وفیه فصولٌ :
فصل فی النیّة
(مسألة 1) : یشترط فی الصوم النیّة ؛ بأن یقصد إلیٰ تلک العبادة المقرّرة فی الشریعة ویعزم علی الإمساک عن المفطرات المعهودة بقصد القربة . ولایجب العلم بالمفطرات علی التفصیل فلو نوی الإمساک عن کلّ مفطر یضرّ بالصوم ولم یعلم بمفطریّة بعض الأشیاء کالاحتقان أو القیء - مثلاً - أو زعم عدم مفطریّته ولکن لم یرتکبه صحّ صومه ، وکذا لو نوی الإمساک عن اُمور یعلم باشتمالها علی المفطرات صحّ علی الأقویٰ . ولایعتبر فی النیّة بعد القصد والقربة والإخلاص سویٰ تعیین الصوم الذی قصد إطاعة أمره . ویکفی فی صوم شهر رمضان نیّة صوم غد من غیر حاجة إلیٰ تعیینه ، بل لو نویٰ غیره فیه جاهلاً به أو ناسیاً له صحّ ووقع عن رمضان ، بخلاف العالم به فإنّه لایقع لواحد منهما . ولابدّ فیما عدا شهر رمضان من التعیین ؛ بمعنی القصد إلیٰ صنف الصوم المخصوص کالکفّارة والقضاء والنذر المطلق بل المعیّن أیضاً علی الأقویٰ ، ویکفی التعیین الإجمالی کما إذا کان ما وجب فی ذمّته صنفاً واحداً فقصد ما فی ذمّته فإنّه یجزیه . والأظهر عدم اعتبار التعیین فی المندوب المطلق ، فلو نویٰ صوم غد متقرّباً إلی اللّه تعالیٰ صحّ ووقع ندباً إذا کان الزمان صالحاً له وکان الشخص ممّن یجوز له أن یتطوّع بالصوم ، بل وکذا المندوب المعیّن أیضاً إذا کان تعیّنه بالزمان الخاصّ کأیّام البیض والجمعة والخمیس ، نعم فی إحراز ثواب الخصوصیّة یعتبر إحراز ذلک الیوم وقصده .
(مسألة 2) : یعتبر فی القضاء عن الغیر نیّة النیابة ولو لم یکن فیذمّته صوم آخر لنفسه .
(مسألة 3) : لایقع فی شهر رمضان صوم غیره - واجباً کان أو ندباً - سواء کان مکلّفاً
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 234 بصومه أو لا کالمسافر ونحوه ، نعم مع الجهل بکونه رمضاناً أو نسیانه لو نویٰ فیه غیر صومه یقع من رمضان کما مرّ .
(مسألة 4) : محلّ النیّة فی الواجب المعیّن - رمضاناً کان أو غیره - مع التنبّه المقارنة لطلوع الفجر الصادق أو فی أیّ جزء من لیلة الیوم الذی یرید صومه وإن نام أو تناول المفطر بعدها فیها مع استمرار العزم علیٰ مقتضاها إلیٰ طلوع الفجر . هذا مع التنبّه والالتفات ، وأمّا مع النسیان أو الغفلة أو الجهل بکونه رمضاناً فیمتدّ وقتها إلی الزوال لو لم یتناول المفطر قبله ، وکذا لو فاتته النیّة لعذر آخر من مرض أو سفر فزال عذره قبل الزوال ولم یتناول مفطراً ، وإذا زالت الشمس فقد فات محلّها ، ویمتدّ محلّها اختیاراً فی غیر المعیّن إلی الزوال دون ما بعده ، فلو أصبح ناویاً للإفطار ولم یکن تناول مفطراً فبدا له قبل الزوال أن یصوم قضاءً من شهر رمضان أو کفّارة أو نذراً مطلقاً جاز وصحّ دون ما بعده . ومحلّها فی المندوب یمتدّ إلیٰ أن یبقیٰ من الغروب زمان یمکن تجدیدها فیه .
(مسألة 5) : یوم الشکّ فی أنّه من شعبان أو رمضان یبنیٰ علیٰ أنّه من شعبان فلایجب صومه ، ولو صامه بنیّة أنّه من شعبان ندباً أجزأه عن رمضان لو بان بعد ذلک أنّه من رمضان ، وکذا لو صامه بنیّة أنّه منه قضاءً أو نذراً أجزأه لو صادف ، ولو صامه بنیّة أنّه من رمضان لم یقع لأحدهما ، وکذا لو صامه علیٰ أنّه إن کان من شهر رمضان کان واجباً وإلاّ کان مندوباً علیٰ وجه التردید فی النیّة .
(مسألة 6) : لو کان فی یوم الشکّ بانیاً علی الإفطار ، ثمّ ظهر فی أثناء النهار أنّه من شهر رمضان فإن تناول المفطر أو لم یتناوله لکن ظهر الحال بعد الزوال یجب علیه إمساک بقیّة النهار تأدّباً وقضاء ذلک الیوم، وإن کان قبل الزوال ولم یتناول شیئاً یجدّد النیّة وأجزأ عنه .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 235 (مسألة 7) : لو صام یوم الشکّ بنیّة أنّه من شعبان ثمّ تناول المفطر نسیاناً وتبیّن بعد ذلک أنّه من رمضان أجزأ عنه . نعم لو أفسد صومه بریاء ونحوه لم یجزه من رمضان ، حتّیٰ لو تبیّن له کونه منه قبل الزوال وجدّد النیّة .
(مسألة 8) : کما یجب النیّة فی ابتداء الصوم یجب الاستدامة علیٰ مقتضاها فی أثنائه ، فلو نوی القطع فی الواجب المعیّن ؛ بمعنیٰ أنّه أنشأ رفع الید عمّا تلبّس به من الصوم بطل علی الأحوط وإن عاد إلیٰ نیّة الصوم قبل الزوال . نعم لو کان ذلک لزعم اختلال فی صومه ثمّ بان عدمه لم یبطل علی الأقویٰ . وکذا ینافی الاستدامة المزبورة التردّد فی الأثناء ، نعم لو کان تردّده فی البطلان وعدمه لعروض عارض لم یدر أنّه مبطل لصومه أم لا ، لم یکن فیه بأس وإن استمرّ ذلک إلیٰ أن یسأل عنه ، وأمّا غیر الواجب المعیّن فلو نوی القطع ثمّ رجع قبل الزوال صحّ صومه .
القول فیما یجب الإمساک عنه
(مسألة 1) : یجب علی الصائم الإمساک عن اُمور :
الأوّل والثانی : الأکل والشرب المعتاد کالخبز والماء وغیره کالحصاة وعصارة الأشجار ولو کان قلیلاً جدّاً کعشر حبّة الحنطة أو عشر قطرة من الماء .
(مسألة 2) : المدار علیٰ صدق الأکل والشرب ولو کان علی النحو الغیر المتعارف ، فإذا أوصل الماء إلی الجوف من طریق أنفه ، فالظاهر صدق الشرب علیه وإن کان بنحو غیر متعارف .
