاهر أنّ مثل ذلک المذبوح من الغنم ، فإنّه قبل أن یسلخ جلده یکفی فیه المشاهدة وبعده یحتاج إلی الوزن . وبالجملة قد یختلف حال شیء باختلاف الأحوال والمحالّ ، فیکون من الموزون فی محلّ دون محلّ وفی حال دون حال .
(مسألة 3) : الظاهر عدم کفایة المشاهدة فی بیع الأراضی التی یقدّر مالیّتها بحسب الخیط والذراع ، بل لابدّ من الاطّلاع علیٰ مساحتها ، وکذلک کثیر من الأثواب قبل أن یخاط أو یفصّل ، نعم إذا تعارف عدد خاصّ فی أذرع الطاقات من بعض الأثواب جاز بیعها وشراؤها اعتماداً علیٰ ذلک التعارف ومبنیّاً علیه ، نظیر الاعتماد علیٰ إخبار البائع والبناء علیه .
(مسألة 4) : إذا اختلفت البلدان فی شیء ؛ بأن کان موزوناً فی بلد - مثلاً - ومعدوداً فی آخر ، فالظاهر أنّ المدار علیٰ بلد المعاملة .
الثالث : معرفة جنس العوضین وأوصافهما التی تتفاوت بها القیمة وتختلف لها الرغبات ، وذلک إمّا بالمشاهدة أو بالتوصیف الرافع للجهالة ، ویجوز الاکتفاء بالرؤیة السابقة إذا لم یعلم تغیّر العین .
الرابع : کون العوضین ملکاً طلقاً ، فلایجوز بیع الماء والعشب والکلأ قبل حیازتها ، والسموک والوحوش قبل اصطیادها ، والموات من الأراضی قبل إحیائها . نعم إذا استنبط بئراً فی أرض مباحة ملک ماءها ، وکذا لوحفر نهراً وأجریٰ فیه الماء من ماءٍ مباح کالشطّ ونحوه ملک ماءه ، فله حینئذٍ بیعه کسائر أملاکه . وکذا لایجوز بیع الرهن إلاّ بإذن المرتهن أو إجازته ، وإذا باع الراهن العین المرهونة ثمّ افتکّت من الرهن ، فالظاهر الصحّة من غیر حاجة إلی الإجازة . وکذا لایجوز بیع الوقف ولا بیع اُمّ الولد إلاّ فی بعض المواضع فیهما .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 343 (مسألة 5) : یجوز بیع الوقف فی مواضع :
منها : إذا خرب الوقف بحیث لم یمکن الانتفاع بعینه مع بقائه کالجذع البالی والحصیر الخلق والدار الخربة التی لایمکن الانتفاع حتّیٰ بعرصتها . ویلحق بذلک ما إذا خرج عن الانتفاع أصلاً من جهة اُخریٰ غیر الخراب ، وکذا ما إذا خرج عن الانتفاع المعتدّ به بسبب الخراب أو غیره بحیث یقال فی العرف لا منفعة له ، کما إذا انهدمت الدار وصارت عرصة یمکن إجارتها بمقدار جزئی وکانت بحیث لو بیعت وبدّلت بمال آخر یکون نفعه مثل الأوّل أو قریباً منه . وأمّا إذا قلّت منفعته لکن لا إلیٰ حدّ یلحق بالمعدوم ، فالظاهر عدم جواز بیعه ولو أمکن أن یشتری بثمنه ما له نفع کثیر .
ومنها : إذا کان یؤدّی بقاؤه إلیٰ خرابه ؛ سواء کان لخلف بین أربابه أو لغیر ذلک وسواء کان أداؤه إلیٰ ذلک معلوماً أو مظنوناً ، وسواء کان الخراب المعلوم أو المظنون علیٰ حدّ سقوط الانتفاع بالمرّة أو الانتفاع المعتدّ به . نعم لو فرض إمکان الانتفاع به بعد الخراب کانتفاعه السابق بوجه آخر لم یجز بیعه .
ومنها : إذا شرط الواقف بیعه عند حدوث أمر ؛ من قلّة المنفعة أو کثرة الخراج ، أو وقوع خلاف بین الموقوف علیهم ، أو حصول ضرورة وحاجة شدیدة لهم ، فإنّه لا مانع حینئذٍ من بیعه وتبدیله علیٰ إشکال .
(مسألة 6) : إنّما لایجوز بیع اُمّ الولد إذا لم یمت ولدها فی حیاة سیّدها وإلاّ فهی کسائر الممالیک یجوز بیعها . وقد استثنی عن عدم جواز بیعها مع حیاة ولدها مواضع جلّها أو کلّها محلّ المناقشة والنظر ، إلاّ موضع واحد ؛ وهو بیعها فی ثمن رقبتها مع إعسار مولاها ، والمتیقّن من هذا أیضاً صورة موت المالک بأن مات مدیوناً بثمنها ولم یترک سواها ، وأمّا مع حیاة مولاها فلایخلو من إشکال .
(مسألة 7) : لایجوز بیع الأرض المفتوحة عنوة - وهی المأخوذة من ید الکفّار قهراً المعمورة وقت الفتح - فإنّها ملک للمسلمین کافّة ، فهی باقیة علیٰ حالها بید من یعمرها ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 344 ویؤخذ خراجها ویصرف فی مصالح المسلمین ، وأمّا ما کانت مواتاً حال الفتح ثمّ عرضت لها الإحیاء فهی ملک لمحییها . وبذلک یسهل الخطب فی الدور والعقار وبعض الأقطاع من تلک الأراضی التی یعامل معها معاملة الأملاک ؛ حیث إنّه من المحتمل أنّ المتصرّف فیها ملکها بوجه صحیح ، فیحکم بملکیّة ما فی یده ما لم یعلم خلافها . والمتیقّن من المفتوح عنوة أرض العراق وبعض الأقطار ببلاد العجم .
الخامس : القدرة علی التسلیم ، فلایجوز بیع الطیر المملوک إذا طار فی الهواء ولا السمک المملوک إذا أرسل فی الماء ولا الدابّة الشاردة ولا العبد الآبق إلاّ مع الضمیمة ، وإذا لم یقدر البائع علی التسلیم وکان المشتری قادراً علیٰ تسلّمه فالظاهر الصحّة .
القول فی الخیارات
وهی أقسام :
الأوّل : خیار المجلس ، فإذا وقع البیع فللمتبایعین الخیار ما لم یفترقا ، فإذا افترقا - ولو بخطوة - سقط الخیار من الطرفین ولزم البیع من الجانبین ، ولو فارقا من مجلس البیع مصطحبین بقی الخیار .
الثانی : خیار الحیوان ، فمن اشتریٰ حیواناً - إنساناً أو غیره - ثبت له الخیار إلیٰ ثلاثة أیّام من حین العقد ، وفی ثبوته للبائع أیضاً إذا کان الثمن حیواناً وجه لایخلو من قوّة .
(مسألة 1) : لو تصرّف المشتری فی الحیوان تصرّفاً یدلّ علی الرضا بالبیع سقط خیاره .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 345 (مسألة 2) : لو تلف الحیوان فی مدّة الخیار کان من مال البائع ، فیبطل البیع ویرجع إلیه المشتری بالثمن إذا دفعه إلیه .
(مسألة 3) : العیب الحادث فی الثلاثة من غیر تفریط من المشتری لایمنع عن الفسخ والردّ .
الثالث : خیار الشرط - أی الثابت بالاشتراط فی ضمن العقد - ویجوز جعله لهما أو لأحدهما أو لثالث . ولا یتقدّر بمدّة معیّنة ، بل هو بحسب ما اشترطاه ؛ قلّت أو کثرت . ولابدّ من کونها مضبوطة من حیث المقدار ومن حیث الاتّصال والانفصال ، نعم إذا ذکرت مدّة معیّنة کشهر - مثلاً - واُطلقت فالظاهر اتّصالها بالعقد .
(مسألة 4) : یجوز أن یشترط لأحدهما أو لهما الخیار بعد الاستئمار والاستشارة ؛ بأن یشاور مع ثالث فی أمر العقد فکلّ ما رأیٰ من الصلاح إبقاءً للعقد أو فسخاً یکون متّبعاً ، ویعتبر فی هذا الشرط أیضاً تعیین المدّة . ولیس للمشروط له الفسخ قبل أمر ذاک الثالث ، ولایجب علیه لو أمره ، بل جاز له ، فإذا اشترط البائع علی المشتری - مثلاً - بأنّ له المهلة إلیٰ ثلاثة أیّام حتّیٰ یستشیر من صدیقه أو الدلاّل الفلانی فإن رأی الصلاح فی هذا البیع یلتزم به وإلاّ فلا ، یکون مرجعه إلیٰ جعل الخیار له علیٰ تقدیر أن لا یریٰ صدیقه أو الدلاّل الصلاح فی البیع لا مطلقاً ، فلیس له الخیار إلاّ علیٰ ذلک التقدیر .
(مسألة 5) : لا إشکال فی عدم اختصاص خیار الشرط بالبیع وجریانه فی کلّ عقد لازم سویٰ عقد النکاح ، کما أنّه لا إشکال فی عدم جریانه فی الإیقاعات کالطلاق والعتق والإبراء وغیرها .
(مسألة 6) : یجوز اشتراط الخیار للبائع إذا ردّ الثمن بعینه أو ما یعمّ مثله إلیٰ مدّة معیّنة ، فإن مضت ولم یأت بالثمن کاملاً لزم البیع ، ومثل هذا البیع یسمّیٰ فی العرف الحاضر ببیع الخیار . والظاهر صحّة اشتراط أن یکون للبائع فسخ الکلّ بردّ بعض الثمن أو فسخ البعض بردّ البعض . ویکفی فی ردّ الثمن فعل البائع ما له دخل فی القبض من طرفه وإن أبی المشتری من قبضه ، فلو أحضر الثمن وعرضه علیه ومکّنه من قبضه فأبیٰ هو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 346 وامتنع أن یقبضه تحقّق الردّ الذی هو شرط لملک الفسخ ، فله أن یفسخ .
(مسألة 7) : نماء المبیع ومنافعه فی هذه المدّة للمشتری ، کما أنّ تلفه علیه . والخیار باقٍ مع التلف إن کان المشروط الخیار والسلطنة علیٰ فسخ البیع ، وحینئذٍ یرجع بعد الفسخ إلی المثل أو القیمة ، وساقط إن کان المشروط ارتجاع العین بالفسخ . وعلیٰ أیّ حال لیس للمشتری قبل انقضاء المدّة التصرّف الناقل وإتلاف العین .
(مسألة 8) : الثمن المشروط ردّه إذا کان کلّیّاً فی ذمّة البائع کما إذا کان فی ذمّته ألف درهم لزید فباع داره منه بما فی ذمّته وجعل له الخیار مشروطاً بردّ الثمن ، یکون ردّه بأداء ما فی ذمّته ودفع ما کان علیه وإن برئت ذمّته عمّا کان علیه بجعله ثمناً .
(مسألة 9) : إذا لم یقبض البائع الثمن أصلاً - سواءً کان کلّیّاً فی ذمّة المشتری أو عیناً موجوداً عنده - فهل له هذا الخیار وله الفسخ قبل انقضاء المدّة المضروبة أم لا ؟ وجهان ، لایخلو أوّلهما من رجحان . وأمّا إذا قبضه ، فإن کان الثمن کلّیّاً ، فالظاهر أنّه لایتعیّن ردّ عین ذلک الفرد المقبوض إلی المشتری ، بل یکفی دفع فرد آخر إلیه ممّا ینطبق الکلّی علیه ، إلاّ إذا صرّح باشتراط کون المردود عین ذلک الفرد المقبوض . وإن کان الثمن عیناً شخصیّاً لم یتحقّق الردّ إلاّ بردّ عینه ، فلو لم یمکن ردّه بتلف ونحوه لم یکن للبائع الخیار ، إلاّ إذا صرّحا فی شرطهما بردّ ما یعمّ بدله مع عدم التمکّن من العین . نعم إذا کان الثمن ممّا انحصر انتفاعه المتعارف بصرفه لا ببقائه کالنقود یمکن أن یقال : إنّ المنساق من الإطلاق فی مثله ما یعمّ بدله ما لم یصرّح بأن یکون المردود نفس العین .
(مسألة 10) : کما أنّه یتحقّق ردّ الثمن بردّه إلیٰ نفس المشتری یتحقّق أیضاً بإیصاله إلیٰ وکیله فی خصوص ذلک أو وکیله المطلق أو ولیّه کالحاکم فیما إذا صار مجنوناً أو غائباً ، بل وعدول المؤمنین أیضاً فی مورد ولایتهم ، هذا إذا جعل الخیار للبائع مشروطاً بردّ الثمن أو ردّه إلی المشتری وأطلق . وأمّا لو اشترط الردّ إلی المشتری بنفسه وإیصاله بیده لایتعدّیٰ منه إلیٰ غیره .
