والکلام فی واجباته وشرائطه وموجباته وغایاته وأحکام الخلل .
القول فی الواجبات
(مسألة 1) : الواجب فی الوضوء غسل الوجه والیدین ومسح الرأس والقدمین . والمراد
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 22 بالوجه ما بین قصاص الشعر وطرف الذقن طولاً وما دارت علیه الإبهام والوسطیٰ عرضاً ، فما خرج عن ذلک لایجب غسله . نعم یجب غسل شیء ممّا خرج عن الحدّ المذکور مقدّمة لتحصیل الیقین بغسل تمام ما اشتمل علیه الحدّ .
(مسألة 2) : یجب أن یکون الغسل من أعلی الوجه ولایجوز الغسل منکوساً ، نعم لو ردّ الماء منکوساً ولکن نوی الغسل من الأعلیٰ برجوعه جاز .
(مسألة 3) : لایجب غسل ما استرسل من اللحیة ، أمّا ما دخل منها فی حدّ الوجه فإنّه یجب غسله ، لکن الواجب غسل الظاهر منه ؛ من غیر فرق بین الکثیف والخفیف مع صدق إحاطة الشعر بالبشرة وإن کان التخلیل فی الثانی أحوط . وأمّا الیدان فالواجب غسلهما من المرفقین إلیٰ أطراف الأصابع ، ویجب غسل شیء من العضد للمقدّمة کالوجه . ولایجوز ترک شیء من الوجه أو الیدین بلا غسل ولو مقدار مکان شعرة .
(مسألة 4) : لایجب غسل شیء من البواطن کالعین والأنف والفم إلاّ شیء منها من باب المقدّمة . وما لا یظهر من الشفتین بعد الانطباق من الباطن ، فلایجب غسله ، کما لایجب غسل باطن الثقبة التی فی الأنف موضع الحلقة أو الخزامة ؛ سواء کانت الحلقة فیها أم لا .
(مسألة 5) : الوسخ تحت الأظفار لایجب إزالته إلاّ إذا کان ما تحته معدوداً من الظاهر ، کما أنّه لو قصّ أظفاره فصار ما تحتها ظاهراً وجب غسله بعد إزالة الوسخ عنه .
(مسألة 6) : إذا انقطع لحم من الیدین أو الوجه وجب غسل ما ظهر بعد القطع ویجب غسل ذلک اللحم أیضاً وإن کان اتّصاله بجلدة رقیقة .
(مسألة 7) : الشقوق التی تحدث علیٰ ظهر الکفّ من جهة البرد إن کانت وسیعة یریٰ جوفها وجب إیصال الماء إلیها وإلاّ فلا .
(مسألة 8) : ما یعلو البشرة مثل الجُدری عند الاحتراق مادام باقیاً یکفی غسل ظاهره وإن انخرق . ولایجب إیصال الماء تحت الجلدة ، بل لو قطع بعض الجلدة وبقی البعض الآخر یکفی غسل ظاهر ذلک البعض ولایجب قطعه بتمامه ، ولو ظهر ما تحت الجلدة بتمامه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 23 لکن الجلدة متّصلة قد تلصق وقد لا تلصق یجب غسل ما تحتها ، وإن کانت لاصقة یجب رفعها أو قطعها .
(مسألة 9) : یصحّ الوضوء بالارتماس مع مراعاة الأعلیٰ فالأعلیٰ ، لکن فی الید الیسریٰ لابدّ أن یقصد الغسل حال الإخراج حتّیٰ لایلزم المسح بماء جدید . بل وکذا فی الید الیمنیٰ إلاّ أن یبقیٰ شیئاً من الید الیسریٰ لیغسله بالید الیمنیٰ حتّیٰ یکون ما یبقیٰ علیها من الرطوبة من ماء الوضوء .
(مسألة 10) : یجب رفع ما یمنع وصول الماء أو تحریکه کالخاتم ونحوه ، ولو شکّ فی وجود الحاجب لم یلتفت إذا لم یکن منشأ عقلائی لاحتمال وجوده ، ولو شکّ فی شیء أنّه حاجب أم لا ، وجب إزالته أو إیصال الماء إلیٰ ما تحته .
