الشبهة التاسعة :
الکفّار مکلّفون بالصلاة حال کفرهم، ولاتصحّ منهم الصلاة، وإذا أسلموا سقطت عنهم الصلاة، فکیف یمکن توجیه التکلیف بداعی الانبعاث إلیهم؟!
إذا تبیّنت لک المفاسد المترتّبة من عدم المحافظة علی الخطابات القانونیّة الکلّیة، فاعلم: أنّ مقتضیٰ کون الخطاب قانونیّاً، اندفاع جمیع هذه الشبهات وانحلالها بالمرّة؛ ضرورة أنّ مع کون المخاطبین والموضوع عنوان «النّٰاس» أو «الَّذِینَ آمَنُوا» من غیر انحلاله إلی العالم والقادر، ولا بالنسبة إلیٰ ما فی محلّ الابتلاء، ولا إلیٰ غیر هذه الأصناف، یکون العالم والجاهل والقادر والعاجز، وکلّ إنسان ومن یصدق علیه عنوان «النّٰاس» وعنوان «الَّذینَ آمنُوا» فی حدّ سواء بالنسبة إلی الخطاب المزبور، ویکون الحکم بالنسبة إلی العنوان الجامع فعلیّاً، ولا دخالة للعلم، ولا للقدرة فی هذا الخطاب، بل الخطاب عمومیّ:
فمن کان بحسب الواقع عالماً فهو غیر معذور، ویکون التکلیف منجّزاً.
ومن کان جاهلاً یکون معذوراً، وهکذا بالنسبة إلی القادر والعاجز.
ولاتجری البراءة عند الشکّ فی القدرة؛ للزوم إحراز العذر بعد العلم بالتکلیف، لأنّ المکلّف بما هو إنسان مورد التکلیف، لا بما هو قادر حتّیٰ یتمسّک بالبراءة، ولا شبهة له فی کونه إنساناً، فإذن لابدّ من إقامة العذر عند التخلّف.
فتحصّل حتّی الآن الشبهات المتوجّهة إلی القول بالانحلال، وثمرات القول بانحفاظ الخطاب القانونیّ؛ وعدم انحلاله حسب الأشخاص والأصناف.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 449