(مسألة 11) : لو اشتری الولیّ شیئاً للمولّیٰ علیه ببیع الخیار فارتفع حجره قبل انقضاء
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 347 المدّة وردّ الثمن ، فالظاهر تحقّقه بإیصاله إلی المولّیٰ علیه ، فیملک البائع الفسخ بذلک ، بل فی کفایة الردّ إلی الولیّ حینئذٍ نظر وإشکال . ولو اشتریٰ أحد الولیّین کالأب فهل یصحّ للبائع الفسخ مع ردّ الثمن إلی الولیّ الآخر کالجدّ ؟ لایبعد ذلک خصوصاً فیما إذا لم یتمکّن من الردّ إلی الآخر . وکذلک الحال فی الحاکمین إذا اشتریٰ أحدهما وردّ الثمن إلی الآخر ، لکنّه لایخلو من إشکال من جهة الإشکال فی ولایة حاکم آخر فی هذه المعاملة التی تصدّاها الحاکم الأوّل . نعم لو لم یمکن الردّ إلی الحاکم الأوّل یجوز ردّه إلیٰ حاکم آخر بلا إشکال ، وهذا أیضاً - کما مرّ فی المسألة السابقة - فیما إذا لم یصرّح بکون المردود إلیه المشتری بخصوصه وبنفسه ، وإلاّ فلایتعدّیٰ منه إلیٰ غیره .
(مسألة 12) : إذا مات البائع ینتقل هذا الخیار کسائر الخیارات إلیٰ ورثته ، فیردّون الثمن ویفسخون البیع فیرجع إلیهم المبیع علیٰ حسب قواعد الإرث ، کما أنّ الثمن المردود أیضاً یوزّع علیهم بالحصص . وإذا مات المشتری فالظاهر جواز فسخ البائع بردّ الثمن إلیٰ ورثته . نعم لو جعل الشرط ردّ الثمن إلی المشتری بخصوصه وبنفسه وبمباشرته فالظاهر عدم قیام ورثته مقامه ، فیسقط هذا الخیار بموته .
(مسألة 13) : کما یجوز للبائع اشتراط الخیار له بردّ الثمن کذا یجوز للمشتری اشتراط الفسخ له عند ردّ المثمن ، والظاهر المنصرف إلیه الإطلاق فیه ردّ العین ، فلایتحقّق بردّ بدله ولو مع التلف ، إلاّ أن یصرّح بردّ ما یعمّ البدل عند تعذّر المبدل . ویجوز أیضاً اشتراط الخیار لکلّ منهما بردّ ما انتقل إلیه .
الرابع : خیار الغبن وهو فیما إذا باع بدون ثمن المثل أو اشتریٰ بأکثر منه مع الجهل بالقیمة ، فللمغبون خیار الفسخ . ویعتبر الزیادة أو النقیصة مع ملاحظة ما انضمّ إلیه من الشرط ، فلو باع ما یسویٰ مائة دینار بأقلّ منه بکثیر مع اشتراط الخیار للبائع فلا غبن ؛ لأنّ المبیع ببیع الخیار ینقص ثمنه عن المبیع بالبیع اللازم وهکذا غیره من الشروط . ویشترط فیه أن یکون التفاوت بما لا یتسامح الناس فیه فی مثل هذه المعاملة ، فلو باع ما یسویٰ مائة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 348 بخمسة وتسعین لم یکن مغبوناً ؛ لأنّه لاینظر فی مقام التکسّب والمعاملة إلیٰ هذا المقدار من التفاوت ؛ إذ الخمسة یسیرة بالنسبة إلی المائة وإن کانت کثیرة فی نفسها ، وبعبارة اُخری : التفاوت بنصف العشر لا ینظر إلیه ویتسامح فیه ، بل لایبعد دعوی التسامح فی العشر أیضاً .
(مسألة 14) : لیس للمغبون مطالبة الغابن بتفاوت القیمة ، بل له الخیار بین أن یفسخ المبیع من أصله أو یلتزم ویرضیٰ به بالثمن المسمّیٰ ، کما أنّه لایسقط خیاره ببذل الطرف المقابل التفاوت ، نعم مع تراضی الطرفین لابأس به .
(مسألة 15) : الخیار ثابت للمغبون من حین العقد لا أنّه یحدث من حین اطّلاعه علی الغبن ، فلو فسخ قبل ذلک وصادف الغبن واقعاً أثّر الفسخ أثره من جهة أنّه وقع فی موقعه .
(مسألة 16) : إذا اطّلع علی الغبن ولم یبادر بالفسخ فإن کان لأجل جهله بحکم الخیار فلا إشکال فی بقاء خیاره ، وإن کان عالماً به فإن کان بانیاً علی الفسخ غیر راضٍ بهذا البیع بهذا الثمن إلاّ أنّه أخّر إنشاء الفسخ لغرض من الأغراض فالظاهر بقاء خیاره ، نعم لیس له التوانی فیه بحیث یؤدّی إلیٰ ضرر وتعطیل أمر علی الغابن ، وإن لم یکن بانیاً علی الفسخ ولم یکن بصدد فسخه إلاّ أنّه بدا له بعد ذلک أن یفسخه فالظاهر سقوط خیاره .
(مسألة 17) : المدار فی الغبن علی القیمة حال العقد ، فلو زادت بعده ولو قبل اطّلاع المغبون علی النقصان حین العقد لم ینفع فی سقوط الخیار ، کما أنّه لو نقص بعده أو زاد لم یؤثّر فی ثبوته .
(مسألة 18) : یسقط هذا الخیار باُمور :
أحدها : اشتراط سقوطه وعدمه فی ضمن العقد ، ویقتصر فی السقوط علیٰ مرتبة من الغبن کانت مقصودة عند الاشتراط وشملته العبارة ، فلو کان المشروط سقوط مرتبة خاصّة من الغبن کالعشر فتبیّن کونه الخمس لم یسقط الخیار ، بل لو اشترط سقوطه وإن
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 349 کان فاحشاً أو أفحش لایسقط إلاّ ما کان کذلک بالنسبة إلیٰ ما یحتمل فی مثل هذه المعاملة لا أزید . فلو فرض أنّ ما اشتریٰ بمائة لایحتمل فیه أن لایسویٰ عشرة أو عشرین وأنّ المحتمل فیها من الفاحش إلیٰ خمسین ، والأفحش إلیٰ ثلاثین وشرطا سقوط الغبن فاحشاً کان أو أفحش لم یسقط الخیار إذا کان یسویٰ عشراً أو عشرین .
الثانی : إسقاطه بعد العقد ولو قبل ظهور الغبن إذا أسقطه علیٰ تقدیر ثبوته ، وهذا أیضاً کسابقه یقتصر علیٰ مرتبة من الغبن کانت مقصودة عند الإسقاط ، فلو أسقط مرتبة خاصّة منه کالعشر فتبیّن کونه أزید لم یسقط الخیار . وکما یجوز إسقاطه بعد العقد مجّاناً یجوز المصالحة عنه بالعوض ، فمع العلم بمرتبة الغبن لا إشکال ومع الجهل بها فالظاهر جواز المصالحة عنه مع التصریح بعموم المراتب ؛ بأن یصالح عن خیار الغبن الموجود فی هذه المعاملة بأیّ مرتبة کان . ولو عیّن مرتبة وصالح عن خیاره فتبیّن کونه أزید فالظاهر بطلان المصالحة .
الثالث : تصرّف المغبون بعد العلم بالغبن فیما انتقل إلیه بما یکشف عن رضاه بالبیع ؛ بأن تصرّف البائع المغبون فی الثمن أو المشتری المغبون فی المثمن ، فإنّه یسقط بذلک خیاره ، خصوصاً الثانی وخصوصاً إذا کان تصرّفه بالإتلاف أو بما یمنع الردّ کالاستیلاد أو بإخراجه عن ملکه کالعتق أو بنقل لازم کالبیع . وأمّا تصرّفه قبل ظهور الغبن فلایسقط الخیار کتصرّف الغابن فیما انتقل إلیه مطلقاً .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 350 (مسألة 19) : إذا اطّلع البائع المغبون علی الغبن وفسخ البیع فإن کان المبیع موجوداً عند المشتری باقیاً علیٰ حاله استردّه منه ، وإذا رآه تالفاً أو متلفاً رجع إلیه بالمثل أو القیمة ، وإن حدث به عیب عنده - سواء کان بفعله أو بآفة سماویّة - أخذه مع الأرش . وإذا أخرجه عن ملکه بالعتق أو الوقف أو نقله إلی الغیر بعقد لازم کالبیع فالظاهر أنّه بحکم التلف فیرجع إلیه بالمثل أو القیمة ، وإن کان بنقل غیر لازم کالبیع بخیار والهبة فالظاهر أنّ له إلزام المشتری بالفسخ والرجوع وتسلیم العین إذا أمکن ، بل فی النقل اللازم أیضاً لو رجعت العین إلی المشتری بإقالة أو عقد جدید قبل رجوع البائع إلیه بالبدل لایبعد أن یکون له إلزامه بردّ العین . وإذا نقل منفعتها إلی الغیر بعقد لازم کالإجارة لم یمنع ذلک عن الفسخ ، کما أنّه بعد الفسخ تبقی الإجارة علیٰ حالها وترجع العین إلی الفاسخ مسلوب المنفعة ، وله سائر المنافع غیر ما ملکه المستأجر لو کانت . وفی جواز رجوعه إلی المشتری باُجرة المثل بالنسبة إلیٰ بقیّة المدّة وجه قویّ ، کما یحتمل وجه آخر ؛ وهو أن یرجع إلیه بالنقص الطارئ علی العین من جهة کونها مسلوبة المنفعة فی تلک المدّة ، فتقوّم بوصف کونها ذات منفعة فی تلک المدّة مرّة ومسلوبة المنفعة فیها اُخریٰ ، فیأخذ مع العین التفاوت بین القیمتین ، والظاهر أنّه لا تفاوت غالباً بین الوجهین .
(مسألة 20) : بعد ما فسخ البائع المغبون لو کان المبیع موجوداً عند المشتری لکن تصرّف فیه تصرّفاً مغیّراً له فإمّا بالنقیصة أو بالزیادة أو بالامتزاج ، أمّا لو کان بالنقیصة أخذه ورجع إلیه بالأرش کما مرّ ، وأمّا لو کان بالزیادة فإمّا أن تکون صفة محضة کطحن الحنطة وقصارة الثوب وصیاغة الفضّة أو صفة مشوبة بالعین کالصبغ أو عیناً محضاً کالغرس والزرع والبناء .
أمّا الأوّل : فإن لم یکن للزیادة مدخل فی زیادة القیمة یرجع إلی العین ، ولا شیء علیه ، کما أنّه لا شیء علی المشتری ، وأمّا لو کان لها مدخل فی زیادة القیمة یرجع إلی العین ، وفی کون زیادة القیمة للمشتری لأجل الصفة فیأخذ البائع العین ویدفع زیادة القیمة ، أو کونه شریکاً معه فی القیمة فیباع ویقسّم الثمن بینهما بالنسبة ، أو شریکاً معه فی العین
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 351 بنسبة تلک الزیادة ، أو کون العین للبائع وللمشتری اُجرة عمله ، أو لیس له شیء أصلاً ، وجوه ؛ أقواها أوّلها ، ثمّ ثانیها .
وأمّا الثانی : فالظاهر أنّه کالأوّل فتجیء فیها الوجوه الأربعة .
وأمّا الثالث : فیرجع البائع إلی المبیع ویکون الغرس والزرع والبناء للمشتری ، ولیس للبائع إلزامه بالقلع والهدم ولو بالأرش ، ولا إلزامه بالإبقاء ولو مجّاناً ، کما أنّه لیس للمشتری حقّ الإبقاء مجّاناً وبلا اُجرة . فعلی المشتری إمّا إبقاؤها بالاُجرة وإمّا قلعها مع طمّ الحفر وتدارک النقص الوارد علی الأرض . وللبائع إلزامه بأحد الأمرین لا خصوص أحدهما . وکلّ ما اختار المشتری من الأمرین لیس للبائع الفاسخ منعه ، نعم لو أمکن غرس المقلوع بحیث لم یحدث فیه شیء إلاّ تبدّل المکان فللبائع أن یلزمه به . والظاهر أنّه لا فرق فی ذلک بین الزرع وغیره .
وأمّا إن کان بالامتزاج ، فإن کان بغیر جنسه بحیث لایتمیّز فکالمعدوم یرجع بالمثل أو القیمة . ویحتمل الفرق بین ما کان مستهلکاً وعدّ تالفاً کما إذا خلط ماء الورد بالزیت فیرجع إلی البدل وبین ما لم یکن کذلک کمزج الخلّ بالأنجبین فیثبت الشرکة فی القیمة أو فی العین بنسبة القیمة ، والمسألة محلّ إشکال فلایترک الاحتیاط بالتصالح والتراضی . وإن کان الامتزاج بالجنس ، فالظاهر ثبوت الشرکة بحسب الکمّیة وإن کان بالأردأ أو الأجود مع أخذ الأرش فی الأوّل وإعطاء زیادة القیمة فی الثانی، لکنّ الأحوط التصالح خصوصاً فی الثانی .