(مسألة 11) : ما ینجمد علی الجرح عند البرء ویصیر کالجلدة لایجب رفعه ویجزی غسل ظاهره وإن کان رفعه سهلاً . وأمّا الدواء الذی انجمد علیه فما دام لم یمکن رفعه یکون بمنزلة الجبیرة یکفی غسل ظاهره ، وإن أمکن رفعه بسهولة وجب .
(مسألة 12) : الوسخ علی البشرة إن لم یکن جرماً مرئیّاً لایجب إزالته - وإن کان عند المسح بالکیس یجتمع ویکون کثیراً - مادام یصدق علیه غسل البشرة ، وکذا مثل البیاض الذی یتبیّن علی الید من الجصّ أو النورة إذا کان یصل الماء إلیٰ تحته ویصدق غسل البشرة ، ولو شکّ فی کونه حاجباً وجب إزالته . وأمّا مسح الرأس فالواجب مسح شیء من مقدّمه ، والأحوط عدم الاجتزاء بما دون عرض إصبع ، وأحوط منه مسح مقدار ثلاثة أصابع مضمومة ، بل الأولیٰ کون المسح بالثلاثة. والمرأة کالرجل فی ذلک .
(مسألة 13) : لایجب کون المسح علی البشرة فیجوز علی الشعر النابت علی المقدّم ، نعم إذا کان الشعر الذی منبته مقدّم الرأس طویلاً بحیث یتجاوز بمدّه عن حدّه لایجوز المسح علیٰ ذلک المقدار المتجاوز ؛ سواء کان مسترسلاً أو مجتمعاً فی المقدّم .
(مسألة 14) : یجب أن یکون المسح بباطن الکفّ ، والأحوط الأیمن بل الأولیٰ بالأصابع منه وأن یکون المسح بما بقی فی یده من نداوة الوضوء فلایجوز استئناف ماء جدید .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 24 (مسألة 15) : یجب جفاف الممسوح علیٰ وجه لاینتقل منه أجزاء إلی الماسح . وأمّا مسح القدمین فالواجب مسح ظاهرهما من أطراف الأصابع إلی المفصل علی الأحوط طولاً . ولا تقدیر للعرض فیجزی ما یتحقّق به اسم المسح ، والأفضل بل الأحوط أن یکون بتمام الکفّ وما تقدّم فی مسح الرأس من تجفیف الممسوح علی النحو المزبور وکون المسح بما بقی فی یده من نداوة الوضوء یجری فی القدمین أیضاً .
(مسألة 16) : إذا تعذّر المسح بباطن الکفّ مسح بظاهرها ، وإن تعذّر مسح بذراعه .
(مسألة 17) : إذا جفّت رطوبة الکفّ أخذ من سائر مواضع الوضوء من حاجبه أو لحیته أو غیرهما ومسح به ، وإذا لم یمکن الأخذ منها أعاد الوضوء . ولو لم ینفع الإعادة من جهة حرارة الهواء أو البدن أو الید بحیث کلّما توضّأ جفّ ماء وضوئه فلایترک الاحتیاط بالجمع بین المسح بالید الیابسة ثمّ بالماء الجدید ثمّ التیمّم .
(مسألة 18) : لابدّ فی المسح من إمرار الماسح علی الممسوح، فلو عکس لم یجز ، نعم لاتضرّ الحرکة الیسیرة فی الممسوح .
(مسألة 19) : لایجب فی مسح القدمین وضع أصابع الکفّ - مثلاً - علیٰ أصابعهما وجرّها إلی الحدّ ، بل یجزی أن یضع تمام کفّه علیٰ تمام ظهر القدم ثمّ یجرّها قلیلاً بمقدار یصدق علیه المسح .
(مسألة 20) : یجوز المسح علی القناع والخفّ والجورب وغیرها عند الضرورة من تقیّة أو برد أو سَبُع أو عدوّ ونحو ذلک ممّا یخاف بسببه عن رفع الحائل . ویعتبر فی المسح علی الحائل کلّ ما اعتبر فی مسح البشرة من کونه بالکفّ وبنداوة الوضوء وغیر ذلک .
