الشبهة الرابعة :
ما نسب إلیٰ وحید عصره الشیخ البهائیّ قدس سره وهو فی شقاق مع بعض من تلک الشبهات؛ لأنّه یرید إثبات نفی الثمرة بإبطال الصلاة وإن لم یکن الأمر بالشیء مورثاً للنهی، وبعضهم کانوا بصدد تصحیح الصلاة ولو تعلّق بها النهی.
فعلیٰ کلّ تقدیر تنفی الثمرة؛ وذلک لأجل أنّ الأمر بالشیء إذا لم یکن مقتضیاً للنهی، فلاشبهة فی اقتضائه عدم الأمر بالضدّ، وهذا یکفی لبطلان العبادة؛ لاحتیاجها إلی الأمر.
ولو قیل : لامعنیٰ لکون الأمر مقتضیاً عدم الأمر؛ لأنّ عدم الأمر لا شیء محض، وهو لایمکن أن یقتضیه شیء، فما فی تعابیر العلاّمة الأراکیّ قدس سره وغیره، خالٍ عن التحصیل.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 337 قلنا : نعم، ولکنّ الغرض إفادة عدم إمکان ترشّح الأمر الآخر إلی الضدّ؛ لامتناع الجمع، ولا شبهة فی اعتبار القدرة فی صحّة التکلیف، وهی حینئذٍ منتفیة، فإذا أمر المولیٰ بأداء الدین والإزالة، فلایتمکّن من الأمر بالصلاة؛ لأجل عدم تمکّن العبد من الجمع، کما هو الظاهر.
بل لنا إجراء هذه الشبهة بالنسبة إلیٰ ما کان معاملة، فإنّها أیضاً تفسد؛ لاحتیاجها إلیٰ إرادة التنفیذ، وهی لایعقل ترشّحها، ولذلک استشکلنا فی المکاسب المحرّمة فی صحّة بیع العبد المرتدّ الذی أوجب الله قتله؛ فإنّ إیجاب القتل والأمر بالإعدام، لایجتمع مع إرادة جعل البیع صحیحاً.
وتوهّم : أنّه یکفی عدم المنع للصحّة غیر صحیح؛ لما تقرّر من الحاجة إلی الإمضاء والرضا ولو کان بعدم الردع، ففی صفحة نفس المولیٰ لابدّ من الإرادتین، وهما متنافیتان.
وإن شئت قلت : النهی عن البیع إیجاب لإبقاء عدمه، فلایریٰ وجوده رأساً، وهذا ینافی إرادة جعل الصحّة علیه؛ واعتبارَه صحیحاً ونافذاً.
فائدة : بناءً علیٰ هذا تبیّن: أنّ الثمرة المزبورة لاتختصّ بصورة کون الضدّ عبادة، کما لاتختصّ بالضدّ الخاصّ، بل هی تأتی فی المعاملة إذا کانت ضدّاً للمأمور به، وفی الضدّ العامّ إذا کان المأمور به أمراً عدمیّاً، کما فی قوله تعالیٰ: «وَذَرُوا الْبَیْعَ» وقوله علیه السلام: «دعی الصلاة...».
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 338