(مسألة 21) : إذا باع أو اشتریٰ شیئین صفقة واحدة وکان مغبوناً فی أحدهما دون الآخر لیس له التبعیض فی الفسخ ، بل علیه إمّا فسخ البیع بالنسبة إلی الجمیع أو الرضا به کذلک .
الخامس : خیار التأخیر ، وهو فیما إذا باع شیئاً ولم یقبض تمام الثمن فإنّه یلزم البیع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 352 ثلاثة أیّام ، فإن جاء المشتری بالثمن فهو أحقّ بالسلعة وإلاّ فللبائع فسخ المعاملة . ولو تلفت السلعة کانت من مال البائع ، وقبض بعض الثمن کلا قبض .
(مسألة 22) : لا إشکال فی ثبوت هذا الخیار إذا کان المبیع عیناً شخصیّاً ، وفی ثبوته إذا کان کلّیّاً قولان ؛ لایخلو أوّلهما من رجحان ، والأحوط أن لایکون الفسخ إلاّ برضا الطرفین .
(مسألة 23) : الظاهر أنّ هذا الخیار لیس علی الفور ، فلو أخّر الفسخ عن الثلاثة لم یسقط الخیار إلاّ بأحد المسقطات .
(مسألة 24) : یسقط هذا الخیار باشتراط سقوطه فی ضمن العقد وبإسقاطه بعد الثلاثة ، وفی سقوطه بإسقاطه قبلها إشکال ، أقواه العدم ، کما أنّ الأقویٰ عدم سقوطه ببذل المشتری الثمن بعدها قبل فسخ البائع . ویسقط أیضاً بأخذ الثمن بعد الثلاثة من المشتری بعنوان الاستیفاء لا بعنوان آخر کالعاریة وغیرها . وفی سقوطه بمطالبة الثمن وجهان ، الظاهر العدم .
(مسألة 25) : المراد بثلاثة أیّام هو بیاض الیوم ، ولا یشمل اللیالی عدا اللیلتین المتوسّطتین ، فلو أوقع البیع فی أوّل النهار یکون آخر الثلاثة غروب النهار الثالث ، نعم لو وقع البیع فی اللیل تدخل اللیلة الاُولیٰ أو بعضها أیضاً فی المدّة . والظاهر کفایة التلفیق فلو وقع البیع فی أوّل الزوال یکون مبدأ الخیار بعد زوال الیوم الرابع وهکذا .
(مسألة 26) : لایجری هذا الخیار فی غیر البیع من سائر المعاملات .
(مسألة 27) : لو تلف المبیع کان من مال البائع فی الثلاثة وبعدها علی الأقویٰ .
(مسألة 28) : إذا باع ما یتسارع إلیه الفساد بحیث یفسد لو صار بائتاً کالبقول وبعض الفواکه واللحم فی بعض الأوقات ونحوها وبقی عنده وتأخّر المشتری من أن یأتی بالثمن ویأخذ المبیع للبائع الخیار قبل أن یطرأ علیه الفساد ، فیفسخ البیع ویتصرّف فی المبیع کیف شاء .
السادس : خیار الرؤیة ، وهو فیما إذا اشتریٰ شیئاً موصوفاً غیر مشاهد ، ثمّ وجده
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 353 علیٰ خلاف ذلک الوصف کان للمشتری خیار الفسخ ، وکذا إذا وجده علیٰ خلاف ما رآه سابقاً .
(مسألة 29) : الخیار هنا بین الردّ والإمساک مجّاناً ، ولیس لذی الخیار الإمساک بالأرش ، کما أنّه لا یسقط خیاره ببذله ولا بإبدال العین بعین اُخریٰ ، نعم لو کان للوصف المفقود دخل فی الصحّة توجّه أخذ الأرش ، لکن لأجل العیب لا لأجل تخلّف الوصف .
(مسألة 30) : مورد هذا الخیار بیع العین الشخصیّة الغائبة حین المبایعة ، ویشترط فی صحّته إمّا الرؤیة السابقة مع عدم الیقین بزوال تلک الصفات وإمّا توصیفه بما یرفع به الجهالة الموجبة للغرر بذکر جنسها ونوعها وصفاتها التی تختلف باختلافها الأثمان وتتفاوت لأجلها رغبات الناس .
(مسألة 31) : هذا الخیار فوریّ عند الرؤیة علی المشهور ، وفیه إشکال .
(مسألة 32) : یسقط هذا الخیار باشتراط سقوطه فی ضمن العقد ، وبإسقاطه بعد الرؤیة ، وبالتصرّف فی العین بعدها تصرّفاً کاشفاً عن الرضا بالبیع ، وبعدم المبادرة علی الفسخ بناءً علیٰ فوریّته .
السابع : خیار العیب وهو فیما إذا وجد المشتری فی المبیع عیباً تخیّر بین الفسخ والإمساک بالأرش ما لم یتصرّف فیه تصرّفاً مغیّراً للعین أو یحدث فیه عیب عنده ، وإلاّ فلیس له الردّ بل ثبت له الأرش خاصّة . وکما یثبت هذا الخیار للمشتری إذا وجد العیب
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 354 فی المبیع کذلک یثبت للبائع إذا وجده فی الثمن المعیّن . والمراد بالعیب کلّما زاد أو نقص عن المجری الطبیعی والخلقة الأصلیّة کالعمیٰ أو العرج وغیر ذلک ، بل الحبل عیب لکن فی الإماء دون سائر الحیوانات .
(مسألة 33) : یثبت الخیار بمجرّد وجود العیب واقعاً حین العقد وإن لم یظهر بعد ، فظهوره کاشف عن ثبوته من أوّل الأمر لا أنّه سبب لحدوثه عنده ، فلو أسقط الخیار قبل ظهوره لا إشکال فی سقوطه ، کما أنّه یسقط بإسقاطه بعد ظهوره ، وکذلک باشتراط سقوطه فی ضمن العقد وبالتبرّی من العیوب عنده بأن یقول - مثلاً - : بعته بکلّ عیب . وکما یسقط بالتبرّی من العیوب الخیار یسقط أیضاً استحقاق مطالبة الأرش .
(مسألة 34) : کما یثبت الخیار بوجود العیب عند العقد کذلک یثبت بحدوثه بعده قبل القبض . والعیب الحادث بعد العقد یمنع عن الردّ لو حدث بعد القبض ، وأمّا لو حدث قبله فهو سبب للخیار فلایمنع عن الردّ والفسخ بسبب العیب السابق بطریق أولیٰ .
(مسألة 35) : لو کان معیوباً عند العقد وزال العیب قبل ظهوره ، الظاهر سقوط الخیار ، وأمّا سقوط الأرش ففیه إشکال لایبعد ثبوته ، وإن کان الأحوط التصالح .
(مسألة 36) : کیفیّة أخذ الأرش بأن یقوّم الشیء صحیحاً ثمّ یقوّم معیباً ویلاحظ النسبة بینهما ثمّ ینقص من الثمن المسمّیٰ بتلک النسبة ، فإذا قوّم صحیحاً بتسعة ومعیباً بستّة وکان الثمن ستّة یتنقّص من الستّة اثنان وهکذا ، والمرجع فی تعیین ذلک أهل الخبرة . ویعتبرفیه مایعتبر فی الشهادة من التعدّد والعدالة، وفی الاکتفاء بقول العدل الواحد وجه.
(مسألة 37) : لو تعارض المقوّمون فی تقویم الصحیح أو المعیب أو کلیهما فقوّم الصحیح - مثلاً - عدلان بمقدار ومعیبه بمقدار وخالفهما عدلان آخران یؤخذ التفاوت
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 355 بین الصحیح والمعیب من کلّ منهما ویجمع بینهما ثمّ یؤخذ نصف المجموع ، فإذا قوّم أحدهما صحیحه بعشرة ومعیبه بخمسة والآخر صحیحه بتسعة ومعیبه بستّة وکان الثمن اثنی عشر یردّ من الثمن خمسة ویعطی البائع سبعة ؛ لأنّ التفاوت بین الصحیح والمعیب علی الأوّل بالنصف فیکون الأرش ستّة وعلی الثانی بالثلث فیکون أربعة ، والمجموع عشرة ونصفها خمسة . وإذا فرض أنّه قوّمه عدلان آخران أیضاً صحیحه ثمانیة ومعیبه ستّة فیکون التفاوت بالربع ؛ وهو ثلاثة من اثنی عشر فیضمّ إلی العشرة والمجموع ثلاثة عشر فتؤخذ ثلثها وهو أربعة وثلث ، وهو الأرش الذی ینقص من الثمن ـ أعنی اثنی عشر - ویبقیٰ للبائع سبعة وثلثان وهکذا .
(مسألة 38) : لو باع شیئین صفقة واحدة فظهر العیب فی أحدهما کان للمشتری أخذ الأرش أو ردّ الجمیع ولیس له التبعیض وردّ المعیب وحده ، وکذا لو اشترک اثنان فی شراء شیء فوجداه معیباً لیس لأحدهما ردّ حصّته خاصّة إذا لم یوافقه شریکه ، علیٰ إشکال فیهما خصوصاً فی ثانیهما ، نعم لو رضی البائع یجوز ویصحّ التبعیض فی المسألتین بلا إشکال فیهما .
(مسألة 39) : قد عرفت أنّ العیب الموجب للخیار ما کان موجوداً حال العقد أو حدث بعده قبل القبض ، فلا یؤثّر فی ثبوت الخیار ولا فی استحقاق الأرش ما حدث بعد العقد والقبض ، عدا الجنون والبرص والجذام والقرن فإنّ هذه العیوب الأربعة لو حدثت إلیٰ سنة من یوم العقد یثبت لأجلها الخیار ، ولأجل ذلک سمّیت هذه العیوب بأحداث السنة .
خاتمة فی أحکام الخیار
ولیعلم أنّ للخیار أحکاماً مشترکة بین الجمیع ، وأحکاماً تختصّ ببعضها لایناسب هذا المختصر تفصیلها .
ومن الأحکام المشترکة : أنّ کلّ خیار یسقط إذا اشترط فی متن العقد عدمه ، وکذلک
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 356 یسقط بإسقاطه بعد العقد .
ومنها : أنّه إذا مات من له الخیار انتقل خیاره إلیٰ وارثه ، من غیر فرق بین أنواعه . وما هو المانع عن إرث الأموال لنقصان فی الوارث کالرقّیّة والقتل والکفر مانع عن هذا الإرث أیضاً ، کما أنّ ما یحجب به حجب حرمان - وهو وجود الأقرب إلی المیّت - یحجب به هنا أیضاً . ولو کان الخیار متعلّقاً بمال خاصّ یحرم عنه بعض الورثة کالعقار بالنسبة إلی الزوجة والحبوة بالنسبة إلیٰ غیر الولد الأکبر . فهل یحرم ذلک الوارث عن الخیار المتعلّق بذلک المال مطلقاً أو لا یحرم مطلقاً أو یفصّل بین ما إذا کان ما یحرم عنه الوارث منتقلاً إلی المیّت وما کان منتقلاً عنه فیحرم فی الثانی دون الأوّل ؛ ففیما إذا انتقل العقار إلی المیّت وکان له الخیار ترثه الزوجة بخلاف ما إذا باع العقار وکان له الخیار فلا ترثه ؟ وجوه وأقوال ، أقواها أوسطها .
(مسألة 1) : لا إشکال فیما إذا کان الوارث واحداً ، وأمّا إذا تعدّد ففی کون الخیار لکلّ منهم بالاستقلال بالنسبة إلی الجمیع أو بالنسبة إلیٰ حصّته أو للمجموع بحیث لا أثر لفسخ بعضهم بدون ضمّ الباقین لا فی تمام المبیع ولا فی حصّته أقوال ، أقواها الأخیر ، ثمّ أوسطها .
(مسألة 2) : إذا اجتمع الورثة علی الفسخ فیما باعه مورّثهم فإن کان عین الثمن موجوداً دفعوه إلی المشتری وإن لم یکن موجوداً اُخرج من مال المیّت . ولو لم یکن له مال ففی کونه علی المیّت واشتغال ذمّته به فیجب تفریغها بالمبیع المردود إلیه فإن بقی شیء یکون للورثة ، وإن لم یفِ بتفریغ ما علیه یبقی الباقی فی ذمّته ، أو کونه علی الورثة کلّ بقدر حصّته ، وجهان ؛ أوجههما أوّلهما .