القول فی شرائط الوضوء
(مسألة 1) : شرائط الوضوء اُمور :
منها : طهارة الماء وإطلاقه وإباحته وطهارة المحلّ المغسول والممسوح ورفع الحاجب
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 25 عنه وإباحة المکان الذی هو بمعنی الفضاء الذی یقع فیه الغسل والمسح ، وکذا إباحة المصبّ والآنیة مع الانحصار بل ومع عدمه أیضاً إذا کان الوضوء بالغمس فیها لا بالاغتراف منها ، وعدم المانع من استعمال الماء من مرض أو عطش علیٰ نفسه أو نفس محترمة ، ونحو ذلک ممّا یجب معه التیمّم ، فلو توضّأ والحال هذه بطل .
(مسألة 2) : المشتبه بالنجس بالشبهة المحصورة کالنجس فی عدم جواز التوضّؤ به وإذا انحصر الماء فی المشتبهین یتیمّم للصلاة ، لکن إذا أمکن أن یتوضّأ بأحدهما ویصلّی ثمّ یغسل محالّ الوضوء بالماء الآخر ثمّ یتوضّأ به ویعید صلاته ثانیاً یقوی الصحّة ، لکن الأحوط مع ذلک ضمّ التیمّم أیضاً مع أحد الوضوءین .
(مسألة 3) : إذا لم یکن عنده إلاّ ماء مشکوک إضافته وإطلاقه فإذا کان حالته السابقة الإطلاق یتوضّأ به وإذا کانت الإضافة یتیمّم ، وإذا لم یعلم الحالة السابقة یجب الاحتیاط بالجمع بین الوضوء به والتیمّم .
(مسألة 4) : لو اشتبه مضاف فی محصور ولم یکن عنده ماء آخر یجب علیه الاحتیاط بتکرار الوضوء علیٰ نحو یعلم التوضّؤ بماء مطلق . والضابط أن یزاد عدد الوضوءات علیٰ عدد المضاف المعلوم بواحد ، فإذا کان عنده إناءان یتوضّأ بهما وإن کان عنده ثلاث إناءات أو أزید وقد علم بإضافة واحد منها یتوضّأ باثنین منها وإذا کان إناءان بین ثلاثة أو أزید یتوضّأ بالثلاثة وهکذا .
(مسألة 5) : المشتبه بالغصب کالغصب لایجوز الوضوء به ، فإذا انحصر الماء به تعیّن التیمّم .
(مسألة 6) : طهارة الماء وإطلاقه شرط واقعی یستوی فیهما العالم والجاهل بخلاف الإباحة . فإذا توضّأ بماء مغصوب مع الجهل بغصبیّته أو نسیانها صحّ وضوؤه ، حتّیٰ أنّه لو التفت إلی الغصبیّة فی أثناء الوضوء صحّ ما مضیٰ من أجزائه ویتمّ الباقی بماءٍ مباح .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 26 وإذا التفت إلیها بعد غسل الید الیسریٰ هل یجوز المسح بما فی یده من الرطوبة ویصحّ وضوؤه أم لا ؟ وجهان بل قولان ، أحوطهما الثانی بل لایخلو من قوّة . وکذا الحال فیما إذا کان علیٰ محالّ وضوئه رطوبة من ماء مغصوب وأراد أن یتوضّأ بماء مباح قبل جفاف الرطوبة .
(مسألة 7) : یجوز الوضوء والشرب وسائر التصرّفات الیسیرة ممّا جرت علیه السیرة من الأنهار الکبیرة من القنوات وغیرها وإن لم یعلم رضا المالکین بل وإن کان فیهم الصغار والمجانین . نعم مع النهی منهم أو من بعضهم یشکل الجواز . وإذا غصبها غاصب یبقی الجواز لغیره دونه .
(مسألة 8) : إذا کان ماء مباح فی إناء مغصوب لایجوز الوضوء منه بالغمس فیه مطلقاً . وأمّا بالاغتراف منه فلایصحّ الوضوء مع الانحصار به ویتعیّن التیمّم . نعم لو صبّ الماء المباح من الإناء المغصوب فی الإناء المباح یصحّ الوضوء منه . وأمّا إذا تمکّن من ماء آخر مباح صحّ وضوؤه بالاغتراف منه وإن فعل حراماً من جهة التصرّف فی الإناء .