الثالث : الجماع للذکر والاُنثیٰ والبهیمة ؛ قبلاً أو دبراً ، حیّاً أو میّتاً ، صغیراً أو کبیراً ،
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 236 واطئاً کان الصائم أو موطوءً ، فتعمّد ذلک مبطل لصومه وإن لم ینزل ، نعم لا بطلان مع النسیان أو القهر المانع عن الاختیار . وإذا جامع نسیاناً أو جبراً فتذکّر وارتفع الجبر فی الأثناء وجب الإخراج فوراً ، فإن تراخیٰ بطل صومه . ولو قصد التفخیذ - مثلاً - فدخل بلا قصد لم یبطل . ولو قصد الإدخال فلم یتحقّق کان مبطلاً من جهة نیّة المفطر . ویتحقّق الجماع بغیبوبة الحشفة أو مقدارها من مقطوعها .
الرابع : إنزال المنیّ باستمناء أو ملامسة أو قبلة أو تفخیذ أو نحو ذلک من الأفعال التی یقصد بها حصوله ، فإنّه مبطل للصوم بجمیع أفراده ، بل لو لم یقصد حصوله وکان من عادته ذلک بالفعل المزبور فهو کذلک أیضاً ، نعم لو سبقه المنیّ من دون إیجاد شیء ممّا یقتضیه منه لم یکن علیه شیء ، فإنّه حینئذٍ کالمحتلم فی نهار الصوم والناسی .
(مسألة 3) : لابأس بالاستبراء بالبول أو الخرطات لمن احتلم فی النهار وإن علم بخروج بقایا المنیّ فی المجریٰ ، کما أنّه لایجب علیه التحفّظ من خروج المنیّ بعد الإنزال إن استیقظ قبله ، خصوصاً مع الحرج أو الإضرار .
الخامس : تعمّد البقاء علی الجنابة إلی الفجر فی شهر رمضان وقضائه ، بل الأقویٰ فی الثانی البطلان بالإصباح جنباً وإن لم یکن عن عمد ، کما أنّ الأقویٰ أیضاً بطلان صوم شهر رمضان بنسیان غسل الجنابة لیلاً قبل الفجر حتّیٰ مضیٰ علیه یوم أو أیّام ، بل الأحوط إلحاق غیر شهر رمضان من النذر المعیّن ونحوه به ، وأمّا غیر شهر رمضان وقضائه من الواجب المعیّن والموسّع والمندوب ففی بطلانه بسبب تعمّد البقاء علی الجنابة إشکال ، أحوطه ذلک خصوصاً فی الواجب الموسّع ، وأقواه العدم خصوصاً فی المندوب .
(مسألة 4) : من أحدث سبب الجنابة فی وقت لایسع الغسل ولا التیمّم فهو کمتعمّد البقاء
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 237 علیها . ولو وسع التیمّم خاصّة عصیٰ وصحّ الصوم المعیّن والأحوط القضاء .
(مسألة 5) : لو ظنّ السعة وأجنب فبان الخلاف لم یکن علیه شیء إذا کان مع المراعاة ، أمّا مع عدمها فعلیه القضاء .
(مسألة 6) : کما یبطل الصوم بالبقاء علی الجنابة متعمّداً کذا یبطل بالبقاء علیٰ حدث الحیض والنفاس إلیٰ طلوع الفجر ، فإذا طهرتا منهما قبل الفجر وجب علیهما الاغتسال أو التیمّم ، ومع ترکهما عمداً یبطل صومهما . وکذا یشترط فی صحّة صوم المستحاضة علی الأحوط الأغسال النهاریّة التی للصلاة دون غیرها ، فلو استحاضت قبل الإتیان بصلاة الصبح أو الظهرین بما یوجب الغسل - کالمتوسّطة والکثیرة - فترکت الغسل بطل صومها ، بخلاف ما لو استحاضت بعد الإتیان بصلاة الظهرین فترکت الغسل إلی الغروب فإنّه لایبطل صومها .
(مسألة 7) : فاقد الطهورین یسقط عنه اشتراط رفع الحدث لصحّة صومه ، فیصحّ منه مع البقاء علی الجنابة أو مع حدث الحیض أو النفاس ، نعم فیما یفسده البقاء علی الجنابة مطلقاً ولو لا عن عمد کقضاء شهر رمضان فالظاهر البطلان .
(مسألة 8) : لایشترط فی صحّة الصوم الغسل لمسّ المیّت ، کما لایضرّ مسّه فی أثناء النهار .
(مسألة 9) : من لم یتمکّن من الغسل - لفقد الماء أو لغیره من أسباب التیمّم ولو لضیق الوقت - وجب علیه التیمّم للصوم ، فمن ترکه حتّیٰ أصبح کان کتارک الغسل ، نعم یجب علیه البقاء علی التیمّم مستیقظاً حتّیٰ یصبح علی الأحوط .
(مسألة 10) : لو استیقظ بعد الصبح محتلماً فإن علم أنّ جنابته کانت لیلاً صحّ صومه إن کان مضیّقاً وبادر إلی الغسل استحباباً ، وإن کان موسّعاً بطل إن کان قضاء شهر
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 238 رمضان ، وصحّ إن کان غیره أو مندوباً ، إلاّ أنّ الأحوط إلحاقهما به . وإن لم یعلم بوقت وقوع الجنابة أو علم بوقوعها نهاراً کان کمن احتلم أو سبق منیّه فی النهار بغیر اختیار ولایبطل صومه ؛ من غیر فرق بین الموسّع وغیره والمندوب ، ولایجب علیه البدار إلی الغسل ، کما لایجب علیٰ کلّ من أجنب بالنهار بدون اختیار وإن کان هو الأحوط .
(مسألة 11) : من أجنب فی اللیل فی شهر رمضان جاز له أن ینام قبل الاغتسال إن احتمل الاستیقاظ حتّیٰ بعد الانتباه والانتباهتین بل وأزید خصوصاً مع اعتیاد الاستیقاظ ، فلایکون نومه حراماً ، وإن کان الأحوط شدیداً ترک النوم الثانی فما زاد . ولو نام مع احتمال الاستیقاظ فلم یستیقظ حتّیٰ طلع الفجر فإن کان بانیاً علیٰ عدم الاغتسال لو استیقظ أو متردّداً فیه لحقه حکم متعمّد البقاء جنباً ، فعلیه القضاء مع الکفّارة کما یأتی ، وإن کان بانیاً علی الاغتسال لا شیء علیه ؛ لا القضاء ولا الکفّارة . نعم لو انتبه ثمّ نام ثانیاً حتّیٰ طلع الفجر بطل صومه فیجب علیه الإمساک تأدّباً والقضاء ، ولو عاد إلی النوم ثالثاً ولم ینتبه فعلیه الکفّارة أیضاً علی المشهور ، وفیه تردّد بل عدم وجوبها لایخلو من قوّة ، لکن الاحتیاط لاینبغی ترکه . ولو کان ذاهلاً وغافلاً عن الاغتسال ولم یکن بانیاً علی الاغتسال ولا بانیاً علیٰ ترکه ففی لحوقه بالأوّل أو الثانی وجهان ، أوجههما الأوّل .