القول فیما یدخل فی المبیع عند الإطلاق
(مسألة 1) : من باع بستاناً دخل فیه الأرض والشجر والنخل ، وکذا الأبنیة من سورها
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 357 وما یعدّ من توابعها ومرافقها کالبئر والناعور والحظیرة ونحوها ، بخلاف ما إذا باع أرضاً فإنّه لایدخل فیها النخل والشجر الموجودتان فیها إلاّ مع الشرط . وکذا لایدخل الحمل فی ابتیاع الاُمّ ما لم یشترط والثمر فی بیع الشجر . نعم لو باع نخلاً فإن کان مؤبّراً فالثمرة للبائع ویجب علی المشتری إبقاؤها علی الاُصول بما جرت العادة علیٰ إبقاء تلک الثمرة ، ولو لم یؤبّر کانت للمشتری ، والظاهر اختصاص ذلک بالبیع . وأمّا فی غیرها فالثمرة للناقل بدون الشرط ؛ سواء کانت مؤبّرة أو لم تکن ، کما أنّ هذا الحکم مختصّ بالنخل فلایجری فی غیرها ، بل تکون الثمرة للبائع علیٰ کلّ حال .
(مسألة 2) : إذا باع الاُصول وبقیت الثمرة للبائع واحتاجت الثمرة إلی السقی یجوز لصاحبها أن یسقیها ولیس لصاحب الاُصول منعه ، وکذلک العکس . ولو تضرّر أحدهما بالسقی والآخر بترکه ففی تقدیم حقّ البائع المالک للثمرة أو المشتری المالک للاُصول وجهان ، لایخلو ثانیهما عن رجحان ، والأحوط التصالح والتراضی علیٰ تقدّم أحدهما ولو بأن یتحمّل ضرر الآخر .
(مسألة 3) : إذا باع بستاناً واستثنیٰ نخلة - مثلاً - فله الممرّ إلیها والمخرج ومدیٰ جرائدها وعروقها من الأرض ، ولیس للمشتری منع شیء من ذلک . وإذا باع داراً دخل فیها الأرض والأبنیة الأعلیٰ والأسفل ، إلاّ أن یکون الأعلیٰ مستقلاًّ من حیث المدخل والمخرج والمرافق وغیر ذلک ممّا یکون أمارة علیٰ خروجه واستقلاله بحسب العادة . وکذا یدخل السرادیب والبئر والأبواب والأخشاب المتداخلة فی البناء والأوتاد المثبتة فیه ، بل السلّم المثبت علیٰ حذو الدرج ، ولایدخل الرحی المنصوبة إلاّ مع الشرط . وکذا لو کان فیها نخل أو شجر إلاّ مع الشرط ولو بأن قال : وما دار علیها حائطها ، وفی دخول المفاتیح إشکال لایبعد دخولها .
(مسألة 4) : الأحجار المخلوقة فی الأرض والمعادن المتکوّنة فیها تدخل فی بیعها ، بخلاف الأحجار المدفونة فیها کالکنوز المودّعة فیها ونحوها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 358
القول فی القبض والتسلیم
(مسألة 1) : یجب علی المتبایعین تسلیم العوضین بعد العقد لو لم یشترط التأخیر ، فلایجوز لکلّ منهما التأخیر مع الإمکان إلاّ برضا صاحبه ، فإن امتنعا اُجبرا ، ولو امتنع أحدهما مع تسلیم صاحبه اُجبر الممتنع . ولو اشترط کلّ منهما تأخیر التسلیم إلیٰ مدّة معیّنة جاز ، ولیس لغیر مشترط التأخیر الامتناع عن التسلیم ؛ لعدم تسلیم صاحبه الذی اشترط التأخیر . وکذا یجوز أن یشترط البائع له سکنی الدار أو رکوب الدابّة أو زرع الأرض ونحو ذلک مدّة معیّنة . والقبض والتسلیم فیما لاینقل - کالدار والعقار - هو التخلیة برفع یده عنه ورفع المنافیات والإذن منه لصاحبه فی التصرّف بحیث صار تحت استیلائه ، وأمّا فی المنقول کالطعام والثیاب ونحوه ففی کونه التخلیة أیضاً أو الأخذ بالید مطلقاً أو التفصیل بین أنواعه أقوال ، لایبعد کفایة التخلیة فی مقام وجوب تسلیم العوضین علی المتبایعین بحیث یخرج عن ضمانه وعدم کون تلفه علیه ، وإن لم یکتف بذلک فی سائر المقامات التی یعتبر فیها القبض ممّا لایسع المقام تفصیلها .
(مسألة 2) : إذا تلف المبیع قبل تسلیمه إلی المشتری کان من مال البائع فانفسخ البیع وعاد الثمن إلی المشتری ، وإذا حصل للمبیع نماء قبل القبض کالنتاج والثمرة کان ذلک للمشتری ، فإن تلف الأصل قبل قبضه عاد الثمن إلیه وله النماء ، ولو تعیّب قبل القبض کان المشتری بالخیار بین الفسخ والإمضاء بکلّ الثمن ، وفی استحقاقه لأخذ الأرش تردّد ، أقواه العدم .
(مسألة 3) : لو باع جملة فتلف بعضها انفسخ البیع بالنسبة إلی التالف ، وعاد إلی المشتری ما یخصّه من الثمن ، وله فسخ العقد والرضا بالموجود بحصّته من الثمن .
(مسألة 4) : یجب علی البائع - مضافاً إلیٰ تسلیم المبیع - تفریغه عمّا کان فیه من أمتعة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 359 وغیرها ، حتّیٰ لو کان مشغولاً بزرع آن وقت حصاده وجب إزالته . ولو کان له عروق تضرّ بالانتفاع کالقطن والذرة ، أو کان فی الأرض حجارة مدفونة وجب علیه إزالتها وتسویة الأرض . ولو کان فیها شیء لایخرج إلاّ بتغییر شیء من الأبنیة وجب إخراجه وإصلاح ما ینهدم . ولو کان فیه زرع لم یأن وقت حصاده له إبقاؤه إلیٰ أوانه من غیر اُجرة علی الظاهر ، وإن لم یخل من إشکال ، والأحوط التصالح .
(مسألة 5) : من اشتریٰ شیئاً ولم یقبضه فإن کان ممّا لایکال أو یوزن جاز بیعه قبل قبضه ، وکذا إذا کان منهما وباع تولیة . وأمّا لو باع بالمرابحة ففیه إشکال ، أقواه الجواز مع الکراهة . هذا إذا باع الغیر المقبوض علیٰ غیر البائع ، وأمّا إذا باعه علیه فالظاهر أنّه لا إشکال فی جوازه مطلقاً ، کما أنّه لا إشکال فیما إذا ملک شیئاً بغیر الشراء کالمیراث والصداق والخلع وغیرها فیجوز بیعه قبل قبضه بلا إشکال ، بل الظاهر اختصاص المنع ـ حرمة أو کراهة - بالبیع ، فلا منع فی جعله صداقاً ، أو اُجرة ، أو غیر ذلک .
القول فی النقد والنسیئة
(مسألة 1) : من باع شیئاً ولم یشترط فیه تأجیل الثمن یکون نقداً وحالاًّ ، فللبائع بعد تسلیم المبیع مطالبته فی أیّ زمان ، ولیس له الامتناع من أخذه متیٰ أراد المشتری دفعه إلیه . وإذا اشترط تأجیله یکون نسیئة لایجب علی المشتری دفعه قبل الأجل وإن طولب به ، کما أنّه لایجب علی البائع أخذه إذا دفعه المشتری قبله . ولابدّ أن یکون مدّة الأجل معیّنة مضبوطة لا یتطرّق إلیها احتمال الزیادة والنقصان ، فلو اشترط التأجیل ولم یعیّن أجلاً ، أو عیّن أجلاً مجهولاً کقدوم الحاجّ کان البیع باطلاً . وهل یکفی تعیّنه فی نفسه وإن لم یعرفه المتعاقدان ، کما إذا جعل التأجیل إلی النیروز ، أو إلی انتقال الشمس إلیٰ برج میزان ؟ وجهان ؛ أحوطهما العدم ، بل لایخلو من قوّة .
(مسألة 2) : لو باع شیئاً بثمن حالاًّ وبأزید منه إلیٰ أجل ؛ بأن قال - مثلاً - : بعتک نقداً
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 360 بعشرة ونسیئة إلیٰ سنة بخمسة عشر ، وقال المشتری : قبلتُ هکذا ، یکون البیع باطلاً ، وکذا لو باعه بثمن إلیٰ أجل وبأزید منه إلیٰ آخر .
(مسألة 3) : لایجوز تأجیل الثمن الحالّ ، بل مطلق الدین بأزید منه ؛ بأن یزید فی ثمنه الذی استحقّه البائع مقداراً لیؤجّله إلیٰ أجل کذا ، وکذا لایجوز أن یزید فی الثمن المؤجّل لیزید فی الأجل ؛ سواء وقع ذلک علیٰ جهة البیع أو الصلح ، أو الجعالة ، أو غیرها . ویجوز عکس ذلک وهو تعجیل المؤجّل بنقصان منه علیٰ جهة الصلح أو الإبراء .
(مسألة 4) : إذا باع شیئاً نسیئة یجوز شراؤه منه قبل حلول الأجل وبعده بجنس الثمن أو بغیره ؛ سواءً کان مساویاً للثمن الأوّل أو أزید منه أو أنقص ، وسواء کان البیع الثانی حالاًّ أو مؤجّلاً . وربّما یحتال بذلک للتخلّص من الربا ؛ بأن یبیع من عنده الدراهم شیئاً علیٰ من یحتاج إلیها بثمن إلیٰ أجل ثمّ یشتری منه ذلک الشیء حالاًّ بأقلّ من ذلک الثمن فیعطیه الثمن الأقلّ ویبقیٰ علیٰ ذمّته الثمن الأوّل ، وإنّما یجوز ذلک إذا لم یشترط فی البیع الأوّل ، فلو اشترط البائع فی بیعه علی المشتری أن یبیعه بعد شرائه ، أو شرط المشتری علی البائع أن یشتریه منه لم یصحّ علیٰ قول مشهور .
القول فی الربا
الذی حرمته ثابتة بالکتاب والسنّة وإجماع من المسلمین ، بل لایبعد کونها من ضروریات الدین ، وهو من الکبائر العظام ، حتّیٰ ورد فیه : «أنّه أشدّ عند اللّه من عشرین زنیة ، بل ثلاثین زنیة کلّها بذات محرم مثل عمّة وخالة» ، بل فی خبر صحیح عن مولانا الصادق علیه السلام : «درهم ربا أعظم عند اللّه من سبعین زنیة کلّها بذات محرم فی بیت اللّه الحرام» ، وفی النبوی : «من أکل الربا أملأ اللّه بطنه من نار جهنّم بقدر ما أکل ، وإن اکتسب منه مالاً لم یقبل اللّه منه شیئاً من عمله ولم یزل فی لعنة اللّه والملائکة ما کان عنده منه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 361 قیراط واحد» . ومن کلماته الموجزة صلی الله علیه و آله وسلم : «شرّ المکاسب کسب الربا» ، بل عن مولانا أمیرالمؤمنین علیه السلام : «آکل الربا ومؤکله وکاتبه وشاهداه فی الوزر سواء» ، وقال علیه السلام : «لعن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم الربا وآکله وبائعه ومشتریه وکاتبه وشاهدیه» .
وبالجملة : لیس فی شریعة الإسلام أعظم منه حرمة وأشدّ منه عقوبة ، وهو قسمان : معاملی وقرضی .
أمّا الأوّل : فهو بیع أحد المثلین بالآخر مع زیادة عینیّة ، کبیع منّ من الحنطة بمنّین ، أو منّ من حنطة بمنّ منها مع درهم ، أو حکمیّة کمنّ من حنطة نقداً بمنّ من حنطة نسیئة . وهل یختصّ بالبیع ، أو لا بل یثبت فی سائر المعاوضات أیضاً کالصلح ونحوه ؟ قولان ، الأشهر والأحوط هو الثانی وإن کان الأوّل لایخلو من قوّة .
وکیف کان شرطه أمران :
أحدهما : اتّحاد الجنس ، وضابطه : الاتّحاد فی الحقیقة النوعیّة الکاشف عنه دخولهما تحت لفظ خاصّ ، فکلّ ما صدق علیه الحنطة ، أو الأرز ، أو التمر ، أو العنب جنس واحد ، فلایجوز بیع بعضها ببعض بالتفاضل وإن تخالفا فی الصفات والخواصّ ، فلا یتفاضل بین الحنطة الردیئة الحمراء والجیّدة البیضاء ، ولا بین العنبر الجیّد من الأرز والردیء من الشنبة ، وردیء الزاهدی من التمر وجیّد الخستاوی منه وغیر ذلک ، بخلاف ما إذا دخل کلّ منهما تحت لفظ کالحنطة مع الأرز ، أو العدس ، فلو باع منّاً من حنطة بمنّین من الأرز أو بمنّین من عدس فلا ربا .