(مسألة 9) : یصحّ الوضوء تحت الخیمة المغصوبة بل فی البیت المغصوب سقفه وجدرانه إذا کان أرضه مباحاً .
(مسألة 10) : الظاهر أنّه یجوز الوضوء من حیاض المساجد والمدارس ونحوهما إذا لم یعلم شرط الواقف عدم استعمال غیر المصلّین والساکنین منها ولم یزاحم المصلّین والطلبة ؛ خصوصاً إذا جرت السیرة والعادة علیٰ وضوء غیرهم منها مع عدم منع من أحد .
(مسألة 11) : الوضوء من آنیة الذهب والفضّة کالوضوء من الآنیة المغصوبة ، فیبطل إن کان بالرمس فیها مطلقاً، وإن کان بالاغتراف منها فیبطل مع الانحصار کما تقدّم . ولو توضّأ منها جهلاً أو نسیاناً بل مع الشکّ فی کونها منهما صحّ ولو کان بنحو الرمس أو بنحو الاغتراف مع الانحصار .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 27 (مسألة 12) : إذا شکّ فی وجود الحاجب قبل الشروع فی الوضوء أو فی الأثناء لایجب الفحص إلاّ إذا کان منشأ عقلائیّ لاحتماله ، وحینئذٍ یجب الفحص حتّیٰ یطمئنّ بعدمه . وإن شکّ بعد الفراغ فی أنّه کان موجوداً أم لا ، بنیٰ علیٰ عدمه وصحّة وضوئه ، وکذلک إذا کان موجوداً وکان ملتفتاً إلیه سابقاً وشکّ بعد الوضوء فی أنّه أزاله أو أوصل الماء تحته أم لا ، وکذا إذا علم بوجود الحاجب وشکّ فی أنّه کان موجوداً حال الوضوء أو طرء بعده فیحکم فی جمیع هذه الصور بصحّة الوضوء . نعم لو علم بوجود شیء فی حال الوضوء ممّا یمکن أن لایصل الماء تحته وقد یصل وقد لا یصل کالخاتم ، وقد علم أنّه لم یکن ملتفتاً إلیه حین الغسل أو علم أنّه لم یحرّکه ومع ذلک شکّ فی أنّه وصل الماء تحته من باب الاتّفاق أم لا ، یشکل الحکم بالصحّة بل الظاهر وجوب الإعادة .
(مسألة 13) : إذا کان بعض محالّ الوضوء نجساً فتوضّأ وشکّ بعده فی أنّه طهّره قبل الوضوء أم لا ، یحکم بصحّة وضوئه لکن یبنی علیٰ بقاء نجاسة المحلّ فیجب غسله للأعمال الآتیة .
ومنها : المباشرة اختیاراً ومع الاضطرار جاز بل وجب الاستنابة فیوضّئه الغیر وینوی هو الوضوء ، وإن کان الأحوط نیّة الغیر أیضاً . وفی المسح لابدّ أن یکون بید المنوب عنه وإمرار النائب وإن لم یمکن أخذ الرطوبة التی فی یده ومسح بها . والأحوط مع ذلک ضمّ التیمّم لو أمکن .
ومنها : الترتیب فی الأعضاء فیقدّم تمام الوجه علی الید الیمنیٰ وهی علی الیسریٰ وهی علیٰ مسح الرأس وهو علیٰ مسح الرجلین ، ولایجب الترتیب فی مسحهما ، نعم الأحوط عدم تقدیم الیسریٰ علی الیمنیٰ .
ومنها : الموالاة بین الأعضاء ؛ بمعنیٰ أن لا یؤخّر غسل العضو المتأخّر بحیث یحصل بسبب ذلک جفاف جمیع ما تقدّم .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 28 (مسألة 14) : إنّما یضرّ جفاف الأعضاء السابقة إذا کان بسبب التأخیر وطول الزمان ، وأمّا إذا تابع عرفاً فی الأفعال ومع ذلک حصل الجفاف بسبب حرارة الهواء أو غیرها لم یبطل وضوؤه .
