الخاتمة : فی ثمرة المسألة
وهی کثیرة ، نذکر بعضاً منها :
الأولیٰ : بناءً علی الاقتضاء یلزم تعدّد العقاب فی الضدّ العامّ والخاصّ ، ویکون الترک محرّماً تکلیفاً ، وهکذا الضدّ الخاصّ ، وهی الصلاة أو غیرها .
الثانیة : یلزم کونه مصرّ اً علی المصیة ؛ بناءً علی أنَّ الإصرار یتحقّق بالمعصیتین .
وربمّا یتوجّه إلیٰ حرمة الضدّ الخاصّ : أنَّ هذا النهی لمکان ترشّحه من الأمر المقدّمی ، لا یکون ذا تبعة من العقاب والفسق ، کیف؟! وأمره المقدّمی یکون کذلک ، ولا یعقل زیادة الفرع علی الأصل .
هذا إذا کان البرهان علی الاقتضاء ، مسألة مقدّمیة ترک الضدّ للضدّ .
وإذا کان غیره من الوجوه الاُخر ، فیقال : إنّ هذا النهی لا یکشف عن المفسدة ، ولا یکون إرشاداً إلی الشرطیّة أو المانعیّة ، فلا یکون مفسد العبادة . فبالجملة هو نوع نهی غیر النواهی المتعارفة .
أقول : هذه الشبهة قابلة للاندفاع ؛ ضرورة أنَّ الإرادة الغیریّة إذا کانت مترشّحة، وإرادة الزجر والنهی أیضاً مترشّحة قهراً ولا بالاختیار ، فللإیراد
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 331 المزبور مجال.
وأمّا علیٰ ماهو الحقّ : من أنّها لیست خارجة عن الاختیار، بل المولیٰ مع التوجّه إلیٰ أطراف المسألة، یأمر بترک الصلاة، ولمزید الاهتمام ینهیٰ عن الصلاة، فیکون النهی صادراً عن المبادئ المستقلّة النفسانیّة الموجودة فی النفس علیٰ حدة، مع لحاظ المصلحة الخاصّة؛ وهو الاهتمام بشأن فعل الإزالة، فلا منع من کون النهی مستتبعاً للعقاب والفسق، ولانحتاج فی النواهی النفسیّة والمولویّة إلیٰ أزید من ذلک.
واختفاء مثل هذا التحقیق علیٰ أفاضل القوم لایعجبنی، والذی هو العجیب خفاؤه علی الوالد ـ مدّظلّه ، فظنّ أنّ مثل هذا النهی لیس یستتبع شیئاً، وهماً أنّه لایکشف عن مفسدة فی المقام، غافلاً عن أنّ النفسیّة المولویّة لاتتقوّم بالمفسدة أو المصلحة فی المتعلّقات، بل یکفی لذلک عدم کونها عبثاً وجزافاً، کما مرّ مراراً.
وبعبارة اُخریٰ : ملاحظة المزاحمة کافیة لتحریم المزاحم، ویکون هو حراماً مستقلاًّ ومنهیّاً واقعاً.
وهنا شبهة اُخریٰ متوجّهة إلیٰ حرمة الضدّ العامّ، ومندفعة بما اُشیر إلیه: وهی أنّه کیف یعقل ترشّح إرادتین، إحداهما: متعلّقة بفعل شیء، والاُخریٰ: متعلّقة بترکه؟
أو کیف یعقل کون شیء فی ترکه المفسدة أو المصلحة، مع أنّه عدم، ولا شیئیّة للعدم؟
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 332 وجه الاندفاع : ما مرّ منّا فی المرحلة الاُولیٰ من البحث، ویکفیک إن کنت شاعراً ما أفدناه هنا. فبالجملة تحصّل أنّ الالتزام بترتّب الثمرتین ممکن.
الثالثة : بطلان العبادة إذا کانت ضدّاً؛ لما أنّ النهی عن العبادة یورث الفساد، ففی المثال المعروف فی المسألة، یلزم بطلان الصلاة عند ترک فعل الإزالة؛ لأنّها تکون مورد النهی حسب الفرض.
ویمکن دعویٰ جریانها فی الضدّ العامّ أیضاً؛ ضرورة أنّ الأمر بترک الصلاة حال الإقراء والحیض، لایدلّ علی الفساد إلاّ برجوعه إلی النهی عرفاً، أو استلزامه النهی عن فعلها وضدّها وهی الصلاة فقوله: «دعی الصلاة أیّام إقرائک» یستلزم النهی عنها، وهو یستلزم الفساد. بل تأتی فی المعاملات، کما نشیر إلیه.
ومن العجب، أنّ الأصحاب ـ رضی الله عنهم ـ مع کونهم فی موقف ذکر ثمرة المسألة، لم یذکروا للضدّ العامّ ثمرة!! مع أنّه قیل: «إنّ النزاع لیس فی الضدّ العامّ؛ ضرورة أنّ الاقتضاء کان مفروغاً عنه عندهم» فهو کان أولیٰ بذکرها من الضدّ الخاصّ، کما لایخفیٰ.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 333