السادس : تعمّد الکذب علی اللّه ورسوله والأئمّة علیهم السلام وکذا باقی الأنبیاء والأوصیاء علی الأحوط ؛ من غیر فرق بین کونه فی الدنیا أو الدین وبین کونه بالقول أو بالکتابة أو الإشارة أو الکنایة ونحوها ممّا یصدق علیه الکذب علیهم ، فلو سأله سائل هل قال النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم کذا ؟ فأشار : «نعم» فی مقام «لا» أو «لا» فی مقام «نعم» بطل صومه ، وکذا لو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 239 أخبر صادقاً عن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم ثمّ قال : ما أخبرتُ به عنه کذب ، أو أخبر کاذباً فی اللیل ثمّ قال فی النهار : إنّ ما أخبرتُ به فی اللیل صدق ، فسد صومه . نعم مع عدم القصد الجدّی إلی الإخبار ؛ بأن کان هازلاً ولاغیاً لایترتّب علیه الفساد .
(مسألة 12) : إذا قصد الصدق فبان کذباً لم یضرّ وکذا إذا قصد الکذب فبان صدقاً ، نعم مع العلم بمفطریّته داخل فی قصد المفطر وقد مرّ حکمه .
(مسألة 13) : لا فرق بین أن یکون الکذب مجعولاً له أو لغیره ، کما إذا کان مذکوراً فی بعض کتب التواریخ أو الأخبار إذا کان علیٰ وجه الإخبار ، نعم لابأس بنقله إذا کان علیٰ وجه الحکایة والنقل من الشخص الفلانی أو کتابه .
السابع : رمس الرأس فی الماء علی الأحوط ولو مع خروج البدن ، والأحوط إلحاق المضاف بالماء المطلق . ولا بأس بالإفاضة أو نحوها ممّا لا یسمّیٰ رمساً وإن کثر الماء ، بل لابأس برمس البعض وإن کان المنافذ ، ولابغمس التمام علی التعاقب ؛ بأن غمس نصفه ـ مثلاً - ثمّ أخرجه وغمس نصفه الآخر .
(مسألة 14) : إذا ألقیٰ نفسه فی الماء بتخیّل عدم الرمس فحصل لم یبطل صومه .
(مسألة 15) : لو ارتمس الصائم مغتسلاً ، فإن کان تطوّعاً أو واجباً موسّعاً بطل صومه وصحّ غسله ، وإن کان واجباً معیّناً فإن قصد الغسل بأوّل مسمّی الارتماس بطل صومه وغسله معاً ، وإن نواه بالمکث أو الخروج صحّ غسله دون صومه فی غیر شهر رمضان ، وأمّا فیه بطلا معاً .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 240 الثامن : إیصال الغبار الغلیظ إلی الحلق بل وغیر الغلیظ أیضاً علی الأحوط ؛ سواء کان بإثارته بنفسه بکنس ونحوه ، أو بإثارة غیره ، أو بإثارة الهواء مع تمکینه من الوصول لعدم التحفّظ . ولابأس بما یعسر التحرّز عنه ، کما أنّه لابأس به مع النسیان أو الغفلة أو القهر أو تخیّل عدم الوصول إلاّ إذا خرج بهیئة الطین إلیٰ فضاء الفم ثمّ ابتلعه . ویلحق بالغبار البخار ودخان التنباک ونحوه علی الأحوط .
التاسع : الحقنة بالمائع ولو لمرض ونحوه ، نعم لابأس بالجامد مع أنّ الأحوط اجتنابه ، کما أنّه لابأس بوصول الدواء إلیٰ جوفه من جرحه .
العاشر : تعمّد القیء وإن کان للضرورة دون ما کان منه بلا عمد ، والمدار علیٰ صدق مسمّاه . ولو ابتلع فی اللیل ما یجب علیه قیؤه بالنهار فسد صومه مع انحصار إخراجه بذلک ، نعم لو لم ینحصر فیه صحّ .
(مسألة 16) : لو خرج بالتجشّؤ شیء ووصل إلیٰ فضاء الفم ، ثمّ نزل من غیر اختیار لم یبطل صومه ، بخلاف ما إذا بلعه اختیاراً فإنّه یبطل صومه وعلیه القضاء والکفّارة . ولایجوز للصائم التجشّؤ اختیاراً إذا علم بأنّه یخرج معه شیء یصدق علیه القیء أو ینحدر بعد الخروج بلا اختیار ، وأمّا إذا لم یعلم بذلک ، بل احتمله فلابأس به ، بل لو ترتّب علیه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 241 حینئذٍ الخروج والانحدار لم یبطل صومه .
(مسألة 17) : لایفسد الصوم بابتلاع البصاق المجتمع فی الفم وإن کان بتذکّر ما کان سبباً فی جمعه ، ولا بابتلاع النخامة التی لم تصل إلیٰ فضاء الفم ؛ من غیر فرق بین النازلة من الرأس والخارجة من الصدر علی الأقویٰ . وأمّا الواصلة إلیٰ فضاء الفم فلایترک الاحتیاط بترک ابتلاعها ، نعم لو خرجت عن الفم ثمّ ابتلعها بطل صومه قطعاً ، وکذا البصاق ، بل لو کانت فی فمه حصاة فأخرجها وعلیها بلّة من الریق ثمّ أعادها وابتلع الریق أفطر . وکذا لو بلّ الخیّاط الخیط بریقه ثمّ ردّه إلی الفم وابتلع ما علیه من الرطوبة بطل صومه . وکذا لو استاک وأخرج المسواک المبلّل بالریق ثمّ ردّه وابتلع ما علیه من الرطوبة ، إلاّ إذا استهلک ما کان علیه من الرطوبة فی ریقه علیٰ وجه لایصدق أنّه ابتلع ریقه مع غیره . ومثله ذوق المرق ومضغ الطعام والمتخلّف من ماء المضمضة . وکذا لایفسده العلک علی الأصحّ وإن وجد منه طعماً فی ریقه ما لم یکن ذلک بتفتّت أجزائه ولو کان بنحو الذوبان فی الفم .
