فی تعارض الأحوال
فإنّه عند الدوران بین التجوّز والإضمار والکنایة والاشتراک والنقل والاستخدام والتخصیص والتقیید، وبین أعدامها، فلا شبهة فی الرجوع إلیٰ أعدامها؛ أی إلی الحقیقة، وعدم الإضمار والکنایة، وعدم النقل والاستخدام، وعدم التخصیص والتقیید.
ولایخفیٰ : أنّ هذه الاُمور بعضها یرجع إلیٰ بعض؛ فإنّه لا معنیٰ للکنایة والمجاز والإضمار فإنّ هذه ترجع إلی عدم التجوّز. مع أنّ المجازیّة ترجع إلیٰ عدم تطابق الجدّ والاستعمال، دون الاستعمال؛ فإنّه کلاًّ علیٰ نعت الحقیقة.
فبالجملة : بعد ورود «أکرم العلماء، وسلّم علیهم» فالمتّبع هو الظاهر المفهوم منه فعلاً، وکلّ واحد من الاحتمالات المذکورة فیه جاریة، ولکنّها مندفعة بالاُصول العقلائیّة، حتّیٰ مسألة الاستخدام؛ فإنّ المراد منه إرادة المعنی الآخر بعد مفروغیّة الاشتراک اللفظیّ، وعند ذلک أیضاً لا بناء منهم علی العدول من الجملة الثانیة؛ بدعوی الإجمال، خصوصاً بناءً علیٰ ما مرّ: من أنّ الضمائر حروف الإشارة، فلایمکن الإرادة إلاّ من اللفظ الأوّل علیٰ سبیل استعمال اللفظ فی معنیین، وهو إمّا ممتنع، أو مستبعد عن الأذهان العرفیّة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 201 هذا کلّه فیما إذا شکّ فی مفاد «کان» التامّة.
وأمّا إذا کان الشکّ فی الناقصة؛ بأن یکون المجازیّة معلومة، ولکنّه یتردّد الأمر بین الإضمار والکنایة وسائر المجازات، والنقل والاشتراک وهکذا، أو تردّد الأمر بین التخصیص والتقیید؛ بعد العلم بورود القرینة، أو تردّد الأمر بین حمل الکلام الواصل علی المعنی المفهوم منه فعلاً، أو علی المعنی المفهوم منه قبل عصر صدوره، ولکنّه مشکوک أنّ عصر الاستعمال متّحد مع هذا العصر، أو مع العصر الأسبق، أو تردّد بین استخدامه المعنی الاشتراکیّ، أو المجازیّ والکنائیّ؛ بعد ثبوت أصل الاستخدام، ففی هذه المواقف هل یمکن الرجوع إلیهم فی تعیین أنحاء الاستعمالات؟
أم تصیر الکلمات والجمل مجملةً فیما لم یکن المراد معلوماً؟
أو لیست مجملة، ولکن لا بناء من العقلاء ـ بعد العلم بالوظیفة ـ علیٰ تعیین نوع الاستعمال؛ حقیقة کان أو مجازاً، فی الکلمة کان أو فی الإسناد، حتّیٰ فی التخصیص والتقیید؟
وجهان : ظاهرهما الثانی؛ ضرورة أنّ الاُصول العقلائیّة هی الاُصول العملیّة، ولاربط لها بعالم الألفاظ ومحاسن الاستعمالات، فالمدار ـ کما قیل ـ علیٰ ما هو الظاهر من اُسلوب الکلام.
وقضیّة أصالة اتحاد العرفین، وأصالة التطابق بین الجدّ والاستعمال؛ أنّه هو مراد المتکلّم، ولایثبت بهما شیء آخر، فتدبّر.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 202