الثانی : کون العوضین من المکیل أو الموزون ، فلا ربا فیما یباع بالعدّ أو المشاهدة .
(مسألة 1) : الشعیر والحنطة فی باب الربا بحکم جنس واحد ، فلایجوز المعاوضة بینهما بالتفاضل وإن لم یکونا کذلک فی باب الزکاة ، فلا یکمل نصاب أحدهما بالآخر . وهل العلس من جنس الحنطة والسلت من جنس الشعیر ، أو کلّ منهما خارج من الجنسین ؟ فیه إشکال ، الأحوط أن لایباع أحدهما بالآخر وکلّ منهما بالحنطة والشعیر إلاّ مثلاً بمثل .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 362 (مسألة 2) : کلّ شیء مع أصله بحکم جنس واحد وإن اختلفا فی الاسم کالسمسم والشیرج ، واللبن مع الجبن والمخیض واللباء وغیرها ، والتمر والعنب مع خلّهما ودبسهما ، وکذا الفرعان من أصل واحد کالجبن مع الاُقط والزبد وغیرهما .
(مسألة 3) : اللحوم والألبان والأدهان تختلف باختلاف الحیوان ، فیجوز التفاضل بین لحم الغنم ولحم البقر ، وکذا بین لبنهما أو دهنهما .
(مسألة 4) : لاتجری تبعیّة الفرع للأصل فی المکیلیّة والموزونیّة ، فما کان أصله ممّا یکال أو یوزن فخرج منه شیء لایکال ولا یوزن لا بأس بالتفاضل بین أصله وما خرج منه ، وکذا بین ما خرج منه بعضه مع بعض ، وذلک کالقطن والکتّان فأصلهما وغزلهما یوزن ومنسوجهما لایوزن فلابأس بالتفاضل بین أصلهما أو غزلهما ومنسوجهما ، وکذا بین منسوجهما ؛ بأن یباع ثوبان بثوب واحد . بل ربّما یکون شیء مکیلاً أو موزوناً فی حال دون حال ، فالثمرة غیر موزون حال کونها علی الشجر وإذا اجتنیت صارت من الموزون . وکذلک الحیوان قبل أن یذبح ویصیر لحماً لیس من الموزون وصار منه بعد ما ذبح وسلخ جلده ، ولذا یجوز بیع شاة بشاتین بلا إشکال ، نعم الظاهر أنّه لایجوز بیع لحم حیوان بحیوان حیّ من جنسه کلحم الغنم بالشاة ، وحرمة ذلک - لو قلنا بها - لیست من جهة الربا ، بل لایبعد تعمیم الحکم بالحرمة إلیٰ بیع اللحم بحیوان من غیر جنسه کلحم الغنم بالبقر .
(مسألة 5) : إذا کان لشیء حالتان: حالة رطوبة وحالة جفاف - کالتمر یکون رطباً ثمّ یصیر تمراً ، والعنب یکون عنباً ثمّ یصیر زبیباً ، وکذا الخبز ، بل واللحم أیضاً یکون نیّاً ثمّ یصیر قدیداً - لا إشکال فی بیع جافّه بجافّه ورطبه برطبه مثلاً بمثل ، کما أنّه لایجوز بالتفاضل . وأمّا جافّه برطبه کبیع التمر بالرطب ففی جوازه إشکال ، أقواه العدم ؛ سواء کان بالتفاضل ، أو مثلاً بمثل .
(مسألة 6) : التفاوت بالجودة والرداءة لایوجب جواز التفاضل فی المقدار ، فلایجوز بیع مثقال من الذهب الجیّد بمثقالین من الردیء وإن تساویا فی القیمة .
(مسألة 7) : یتخلّص من الربا بضمّ غیر الجنس بالطرفین ؛ کأن یبیع منّاً من حنطة مع
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 363 درهم بمنّین من حنطة ودرهمین ، أو بضمّ غیر الجنس فی الطرف الناقص ، کأن یبیع منّاً من حنطة مع درهم بمنّین منها .
(مسألة 8) : لو کان شیء یباع جزافاً فی بلد وموزوناً فی آخر فلکلّ بلد حکم نفسه .
(مسألة 9) : لا ربا بین الوالد وولده ، ولا بین السیّد وعبده ، ولا بین الرجل وزوجته ، ولا بین المسلم والحربی ؛ بمعنیٰ أنّه یجوز أخذ الفضل للمسلم ، ویثبت بین المسلم والذمّی . هذا بعض الکلام فی الربا المعاملی ، وأمّا الربا القرضی فیأتی .
القول فی بیع الصرف
وهو بیع الذهب بالذهب أو بالفضّة ، أو الفضّة بالفضّة أو بالذهب ، ولا فرق بین المسکوک منهما وغیره ، حتّیٰ فی الکلبتون المصنوع من الإبریسم وأحد النقدین إذا بیع بأحدهما یکون صرفاً بالنسبة إلیٰ ما فیه من النقدین علیٰ إشکال . ویشترط فی صحّته التقابض فی المجلس فلو تفرّقا ولم یتقابضا بطل البیع ، ولو قبض البعض صحّ فیه خاصّة وبطل بالنسبة إلیٰ ما لم یقبض ، وکذا إذا بیع أحد النقدین مع غیرهما صفقة واحدة بأحدهما ولم یقبض الجملة حتّیٰ تفرّقا بطل البیع بالنسبة إلی النقد وصحّ بالنسبة إلیٰ غیره .
(مسألة 1) : لو فارقا المجلس مصطحبین لم یبطل البیع ، فإذا تقابضا قبل أن یفترقا صحّ .
(مسألة 2) : إنّما یشترط التقابض فی معاوضة النقدین إذا کانت بالبیع ، دون ما إذا کانت بغیره کالصلح والهبة المعوّضة وغیرهما .
(مسألة 3) : إذا وقعت المعاملة علی النوت والمنات والإسکناس المتعارفة فی زماننا من طرف واحد أو من الطرفین ، ففی جریان أحکام بیع الصرف وعدمه وثبوت الربا مع الزیادة وعدمه إشکال ، لایبعد أن یقال : إنّه إذا أوقعا البیع علی الکاغذ ثمناً أو مثمناً - بأن باع هذا الکاغذ المخصوص الذی یسمّیٰ نوت عشر روبیّات - مثلاً - بخمس عشر روبیّة عین أو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 364 بنوت عشر روبیات مع نوت خمس روبیات - فلایکون من بیع الصرف حتّیٰ یحتاج إلی التقابض فی المجلس ولم یثبت فیه الربا ، وأمّا إذا کانت المعاملة واقعة فی الحقیقة بین النقدین - بأن باع فی المثال المتقدّم عشر روبیات بخمسة عشر روبیّة وإن کان فی مقام التسلیم والقبض والإقباض سلّم الکاغذ - فلاریب فی کونه من الصرف وثبوت الربا . نعم علیٰ هذا التقدیر یمکن أن یقال بأنّه یکفی فی حصول القبض المعتبر فی بیع الصرف قبض هذا الکاغذ ثمناً أو مثمناً ، أو کلیهما - مثلاً - إذا أوقعا المعاملة بین عشر روبیّات ولیرة واحدة ، فإذا سلّم نوت عشر روبیّات وأخذ عین لیرة قبل التفرّق تحقّق القبض المعتبر فی بیع الصرف ، لکنّ المسألة لایخلو من إشکال .
(مسألة 4) : الظاهر أنّه یکفی فی القبض کونه فی الذمّة ولایحتاج إلیٰ قبض آخر ، فلو کان فی ذمّة زید دراهم لعمرو فباعها بالدنانیر وقبضها قبل التفرّق صحّ ، بل لو وکّل زیداً بأن یقبض عنه الدنانیر التی صارت ثمن الدراهم صحّ أیضاً .
(مسألة 5) : إذا اشتریٰ منه دراهم ببیع الصرف ثمّ اشتریٰ بها منه دنانیر قبل قبض الدراهم لم یصحّ الثانی ، فإذا قبض الدراهم بعد ذلک قبل التفرّق صحّ الأوّل ، وإن لم یقبضها حتّی افترقا بطل الأوّل أیضاً .
(مسألة 6) : إذا کان له علیه دراهم ، فقال للذی علیه الدراهم : حوّلها دنانیر ، فرضی بذلک وتقبّل دنانیر فی ذمّته بدل الدراهم صحّ ذلک ، ویتحوّل ما فی ذمّته من الدراهم إلی الدنانیر وإن لم یتقابضا ، وکذلک لو کان له علیه دنانیر فقال له : حوّلها دراهم ، ولایبعد أن یکون هذا عنواناً آخر غیر البیع .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 365 (مسألة 7) : الدراهم والدنانیر المغشوشة إن کانت رائجة بین عامّة الناس مع علمهم بأنّها مغشوشة یجوز إخراجها وإنفاقها والمعاملة بها وإلاّ فلایجوز إنفاقها إلاّ بعد إظهار حالها ، بل أصل المعاملة بها لایخلو من إشکال ، بل لو کانت معمولة لأجل غشّ الناس لایبعد عدم جواز إبقائها ووجوب کسرها .
(مسألة 8) : حیث إنّ الذهب والفضّة من الربوی فإذا بیع کلّ منهما بجنسه یلزم علی المتعاملین إیقاع المعاملة علیٰ نحو لایقعان فی الربا ؛ بأن لایکون تفاضل أصلاً أو ضمّ ضمیمة من غیر جنسهما فی الطرفین ، أو فی طرف الناقص لیتخلّص منه کما مرّ فی بابه ، وهذا ممّا ینبغی أن یهتمّ به المتعاملون خصوصاً الصیارفة ، فقد روی عن مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام وهو یقول علی المنبر : «یا معشر التجار الفقه ثمّ المتجر الفقه ثمّ المتجر الفقه ثمّ المتجر ، واللّه للربا فی هذه الاُمّة أخفیٰ من دبیب النمل علی الصفا» ، وعنه علیه السلام : «من اتّجر بغیر علم ارتطم فی الربا ثمّ ارتطم» . وقد ورد النهی عن الصرف معلّلاً بأنّ الصیرفی لایسلم من الربا .
(مسألة 9) : یکفی فی الضمیمة وجود الغشّ فی الذهب أو الفضّة ؛ إذا کان له مالیّة لو تخلّص منهما ، فإذا بیعت فضّة مغشوشة بمثلها جاز بالمثل وبالتفاضل ، وإذا بیعت المغشوشة بالخالصة لابدّ أن تکون الخالصة زائدة علیٰ فضّة المغشوشة حتّیٰ تقع تلک الزیادة فی مقابل الغشّ . فإذا لم یعلم مقدار الغشّ والفضّة فی المغشوشة تباع بغیر جنس الفضّة ، أو بمقدار منها یعلم إجمالاً زیادته عن الفضّة المغشوشة . وکذلک الأشیاء المحلاّة بالذهب ، أو الفضّة ، فإمّا تباع بغیر جنس الحلیة ، وإذا بیعت بجنسها لابدّ أن یکون العوض زائداً علی الحلیة حتّیٰ تقع تلک الزیادة فی مقابل غیرها ، وکذلک فی مثل الکلبتون المصنوع من الإبریسم وأحد النقدین .
(مسألة 10) : إذا اشتریٰ فضّة معیّنة بفضّة أو بذهب - مثلاً - فوجدها من غیر جنس
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 366 الفضّة کالنحاس والرصاص بطل البیع ، ولیس له مطالبة البدل ، کما أنّه لیس للبائع إلزامه به . ولو وجد بعضها کذلک بطل فیه وصحّ فی الباقی ، وله ردّ الکلّ لتبعّض الصفقة . وإذا اشتریٰ فضّة کلّیّاً فی الذمّة بذهب أو فضّة وبعد ما قبضها وجد المدفوع کلاًّ أو بعضاً من غیر جنسها فإن کان قبل أن یفترقا فللبائع الإبدال بالجنس وللمشتری مطالبة البدل ، وإن کان بعد التفرّق بطل البیع فی الکلّ أو البعض علیٰ حذو ما سبق ، هذا إذا کان من غیر الجنس .