(مسألة 18) : کلّ ما عرفت أنّه یفسد الصوم ما عدا البقاء علی الجنابة - الذی مرّ تفصیل الکلام فیه - إنّما یفسده إذا وقع عن عمد لا بدونه کالنسیان أو عدم القصد فإنّه لایفسد الصوم بأقسامه ، بخلاف العمد فإنّه یفسده بأقسامه ، من غیر فرق بین العالم بالحکم والجاهل به . ومن العمد من أکل ناسیاً فظنّ فساد صومه فأفطر عامداً . والمکره الموجر فی حلقه - مثلاً - لایبطل صومه ، بخلاف المکره علیٰ تناول المفطر بنفسه فإنّه یفطر ولو کان لتقیّة کالإفطار معهم فی عیدهم .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 242
القول فیما یکره للصائم ارتکابه
(مسألة 1) : یکره للصائم اُمور :
منها : مباشرة النساء تقبیلاً ولمساً وملاعبة لمن تتحرّک شهوته ولم یقصد الإنزال بذلک ولا کان من عادته ، وإلاّ حرم فی الصوم المعیّن ، بل الأولیٰ ترک ذلک حتّیٰ لمن لم تتحرّک شهوته بذلک عادة مع احتمال التحرّک بذلک .
ومنها : الاکتحال خصوصاً إذا کان بالذرّ أو شبهه أو کان فیه مسک أو یصل منه أو یخاف وصوله أو یجد طعمه فی الحلق لما فیه من الصبر ونحوه .
ومنها : إخراج الدم المضعف ؛ بحجامة أو غیرها ، بل کلّ ما یورث ذلک أو یصیر سبباً لهیجان المرّة من غیر فرق بین شهر رمضان وغیره وإن اشتدّ فیه ، بل یحرم ذلک فیه ، بل فی مطلق الصوم المعیّن إذا علم حصول الغشیان المبطل ولم تکن ضرورة تدعو إلیه .
ومنها : دخول الحمّام إذا خشی به الضعف .
ومنها : السعوط ، وخصوصاً مع العلم بوصوله إلی الدماغ أو الجوف ، بل یفسد الصوم مع التعدّی إلی الحلق .
ومنها : شمّ الریاحین ، خصوصاً النرجس ، والمراد بها کلّ نبت طیّب الریح . نعم لابأس بالطیب فإنّه تحفة الصائم ، لکن الأولیٰ ترک المسک منه ، بل یکره التطیّب به للصائم ، کما أنّ الأولیٰ ترک شمّ الرائحة الغلیظة حتّیٰ تصل إلی الحلق .
(مسألة 2) : لابأس باستنقاع الرجل فی الماء ، ویکره للامرأة ، کما أنّه یکره لهما بلّ الثوب ووضعه علی الجسد . ولابأس بمضغ الطعام للصبیّ ولا زقّ الطائر ولا ذوق المرق ولا غیرها ممّا لایتعدّیٰ إلی الحلق ، أو تعدّیٰ من غیر قصد أو مع القصد ولکن عن نسیان . ولا فرق بین أن یکون أصل الوضع فی الفم لغرض صحیح أو لا ، نعم یکره الذوق للشیء . ولا بأس بالسواک بالیابس بل هو مستحبّ ، نعم لایبعد الکراهة بالرطب ، کما أنّه یکره نزع الضرس بل مطلق ما فیه إدماء .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 243
القول فیما یترتّب علی الإفطار
(مسألة 1) : الإتیان بالمفطرات المذکورة کما أنّه موجب للقضاء یوجب الکفّارة إذا کان مع العمد والاختیار من غیر کره ولا إجبار إلاّ فی القیء علی الأصحّ . ولا فرق بین العالم والجاهل إذا کان مقصّراً ، وأمّا إذا کان قاصراً غیر ملتفت إلی السؤال فالظاهر عدم وجوب الکفّارة علیه وإن کان أحوط .
(مسألة 2) : کفّارة إفطار صوم شهر رمضان اُمور ثلاثة : عتق رقبة وصیام شهرین متتابعین وإطعام ستّین مسکیناً مخیّراً بینها ، وإن کان الأحوط الترتیب مع الإمکان . ویجب الجمع بین الخصال إذا أفطر بشیء محرّم کأکل المغصوب وشرب الخمر والجماع المحرّم ونحو ذلک .
(مسألة 3) : الأقویٰ أنّه لا تتکرّر الکفّارة بتکرّر الموجب فی یوم واحد فی غیر الجماع وإن اختلف جنس الموجب ، وأمّا هو فالأقویٰ تکرّرها بتکرّره .
(مسألة 4) : لاتجب الکفّارة إلاّ فی إفطار صوم شهر رمضان وقضائه بعد الزوال والنذر المعیّن . ولاتجب فیما عدا ذلک من أقسام الصوم ؛ واجباً کان أو مندوباً ، أفطر قبل الزوال أو بعده . نعم ذکر جماعة من الأصحاب وجوبها فی صوم الاعتکاف إذا وجب ، وهم بین معمّم لها لجمیع المفطرات وبین مخصّص لها بالجماع ، ولکن الظاهر اختصاصها بالجماع ، کما أنّ الظاهر أنّها لأجل نفس الاعتکاف لا لأجل الصوم ؛ ولذا لا فرق بین وقوعه فی اللیل أو النهار . نعم لو وقع فی نهار شهر رمضان تجب الکفّارتان ، کما أنّه لو وقع الإفطار فیه بغیر الجماع تجب کفّارة شهر رمضان .
(مسألة 5) : إذا أفطر متعمّداً ثمّ سافر لم تسقط عنه الکفّارة ؛ سواء سافر بعد الزوال
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 244 أو قبله ، بل وکذا لو سافر وأفطر قبل الوصول إلیٰ حدّ الترخّص ، بل الأحوط - احتیاطاً لایترک - عدم سقوطها فیما لو أفطر متعمّداً ثمّ عرض له عارض قهریّ من حیض أو نفاس أو مرض وغیر ذلک . نعم لو أفطر یوم الشکّ فی آخر الشهر ثمّ تبیّن أنّه من شوّال فالأقویٰ سقوط الکفّارة کالقضاء .
(مسألة 6) : إذا جامع زوجته فی شهر رمضان وهما صائمان ، فإن طاوعته فعلیٰ کلّ منهما کفّارته وتعزیره ؛ وهو خمسة وعشرون سوطاً ، وإذا أکرهها علیٰ ذلک یتحمّل عنها کفّارتها وتعزیرها ، وإن أکرهها فی الابتداء ثمّ طاوعته فی الأثناء فالأحوط کفّارة منها وکفّارتان منه ، بل لایخلو من قوّة . ولا تلحق بالزوجة المکرهة الأمة والأجنبیّة . ولا فرق فی الزوجة بین الدائمة والمنقطعة . وإذا أکرهت الزوجة زوجها لاتتحمّل عنه شیئاً .
(مسألة 7) : إذا کان مفطراً لکونه مسافراً أو مریضاً - مثلاً - وکانت زوجته صائمة لایجوز إکراهها علی الجماع ، وإن فعل لایتحمّل عنها الکفّارة ولا التعزیر .
