الشبهة الرابعة :
أنّ مقتضیٰ ما زعمه القوم: من عدم إمکان المحافظة علی عموم الخطابات الکلّیة القانونیّة، کون الموضوع عنوان «القادر» وقضیّة ذلک جریان البراءة فی الشکّ فی القدرة، کما فی سائر الموارد من الشبهات الموضوعیّة، وقد تشبّث القوم للفرار عن ذلک بذکر طرق ووجوه، کلّها حسب الصناعة غیر نقیّة.
وأحسن ما یقال فی المقام: إنّ سقوط الهیئة لأجل العجز، لایضرّ بإطلاق المادّة.
وفیه : أنّ مع قطع النظر عن الهیئة لایتصوّر إطلاق للمادّة؛ لأنّ الإطلاق من تبعات تعلّق الحکم بالمادّة، ولیس من صفات نفس المادّة، وإلاّ فلا حاجة إلیٰ مقدّمات الإطلاق.
وربّما یقال: بأنّ سقوط الهیئة لأجل طروّ العجز، لایستلزم الشکّ فی محبوبیّة المادّة ومطلوبیّتها؛ ممّا نعلم من الخارج عدم مدخلیّة القدرة فی مطلوبیّتها، بل القدرة
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 443 دخیلة فی صحّة المخاطبة فقط.
وبعبارة اُخریٰ : فرق بین الموضوع المذکور فی لسان الشرع، وبین ما یستنبطه العقل؛ فما کان من قبیل الأوّل تجری فیه البراءة عند الشکّ، وما کان من قبیل الثانی فلابدّ من الالتزام بالاشتغال؛ لأنّ العقل أقدم علیٰ هذا الموضوع فراراً عن الشبهة العقلیّة، وإلاّ فلا قصور فی إفهام الهیئة مطلوبیّة المادّة.
أقول : من الممکن والجائز عند العقل، أنّ المولیٰ لم یأخذ فی موضوع الدلیل عنوان «القادر» اتکالاً علیٰ عقولکم الحاکمة والمدرکة أخصّیة الموضوع، فلایصحّ التمسّک بالإطلاق حینئذٍ، کما لایخفیٰ. وقد مرّ منّا تفصیله فی تنبیهات أشرنا إلیها فی ذیل مسلکنا، فراجع.
وبالجملة : مقتضی الانحراف عن ظواهر الأدلّة وعن عمومها القانونیّ الشامل للکلّ؛ بجعل موضوعها «القادر» لزوم القول بالبراءة فی شبهات المسألة، مع أنّهم لایرضون به، وسیأتی الکلام فی المقدّمة السادسة حول هذه المسألة علی الوجه الذی أبدعناه.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 444