وأمّا إذا کان من الجنس ولکن ظهر بها عیب کخشونة الجوهر ، والغشّ الزائد علی المتعارف ، واضطراب السکّة ونحوها . ففی الأوّل - وهو ما إذا کان المبیع فضّة معیّنة فی الخارج - کان له الخیار بردّ الجمیع ، أو إمساکه ، ولیس له ردّ المعیب وحده لو کان المعیب هو البعض ، علیٰ إشکال تقدّم فی خیار العیب ، ولیس له مطالبة الأرش لو کان العوضان متجانسین کالفضّة بالفضّة علی الأحوط - لو لم یکن الأقویٰ - للزوم الربا . ولو تخالفا کالفضّة بالذهب فله ذلک قبل التفرّق قطعاً ، وأمّا بعده ففیه إشکال خصوصاً إذا کان الأرش من النقدین ، ولکنّ الأقویٰ أنّ له ذلک خصوصاً إذا کان من غیرهما . وأمّا فی الثانی ـ وهو ما إذا کان المبیع کلّیّاً فی الذمّة وظهر عیب فی المدفوع - کان له الخیار بین فسخ البیع وردّ المدفوع وبین إمضائه وإمساک المعیب بالثمن ، کما أنّ له مطالبة البدل أیضاً قبل التفرّق ، وأمّا بعده ففیه إشکال وهل له أخذ الأرش ؟ فیه تأمّل ، حتّیٰ فی المتخالفین کالفضّة بالذهب وحتّیٰ قبل التفرّق .
(مسألة 11) : لایجوز أن یشتری من الصائغ خاتماً أو قرطاً - مثلاً - من فضّة أو ذهب
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 367 بجنسه مع زیادة بملاحظة اُجرته ، بل إمّا یشتریه بغیر جنسه أو یشتری منه مقداراً من الفضّة أو الذهب بجنسه مثلاً بمثل ، ویعیّن له اُجرة معیّنة لصیاغته ، نعم لو کان فصّ الخاتم - مثلاً - من مال الصائغ وکان من غیر جنس حلقته جاز شراؤه من الصائغ بجنسه مع الزیادة ؛ لأنّ الفصّ من الضمیمة وبها یتخلّص من الربا کما مرّ فی بابه .
(مسألة 12) : لو کان له علیٰ زید دنانیر کاللیرات وأخذ منه بعوضها دراهم کالروبیّات شیئاً فشیئاً وتدریجاً بمقدار حاجته فإن کان ذلک بعنوان الوفاء والاستیفاء ینتقص من الدنانیر فی کلّ زمان بمقدار ما أخذه من الدراهم بسعر ذلک الوقت ، فإذا کان له علیه خمس لیرات وأخذ منه فی ثلاثة شهور فی کلّ شهر عشر روبیّات وکان سعر اللیرة فی الشهر الأوّل خمسة عشر روبیّة وفی الشهر الثانی اثنی عشر روبیّة وفی الثالث عشر روبیّات ینتقص من اللیرات فی الشهر الأوّل ثلثا لیرة وفی الشهر الثانی خمسة أسداس لیرة وفی الثالث لیرة ، فقد استوفیٰ فی هذه المدّة لیرتین وثلث لیرة ونصف ثلث لیرة وهکذا ، وإن کان أخذها بعنوان الاقتراض اشتغلت ذمّة الآخذ بتلک الدراهم التی أخذها تدریجاً وبقیت ذمّة زید مشغولة بتلک الدنانیر ، فلکلّ منهما مطالبة صاحبه عمّا علیه . وفی احتساب کلّ منهما ما له علی الآخر وفاء عمّا علیه للآخر ولو مع التراضی إشکال ، کما أنّ بیع الدنانیر التی علیٰ زید فی المثال بالدراهم التی علیٰ صاحبه أیضاً فیه إشکال ، فلا محیص إلاّ من إبراء کلّ منهما ما له علی الآخر ، أو مصالحة الدنانیر التی علیٰ زید بالدراهم التی له علیٰ صاحبه . نعم لو کانت الدراهم المأخوذة تدریجاً قد اُخذت بعنوان الأمانة حتّیٰ إذا اجتمعت عنده بمقدار الدنانیر تحاسبا لا إشکال فی جواز جعلها عند الحساب وفاءً ، کما أنّه یجوز أن یوقعا البیع بین الدنانیر التی فی الذمّة والدراهم الموجودة . وعلیٰ أیّ حال : یلاحظ سعر الدنانیر والدراهم عند الحساب ، ولا ینظر إلی اختلاف الأسعار السابقة .
(مسألة 13) : إذا أقرض زیداً نقداً معیّناً ، أو باعه شیئاً بنقد معیّن کاللیرة إلیٰ أجل معلوم وزاد سعر ذلک النقد أو نقص عند حلول الأجل عن سعره یوم الإقراض أو البیع لایستحقّ إلاّ عین ذلک النقد ولا ینظر إلیٰ زیادة سعره ونقصانه .
(مسألة 14) : یجوز أن یبیع مثقالاً من فضّة خالصة من الصائغ - مثلاً - بمثقال من فضّة فیها غشّ متموّل ، واشترط علیه أن یصوغ له خاتماً مثلاً ، وکذا یجوز أن یقول للصائغ :
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 368 صغ لی خاتماً وأنا أبیعک عشرین مثقالاً من فضّة جیّدة بعشرین مثقالاً من فضّة ردیئة ـ مثلاً - ولم یلزم رباً فی الصورتین .
(مسألة 15) : لو باع عشر روبیّات - مثلاً - بلیرة واحدة إلاّ روبیّة واحدة صحّ ، لکن بشرط أن یعلما نسبة روبیّة بحسب سعر الوقت إلیٰ لیرة حتّیٰ یعلما أیّ مقدار من لیرة قد استثنی .
القول فی السلف
ویقال السلم أیضاً ، وهو ابتیاع کلّی مؤجّل بثمن حالّ عکس النسیئة . ویقال للمشتری المسلم - بکسر اللام - وللثمن المسلَم - بفتحها - وللبائع المسلم إلیه وللمبیع المسلم فیه . وهو یحتاج إلیٰ إیجاب وقبول ، ومن خواصه أنّ کلّ واحد من البائع والمشتری صالح لأن یصدر منه الإیجاب والقبول من الآخر ، فالإیجاب من البائع بلفظ البیع وأشباهه بأن یقول مثلاً : بعتک تغاراً من حنطة بصفة کذا إلیٰ أجل کذا ، بثمن کذا ، ویقول المشتری : قبلت ، أو اشتریت ، وأمّا الإیجاب من المشتری فهو بلفظی أسلمت وأسلفت بأن یقول : أسلمت إلیک ، أو أسلفتک مائة درهم - مثلاً - فی تغار من حنطة بصفة کذا إلیٰ أجل کذا ، فیقول المسلم إلیه - وهو البائع - قبلت . ویجوز إسلاف غیر النقدین فی غیرهما ؛ بأن یکون کلّ من الثمن والمثمن من غیرهما مع اختلاف الجنس أو عدم کونهما أو أحدهما من المکیل والموزون ، وکذا إسلاف أحد النقدین فی غیرهما وبالعکس ، ولایجوز إسلاف أحد النقدین فی أحدهما مطلقاً . ولا یصحّ أن یباع بالسلف ما لایمکن ضبط أوصافه التی تختلف القیمة والرغبات باختلافها کالجواهر واللآلی والعقار والأرضین وأشباهها ممّا لا ترتفع الجهالة والغرر فیها إلاّ بالمشاهدة ، بخلاف ما یمکن ضبط أوصافه المذکورة بالتوصیف الغیر المؤدّی إلیٰ عزّة الوجود کالخضر والفواکه والحبوبات کالحنطة والشعیر والأرز ونحو ذلک ، بل البیض والجوز واللوز ونحوها ، وکذا الحیوان کلّها حتّی الأناسی منها والملابس والأشربة والأدویة بسیطها ومرکّبها .
ویشترط فیه اُمور :
الأوّل : ذکر الجنس والوصف الرافع للجهالة کما عرفت .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 369 الثانی : قبض الثمن قبل التفرّق من مجلس العقد ، ولو قبض البعض صحّ فیه وبطل فی الباقی ، ولو کان الثمن دیناً فی ذمّة البائع ، فإن کان مؤجّلاً لایجوز جعله ثمناً للمسلم فیه ، وإن کان حالاًّ ، فالظاهر جوازه ، وإن لم یخل عن إشکال ، فالأحوط ترکه ، ولو جعل الثمن کلّیّاً فی ذمّة المشتری ثمّ حاسبه به بما له فی ذمّة البائع المسلم إلیه سلم عن الإشکال .
الثالث : تقدیر المبیع ذی الکیل أو الوزن أو العدّ بمقدّره .
الرابع : تعیین أجل مضبوط للمسلم فیه بالأیّام ، أو الشهور ، أو السنین ونحو ذلک ، ولو جعل الأجل إلیٰ أوان الحصاد أو الدیاس ونحو ذلک کان باطلاً ، ولا فرق فی الأجل بعد کونه مضبوطاً بین أن یکون قلیلاً کیوم بل نصف یوم ، أو کثیراً کعشرین ، أو ثلاثین سنة .
الخامس : إمکان وجوده وقت الحلول وفی البلد الذی شرط أن یسلم فیه المسلم فیه لو اشترط ذلک .
(مسألة 1) : هل یجب تعیین بلد التسلیم ؟ الأحوط ذلک ، إلاّ إذا کان انصراف إلیٰ بلد العقد أو بلد آخر .
(مسألة 2) : إذا جعل الأجل شهراً ، أو شهرین فإن کان وقوع المعاملة فی أوّل الشهر عدّ شهراً هلالیّاً ، أو شهرین هلالیّین ، ولا ینظر إلیٰ نقصان الشهر والتمام ، وإن أوقعاها فی أثناء الشهر عدّ کلّ شهر ثلاثین یوماً ، ویحتمل قریباً التلفیق بأن یعدّ من الشهر الثانی ، أو الثالث ما فات وانقضیٰ من الشهر الأوّل ، فإذا وقع العقد فی العاشر من الشهر وکان الأجل شهراً حلّ الأجل فی العاشر من الشهر الثانی وهکذا ، فربّما لایکون ثلاثین یوماً إن کان الشهر الأوّل ناقصاً والأحوط فیه التصالح .
(مسألة 3) : إذا جعلا الأجل إلیٰ جمادیٰ أو الربیع حمل علیٰ أقربهما ، وکذا لو جعل إلی الخمیس أو الجمعة حمل علی الأقرب منهما وحلّ بأوّل جزء من لیلة الهلال فی الأوّل وبأوّل جزء من نهار الیوم فی الثانی .
(مسألة 4) : إذا اشتریٰ شیئاً سلفاً لم یجز بیعه قبل حلول الأجل ، لا علی البائع ولا علیٰ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 370 غیره ؛ سواء باعه بجنس الثمن الأوّل أو بغیره ، وسواء کان مساویاً له أو أکثر أو أقلّ ، ویجوز بعد حلوله ؛ سواء قبضه أو لم یقبضه علی البائع ، وعلیٰ غیره بجنس الثمن ومخالفه بالمساوی له أو بالأقلّ أو الأکثر ما لم یستلزم الربا ، نعم لو کان المسلم فیه ممّا یکال أو یوزن یکره بیعه قبل قبضه .
(مسألة 5) : إذا دفع المسلم إلیه إلی المشتری بعد الحلول الجنس الذی أسلم فیه وکان دونه من حیث الصفة أو المقدار لم یجب قبوله ، وإذا کان مثله فیهما یجب القبول کغیره من الدیون ، وکذا إذا کان فوقه من حیث الصفة . وأمّا إذا کان أکثر منه بحسب المقدار لم یجب علیه قبول الزیادة .
(مسألة 6) : إذا حلّ الأجل ولم یتمکّن البائع علیٰ أداء المسلم فیه لعارض ؛ من آفة ، أو عجز له من تحصیله ، أو إعوازه فی البلد مع عدم إمکان جلبه من مکان آخر ، إلیٰ غیر ذلک من الأعذار حتّی انقضی الأجل کان المسلم - وهو المشتری - بالخیار بین أن یفسخ المعاملة ویرجع بثمنه ورأس ماله وأن یصبر إلیٰ أن یوجد ویتمکّن البائع من الأداء ، وهل له إلزامه بقیمته وقت حلول الأجل ؟ قیل : نعم ، وقیل : لا ، والأحوط أن لا یطالبه إذا کانت أزید من الثمن المسمّی ، نعم بالتراضی لا مانع منه ؛ سواء زادت عن الثمن أو ساوت أو نقصت عنه .
القول فی المرابحة والمواضعة والتولیة
اعلم أنّ ما یقع من المتعاملین فی مقام البیع والشراء علیٰ نحوین : فتارة لایقع منهما إلاّ المقاولة وتعیّن الثمن والمثمن من دون ملاحظة رأس المال وأنّ هذه المعاملة فیها نفع للبائع أو خسران ، وأیّ مقدار نفعه أو خسارته ، فیوقعان البیع علیٰ شیء معلوم بثمن
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 371 معلوم ، وهذا النحو من البیع یسمّیٰ بالمساومة وهو أفضل أنواعه . واُخریٰ یکون الملحوظ عندهما کیفیّة هذه المعاملة الواقعة وأنّها رابحة للبائع أو خاسرة ، أو لا رابحة ولا خاسرة .