(مسألة 8) : مصرف کفّارة إطعام الفقراء إمّا بإشباعهم وإمّا بالتسلیم إلیهم کلّ واحد مُدّاً من حنطة أو شعیر أو دقیق أو أرُز أو خبز أو غیر ذلک من أقسام الطعام ، والأحوط مدّان . ولایکفی فی کفّارة واحدة إشباع شخص واحد مرّتین أو مرّات أو إعطاؤه مدّین أو أمداداً بل لابدّ من ستّین نفساً ، نعم إذا کان للفقیر عیالات متعدّدة یجوز إعطاؤه بعدد الجمیع لکلّ واحد مدّاً . والمدّ ربع الصاع ، وهو ستّمائة مثقال وأربعة عشر مثقالاً وربع مثقال ، فالمدّ مائة وخمسون مثقالاً وثلاثة مثاقیل ونصف مثقال وربع ربع مثقال . وإذا أعطیٰ
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 245 ثلاثة أرباع الوقیة من حقّة النجف فقد زاد أزید من واحد وعشرین مثقالاً ؛ إذ ثلاثة أرباع الوقیة مائة وخمسة وسبعون مثقالاً .
(مسألة 9) : یجوز التبرّع بالکفّارة عن المیّت ؛ صوماً کانت أو غیره ، وفی جواز التبرّع بها عن الحیّ إشکال والأحوط العدم خصوصاً فی الصوم .
(مسألة 10) : یکفی فی حصول التتابع فی الشهرین صوم الشهر الأوّل ویوم من الشهر الثانی ، ویجوز له التفریق فی البقیّة ولو اختیاراً لا لعذر . وأمّا الشهر الأوّل فإذا أفطر فی أثنائه لا لعذر یجب استئنافه ، وإذا أفطر لعذر من الأعذار کالمرض والحیض والنفاس والسفر الاضطراریّ لم یجب استئنافه ، بل یبنی علیٰ ما مضیٰ ، ومن العذر ما إذا نسی النیّة حتّیٰ فات وقتها بأن تذکّر بعد الزوال .
(مسألة 11) : من عجز عن الخصال الثلاث فی کفّارة شهر رمضان تخیّر بین أن یصوم ثمانیة عشر یوماً أو یتصدّق بما یطیق ، ولو عجز أتیٰ بالممکن منهما ، وإن لم یقدر علیٰ شیء منهما استغفر اللّه ولو مرّة بدلاً عن الکفّارة ، وإن تمکّن بعد ذلک منها أتیٰ بها .
(مسألة 12) : یجب القضاء دون الکفّارة فی موارد :
أحدها : فیما إذا نام المجنب فی اللیل ثانیاً بعد انتباهه من النوم واستمرّ نومه إلیٰ أن طلع الفجر ، بل الأقویٰ ذلک فی النوم الثالث الواقع بعد انتباهتین ، وإن کان الأحوط شدیداً فیه ما هو المشهور من وجوب الکفّارة أیضاً . والنوم الذی احتلم فیه لایعدّ من النومة الاُولیٰ حتّیٰ یکون النوم بعده النومة الثانیة .
الثانی : إذا أبطل صومه لمجرّد عدم النیّة مع عدم الإتیان بشیء من المفطرات .
الثالث : إذا نسی غسل الجنابة ومضیٰ علیه یوم أو أیّام کما مرّ .
الرابع : إذا أتیٰ بالمفطر قبل مراعاة الفجر ثمّ ظهر سبق طلوعه ؛ سواء کان قادراً علی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 246 المراعاة أو عاجزاً عنها ، وکذا مع المراعاة وعدم التیقّن ببقاء اللیل بأن کان شاکّاً فی الطلوع أو ظانّاً به فأکل ثمّ تبیّن سبقه . نعم لو راعیٰ وتیقّن البقاء فأکل ثمّ تبیّن خلافه صحّ صومه ، هذا فی صوم شهر رمضان ، وأمّا غیره من أقسام الصوم حتّی الواجب المعیّن فالظاهر بطلانه بوقوع الأکل بعد طلوع الفجر مطلقاً حتّیٰ مع المراعاة وتیقّن بقاء اللیل .
الخامس : الأکل تعویلاً علیٰ من أخبر ببقاء اللیل مع کون الفجر طالعاً .
السادس : الأکل إذا أخبره مخبر بطلوع الفجر لزعمه سخریّة المخبر .
(مسألة 13) : یجوز لمن لم یتیقّن بطلوع الفجر تناول المفطر من دون فحص ، فلو أکل أو شرب والحال هذه ولم یتبیّن الطلوع ولا عدمه لم یکن علیه شیء . وأمّا مع عدم التیقّن بدخول اللیل فلایجوز له الإفطار ، فلو أفطر والحال هذه یجب علیه القضاء والکفّارة وإن لم یحصل له التیقّن ببقاء النهار وبقی علیٰ شکّه .
السابع : الإفطار تقلیداً لمن أخبر بدخول اللیل ولم یدخل إذا کان المخبر ممّن جاز التعویل علیٰ إخباره ، کما إذا أخبره عدلان بل عدل واحد ، وإلاّ فالأقویٰ وجوب الکفّارة أیضاً .
الثامن : الإفطار لظلمة قطع بدخول اللیل منها ولم یدخل ، مع عدم وجود علّة فی السماء ، وأمّا لو کانت فی السماء علّة فظنّ دخول اللیل فأفطر ثمّ بان له الخطأ لایجب القضاء .
التاسع : إدخال الماء فی الفم للتبرّد بمضمضة أو غیرها فسبقه ودخل الحلق ، وکذا لو أدخله عبثاً . وأمّا لو نسی فابتلعه فلا قضاء علیه ، وکذا لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء فلایجب علیه القضاء ، والأحوط الاقتصار علیٰ ما کان الوضوء لصلاة الفریضة .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 247
القول فی شرائط صحّة الصوم ووجوبه
(مسألة 1) : شرائط صحّة الصوم اُمور : الإسلام ، والإیمان ، والعقل ، والخلوّ من الحیض والنفاس ، فلایصحّ من غیر المؤمن ولو فی جزء من النهار ، فلو ارتدّ فی الأثناء ثمّ عاد لم یصحّ وإن کان الصوم معیّناً وجدّد النیّة قبل الزوال ، وکذا من المجنون ولو أدواراً مستغرقاً للنهار أو بعضه ، وکذا السکران والمغمیٰ علیه . نعم الصحّة مع سبق النیّة منهما لایخلو من قوّة . ویصحّ من النائم إذا سبقت منه النیّة فی اللیل وإن استوعب تمام النهار ، وکذا لایصحّ الصوم من الحائض والنفساء وإن فاجأهما الدم قبل الغروب بلحظة أو انقطع عنهما بعد الفجر بلحظة . ومن شرائط صحّة الصوم عدم المرض أو الرمد الذی یضرّه الصوم لإیجابه شدّته أو طول برئه أو شدّة ألمه ؛ سواء حصل الیقین بذلک أو الظنّ أو الاحتمال الموجب للخوف . ویلحق به الخوف من حدوث المرض والضرر بسببه فإنّه لایصحّ معه الصوم ویجوز بل یجب علیه الإفطار ، ولا یکفی الضعف وإن کان مفرطاً ، نعم لو کان ممّا لا یتحمّل عادة جاز الإفطار . ولو صام بزعم عدم الضرر فبان الخلاف بعد الفراغ من الصوم ففی الصحّة إشکال ، فلا یترک الاحتیاط بالقضاء . ومن شرائط الصحّة أن لایکون مسافراً سفراً یوجب قصر الصلاة فإنّه لایصحّ منه الصوم حتّی المندوب علی الأقویٰ .
