حول المعانی الحرفیّة
وأمّا فی الحروف وما ضاهاها، کأسماء الإشارة، والمبهمات کالموصولات، ونحوها کالهیئات، فالمشهور بین المتعرّضین أنّ الموضوع له خاصّ.
واختار صاحبا «الکفایة» و «المقالات» عمومه.
وقضیّة ما مرّ منّا هو الثانی؛ لما عرفت: أنّ الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ ممتنع. ولا شبهة فی أنّها لیست من الوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ؛ للزوم تعدّد الوضع، وهو قطعیّ الفساد، فیتعیّن کون الموضوع له فیها عامّاً أیضاً.
هذا، ولکن لمّا کان فی المقام شبهات علیٰ عموم الموضوع له فیها، فلا بأس بصرف عنان الکلام إلیٰ ما هو التحقیق فی المعانی الحرفیّة؛ حتّیٰ یتبیّن حالها، وحال ما ذهب إلیه أرباب المعقول والاُصول فیها من المفاسد الکثیرة.
فنقول : البحث فی هذه المرحلة یتمّ فی ضمن مقدّمة وجهات.
أمّا المقدّمة فهو أنّه لا شبهة فی أنّ المعانی الاسمیّة ـ والمراد منها مقابل المعانی الحرفیّة، سواء کانت ذاتیّة، أو حدثیّة ـ مختلفة بحسب الأوعیة، فمن المعانی الاسمیّة ما یکون وعاؤها الذهن، ولا تطرّق لها إلی الخارج والعین، کمعانی الأنواع والأجناس، والذاتیّة والعرضیّة، والمعرّفیة، وغیر ذلک من الموضوعات المبحوث عنها فی المنطق.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 103 ودعویٰ : أنّها بمعانیها الأوّلیّة تکون فی الخارج مسموعة، إلاّ أنّ ما هو الموضوع لها فعلاً ینحصر به.
ومنها : ما لا یکون إلاّ فی الخارج، کمفهوم الوجود، وکلمة الجلالة، بناءً علیٰ کون ما وضع فیها جزئیّاً حقیقیّاً.
ومنها : ما لا خصوصیّة لها حسب الأوعیة، کأسماء الطبائع، فإنّها ذوات مصادیق ذهنیّة وخارجیّة دنیویّة واُخرویّة.
إذا عرفت ذلک، فالبحث یقع أوّلاً : فی أصل المعنی الحرفیّ.
ثمّ فی أنّ المعانی الحرفیّة ـ کالمعانی الاسمیّة ـ مختلفة حسب الأوعیة، أو کلّها تختصّ بوعاء خاصّ من الذهن أو الخارج.
ثمّ فی أنّها معانٍ واقعیّة، أم اعتباریّة، أو مختلفة؛ فمنها : الواقعیّة، ومنها: الاعتباریّة.
ثمّ فی أنّ الموضوع له ـ بناءً علیٰ إمکان الوضع العامّ، کما هو المشهور المعروف ـ عامّ أم خاصّ.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 104