(مسألة 15) : لو لم یتابع فی الأفعال ومع ذلک بقی الرطوبة من جهة البرودة ورطوبة الهواء بحیث لو کان الهواء معتدلاً لحصل الجفاف لا بطلان ، فالعبرة فی صحّة الوضوء بأحد الأمرین : إمّا بقاء البلل حسّاً أو المتابعة عرفاً .
(مسألة 16) : إذا ترک الموالاة نسیاناً بطل وضوؤه ، وکذا لو اعتقد عدم الجفاف ثمّ تبیّن الخلاف .
(مسألة 17) : لو لم یبق من الرطوبة إلاّ فی مسترسل اللحیة ففی کفایتها إشکال .
ومنها : النیّة ، وهی القصد إلی الفعل بعنوان الامتثال وهو المراد بنیّة القربة . ویعتبر فیها الإخلاص ، فمتیٰ ضمّ إلیها ما ینافیه بطل ؛ خصوصاً الریاء فإنّه إذا دخل فی العمل علیٰ أیّ نحو کان أفسده . وأمّا غیره من الضمائم فإن کانت راجحة لا یضرّ ضمّها إلاّ إذا کانت هی المقصود الأصلی ویکون قصد امتثال الأمر الوضوئی تبعاً ، أو ترکّب الداعی منهما بحیث یکون کلّ منهما جزءً للداعی ، وأمّا إذا کانت مباحة کالتبرّد فیبطل الوضوء إلاّ إذا دخلت علیٰ وجه التبعیّة وکان امتثال أمر الوضوء هو المقصود الأصلی .
(مسألة 18) : لایعتبر فی النیّة التلفّظ بها ولا الإخطار بها فی القلب تفصیلاً، بل یکفی فیها الإرادة الإجمالیّة المرتکزة فی النفس بحیث لو سئل عن شغله یقول : أتوضّأ ، وهذه الإرادة الإجمالیّة هی التی یسمّونها بالداعی وهو الکافی . نعم لو شرع فی العمل ثمّ ذهل عنه وغفل بالمرّة بحیث لو سئل عن شغله بقی متحیّراً ولایدری ما یصنع یکون عملاً بلا نیّة .
(مسألة 19) : کما یجب النیّة فی أوّل العمل کذلک یجب استدامتها إلیٰ آخره ، فلو تردّد أو نوی العدم وأتمّ الوضوء علیٰ هذا الحال بطل . نعم لو عدل إلی النیّة الاُولیٰ قبل فوات الموالاة وضمّ إلیٰ ما أتیٰ به مع النیّة باقی الأفعال صحّ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 29 (مسألة 20) : یکفی فی النیّة قصد القربة ولا یجب نیّة الوجوب أو الندب لا وصفاً ولا غایة ، فلا یلزم أن یقصد : أنّی أتوضّأ الوضوء الذی یکون واجباً علیّ ، أو یقصد : أنّی أتوضّأ لأنّه یجب علیّ ، بل لو نوی الوجوب فی موضع الندب أو العکس اشتباهاً بعد ما کان قاصداً للقربة والامتثال علیٰ أیّ حال کفیٰ وصحّ ، فإذا نوی الوجوب بتخیّل دخول الوقت فتبیّن خلافه صحّ وضوؤه کالعکس .
(مسألة 21) : لایعتبر فی صحّة الوضوء نیّة رفع الحدث ولا نیّة استباحة الصلاة وغیرها من الغایات ، بل لو نوی التجدید فتبیّن کونه محدثاً صحّ الوضوء ویجوز معه الصلاة وغیرها . ویکفی وضوء واحد عن الأسباب المختلفة وإن لم یلحظها بالنیّة ، بل لو قصد رفع حدث بعینه صحّ الوضوء وارتفع الجمیع .
