جواز استعمال اللفظ الواحد فی أکثر من معنی واحد
بمعنیٰ أنّه بعد ثبوت الاشتراک المزبور، وأنّ اللفظ الواحد یمکن أن یکون ذا معنیین، هل یجوز استعماله فیهما فی الاستعمال الواحد، فهذه المسألة من متفرّعات البحث السابق.
ومنه یعلم ماهو محلّ النزاع، ومصبّ النفی والإثبات، فما یظهر من القوم من الإطالة حول تحریر محلّ البحث، غیر صحیح، ولذلک کان فی الکتب الأوّلیة ذکر هذه المسألة فی ذیل البحث السابق. فاستعمال اللفظ غیر المشترک فی الکثیر، لیس من الاستعمال المقصود فی المقام بالضرورة، فما یظهر من العلاّمة الأراکیّ قدس سره من تعمیم محلّ النزاع، خالٍ من التحصیل.
نعم، یأتی منّا جواز البحث الآخر حول استعمال اللفظ الواحد فی الکثیر الأعمّ من الحقیقة والمجاز، أو من المعنی الحقیقیّ والکنائیّ، أو فی المعنیین
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 313 المجازیّین، أو الکنائیّین.
ثمّ إنّ المراد من «الجواز» أعمّ من الجواز العقلائیّ والعقلیّ؛ لظهور دلائلهم فی ذلک، فإنّ الظاهر من «القوانین» الاستدلال علی الامتناع العقلیّ، وهکذا صریح المتأخّرین.
ومن هنا یظهر اندفاع التناقض المتوهّم هنا فی عنوان المسألة؛ وهو قولهم: «اختلفوا فی جواز استعمال اللفظ الواحد فی أکثر من معنی واحد؛ علیٰ سبیل الانفراد والاستقلال» ضرورة أنّ المراد من «الانفراد والاستقلال» لیس ما ینافی قولهم «فی أکثر من معنی واحد» بل المراد إخراج استعمال اللفظ الموضوع علیٰ نعت العامّ المجموعیّ فیه، وإخراج ماهو من قبیل العامّ الاستغراقیّ، وإخراج ماهو من قبیل استعمال ألفاظ المرکّبات ذات الأجزاء فیها، وهکذا ممّا قیل فی المطوّلات.
إذا عرفت ذلک فاعلم : أنّ فی المسألة أقوالاً:
فمنهم : من جوّز عقلاً وعرفاً.
ومنهم : من منع مطلقاً.
ومنهم : من جوّز عقلاً، ومنع عرفاً.
والذی هو التحقیق : جوازه عقلاً، وممنوعیّته عرفاً، إلاّ مع الشواهد، کما فی
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 314 کلمات البلغاء والفصحاء، وأمّا فی الکتاب والسنّة فإنّه بعید؛ لأنّه أقرب إلی الاُحْجِیّة من الجدّ، ضرورة لزوم خلوّ القوانین الموضوعة للإرشاد من تلک الکلمات والاستعمالات؛ حسب الذوق السلیم، والارتکاز المستقیم.
وما یمکن أن یعدّ وجهاً للمنع عقلاً، اُمور :
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 315