ومن هذه الجهة ینقسم البیع إلیٰ أقسام ثلاثة : المرابحة والمواضعة والتولیة ؛ فالأوّل هو البیع علیٰ رأس المال مع الزیادة ، والثانی هو البیع علیه مع النقیصة ، والثالث هو البیع علیه من دون زیادة ولا نقیصة . ولابدّ فی تحقّق هذه العناوین الثلاثة من إیقاع عقد البیع علیٰ نحو یکون مضمونه وافیاً بإفادة أحد هذه المطالب الثلاثة . ویعتبر فی المرابحة تعیین مقدار الربح ، وفی المواضعة تعیین مقدار النقصان . فعبارة عقد المرابحة - بعد تعیین رأس المال إمّا بإخبار البائع أو تعیّنه عندهما من الخارج - أن یقول البائع : بعتک هذا المتاع ـ مثلاً - بما اشتریت مع ربح کذا ، ویقول المشتری : قبلت ، أو اشتریت هکذا ، وعبارة المواضعة أن یقول : بعتک بما اشتریت مع نقصان ذاک المقدار ، وعبارة التولیة أن یقول : بعتک بما اشتریت .
(مسألة 1) : إذا قال البائع فی المرابحة : بعتک هذا بمائة وربح درهم فی کلّ عشرة ـ مثلاً - وفی المواضعة : بعتک بمائة ووضیعة درهم فی کلّ عشرة ، فإن لم یتبیّن للمشتری مقدار الثمن ومبلغه بعد ضمّ الربح أو تنقیص الوضیعة فالظاهر بطلان البیع وإن کان بعد الحساب یتبیّن له ذلک ، وإن تبیّن عنده مبلغ الثمن ومقداره صحّ البیع فی الأقویٰ علیٰ کراهیّة .
(مسألة 2) : إذا تعدّدت النقود واختلف سعرها وصرفها لابدّ من ذکر النقد والصرف وأنّه اشتراه بأیّ نقد وأنّه کان صرفه أیّ مقدار ، وکذا لابدّ من ذکر الشروط والأجل ونحو ذلک ممّا یتفاوت لأجلها الثمن .
(مسألة 3) : إذا اشتریٰ متاعاً بثمن معیّن ولم یحدث فیه ما یوجب زیادة قیمته فرأس ماله ذلک الثمن ، فیجوز عند إخباره عنه أن یقول : اشتریته بکذا أو رأس ماله کذا أو تقوّم علیّ بکذا أو هو علیّ بکذا . وإن أحدث فیه ما یوجب زیادة قیمته فإن کان بعمل نفسه لم یجز أن یضمّ اُجرة عمله بالثمن المسمّیٰ ویخبر بأنّ رأس ماله کذا أو اشتریته بکذا ، بل عبارته
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 372 الصحیحة الصادقة أن یذکر کلاًّ من رأس ماله وعمله مستقلاًّ بأن یقول مثلاً : اشتریته بکذا وعملت فیه کذا . وإن کان باستئجار غیره جاز أن یضمّ الاُجرة بالثمن ویخبر بأنّه تقوّم علیّ أو هو علیّ بکذا ، وإن لم یجز أن یقول : اشتریته بکذا أو رأس ماله کذا . ولو اشتریٰ معیباً ورجع بالأرش إلی البائع له أن یخبره بالواقع وله إسقاط مقدار الأرش من الثمن ویجعل رأس المال ما بقی فیقول : رأس مالی کذا ، ولیس له أن یجعل رأس المال الثمن المسمّیٰ من دون إسقاط قدر الأرش ، بخلاف ما إذا حطّ البائع بعض الثمن فإنّه یجوز للمشتری أن یخبر بالأصل من دون إسقاط الحطیطة ؛ لأنّها تفضّل من البائع علیه ولا دخل لها بالثمن .
(مسألة 4) : یجوز أن یبیع متاعاً ثمّ یشتریه بزیادة أو نقیصة إذا لم یشترط علی المشتری بیعه منه وإن کان من قصدهما ذلک ، وبذلک ربّما یحتال من أراد أن یجعل رأس ماله أزید ممّا اشتریٰ به المتاع ؛ بأن یشتری متاعاً بثمن ثمّ یبیعه من ابنه أو زوجته - مثلاً - بثمن أزید ثمّ یشتریه بالثمن الزائد فیخبر بالزائد ، مثلاً یشتری متاعاً من السوق بدرهمین ، ثمّ یبیعه من ابنه بأربعة ، ثمّ یشتریه منه بأربعة ، ثمّ فی مقام المرابحة یقول : إنّ رأس ماله أربعة ، وهذا وإن لم یکذب فی رأس المال وصحّ بیعه بلا إشکال - إذ هو لیس بأعظم من الکذب الصریح فی الإخبار عن رأس المال - لکنّ الظاهر أنّ هذا غشّ وخیانة فلایجوز له ذلک ، نعم لو لم یکن ذلک عن مواطأة وبقصد الاحتیال جاز له ذلک ولا محذور علیه .
(مسألة 5) : لو ظهر کذب البائع فی إخباره برأس المال کما إذا أخبر بأنّ رأس المال مائة وباعه بربح عشرة فظهر أنّه کان تسعین صحّ البیع وتخیّر المشتری بین فسخ البیع وإمضائه بتمام الثمن وهو مائة وعشرة فی المثال ، ولا فرق بین تعمّد الکذب وصدوره غلطاً أو اشتباهاً ، وهل یسقط هذا الخیار بالتلف ؟ فیه إشکال ، لایبعد عدم السقوط .
(مسألة 6) : لو سلّم التاجر متاعاً إلی الدلاّل لیبیعه له فقوّمه علیه بثمن معیّن وجعل ما زاد علیٰ ذلک له ؛ بأن قال له : بعه عشرة رأس ماله فما زدت علیه فهو لک ، لم یجز له أن یبیعه مرابحة بأن یجعل رأس المال ما قوّم علیه التاجر ویزید علیه مقداراً بعنوان الربح ، بل اللازم إمّا أن یبیعه مساومة أو یبیّن ما هو الواقع من أنّ ما قوّم علیّ التاجر کذا وأنا اُرید
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 373 النفع کذا فإن باعه بزیادة کانت الزیادة له وإن باعه بما قوّم علیه التاجر صحّ البیع ویکون الثمن له ولم یستحقّ الدلاّل شیئاً ، وإن کان الأحوط إرضاؤه بشیء ، وإن باعه بالأقلّ یکون فضولیّاً یتوقّف صحّته علیٰ إجازة التاجر .
(مسألة 7) : إذا اشتریٰ شخص متاعاً أو داراً أو عقاراً أو غیرها جاز أن یشرک فیه غیره بما اشتراه ؛ بأن یشرکه فیه بالمناصفة بنصف الثمن وبالمثالثة بثلث الثمن وهکذا . ویجوز إیقاعه بلفظ التشریک بأن یقول : شرّکتک فی هذا المتاع نصفه بنصف الثمن أو ثلثه بثلث الثمن - مثلاً - فقال : قبلت . ولو أطلق لایبعد انصرافه إلی المناصفة ، وهل هو بیع أو عنوان علیٰ حدة ؟ کلّ محتمل ، وعلی الأوّل فهو من بیع التولیة .
القول فی بیع الثمار
فی النخیل والأشجار المسمّیٰ فی العرف الحاضر بالضمان ، ویلحق بها الزرع والخضراوات .
(مسألة 1) : لایجوز بیع الثمار فی النخیل والأشجار قبل بروزها وظهورها عاماً واحداً بلا ضمیمة ، ویجوز بیعها عامین فما زاد أو مع الضمیمة ، وأمّا بعد ظهورها فإن بدا صلاحها أو کان فی عامین أو مع الضمیمة جاز بیعها بلا إشکال ، ومع انتفاء الثلاثة فیه قولان ؛ أقواهما الجواز مع الکراهة .
(مسألة 2) : بدوّ الصلاح فی التمر احمراره أو اصفراره ، وفی غیره انعقاد حبّه بعد تناثر ورده .
(مسألة 3) : یعتبر فی الضمیمة فی مورد الاحتیاج إلیها کونها ممّا یجوز بیعها منفردة وکونها مملوکة للمالک ومنها الاُصول لو بیعت مع الثمرة ، وهل یعتبر عدم کونها تابعة أو لا ؟ وجهان ، أقواهما العدم .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 374 (مسألة 4) : إذا ظهرت بعض ثمرة البستان جاز له بیع ثمرته أجمع ؛ الموجودة والمتجدّدة فی تلک السنة ؛ سواء اتّحدت الشجرة أو تکثّرت ، وسواء اتّحد الجنس أو اختلف . وکذلک لو أدرکت ثمرة بستان جاز بیعها مع ثمرة بستان آخر لم تدرک ثمرته .
(مسألة 5) : إذا کانت الشجرة تثمر فی سنة واحدة مرّتین ، الظاهر أنّه یکون المرّتان بمنزلة عامین ، فیجوز بیع ثمرتها فی المرّتین قبل الظهور .
(مسألة 6) : إذا باع الثمرة سنة أو سنتین أو أزید ، ثمّ باع الاُصول من شخص آخر لم یبطل بیع الثمرة فتنتقل الاُصول إلی المشتری مسلوبة المنفعة ، ولو کان جاهلاً کان له الخیار فی فسخ بیع الاُصول کالعین المستأجرة . وکذا لایبطل بیع الثمار بموت بائعها ولا بموت مشتریها ، بل تنتقل الثمرة فی الثانی إلیٰ ورثة المشتری والاُصول فی الأوّل إلیٰ ورثة البائع مسلوبة المنفعة .
(مسألة 7) : إذا باع الثمرة بعد ظهورها أو بدوّ صلاحها فاُصیبت بآفة سماویّة أو أرضیّة قبل قبضها الذی هو التخلیة کان من مال بائعها . والظاهر إلحاق النهب والسرقة ونحوهما بالآفة ؛ نعم لو کان المتلف شخصاً معیّناً کان المشتری بالخیار بین فسخ البیع وبین إمضائه ومطالبة المتلف بالبدل ، ولو کان التلف بعد القبض کان من مال المشتری ولم یرجع علی البائع بشیء .
(مسألة 8) : یجوز أن یستثنی البائع لنفسه حصّة مشاعة من الثمرة کالثلث والربع أو مقداراً معیّناً کمنّ أو منّین ، کما أنّ له أن یستثنی ثمرة نخل ، أو شجر معیّن ، فإن خاست الثمرة سقط من الثنیا بحسابه فی الأوّلین .
(مسألة 9) : یجوز بیع الثمرة علی النخل والشجر بکلّ شیء یصحّ أن یجعل ثمناً فی أنواع البیوع من النقود والأمتعة والطعام والحیوان وغیرها بل المنافع والأعمال ونحوهما . نعم لایجوز بیع التمر علی النخل بالتمر ؛ سواء کان مقداراً من تمرها أو تمراً آخر علی النخیل أو موضوعاً علی الأرض ، وهذا یسمّیٰ بالمزابنة المنهیّ عنها ، والأحوط إلحاق
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 375 ثمرة ما عدا النخیل من الفواکه بها فلا تباع بجنسها .
(مسألة 10) : یجوز أن یبیع ما اشتراه من الثمرة بزیادة عمّا ابتاعه به أو نقصان ؛ قبل قبضه وبعده .
(مسألة 11) : لایجوز بیع الزرع بذراً قبل ظهوره ، وفی جواز الصلح عنه وجه کبیعه تبعاً للأرض لو باعها وأدخله فی المبیع بالشرط ، وأمّا بعد ظهوره وطلوع خضرته یجوز بیعه قصیلاً ؛ بأن یبیعه بعنوان أن یکون قصیلاً ویقطعه المشتری قبل أن یسنبل ؛ سواء بلغ أوان قصله أو لم یبلغ وعیّن مدّة لإبقائه ، وإن أطلق فله إبقاؤه إلیٰ أوان قصله . ویجب علی المشتری قطعه إذا بلغ أوانه إلاّ إذا رضی البائع بإبقائه ، ولو لم یرض به ولم یقطعه المشتری فللبائع قطعه . والأحوط أن یکون بعد الاستئذان من الحاکم مع الإمکان ، وله ترکه والمطالبة باُجرة أرضه مدّة بقائه . ولو أبقاه إلیٰ أن طلعت سنبلته فهل تکون ملکاً للمشتری أو للبائع أو هما شریکان فیه ؟ وجوه ؛ الأحوط التصالح . وکما یجوز بیع الزرع قصیلاً یجوز بیعه من أصله لا بعنوان کونه قصیلاً وبشرط أن یقطعه ، بل بعنوان کونه ملکاً للمشتری إن شاء قصله وإن شاء ترکه إلیٰ أن یسنبل .