فصل فی موجبات الوضوء وغایاته
(مسألة 1) : الأحداث الناقضة للوضوء والموجبة له اُمور :
الأوّل والثانی : خروج البول وما فی حکمه کالبلل المشتبه قبل الاستبراء ، وخروج الغائط من الموضع الطبیعی أو من غیره مع انسداد الطبیعی أو بدونه ؛ کثیراً کان أو قلیلاً ولو بمصاحبة دود أو نواة مثلاً . الثالث : خروج الریح عن الدبر إذا کان من المعدة ؛ سواء کان له صوت ورائحة أم لا . ولا عبرة بما یخرج من قُبل المرأة ولا بما لایکون من المعدة کما إذا دخل من الخارج ثمّ خرج . الرابع : النوم الغالب علیٰ حاسّتی السمع والبصر . الخامس : کلّ ما أزال العقل مثل الجنون والإغماء والسکر ونحوها . السادس : الاستحاضة القلیلة بل المتوسّطة والکثیرة أیضاً وإن أوجبتا الغسل أیضاً حسب مایأتی فی محلّه.
(مسألة 2) : إذا خرج ماء الاحتقان ولم یکن معه شیء من الغائط لم ینتقض الوضوء وکذا لو شکّ فی خروج شیء معه وکذلک الحال فیما إذا خرج دود أو نواة غیر متلطّخ بالغائط .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 30 (مسألة 3) : المسلوس والمبطون إن کانت لهما فترة تسع الطهارة والصلاة ولو بالاقتصار علیٰ أقلّ واجباتها انتظراها وأوقعا الصلاة فی تلک الفترة ، وإن لم تکن لهما تلک الفترة ، فإمّا أن یکون خروج الحدث فی أثناء الصلاة مرّة أو مرّتین أو ثلاث مثلاً بحیث لا حرج علیهما فی التوضّؤ فی الأثناء والبناء ، وإمّا أن یکون متّصلاً بحیث لو توضّئا بعد کلّ حدث وبنیا لزم علیهما الحرج .
ففی الصورة الاُولیٰ یتوضّئان ویشتغلان بالصلاة بعد أن یضعا الماء قریباً منهما ، فإذا خرج منهما شیء توضّئا بلا مهلة وبنیا علیٰ صلاتهما ، والأحوط أن یصلّیا صلاة اُخریٰ بوضوء واحد ، بل لایترک هذا الاحتیاط فی المسلوس . أمّا فی الصورة الثانیة یتوضّئان لکلّ صلاة ولایجوز أن یصلّیا صلاتین بوضوءٍ واحد - فریضة کانتا أو نافلة أو مختلفتین - والظاهر إلحاق مسلوس الریح بمسلوس البول فی التفصیل المتقدّم .
(مسألة 4) : یجب علی المسلوس التحفّظ من تعدّی بوله بکیس فیه قطن ونحوه . والظاهر عدم وجوب تغییره أو تطهیره لکلّ صلاة ، نعم الأحوط تطهیر الحشفة إن أمکن من غیر حرج ، ویجب التحفّظ بما أمکن فی المبطون أیضاً ، کما أنّ الأحوط فیه أیضاً تطهیر المخرج إن أمکن من غیر حرج .
(مسألة 5) : لایجب علی المسلوس والمبطون قضاء ما مضیٰ من الصلوات بعد برئهما . نعم الظاهر وجوب إعادتها إذا برئ فی الوقت واتّسع الزمان للصلاة مع الطهارة .
فصل
غایات الوضوء ما کان وجوب الوضوء أو استحبابه لأجله من جهة کونه شرطاً
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 31 لصحّته کالصلاة ، أو شرطاً ، لجوازه وعدم حرمته کمسّ کتابة القرآن ، أو شرطاً لکماله کقراءة القرآن ، أو لرفع کراهته کالأکل فی حال الجنابة فإنّه مکروه وترتفع کراهته بالوضوء .
أمّا الأوّل : وهو ما کان الوضوء شرطاً لصحّته فهو شرط للصلاة ؛ فریضة کانت أو نافلة ، أداءً کانت أو قضاءً ، عن النفس أو الغیر ، ولأجزائها المنسیّة بل وسجدتی السهو أیضاً علی الأحوط ، وکذا للطواف الذی کان جزءً للحجّ أو العمرة وإن کانا مندوبین .
