تأیید ثانٍ :
قد أشرنا إلیٰ أنّ مقالة الشیخ الأنصاریّ وهی أنّ «لا ضرر» نفی، إن
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 288 رجعت إلیٰ حذف المضاف فغیر صحیحة؛ لأنّ المنفیّ هو الحکم الضرّی، أو الحکم الضرریّ، أو حکم الضرریّ، وهذا لیس من حذف المضاف المعهود.
ومقالة العلاّمة الخراسانیّ رحمه الله أسوأ الاحتمالات؛ لأنّ نفی الحکم بنفی الموضوع أجنبیّ عمّا نحن فیه؛ للزوم نفی حکم عنوان الضرر، أو عنوان یطرأه الضرر، کما فی الأحکام المترتّبة علی الموضوعات التی تعدّ ضرریّةً، کإیجاب جبران الخسارة.
ودعوی انصراف القاعدة إلیٰ موارد خاصّة بلا بیّنة وبرهان. ولا داعی إلیٰ تفسیر القاعدة علی الوجه المذکور بعد وجود الاحتمالات الاُخر، مع إمکان حملها علی الإجمال؛ وقصور فهمنا.
ومن الغریب توهّم تعیّن مقالة الشیخ والخراسانیّ نظراً إلیٰ قلّة ثمرة سائر الاحتمالات، کما فی کلام العلاّمة النائینی رحمه الله!! فإنّه أسوأ من الاستحسان والقیاس، فلا تختلط.
وفی مثل «لا ضرار» لیس نفیاً حقیقیّاً، وإلاّ صوریّاً، أو لا یلزم جواز الضرار؛ لأنّ حکم الضرر هو حرمة الإضرار. وقوله: «فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِی الْحَجِّ» من النفی، من الاشتباه، فإنّه نهی عن الثلاثة فی الحجّ، ولیس من الحقیقة الادعائیّة.
فأحسن احتمال هو الاحتمال الثالث ـ المنسوب فی «الرسائل» إلیٰ أنّه أردأ
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 289 الوجوهـ : وهو أنّه سیق لجبران الضرر، ولولا ما أوردناه من المعضلة کان هو المتعیّن مع قطع النظر عن صدر الحدیث، وقد عرفت علیٰ کلّ تقدیر شناعة الوجوه الثلاثة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 290