نعم استثنی فی الصوم الواجب ثلاثة مواضع : أحدها : صوم ثلاثة أیّام بدل الهدی . الثانی : صوم بدل البدنة ممّن أفاض من عرفات قبل الغروب عامداً ، وهو ثمانیة عشر یوماً . الثالث : صوم النذر المشترط إیقاعه فی خصوص السفر أو المصرّح بأن یوقع سفراً وحضراً دون النذر المطلق .
(مسألة 2) : یشترط فی صحّة الصوم المندوب مضافاً إلیٰ ما مرّ : أن لایکون علیـه
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 248 صوم واجب من قضاء أو کفّارة أو غیرها ؛ وإن کان تعمیم الحکم إلیٰ غیر القضاء محلّ إشکال .
(مسألة 3) : کلّ ما ذکرنا من أنّه شرط للصحّة شرط للوجوب أیضاً غیر الإسلام والإیمان . ومن شرائط الوجوب أیضاً البلوغ فلایجب علی الصبیّ إلاّ إذا کمل قبل الفجر أو نوی الصوم تطوّعاً وکمل فی أثناء النهار ، بل فیما إذا کمل قبل الزوال ولم یتناول شیئاً لایبعد وجوب الصوم علیه وتجدید النیّة .
(مسألة 4) : إذا کان حاضراً فخرج إلی السفر فإن کان قبل الزوال وجب علیه الإفطار وإن کان بعده وجب علیه البقاء علیٰ صومه . ولو کان مسافراً وحضر بلده أو بلداً عزم علی الإقامة فیه عشرة أیّام فإن کان قبل الزوال ولم یتناول المفطر وجب علیه الصوم ، وإن کان بعده أو قبله لکن تناول المفطر فلایجب علیه .
(مسألة 5) : المسافر الجاهل بالحکم لو صام صحّ صومه ویجزیه علیٰ حسب ما عرفته فی جاهل حکم الصلاة ؛ إذ القصر کالإفطار والصیام کالتمام فیجری هنا حینئذٍ جمیع ما ذکرناه بالنسبة إلی الصلاة ، فمن کان یجب علیه التمام کالمکاری والعاصی بسفره والمقیم والمتردّد ثلاثین یوماً وغیر ذلک یجب علیه الصیام . نعم یتعیّن علیه الإفطار فی الأماکن الأربعة وإن جاز له الإتمام ، کما أنّه یتعیّن علیه البقاء علی الصوم لو خرج بعد الزوال وإن وجب علیه القصر ، ویتعیّن علیه الإفطار لو قدم بعده وإن وجب علیه التمام إذا لم یکن قد صلّیٰ . وقد تقدّم فی کتاب «الصلاة» أنّ المدار فی قصر الصلاة علیٰ وصول المسافر حدّ الترخّص فکذا هو المدار فی قصر الصوم ، فلیس له الإفطار قبل الوصول إلیه بل لو فعل کانت علیه مع القضاء الکفّارة .
(مسألة 6) : یجوز علی الأصحّ السفر اختیاراً فی شهر رمضان ولو کان للفرار من الصوم ، لکن علیٰ کراهیّة قبل أن یمضی منه ثلاثة وعشرون یوماً ، إلاّ فی حجّ أو عمرة أو
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 249 مال یخاف تلفه أو أخ یخاف هلاکه . وأمّا غیر صوم شهر رمضان من الواجب المعیّن فالأحوط ترک السفر مع الاختیار ، کما أنّه لو کان مسافراً فالأحوط الإقامة لإتیانه مع الإمکان .
(مسألة 7) : یکره للمسافر فی شهر رمضان بل کلّ من یجوز له الإفطار التملّؤ من الطعام والشراب وکذا الجماع فی النهار ، بل الأحوط ترکه وإن کان الأقویٰ جوازه .
(مسألة 8) : یجوز الإفطار فی شهر رمضان لأشخاص : الشیخ والشیخة إذا تعذّر أو تعسّر علیهما الصوم ، ومن به داء العطش ؛ سواء لم یقدر علی الصبر أو تعسّر علیه ، والحامل المقرب التی یضرّ بها أو بولدها الصوم ، والمرضعة القلیلة اللبن إذا أضرّ بها أو بولدها الصوم ، فإنّ جمیع هذه الأشخاص یفطرون ، لکن یجب علیٰ کلّ واحد منهم التکفیر ؛ بأن یتصدّق بدل کلّ یوم بمدّ من الطعام والأحوط مدّان .
(مسألة 9) : لا فرق فی المرضعة بین أن یکون الولد لها أو متبرّعة برضاعه أو مستأجرة ، والأحوط بل الأقوی الاقتصار علیٰ صورة عدم وجود من یقوم مقامها فی الرضاع تبرّعاً أو باُجرة من أبیه أو منها أو من متبرّع .
(مسألة 10) : یجب علی الحامل والمرضعة القضاء بعد ذلک ، کما أنّ الأحوط بل الأقویٰ وجوب القضاء علی الأوّلین أیضاً لو تمکّنا بعد ذلک .
القول فی طریق ثبوت هلال شهر رمضان وشوال
یثبت الهلال بالرؤیة وإن تفرّد بها الرائی ، والتواتر والشیاع المفیدین للعلم ، ومضیّ ثلاثین یوماً من الشهر السابق وبالبیّنة الشرعیّة وهی شهادة عدلین ، وحکم الحاکم الذی
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 250 لم یعلم خطؤه ولا خطأ مستنده . ولا اعتبار بقول المنجّمین ولا بتطوّق الهلال أو غیبوبته بعد الشفق فی ثبوت کونه للّیلة السابقة وإن أفاد الظنّ .
(مسألة 1) : لابدّ فی قبول شهادة البیّنة أن تشهد بالرؤیة ، فلاتکفی الشهادة العلمیّة .
(مسألة 2) : لایعتبر فی حجّیة البیّنة قیامها عند الحاکم الشرعیّ ، فهی حجّة لکلّ من قامت عنده ، بل لو قامت عند الحاکم وردّ شهادتها من جهة عدم ثبوت عدالة الشاهد عنده وکانا عادلین عند غیره یجب ترتیب الأثر علیها من الصوم أو الإفطار . ولایعتبر اتّحادهما فی زمان الرؤیة بعد توافقهما علی الرؤیة فی اللیل ، نعم یعتبر توافقهما فی الأوصاف ؛ بمعنیٰ أنّه إن تصدّیا للوصف لم یتخالفا فیه ، فلو أطلقا أو وصف أحدهما وأطلق الآخر کفیٰ .