وأمّا الثانی : فهو شرط لجواز مسّ کتابة القرآن فیحرم مسّها علی المحدث . ولا فرق بین آیاتها وکلماتها ، بل والحروف والمدّ والتشدید وأعاریبها . ویلحق بها أسماء اللّه وصفاته الخاصّة ، وأمّا أسماء الأنبیاء والأئمّة والملائکة ففی إلحاقها بها تأمّل وإشکال والأحوط التجنّب خصوصاً فی الاُولیین .
(مسألة 1) : لا فرق فی حرمة المسّ بین أجزاء البدن ظاهراً وباطناً ، نعم لایبعد جواز المسّ بالشعر . کما لا فرق بین أنواع الخطوط حتّی المهجور منها کالکوفی وکذا بین أنحاء الکتابة من الکتب بالقلم أو الطبع أو غیر ذلک .
وأمّا الثالث : فهو أقسام کثیرة لا یناسب ذکرها فی هذه الوجیزة فلیطلب من المطوّلات ، والأقویٰ کون الوضوء بنفسه مستحبّاً کسائر المستحبّات النفسیّة فیصحّ إتیانه بقصد القربة وإن لم یقصد إحدی الغایات کسائر العبادات .
(مسألة 2) : یستحبّ للتوضّئ أن یجدّد وضوءه ، والظاهر جوازه ثالثاً ورابعاً فصاعداً ولو تبیّن مصادفته للحدث یرتفع به علی الأقویٰ فلایحتاج إلیٰ وضوء آخر .
القول فی أحکام الخلل
(مسألة 1) : لو تیقّن الحدث وشکّ فی الطهارة أو ظنّ بها تطهّر ، ولو کان شکّه فی أثناء العمل کما لو دخل فی الصلاة - مثلاً - وشکّ فی أثنائها فی الطهارة فإنّه یقطعها ویتطهّر ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 32 والأحوط الإتمام ثمّ الاستئناف بطهارة جدیدة . ولو کان شکّه بعد الفراغ من العمل بنیٰ علیٰ صحّة العمل السابق وتطهّر جدیداً للعمل اللاحق . ولو تیقّن الطهارة وشکّ فی الحدث لم یلتفت . ولو تیقّنهما وشکّ فی المتأخّر منهما تطهّر ، إلاّ إذا علم تاریخ الطهارة فیبنی علیها علی الأقویٰ . ولو تیقّن ترک غسل عضو أو مسحه أتیٰ به وبما بعده إذا لم یحصل مفسد من فوات موالاة ونحوه وإلاّ استأنف . ولو شکّ فی فعل شیء من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه أتیٰ بما شکّ فیه مراعیاً للترتیب والموالاة وغیرهما ممّا یعتبر فی الوضوء ، والظنّ هنا کالشکّ . وکثیر الشکّ لا عبرة بشکّه ، کما أنّه لا عبرة بالشکّ بعد الفراغ ؛ سواء کان شکّه فی فعل من أفعال الوضوء أو فی شرط من شروطه .
(مسألة 2) : إذا کان متوضّئاً وتوضّأ للتجدید وصلّیٰ ثمّ تیقّن بطلان أحد الوضوءین لا أثر لهذا العلم الإجمالی لا بالنسبة إلی الصلاة التی أوقعها ولا بالنسبة إلی الصلاة الآتیة . وأمّا إذا صلّیٰ بعد کلّ من الوضوءین ثمّ تیقّن بطلان أحدهما فالصلاة الثانیة صحیحة قطعاً ، کما أنّه تصحّ الصلاة الآتیة ما لم یقع الناقض ، وأمّا الصلاة الاُولیٰ فلایبعد الحکم بصحّتها وإن کان الأحوط إعادتها .
(مسألة 3) : إذا توضّأ وضوءین وصلّیٰ صلاة واحدة بعدهما ثمّ تیقّن بوقوع الحدث بعد أحدهما یجب علیه الوضوء للصلوات الآتیة ویحکم بصحّة الصلاة التی أتیٰ بها ، وأمّا لو صلّیٰ بعد کلّ وضوء ثمّ علم بوقوع الحدث بعد أحد الوضوءین قبل الصلاة یجب علیه إعادة الصلاتین ، نعم إذا کانتا متّفقتین فی العدد کالظهرین فالظاهر کفایة صلاة واحدة بقصد ما فی الذمّة ، وإن کان الأحوط فی هذه الصورة أیضاً إعادتهما .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 33
فصل فی وضوء الجبیرة
(مسألة 1) : من کان علیٰ بعض أعضائه جبیرة فإن أمکن نزعها نَزَعها وغسل أو مسح ما تحتها ، وإن لم یمکن ذلک فإن کان فی موضع المسح مسح علیها ، وإن کان فی موضع الغسل وأمکن إیصال الماء تحتها علیٰ نحو یحصل مسمّی الغسل وجب وإلاّ مسح علیها .