(مسألة 12) : لایجوز بیع السنبل قبل ظهوره وانعقاد حبّه ، ویجوز بعد انعقاد حبّه ؛ سواء کان حبّه بارزاً کالشعیر أو مستتراً کالحنطة ، منفرداً ومع اُصوله ، قائماً وحصیداً . ولایجوز بیعه بحبّ من جنسه بأن تباع سنابل الحنطة بالحنطة وسنابل الشعیر بالشعیر ، وهذا یسمّیٰ بالمحاقلة المنهیّ عنها . ولایبعد شمولها لبیع سنبل الحنطة بالشعیر وبیع سنبل الشعیر بالحنطة أیضاً . وأمّا غیر الحنطة والشعیر کالأرز والذرة والدخن وغیرها ففی جریان هذا الحکم فیها - وهو عدم جواز بیع سنابلها بحبّ من جنسها - إشکال الأحوط - لو لم یکن الأقویٰ - جریانه فیها .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 376 (مسألة 13) : لایجوز بیع الخضر کالخیار والباذنجان والبطّیخ ونحوها قبل ظهورها ، ویجوز بعد انعقادها وتناثر وردها لقطة واحدة أو لقطات معلومة . والمرجع فی اللقطة إلیٰ عرف الزرّاع وشغلهم وعادتهم ، والظاهر أنّ ما یلتقط منها من الباکورة لاتعدّ لقطة .
(مسألة 14) : إنّما یجوز بیع الخضر کالخیار والبطّیخ مع مشاهدة ما یمکن مشاهدته فی خلال الأوراق ، ولا یضرّ عدم مشاهدة بعضها المستورة کما لایضرّ عدم تناهی عظمها کلاًّ أو بعضاً وتناثر وردها ، وکذا لا یضرّ انعدام ما عدا الاُولیٰ من اللقطات بعد ضمّها إلیها .
(مسألة 15) : إذا کان الخضر ممّا کان المقصود منه مستوراً فی الأرض کالجزر والشلجم والثوم یشکل جواز بیعها قبل قلعها ، نعم فی مثل البصل ممّا کان الظاهر منه أیضاً مقصوداً فالوجه جواز بیعه منفرداً ومع اُصوله .
(مسألة 16) : یجوز بعد الظهور بیع ما یجزّ ثمّ ینمو کالرطبة والکرّاث والنعناع جزّة وجزّات معیّنة ، وکذا ما یخرط کورق التوت والحنّاء خرطة وخرطات . والمرجع فی الجزّة والخرطة هو العرف والعادة کما مرّ فی اللقطة . ولا یضرّ انعدام بعض الأوراق بعد وجود مقدار یکفی للخرط وإن لم یبلغ أوان خرطه ، فیضمّ الموجود إلی المعدوم کانضمام الثمرة المتجدّدة فی السنة أو فی سنة اُخریٰ مع الموجودة .
(مسألة 17) : إذا کان نخل أو شجر أو زرع بین اثنین - مثلاً - بالمناصفة یجوز أن یتقبّل أحد الشریکین حصّة صاحبه بخرص معلوم ؛ بأن یخرص المجموع بمقدار فیتقبّل أن یکون المجموع له ، ویدفع لصاحبه من الثمرة نصف المجموع بحسب خرصه ؛ زاد أو نقص ، ویرضیٰ به صاحبه . والظاهر أنّ هذه معاملة خاصّة برأسها ، کما أنّ الظاهر أنّه لیس لها صیغة خاصّة ، فیکفی کلّ لفظ یکون ظاهراً فی المقصود بحسب متفاهم العرف .
(مسألة 18) : من مرّ بثمرة نخل أو شجر أو زرع مارّاً مجتازاً لا قاصداً إلیها لأجل الأکل جاز له أن یأکل منها بمقدار شبعه وحاجته من دون أن یحمل منها شیئاً ومن دون إفساد للأغصان أو إتلاف للثمار . والظاهر عدم الفرق بین ما کان علی الشجر أو متساقطاً عنه ، والأحوط الاقتصار علیٰ ما إذا لم یعلم کراهة المالک .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 377
القول فی بیع الحیوان ناطقه وصامته
(مسألة 1) : یجوز استرقاق الحربی ؛ أعنی الکافر الأصلی إذا لم یکن معتصماً بعهد أو ذمام ؛ سواء کان فی دار الحرب أو دار الإسلام ، وسواء کان بالسرقة أو الغیلة أو القهر والاغتنام ، بل لو قهر الحربی حربیّاً فباعه صحّ البیع ، وإن کان أخاه أو زوجته بل وإن کان ممّن ینعتق علیه کبنته وابنه وأبویه ، علیٰ إشکال فی صحّة البیع ولحوق أحکامه فیه . نعم لا إشکال فی تملّک المشتری المسلم لمن اشتراه بهذا الشراء ؛ وإن لم یکن شراء حقیقیّاً بل کان استنقاذاً .
(مسألة 2) : یملک الرجل کلّ أحد عدا أحد عشر : الأب والاُمّ والأجداد والجدّات وإن علوا ، والأولاد وأولادهم ذکوراً وإناثاً وإن سفلوا ، والأخوات والعمّات والخالات وبنات الأخ وبنات الاُخت وإن سفلن نسباً ورضاعاً ، ویملک من عدا هؤلاء من الأقارب حتّی الأخ وإن کان مکروهاً . وتملک المرأة کلّ أحد عدا الآباء وإن علوا والأولاد وإن نزلوا نسباً ورضاعاً . ومعنیٰ عدم ملک هؤلاء: عدم استقراره ، فلو ملک الرجل أو المرأة أحد هؤلاء بناقل اختیاری کالشراء ، أو قهریّ کالموت انعتق علیهما فی الحال ، ویملک کلّ من الزوجین صاحبه لکن یبطل النکاح .
(مسألة 3) : الکافر لایملک المسلم ابتداءً ، ولو کان له مملوک کافر فأسلم المملوک اُجبر علیٰ بیعه من مسلم ولمولاه ثمنه .
(مسألة 4) : کلّ من أقرّ علیٰ نفسه بالعبودیّة حکم علیه بها مع شرائط الإقرار ؛ من البلوغ والعقل والاختیار وعدم کونه مشهوراً بالحرّیة ، ولا یلتفت إلیٰ رجوعه عن إقراره .
(مسألة 5) : لو اشتریٰ عبداً فادّعی الحرّیة لم یقبل قوله إلاّ بالبیّنة .
(مسألة 6) : إذا أراد مالک الجاریة أن یبیعها وقد وطئها یجب علیه أن یستبرئها قبل
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 378 بیعها بحیضة إن کانت تحیض ، وبخمسة وأربعین یوماً إن کانت لاتحیض وهی فی سنّ من تحیض ؛ بأن کان بیعها بعد انقضاء هذه المدّة من زمن وطئها ، وإذا لم یستبرئها البائع وباعها صحّ البیع ، لکن یجب علی المشتری الاستبراء المزبور ؛ بأن لا یطأها إلاّ بعد حیضة أو انقضاء تلک المدّة ، بل لو لم یعلم أنّ البائع قد وطئها أو استبرأها بعد وطئها یجب علیه استبراؤها ، نعم لو علم ، أو أخبره ثقة أنّه قد استبرأها البائع أو أنّه لم یطأها لم یجب علیه الاستبراء ، کما أنّه لایجب لا علی البائع ولا علی المشتری لو کان البائع امرأة ، أو کانت الجاریة صغیرة أو یائسة .
(مسألة 7) : لا یختصّ وجوب الاستبراء بالبیع والشراء ، بل کلّ من ملک أمة بوجه من وجوه التملّک وجب علیه قبل وطئها الاستبراء ، حتّیٰ لو ملکها بالإرث أو الاسترقاق إذا لم تستبرئ قبل ذلک ، وکذا لا یختصّ بالبائع ، بل یعمّ کلّ ناقل لها بمثل الصلح والهبة وغیرهما ، فیجب علیهم الاستبراء المزبور بالشروط المتقدّمة قبل إیجاد السبب المملّک .
(مسألة 8) : إذا باع جاریة حبلیٰ لم یجب علی البائع استبراؤها ، نعم یجب علی المشتری ـ بل کلّ من ملکها بوجه من وجوه التملّک - ترک وطئها قبل أن ینقضی لحملها أربعة أشهر وعشرة أیّام ، ویکره بعد ذلک .
(مسألة 9) : الأقویٰ أنّ العبد یملک وإن کان محجوراً علیه لاینفذ تصرّفاته فیما ملکه بدون إذن مولاه ، وللمولی السلطنة التامّة علیٰ ما ملکه ، حتّیٰ أنّ له أن ینتزعه منه . فلو ملّکه مولاه شیئاً ملکه ، وکذا ما حاز لنفسه من المباحات بإذن مولاه أو اشتریٰ فی الذمّة بإذنه ملکه وإن لم یکن ملکاً تامّاً .
(مسألة 10) : کلّ حیوان مملوک کما یجوز بیع جمیعه یجوز بیع بعضه المشاع کالنصف والربع ، وأمّا جزؤه المعیّن کرأسه وجلده أو یده ورجله ، أو نصفه الذی فیه رأسه - مثلاً - فإن کان ممّا لا یؤکل لحمه أو لم یکن المقصود منه اللحم بل الرکوب والحمل وإدارة
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 379 الرحیٰ ونحو ذلک لم یجز بیعه قطعاً ، وأمّا إذا کان المقصود منه الذبح مثل ما یشتریه القصّابون ویباع منهم فالظاهر أنّه یصحّ بیعه ، فإن ذبحه یکون للمشتری ما اشتراه وإن باعه ولم یذبحه یکون المشتری شریکاً فی الثمن بنسبة ماله ؛ بأن ینسب قیمة الرأس والجلد - مثلاً - علیٰ تقدیر الذبح إلیٰ قیمة البقیّة فله من الثمن بتلک النسبة . وکذا الحال فیما لو باع حیواناً قصد به اللحم واستثنی الرأس والجلد ، أو اشترک اثنان أو جماعة وشرط أحدهم لنفسه الرأس والجلد أو الرأس والقوائم - مثلاً - أو اشتریٰ شخص حیواناً ثمّ شرّک غیره معه فی الرأس والجلد - مثلاً - کما إذا اشتریٰ شاة بعشرة دراهم ثمّ شرک فیها رجلاً بدرهمین بالرأس والجلد فیصحّ فی الجمیع فیما یراد ذبحه ، فإذا ذبح یستحقّ العین وإلاّ کان شریکاً بالنسبة کما عرفت .
(مسألة 11) : لو قال شخص لآخر : اشتر حیواناً - مثلاً - بشرکتی ، کان ذلک منه توکیلاً له فی الشراء ، فلو اشتراه حسب استدعاء الآمر کان المبیع بینهما نصفین وعلیٰ کلّ منهما دفع نصف الثمن ، إلاّ إذا صرّح بکون الشرکة علیٰ نحو آخر . ولو دفع المأمور عن الآمر ما علیه من الثمن لیس له الرجوع إلیه ما لم یکن قرینة تقتضی أنّ المقصود الشراء له والدفع عنه ما علیه من الثمن ، کالشراء من مکان بعید لایدفع المبیع حتّیٰ یدفع الثمن ، فحینئذٍ یرجع إلی الآمر بما دفع عنه .
القول فی الإقالة
وحقیقتها فسخ العقد من الطرفین ، وهی جاریة فی تمام العقود سوی النکاح . وفی قیام وارث المتعاقدین مقامهما إشکال . وتقع بکلّ لفظ أفاد المعنی المقصود عند أهل المحاورة کأن یقول المتعاقدان : «تقایلنا» ، أو «تفاسخنا» ، أو یقول أحدهما للآخر : «أقلتک» فقبل الآخر ، بل الظاهر کفایة التماس أحدهما مع إقالة الآخر ، ولایعتبر فیها العربیّة بل تقع بکلّ لغة . والظاهر وقوعها بالمعاطاة بأن یردّ کلّ منهما ما انتقل إلیه إلیٰ صاحبه بعنوان الفسخ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 380 (مسألة 1) : لایجوز الإقالة بزیادة عن الثمن ولا نقصان ، فلو أقال المشتری بزیادة عن الثمن الذی اشتریٰ به أو البائع بوضیعة بطلت الإقالة وبقی العوضان علیٰ ملک صاحبهما .
(مسألة 2) : لایجری فی الإقالة الفسخ والإقالة .
(مسألة 3) : تصحّ الإقالة فی جمیع ما وقع علیه العقد وفی بعضه ویتقسّط الثمن حینئذٍ علی النسبة ، بل إذا تعدّد البائع أو المشتری تصحّ إقالة أحدهما مع الطرف الآخر بالنسبة إلیٰ حصّته وإن لم یوافقه صاحبه .
(مسألة 4) : التلف غیر مانع عن صحّة الإقالة کالفسخ ، فلو تقایلا رجع کلّ عوض إلیٰ مالکه ، فإن کان موجوداً أخذه ، وإن کان تالفاً یرجع إلی المثل إن کان مثلیّاً ، والقیمة إن کان قیمیّاً .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 381