(مسألة 3) : لا اعتبار فی ثبوت الهلال بشهادة أربع من النساء ولا برجل وامرأتین ولا بشاهد واحد مع ضمّ الیمین .
(مسألة 4) : لا فرق أن تکون البیّنة من البلد أو خارجه إذا کان فی السماء علّة ، وأمّا مع الصحو ففی حجّیتها من البلد تأمّل وإشکال .
(مسألة 5) : لایختصّ حجّیة حکم الحاکم بمقلّدیه ، بل حجّة حتّیٰ علیٰ حاکم آخر إذا لم یثبت عنده خلافه أو خطأ مستنده .
(مسألة 6) : إذا ثبتت الرؤیة فی بلد آخر ولم تثبت فی بلده فإن کانا متقاربین أو علم توافق اُفقهما کفیٰ وإلاّ فلا .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 251 (مسألة 7) : لایجوز الاعتماد علی التلغراف فی الإخبار عن الرؤیة إلاّ إذا تقارب البلدان وعلم وتحقّق ثبوتها هناک إمّا بحکم الحاکم أو بالبیّنة الشرعیّة .
القول فی قضاء صوم شهر رمضان
لایجب علی الصبیّ قضاء ما أفطر فی زمان صباه ، ولا علی المجنون والمغمیٰ علیه قضاء ما أفطرا فی حال عذرهما ، ولا علی الکافر الأصلی قضاء ما أفطر فی حال کفره ، ویجب علیٰ غیرهم حتّی المرتدّ بالنسبة إلیٰ زمان ردّته وکذا الحائض والنفساء وإن لم یجب علیهما قضاء الصلاة .
(مسألة 1) : قد عرفت سابقاً وجوب الصوم علیٰ من بلغ قبل الزوال ولم یتناول شیئاً وکذا علیٰ من نوی الصوم ندباً وبلغ فی أثناء النهار ، فیتّبعه وجوب القضاء لو أفطرا .
(مسألة 2) : یجب القضاء علیٰ من فاته الصوم لسکر ؛ سواء کان شرب المسکر للتداوی أو علیٰ وجه الحرام .
(مسألة 3) : المخالف إذا استبصر لا یقضی ما أتیٰ به علیٰ وفق مذهبه کالصلاة ، وأمّا ما فاته فی تلک الحال یجب علیه قضاؤه .
(مسألة 4) : لایجب الفور فی القضاء ، نعم لایجوز تأخیر القضاء إلیٰ رمضان آخر ، وإذا أخّر یکون موسّعاً بعد ذلک .
(مسألة 5) : لایجب الترتیب فی القضاء ولا تعیین الأیّام فلو کان علیه أیّام فصام بعددها کفیٰ وإن لم یعیّن الأوّل والثانی وهکذا .
(مسألة 6) : لو کان علیه قضاء رمضانین أو أکثر یتخیّر بین تقدیم السابق وتأخیره . نعم لو کان علیه قضاء رمضان هذه السنة مع قضاء رمضان سابق ولم یسع الوقت للاّحق لو قدّم السابق ؛ بأن لا یبقیٰ إلیٰ رمضان آخر زمان یسع قضاء اللاحق ، یتعیّن قضاء
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 252 اللاحق قبل السابق ، ولو عکس والحال هذه فالظاهر صحّة ما قدّمه وإن عصیٰ بتأخیر ما أخّره ، ولزمه الکفّارة ؛ أعنی کفّارة التأخیر .
(مسألة 7) : إذا فاته صوم رمضان بمرض أو حیض أو نفاس ومات قبل أن یخرج منه لم یجب القضاء وإن استحبّ النیابة عنه .
(مسألة 8) : إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر واستمرّ إلیٰ رمضان آخر ، فإن کان العذر هو المرض سقط قضاؤه وکفّر عن کلّ یوم بمدّ ولا یجزی القضاء عن التکفیر ، وإن کان العذر غیر المرض کالسفر ونحوه فالأحوط - احتیاطاً لایترک - الجمع بین القضاء والمدّ ، وکذا إن کان سبب الفوت هو المرض وکان العذر فی التأخیر غیره أو العکس فإنّ الأحوط فیها الجمع أیضاً .
(مسألة 9) : إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر بل متعمّداً ولم یأت بالقضاء إلیٰ رمضان آخر وجب علیه - مضافاً إلیٰ کفّارة الإفطار العمدی - التکفیر بمدّ بدل کلّ یوم والقضاء فیما بعد ، وکذا یجب التکفیر بمدّ إن فاته لعذر ولم یستمرّ ذلک العذر ولم یطرء عذر آخر ، بل کان قادراً غیر معذور فتهاون فی القضاء حتّیٰ جاء رمضان آخر . نعم لو کان عازماً علی القضاء بعد ارتفاع العذر فاتّفق طروّ عذر آخر عند الضیق فلایبعد کفایة القضاء ، لکن لایترک الاحتیاط بالجمع بین التکفیر والقضاء .
(مسألة 10) : لاتتکرّر کفّارة التأخیر بتکرّر السنین ، فإذا فاته ثلاثة أیّام من ثلاث رمضانات متتالیات ولم یقضها وجب علیه کفّارة واحدة للأوّل وکفّارة اُخریٰ للثانی والقضاء للثالث إذا لم یتأخّر إلی الرمضان الرابع .
(مسألة 11) : یجوز إعطاء کفّارة أیّام عدیدة من رمضان واحد أو أزید لفقیر واحد ، فلایجب إعطاء کلّ فقیر مدّاً واحداً لیوم واحد .
(مسألة 12) : یجوز الإفطار قبل الزوال فی قضاء شهر رمضان ما لم یتضیّق ، أمّا بعد الزوال فیحرم ، بل تجب به الکفّارة وإن لم یجب الإمساک بقیّة الیوم . والکفّارة هنا إطعام
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 253 عشرة مساکین لکلّ مسکین مدّ ، فإن لم یمکنه صام ثلاثة أیّام .
(مسألة 13) : الصوم کالصلاة فی أنّه یجب علی الولیّ قضاء ما فات عنه لعذر ، لکن فیما إذا کان فوته یوجب القضاء ، فإذا فاته لعذر ومات فی أثناء رمضان أو کان مریضاً واستمرّ مرضه إلیٰ رمضان آخر لایجب لسقوط القضاء حینئذٍ کما تقدّم . ولا فرق بین ما إذا ترک المیّت ما یمکن التصدّق به عنـه وعدمـه ، وإن کان الأحـوط فی الأوّل مع رضا الورثة الجمع بین التصدّق والقضاء ، وقد تقدّم فی قضاء الصلاة بعض الفروع المتعلّقة بالمقام .