(مسألة 2) : یجب استیعاب المسح فی أعضاء الغسل . نعم لایلزم مسح ما یتعذّر أو یتعسّر مسحه ممّا بین الخیوط . وأمّا فی أعضاء المسح یکون حال المسح علی الجبیرة کمسح محلّها قدراً وکیفیّة ، فیعتبر أن یکون بالید ونداوتها بخلاف ما کان فی موضع الغسل .
(مسألة 3) : إذا کانت الجبیرة مستوعبة لعضو واحد أو تمام الأعضاء وأمکن التیمّم بلا حائل فلا یترک الاحتیاط بالجمع بین الجبیرة والتیمّم خصوصاً فی الصورة الثانیة . نعم إذا استوعب الحائل أعضاء التیمّم أیضاً ولایمکن التیمّم علی البشرة تعیّن الوضوء علی الجبیرة فی الصورتین .
(مسألة 4) : إذا وقعت الجبیرة علیٰ بعض الأطراف الصحیحة فالمقدار المتعارف الذی یلزمه شدّ غالب الجبائر یلحق بها فی الحکم فیمسح علیه ، وإن کان أزید من ذلک المقدار فإن أمکن رفعها رفعها وغسل المقدار الصحیح ثمّ وضعها ومسح علیها ، وإن لم یمکن ذلک مسح علیها ولایترک الاحتیاط بضمّ التیمّم أیضاً .
(مسألة 5) : إذا لم یمکن المسح علی الجبیرة من جهة النجاسة وضع خرقة فوقها علیٰ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 34 نحو یعدّ جزء منها ومسح علیها .
(مسألة 6) : الأقویٰ أنّ الجرح المکشوف الذی لایمکن غسله یجوز الاکتفاء بغسل ما حوله ، والأحوط مع ذلک وضع شیء علیه والمسح علیه .
(مسألة 7) : إذا أضرّ الماء بالعضو من دون أن یکون جرح أو قرح أو کسر یتعیّن التیمّم . وکذا فیما إذا کان الکسر أو الجرح فی غیر مواضع الوضوء لکن استعمال الماء فی مواضعه یضرّ بالکسر أو الجرح .
(مسألة 8) : فی الرمد الذی یضرّه الوضوء یتعیّن التیمّم .
(مسألة 9) : إذا کان مانع علی البشرة لایمکن إزالته کالقیر ونحوه یکتفیٰ بالمسح علیه ، والأحوط کونه علیٰ وجه یحصل أقلّ مسمّی الغسل ، وأحوط من ذلک ضمّ التیمّم .
(مسألة 10) : الوضوء الجبیریّ رافع للحدث لا مبیح فقط .
(مسألة 11) : من کان علیٰ بعض أعضائه جبیرة وحصل موجب الغسل مسح علی الجبیرة وغسل المواضع الخالیة عنها مع الشرائط المتقدّمة فی وضوء ذی الجبیرة ، والأحوط کون غسله ترتیبیّاً لا ارتماسیّاً .
(مسألة 12) : من کان تکلیفه التیمّم وکان علیٰ أعضائه جبیرة لایمکن رفعها مسح علیها ، وکذا فیما إذا کان حائل آخر لایمکن إزالته .
(مسألة 13) : إذا ارتفع عذر صاحب الجبیرة لایجب إعادة الصلاة التی صلاّها ، بل الظاهر جواز الصلوات الآتیة بهذا الوضوء .
(مسألة 14) : یجوز أن یصلّی صاحب الجبیرة أوّل الوقت مع الیأس عن زوال العذر إلیٰ آخره ومع عدمه الأحوط التأخیر .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 35