القول فی أقسام الصوم
وهی أربعة : واجب ومندوب ومکروه ومحظور ، فالواجب من الصوم ستّة : صوم شهر رمضان ، وصوم الکفّارة ، وصوم القضاء ، وصوم دم المتعة فی الحجّ ، وصوم النذر والعهد والیمین ونحوها ، وصوم الیوم الثالث من أیّام الاعتکاف .
القول فی صوم الکفّارة
وهو علیٰ أقسام :
منها : ما یجب مع غیره ؛ وهی کفّارة قتل العمد ، وکفّارة من أفطر فی شهر رمضان علیٰ محرّم ، فإنّه تجب فیهما الخصال الثلاث .
ومنها : مایجب فیه الصوم بعد العجز عن غیره ؛ وهی کفّارة الظهار وکفّارة قتل الخطأ ، فإنّ وجوب الصوم فیهما بعد العجز عن العتق ، وکفّارة الإفطار فی قضاء شهر رمضان ، فإنّ الصوم فیها بعد العجز عن الإطعام ، وکفّارة الیمین وهی عتق رقبة أو إطعام عشرة مساکین أو کسوتهم ، وإن لم یقدر فصیام ثلاثة أیّام ، وکفّارة صید النعامة ، فإنّها صیام
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 254 ثمانیة عشر یوماً بعد العجز عن البدنة ، وکفّارة صید البقر الوحشیّ ، صوم تسعة أیّام بعد العجز عن ذبح البقرة ، وکفّارة صید الغزال ، صوم ثلاثة أیّام بعد العجز عن شاة ، وکفّارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب عامداً ، ثمانیة عشر یوماً بعد العجز عن بدنة ، وکفّارة خدش المرأة وجهها فی المصاب حتّیٰ أدمته ونتفها رأسها فیه ، وکفّارة شقّ الرجل ثوبه علیٰ زوجته ، فإنّهما ککفّارة الیمین .
ومنها : مایجب فیه الصوم مخیّراً بینه وبین غیره ، وهی کفّارة الإفطار فی شهر رمضان وکفّارة الاعتکاف وکفّارة جزّ المرأة شعرها فی المصاب ، فإنّ کلّ هذه مخیّرة بین الخصال الثلاث ، وکذا کفّارة النذر والعهد علی المشهور ، والأقویٰ عندی أنّ کفّارة النذر ککفّارة الیمین .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 255 (مسألة 1) : یجب التتابع فی صوم شهرین من کفّارة الجمع أو کفّارة التخییر ، ویکفی فی حصوله صوم الشهر الأوّل ویوم من الشهر الثانی کما مرّ ، وکذا یجب التتابع فی الثمانیة عشر بدل الشهرین ، بل هو الأحوط فی صیام سائر الکفّارات . ولایضرّ بالتتابع فیما یشترط فیه التتابع الإفطار فی الأثناء لعذر من الأعذار فیبنی علیٰ ما مضیٰ کما تقدّم .
وأمّا المندوب من الصوم
فالمؤکّد منه أفراد :
منها : صوم ثلاثة أیّام من کلّ شهر ، وأفضل کیفیّتها أوّل خمیس منه وآخر خمیس منه وأوّل أربعاء فی العشر الثانی . ومنها : أیّام اللیالی البیض ، وهی الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر . ومنها : یوم الغدیر ، وهو الثامن عشر من ذی الحجّة . ومنها : یوم مولود النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وهو السابع عشر من ربیع الأوّل . ومنها : یوم مبعثه صلی الله علیه و آله وسلم ، وهو الیوم السابع والعشرون من رجب . ومنها : یوم دحو الأرض ، وهو الیوم الخامس والعشرون من ذی القعدة . ومنها : یوم عرفة لمن لم یضعفه الصوم عمّا عزم علیه من الدعاء مع تحقّق الهلال علیٰ وجه لایحتمل وقوعه فی یوم العید . ومنها : یوم المباهلة ، وهو الرابع والعشرون من ذی الحجّة . ومنها : کلّ خمیس وجمعـة . ومنها : أوّل ذی الحجّة ، بل کلّ یوم من أوّله إلی یوم التاسع منه . ومنها : رجب وشعبان کلاًّ أو بعضاً ولو یوماً من کلّ منهما . ومنها : یوم النیروز . ومنها : أوّل یوم من المحرّم وثالثه وسابعه . ومنها : صوم ستّة أیّام بعد عید الفطر ، والأولیٰ جعلها بعد ثلاثة أیّام أحدها العید . ومنها : یوم النصف من جمادی الاُولیٰ .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 256
وأمّا المکروه
فصوم یوم عرفة لمن خاف أن یُضعفه عن الدعاء الذی هو أفضل من الصوم ، وکذا صومه مع الشکّ فی الهلال ولو لوجود غیم ونحوه خوفاً من أن یکون یوم العید . ویکره أیضاً صوم الضیف نافلة من دون إذن مضیفه وکذا مع النهی ، وإن کان الأحوط ترکه حینئذٍ ، بل الأحوط ترکه مع عدم الإذن أیضاً . وکذا یکره صوم الولد من غیر إذن والده ومع النهی ما لم یکن بذلک إیذاء له من حیث الشفقة ، بل لایترک الاحتیاط فی ترک الصوم مع عدم الإذن فضلاً عن النهی ، کما أنّ الأحوط إجراء الحکم علی الولد وإن نزل والوالد وإن علا ، بل الأولیٰ مراعاة إذن الوالدة أیضاً .
(مسألة 1) : یستحبّ للصائم ندباً أو موسّعاً الإفطار ؛ إذا دعاه أخوه المؤمن إلیٰ طعام ، من غیرفرق بین من هیّأ له طعاماً وغیره ، وبین من شقّ علیه المخالفة وغیره .
وأمّا المحظور
فصوم یومی العیدین وصوم أیّام التشریق لمن کان بمنیٰ ؛ ناسکاً أو لاٰ ، علیٰ تأمّل فی الثانی . وصوم یوم الثلاثین من شعبان بنیّة أنّه من رمضان . والصوم وفاءً عن نذر المعصیة . والصوم ساکتاً علیٰ معنیٰ نیّته کذلک ولو فی بعض الیوم ، ولابأس به إذا لم یکن السکوت منویّاً فیه ولو فی تمام الیوم . وکذا یحرم أیضاً صوم الوصال ، والأقویٰ کونه للأعمّ من نیّة صوم یوم ولیلة إلی السحر ویومین مع لیلة ، ولابأس بتأخیر الإفطار إلی السحر وإلی اللیلة الثانیة مع عدم النیّة ، وإن کان الأحوط اجتنابه ، کما أنّ الأحوط عدم صوم الزوجة والمملوک تطوّعاً بدون إذن الزوج والسیّد ، بل لایبعد عدم الجواز مع المزاحمة لحقّ السیّد والزوج ، ولایترک الاحتیاط مع النهی مطلقاً .
کتابوسیلة النجاة مع تعالیقصفحه 257